بدعة الإحتفال بالمولد النبوي
بدعة الاحتفال بالمولد النبوي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن توحيد الله عز وجل هو أصل كل حسنة، وأساس كل نعمة، ومصدر كل خير وبركة على
العبد في الدنيا والآخرة، وهو أعظم الفرائض وأول الواجبات ومفتتح الدعوات
والرسالات، لأجله أرسل الله رسله وأنزل كتبه وشرع شرائعه، ولأجله نصبت الموازين
ووضعت الدواوين وقام سوق الجنة والنار وبه انقسمت الخليقة إلى المؤمنين والكفار
والأبرار والفجار، وعليه نصبت القبلة وأسست الملة ولأجله جردت سيوف الجهاد وهو
حق الله على العباد، قال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل: 36].
وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
لمعاذ: «أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟». قال معاذ: قلت
الله ورسوله أعلم، فقال صلى الله عليه وسلم: «حق الله على العباد أن يعبدوه ولا
يشركوا به شيئا...» الحديث.
ولا يكون العبد موحدًا التوحيد الذي ينجيه في الدنيا من القتل والأسر وفي
الآخرة من عذاب النار بمجرد اعتقاده أن الله هو رب كل شيء وخالقه ومليكه وأنه
المدبر للأمور جميعًا، فإن مثل هذا التوحيد كان يقره المشركون الذين أمر رسول
الله صلى الله عليه وسلم بقتالهم قال تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [الزمر: 38].
بل لابد من توحيد الإلهية وذلك بإفراد الله تعالى بالعبادة.
لذلك فإن تحقيق التوحيد يقتضي تهذيبه وتصفيته من الشرك الأكبر والأصغر ومن
البدع القولية الاعتقادية والبدع الفعلية العملية، ومن المعاصي، وذلك بكمال
الإخلاص لله في الأقوال والأفعال والإرادات، وبالسلامة من الشرك الأكبر المناقض
لأصل التوحيد ومن الشرك الأصغر المنافي لكماله.
ولما كان توحيد العبادة هو أشرف أنواع التوحيد فقد احتاط له الشرع أكبر الحيطة
وقطع الطريق على كل وسيلة مفضية إلى الإخلال بأسسه وقواعده، ومن هذا المنطلق
كان التحذير من الغلو وخطره.
الغلو في الأنبياء والصالحين سبب الشرك
في الأولين والآخرين
تعريف الغلو: هو مجاوزة الحد مدحًا أو قدحًا قال تعالى: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ [النساء: 171].
يستفاد من الآية تحذير الأمة من أن يغلوا في نبيهم كما فعل اليهود والنصارى في
عيسى عليه الصلاة والسلام.
فالنصارى غلوا في عيسى مدحًا فقالوا: إنه الله وابن الله وثالث ثلاثة، واليهود
غلوا فيه قدحًا فقالوا: إن أمه زانية وإنه ولد زنا.. فكلا الطرفين غلا في دينه
وتجاوز الحد بين إفراط وتفريط، ولهذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الغلو في
شخصه عليه الصلاة والسلام فقال: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما
أنا عبدٌ فقولوا عبد الله ورسوله».
[رواه الشيخان]
وقال صلى الله عليه وسلم: «إياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم
بالغلو في الدين». [صحيح الجامع2680]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وهذا عام في جميع أنواع الغلو في الاعتقادات
والأعمال.
من الغلو في الدين إقامة المساجد على قبور الصالحين
في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أن أم سلمة ذكرت لرسول الله صلى الله عليه
وسلم كنيسة رأتها بأرض الحبشة وما فيها من الصور فقال: «أولئك إذا مات فيهم
الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجدًا وصوروا فيه تلك الصور أولئك
شرار الخلق عند الله».
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله
اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد». [رواه مسلم 5/12]
وأخرج البخاري بسنده إلى ابن عباس رضي الله عنهما قال: «صارت الأوثان التي كانت
في قوم نوح في العرب بعد، أما «ود» فكانت لكلب بدومة الجندل وأما «سواع» فكانت
لهذيل وأما «يغوث» فكانت لمراد ثم لبني غطفان وأما «يعوق» فكانت لهمدان وأما
«نسر» فكانت لحمير لآل ذي الكلاع. أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا
أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها
بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد. حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت.
قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ: «ففتنة التماثيل والقبور هي العلة التي لأجلها
نهى الشارع عن اتخاذ القبور مساجد لأنها هي التي أوقعت كثيرًا من الأمم في
الشرك الأكبر وما دونه».
«فصارت هذه الأصنام، بهذا التصوير على صور الصالحين، سُلَّمًا إلى عبادتها، فكل
ما عبد من دون الله من قبر أو مشهد أو صنم أو طاغوت فالأصل في عبادته هو الغلو
كما لا يخفى على ذوي البصائر كما جرى لأهل مصر وغيرهم فإن أعظم آلهتهم أحمد
البدوي وهو لا يعرف له أصل ولا فضل ولا علم ولا عبادة ومع هذا صار أعظم آلهتهم
فزين لهم الشيطان عبادته فاعتقدوا أنه يتصرف في الكون ويطفئ الحريق وينجى
الغريق وصرفوا له الربوبية والألوهية وعلم الغيب وكانوا يعتقدون أنه يسمعهم
ويستجيب لهم من الديار البعيدة ومنهم من يسجد على عتبة حضرته». [قرة العيون]
مداخل الشيطان إلى عباد القبور
قال الإمام العلامة ابن القيم ـ رحمه الله ـ: وقد أدخل الشيطان الشرك على قوم
نوح من باب الغلو في الصالحين، وقد وقع في هذه الأمة مثل ما وقع لقوم نوح لما
أظهر الشيطان لكثير من المفتونين الغلو والبدع في قالب تعظيم الصالحين ومحبتهم
ليوقعهم فيما هو أعظم من ذلك من عبادتهم لهم من دون الله، فما زال يوحي إلى
عباد القبور ويلقي إليهم أن البناء والعكوف عليها من محبة أهل القبور من
الأنبياء والصالحين، وأن الدعاء عندها مستجاب، ثم ينقلهم من هذه المرتبة إلى
التوسل بها والإقسام على الله بها، فإذا تقرر ذلك عندهم نقلهم منه إلى دعاء
المقبور وعبادته وسؤاله الشفاعة من دون الله واتخاذ قبره وثنًا تعلق عليه
القناديل والستور ويطاف به ويستلم ويقبل ويحج إليه ويذبح عنده، فإذا تقرر ذلك
عندهم نقلهم منه إلى دعوة الناس إلى عبادته واتخاذه عيدًا ومنسكًا، ورأوا أن
ذلك أنفع لهم في دنياهم وأخراهم.
فإذا تقرر ذلك عندهم نقلهم منه إلى أن من نهى عن ذلك فقد تنقص أهل هذه الرتب
العالية وحطهم عن منزلتهم وزعم أنه لا حرمة لهم ولا قدر، وقد سرى ذلك في نفوس
كثير من الجهال والطغام وكثير ممن ينتسب إلى العلم والدين حتى عادوا أهل
التوحيد ورموهم بالعظائم ونفروا الناس عنهم. [انظر فتح المجيد]
صور فاضحة، سببها الغلو في الأضرحة
1 ـ قال ابن القيم رحمه الله: فقد آل الأمر بهؤلاء الضلال والمشركين إلى أن
شرعوا للقبور حجًا ووضعوا له مناسك حتى صنف بعض غلاتهم في ذلك كتابًا وسماه
(مناسك حج المشاهد) مضاهاة منه بالقبور للبيت الحرام ولا يخفى أن هذا مفارقة
لدين الإسلام ودخول في دين عباد الأصنام.
2 ـ في أيام حكم السلطان المملوكي قيل لأحد العلماء بأن يفتي بإبطال مولد
البدوي لما يحدث فيه من زنا وفسق ولواط وتجارة مخدرات، وما يشيعه الصوفية من أن
البدوي سيشفع لزوار مولده، فأبى هذا العالم أن يفتي قائلا ما معناه: (إن البدوي
ذو بطش شديد) فإن لم يكن هذا هو الشرك فما الشرك؟
3 ـ ومن المواقف المعاصرة في ذلك: أنه قد زعم الخليفة الحالي للسيد البدوي في
مولد عام 1991م: (أن السيد البدوي موجود معك أينما كنت، ولو استعنت به في شدتك
وقلت: يا بدوي مدد، لأعانك وأغاثك)! قال ذلك أمام الجموع المحتشدة بسرادق وزارة
الأوقاف في القاهرة أمام العلماء والوزراء، وقد تناقلته الإذاعات وشاشات
التلفاز. [دمعة على التوحيد]
وما تمعر وجه أحد من الحضور ولا تأثر وما قام لله مسلم ينكر ذلك الشرك الأكبر
فيالغربة الإسلام في بلاد المسلمين وإنا لله وإنا إليه راجعون.
ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به فتركوا الغلو في الدين واتبعوا منهج الأنبياء
والمرسلين في العلم والعمل والدعوة إلى الله على بصيرة لكان خيرًا لهم وأشد
تثبيتا، ولهدوا صراطا مستقيما.
التحذير من الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم
ـ نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغلو في شخصه فقال: «لا تطروني كما أطرت
النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله». [رواه الشيخان]
فقد كان الإطراء هو بداية الغلو في عيسى والادعاء أنه الله أو ابن الله أو ثالث
ثلاثة، والإطراء هو مجاوزة الحد في المدح والكذب فيه.
ولذلك كانت الحيطة التي لم ينتفع بها البعض كصاحب البردة «البوصيري»، حين قال:
فإن من جودك الدنيا وضرتها
ومن علومك علم اللوح والقلم
فجعل الدنيا والآخرة من عطاء النبي صلى الله عليه وسلم وإفضاله، وجزم بأنه يعلم
ما في اللوح المحفوظ!!
ومن عجيب الأمر أن الشيطان أظهر لهم ذلك في صورة محبته صلى الله عليه وسلم
وتعظيمه ومتابعته.
وقال أيضًا مبالغًا في غلوه:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به
سواك عند حلول الحادث العمم
«فتأمل ما في هذا البيت من الشرك:
أولا: أنه نفى أن يكون له ملاذ إذا حلت به الحوادث إلا النبي صلى الله عليه
وسلم، وليس ذلك إلا لله وحده لا شريك له، فهو الذي ليس للعباد ملاذ إلا هو.
ثانيًا: أنه دعاه وناداه بالتضرع وإظهار الفاقة والاضطرار إليه، وسأل منه هذه
المطالب التي لا تطلب إلا من الله، وذلك هو الشرك في الإلهية». [تيسير العزيز
الحميد / 99]
ومن الغلو الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم
مولد النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يقيمه الصوفية في الثاني عشر من شهر
ربيع الأول من كل عام إظهارًا للسرور بمولده صلى الله عليه وسلم.
ويرجع تاريخ ظهور هذه البدعة إلى الدولة العبيدية التي تسمت بالدولة الفاطمية.
حيث أحدثت هذه البدعة لجذب قلوب الناس إليها، والظهور بمظهر من يحب رسول الله
صلى الله عليه وسلم.
مع أنها من أكثر الدول التي فشا فيها الإلحاد والزندقة تحت شعار التشيع وحب آل
البيت.
وعن طريقهم انتشرت الموالد وراجت رواجًا كثيرًا لدى الصوفية. [الابداع في مضار
الابتداع للشيخ علي محفوظ من علماء الأزهر الشريف]
فصارت كل طريقة تعمل لشيخها مولدًا يتناسب ومقام الطريقة وشيخها!! هذا مع حرصهم
على مولد النبي صلى الله عليه وسلم في كل عام وتسير المواكب في الطرقات، وتنشد
القصائد، وتقام الحفلات إلى غير ذلك من مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي.
قال الإمام أبو حفص تاج الدين الفاكهاني رحمه الله: أما بعد: فقد تكرر سؤال
جماعة من المباركين عن الاجتماع الذي يعمله بعض الناس في شهر ربيع الأول
ويسمونه المولد ـ هل له أصل في الدين؟ وقصدوا الجواب عن ذلك، فقلت وبالله
التوفيق: لا أعلم لهذا المولد أصلا في كتاب ولا سنة ولا ينقل عمله عن أحد من
علماء الأمة الذين هم القدوة في الدين، المتمسكون بآثار المتقدمين، بل هو بدعة
أحدثها البطالون، وشهوة نفس اغتنى بها الأكالون.
[رسالة المورد في عمل المولد]
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وكذلك ما يحدثه بعض الناس، إما مضاهاة
للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام، وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم
وتعظيمًا... من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيدًا مع اختلاف الناس في
مولده، فإن هذا لم يفعله السلف ولو كان هذا خيرًا محضًا أو راجحًا لكان السلف
رضي الله عنهم أحق به منا. فإنهم كانوا أشد محبة للنبي صلى الله عليه وسلم
وتعظيمًا له منا. وهم على الخير أحرص، وإنما كان محبته وتعظيمه في متابعته
وطاعته واتباع أمره وإحياء سنته باطنًا وظاهرًا ونشر ما بعث به والجهاد على ذلك
بالقلب واليد واللسان، فإن هذه طريقة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار
والذين اتبعوهم بإحسان.
[اقتضاء الصراط المستقيم (2/615)]
والاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم بدعة منكرة لما يلي:
1 ـ اتخاذه عيدًا شرعيًا، والأعياد الشرعية يومان الفطر والأضحى كما جاء بذلك
النص. قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله أبدلكم بهما يومي الفطر والأضحى».
2 ـ جعله عبادة شرعية وقربة إلى الله، حتى إنهم في بعض البلدان يتهمون من لم
يحضر المولد بالجفاء والمروق من الدين أحيانًا.
[رسائل الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود 493/1]
3 ـ عدم فعل السلف له مع أنهم أشد الناس حبًا له صلوات الله وسلامه عليه، وهم
أعرف الناس بحقوقه، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه.
4 ـ إن عمل المولد يتضمن أمورا منهيًا عنها شرعًا كإنشاد القصائد الشركية
والغلو فيه صلى الله عليه وسلم وتشويه صورة الدين بأعمال الخرافيين والمشعوذين
والدجالين على ما يجري عمله في أكثر البلاد.
5 ـ إن الاحتفال بالمولد بدعة فيها مشابهة للنصارى في احتفالهم بمولد المسيح
عليه السلام لأن دينهم المحرف قام على الغلو في الأشخاص، وديننا ينهانا عن
الغلو.
هذا وقد استغلت الصوفية وسائل الدعاية لترويج هذه البدعة بدعوى أنها من أكبر
مظاهر حبه صلى الله عليه وسلم فألفوا فيها الرسائل والكتب وسودوا بها صحائف
كانت بيضاء، ونعتوا كل ناقد وموجه بعدم الحب والولاء لرسول الله صلى الله عليه
وسلم.
وما كتبنا هذا إلا حبًا لنبينا واتباعًا لسنته واقتفاءً لأثره صلوات الله
وسلامه عليه والخير كل الخير في اتباع من سلف والشر كل الشر في ابتداع من خلف.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
والحمد لله رب العالمين
منقول
رد: بدعة الإحتفال بالمولد النبوي
[align=center]يعطيك العافية ،، بارك الله فيك[/align]
رد: بدعة الإحتفال بالمولد النبوي
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة..
لنقتدي به في ذكرى مولده.
رد: بدعة الإحتفال بالمولد النبوي
رد: بدعة الإحتفال بالمولد النبوي
نسال الله العظيم رب العرش الكريم ان يوفقنا لما يحبه ويرضاه واساله تعالى ان يرزقنا الاخلاص فى القول والعمل ان يحبب الينا اهل السنه والجماعه ويكره الينا اهل البدع و الضلاله
الإحتفال بالمولد النبوي جائز
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه اجمعين
لاحظت في البعض اطلاق الاحكام على المسلمين بالتبديع و التضليل و غيره دون التحقق من حقيقة ما يمارسونه من افعال معتمدين في ذلك على فتاوى مشايخ عرفوهم دون سواهم ولكن ما رأيكم لو قمنا بالتبين من حقيقة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف على الصورة التي تجوز شرعا بعد ان نبين بعض الملاحظات حول الفتوى المنشورة في اكثر من منتدى
و التي تقول بان الملايين من المسلمين الذين يحتفلون بالمولد النبوي الشريف هم فسقة مبتدعون ضالون !!
ان فتوى تضلل ملايين المسلمين لا بد و ان نقف عندها لننظر في تفاصيل التبيان الشرعي حيث اننا علمنا ان السواد الاعظم من الامة لا يخالف فهمه للدين
و ادعوكم الى التبأمل وقراءة موضوعي بروية وتعقل بالغين واسأل الله لي ولكم التوفيق الى الحق
اولا يقول صاحب الفتوى في اسباب تحريمه للاحتفال بالمولد ما نصه: لأن ذلك من البدع المحدثة في الدين
والحقيقة ان الامام الشافعي له رأي اخر بالموضوع فهو يقول ان البدع على ضربين بدعة الهدى وبدعة الضلالة فما وافق الشرع كان من الهدى وما خالف الشرع كان من الضلال
ثانيا يقول صاحب الفتوى : لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله ، ولا خلفاؤه الراشدون ، ولا غيرهم من الصحابة
ومن قال ان كل ما لم يفعله الرسول والصحابة صار محرما علينا فهذا يحيى بن يعمر التابعي الجليل رحمه الله وضع النقط على المصحف الشريف وقام المسلمون من بعده بوضع زيادات اخرى كالتشكيل وعلامات احكام التجويد كالادغام وغيره ومن ثم علامات الاحزاب وانصافها ووصولا الى وضع ارقام السور وغير ذلك فهل يحرم صاحب الفتوى هذه النقط وبالتالي فهو يدعي ان كل هذه المصاحف التي بين ايدينا هي مليئة بانواع البدع الضلالية !؟
وهذه كتلك فلما صح وضع هذه النقط في المصاحف لانها توافق الدين لا تخالفه صح ايضا ان نحتفل بالمولد النبوي الشريف اي بقراءة القرءان في ذلك اليوم والثناء بالمديح على الهادي محمد صلى الله عليه وسلم والتصدق على اهل الحاجات من المسلمين
اما حديث النبي " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " ، فقوله (ما ليس منه)
معناه ما يخالفه اي من احدث في ديننا ما يخالفه فهو رد وهذا يدلنا على ان من احدث في الدين ما يوافقه فليس ردا والحمد لله
واما قوله : وكل بدعة ضلالة .
فمعناه اغلب البدع تكون مخالفة للدين و ليس المعنى الاطلاق لا بل الله تعالى قال عن الريح التي ارسلت لعذاب بعض جماعات الكافرين (تدمر كل شيء) اي تدمر اغلب الاشياء لانها لم تدمر على الحقيقة كل الاشياء اطلاقا وهذا من اللغة العربية حيث انها تسمح باطلاق صفة الكل على البعض اذا غلب هذا البعض على الكل
واما قول صاحب الفتوى : وقد صرح جماعة من العلماء بإنكار الموالد والتحذير منها ؛ فهو غير صحيح
بل المعهود على علماء اهل السنة غير ذلك بل اكثر العلماء من كتابة التآليف في المولدالنبوي الشريف وأول من أحدثه ملك إربل وكان عالماً تقياً شجاعاً يقال له المظفر ، وذلك في أوائل القرن السابع للهجرة . جمع لهذا كثيراً من العلماء فيهم من أهل الحديث فاستحسن ذلك العمل العلماء في مشارق الأرض ومغاربها .
حتى إن الحافظ ابن دحية قدم من المغرب فدخل الشام والعراق واجتاز بإربل سنة أربع وستمائة فوجد ملكها يعتني بالمولد فعمل له كتاب : (( التنوير في مولد البشير النذير ))
وتوالى الحفاظ على التأليف في قصة المولد فألف شيخ الحفاظ العراقي كتاباً في المولد سماه (( المورد الهني في مولد النبي )) .
فالعلماء والفقهاء والمحدثون والصوفية الصادقون كالحافظ العسقلاني والحافظ السخاوي والحافظ السيوطي وغيرهم كثير ، حتى علماء الأزهر كمفتي الديار المصرية الشيخ محمد بخيت المطيعي
حتى علماء لبنان كمفتي بيروت السابق الشيخ مصطفى نجا رحمه الله وفي الاردن الشيخ الشيخ الدكتور مازن صالح والشيخ وليد سعيد استحسنوا هذا الأمر واعتبروه من البدع الحسنة
فلا وجه لإنكاره بل هو جدير بأن يسمى سنة حسنة لأنه من جملة ما شمله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص من أجورهم شيء )) رواه مسلم
واما قول صاحب الفتوى : وإحداث مثل هذه الموالد يفهم منه : أن الله سبحانه لم يكمل الدين لهذه الأمة
فهو مردود حيث ان العلماء لم يفهموا من نقط المصاحف ان الدين غير كامل والا فلماذا يحمل بيده المصحف المنقوط ولماذا لا ينشر وينادي في الامصار بتمزيق هذه المصاحف لانها تحتوي على ما لم يضعه النبي فيها ولا الصحابة !؟
واما قول صاحب الفتوى : قال : " إياكم والغلو في الدين ، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين " ، وقال صلى الله عليه وسلم : " لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم إنما أنا عبده ، فقولوا : عبد الله ورسوله "
فالرد عليه هو التالي: حديث :"اياكم والغلو في الدين ". ليس في النهي عن حب محمد صلى الله عليه وسلم بل فيه النهي عن القاعدة المستحدثة التي اتى بها هو اي صاحب الفتوى حيث قال ان اي فعل لم يفعله الصحابة حرام علينا ان نأتيه فهذه القاعدة مردودة بحديث النبي من سن في الاسلام سنة حسنة فله اجرها
واما حديث " لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم إنما أنا عبده ، فقولوا : عبد الله ورسوله "
فردنا عليه بقول ان النصارى اجتمعت لتقول ان عيسى ابن الله وغير ذلك اما نحن اهل السنة المحتفلين بالمولد فنجتمع لننادي و ننشد لا اله الا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
اما قول صاحب الفتوى : التشبه بأهل الكتاب من اليهود والنصارى في أعيادهم فهو مردود
ونحن نسأله هل قول النبي عن سبب صيامه يوم الاثنين :"يوم فيه ولدت" فيه تشبه بهؤلاء ؟ والعياذ بالله تعالى ان يكون النبي من المتشبهين فاهتمام النبي بيوم مولده و تخصيصه له لشكر الله بالصيام امر يدل على ان تخصيص يوم المولدالنبوي الشريف ما فيه حرمة ولا تشبه بالكافرين
اما قول صاحب الفتوى ان المولد يتضمن محرمات مثل اختلاط النساء بالرجال ، واستعمال الأغاني والمعازف ، وشرب المسكرات والمخدرات وغير ذلك من الشرور
فلا يلتفت اليه لان هذه الاعمال لا يعملها اهل العلم في احتفالهم بالمولد النبوي الشريف ومن فعل ذلك لا يكون من اهل العلم وقد شذت بعض جماعات تنتسب الى اهل العلم من المتصوفة لكنهم ليسوا من اهل العلم حقيقة وهؤلاء شوهوا صورة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ولكن الاصل في الاحتفال بالمولد الشريف هو في قراءة ما تيسر من القرءان الكريم ومن ثم انشاد القصائد التي تظهر حبنا وتعظيمنا لسيدنا محمد دون ان نصل الى ما يجاوز الحد المسموح به فالنبي صلى الله عليه و سلم لا يخلق شيئا
وما هو الا عبد الله ورسوله ولكن اي عبد هو صلى الله عليه و سلم هو خير عباد الله افضل نبي ارسله الله وهو اول شافع ومشفع واول من ينشق عنه القبر وحامل للواء الحمد يوم القيامة فكان مولده الشريف في الحقيقة نور بل ونعمة مهداة من رب العالمين الى من اتبعه وامن به صلى الله عليه و سلم فهو وسيلتنا الى النجاة ولعلي اقول كما قال الاقدمون :
و الله لولا الله ما اهتدينا
والله تعالى ارسل نبيه محمدا الينا ليرشدنا الى سواء السبيل فكيف لا نظهر الفرحة و اي ضرر في اعلان الفرحة و السرور بذكرى مولد النعمة المهداة !؟
واذكر لكم هذه الفائدة فقد ورد في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم الاثنين فقال:{ ذاك يوم ولدت فيه وفيه أُنزل عليّ}
وفي هذا الحديث إشارة إلى استحباب صيام الأيام التي تتجدد فيها نعم الله على عباده. وإن من أعظم النعم التي أنعم الله بها علينا هي إظهاره صلى الله عليه وسلم وبعثته وإرساله إلينا.
وهذا دليله من قوله تعالى:{ لقد مَنَّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم}
.. أليس هذا تصريحا أن الله أنعم علينا بهذه النعمة العظيمة الرحمة المهداة!!
وكذلك مما صح عنه صلى الله عليه وسلم صيام عاشوراء فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسئلوا عن ذلك, فقالوا: هو اليوم الذي أظهر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون ونحن نصومه تعظيما له, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نحن أَوْلى بموسى.. وأمر بصومه صوم استحباب.. أخرجه البخاري ومسلم
. فيستفاد من هذا الحديث فعل الشكر لله تعالى على ما تفضّل به في يوم معيّن من حصول نعمة أو رفع نقمة.. ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة..
والشكر لله يحصل بأنواع العبادة كالسجود والصيام.. والصدقة والتلاوة.. وأيّ نعمة أعظم من نعمة بروز النبي.. نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم.. فلنحتفل بمولده جميعا فإن مولده نور وبركة..
احب ان انبه الاخوان الى ان تضليل و تبديع المحتفلين بالمولد الشريف اطلاقا دون تبين مما يفعلونه حقيقة فيه تبديع و تفسيق و تضليل لمئات الملايين من امة النبي محمد صلى الله عليه و سلم فليس بالامر الهين فالنبي قال لنا ان نتبع السواد الاعظم والسواد الاعظم متفقون على الاحتفال بمولد النبي الشريف فلتحذروا ان تتعجلوا بالتبديع فان هذه الامة يضرها تبديع بعضها للبعض على غير وجه التحري و التدقيق فحذار حذار من الاستعجال في تبديع السواد الاعظم من امة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ختاما احمد الله الذي وفق اهل السنة الى الاحتفال بمولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم
و لعلي اقول وراءك يارسول الله نمضي ..........ويتبع صفنا للمجد صف على رغم المعاند والمعادي ......... لواء محمد أبدا يرف
سبحان الله و الحمد لله و اخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
رد: بدعة الإحتفال بالمولد النبوي
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .