من درر الشيخ ابن القيم في التفسير
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على رسوله الأمين محمد و آله و صحبه أجمعين و من اتبعه و اهتدى بهديه إلى يوم الدين
و بعد فالحمد لله الرب الملك الإله، خلق الخلق بربوبيته فرحمهم، و قهرهم بملكه فأحسن إليهم و عدل بينهم، و استعبدهم بألوهيته فجعل الجنة مآل محبيه و النار قرار من أشرك به منهم،
و الحمد لله الذي كنت ميتا فأحيان و الذي هو أطعمني و سقان و الذي لما مرضت هو شافان، و من علي بالعودة و تحقيق وعدي بنقل هذا التفسير المبارك الذي إليه هدان
فله الحمد أولا و آخرا به أستعين و عليه التكلان
من مختصر الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي لتفسير المعوذتين للإمام ابن قيم الجوزية رحمهما الله
بسم الله الرحمن الرحيم
" قل أعوذ برب الفلق "
معنى أعوذ ألتجئ و أعتصم و أتحرز،
و الفلق هو نور الفجر الذي يطرد الظلام.
و تضمنت هذه السورة : مستعاذا به و مستعاذا منه و مستعيذا.
المستعـــاذ بـــه
هو الله رب الفلق و رب الناس الذي لا ينبغي الاستعاذة إلا بــه، و لا يُستعاذُ بأحــد من خلقه، و قد قال تعالى في كتابه عمن استعاذ بخلقه أن استعاذتَه زادته رهقا ( و الرهَقُ الطغيانُ، زاد المحقق معلقا: قال ابن كثير الرهق الخوف و الارهاب و الذعر و قال آخرون الرهق الإثم، و قال مجاهد: زاد الكفار طغيانا، و قال أبو عبيدة صاحب مجاز القرآن: رهقا سَفَهاو طغيانا. و قال الزمخشري في الكشاف: و قيل : الإنسُ زادوهم كبرا و كفرا، أو فزاد الجن و الانس رهقا بإغوائهم و إضلالهم لاستعاذتهم بهم)
و احتج أهل السنة على المعتزلة في أن كلمات الله غير مخلوقة؛ بأن النبي صلى الله عليه و سلم استعاذ بقوله تعالى: " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ " (1) و" أعوذ بكلمات الله التامات" ( وردت هذه الاستعاذة في أحاديث صحيحة ثابة مثل ما رواه مسلم2708)
و المستعيـــذ
هو رسول الله صلى الله عليه و سلم، و كل من اتبعه إلى يوم القيامة.
و أما المستعـاذ منه
فأربعة أقسام: الشر العـــام و شر الغاسق إذا وقب و شر النفاثات في العقد و شر الحاسد إذا حسد.
المستعاذ منه الأول : الشر العـام
في قوله تعالى: " مِن شَرِّ مَا خَلَقَ "؛ و هذا يعم كل شر في الدنيا و الآخرة، و شر الشياطين من الناس و الجن و شر السباع و الهوام، و شر النار و شر الذنوب و الهوى، و شر النفس و العمل.
و قوله : " مِن شَرِّ مَا خَلَقَ " أي من شر كل مخلوق فيه شر، و ليس المراد الإستعاذة من كل ما خلقَهُ الله، فإن الجنة و ما فيها ليس فيها شر، و كذلك الملائكة و الأنبياء فإنهم خير محض.(2)
و المستعاذ منه الثانـــــــي: شر الغاسق إذا وقب
و هذا خـــاص بعد عــام؛
و الغاسقُ: الليلُ إذا أقبل و دخل في كل شئ، و الغسقُ: الظلمَةُ، و الوُقوبُ: الدخولُ.
و السبب الذي لأجله أمر الله بالإستعاذة من شر الليل هو أن الليلَ محل سلطان الأرواح الشريرة، و فيه تنتشر الشياطين، و الشياطين إنما سُلطانُهم في الظلمات و المواضع المظلمة؛ و لهذا كانت القلوب المظلمة هي محل الشياطين و بيوتُهم.
و ذكر سبحانه في هاتين الكلمتين الليل و النهار، و النور و الظلمة، فأمر الله عبادَه أن يستعيذوا برب النور الذي يقهر الظلمة و يزيلُها، و هو سبحانه يُدعى بأسمائه الحسنى، فيُسال لكل مطلوب باسم يُناسبه.
.......يتبع إن شاء الله فتابعونا موفقين
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
(1) استعاذ النبي صلى الله عليه و سلم بالمعوذتين في مواطنَ متعددة نجملها بالتالي: دبر الصلاة، عند النوم، في الصباح و المساء، كان يعيذ بها الأطفال من العين و الحسد.
(2) استثناء الشيخ ابن القيم دقيـــق ، ذاك أن ألفاظ القرآن يُفهَم من بعضها العموم و الإطلاق، و هي ليست كما يُفهَم في الظاهر، كقوله تعالى: " تُدَمر كل شيء"، و الريح لم تُدمر إلا قرية واحدة/ و كذلك هنا فالإستعاذة من كل مخلوق له شر و ليس من كل مخلوق؛ كما ذكر ابن القيم، الملائكة و الأنبياء و كذلك الجنة ليس فيها شر.
رد: من درر الشيخ ابن القيم في التفسير
المستعاذ به الثالث: شر النفاثات في العقد
و هذا هو شر السحر؛ فإن النفاثات هن السواحر اللاتي يعقدن الخيوط، و ينفثن على كل عقدة حتى ينعقد ما يريدون من السحر.
و النفث هو النفخ مع ريق، و هو دون التفل و هو مرتبة بينهما.
و النفث فعلُ الساحر، فإذا تكيفت نفسُه بالخبث و الشر الذي يريده بالمسحور، و استعان بالأرواح الخبيثة؛ نفث في تلك العقد نفخا معه ريق، فيخرج من نفسه نَفَس ممازج للشر مقترن بالريق الممازج، و قد تساعد؛ هو و الروح الشيطانية؛ على أذى المسحور، فيقعُ فيه السحر بإذن الله الكوني القدري.
و لما كان تأثير السحر من جهة الأنفس الخبيثة و الأرواح الشريرة قال سبحانه " وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ " بالتأنيث دون التذكير،
و قد دل قوله تعالى: " وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ " على تأثير السحر و أن له حقيقة، و قد أنكر ذلك طائفة من أهل الكلام و قالوا أنه لا تأثير للسحر لا في مرض و لا في قتل و لا حل و لا عقد، قالوا: و إنما ذلك تخييل لأعين الناظرين لا حقيقة له سوى ذلك.
و هذا خلاف ما تواترت به الآثار عن الصحابة و السلف و اتفق عليه الفقهاء.
و السحر يؤثر مرضا و ثقلا و حلا و حبا و بغضا و غير ذلك من الآثار موجود، يغرفه الناس و كثير منهم قد علمه ذوقا بما أصيب به.
و قوله تعالى: " وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ "، دليل على أن النفث يضر المسحور في حال غيبته عنه، و لو كان الضررلا يحصل إلا بمباشرة البدن ظاهرا كما يقوله هؤلاء، لم يكن للنفاثات شر يُستعاذ منه؛ و أيضا فإذا جاز على الساحر أن يسحر أعيُنَ جميع الناظرين مع كثرتهم حتى يرَوا الشر بخلاف ما هو به مع أن هذا تغير في إحساسهم، فما الذي يحيل تأثيرَه قي تغير بعض أعراضهم و طباعهم و قواهم. فإذا غير إحساسا حتى صار يرى الساكن متحركا و المتصلَ منفصلا فما المحيلُ لأنيغيرَ صفات نفسه حتى يجعل المحبوب إليه بغيضا و البغيضَ محبوبا و غير ذلك من التأثيرات، و قد قال الله عن سحرة فرعون أنهم " سحروا أعيُن الناس" فبين سبحانه أن أعيُنهم سُحرَت، و ذلك إما:
* أن يكون لتغير حصل في المرئي و هو الحبال و العصي، مثل أن يكون السحرة استعانت بأرواح حركتها و هي الشياطين، فظنوا أنها تحركت بأنفسها؛ و هنا كما إذا جر من لا تراهُ حصيرا أو بساطا فترى الحصير و البساط ينجر و لا ترى الحار له، فهكذا حال الحبال و العصي قلبتها الشياطين، فظن الرائي أنها انقلبت بأنفسها، و الشياطين هم الذين يقلبونها.
* و إما أن يكون التغيير حدث في الرائي، حتى رأى الحبال و العصي تتحرك و هي ساكنة في أنفسها، و لا ريب أن الساحر يفعل هذا و هذا ( يقول المحقق: و القول الثاني عليه أكثر المفسرين فإنه صريح بالآية، فأثر السحر منصب على العيون لا على الحبال و العصي فالسحر هنا هو سحر التخييل؛ و السعيُ و الحركةُ لم يكونا حقيقة، و إنما هو متخيل و لا وجود له في الخارج).
و أما ما يقوله المنكرون في أنهم فعلوا في الحبال و العصي ما أوجب حركتها و مشيها مثل الزيبق و غيره حتى سعت، فهذا باطل من وجوه كثيرة.
المستعاذ به الرابع: شر الحاسد إذا حسد
و قد دل القرآن و السنة على أن نفس حسد الحاسد يؤذي المحسود، فنفس حسده شر متصل بالمحسود في نفسه و عينه، و إن لم يؤذه بيده و لا لسانه، فإن الله تعالى يقول: " وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ "، فحقق الشر منه عند صدور الحسد، و القرآن ليس فيه لفظة مهملة.
لكن قد يكون الرجل في طبعه الحسد و هو غافل عن المحسود و لاهٍ عنه، فإذا خطر على قلبه انبعث نار الحسد من قلبه فيتأذى المحسود بمجرد ذلك (1)، فإن لم يستعذ بالله و يتحصن به و يكون له أوراد في الأذكار و الدعوات و التوجه إلى الله و الإقبال عليه، بحيث يدفع عنه من شره بمقدار توجهه و إقباله على الله، و إلا ناله شر الحاسد و لا بد.
و في الحديث الصحيح رُقية جبريل عليه السلام النبيُ صلى الله عليه و سلم و فيها: " بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك" (2)
فذِكرُ شر عين الحاسد، و معلوم أنها لا تؤثر بمجردها، إذ لو نظر إليه نظر لاهٍ ساهٍ كما ينظر إلى الأرض و الجبل و غيره؛ لم يؤثر فيه شيئا؛ و أما إذا نظر مَن قد تكيفت نفسه الخبيثة و انسمت فصارت نفسا غضيبة خبيثة حاسدة؛ أثمرت تلك النظرة، فأثرت في المحسود بحسب ضعفه و قوة نفس الحاسد، فربما أمرضه، و ربما قتله، و التجارب بها عند الخاصة و العتمة أكثر من أن تُذكر.
و هذه العين إنما تؤثر بواسطة النفس الخبيثة، و هي بمنزلة الحية، إنما يؤثر سمها إذا عضت، فإنها تتكيف بكيفية الغضب فتُحدث فيها تلك الكيفيةُ السم؛ فتؤثر في الملسوع، و ربما قويت حتى تؤثر بمجرد النظر، و ذلك في نوع منها، حتى يؤثر بمجرد النظر، فتطمس البصر و تُسقط الحَبَل، كما ذكر النبي صلى الله عليه و سلم في أبترَ و ذي النطيفتين منها و قال: " اقتلوهما" (3) و هذا علم لا يعرفه إلا خواص الناس.
و من له فطنة و تأمل أحوال الأرواح و تأثيراتها و تحريكها الأجسام، رآى عجائب و آيات دالة على وحدانية الله و عِظَمَ ربوبيته، و أن ثَم عالَما آخر يجري عليه أحكام أُخَر، يُشهد آثارُها و أسبابُها، غُيبَ عن الأبصار فتبارك الله رب العالمين و أحسن الخالقين.
..... يتبع ان شاء الله: العين و الحسد و الفرق بينهما
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــ
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
(1) و من هذا الباب أمر يعقوب عليه السلام ابنه يوسف عليه السلام أن لا يقُص رؤيته على إخوته، و من هذا الباب أمر النبي صلى الله عليه و سلم من رأى رؤية صالحة أن يحدث بها من يحب فقط،و من هذا الباب أيضا ذكر السلف قولهم: استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان فكل ذي نعمة محسود
(2) مسلم كتاب السلام/ باب الطب والمرض والرقى
حدثنا بشر بن هلال الصواف. حدثنا عبدالوارث. حدثنا عبدالعزيز بن صهيب عن أبي نضرة، عن أبي سعيد؛ أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد! اشتكيك؟ فقال "نعم" قال: " باسم الله أرقيك. من كل شيء يؤذيك. من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك. باسم الله أرقيك".
(3) الحديث مثفق عليه لفظ البخاري 2/248 " اقتلوا الحيات و اقتلوا ذا الطفيتين و الأبتر فإنهما يطمسان البصر و يستسقطان الحبل"
و لفظ مسلم 2233 " فإنهما يسقطان الحبل و يلتمسان البصر" قال الشيخ ابن القيم في زاد المعاد: يلتمسان البصر فيه معنيان: 1- يخطفان البصر بمجرد نظرهما إليه بخاصة جعلها الله في بصريهما إذا وقع على بصر الإنسان؛ 2- أو أنهما يقصدان البصر باللسع و النهش
الطفيتان: الخطان الأبيضان على ظهر الحية
الأبتر: قصير الذنب
رد: من درر الشيخ ابن القيم في التفسير
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا ... تحياتي .
رد: من درر الشيخ ابن القيم في التفسير
العين و الحسد و الفرق بينهما
و العائن و الحاسد يشتركان في شيء و يفترقان في شيء، فيشتركان في أن كُلا منهما تتكيف نفسه و تُوَجهُ نحو من تقصد أذاه.
و العائن تتكيف نفسه عنه مقابلة المعين و معاينته.
و الحاسد يحصل حسده في الغيبة و الحضور
و يفترقان في أن العائن قد يعين من لا يحسده؛ من حيوان أو زرع، و إن كان لا ينفك من حسد صاحب، بل رما أصاب نفسه، و سببُه الإعجاب بالشيء و استعظامه، فإن رؤيته للشيء رؤية تعجب و تحديق مع تكيف بتلك الكيفية يؤثر في المعين.
و قوله تعالى " وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ " يعُم الحاسد من الجن و الإنس، فإن الشيطان و حزبَه يحسدون المؤمنين على ما آتاهم الله من فضله.
و لكن الوسواس أخص بشياطين الجن.
و الحسد أخص بشياطين الإنس.
و الوسواس يعمهما أيضا، فكلا الشيطانين حاسد موسوس، فالإستعاذة من شر الحاسد يعمهما جميعا.
فقد اشتملت السورة على الإستعاذة من كل شر في العالم، و تضمنت شرورا أربعة يُستعاذ منها:
شرا عاما و هو شر ما خلق
و شر غاسق إذا وقب
فهذان نوعان
ثم ذكر شر الساحر و الحاسد و هما نوعان أيضا، لأنهما من شر النفس الشريرة. و أحدهما يستعين بالشيطان و يعبُدُه، و هو الساحر، و قَل ما يتأتى السحر بدون نوع عبادة الشيطان و تقربٍ إليه، إما بذبح باسمه يقصد به هو، فيكون ذبحا لغير الله و بغير ذلك من أنواع الشرك.
و الساحر و إن لم يُسَم هذا عبادة للشيطان فهو عبادة له، و إن سَماهُ بما سماه به، فإن الشرك و الكفرَ هو شرك و كفر لحقيقته و معناه، لا لاسمه و لفظه، فمن سجد لمخلوق و قال ليس هذا سجود له، هذا خضوع، و يُقبلُ الأرض بالجبهة كما قبلها بالفم، و هذا إكرام؛ لم يخرج بهذه الألفاظ عن كونه سجود لغير الله، فليُسَمه بما شاء.
و كذلك من ذبح للشيطان و دعاه و استعاذ به و تقرب إليه، فقد عبده و إن لم يُسَم ذلك عبادة، بل يُسميه استخداما، و صَدَقَ، هو من استخدام الشيطانِ لهُ، فيصير خادما من خَدم الشيطان و عابديه، و بذلك يَخدُمُه الشيطان.
لكن خدمة الشيطان ليست خدمةَ عبادة، فإن الشيطان لا يخضع له و يعبُدُه كما يفعل هو به، و المقصود أن هذا عبادة منه للشيطان، و إن سماه استخداما.
و تأمل تقييدَه سبحانه شرَ الحاسد بقوله عز و جل: " إِذَا حَسَدَ " لأن الرجل قد يكون عنده حسد، و لكن يُخفيه و لا يترتب عليه أذى لا بقلبه و لا بلسانه و لا بيده، بل يجد في قلبه شيئا من ذُل، و لا يُعامل أخاه إلا بما يُحبه الله، فهذا لا يكاد يخلو منه أحد إلا من عَصَمَه الله.
و قيل للحسن البصري " أيَحسِد المؤمن؟ قال: ما أنساك إخوةَ يوسف؟ "
فالرجل إذا كان في قلبه حسد لكن يُخفيه و لا يترتب عليه أذى بوجه ما، لا بقلبه و لا بلسانه و يده، بل لا يُعامل أخاه إلا بما يحب الله، فهو لا يطيع نفسَه، بل يعصيها خوفا من الله و حياء منه أن يكرهَ نِعَمَه على عباده، فيرى ذلك مخالفة لله، و بُغضا لما يحب الله، فهو يجاهد نفسه على دفع ذلك، و يلزمها الدعاء للمحسود و تمني زيادة الخير له، فإن هذا الحسدَ الذي في قلبه لا يضره و لا يضر المحسود. بخلاف ما إذا حقق ذلك و حَسد، و رتبَ على حسده مُقتضاهُ من الأذى بالقلب و اللسان و الجوارح، فهذا الحسد المذموم، هذا كله حسد تمني الزوال.
.... يتبع إن شاء الله: مراتب الحسد،
رد: من درر الشيخ ابن القيم في التفسير
مراتب الحسد
و للحسد ثلاث مراتب
أحدها تمني زوال النعمة
الثانية: تمني استصحاب عدم النعمة، فهو يكره أن يُحدِثَ الله لعبده نعمة، بل يجب أن يبقى على حاله من جهله، أو فقره، أو قلة دينه، فهو يتمنى دوام ما هو فيه من نقص.
فهذا حسد على شيء معدوم، و الأول حسد على شيء واحد مُحقق، و كلاهما حاسد، عدو نعمة الله و عدو ممقوت عند الله و عند عباده.
الثالثة: حسد الغبطة؛ و هو تمني أن يكن له مثل حال المحسد من غير أن تزول النعمة عنه، فه\ا لا بأس به و لا يُعاب صاحبه، بل ه\ا قريب من المنافسة و قد قال الله تعالى: " و في \لك فليتنافس المتنافسون" المطففين26
و في الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: " لا حسد إلا في اثنتين، رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق، و رجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها و يُعلمها للناس" البخاري73 و مسلم 815
فهذا حسد غبطة، الحامل لصاحبه عليه حُبهُ خصالَ الخير و التشبهُ بأهلها و الدخولُ في جملتهم، فيحدث له المنافسة و المسارعة في محبته لمن يغبطه و تمني دوام نعمة الله عليه، فه\ا لا يدخل في الآية بوجه ما.
و ه\ه السورة من أكبر أدوية المحسود. فإنها تتضمن التوكلَ على الله و الالتجاءَ إليه و الاستعاذةَ به من شر حاسد النعمة، و الله تعالى أعلم.
.... يتبع إن شاء الله تفسير سورة الناس
رد: من درر الشيخ ابن القيم في التفسير
أما سورة الناس فقد تضمنت أيضا: مستعاذا به و مستعاذا منه و مستعيدا،
فأما المستعاذ به: فهو رب الناس ملك الناس إله الناس،
فذكر ربوبيته للناس و مُلكَه إياهم و إلهيته لهم، و لا بد من مناسبة في ذكر ذلك في الاستعاذة من الشيطان.
فأضافهم في الكلمة الأولى إلى ربوبيته المتضمنة لخلقهم و تربيتهم و تدبيرهم و إصلاحهم مما يُفسدهم. هذا معنى ربوبيته لهم و ذلك يتضمن قدرتَه التامة، و رحمتَه الواسعة، و علمَه بتفاصيل أحوالهم، و بإجابة دعواتهم و كشف كرباتهم.
و أضافهم في الكلمة الثانية إلى ملكه، فهو ملكُهم الحق، الذي إليه مفزَعهم في الشدائد و النوائب، فلا صلاح و لا قيام إلا به.
و أضافهم في الكلمة الثالثة إلى إلهيته، فهو إلههم الحق و معبودهم الذي لا إله سواه، و لا معبود لهم غيره، فكما أنه وحدَه هو ربهم و مليكهم لم يُشاركه في ربوبيته و لا في ملكه أحد، فكذلك هو وحده إلههم و معبودهم، فلا ينبغي أن يجعلوا معه شريكا في إلهيته، كما لا شريك معه في ربوبيته و ملكه.
و هذه طريقة القرآن يحتج عليهم بإقرارهم بهذا التوحيد على ما أنكروه من توحيد الإلهية و العبادة.
فإذا كان هو ربنا و مليكنا، فلا مفزع لنا في الشدائد سواء، و لا ملجأ لنا منه إلا إليه، و لا معبودَ لنا غيره، فلا ينبغي أن يُدعى و لا يُخافَ و لا يُرجى و لا يُحَب سواه، و لا يُذَل لغيره، و لا يُخضَع لسواه، و لا يُتوكل إلا عليه، لأن من ترجوه و تخافه و تدعوه إما أن يكون مربيك و القيمَ بأمورك، فهو ربك فلا رب سواه، أو تكونَ مملوكَه و عبَه الحق، فهو ملك الناس حقا و كلهم عبيده و مماليكه، أو يكون معبودَك و إلهك الذي لا تستغني عنه طرفة عين، بل حاجتك إليه أعظم من حاجتك إلى روحك و حياتك، و هو الإله الحق، إله الناس الذي لا إله لهم سواه، فهم جديرون أن لا يستعيذوا بغيره، و لا يستنصروا بسواه، فظهرت مناسبة هذه الإضافات الثلاث للإستعاذة من أعدى الأعداء و أعظمهم عداوة.
ثم إنه سبحانه كرر الإسم الظاهر و لم يوقع المُضمَرَ موقعه، فيقول: رب الناس و مليكهم و إلههم، تحقيقا لهذا المعنى، فأعاد ذكرهم عند كل اسم من أسمائه، و لم يعطف بالواو لما فيها من معنى المغايرة.
و قدم الربوبية؛ لعمومها و شمولها لكل مربوب، و أخر الإلهية لخصوصها، لأنه سبحانه إنما هو إله من عَبَدَه و وحده، و اتخذه إلها دون غيره، فمن لم يعبده و يوحده فليس بإلهه، و إن كان في الحقيقة لا إله سواه و لكن ترك إلهه الحق و اتخذ إلها غيره.
و وَسطَ صفة الملك بين الربوبية و الإلهية، لأن المَلٍكَ هو المتصرف بقوله و أمره، المطاعُ إذا أمر، فملكه لهم تابع لخلقه إياهم، فملكهم من كمال ربوبيته، و كونه إلههم الحق من كمال ملكه، فربوبيته تستلزم ملكه، و ملكه يستلزم إلهيته، فهو الرب الملك الإله، خلقهم بالربوبية و قهرهم بالملك و استعبدهم بالإلهية.
فتأمل هذه الجلالة و هذه العظمة التي تضمنتها هذه الألفاظ الثلاثة على أبدع نظام، و أحسن سياق: { رب الناس، ملك الناس، إله الناس} وقد اشتملت هذه الإضافات الثلاث على جميع قواعد الإيمان، و تضمنت معنى جميع أسمائه الحسنى لأن الإله هو الجامع لصفات الكمال و نعوت الجلال، فيدخل في هذا الاسم جميع الأسماء الحسنى؛ و لهذا كان القول الصحيح أن الله أصله الإله، و أن اسم الله تعالى هو الجامع لجميع معاني الأسماء الحسنى، و الصفات العليا، و أسرار كلام الله تعالى أجل و أعظم من أن تُدركها عقول البشر، و إنما غاية أولي العلم الاستدلال بما يظهر منها على ما وراءه.
..... يتبع ان شاء الله: الفرق بين استعاذة سورة الناس و سورة الفلق
رد: من درر الشيخ ابن القيم في التفسير
يقول الشيخ رحمه الله:
و سورة الناس مشتملة على الشر الذي هو سبب الذنوب و المعاصي و هوالشر الداخل في الإنسان الذي هو منشأ العقوبات في الدنيا و الآخرة.
فسورة الفلق تضمنت الاستعاذة من ظلم الغير بالسحر و الحسد و هو شر من خارج.
و سورة الناس تضمنت الاستعاذةَ من الشر الذي هو سبب ظلم العبد نفسَه، و هو شر من داخل.
فالشر الأول لا يدخل تحت التكليف و لا يُطلَب منه الكف عنه؛ لأنه ليس من كسبه.
و الشر الثاني في سورة الناس يدخل تحت التكليف و يتعلق به النهي، فهذا شر المعائب و الأول شر المصائب، و الشر كله يرجع إلى العيوب و المصائب و لا ثالث لهما.
فتضمنت سورة الناس الاستعاذة من شر العيوب كلها؛ لأن أصلها كلَها الوسوسة.
و أصل الوسوسة الحركة، أو الصوت الخفي الذي لا يُحَس فيُتَرز منه،
فالوسواس: الإلقاءُ الخفي في النفس، إما بصوت خفي لا يسمعه إلا من أُلقي له؛ و إما بغير صوت كما يوسوس الشيطان إلى العبد.
" الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ " وصفان لموصوف محذوف و هو الشيطان، فالوسوساس الشيطان؛ لأنه كثير الوسوسة.
و أما الخناس فهو فعال من خَنَسَ يخنَسُ، إذا توارى و اختفى.
فإن العبد إذا أغفل ذكر الله جثم على قلبه الشيطان، و بذر فيه الوساوس التي هي أصل الذنوب كلها، فإذا ذكر العبد ربه و استعاذ به انخنس.
و الانخناس تأخر و رجوع معه اختفاء.
قال قتادة: " الخناس له خرطوم كخرطوم الكلب في صدر الانسان، فإذا دكر العبد ربه خنس." ( ضعفه الشيخ الألباني في ضعيف الترغيب904)
و يُقال رأسه كرأس الحية و هو واضع رأسه على ثمرة القلب يُمَنيه و يُحَدثه، فإذا ذكر الله خنَس و إذا لم يذكر عاد و وضع رأسه يوسوس إليه.
و جيء بلفظ الفعال دون الفاعل، إعلاما بشدة هروبه و رجوعه، و عظم نفوره عند ذكر الله، و أن ذلك دأبه، فذكر الله يقمَع الشيطان و يؤلمه و يؤذيه، و لهذا كان شيطان المؤمن هزيلا، لأنه يعذبه بذكر الله و طاعته.
و في أثر عن بعض السلف:" إن المؤمن ينضي شيطانَه كما يُنضي الرجلبعيره في السفر." لأنه كلما اعترضه صَب عليه سياط الذكر و التوجه و الاستغفار و الطاعة، فشيطانه معه في عذاب شديد.
و أما شيطان الفاجر فهو معه في راحة و دعة و لهذا يكون قويا عاتيا شديدا، فمن لم يُعَذب شيطانه في هذه الدار بذكر الله و توحيده و استغفاره و طاعته، عذبه شيطانه في الأخرة بعذاب النار، فلا بد لكل أحد أن يعذب شيطانَه أو يُعدبُه شيطانُه.
و تأمل كيف جاء بناء الوسواس مكررا لتكريره الوسوسة الواحدة مرارا، حتى يعزم عليها العبد. و جاء بناء الخناس على وزن الفعال، الذي يتكرر منه نوع الفعل، لأنه كلما ذكر الله انخنس فإذا غفل العبد عاد بالوسوسة؛ فجاء بناء اللفظين موافقا لمعنييهما.
و قوله تعالى: " الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ "، صفة ثالثة للشيطان، فذكر وسوسته أولا، ثم ذكر محَلها ثانيا، و أنها في صدور الناس.
و قد جعل الله للشيطان دخولا في جزف العبد و نفوذا إلى قلبه و صدره، فهو يجري منه مجرى الدم، و قد وُكلَ بالعبد فلا يُفارقه إلى الممات.
و من وسوسته أنه يشغل القلب بحديثه حتى يُنسيَه ما يريد أن يفعله، و لهذا يُضاف النسيان إليه، كما قال تعالى عن صاحب موسى: " فإني نسيت الحوت و ما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره ". الكهف63
و تأمل حكمة القرآن و جلالتَه كيف أوقع الاستعاذةَ من شر الشيطان الموصوف بأنه الوسواس، إلى آخر السورة و لم يقل من شر وسوسته؛ لتعم الاستعاذة جميع شره، فإن قولَه " مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ " يعم كل شر، و وَصفَه بأعظم صفاته و أشدها شرا، و هي الوسوسة التي هي مبادئ الإرادة، فإن القلب يكون فارغا من الشر فيُوسوس إليه، و يخطر الذنب بباله، فيُصوره لنفسه و يُشهيه فيصير شهوة، و يُزينها و يُحسنها له فتصير إرادة، ثم لا يزال يمثل و يشهي و يُنسي ضررها، و يطوي عنه سوء عاقبتها، فلا يرى إلا التذَاذَهُ بالمعصية فقط، و ينسى ما وراء ذلك، فتصير الإرادة عزيمة جازمة فيشتد الحرص من القلب، فلا يزال الشيطان بالعبد يقودُه إلى الذنب و ينظم شمل الاجتماع بألطف حيلة و أتم مكيدة.
فأصل كل معصية و بلاء إنما هو الوسوسة؛ فلهذا وصفه بها لتكون الاستعاذة من شرها أهم، و إلا فشره بغير الوسوسة حاصل أيضا.
.... يتبع ان شاء الله: أنواع شرور الشيطان
رد: من درر الشيخ ابن القيم في التفسير
أنواع شرور الشيطان
فأصل كل معصية و بلاء إنما هو الوسوسة؛ فلهذا وصفَه بها، لتكون الاستعاذة من شرها أهم، و إلا فشره بغير الوسوسة حاصل أيضا.
فمن شره أنه لص سارق لأموال الناس، فكل طعام أو شراب لم يُذكَر فيه اسم الله عليه فله فيه حظ بالسرقة و الخطف، و كذلك يبيت في البيت الذي لم يُذكَر اسم الله، فيأكل طعام الإنس بغير إذنهم، و يبيت في بيوتهم بغير أمرهم و يدُل على عوراتهم، فيأمر العبدَ بالمعصية ثم يُلقي في قلوب أعدائه يقظة و مناما أنه فعل كذا و كذا.
و من هذا أن العبد يفعل الذنب لا يطلع عليه أحد من الناس، فيُصبح و الناس يتحدثون به، و ما ذاك إلا لأن الشيطان يَجهَد في كشف سره و فضيحته، فيغتر العبد و يقول هذا ذنب لم يره إلا الله، و لم يشعر بأن عدوه ساع في إذاعته، و قَل من يتفطن لهذه الدقيقة.
( هنا حضرني سؤال أرجو من أحد مشايخنا أن يشاركنا بإيضاحاته، الأمر يخص الناس المثحدثين بإثم غيرهم ممن أراد الشيطان كشفَ ستر الله عليهم، أليس هؤلاء الناس بآثمين بالخوض في أعراض غيرهم خصوصا و أن الأمر هنا لا يعدو أن يكون نوعُ وسوسة من الشيطان إليهم هم أيضا فتصيرَ هذه الوسوسة سوء ظن و هذا مما نهينا عنه، نريد مزيد بيان حتى لا يُشكل فهمه)
و من شره أنه يعقد على رأس العبد إذا نام عقدة تمنعه من اليقظة، كما في صحيح البخاري: " يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد" البخاري 1142 و مسلم 776 و غيرهما.
و من شره أنه يبول في أذن العبد حتى ينام إلى الصبح( ورد هذا في حديث صحيح رواه البخاري و مسلم عندما ذُطر رجل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه نام ليلة حتى أصبح فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ط ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه "
و من شره أنه يقعد لابن آدم بطُرق الخيركلها فما من طريق من طُرُق الخير إلا و الشيطان مرصد عليه يمنعه أن يسلُكَه، فإن خالفَه و سلكَه ثبطَه و عَوقَه، فإن عمله و فرَغَ منه سعى فيما يُبطله.
و يكفي من شره أنه أقسم ليأتينهم من بين أيديهم و من خلفهم و عن أيمانهم و عن شمائلهم.
فإذا كان هذا شأنه و همته في الشر فلا خَلاصَ منه إلا بمعونة الله و تأييده، و لا يمكن حصرُ أجناس شره فضلا عن آحادها، إذ كل شر في العالم فهو السبب فيه، و لكن ينحصر شره في ستة أجناس:
.... يتبع إن شاء الله: الشرور الرئيسية الستة.
رد: من درر الشيخ ابن القيم في التفسير
الشرور الستة للشيطان
الشر الأول: الكفر و الشرك و معاداة الله و رسوله،
فإذا ظفر بذلك من ابن آدم استراح، و هو أول ما يريد من العبد، فإن يئس منه من ذلك، و كان ممن سبق له الإسلام في بطن أمه، نقله إلى المرتبة الثانية من الشر و هي:
البدعة:
و هي أحب إليه من الفسوق و المعاصي، لأن ضررها متعد و هو ذنب لا يُتاب منه، و هي مخالفة لدعوة الرسل، و دعاء إلى خلاف ما جاءوا به، فإذا نال منه البدعة و جعله من أهلها، صار نائبا له و داعيا من دعاته، فإن أعجَزَ من هذه الرتبة نقله إلى
المرتبة الثالثة: الكبائر، على اختلاف أنواعها
فهو أشد حرصا على أن يوقعه فيها و لا سيما إن كان عالما متبوعا، فهو حريص على ذلك ليُنَفر الناس عنه، ثم يُشَيع من ذنوبه في الناس و يستنيب منهم من يُشَيعُها، تقربا بزعمه إلى الله، و هو نائب إبليس و لا يشعر، فإن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم، هذا إذا أحبوا إشاعتها، فكيف إذا تولوا هم إشاعتَها؟؟ فإن عجز عن هذه المرتبة نقله إلى..
المرتبة الرابعة: الصغائر،
التي إذا اجتمعت فربما أهلكت صاحبها كما قال النبي صلى الله عليه و سلم: "إياكم و محقرات الذنوب فإن مثل ذلك مثل قوم نزلوا بفلاة من الأرض" صحيح ، و ذكر حديثا معناه: أن كل واحد منهم جاء بعود حطب حتى أوقدوا نارا عظيمة فطبخوا. و لا يزال يسهل عليهم أمر الصغائر حتى يستهينوا بها، فيكون صاحب الكبيرة الخائف أحسن حالا منه، فإن أعجزه العبد في هذه المرتبة نقله إلى...
المرتبة الخامسة: إشغاله بالمباحات التي لا ثواب فيها و لا عقاب،
بل عاقبتها فوات الثواب الذي ضاع عليه باشتغاله بها، فإن أعجزه العبد في هذه المرتبة، و كان حافظا لوقته شحيحا به، يعلم أنه مقدار أنفاسه و انقطاعها، و ما يقابلها من النعيم و العذاب؛ نقله إلى
المرتبة السادسة: أن يشغَلَه بالعمل المفضول عن ما هو أفضل منه؛
ليُفَوت ثواب العمل الفاضل، فيأمرَه بفضل الخير المفضول و يحُضه عليه إذا تضمن ترك ما هو أفضل منه، و قَل من ينتبه لهذا من الناس، فإنه إذا راى فيه داعيا قويا إلى نوع من الطاعة، فإنه لا يكاد يقول هذا الداعي من الشيطان، لا فإن الشيطان لا يأمر بخير، و يرى أن هذا خير و لم يعلم أن الشيطان يأمره بشبعين بابا من أبواب الخير، إما ليتوصل بها إلى باب واحد من الشر، و إما ليُفَوتَ بها خيرا أعظمَ من تلك السبعين بابا و أجل و أفضلَ.
و هذا لا يتوصل إلى معرفته إلا بنور من الله يقذفه في قلب العبد؛ يكون سببه تجريد متابعة الرسول و شدة عنايته بمراتب الأعمال عند الله و أحبها لله و أنفعها للعبد، و أعمها نصيحة لله و رسوله و لكتابه و لعباده المومنين خاصتهم و عامتهم، و أكثر الخلق محجوبون و ذلك لا يخطر بقلوبهم.
فإذا أعجزه العبد في هذه المراتب سلط عليه حزبَه من الإنس و الجن بأنواع الأذى و التكفير و التبديع و التحذير منه، ليُشَوش عليه قَلبَه و ليمنَع الناسَ من اللانتفاع به.
فحينئذ يلبس المؤمن لَأمَةَ الحرب و لا يضعها عنه إلى الموت، و متى وضعها أُسرَ و أُصيبَ، فلا يزال في جهاد حتى يلقى الله، فتأمل هذا الفضل و تدبره و اجعله ميزانا لك تزن به نفسك و تزن به الناس و الله المستعان.
... يتبع: الصدر و القلب و الفرق بينهما.
رد: من درر الشيخ ابن القيم في التفسير
الصدر و القلب و الفرق بينهما
و تأمل السر في قوله تعالى: " يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ " و لم يقل< قلوبهم> و الصدر هو ساحة القلب، و هو بمنزلة الدهليز و بيته، فمنه يدخل الواردات إليه فيجتمع في الصدر، ثم يلج في القلب، و من القلب تخرج الأوامر و الإرادات إلى الصدر، ثم تتفرق على الجنود، و مَن فهِم هذا فهم قولَه تعالى: " وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ " آل عمران 154.
فالشيطان يدخل إلى ساحة القلب و بيته و يُلقي ما يريد إلقاءه إلى القلب، فهو موسوِس في الصدر وسوسة واصلة إلى القلب؛ و لهذا قال تعالى: " فوسوس إليه الشيطان " طه120، و لم يقل < فوسوس فيه الشيطان> لأن المعنى أنه ألقى إليه ذلك و أوصله إليه فدخل في قلبه.
و قوله تعالى " مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ "
اختلف الناس في الجار و المجرور، بم تعلق؟,
فقال الفراء و جماعة: هو بيانٌ للناس الموَسوسِ في صدورهم، أي أن الناس الموسوسُ في صدورهم قسمان: إنس و جن، فالوسواس يوسوس للجني كما يوسوس للإنسي، و هذا قول ضعيف جدا لوجوه منها أنه لم يقم دليل على أن الجني يوسوس في صدر الجني و يدخل فيه كما يدخل في الإنس، و الناس اسم لبني آدم فلا يدخل الجن في مسماهم؛
و الصواب القول الثاني و هو أن قوله " من الجنة و الناس " بيانٌ للذي يوَسوِس و أنهم نوعان: إنس و جن، فالجني يوسوس في صدر الإنسي، و الإنسي يوسوس إلى الإنسي، فالموَسوِسُ نوعان إنسي و جني؛
فإن الوسوسةَ هي الإلقاء الخفي في القلب و هذا مشترَك بين الجن و الإنس، و إن كان إلقاء الإنسي و وسوستَه إنما هي بواسطة الأذن، و الجني لا يحتاج إلى الواسطة، لأنه يدخل في ابن آدم و يجري منه مجرى الدم، على أن الجني قد يتمثل و يوسوس إليه في أذنه كالإنس كما روى البخاري عن عائشةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: " إن الملائكة تحدث في العنان - و العنان الغمام - بالأمر يكون في الأرض فتسمع الشياطين الكلمة، فيقرها في أذن الكاهن، كما يقر القارورة، و يزيدون معها مائة كذبة من عند أنفسهم " البخاري 3114.
فهذه وسوسة و إلقاء من الشيطان بواسطة الأذن، و نظير اشتراكهما في هذه الوسوسة اشتراكهما في الوحي الشيطاني قال تعالى: " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً " الأنعام 112.
... يليه إن شاء الله: الحروز العشرة من الشيطان
رد: من درر الشيخ ابن القيم في التفسير
يقول الشيخ ابن القيم رحمه الله،
و نختم الكلام على السورتين في ذكر قاعدة نافعة فيما يعتصم به العبد من الشيطان، و يحترز به منه و ذلك عشرة أسباب:
أحدها :
الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، قال تعالى: " وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " الأعراف 200. و المراد بالسميع هنا سميع الإجابة لا السمع العام فقط.
الحرز الثاني:
قراءة هاتين السورتين، فإن لهما تأثيرا عجيبا في الاستعاذة بالله من شر الشيطان و دفعه، و لهذا قال النبي صلى الله عليه و سلم: " ما تعوذ متعوذ بمثلهما " و كان يتعوذ بهما كل ليلة عند النوم، و أمر عقبة بن عامر أن يتعوذ بهما دبر كل صلاة ". صحيح
و ذكر النبي صلى الله عليه و سلم : أن من قرأهما مع سورة الإخلاص ثلاثا حين يُمسي و ثلاثا حين يُصبح كفته من كل شيء ". صحيح رواه ابو داوود و الترمذي و النسائي
الحرز الثالث:
قراءة آية الكرسي ( ورد في فضلها أحاديث كثيرة صحيحة و أخرى ضعيفة و صح عنه صلى الله عليه و سلم قراءتَه آية الكرسي عند المنام و دبر الصلاة المكتوبة).
الحرز الرابع:
قراءة سورة البقرة؛ ففي الصحيح عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال:( إن البيت الذي تُقرأ فيه البقرة لا يدخله الشيطان) رواه مسلم 780
الحرز الخامس:
خاتمة سورة البقرة؛ فقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال: ( من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه) رواه البخاري 4764 و مسلم 808
الحرز السادس:
أول سورة حم المؤمن إلى قوله تعالى " إليه المصير "[/color] ففي الترمذي في حديث عبد الرحمن بن أأبي بكر بن أبي مليكة عن زرارة بن مصعب عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال" قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( من قرأ حم المؤمن إلى قوله إليه المصير و آية الكرسي حين يصبح حُفظ بهما حتى يُمسي و من قرأهما حين يُمسي حُفظ بهما حتىيُصبح) [color=#FF0000]ضعيف
و عبد الرحمن المليكي و إن كان قد تُكُلم فيه من قبل حفظه فالحديث له شواهد في قراءة آية الكرسي و هو محتمل( أي معناه) على غرابته
الحرز السابع:
لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير، مائة مرة؛ ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: " من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير في اليوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب و كُتبت له مائة حسنة و مُحيت عنه مائة سيئة و كانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك) متفق عليه.
فهذا حرز عظيــم النفع جليل الفائدة يسير سهل على من يسره الله عليه.
الحرز الثامن:
و هو من أنفع الحروز من الشيطان: كثرة ذكر الله عز و جل، و هذا بعينه هو الذي دلت عليه سورة الناس، فإن فيها وصف الشيطان بأنه الخناس؛ والخناس الذي إذا ذكر العبد ربه خنس؛ فإذا غفل عن ذكر الله الْتَقم القلبَ و ألقى إليه الوساوس، فما أحرز العبدُ نفسه من الشيطان بمثل ذكر الله عز وجل.
الحرز التاسع:
الوضوء و الصلاة، و هذا من أعظم ما يتحرز العبد به، و لا سيما عند الغضب و الشهوة، فإنهما نار في قلب ابن آدم
الحرز العاشر:
إمساك فضول النظر و الكلام و الطعام و مخالطة الناس، فإن الشيطان إنما ينال غرضَه من ابن آدم في هذه الأبوب الأربعة،
** فإن فضول النظر يدعو إلى الاستحسان و وقوع المنظور إليه في القلب و الاشتغال به.
** و أما فضول الكلام فإنها تفتح للعبد أبوابا من الشر كلها مداخل للشيطان، فإمساك فضول الكلام يسد عنه تلك الأبواب، و كم من حرب جرتها كلمة واحدة،؛ و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم: " و هل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم؟" حسنه الشيخ الألباني رحمه الله في الإرواء 2/138.
و أكثر المعاصي إنما تولد من فضول النظر و الكلام، و هما أوسع مداخل الشيطان، فإن جارحتيهما لا يملان و لا يسأمان، بخلاف البطن فإنه إذا امتلأ لم يبق فيه إرادة للطعام. و أما العين و اللسان فلو تُركا لم يفتُرا.
و كان السلف يحذرون من فضول الكلام و كانوا يقولون: ما من شيء أحوج إلى طول السجن من اللسان.
** و أما فضول الطعام فهو داع إلى أنواع كثيرة من الشر، فإنه يُحرك الجوارح إلى المعاصي، و يُثقله عن الطاعات، و حسبك بهذا شرا، فكم من معصية جلبها الشبع و فضول الطعام؟
و لو لم يكن في الامتلاء من الطعام إلا أنه يدعو إلى الغفلة عن ذكر الله، فإذا غفل القلب عن الذكر ساعة واحدة غلبه الشيطان، و شهاه و هام به في كل واد، فإن النفس إذا شبعت تحركت، و طافت على أبواب الشهوات، فإذا جاعت سكنت و ذلت.
.... يليه إن شاء الله: فضول المخالطة.
رد: من درر الشيخ ابن القيم في التفسير
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين
الحمد لله أما بعد فيقول الشيخ رحمه الله:
فضول المخالطة و أنواعها
( هذا باب عظيم النفع فالمرجو التنبه له جيدا)
و أما فضول المخالطة فهي الداء العضال الجالب لكل شر، و كم سَلبت المخالطة و المعاشرة من نعمة؟ و كم زرعت من عداوة؟ و كم غرست في القلب من حزازة، ففضول المخالطة يكون بمقدار الحاجة، و يُجعل الناس فيها أربعة أقسام، متى خَلط أحدَ الأقسام بالآخر، و لم يُميز بينهما دخل عليه الشر.
أحدها: من مخالطته كالغذاء و لا يُستغنى عنه في اليوم و الليلة،
فإذا أخذ حاجته منه ترك الخُلطة، ثم إذا احتاج إليه خالطه هكذا على الدوام، و هذا الضرب من الناس أعز من الكبريت الأحمر، و هم العلماء بالله و أمره و مكائد عدوه و أمراض القلوب و أدويتها، و الناصحون لله و لكتابه و لرسوله و لخلقه، فهذا الضرب مَن مُخالطتُهم الربحُ كلُه.
القسم الثاني: من مُخالطتهم كالدواء تحتاج إليه عند المرض، فإذا كنت صحيحا فلا حاجةَ لك في مخالطته،
و هم من لا تستغني عن مخالطتهم في مصلحة المعاش، و قيام ما أنت محتاج إليه في أنواع المعاملات و المشاركات و الاستشارة.
القسم الثالث: من مُخالطتُهم كالداء على اختلاف أنواعه، و قُوَته و ضَعفه
فمنهم من مخالطته كالداء العضال، و من لا تربح عليه في دين و لا دنيا، و مع ذلك فلا بد أن تخسر عليه الدين و الدنيا، أو أحدَهما، فهذا إذا تمكنَت مُخالطتُه و اتصلت فهي مرض الموت المُخوف.
و منهم من مخالطته كوجع الضرس، فإذا فارقك سكن الألم.
و منهم من مخالطته حُمى الربع( و هي حمى تُصيب صاحبها يوما و تدعُه يومين ثم تجيء في اليوم الرابع)، و هو الثقيل البغيض الذي لا يُحسن أن يتكلمَ فيُفيدَك، و لا يُحسن أن يُنصتَ فيستفيد منك، و لا يعرف منزلتَه فيضعها في منزلتها، بل إن تكلم فكلامه كالعصي تنزل على قلوب السامعين، مع إعجابه بكلامه، و إن سكت فأثقل من نصف الرحى العظيمة التي لا يُطاق حملها.
و يذكر الشافعي رحمه الله أنه قال: " ما جلس إلى جنبي ثقيل إلا وجدت الجانب الذي هو فيه أثقل من الجانب الأخر ".
و رأيت يوما عند شيخنا قدس الله روحه رجلا من هذا الضرب، و الشيخ يحمله و قد ضعفت القوى عن حمله، فالتفت إلي و قال: " مجالسة الثقيل حمى الربع، ثم قال: و لكن أدمَنَت أرواحُنا على الحمل، فصارت لها عادة أو كما قال". ( قلت و في هذا بيان خطأ من يتصل بأهل العلم لأجل الصحبو و الرفقة فقط دونما حرص على علم يُنتفع به أو سلوك يُحتدى به فيه، فليحرص طالب العلم أن إذا أراد مخالطة من مُخالطتهم كالغذاء لا يُستَغنى عنهم؛ أن لا يكون لهم حين مُخالطتهم كالثقيل يشق حملُه)
و بالجملة فمخالطة كل مخالف حمى الربع، و من نكد الدنيا على العبد أن يُبتَلى بواحد من هذا الضرب، و ليس له بد من معاشرته و مخالطته، فليُعاشره بالمعروف، حتى يجعل الله فرجا.
القسم الرابع: من مخالطتهم الهَلَك كُلُه و مخالطته بمنزلة أكل السم،
فإذا اتفق لأكله ترياق و إلا فأحسن الله فيه العزاء.
و ما أكثر هذا الضرب في الناس - لا كثرهم الله - هم أهل البدع و الضلالة الصادون عن سنة النبي صلى الله عليه و سلم، الداعون إلى خلافها، فيجعلون البدعة سنة و السنةَ بدعة.
إن جردتَ التوحيدَ قالوا: تنقصت الأولياء الصالحين.
و إن جردت المتابعة للرسول صلى الله عليه و سلم، قالوا: أهدرت الأئمة المتبوعين.
و إن وصفت الله بما وصف به نفسَه، و بما وصفه به رسوله من غير غلو و لا تقصير، قالوا: أنت من المشبهين.
و إن أمرتَ بما أمر الله و رسولُه من المعروف و نهيتَ عن المنكر، قالوا: أنت من المفتنين.
و إن اتبعتَ السنةَ و تركتَ ما خالفها، قالوا: أنت من الملبسين.
و إن تركتَ ما أنت عليه و اتبعتَ أهواءَهم، فأنت عند الله من الخاسرين و عندهم من المنافقين.
فالحزمُ كل الحزم التماسُ مرضات الله و رسوله صلى الله عليه و سلم بإغضابهم، و أن لا تُبالي بذمهم و لا بُغضهم، فإنه عينُ كمَالكَ. كما قال:
و إذا أتتك مذمتي من ناقص ****** فهي الشهادة لي بأني فاضل
و قال آخر:
و زادني حُبا لنفسي بأنني ****** بغيض إلى كل امرئ غير طائل
فمن كان بواب قلبه و حارسَه من المداخل الأربعة التي هي أصل بلاء العالم، و هي فضول النظر و الكلام و الطعام و المخالطة، و استعمل ما ذكرناه من الأسباب التسعة (وهذا الحرز هو العاشر) التي تحرز بها من الشيطان، فقد أخذ بنصيبه من التوفيق، و سد على نفسه باب جهنم، و فتح لها باب الرحمة، و يوشك أن يَحمَد عند الممات عاقبةَ هذا الدواء فعند الممات يحمد العبد التقى، و عند الصباح يحمد القوي السرى، و الله الموفق لا رب غيره و لا إله سواه.
هذا آخر الكلام على السورتين و الحمد لله رب العالمين.
و صلى الله على نبينا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين و على و آله و صحبه .
رد: من درر الشيخ ابن القيم في التفسير
جزاك الله خير وبارك الله فيك
الف شكر لك
مودتي
رد: من درر الشيخ ابن القيم في التفسير
رد: من درر الشيخ ابن القيم في التفسير
[frame="5 98"]
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
~§§ الفلق(مكية)5 §§~
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ{1} مِن شَرِّ مَا خَلَقَ{2} وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ{3} وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ{4} وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ{5}
~§§ الناس(مكية)6 §§~
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ{1} مَلِكِ النَّاسِ{2} إِلَهِ النَّاسِ{3} مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ{4} الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ{5} مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ{6}
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
[/frame]
رد: من درر الشيخ ابن القيم في التفسير
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
رد: من درر الشيخ ابن القيم في التفسير
جزاكم الله خير و بارك الله فيكم
موضوع جدا مفيد
رد: من درر الشيخ ابن القيم في التفسير
جزيت خيرًا أخي الكريم.
ونفع الله بك وبعلمك .