الأسباب العشرة لمحبة الله عز وجل

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

السبب الأول:قراءة القران بالتدبر والفهم لمعانيه وماأريد به,كتدبر الكتاب الذي يحفظه العبد ويشرحه ليتفهم مراد صاحبه منه.
ولأن القران هو الدال على الله وعلى محاب الله ,فلا جرم أن كانت محبته هي طريق القلب والعقل لمعرفة الله ومايحبه الله ,فمنه تعرف صفات الله وأسمائه,ومايليق به ويتنزه عنه ,وماأمر به ومانهى عنه من الشرائع المفصله الموصله الى محبته ورضاه.فهذا رجل من أصحاب النبي استجلب محبة الله بتلاوة سوره واحده وتدبرها ومحبتها,هي سورة الاخلاص التي فيها صفة الرحمن جل وعلا فظل يرددها في صلاته, وقال النبي :(أخبروه أن الله يحبه).
وقال الحسن بن علي :(إن من كان قبلكم رأو القران رسائل من ربهم ,فكانوا يتدبرونها بالليل , ويتفقدونها في النهار)(1)*.
وأفضل وسائل كمال الانتفاع بالقران هي القاعدة الجليلة التي ذكرها الإمام ابن قيم الجوزيهحيث قال:(اذا أردت الإنتفاع بالقران فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه,وألق سمعك,واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحان, منه إليه,فإنه خطاب لك على لسان رسوله ,قال تعالى:(إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب,أو ألقى السمع وهو شهيد)
(سورة ق:37).
وقد ذكر الإمام النووي الاداب عند تلاوة القران وهنا أذكر بعضها**:
1)الإخلاص في القراءة واستحضار مناجاة الله سبحانه وتعالى.
2)استخدام السواك أو مايقوم مقامه.
3)القراءة على طهارة ويجوز للمحدث إن كان من حفظه.
4)استحباب استقبال القبلة.
5)الإستعاذة قبل بدأ القراءة.
6)استجماع الهمه للخشوع والتدبر عند القراءة.
7)استشعار خشية الله والخوف منه عند القراءة.
8)القراءة بالترتيل.
9)استحباب رفع الصوت عند القراءة.
10)تحسين الصوت بالقراءة.

خطورة هجر القران:
إذا كان الوصال وحسن الصحبة من أسباب المحبة فالهجرمن الأسباب الجالبة لبغض الله سبحانه وتعالى. وقدذكر الامام ابن القيم هجر القران:
1)هجر سماعه والايمان به والاصغاء إليه.
2)هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه.
3)هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه.
5)هجر تدبره وتفهمه ومعرفة مراد المتكلم منه
6)هدر الاستشفاء به من امراض القلوبوأدوائها.
وكل هذا داخل في قول الله تعالى:(وقال الرسول ياربي إن قومي اتخذوا هذا القران مهجورا)(الفرقان 30).
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وسلم.
_________________________ __________ ____________________
(1)التبيان في اداب حملة القران للإمام للنووي.ص28.
*مرجعي في هذا البحث كتاب شرح الأسباب العشرة للشيخ عبدالعزيز مصطفى وقد تطرقت لبعض الفوائد واختصرت بعض الكلام والا فالفوائد كثيرة في والكتاب غني بالفوائد والنصوص
التي يطول المقام بذكرها.
**ذكرت أهم الأداب في نظري المتواضع.

يتبع

السبب الثاني:التقرب إلى الله تعالى بالنوافل بعد الفرائض,فإنها موصلة الى درجة المحبوبية بعد المحبة.
فمؤدي الفرائض كامله محب لله تعالى ومؤدي النوافل محبوب من الله عزوجل وخير دليل على هذا مارواه عن ربه حيث قال عزوجل:(وماتقرب الي عبدي بشيء أحب الي مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه,فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به,وبصره الذي يبصر به,ويده التي يبطش بها, ورجله التي يمشي بها,وإن سألني لأعطينه وإن أعاذني لأعيذنه)رواه البخاري.
والنوافل المتقرب بها الى الله تعالى هي زيادات على الفرائض كالصلاة والزكاة والصيام والحج والعمرة ولعلنا نذكر بعض الأمثله منها:
1)الصلاة:وقد ذكر الشيخ عبدالعزيز مصطفى وفقه الله أنها ثلاثة أقسام :سنن,مستحبات,تطوعات(1).
فالسنن كالسنن الرواتب والمستحبات كالوتر والضخى والتطوعات كصلاة ركعتين قبل المغرب.
2)الصيام:وقد قسم عليه التقسيم السايق ذكره في الصلاة.
فالسنن كصيام الاثنين والخميس وصيام عرفة لعير الحاج والست من شوال ويوم عاشوراء والأيام البيض*.
والمستحبات كصيام ثلاث أيام من كل شهر.
والتطوعات وهي التنفل المطلق الصيام.
هذا هو السبب الثاني والله أسأل تيسير إعداد بقية الأسباب.
_________________________ __________ ________
(1)قال الشيخ عبدالعزيز مصطفى حفظه الله:افمانقل عن الرسولصلى الله عليه وسلم الموظبة عليه فهو سنة مؤكده مالم يتقل عنه عليه الصلاة والسلام المواظبه عليه فهومستحب أما يتنفل به في عير الأحوال والأيام المنهي عنهامن النوافل المطلقه فهي التطوعات.
*يرى جمع من أهل العلم ضعيف حديث صيا م الأيام البيض وقد سألت عنه الشيخ حاتم العوني حفظه الله فأجاب بضعفه .

يتبع

السبب الثالث:



[دوام ذكره على كل حال ,باللسان والقلب والعمل والحال,فنصيبه من المحبة على قدر نصيبه من هذا الذكر]

ذكر الله تعالى هو شعار المحبين, (إن الله عز وجل يقول:أنا مع عبدي ماذكرني وتحركت بي شفتاه)(1)فصاحب الأذكار مذكور عند الله بالثناء والمحمدة والمحبة,وموعود بالمغفرة والأجور العظيمة. قال فعالى:(فاذكروني أذكرني)(2)وقال سبحانه( والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما)(3).
وقد وردت النصوص الكثيره في الوحيين في فضل الذكروالثناء على الذاكرين بل علق الفلاح على استدامة الذكر,قال تعالى:(واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون),والذكر قرين الأعمال فهو قرين الصلاة قال تعالى:(وأقم الصلات لذكري)(4),وهو قرين الحج,قال تعالى:(فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم اباءكم أو أشد ذكرا)(5),وقرين الجهاد ,قال تعالى:(ياأيا لذين امنوا اذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون)(6),وإضافته الى باقي الاعمال يزيد الأجر والثواب.
وترك الذكر من علامات الحرمان والغفلة,قال تعالى:(ولا تكن من الغافلين)(7),والرابح هو الموفق لذكر الله,قال تعالى:(ولذكر الله أكبر والله يعلم ماتصنعون)(8),وقد ذكر المفسرون في هذه الاية أقوالا:
الاول :ذكر الله أكبر الطاعات فهو أفضل الطاعات.
الثاني:أنكم إذا ذكرتموه ذكركم وكان ذكره لكم أكبر من ذكركم له.
الثالث:أنه أكبر من أن يبقى معه فاحشه ومنكرفهو يمحق كل خطيئه.
الرابع:أن في الصلاة أمرين عظيمين ,أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر وأنها مشتمله على ذكر الله,وماتضمنته من الذكر اكبر,قال ابن القيم :لا تعارض بين هذه الأقوال فهي من باب اختلاف التنوع لا التضاد.
أنواع الذكر:
1)تلاوة القران, وهو أفضل الذكر.
2)التسبيح والتحميد والتهليل والإستغفار والتكبير.(9)
3)الصلاة على النبي.
4)الأذكار الموظفه:وهي الأذكار المخصوصه مقسمة على أحوال اليوم والليلة.
وقد سئل الأمام ابن الصلاحعن القدر الذي يصير به من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات,فقال:(إذا واظب على الأذكار المبثوثه المثبته صباحا ومساءا,وفي الأوقات والأحوال المختلفه في ليل العبد ونهاره ,وهي مبينه في كتاب عمل اليوم والليله كان من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات).(10)
هذا ماتيسر ايراده وقد ذكر الشيخ عبد العزيز وفقه الله الكثير من الفوائد لم اذكرها بغية الاختصار وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وسلم.
_________________________ __________ _________________________ __________ __________________
(1)صحيح ابن ماجه(93792)(317\2)
2)البقره 152.
3)الأحزاب 35.
4)طه14.
5)البقره198.
6)الأنفال 45.
7)الأعراف205.
8)العنكبوت 45.
9)وقد شرح الشيخ كل واحدة على حده يرجى الرجوع للكتاب.
10)فتاوى ومسائل ابن الصلاح.

السبب الرابع:



إيثار محابه على محابك عند غلبات الهوى,والتسنم إلى محابه وإن صعب المرتقى.
وهذا السبب يحتاج الى شرح وخير من يشرح هذا الكلام الإمام ابن القيم رحمه الله حيث قال :
إيثار رضى الله عز وجل على غيره: هو أن يريد ويفعل ما فيه مرضاته ولو أغضب الخلق وهي درجة الأنبياء وأعلاها للرسل عليهم صلوات الله وسلامه وأعلاها لأولى العزم منهم وأعلاها لنبينا وعليهم
(

فإنه قاوم العالم كله وتجرد للدعوة إلى الله واحتمل عداوة البعيد والقريب في الله تعالى وآثر رضى الله على رضى الخلق من كل وجه ولم يأخذه في إيثار رضاه لومة لائم بل كان همه وعزمه وسعيه كله مقصورا على إيثار مرضاة الله وتبليغ رسالاته وإعلاء كلماته وجهاد أعدائه حتى ظهر دين الله على كل دين وقامت حجته على العالمين وتمت نعمته على المؤمنين فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده وعبد الله حتى أتاه اليقين من ربه فلم ينل أحد من درجة هذا الإيثار ما نال صلوات الله وسلامه عليه .
ويبرز من كلام ابن القيم أن إيثار محاب الله عز وجل على محاب غيره تتجلى في ثلاثة أمور:
1)قهر هوى النفس:
قال ابن عبدالقوي رحمه الله في منظومة الاداب:
وفي قمع أهواء النفس اعتزازها
وفي نيلها ما تشتهي ذل سرمدي
والهوى المذموم هو الميل إلى كل باطل ومحرم.
والسبيل العملي لمجاهدة المحرم يدلنا عليه الامام ابن الجوزي حيث ذكر سبعة أشياء تعين على مجاهدة هوى النفس وهي:
الأول:التفكر في أن الإنسان لم يخلق للهوى العاجل,وإنما للنظر في العواقب والعمل الاجل.
الثاني:أن يتفكر في عواقب الهوىفكم أفات من فضيله,وأوقع في رذيلة.
الثالث:أن يتصور انقضاء غرضه من هواه,ثم يتصور الأذى الحاصل عقب هذه اللذه.
الرابع:أن يتصور ذلك في حق غيره,ثم يتلمح عاقبته بفكره,فإنه سيرى مايعلم به عيبه اذا وقف في ذلك المقام.
الخامس:أن يتفكر فيما يطلبه من اللذات,فإنه سيخبره العقل أنه ليس بشيء وانما عين الهوى العمياء.
السادس:تدبر عزة الغليه وذل القهر.
,ومامن أحد غلب هواه الا أحس بقوه وعز ,وما من أحد غلبه هواه إلا وجد في نفسه ذل القهر.
السابع:التفكر في فائدة المخالفه للهوى,من الذكر الجيل في الدنيا,وسلامة النفس والعرض والأجر في الاخره.(1)
وهذا السبب يطول الكلام فيه وللحديث بقيه إن شاء الله.
_________________________ __________ _____________________
(1)ذكرتها باختصار ولمن أراد الاستزاده عليه بكتاب ذم الهوى لابن الجوزي ص19-20.

تتمة السبب الرابع



وبعد أن تكلمنا عن الأمر الأول وهو قهر هوى النفس نذكر الان الأمر الثاني وهو مخالفة هوى الناس:
وذلك بعدم الإنحراف معهم والإنجراف وراء رغائبهم فيما لا يوافق الحق, بل يؤثر المؤمن مايحبه الله على مايحبه الناس سواء كان ذلك لنفسه أو للناس.وهذا يحتم عليه أن يكون داعيا الى الخير الذي يعلمه امرا بالمعروف ناهيا عن المنكر,فالقيام بذلك مع نشر العلم الصحيح بعد تحصيله لهو من أكبر محاب الله.قال تعالى:( وكذلك نفصل الايات ولتستبين سبيل المجرمين)(1)والداعي الى الله موكول بتبيين السبيلين على حسب ما تعلم من الشريعة.
وقال تعالى لنبيه:(ولا يصدنك عن ايات الله بعد اذ أنزلت إليك وادع إلى ربك ولا تكونن من المشركين)(2).أي لا تتأثرلمخالفتهم لك ,وصدهم الناس عن طريقك,ولا تلوي على ذلك ولا تباله فإن الله معك معل كلمتك ومؤيد دينك,ومظهر ماأرسلك به على سائر الأديان(3).
كتب رجل إلى داود الطائي يطلب منه الموعظة فكتب اليه:أما بعد ,فارض من الدنيا باليسير مع سلامة دينك,كما رضي أقوام بالكثير مع ذهاب دينهم.والسلام(4).
الأمر الثالث:مدافعة الشيطان ومجاهدة أولياءه:
فمحبة الله والانقياد للشيطان ضدان , وعداوة الشيطان هي العداوة المطلقة قال تعالى:(إن الشيطان لكم عدو,فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير)(5)وأمامجاهدة أولياء الشيطان فلا شك أن محبة الله تعالى من علاماتها قتال أعداء الله وألا يخاف في ذلن لومة لائم(*.
_________________________ __________ _________________________ _
1)الأنعام :55
2)القصص:87
3)تفسير ابن كثير(3/389)
4)ذم الهوى ص 499.
5)فاطر :6
*وقد أطال الشيخ عبد العزيز الكلام عن الجهاد فيرجع اليه ص 80_83..
2)

بارك الله فيك وجزاك كل الخير
مع الشكر والتقدير

مشكور
على هذه المشاركة الجميلة
......................... ..............

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

السلام عليكم..
موضوع رائع جدا..بارك الله فيك