بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ان الله تبارك و تعالي لميكن يهمل الخلق بعد ان خلق، و لميتركه سُدي بل كان يسيره بعد الخلق من بدء القابلية و الاستعداد الي قصوي غاية الكمال من الفعلية و التمامية؛ كل شيء بحسبه، وهداه الي ما فطره و ركزه فيه من القوي الي نهاية مسيره بالتكوين و التشريع؛ و اعطي كل شيء مايحتاج اليه بحسب حاجته الفطرية و غريزته الطبيعية و يرزقه بلافتور و لاتعب في سبيل ما اودعه في جبلّته و هويّة وجوده و كينونة تحققه.
اما تنظر الي ما اجاب به موسي فرعون حين ساله و اخاه هارون عن ربهما بقوله: ربنا الذي اعطي كل شيء خلقه ثم هدي[19]
و هذا جواب تام كامل شامل قد اُدرج فيه لزوم الهداية بعد اعطاء كل هويّة ما يحققها من الوجود و افاضة كل ماهيّة ما تستحقها من الآثار.
و بهذه المثابة قوله عزّ من قائل: سبح اسم ربك الاعلي- الذي خلق فسوّي- و الذي قدّر فهدي[20]
فسبحان من يُتّم امرُه كلَ شيء و في كل شيء و سبحان من اطبق امره علي خلقه و تشريعه علي تكوينه.
كان الناس امة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين و منذرين و انزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه[21]
رسلا مبشرين و منذرين لئلا يكون للناس علي الله حجة بعد الرسل.[22]
فسبحان من ارسل الرسل و انزل الكتب و الموازين كي لايتعدي الانسان قدره و لايتجاوز عن حده:
لقد ارسلنا رسلنا بالبينات و انزلنا معهم الكتاب و الميزان ليقوم الناس بالقسط[23]
و لايقول احد: ربنا لولا ارسلت الينا رسولا فنتبع آياتك من قبل ان نذل و نخزي.[24]
و المحصل من الكلام ان الدين القويم هو المتخذ من الفطرة الالهية و ما من قاعدة اوحكم كلي او جزئي الا مندرجة تحتها مصلحة كاملة بلاتضاد ولاتباين بين سنة التكوين و التشريع، بل التشريع مويِّد و مسدد للتكوين و موجب لتحريك الانسان الساذج من منازل الاستعداد و مراحل القابلية الي كماله الغائي و تمامه النهائي.
فاقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لاتبديل لخلق الله ذلك الدين القيم و لكن اكثر الناس لايعلمون[25]
و علي الاخص شريعة سيدنا محمد صلياللهعليهوآلهوسلم، النور المشرق و الروح المكمل، مزكّي النفوس و مطهرها و التالي لآيات الله و مبينها و معلم الكتاب و الحكمة و مخرج الناس من الظلمات الي النور باذن ربه و السراج المضيء.
مواقع النشر (المفضلة)