-
هجر القران
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعريف القرآن :
قال القرطبي : القرآن اسمٌ لكلام الله تعالى وهو بمعنى المقروءِ ، ويسمى المقروءُ قُرآناً على عادة العرب ِ في تسميتها المفعولَ باسم المصدرِ ثمَّ اشتُهِر الاستعمالُ في هذا واقترن به العُرفُ الشرعي فصار القرآنُ اسماً لكلام اللهِ وقيل : هو اسم علمٍ لكتاب اللهِ غير مشتقٍّ كالتوراة والإنجيل .
وقال الجُرجاني : القرآن : هو المُنزلُ على الرسول ، المكتوب في المصاحفِ ، المنقول عنه نقلاً متواتراً بلا شبهةٍ .
قال أبو إسحاق النَّحوي : يسمى كلام اللهِ تعالى الذي أنزله على نبيه صلى الله عليه وسلم ، كتاباً وقرآناً وفُرقاناً ومعنى القرآن معنى الجمعِ ، وسمي قرآناً لأنَّهُ يجمعُ السور فيضمُها .
قال الحافظ ابنُ كثير عليه رحمة الله : كان الكفار إذا تُليَ عليهم القرآن أكثروا اللغط والكلامَ في غيرهِ حتَّى لايسمعونه ، فهذا من هِجرانِهِ ، وترك الإيمانِ بهِ ، وتركِ تصديقهِ من هجرانِهِ ، وتركُ تدبُّرِهِ وتفَهُّمه من هِجرانهِ ، وترك العملِ بهِ وامتثالِ أوامرِهِ واجتنابِ زواجِرِهِ من هِجرانهِ ، والعدولُ عنهِ إلى غيرهِ من شعرٍ أو قولٍ أو غناءٍ أو لهوٍ أو كلامٍ أو طريقةٍ مأخوذةٍ من غيرهِ من هِجرانهِ .
هجر القرآن اصطلاحاً :
لم تذكر كُتبُ المصطلحات ( هجر القرآن ) مصطلحاً ويمكنُ في ضوء ما أوردته كتبُ اللغةِ وما ذكرهُ المفسرون أن هجر القرآن له جانبانِ : أحدهما : يتعلَّقُ بالقرآنِ دونَ أخذٍ لهُ ، وهذا صنيع الكفارِ والمنافقين ، والآخرُ يتعلقُ به بعد الإقرارِ بأنَّهُ كلامُ اللهِ الذي لا يأتيهِ الباطلُ من بينِ يديهِ ولا من خلفهِ ، وهذا صنيعُ بعض المسلمين الذينَ لا يقرأُونَ القرآنَ ، أو يقرأُونهُ لا يُجاوزُ حناجِرهُم ، فلا يعملونَ بهِ ، ومن هؤلاءِ صنفٌ يحفظُ القرآنَ أو شيئاً منهُ ثمَّ يهجُرُ القراءةَ حتَّى ينسى ما قد يكونُ حفِظهُ منهُ . وعلى ذلك فإنَّ هجرَ القرآن : هو الإعراضُ عنه أو اللغو فيهِ والقولُ فيهِ بغير الحقِّ – كالزَّعم بأنَّهُ سحرٌ أو شعرٌ ونحو ذلك من سيِّءِ القولِ – وتركُ تلاوتهِ أو العملِ بهِ أو نسيانهُ .
مظاهر هجر القرآن :
لهَجرِ القرآنِ مظاهرُ عديدةٌ منها :
1- القولُ فيهِ بغيرِ الحقِّ ، وهذا صنيعُ الكفَّارِ الذين حُكي عنهم في قولهِ تعالى : ( وقالَ الرَّسُولُ يارَبِّ إِنَّ قومِي اتَّخذُوا هذا القُرءَانَ مَهجُوراً ) .
قال القرطبي : أي قالوا فيهِ غيرَ الحقِّ من أنَّهُ سحرٌ أو شعرٌ .
وقال الطبري يعني قولهُم فيهِ السَّيِّئ منَ القولِ ، فقالوا غيرَ الحقِّ .
2- الإِعراضُ عنِ القُرآنِ واللَّغوُ فيهِ .
وقد ورد هذا المعنى في تفسير الآيةِ السابقةِ ، يقولُ الطبري : وذلكَ أنَّ الله أخبرَ عنهم بأنَّهُم قالوا ( لا تَسمَعُوا لهَذا القُرءَانِ وَالغَوا فيهِ )[فصلت:26] وذلك هجرُهُم إياهُ .
3- تركُ تلاوةِ القرآنُ بالكُليَّةِ ، وهذا المعنى قد أوردهُ القرطبي في تفسير الآية الكريمةِ السابقةِ عندما ذكر : وقيل معنى مهجوراً (( متروكاً )) وما جاء عنِ ابنِ عباسٍ : ( الذي ليس في جوفهِ شَيءٌ من القُرآنِ كالبيتِ الخربِ )) [ الحديث رقم 2] .
4- نسيانُ القرآنِ بعدَ حفظهِ ، وإلى هذا المعنى أشارتِ الآيةُ الكريمةُ : ( وَمَن أَعرَضَ عن ذِكرِي فإِنَّ لهُ مَعِيشَةً ضنكاً ونَحشُرُهُ يومَ القِيامةِ أعمى ..... ) إلى قولهِ تعالى ( كذَلِكَ قَد أتَتكَ آياتُنَا فنَسِيتَهَا وكذلِكَ اليومَ تُنسَى )[طه:124-126] .
5- تركُ العملِ بالقُرآنِ ، ودليلُ ذلك ما رواهُ أبو عُبيدةَ عن أنسٍ مرفوعاً (( القُرآنُ شافِعٌ مُشَفَّعٌ وماحِلٌ مصدَّقٌ ، من جعلَهُ أَمامَهُ قادهُ إلى الجنَّةِ ، ومن جعلَهُ خلفهُ قادهُ إلى النَّارِ ))
ومعنى أن يجعلَ الإنسانُ القُرآنَ خلفهُ أن يهملَ تلاوتَهُ أو العملِ بهِ .
حكم هجر القُرآن :
يختلفُ حكمُ هجر القرآنِ باختلافِ نوعِ الهجرِ ، فإن كانَ الهجرُ بالإعراضِ عنهُ واللَّغوِ فيهِ فهذا كفرٌ صُراحٌ ، وإن كان الهجرُ بمعنى التَّركِ المُؤَدِّي إلى النِّسيان بعدَ الحفظِ فقد ذكرَ ابنُ حجرٍ أنَّهُ من الكبائرِ ، وقال بأنَّ ذلكَ هو ما ذهب إليهِ الرافعي وغيرهُ ، ونقلَ عن بعض العلماءِ أنَّ محَلَّ كونِ نِسيانِ القُرآنِ كبيرةً عندَ من قال بهِ مشروطٌ بأن يكزنَ عن تكاسلٍ وتهاونٍ ، وهذا احتِرازٌ عما لوِ اشتغلَ عنهُ بمرضٍ مانعٍ من القراءةِ ، وعدمُ التأثيمِ بالنِّسيانِ حينئذٍ واضحٌ ، لأنَّهُ مغلوبٌ عليهِ لا اختيار لهُ فيهِ .
أما إذا كانَ الهجرُ متعلقاً بعدم العملِ بهِ فذلكَ معصيةٌ يتوقَّفُ كونُها كبيرةً أو صغيرةً على نوعِ المخالفةِ ذاتها ، وأما إذا كان الهجرُ بمعنى تركُ التلاوةِ ، فإن كانَ يقدِرُ عليها ولم يفعل فهو كالبيتِ الخربِ ، وإن لم يكن قادِراً فإنَّ الله لا يكلفُ نفساً إلا وسعها ، هذا إلا فيما تصِحُّ بهِ صلاتُهُ فإنَّهُ واجبُ على كلِ مسلمٍ ولا يجوزُ تركُهُ بحالٍ .
أنواع هجر القرآن والحرج منه :
هجرُ القرآنِ أنواعٌ :
أحدهما : هجرُ سماعهِ والإيمانِ بهِ والإصغاءِ إليهِ .
والثاني : هجرُ العملِ بهِ والوقوفِ عندَ حلالهِ وحرامهِ وإن قرأَهُ وآمنَ بهِ .
والثالثُ : هجرُ تحكيمهِ والتَّحاكُمِ إليهِ في أُصولِ الدِّينِ وفُرُوعِهِ ، واعتقادِ أنَّهُ لا يُفيدُ اليقينَ وأنَّ أدلَّتَهُ لفظيةٌ لا تُحَصِّل العلمَ .
والرابعُ : هجرُ تدبُّرِهِ وتفهُّمِهِ ومعرفةِ ما أراد المُتكلِّمُ بهِ منهُ .
والخامسُ : هجر الاستشفاءِ والتَّداوي بهِ في جميعِ أمراضِ القُلُوبِ وأدوائِها ، فيطلُبُ شفاءَ دائهِ من غيرهِ ويهجرُ التداوي بهِ ، وكلُّ هذا داخلٌ في قولهِ تعالى ( وقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إنَّ قَومِي اتَّخذُوا هذا القُرءَانَ مهجُوراً )[الفرقان:30] ، وإن كان بعضُ الهجرِ أهونُ من بعض ٍ .
والسَّادسُ : الحرجُ الذي في الصُّدُورِ من إنزالِهِ وكونِهِ حَقَّاً من عندِ اللهِ . وتارةً من جهةِ المتكلمِ بهِ أو كونِهِ مخلُوقاً من بعضِ مخلوقاتهِ أَلَهمَ غَيرَهُ أن تَكَلَّمَ بهِ ، وتارةً يكونُ من جهةِ كفايتهِ وعَدَمِها وأنَّهُ لا يكفي العبادِ ، بل هم مُحتاجونَ معهُ إلى المعقُولاتِ والأقيسةِ أو الآراءِ أو السِّياساتِ . وتارةً يكونُ من جهةِ دلالتِهِ وما أُرِيدَ بهِ حقَائِقُهُ المفهُومَةُ منهُ عند الخطابِ ، أو أُريدَ بهِ تأوِيلُها وإخرَاجُها عن حقائِقِها إلى تأويلاتٍ مُستكرَهةٍ مُشترَكَةٍ . وتارةً يكونُ من جهةِ كونِ تلكَ الحقائقِ وإن كانت مُرادَةٌ ، فهي ثابِتَةٌ في نفس الأمرِ أو أوهمَ أنها مُرَادةٌ لِضَربٍ من المصلحةِ .
فكلُ هؤلاءِ في صُدُورِهم حرجٌ من القرآنِ ، وهم يعلمون ذلكَ في نفُوسِهِم ويجدُونهُ في صُدُرِهم . ولا تجدُ مُبتَدِعاً في دينهِ قَطُّ إِلاَّ وفي قلبهِ حرجٌ من الآياتِ التي تُخالِفُ بدعَتِهُ . كما إنكَ لا تجِدُ ظالماً فاجراً إلا وفي صدرهِ حرجٌ من الآياتِ الَّتي تحُولُ بينهُ وبين إرادتِهِ . فتدبَّر هذا المعنى ثُمَّ ارضَ لِنَفسِكَ بما تشاءُ .
-
مشاركة : هجر القران
:sm5: بارك الله فيك اخى العزيز كرم وجعله الله فى ميزان حسناتك:sm5:
-
مشاركة : هجر القران
:sm5: مشكوره على المرور تحياتى :sm5:
:sm113: مع ارق التحية :sm113:
-
مشاركة : هجر القران
[align=center]الله يعطيك العافيه ..وجعله في موازين حسناتك ..[/align]
-
مشاركة : هجر القران
مشكوررررررررررر تحياتى
مع ارق التحية
تقبل مـــــــــــودتى
-
رد: هجر القران
[align=center]جزاك الله خيرا[/align]