بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فالأدب إجتماع خصال الخير في العبد-ومنه المأدبة، وهي الطعام الذي يجتمع عليه الناس.
وعلم الأدب هو علم إصلاح اللسان والخطاب، وإصابة مواقعه، وتحسين ألفاظه، وصيانته عن الخطأ والخلل، وهو شعبة من الأدب العام.
وهو ثلاثة أنواع:
- أدب مع الله سبحانه.
- أدب مع رسوله صلى الله عليه وسلم وشرعه.
- أدب مع خلقه.
والأدب مع الله ثلاثة أنواع:
1- صيانة معاملته: أن يشوبها بنقيصة.
2- صيانة قلبه: أن يلتفت إلى غيره.
3- صيانة إرادته: أن تتعلق بما يمقتك عليه.
والأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم رأسه كمال التسليم له، والإنقياد لأمره، وتلقي خبره بالقبول والتصديق، دون أن يحمله معارضة خيال باطل، يسميه معقولا، أو يحمله شبهة أو شكا، أو يقدم عليه آراء الرجال، وزبالات أذهانهم، فيوحده بالتحكيم والتسليم، والإنقياد والإذعان. كما وحد المرسِل سبحانه وتعالى بالعبادة والخضوع والذل والإنابة والتوكل.
ومن الأدب معه: أن لا ترفع الأصوات فوق صوته فإنه سبب لحبوط الأعمال، في الظن برفع الآراء ونتائج الأفكار على سنته وما جاء به.
ومن الأدب معه: أن لا يجعل دعاءه كدعاء غيره، وفيه قولان للمفسرين:
أ- أنكم لا تدعون بإسمه كما يدعو بعضكم بعضا، بل قولوا: يا رسول الله، يا نبي الله.
ب- أن المعنى لا تجعلوا دعاءه لكم بمنزلة دعاء بعضكم بعض إن شاء أجاب وإن شاء ترك.
ومن الأدب معه: أنهم إذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهب أحد منهم مذهبا في حاجته حتى يستأذنه.
ومن الأدب معه: أن لا يتشكل قوله، بل تتشكل الآراء لقوله, ولا يعارض نصه بقياس.
وأما الأدب مع الخلق: فهو معاملتهم -على اختلاف مراتبهم- بما يليق بهم، فلكل مرتبة وأدب. والمراتب فيها أدب خاص، فمع الوالدين أدب خاص، وللأب منهما أدب هو أخص به، ومع العالم أدب آخر. ومع السلطان أدب يليق به. وله مع الأقران أدب يليق بهم. ومع الأجانب أدب غير أدبه مع أصحابه وذوي أنسه. ومع الضيف أدب غير أدبه مع أهل بيته.
ولكل حال أدب: فللأكل آداب، وللشرب آداب، وللركوب والدخول والخروج والسفروالإقامة والنوم آداب، وللبول آداب، وللكلام آداب، وللسكوت والإستماع آداب.
وأدب المرء عنوان سعادته وفلاحه، وقلة أدبه عنوان شقاوته وبواره. فما استجلب خير الدنيا والآخرة بمثل الأدب، ولا استجلب حرمانها بمثل قلة الأدب. وتأمل أحوال كل شقي ومغتر ومدبر: كيف تجد قلة الأدب هي التي ساقته إلى الحرمان ؟
بعض أقوال السلف في الأدب:
قال أبو علي: من صاحب الملوك بغير أدب أسلمه الجهل إلى القتل.
وقال ابن المبارك: نحن إلى قليل من الأدب أحوج منا إلى كثير من العلم.
وسئل الحسن البصري رحمه الله عن أنفع الأدب، فقال: التفقه في الدين، والزهد في الدنيا، والمعرفة بما لله عليك.
مواقع النشر (المفضلة)