أسعفني الحظ لأني وجدت عنوان منتدى (عام) .. لأني فتشت عن أوراق ثقافية فلم أجدها .. عموماً تحية لكم جميعاً وكل عام وأنتم بخير ( قبل أنسى) ...
قبل لحظات كنت في موقع مجلة العربي الذي أزوره للمرة الأولى .. ولم أقرأ المجلة الورقية منذ فترة طويلة لعدة أسباب وليس بالضرورة للإحباط وحده.
قرأت في صفحتها الرئيسية عنوان " خمسة قرون على ضياع الأندلس " أو شيء من قبيل النحيب والنشيج (هاكم: http://www.alarabimag.com/main.htm)
ما أذهلني حقاً هو ذلك الوقوف عند تلك الحظات التاريخية التي (كان) للعرب فيها أمجاد .. وأدركت بالفعل سبب ما نحن فيه من هوان.
تماماً مثل صورة الفيديو بعد stop على مشهد أو مشاهد وحدها بعينها .. خذ عندك مثلاً .. مشهد هارون الرشيد يخاطب كلب الروم .. وخذ عندك صوت طارق بن زياد وهو يلقي خطبته العصماء عن البحر والاستراتيجية العبقرية ..كان الأستاذ يتلوها بصوت جهوري كأنه شاهراً سيفاً وجند الفرنجة أمامه !!
الأمثلة تطول بالطبع لتلك المشاهد التي تطبع مع الحنين والذكريات العطرة .. نحيا في نعيم أمم لم نعاصرهم .. نحيا معهم ونتكلم مثلهم .. مع أنهم كانوا يعملون بنشاط ويحبون العلم والتخطيط والفنون وشتى معالم الحضارة .. الآن فقط فهمت أن عبد الناصر رحمه الله لم يتكلم عن نفسه .. كان يقلد صوت سيف الدين قطز قاهر التتار والصليبيين ( أو ما شابه ) .. وإلا كيف يجرأ على دخول لعبة القوى العظمى وغلق ممراً بحرياً دولياً .. النتيجة تعرفونها (67)!!
صدام قام بإجراء تعديل على خارطة الشرق الأوسط، ويجب على الدول العظمى وأمريكا أولها .. أن تنصاع لأوامر (هارون) الجديد، والعالم كله من بعد .. وتقوم من ثم بتمزيق كل الأطالس لديها .. وكتب جفرافيا وتاريخ الشرق الأوسط .. وينبغي عليها إذن أن تطبع ملايين النسخ غيرها .. لماذا ؟ لأن الفارس العربي سليل المتنبي وامرؤ القيس .. يأمرنا بذلك ... كانت كلها عراق .. ورجعت عراق .. ما المشكلة ؟؟؟ .. أي للمرة الثانية وجدنا أنفسنا في مصاف الدول العظمى التي رسمت الخرائط (سايكس بيكو) .. بل وأكثر منها عظمة لأننا غيرنا ما رسمت هي !!!
أعلم أن المشهد الثالث مرير وسوف يستنكره البعض ولا يحب أن يراه .. عموماً مثل إشارة المنع اللي يحطوها عالأفلام كتحذير للأطفال .. تعرفونها ...
حسناً يمكن للبعض ألا يكمل .. وإذا لم يعجبه المشهد فليغلق الموضوع ويهرب من البرواسر الآن .......
المشهد الثالث في نيويورك .. حينما قمنا بتهشيم أبراج الشيطان الأكبر .. من الذي يعتدي على أمريكا . حاكمة العالم .. وبهذا الشكل ؟؟؟ ليس الشيخ أسامه نفسه بالطبع.. بل هو المشهد القديم اللي أحبه وتماهى معه، وأراد إعادة الاعتبار له .. الآن .. وفي الواقع الحي .. وبالبث المباشر .. وبالخبر العاجل .. عودة معركة بني قينقاع .. الأبراج تنهار .. والطائرا ت تتوالى .. واقعة مؤتة .. مقر البنتاجون .. والقاعدة أول متهم .. والباقي تعرفونه ....
المشاهد الثلاثة يجمعها شيء واحد ... لعبة الدول العظمى ... وافتعال الحرب التي نخسرها ---- أحياناً في خمس دقائق !!
إغلاق الممرات المائية عام 67، وإلغاء الكويت وتعديل الأطلس .. ثم الهجوم العنيف على نيويورك ... كلها يجمعها شيء واحد .. وهو أننا أمة عظيمة ماجدة خالدة .. يجب أن تظل متفوقة .. وتأتي مجلة العربي الكويتية (للأسف) وتعيد نفس البكائية (خمس قرون على الأندلس) .. وهي كما نعلم البكائية التي بناء عليها تسببت أصلاً في غزو الكويت !!!!!
أيها الأحباب .. ليس هؤلاء الرموز والقادة (ناصر وصدام وأسامه) سوى مخدوعين مثلنا بصراخ الأستاذ ونحن نشاهد أفلاماً قديمة طوال سنوات عمرنا .. ويكررها شيخ المسجد يوم الجمعة لترسخ في الأذهان .. هم لا شك شرفاء يحبون الأمة ويودون لو يعيدوا لها هيبتها وكرامتها الجريحة .. فيحدث العكس .. أنا أيضاً عربي مثلهم تماماً ( أفتش عن أندلس إن حوصرت حلب - محمود دوريش) .. هكذا يوجز لنا محمود بعبقرية مدهشة سر استمرار المأساة .. لا نجد حلولاً لواقعنا .. فنرجو الأقدمين أن يقوموا من موتهم ليخلصونا .. ( أيطلب الأحياء من موتاهم معونة ؟ - أحمد مطر) ... والآخر اكتشف السر الخطير .. مطر لا شك ذكي ... ثم يأتي استاذ ومفكر خطير آخر ( فيخطب قائلاً:
أفتح صندوق أبي أمزق الوصية .. أبيع في المزاد ما ورثت .. مجموعة المسابح العاجية .. طربوشه التركي .. والجوارب الصوفية .. وعلبة النشوق .. والسماور العتيق .. والشمسية .. أسحب سيفي غاضباً وأقطع الرؤوس .. والمفاصل المرخية .. وأهدم الشرق على أصحابه .. تكيةً تكية ------ نزار) وسوف أترك للقاريء متعة اكتشاف ما يعنيه نزار بالضبط، وقبل الخروج من هنا أود الإشارة إلى أن نزار كان قد سمع نداء محمود .. فلبى النداء .. ووضع حلاً من عنده .. تمزيق كتب التاريخ كلها (!!!!).
ثلاثة من شعراء الأمة .. من عمالقة أوزانها الحديثة .. وروعة موسيقاها الموغلة العتيقة .. ثلاثة اشتهروا بأفكارهم العميقة .. يشعرون بالألم أضعافاً مضاعفة .. ويصرخون علينا ... قفوا .. هناك خطأ تربوي .. التاريخ الذي تعيشون غير الواقع الذي نحيا .. أنتم كسالى .. قوموا اصنعوا مجدكم كما فعلوا ... وكل تلك الطلقات التحذرية لم تجد نفعاً .. بل قام بعض الحمقى بتكفير هؤلاء .. على اعتبار أن الشاعر حليف الشيطان (بهذه البساطة) ... ولم يفهموا قط ما تحمله رسائلهم من ملامح استراتيجية تأخرنا في مناقشة خطوطها لأكثر من مائتي عام !!!
-----------------------------
أشكر للقاريء العزيز حسن المتابعة .. وسوف أهتم فعلاً بكل الردود لأقوم بنشرها كما هي بالضبط في موضع من كتاب، أرجو منك أخي القاريء أن تساعدني في وضع عنوان له.
ملاحظة: السباب والشتم مكروه .. لكني سأنشره لو ورد.
مواقع النشر (المفضلة)