+ الرد على الموضوع
صفحة 1 من 5 1 2 3 4 5 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 5 من 23
  1. #1
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    52
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4400

    Icon3 ملف القران الكريم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



    القرآن الكريم نعمة السماء إلى الأرض، وحلقة الوصل بين العباد وخالقهم، نزل به الروح الأمين، على قلب رسوله الكريم بالحق ليكون للعالمين نذيراً، وهادياً ونصيراً، قال تعالى: { يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا } (النساء: 174)


    وكيفية نزول القرآن على خير خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم من الأمور التي تستوقف المؤمن وتلح عليه بالسؤال، كيف نزل القرآن الكريم، وما هي المراحل التي استغرقها نزوله، وهل نزل جملة واحدة، على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم أم نزل على فترات متباعدة. في هذا المقال نحاول أن نتلمس الإجابة عما أثرناه من أسئلة، فنقول:

    الذي عليه أهل العلم أن القرآن الكريم نزل من عند الله سبحانه وتعالى على قلب رسوله على فترات متقطعة، ولم ينزل عليه جملة واحدة. وقد كان كفار قريش يتشوفون إلى نزوله جملة واحدة، كما أخبر عنهم الله تعالى، فقال: { وقال الذين كفروا لولا نزِّل عليه القرآن جملة واحدة } (الفرقان:32) إلا أن الله سبحانه - وهو أعلم بما هو أوفق لرسالته وأصلح لعباده - أراد أن ينـزل القرآن مفرقاً؛ وذلك لحِكَم متعددة، منها ما ذكره سبحانه في الآية نفسها، فقال: { كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً } (الفرقان:32) فتثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم كان حكمة بالغة من الحِكَم الذي نزل لأجلها القرآن مفرقاً .

    ومن الآيات التي تبين أن القرآن نزل على نبينا صلى الله عليه وسلم مفرقاً - إضافة للآية السابقة - قوله تعالى: { وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا } (الإسراء:106) وفي هذه الآية حكمة أخرى من نزول القرآن مفرقاً، وهي نزوله على تمهل؛ ليكون ذلك أدعى إلى فهم من يسمعه ويستمع إليه .

    أما عن القدر الذي كان ينزل من القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فالصحيح الذي دلت عليه الأحاديث أنه كان ينزل على حسب الحاجة أو الواقعة، فقد كان ينـزل عليه خمس آيات أو عشر أو أكثر من ذلك أو أقل، وربما نزل عليه آية واحدة أو بعض آية. وقد صح في الحديث المتفق عليه نزول آيات قصة الإفك جملة واحدة، وهي عشر آيات من قوله تعالى: { إن الذين جاؤوا بالإفك } إلى قوله تعالى { ولولا فضل الله عليكم ورحمة وأن الله رؤوف رحيم } (النور:11-20) .

    وصح في الحديث نزول بعض آية عليه صلى الله عليه وسلم، كما ثبت في الصحيح من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أنه قال: لما نزل قوله تعالى: { لا يستوي القاعدون من المؤمنين } (النساء:95) دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم زيداً فكبتها، فجاء ابن أم كلثوم فشكا ضرارته، فأنزل الله: { غير أولي الضرر } (النساء:95) رواه البخاري .

    أما عن كيفيات نزول الوحي عليه صلى الله عليه وسلم فقد ذكر العلماء لذلك عدة كيفيات، نذكر منها ما يلي:

    - أن يأتيه الوحي مثل صلصلة الجرس وهو أشد ما يكون عليه، كما ثبت عند البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن الحارث بن هشام رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كيف يأتيك الوحي، فقال: ( أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال ) قالت عائشة رضي الله عنها: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، فيفصم عنه، وإن جبينه ليتفصد عرقاً. و"الصلصلة" كل صوت له طنين، وقوله "فيفصم" أي يُقلع وينجلي .

    - وقد يأتيه الوحي بصورة رجل يلقي إليه كلام الله، كما في الحديث السابق عند البخاري، وقد سئل صلى الله عليه وسلم عن كيفية الوحي، فقال: ( وأحيانا يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول ) فإن المَلَك قد تمثل رجلاً في صور كثيرة، ولم ينفلت منه ما أتاه به، كما في قصة مجيئه في صورة دُحية الكلبي وفي صورة أعرابي، وغير ذلك من الصور، وكلها ثابتة في الصحيح .

    - وقد يأتيه الوحي بطريق كلام الله في اليقظة، كما في حديث الإسراء الطويل، الذي رواه البخاري في "صحيحه" وفيه: ( فلما جاوزتُ نادى منادٍ: أمضيتُ فريضتي وخففتُ عن عبادي ) .

    والأمر المهم في هذا السياق، الذي يجب اعتقاده والإيمان به، أن جبريل عليه السلام نزل بألفاظ القرآن المعجزة من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الناس، وأن تلك الألفاظ هي كلام الله سبحانه، لا مدخل لجبريل ولا لنبينا في إنشائها ولا في ترتيبها، بل هي كما أخبرنا الله عنها بقوله: { كتاب أُحكمت آياته ثم فُصِّلت من لدن حكيم خبير } (هود:1) فالألفاظ القرآنية المقروءة والمكتوبة هي من عند الله سبحانه، ليس لجبريل فيها سوى نقلها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس للرسول فيها سوى وعيها وحفظها وتبليغها ثم بيانها والعمل بها، قال تعالى: { وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين } (الشعراء:192-194) فالمتكلم هو الله، والناقل هو جبريل، والمتلقي هو رسول رب العالمين، ومن اعتقد غير ذلك، فقد ضل سواء السبيل، نسأله تعالى العصمة والثبات على الحق والاعتصام بكتابه المبين ورسوله الكريم .

     
  2. #2
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    52
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4400

    افتراضي رد: ملف القران الكريم

    أول ما نزل من القرآن الكريم


    من المباحث التي توقف عندها علماء التفسير مبحث متعلق بأوائل ما نزل من القرآن وأواخره. وقد جرى خلاف بين أهل العلم حول هذا المبحث. وما يهمنا في هذه الوقفة السريعة أن نتعرف على أرجح الأقوال المتعلقة بهذه المسألة، فنقول:

    الذي ذهب إليه أكثر أهل العلم وصححوه أن أول ما نزل من القرآن الآياتُ الأُولُ من سورة العلق، وهي قوله تعالى: { اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم } (العلق:1-5) واستدلوا لهذا بحديث عائشة رضي الله عنها، الذي رواه البخاري ومسلم وفيه فجاءه المَلَكُ فقال: { اقرأ باسم ربك الذي خلق } إلى قوله { علم الإنسان ما لم يعلم } قال النووي: هذا دليل صريح في أن أول ما نزل من القرآن قوله تعالى: { اقرأ } وهذا هو الصواب - والكلام للنووي- الذي عليه الجماهير من السلف والخلف. وأصرح من هذا الحديث، ما رواه الحاكم في "المستدرك" عن عائشة أيضاً، أن أول ما نزل من القرآن { اقرأ باسم ربك الذي خلق } .

    والحكمة في هذه الأوَّلية - كما قال ابن حجر -: إن هذه الآيات الخمس اشتملت على مقاصد القرآن، ففيها براعة الاستهلال، وهي جديرة أن تسمى "عنوان القرآن" لأن عنوان الكتاب يجمع مقاصده بعبارة وجيزة في أوله. وبيان كونها اشتملت على مقاصد القرآن أنها تنحصر في علوم التوحيد والأحكام والأخبار، وقد اشتملت على الأمر بالقراءة والبداءة فيها ببسم الله، وفي هذه الإشارة إلى الأحكام. وفيها ما يتعلق بتوحيد الرب وإثبات ذاته وصفاته، وفي هذا إشارة إلى أصول الدين. وفيها ما يتعلق بالأخبار من قوله تعالى: { علم الإنسان ما لم يعلم } .

    هذا فيما يتعلق بأول ما نزل من القرآن من الآيات، أما السور فمن أوائل ما نزل منها سورة الإسراء والكهف ومريم وطه، ففي البخاري من حديث ابن مسعود رضي الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنهن من تلادي من العتاق الأول ) والتلاد - كما قال أهل اللغة - القديم.

    وعند البخاري أيضاً من حديث عائشة رضي الله عنها أن أول ما نزل سورة من المفصل، فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام، ولقد نزلت بمكة، وإني لجارية ألعب: { والساعة أدهى وأمر } (القمر:46). والمفصل من القرآن يبدأ من سورة ( ق ) إلى سورة ( الناس ).

    وأول آية نزلت في القتال مطلقاً، قوله تعالى: { أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير } (الحج:39) .

    وأول آية نزلت في تحريم الخمر، قوله تعالى: { يسألونك عن الخمر }( البقرة:219) ثم قوله تعالى: { لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى } (النساء:43) ثم قوله تعالى: { إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون } (المائدة:90) .

    أما فيما يتعلق بأواخر ما نزل من القرآن، فقوله تعالى: { واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله } (البقرة:281) وهذا أصح الأقوال - كما ذكر ابن حجر - ودليل هذا حديث ابن عباس في البخاري قال: " آخر آية نزلت آية الربا " قال ابن حجر: هذه الآية هي ختام الآيات المنـزَّلة في الربا، إذ هي معطوفة عليهن .

    ولا بد من الإشارة هنا إلى أنه قد وردت كثير من الأخبار والروايات ذكرت أوائل وأواخر ما نزل من القرآن، إلا أن أغلبها لم يثبت، ولا يعول عليها، لذلك لم نعرج على ذكرها، فضلاً عن أنه لا يترتب على معرفة ذلك فائدة كبيرة، اللهم إلا ما كان يتعلق منها بباب النسخ، ولهذا حديث آخر إن شاء الله، والله ولي التوفيق .

     
  3. #3
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    52
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4400

    افتراضي رد: ملف القران الكريم

    الحكمة من نزول القرآن مفرقاً


    أجمع أهل العلم من أمة الإسلام على أن القرآن الكريم نزل من السماء الدنيا على قلب خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم مفرَّقاً على فترات، استغرقت أكثر من عشرين عاماً. وكان من وراء نزول القرآن مفرقاً على رسول الله مقاصدُ وحِكَمٌ، ذكر أهل العلم بعضاً منها. وفي مقالنا هذا نحاول أن نقف على بعض تلك المقاصد والحِكَم .

    فمن مقاصد نزول القرآن مفرقاً تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم ومواساته، لما ينتابه من مشقة تبليغ الرسالة وما يلاقيه من عنت المشركين وصدهم، فكان القرآن ينـزل عليه بين الحين والآخر تثبيتًا له وإمدادًا لمواجهة ما يلاقيه من قومه، قال تعالى مبينًا هذا المقصد: { كذلك لنثبِّت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً } (الفرقان:32) فالمشركون بالله والمنكرون لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم قالوا معاندين: هلا نزل عليه القرآن مرة واحدة، كما نزلت التوراة والإنجيل؟! فردَّ الله عليهم قولهم ذلك ببيان أن الإنزال على تلك الصورة إنما كان لحكمة بالغة، وهي تقوية قلب النبي صلى الله عليه وسلم وتثبيته؛ لأنه كالغيث كلما أنزل أحيا موات الأرض وازدهرت به، ونزوله مرة بعد مرة أنفع من نزوله دفعة واحدة.

    ثم من مقاصد تنـزيل القرآن مفرقاً الرد على شُبه المشركين أولاً بأول، ودحض حجج المبطلين، إحقاقًا للحق وإبطالاً للباطل، قال تعالى:{ ولا يأتونك بمثلٍ إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيراً } (الفرقان:33) ففي الآية بيان لحكمة نزول القرآن مفرقاً، وهو أن المشركين كلما جاءوا بمثل أو عَرْضِ شبهة ينـزل القرآن بإبطال دعواهم وتفنيد كذبهم، ودحض شبههم .

    ومن المقاصد المهمة لنزول القرآن مفرقاً تيسير حفظه على النبي صلى الله عليه وعلى أصحابه الذين لم يكن لهم عهد بمثل هذا الكتاب المعجز، فهو ليس شعراً يسهل عليهم حفظه، ولا نثراً يشبه كلامهم، وإنما كان قولاً ثقيلاً في معانيه ومراميه، فكان حفظه يحتاج إلى تريُّث وتدبر وتؤدة، قال تعالى:{ وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنـزيلاً } (الإسراء:106) أي أنزلناه على فترات لحكمة اقتضت ذلك، وهي أن نزوله مفرقاً أدعى إلى فهم السامع،. وفي قوله تعالى: { ورتلناه ترتيلا } إشارة إلى أن تنـزيله شيئاً فشيئاً إنما كان كذلك ليتيسر حفظه وفهمه ومن ثَمَّ العمل به .

    ومن المقاصد التي أُنزل القرآن لأجلها مفرَّقاً، التدرج بمن نزل في عصرهم القرآن؛ فليس من السهل على النفس البشرية أن تتخلى عما ورثته من عادات وتقاليد، وكان عرب الجاهلية قد ورثوا كثيراً من العادات التي لا تتفق مع شريعة الإسلام، كوأد البنات، وشرب الخمر، وحرمان المرأة من الميراث، وغير ذلك من العادات التي جاء الإسلام وأبطلها، فاقتضت حكمته تعالى أن يُنـزل أحكامه الشرعية شيئاً فشيئاً، تهيئة للنفوس، وتدرجاً بها لترك ما علق بها من تلك العادات. يشير إلى هذا المعنى أن تحريم الخمر لم ينزل دفعة واحدة، بل كان على ثلاث مراحل، كما دلت على ذلك نصوص القرآن الكريم. وفي قوله تعالى: { ونزلناه تنـزيلا } إشارة إلى أن نزوله كان شيئاً فشيئاً حسب مصالح العباد، وما تتطلبه تربيتهم الروحية والإنسانية، ليستقيم أمرهم، وليسعدوا به في الدارين .

    ومن مقاصد نزول القرآن مفرقًا - إضافة لما سبق - مسايرة الحوادث المستجدة، والنوازل الواقعة، فقد كان القرآن ينـزل على النبي صلى الله عليه وسلم لمواكبة الوقائع الجديدة، وبيان أحكامها، قال تعالى: { ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين } (النحل:89) فكثير من الآيات القرآنية نزلت على سبب أو أكثر، كقصة الثلاثة الذي تخلَّفوا عن غزوة تبوك، وحادثة الإفك، وقصة المجادِلة، وغير ذلك من الآيات التي نزلت بياناً لحكم واقعة طارئة .

    وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يتوقف عن البتَّ في حكم مسألة ما حتى ينـزل عليه الوحي، من ذلك مثلاً قصة المرأة التي ورد ذكرها في سورة المجادلة، وكان زوجها قد قال لها: أنتِ علي كظهر أمي، فاشتكت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قولَ زوجها، فأمرها أن تتمهل ريثما ينـزل الله في أمرها حكماً، فنـزل فيها قول الله تعالى: { الذين يظاهرون منكم من نسائهم } إلى قوله: { والله بما تعملون خبير } (المجادلة: 2-3) فكان فيما نزل عليه صلى الله عليه وسلم تقريرٌ شافٍ، وحكمٌ عادلٌ، لا يسع أحداً رده أو الإعراض عنه .

    وأخيراً فإن من المقاصد المهمة التي لأجلها نزل القرآن مفرقاً الدلالة على الإعجاز البياني التشريعي للقرآن الكريم، وذلك أن القرآن نزل على فترات متقطعة قد تطول وقد تقصر، ومع ذلك فنحن لم نجد اختلافاً في أسلوب بيانه، ولا خللاً في نسق نظمه، بل هو على وزان واحد من أول آية فيه إلى آخر آية منه، وهذا من أهم الدلائل على أن هذا القرآن لم يكن من عند البشر بل هو تنـزيل من رب العالمين، قال تعالى: { كتاب أُحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير } (هود:1) وقال سبحانه في حق كتابه: { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنـزيل من حكيم حميد } (42) .

    ومن المفيد أن نشير في نهاية المطاف إلى أن أغلب أهل العلم - المتقدمين منهم خاصة - يستعملون مصطلح "التنجيم" للدلالة على أن القرآن نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مفرقاً، وأنه لم ينزل جملة واحدة.

    ولا شك أن لنـزول القرآن مفرقاً، وعلى فترات متفرقة مقاصد أخرى غير ما أتينا عليه في مقالنا، ذكرها المفسرون في مواضع متعددة من تفاسيرهم، وخاصة عند تفسير قوله تعالى: { لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا } (الفرقان:32) وإنما اقتصرنا هنا على أهمها .

     
  4. #4
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    52
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4400

    افتراضي رد: ملف القران الكريم

    جمع القرآن في العهد النبوي




    شرَّف الله أمة الإسلام بخصيصة لم تكن لأحد غيرهم، وهي حفظهم لكتاب ربهم عن ظهر قلب. وكان من أسباب حفظ الله لكتابه أن وفَّق هذه الأمة إلى حفظ قرآنها واستظهاره .

    وقد تظاهرت الأدلة من السنة على فضل حفظ القرآن واستظهاره. وكان صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يحث أصحابه على حفظ ما ينزل عليه من القرآن، فكان الصحابة يحفظونه بسماعه منه صلى الله عليه وسلم، فهذه أم هشام رضي الله عنها تروي كيف أنها حفظت سورة { ق } من رسول لله صلى الله عليه وسلم، فتقول: ( كان تنورنا وتنور رسول الله صلى الله عليه وسلم واحداً سنتين، وما أخذتُ { ق والقرآن المجيد } إلا عن لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ) رواه مسلم .

    وكان من حرصه صلى الله عليه وسلم على تعليم صحابته للقرآن وحفظهم له أنه كان يتعاهد كل من يلتحق بدار الإسلام فيدفعه إلى من يعلمه القرآن، فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُشغَل، فإذا قَدِمَ رجل مهاجر على رسول الله صلى الله عليه وسلم دفعه إلى رجل منا يعلمه القرآن " رواه أحمد .

    وقد حفظ القرآن الكريم جَمَعٌ من الصحابة يصعب حصرهم، عُرف منهم الخلفاء الراشدون، وطلحة، وسعد، وابن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وأبو موسى الأشعري، وسالم مولى أبي حذيفة، وعبد الله بن عمر، وغيرهم كثير. وفي حديث قتادة قال: قلت لأنس من جَمَع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أربعة كلهم من الأنصار: أُبي بن كعب، ومعاذ، وزيد بن ثابت، ورجل من الأنصار، يُكنى أبا زيد. متفق عليه .

    ومن الصحابيات اللاتي جمعن القرآن أم ورقة رضي الله عنها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمرها أن تؤمَّ أهل دارها. والحديث في "مسند" أحمد .

    وكان من مزيد عناية النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالقرآن أن اعنتوا بكتابته وتدوينه، كي يكون ذلك حصناً ثانياً لحمايته من الضياع والتغيير. فبعد أن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بحفظ القرآن في صدورهم طلب منهم حفظه في السطور، ونهى في بداية الأمر عن كتابة شيء غير القرآن حتى لا يلتبس بغيره من الكلام .

    ففي "صحيح مسلم" من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه ) قال النووي في توجيه ذلك: وكان النهي حين خيف اختلاطه بالقرآن، فلما أمن ذلك أذن في الكتابة. وقال ابن حجر: إن النهي خاص بوقت نزول القرآن خشية التباسه بغيره .

    وقد بلغ من عناية النبي صلى الله عليه وسلم بتدوين القرآن أنه كان إذا نزل عليه شيء من القرآن دعا أحد كُتَّابه، وأمره بكتابة ما نزل عليه، ففي الحديث عن زيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى عليه { لا يستوي القاعدون من المؤمنين } (النساء:95) فجاءه ابن أم مكتوم وهو يُمِلُّها عليه. متفق عليه .

    وكان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعملون في كتابة القرآن ما تيسر لهم وما توفر في بيئتهم من أدوات لذلك، فكانوا يستعملون الجلود والعظام والألواح والحجارة ونحوها، كأدوات للكتابة، فعن البراء رضي الله عنه قال: ( لما نزلت: { لا يستوي القاعدون من المؤمنين } قال النبي صلى الله عليه وسلم: ادع لي زيداً، وليجئ باللوح والدواة والكتف، ثم قال اكتب ) رواه البخاري. وفي حديث آن قال :[color=#009900]زيد عندما أمره أبو بكر رضي الله عنه بجمع القران:( فتتبعتُ القرآن أجمعه من العسب واللحاف والأضلاع والأقتاب ) رواه البخاري. والعسب: جريد النخيل. واللحاف: صفائح الحجارة. والأقتاب: الخشب الذي يوضع على ظهر البعير .

    هذه الآثار وغيرها تدلنا على عظيم بلاء الصحابة رضي الله عنهم في كتابة القرآن، وما تحملوه من المشاق لتدوينه والحفاظ عليه. وبقي القرآن مكتوباً على هذه الأشياء محفوظاً عند النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولم يجمع في صحف أو مصاحف في عهده صلى الله عليه وسلم. قال القسطلاني: وقد كان القرآن كله مكتوباً في عهده صلى الله عليه وسلم، غير مجموع في موضع واحد، ولا مرتب السور، وقُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وحال كتابة القرآن على ما ذكرنا .

    ولسائل أن يسأل: لماذا لم يَجمع النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في مصحف واحد كما فعل أبو بكر وعثمان فيما بعد؟ وقد أجاب العلماء أن مرد ذلك كان لاعتبارات عدة منها ما يأتي:

    - أنه لم يوجد من دواعي كتابته مجموعاً في مصحف مثل واحد ما وجد على عهد أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما .

    - أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بصدد أن ينزل عليه من الوحي ما قد يكون ناسخاً لبعض آيات القرآن .

    - أن القرآن لم ينزل جملة واحدة بل نزَّل مفرقاً، ولم يكن ترتيب الآيات والسور على ترتيب النزول، ولو جُمِعَ القرآن في مصحف واحد وقتئذ لكان عرضة للتغير المصاحف كلها كلما نزلت آية أو سورة .

    ومن المسائل التي بحثها العلماء هنا مسألة ترتيب الآيات في السورة، ومسألة ترتيب سور القرآن في المصحف، وحاصل القول في المسألة الأولى، أن الإجماع منعقد على أن ترتيب الآيات في السورة كان بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه لا مجال للرأي والاجتهاد فيه، ولم يُعلم مخالف لذلك، والنصوص الدالة على ذلك كثيرة سبق أن ذكرنا بعضاً منها، ونضيف هنا حديث ابن الزبير رضي الله عنه قال: ( قلت لعثمان: هذه الآية التي في البقرة { والذين يُتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصية لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراج } (البقرة:240) قد نسختها الآية الأخرى، فَلِمَ تكتبها، قال: يا ابن أخي، لا أغيِّرُ شيئاً منه في مكانه ) رواه البخاري .

    أما ترتيب السور، فالقول الأرجح عند أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم فوَّض أمره إلى أمته من بعده، يعني أن هذا الترتيب فعله الصحابة رضي الله عنهم .

    وبعد، فهذا جملة القول في مسألة جمع القرآن في عهده صلى الله عليه وسلم، ومنه يتبيَّن أن القرآن قد دُوِّن في عهده صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك ردٌّ على من زعم أن القرآن لم يدون في عهده صلى الله عليه وسلم. نسأله تعالى أن يجعلنا من الحافظين لكتابه والمحافظين عليه، والقائمين عليه حق القيام آمين .

     
  5. #5
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    52
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4400

    افتراضي رد: ملف القران الكريم

    رسم المصحف وتطوير خطه


    المراد برسم المصحف الكيفية التي كُتبت بها حروفه وكلماته، وَفق المصاحف العثمانية. فمن المعلوم أن الصحف التي كُتبت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، والمصاحف العثمانية التي وُزعت على البلدان الإسلامية فيما بعد، كانت خالية من الشكل والنقط .

    ولا ريب أن رسم المصاحف العثمانية كان يقوم على إملاءٍ خاصٍ به، يختلف عن الرسم الإملائي المعروف لدينا اليوم .

    وظل الناس يقرؤون القرآن في تلك المصاحف على تلك الشاكلة، إلى أن تطرق الفساد والخلل إلى اللسان العربي نتيجة الاختلاط بالأعاجم، ما دفع أولي الأمر إلى ضرورة كتابة المصحف بالشكل والنقط وغيرها، حفاظاً على القرآن من أن يُقرأ على غير الوجه الصحيح .

    وكان أبو الأسود الدؤلي - وهو تابعي - أول من وضع ضوابط اللسان العربي، وقام بتشكيل القرآن الكريم بأمر من علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وكان السبب المباشر لهذه الخطوة ما سمعه من قارئٍ يقرأ خطأً، قوله تعالى: { إن الله بريء من المشركين ورسولَه } (التوبة:3) فقرأ الآية بجر اللام من كلمة (رسولِه) فغيَّر بذلك المعنى تغييراً كلياً، فأفزع هذا الخطأ أبا الأسود ما دفعه إلى وضع علامات لشكل الحروف والكلمات، فجعل علامة الفتحة نقطة فوق الحرف، وعلامة الكسرة نقطة أسفله، وعلامة الضمة نقطة بين أجزاء الحرف، وجعل علامة السكون نقطتين. وقد أعانه على هذه المهمة بعض العلماء، من بينهم الخليل بن أحمد الفراهيدي الذي كان أول من صنف كتاباً في رسم نقط الحروف وعلاماتها، وكان كذلك أول من وضع الهمزة والتشديد وغيرها من العلامات الضابطة، ثم دُوِّن علم النحو ليكون خادماً وضابطاً لقراءة القرآن على الوجه السليم .

    بعد ذلك تدرَّج الناس، فقاموا بكتابة أسماء السور في رأس كل سورة، ووضعوا رموزاً فاصلة عند رؤوس الآيات، وقسموا القرآن إلى أجزاء - ثلاثين جزءً - وأحزاب - 60 حزباً - وأرباع، ووضعوا لكل ذلك علامات خاصة تدل على ما أشارت إليه، حتى إذا كانت نهاية القرن الهجري الثالث، بلغ الرسم القرآني ذروته من الجودة والحسن والضبط .

    وقد منع أكثر أهل العلم كتابة المصحف بما استحدث الناس من قواعد الإملاء المعروفة، وذلك حفاظاً على رسم المصحف كما وصل إلينا. وقد صرح كثير من الأئمة بتحريم كتابة المصحف بغير الرسم العثماني، ونُقل عن الإمام أحمد أنه قال: تحرم مخالفة خط مصحف عثمان في ياء أو واو أو ألف وغير ذلك. ونقل مثل هذا عن كثير من أهل العلم .

    فإن سألتَ - أخي الكريم - إذا كان الأمر على ما ذكرت، فكيف جاز للأوائل أن يضعوا النقط وأسماء السور؟

    وفي الجواب نقول: إن العلماء أجازوا ذلك لضرورة استدعت هذا الأمر، وذلك بعد أن ظهر اللحن في قراءة القرآن، فخشي أولوا الأمر أن يلتبس الأمر على الناس، فوضعوا النقط على الحروف؛ تمييزاً لبعضها من بعض، وحدث إجماع على قبول هذا .

    بقي أن نقول لك في هذه العجالة: إن القول بمنع جواز كتابة القرآن بغير الرسم العثماني، متعلق بكتابة القرآن في المصاحف التي يتداولها الناس اليوم، أما كتابة آيات منه، أو كلمات معينة بالخط الإملائي المعتاد على ألواح التعليم، أو أوراق الكتابة الخاصة بالتعليم، فلا حرج في ذلك تسهيلاً على المتعلمين، وتيسيراً عليهم، وخاصة إذا كانوا من المبتدئين في العلم .

     

 
+ الرد على الموضوع
صفحة 1 من 5 1 2 3 4 5 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك