الكلمة الطيبة
واحة لا تعرف الذبول..
أين نحن من هذه الواحة الخضراء
و ظلالها الوارفة ، و أنهارها الجارية ،ونسيمها العليل ؟
أين نحن من أزهارها الفواحة بأطيب الشذا
و عصافيرها الشادية بأجمل الألحان ..
الكلمة الطيبة صدقة هكذا يتصدق أحدنا بكلمة ، و الصدقة تطفىء الخطيئة
كما يطفىء الماء النار
أي فضل عظيم في هذه الواحة الجميلة ؟!..
( أتقوا النار ولو بشق تمرة ..فإن لم تجد ..فبكلمة طيبة )..
كلمة طيبة ؟..
نعم ، كلمة طيبة يمكن أن تقيك لفح النار يوم القيامة .
واحة لا تعرف الذبول ، ودين يدعو إلى سمو الإنسان عن رذائل
الأقوال و الأفعال ، وفضل عظيم من العظيم الكريم ..
ما بال الكلمة الطيبة تحظى بهذا الاهتمام العظيم ؟
من حج هذا البيت ، ولم يرفث ، ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم
ولدته أمه .
ما علاقة هذا الحديث بالكلمة الطيبة ؟
أن العلاقة تأتي من جملة ( لم يرفث ) أي : لم يقل قولاً فاحشاً
فالرفث في اللغة:الفحش من القول ،تقول منه :رَفَثَ الرجل
و أرفث ،أي:قال قولاً فاحشاً.
وإذا لم يرفثِِ الحاج في قوله ،فقد التزم بالكلمة الطيبة
فهي ذات أثر كبير في قبول الحج ،ومغفرة الله سبحانه وتعالى
لصاحبها ،ألم أقل لكم :إنها واحة لا تعرف الذبول ؟.
( الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) ما أعظمه من جزاء !!
وما الحج المبرور يا ترى ؟
روى الحاكم في مستدركه ، وأورده ابن رجب في لطائفه
عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما –
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن بر الحج ما يعني
فقال : ( إطعام الطعام ،وطيب الكلام )..
علاقة حميمة بين الحج و طيب الكلام ، كالعلاقة الحميمة
بين الصلاة و طيب الكلام؛لأن الصلاة كلها قرآن و ذكر و دعاء
و تسبيح و تحميد ،
وكالعلاقة بين الصيام و طيب الكلام ؛لأن الصيام لا يتم
إلا بحبس اللسان عن القول السيىء : ( من لم يدع قول الزور و العمل به
فليس بالله حاجة إلى أن يدع طعامه و شرابه ).
نعم ،صائم لله لا يليق به إلا الكلام الطيب ..
وكالعلاقة بين الزكاة و طيب الكلام
( لا تبطلوا صدقاتكم بالمن و الأذى ) البقرة 264..
وهل يكون المن إلا باللسان ،يمن صاحب الصدقة
فريضة كانت أم نافلة ،فيؤذي شعور المحتاج إليها ..
الكلمة الطيبة واحة لا تعرف الذبول ..
و يؤكد لنا أنس نفسه أنه خدم الرسول صلى الله عليه وسلم
عشر سنين فما قال له :أف ولا :لم صنعت ،ولا :ألا صنعت ؟
يا لها من مدرسة عظيمة في تعليمنا ( الكلمة الطيبة )..
هذه عائشة – رضي الله عنها – تقول : دخل رهط على رسول الله
فقالوا:السام عليكم ،قالت:ففهمتها ، فقلت : وعليكم السام و اللعنة .
فقال عليه الصلاة و السلام ( مهلاً يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله )
فقلت:يا رسول الله أو لم تسمع ما قالوا ؟ قال ( قد قلت و عليكم )..
سئل الرسول : أي الإسلام خير ؟
قال : تطعم الطعام.
وتقرأ السلام على عرفت ومن لم تعرف .
السلام ؟ هل هنالك أطيب من هذه الكلمة المباركة .
( اللهم أنت السلام ،ومنك السلام ،تباركت يا ذا الجلال و الإكرام )..
أرأيتم منزلة الكلمة الطيبة في ديننا الحنيف ؟
السلام الذي يعني الأمن و الاطمئنان والمحبة و المودة ويعني
الرغبة في الخير و الوئام و ينفي نية السوء وقصد الشر
يأمرنا الرسول عليه الصلاة و السلام أن نبذله لمن عرفنا ومن لم نعرف..
كلمة طيبة تلازم المسلم الحق في حياته كلها ..
كان أفضل الخلق يسلم على الصبيان ،يملأ نفوسهم بالاطمئنان
وصدورهم بالحب و يربيهم على السلام والطيب من الكلام ..
ماذا نكتب و ماذا ندع ؟ واحة لا تعرف الذبول ...
وفق الله الجميع لخيري الدنيا والأخره
مواقع النشر (المفضلة)