تفسير الأحلام بين الفضول والجنون !!
أصبح تفسير الرؤى والأحلام يسيطر على الكثير من الناس، وأصبح جل همهم معرفة ما سيصيبهم في المستقبل، كيف لا وقد وجدت الآن لتفسير الرؤى والأحلام وسائل إعلامية بل أيضا قنوات فضائية كل شغلها الشاغل هو كيفية جذب المشاهد ولو على حساب مصداقيتها، فكثيرا ما نجد في هذه القنوات خلطا بين تفسير الأحلام ودرب من دروب الدجل، لكن يبقى أن نوضح أن عالم تفسير الرؤى يحتاج لأشخاص متخصصين أصحاب خبرة في علم تفسير الرؤى من خلال الكتاب والسنة.
ولكن رأينا من التعلق بهذا العلم لدرجة أثارت الدهشة وكان لنا بشأنه هذا التحقيق..
فتعال عزيزي القارئ لنقف أولاً على تعريف الرؤيا، حيث يعتبرها "أبو عبدالله المازني" اعتقاداً بالقلب فيقول: مذهب أهل السنة في حقيقة الرؤيا أن الله يخلق في قلب النائم اعتقادات كما يخلقها في قلب اليقظان، وهو سبحانه يفعل ما يشاء لا يمنعه نوم ولا يقظة، فإذا خلق هذه الاعتقادات فكأنه جعلها علماً على أمور أخر تلحقها في ثاني الحال أو كان قد خلقها.
الرؤى والأحلام بعضها من الله سبحانه وتعالى، وبعضها من الشيطان، وبعضها حديث نفس، ذكرها ابن الوردي بقوله:
أقسامها ثلاث عن النبي
أولها بشرى الإله الأقرب
والثاني تحزين من الشيطان
وثالث من هّمهِ الإنسان
وقد اهتم الرسول عليه الصلاة والسلام بتعبير الرؤى؛ لحديث سمره بن جندب "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني مما يكثر أن يقول لأصحابه: هل رأى أحدٌ منكم من رؤيا؟ قال: فيقص عليه ما شاء الله أن يقص" (رواه البخاري).
عفـاف: اتهموني بالشعوذة!!
"عفاف" فتاة تبلغ من العمر ثلاثين عاماً بدأ الناس يتجهون لها لتفسير أحلامهم وهي في السادسة والعشرين فكيف كانت بدايتها؟!
تقول "عفاف": كنت أقوم الليل وأنا بعمر الثالثة عشرة، حيث كنت من أسرة محافظة ومتدينة ووالدي قاض؛ فكنت نهمة في القراءة؛ فلم أترك كتاباً من كتب التفاسير والدين والعقيدة إلا وقرأته وحفظته.. وذات يوم حلمت أنني في بحر أقف وأجلس عدة مرات؛ فسألت أحد المشايخ المعروفين بتفسير الرؤى فقال لي: "سيكون لديكِ علم يتوجه الناس إليك ليتزودوا منه".. وذات يوم كانت أسرة من عائلتي ستسافر إلى بلدٍ عربي فقلت لهم لا تسافروا فسيحصل بها تفجير؛ وبالفعل حصل، فسألوني: ما أدراك؟! فقلت إنني حلمت وفسرته كذلك.. ومنذ ذلك اليوم أصبحت أفسر لأسرتي والأصدقاء حتى انتشر اسمي والكل غدا يعرفني ولله الحمد.. لا أريد من ورائه حمداً ولا شكورا سوى الدعاء فقط وحسن الظن؛ فانا أستعين بمعاني الأسماء لتفسير الرؤيا.. لكنهم اتهموني بالشعوذة والعياذ بالله!! ثم ذكرت لموقع آسية عدة أمثلة لتفسير الرؤى بمعاني الأسماء.
وعن سؤالنا: من الأكثر بحثاً وتعلقاً بهذا العلم؟! أكدت أنهن النساء ولا تحب أن ترد إحداهن بل تدعو لها لأنها في تلك الحالة تعاني ضعفاً فتبحث عن الحل والأمل من خلال تفسير أحلامها.
كشف من نوى مضرته بتفسير حلمه!
أما الشيخ "عبدالرحمن اليوسف" (مفسر) فيرى أنه لا فرق بين الرؤيا والحلم، وخالف الذين اعتمدوا على نص "أن الرؤيا الحق من الله والحلم من الشيطان" معتمداً هو بنظره على أن هناك رواية "الرؤيا الحق من الله والرؤيا السوء من الشيطان"، ورجح نسبة المتصلين من النساء بنسبة 70% بينما النسبة الأقل للرجال، نافياً وبشدة تفسيره للأحلام السيئة، وأشار بأن ما يستفسر عنه أكثر المتصلين لا يكون رؤى بل هو مجرد حديث نفس بنسبة 60%.
وعند سؤال موقع آسية الشيخ "عبدالرحمن" عن أساس هذا العلم قال: إنه علم لا يأتي بالدراسة بل هو فراسة ودلالات؛ فبالنسبة لي أول ما بدأت التفسير كان بمجرد أن يذكر أحدهم لي رؤياه؛ فيحضرني الرد والتفسير بصورة سريعة دون تفكير.. وصرح بأنه لا يستطيع تفسير أحلامه؛ بل يستعين بشقيقه لتفسير حلمه..
ومن أغرب ما تعرض له أن رجلاً أراد أن يضره فكشفه من خلال الحلم وهو من معارفه، واستشهد بأثر الدين والالتزام والصلاح في تفسير الحلم بتفسير ابن سيرين لاثنين حلما أنهما يؤذنان فأحدهما فسره على أنه سيحج والآخر سيسرق!!
وبين الشيخ بأن الرؤى لها أقسام: رؤيا صالحه من الله، ورؤيا ما نسميه بالحلم، وذلك من الشيطان، وحديث النفس وهي الأفكار التي تخالج المرء قبل منامه، فيما يرى أن للرؤيا شروطاً:
* أن يكون صادقاً.
* الدقة في السرد.
* التذكر.
* أدب الرائي.
وحول ما إن كان هناك من يعود ليؤكد أن تفسيره قد تحقق: أكد أن نسبة 90% عادوا ليؤكدوا ذلك، وذكر حادثة الأسهم عندما فسر لأحدهم بأن يسحب أمواله لهبوط الأسهم خلال يومين، وبالفعل حصل، وفسر لنفس الشخص بأن المؤشر سيرتفع بعد ثلاثة أشهر (وهنا أكد أنه لا يحب تحديد الوقت ويبتعد عن ذلك قدر الإمكان) وبالفعل شكره بعد تسعين يوماً بالتحديد مما حدا بأصحاب الأسهم للاتصال المتكرر ليعرفوا حال السوق!! وهذا موقف لا يخلو من الطرافة!!
فقد قال هشام بن حسان: كان ابن سيرين يسأل عن مائة رؤيا من تفسير القرآن الكريم فلا يجيب فيها بشيء إلا أن يقول: اتق الله وأحسن في اليقظة، فإنه لا يضرك ما رأيت في النوم..
ومن خلال رصد موقع آسية لبعض الآراء حول تفسير الرؤى خرجنا بالآتي:
أنا مدمنة..
تقول الأستاذة "شيخة" (وهي معلمة انجليزي): بأن عالم الأحلام يشغل جزءاً من تفكيري لا يستهان به ولا يمكن إنكاره، فبالرغم من أنني لست من مدمني المفسرين؛ إلا أني مدمنة قراءة تفاسير الأحلام لأستفيد منها في تفسير أحلامي المشابهة، فأنا شغوفة جداً بمتابعة كل كتاب وبرنامج يخص تفسير الأحلام، فأحلامي التي بها دلالات خير واضحة تشعرني بالسعادة، أما الأحلام التي بها إشارة لأمرٍ لا يسر فلا أفسرها أبدا حتى مع نفسي.
ليس كل ما يُرى يعبر..
أما الأستاذة "هند" فتقول: مما لاشك فيه أن أول ما بُدئ به النبي صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة، فالرؤيا من الله سبحانه وتعالى والحلم من الشيطان.. أما حول تفسير الأحلام فليس كل ما يرى يُعبر، إذ لم يكن ابن سيرين يفسر من كل 40 رؤيا إلا واحدة.. واليوم نرى السواد الأعظم من الناس يتشوق إلى تفسير كل ما يراه من أحلام ورؤى، وذلك بأن يقص رؤياه على المفسرين ليعبروها له. أما أنا فلا أحبذ ذلك فكل أمرٍ يقدره الله سبحانه على عبده واقع لا محالة، ولكن يجب علينا الاتكال على الله سبحانه، والإيقان التام بأن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا، وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}.
لا أحاول تفسير حلمي
وللأستاذة "حصة" رأي هنا فتقول: "أنا لا أحاول أن أفسر حلمي أبداً ولكن أقصه على أقرب الناس لي أحياناً، فإن كان محزناً فأنا أعتقد بما قاله صلى الله عليه وسلم أن ذلك من الشيطان، وإن كان مفرحاً دعوت الله أن يثبتني، وأتوكل على الله دائماً ولا آخذ بهذه الأشياء كأمور مسلمة".
إذا أتاني المحيض علمت أني عاصية!!
وللسيدة "عنان" تجربة غريبة مع الأحلام؛ فقد صرحت لموقع آسية عن اعتقادها بأن الأحلام ربما تكون رسائل تنبيه من الله سبحانه وتعالى للعبد، واستشهدت بأنها لا تسمع الأغاني ولكن إن سمعتها في أحد الأيام فإنها تحلم بالحيض؛ وهذا حسبما ترى أنه تنبيه للمعصية.
أحب التعرف على الغيبيات!
أما "أم ليان" فذكرت أنها لا تحاول تفسير كل الأحلام، ولكن بعض الأحلام تشغلها فتحاول تفسيرها بنفسها؛ لإيمانها بوجود قدرة على ذلك لديها، وبعدها تتصل بالمفسرين لمحاولة مطابقة تفسيرها بتفسيرهم فتجد اختلافاً فتهتز تلك الثقة لديها بقدرتها!
وعند سؤالنا لها إذا كان تفسيرها هو الصحيح قالت ربما!! ومن خلال قائمة الأسماء في جوالها اكتشفنا عدداً لا بأس به من عالم المفسرين مثال، فلانة.. مفسر جديد.. مفسر.. أبو فلان.. آل فلان.. ولكن هل تثق بهم جميعاً؟! قالت على حسب تزكية الآخرين لهم، وذكرت أنه لم يتحقق لها من كل الأحلام التي فسرتها سوى واحد وآخر هناك أمل بتحققه. وذكرت لنا أن إحدى المفسرات فسرت لها أن شخصاً قريباً لها مسحور بالرغم أنها لا ترى عليه أي أثر للسحر!!
أفسر حلمي لدى خمسة مفسرين!
بيد أن "أم عبدالله" هنا تعد حالة خاصة؛ بالرغم من أنها لا تشكل الشريحة الأكبر لكنها موجودة؛ فهي على حد قولها تحلم بصورة غير طبيعية بعضها واضح مثل فلق الصبح بلا تفسير والأغلب تسعى لتفسيره ليس لدى مفسر واحد ولكن خمسة، وعند سؤالنا: وماذا بعد ذلك؟ قالت: أختار من تفاسيرهم ما يرضيني وأصدقه!! وأكدت أم عبدالله أنها قد تجلس فترة طويلة لا تفسر أحلامها والفترة لا تتعدى أسبوعاً!!
وأضافت "أم عبدالله" قائلة: أما الأحلام التي أخافها فلا أتحدث بها لأحد واحتفظ بها لنفسي، وذكرت في سياق حديثها أنها حلمت بأن والدها يقف خلف أحد أبواب حجرتها ويبصق؛ فقرأت كتاب تفسير لتعرف أن البصق يعني موت الباصق وبالفعل بعد أسبوع توفي والدها!!
نظرة في جوال أم عبدالله!!
وقد تعاونت "أم عبدالله" مع موقع آسية وزودتنا بقائمة أسماء المفسرين بهاتفها المحمول وهي:
* مفسر بعد العشاء.
* مفسر الساعة 2 إلى 3.
* مفسر 9 إلى 11.
* أبو أنس.
* أبو عاصم.
* عفاف.
* مفسر 11 إلى 12.
* أم فيصل.
المرأة تعاني الانهزامية
موقع آسية التقى أحد أطباء علم النفس الذي أكد أن تعلق النساء بهذا الموضوع وبهذا الشكل فيه إشارة إلى ما تعانيه المرأة من انهزامية وقلق من المستقبل وعدم الرضا عن الواقع الحاضر؛ لذا فهي تتأمل أن تجد ما يبشرها بمستقبلٍ أجمل، وغالباً النساء تحكمهن العواطف أكثر من الرجال.
المشكلة تكمن في الخلط!
وتعقيبا على نتائج الاستطلاع أشار الشيخ "خالد الرومي" (وهو معلم ومأذون أنكحة) إلى أن المشكلة تكمن في الخلط بين الرؤيا والحلم وحديث النفس وأضاف: "ولاشك أن أول النبوة رؤيا صالحة"، ليصل أخيراً إلى التأكيد على عدة أمور من أبرزها أن "أصدقكم حديثاً أصدقكم رؤيا" و"أن الرؤيا الصادقة لا يحتمل فيها النسيان" ناصحا الجميع بما وصى به الرسول صلى الله عليه وسلم "الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان، فإن رأى أحدكم شيئاً يكرهه فليبصق" وفي لفظ: "فلينفث عن يساره ثلاثاً، وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاثاً، وليتحول عن جنبه الذي كان عليه".
رد مع اقتباس
مواقع النشر (المفضلة)