القلب السليم ((ابن القيم))) متعدد الصفحات
وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ* يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ*إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ»
حقيقة القلب السليم:
قال ابن القيم رحمه الله: القلب السليم هو الذي سلم من الشرك والغل والحقد والحسد والشح والكبر وحب الدنيا والرئاسة، فسلم من كل آفة تبعده عن الله، وسلم من كل شبهة تعارض خبره، ومن كل شهوة تعارض أمره، وسلم من كل إرادة تزاحم مراده، وسلم من كل قاطع يقطع عن الله.
ولا تتم له سلامته مطلقا حتى يسلم من خمسة أشياء:
من شرك يناقض التوحيد،
وبدعة تخالف السنة،
وشهوة تخالف الأمر،
وغفلة تناقض الذكر،
وهوى يناقض التجريد والإخلاص.
هذه الخمسة حجب عن الله، وتحت كل واحدة منها أنواع كثيرة، تتضمن أفرادا لا تنحصر.
ولذلك اشتدت حاجة العبد، بل ضرورته، إلى أن يسأل الله أن يهديه الصراط المستقيم، فليس العبد أحوج منه إلى هذه الدعوة، وليس شيء أنفع له منها.
لماذا سلامة القلب؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن في الجسد مضغة إذا صلحت، صلح الجسد كله، وإذا فسدت، فسد الجسد كله، ألا وهي القلب».
و في هذا الحديث تأكيد على السعي في صلاح القلب وحمايته من الفساد.
.
يتبع...
رد: القلب السليم ((ابن القيم))) متعدد الصفحات
حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على سلامة قلوب أصحابه
عن علي بن الحسين، رضي الله عنهما، أن صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة ثم قامت تنقلب فقام النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها، حتى إذا بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة مر رجلان من الأنصار فسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «على رسلكما، إنما هي صفية بنت حيي». فقالا: سبحان الله يا رسول الله، وكبر عليهما. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان يبلغ من ابن آدم مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا». [البخاري ح2035]
انظر أخي الكريم: كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يبعد الشبهة عن نفسه حتى لا يظن به أحد سوءا، ويربي أصحابه، رضي الله عنهم على أن تكون قلوبهم سليمة من سوء الظن بالآخرين
.
.
يتبع
رد: القلب السليم ((ابن القيم))) متعدد الصفحات
سلامة قلوب الصحابة
إن سلامة القلب من أهم صفات عباد الرحمن، وأولهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين مدحهم الله في كتابه قائلا: «والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون (9) والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم»
[الحشر: 9- 10]
عن أنس بن مالك قال: كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة».
فطلع رجل من الأنصار، تنطف لحيته من وضوئه، قد تعلق نعليه في يده الشمال، فلما كان الغد، قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضا، فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم، تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال: إني لاحيت أبي، فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثا، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي، فعلت. قال: نعم.
قال أنس: وكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث، فلم يره يقوم من الليل شيئا، غير أنه إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر الله عز وجل، وكبر، حتى يقوم لصلاة الفجر، قال عبد الله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرا، فلما مضت الثلاث الليالي، وكدت أن احتقر عمله، قلت: يا عبد الله إني لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر ثم، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث المرار: «يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة، فطلعت أنت الثلاث مرار، فأردت أن آوي إليك وانظر ما عملك فأقتدي به، فلم أرك تعمل كثير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: ما هو إلا ما رأيت، قال: فلما وليت دعاني، فقال: ما هو إلا ما رأيت، غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه، فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق». [مسند أحمد 20/124، 125].
.
.
يتبع
رد: القلب السليم ((ابن القيم))) متعدد الصفحات
تابع سلامة قلوب الصحابة...
علي بن أبي طالب.....
رأى علي بن أبي طالب، طلحة بن عبيد اللَّه، في وادٍ مُلقى فنزل، فمسح التراب عن وجهه (وكان بينهما قتال).... فقال: عزيزٌ عليَّ يا أبا محمد بأن أراك مجندلاً في الأودية، تحت نجوم السماء، إلى اللَّه أشكو عُجري وبُجري.
قال الأصمعي: عُجري وبجري: سرائري وأحزاني التي تموج في جوفي.
[سير أعلام النبلاء 1/36]
وقال أبو حبيبة- مولى طلحة بن عبيد اللَّه- دخلت على علي بن أبي طالب مع عمران بن طلحة، بعد وقعة الجمل، فرحب به وأدناه، ثم قال: إني لأرجو أن يجعلني وأباك ممن قال اللَّه فيهم:(( ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين)) [الحجر: 47].
[سير أعلام النبلاء 1/38]
ابن عباس .....
قال ابن بريدة: شتم رجل ابن عباس، فقال: إنك لتشتمني، وفي ثلاث خصال: ((إني لآتي على الآية من كتاب الله عز وجل، فلوددت أن جميع الناس يعلمون منها ما أعلم، وإني لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يعدل في حكمه فأفرح به ولعلي لا أقاضي إليه أبدا،وإني لأسمع أن الغيث قد أصاب بلدا من بلدان المسلمين فأفرح به وما لي به من سائم)).
[صفة الصفوة 1/754]
أبو دجانة الأنصاري.....
قال زيد بن أسلم: دخل ناس على أبي دجانة، وهو مريض، وكان وجهه يتهلل، فقيل له: ما لوجهك يتهلل؟ فقال: ما من شيء أوثق عندي من اثنتين:(( كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني، والأخرى، كان قلبي للمسلمين سليما))
[سير أعلام النبلاء 1/243]
عزيزي القارىء قارن بين هذه القلوب السليمة وبين قلوبنا، وحدث ولا حرج....
.
.
يتبع
رد: القلب السليم ((ابن القيم))) متعدد الصفحات
الأسباب المعينة على سلامة القلب
ذكر أهل العلم أسبابا تعين صاحبها أن يكون من أصحاب القلب السليم، يمكن أن نجملها فيما يلي:
أولا: إخلاص العمل لله وحده
قال تعالى:(( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين (162) لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين))[الأنعام: 162، 163]
عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم أبدا؛ إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من ورائهم». [مسند أحمد 35/21590]
قال ابن القيم رحمه الله: في معنى هذا الحديث - أي لا يبقى فيه غل، ولا يحمل الغل مع هذه الثلاثة، بل تنفي عنه غله وتنقيه منه وتخرجه عنه، فإن القلب يغل على الشرك أعظم غل وكذلك يغل على الغش،
وعلى خروجه عن جماعة المسلمين بالبدعة، والضلالة، فهذه الثلاثة تملؤه غلا ودغلا. ودواء هذا الغل واستخراج أخلاطه، بتجريد الإخلاص والنصح ومتابعة السنة».[مدارج السالكين 2/90]
وقال ابن الأثير رحمه الله: في معنى هذا الحديث أيضا: هذه الخلال الثلاث تستصلح بها القلوب، فمن تمسك بها طهر قلبه من الخيانة والدغل والشر». [النهاية في غريب الحديث 3/381]
ثانيا: رضا المسلم عن ربه
المقصود برضى العبد عن ربه هو الرضى عنه في كل ما قضى وقدر. [مدارج السالكين 2/183]
قال ابن القيم رحمه الله - وهو يتحدث عن منزلة الرضى-: إن الرضى يفتح للعبد باب السلامة فيجعل قلبه سليما نقيا من الغش والدغل والغل، ولا ينجو من عذاب الله إلا من أتى الله بقلب سليم، وتستحيل سلامة القلب مع السخط وعدم الرضا. وكلما كان العبد أشد رضى كان قلبه أسلم. فالخبث والدغل والغش قرين السخط، وسلامة القلب ورضاه وبره ونصحه قرين الرضى، وكذلك الحسد هو من ثمرات السخط، وسلامة القلب منه من ثمرات الرضى. [مدارج السالكين 2/207]
.
.
يتبع
رد: القلب السليم ((ابن القيم))) متعدد الصفحات
تابع الأسباب المعينة على سلامة القلب...
ثالثا تلاوة القرآن
إن تلاوة القرآن الكريم هي أعظم دواء لأمراض القلوب بشرط أن تجد قلبا يقبل الحق ويرفض الباطل.
قال تعالى:(( يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور)) [يونس: 57].
وقال سبحانه: ((وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين)) [الإسراء: 82].
قال ابن القيم رحمه الله: القرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة، وما كل أحد يؤهل ويوفق للاستشفاء به وإذا أحسن العليل التداوي به، ووضعه على دائه بصدق وإيمان وقبول تام واعتقاد جازم، واستيفاء شروطه، لم يقاومه الداء أبدا، وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء، الذي لو نزل على الجبال لصدعها، أو على الأرض لقطعها، فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه والحمية منه لمن رزقه الله فهما في كتابه. [زاد المعاد ج4 ص352]
رابعا حسن الظن بالمسلمين
إن إحسان المسلم الظن بإخوانه المسلمين من أهم وسائل سلامة القلب.عن سعيد بن المسيب أنه قال:«كتب إلي بعض إخواني من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ضع أمر أخيك على أحسنه ما لم يأتك ما يغلك، ولا تظنن بكلمة خرجت من امرئ مسلم شرا وأنت تجد لها في الخير محملا، ومن عرض نفسه للتهم فلا يلومن إلا نفسه».
[شعب الإيمان للبيهقي1/323]
ملاحظة :للمزيد عن احسان الظن برجاء قراءة المداخلة العاشرة من صيد الخاطر اضغط هنا.
.
.
يتبع
رد: القلب السليم ((ابن القيم))) متعدد الصفحات
تابع الأسباب المعينة على سلامة القلب...
خامساالنصيحة
من أسباب سلامة القلب، حرص المسلم على نصيحة إخوانه سرا، بدون توبيخ أو تشهير،
وذلك فيما يعتقد أنه يخالف الكتاب والسنة، ويمكن أن تكون هذه النصيحة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ولكن دون تجريح.
قال الفضيل بن عياض: المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعير.
.
.
يتبع
رد: القلب السليم ((ابن القيم))) متعدد الصفحات
استراحة قصير مع هذه الابيات الجميلة :
لاتسألن الى ابن آدم حاجة**وسل الذى ابوابه لا تحجب
الله يغضب إن تركت سؤاله **وبني آدم حين يُسئل يغضب
رد: القلب السليم ((ابن القيم))) متعدد الصفحات
وقبل ان اكمل ما تبقى في الموضوع و حتى لا يمل المُتابع ولا يتوه القارىء الجديد..., ساُجمع ما سبق في عناوين قصيرة (على قدر فهمي)...
المداخلة رقم واحد: تعريف بالقلب السليم واهمية السعي لاصلاح قلوبنا
المداخلة رقم انثين : استعراض لمجموعة من المواقف النبوية توضح سلامة قلب الرسول صلى الله عليه وسلم ...ومن خلال هذه المواقف يتضح معنى سلامة القلب بصورة عملية
المداخلة رقم ثلاثة : موقف رائع للرسول صلى الله عليه حيث أراد أن يبعد الشبهة عن نفسه حتى لا يظن به أحد سوءا، ويربي أصحابه، رضي الله عنهم على أن تكون قلوبهم سليمة من سوء الظن بالآخرين
المداخلة الرابعة والمداخلة السابعة : مواقف للصحابة رضي الله عنهم توضح معنى سلامة القلوب...
من المداخلة الثامنة وحتى الثالثة عشر : اهم الاسباب المعينة على اصلاح القلوب...
.
.
يتبع
رد: القلب السليم ((ابن القيم))) متعدد الصفحات
تابع الأسباب المعينة على سلامة القلب...
سادسا إفشاء السلام
إن إفشاء السلام يؤلف بين القلوب المتنافرة وينشر المحبة ويذهب العداوة والبغضاء بين
المسلمين.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم». [مسلم ح54]
سابعا الهدية
إن للإحسان تأثيرا كبيرا في طبع الإنسان، والقلوب مجبولة على حب من أحسن إليها. ولذا فإن
الهدية تؤلف بين القلوب وتذهب العداوة والحسد منها، وتعبر عما في قلب من يقوم بإهدائها من حب واحترام للآخرين، من أجل ذلك حثنا عليها الإسلام.
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تهادوا تحابوا». [صحيح الأدب المفرد
ح462] .
.
.
يتبع
رد: القلب السليم ((ابن القيم))) متعدد الصفحات
تابع الأسباب المعينة على سلامة القلب...
ثامنا الدعاء بسلامة القلب
ينبغي للمسلم أن يلجأ إلى الله بالدعاء ويرجوه أن يجعل قلبه سليما من الغل والحقد والحسد.
والدعاء بسلامة القلب من صفات عباد الرحمن. قال تعالى:(( والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم)) [الحشر: 10].
من ادعية النبي صلى الله عليه وسلم:
«رب تقبل توبتي واغسل حوبتي وأجب دعوتي وثبت حجتي واهد قلبي، وسدد لساني واسلل سخيمة قلبي».
«اللهم، مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك».
«يا مقلب القلوب ثبت قلبي».
.
.
.
الى هنا وانتهى المقال الاول , وهو منقول بتصرف بسيط جدا جدا من مقالة منشورة في مجلة التوحيد للاستاذ/ صلاح الدق ...
وساكمل الموضوع ان شاء الله من مقالات لعلماء اخرين .
.
يتبع
رد: القلب السليم ((ابن القيم))) متعدد الصفحات
الذنوب.. و القلوب
كثير من الناس لا يكادون يعرفون من المعاصي والذنوب إلا ما يدركه الحس، وما يتعلق بالجوارح الظاهرة، من معاصي الأيدي والأرجل، والأعين والآذان، والألسنة والأنوف، ونحوها مما يتصل بشهوتي البطن والفرج، والغرائز الدنيا للإنسان.
ولا يكاد يخطر ببال هؤلاء:الذنوب والمعاصي الأخرى التي تتعلق بالقلوب والأفئدة، والتي لا تدخل -فيما تراه الأبصار- أو تسمعه الآذان، أو تلمسه الأيدي، أو تشمه الأنوف، أو تتذوقه الألسنة.
اقتباس:
ملاحظة من بلومايند: بناء على ماسبق نستطيع ان نقول ان هناك صنفان من المعاصي :
1) معاصي الجوارح....
2) معاصي القلوب....
و في المداخلات التالية ان شاء الله سيوضح الكاتب ما المقصود بمعاصي الجوارح , لينتقل بعد ذلك الى التركيز على معاصي القلوب التي اطلق عليها وصف <<المعاصي المهلكة>>
.
.
.
يتبع
رد: القلب السليم ((ابن القيم))) متعدد الصفحات
معاصي الجوارح
الاساس في هذا الموضوع معاصي القلوب او المهلكات, ولكن وجب علينا الحديث عن معاصي الجوارح وايضاحها...
يندرج تحت بند معاصي الجوارح :
معاصي العين من النظر إلى ما حرم الله من العورات، ومن النساء غير المحارم.
ومعاصي الأذن من الاستماع إلى ما حرم الله من آفات اللسان؛ فالمستمع شريك المتكلم.
ومعاصي اللسان من الكلام بما حرم الله من الآفات التي بلغ بها الإمام الغزالي عشرين آفة؛ من الكذب والغيبة والنميمة والسخرية واليمين الفاجرة والوعد الكاذب والخوض في الباطل والكلام فيما لا يعني وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات وشهادة الزور والنياحة واللعن والسب... إلخ.
ومعاصي اليد من البطش والضرب بغير حق، والقتل، ومصافحة أعداء الله، وكتابة ما لا يجوز كتابته، مما يروج الباطل أو يشيع الفاحشة، وينشر الفساد.
ومعاصي القدم من المشي إلى معصية الله، وإلى زيارة ظالم أو فاجر، ومن السفر في إثم وعدوان.
ومعاصي الفرج من الزنى وعمل قوم لوط، وإتيان امرأته في دبرها، أو في المحيض، وهو أذى كما قال الله.
ومعاصي البطن من الأكل والشرب مما حرم الله، مثل أكل الخنزير، وشرب الخمر، وتعاطي المخدرات، وتناول التبغ (التدخين) وأكل المال الحرام من الربا، أو الميسر، أو بيع المحرمات، أو الاحتكار، أو قبول الرشوة أو غيرها من وسائل أكل مال الناس بالباطل.
.
.
.
يتبع
رد: القلب السليم ((ابن القيم))) متعدد الصفحات
المعاصي المهلكة
جميع الأعمال السابقة من معاصي الجوارح محرمات ومعاص معلومة، وبعضها يعتبر من عظائم الآثام، وكبائر الذنوب،ولكنها جميعًا تدخل في المعاصي الظاهرة،أو ظاهر الإثم، والمسلم مأمور أن يجتنب ظاهر الإثم وباطنه جميعًا، كما قال تعالى: {وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ} [الأنعام: 120].
إن المعاصي الباطنة أشد خطرًا من المعاصي الظاهرة، وبعبارة أخرى: معاصي القلوب أشد خطرًا من معاصي الجوارح، كما أن طاعات القلوب أهم وأعظم من طاعات الجوارح؛ حتى إن أعمال الجوارح كلها لا تقبل إلا بعمل قلبي، وهو النيِّة والإخلاص.
ونقصد بمعاصي القلوب ما كانت آلته القلب؛ مثل:
الكبر،
والعجب،
والغرور،
والرياء،
والشح،
وحب الدنيا،
وحب المال والجاه،
والحسد،
والبغضاء،
والغضب...
ونحوها مما سماه الإمام الغزالي في [إحيائه]: المهلكات، أخذًا من الحديث الشريف: (ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه)
.
.