بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إبليس تُضلِّهُ فلسفتُه
إنه مما قد يجني على المرء أحيانًا هو فكره وحركته واختياره، وهي التي ينشد بها التوصُّل إلى هدفه.. والاقتراب من غايته..!!
وهذا يعود إلى أن ذلك لم يكن نابعًا من نيةٍ سليمة, ولا رؤيةٍ مستقيمة، بل هو متولّدٌ من هوىً دفين، أو نفسٍ مريضة..
تفسيرُ ذلك:
أن المرء قد يندفع إلى أموره بدافعِ فلسفةٍ خاصةٍ لديه, أو يتحركُ بباعثٍ فكريٍّ معين دون أن يُدرِكَ أنه كان قائده نفسه.. والحافز لهُ هُواه.
فتكون العاقبة عندئذٍ وبالاً عليه.. وحسرةً تخرج منه إليه، وندامةً يغدو معها كئيبًا كاسف الشعور، يدعو على نفسه بالهلاك والثبور..
وهذا ما حدث بالذات للطائش المغرور.. والأحمق المغرور إبليس اللعين, قمّة العصيان والشرور.. فطردهُ الله وأخزاه, وأبعده عن جنّته وحِماه..
والذي جنى على إبليس هي نفسه المريضة.. وفلسفته المهيضة.. فتخبّط وضلّ, وزلّ وأزلّ وابتعد عن الحق واليقين ,وانبرى مزهواً يقول لله
رب العالمين (َ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) ثم راح يجاهر خالقه بالمخالفة.. ويبارزه بالعصيان، وجعل يتفلسف بحمقٍ,
ويوضّح حيثية أفضليته بعَنجهيّة وخرقٍ , وهو لا يعي ما يقول.. ويصرخ كالمخبول أنت حرقتني ومن النار خلقتني..
وقد أخفى وراءه فلسفته الكاذبة وغروره.. وخبّأ في صدره حقده وشروره، وظنّ –ويحه ما أجهله- أنه بذلك يستطيع أن يستر حقيقته عن مولاه..
ويُخفي هواه عن الذي خلقه وبراه.. وكان خيرًا له ألف مرّة لو سلّم لله الحكيم أمرَه، وأخضع له جهره وسرّه، ولكن أبت نفس إبليس
إلاّ أن تُظهِرَ معدنها الخسيس..
من أجل ذلك جعلهُ الله عبرةً للخلق يميزون به بين الباطل والحق.. فلا يضلّون كما ضلّ ولا يذلّون كما ذلّ.. ولا ينحرفون عن صراط الله
المستقيم , فيغضب الله عليهم إلى يوم الدين..
ومن أجل ذلك أيضًا أنظرَهُ الله العليم إلى يوم يبعثون وقال له: ( فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ) (وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)
المصدر:..موقع الشيخ عبد الهادي بدلة
مواقع النشر (المفضلة)