قصيدة ليس الغريب غريب الشام واليمنزين العابدين بن الحسين رحمه الله
لَيْسَ الغَريبُ غَريبَ الشَّأمِ iiواليَمَنِ
إِنَّ الغَريِبَ لَهُ حَقٌّ iiلِغُرْبَتـِهِ
سَفَري بَعيدٌ وَزادي لَنْ iiيُبَلِّغَنـي
وَلي بَقايــا ذُنوبٍ لَسْتُ iiأَعْلَمُها
مـَا أَحْلَمَ اللهَ عَني حَيْثُ أَمْهَلَني
تَمُرُّ سـاعـاتُ أَيّـَامي بِلا iiنَدَمٍ
أَنَـا الَّذِي أُغْلِقُ الأَبْوابَ مُجْتَهِداً
يَـا زَلَّةً كُتِبَتْ في غَفْلَةٍ ذَهَبَتْ
دَعْني أَنُوحُ عَلى نَفْسي iiوَأَنْدِبُـهـا
كَأَنَّني بَينَ تلك الأَهلِ iiمُنطَرِحــَاً
وَقد أَتَوْا بِطَبيبٍ كَـيْ يُعالِجَنـي
واشَتد نَزْعِي وَصَار المَوتُ يَجْذِبُـها
واستَخْرَجَ الرُّوحَ مِني في iiتَغَرْغُرِها
وَغَمَّضُوني وَراحَ الكُلُّ iiوانْصَرَفوا
وَقـامَ مَنْ كانَ حِبَّ لنّاسِ في iiعَجَلٍ
وَقــالَ يـا قَوْمِ نَبْغِي غاسِلاً حَذِقاً
فَجــاءَني رَجُلٌ مِنْهُمْ فَجَرَّدَني
وَأَوْدَعوني عَلى الأَلْواحِ iiمُنْطَرِحـاً
وَأَسْكَبَ الماءَ مِنْ فَوقي iiوَغَسَّلَني
وَأَلْبَسُوني ثِيابـاً لا كِمامَ iiلهـا
وأَخْرَجوني مِنَ الدُّنيـا فَوا أَسَفاً
وَحَمَّلوني على الأْكتـافِ أَربَعَةٌ
وَقَدَّموني إِلى المحرابِ وانصَرَفوا
صَلَّوْا عَلَيَّ صَلاةً لا رُكوعَ لهـا
وَأَنْزَلوني إلـى قَبري على iiمَهَلٍ
وَكَشَّفَ الثّوْبَ عَن وَجْهي لِيَنْظُرَني
فَقامَ مُحتَرِمــاً بِالعَزمِ مُشْتَمِلاً
وقَالَ هُلُّوا عليه التُّرْبَ واغْتَنِموا
في ظُلْمَةِ القبرِ لا أُمٌّ هنــاك iiولا
فَرِيدٌ وَحِيدُ القبرِ، يــا iiأَسَفـاً
وَهالَني صُورَةً في العينِ إِذْ iiنَظَرَتْ
مِنْ مُنكَرٍ ونكيرٍ مـا أَقولُ لهم
وَأَقْعَدوني وَجَدُّوا في سُؤالِهـِمُ
فَامْنُنْ عَلَيَّ بِعَفْوٍ مِنك يــا أَمَلي
تَقاسمَ الأهْلُ مالي بعدما انْصَرَفُوا
واستَبْدَلَتْ زَوجَتي بَعْلاً لهـا iiبَدَلي
وَصَيَّرَتْ وَلَدي عَبْداً لِيَخْدُمَهــا
فَلا تَغُرَّنَّكَ الدُّنْيــا وَزِينَتُها
وانْظُرْ إِلى مَنْ حَوَى الدُّنْيا بِأَجْمَعِها
خُذِ القَنـَاعَةَ مِنْ دُنْيَاك وارْضَ iiبِها
يَـا زَارِعَ الخَيْرِ تحصُدْ بَعْدَهُ iiثَمَراً
يـَا نَفْسُ كُفِّي عَنِ العِصْيانِ iiواكْتَسِبِي
يَا نَفْسُ وَيْحَكِ تُوبي واعمَلِي iiحَسَناً
ثمَّ الصلاةُ على الْمُختـارِ iiسَيِّدِنـا
والحمدُ لله مُمْسِينَـا iiوَمُصْبِحِنَا
إِنَّ الغَريبَ غَريبُ اللَّحدِ والكَفَنِ
على الْمُقيمينَ في الأَوطــانِ والسَّكَنِ
وَقُوَّتي ضَعُفَتْ والمـوتُ يَطلُبُنـي
الله يَعْلَمُهــا في السِّرِ والعَلَنِ
وقَدْ تَمـادَيْتُ في ذَنْبي iiويَسْتُرُنِي
ولا بُكاءٍ وَلاخَـوْفٍ ولا iiحـَزَنِ
عَلى المعاصِي وَعَيْنُ اللهِ iiتَنْظُرُنـي
يَـا حَسْرَةً بَقِيَتْ في القَلبِ iiتُحْرِقُني
وَأَقْطَعُ الدَّهْرَ بِالتَّذْكِيـرِ iiوَالحَزَنِ
عَلى الفِراشِ وَأَيْديهِمْ تُقَلِّبُنــي
وَلَمْ أَرَ الطِّبَّ هـذا اليـومَ يَنْفَعُني
مِن كُلِّ عِرْقٍ بِلا رِفقٍ ولا iiهَوَنِ
وصـَارَ رِيقي مَريراً حِينَ غَرْغَرَني
بَعْدَ الإِياسِ وَجَدُّوا في شِرَا الكَفَنِ
نَحْوَ المُغَسِّلِ يَأْتينـي iiيُغَسِّلُنــي
حُراً أَرِيباً لَبِيبـاً عَارِفـاً فَطِنِ
مِنَ الثِّيــابِ وَأَعْرَاني iiوأَفْرَدَني
وَصـَارَ فَوْقي خَرِيرُ الماءِ يَنْظِفُني
غُسْلاً ثَلاثاً وَنَادَى القَوْمَ iiبِالكَفَنِ
وَصارَ زَادي حَنُوطِي حيـنَ حَنَّطَني
عَلى رَحِيـلٍ بِلا زادٍ iiيُبَلِّغُنـي
مِنَ الرِّجـالِ وَخَلْفِي مَنْ iiيُشَيِّعُني
خَلْفَ الإِمـَامِ فَصَلَّى ثـمّ iiوَدَّعَني
ولا سُجـودَ لَعَلَّ اللـهَ iiيَرْحَمُني
وَقَدَّمُوا واحِداً مِنهـم iiيُلَحِّدُنـي
وَأَسْكَبَ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنيهِ iiأَغْرَقَني
وَصَفَّفَ اللَّبِنَ مِنْ فَوْقِي iiوفـارَقَني
حُسْنَ الثَّوابِ مِنَ الرَّحمنِ ذِي iiالمِنَنِ
أَبٌ شَفـيقٌ ولا أَخٌ iiيُؤَنِّسُنــي
عَلى الفِراقِ بِلا عَمَلٍ iiيُزَوِّدُنـي
مِنْ هَوْلِ مَطْلَعِ ما قَدْ كان iiأَدهَشَني
قَدْ هــَالَني أَمْرُهُمْ جِداً فَأَفْزَعَني
مَـالِي سِوَاكَ إِلهـي مَنْ يُخَلِّصُنِي
فَإِنَّني مُوثَقٌ بِالذَّنْبِ iiمُرْتَهــَنِ
وَصَارَ وِزْرِي عَلى ظَهْرِي iiفَأَثْقَلَني
وَحَكَّمَتْهُ فِي الأَمْوَالِ والسَّكَـنِ
وَصَارَ مَـالي لهم حـِلاً بِلا ثَمَنِ
وانْظُرْ إلى فِعْلِهــا في الأَهْلِ والوَطَنِ
هَلْ رَاحَ مِنْها بِغَيْرِ الحَنْطِ iiوالكَفَنِ
لَوْ لم يَكُنْ لَكَ إِلا رَاحَةُ iiالبَدَنِ
يَا زَارِعَ الشَّرِّ مَوْقُوفٌ عَلَى iiالوَهَنِ
فِعْلاً جميلاً لَعَلَّ اللهَ iiيَرحَمُني
عَسى تُجازَيْنَ بَعْدَ الموتِ iiبِالحَسَنِ
مَا وَصَّـا البَرْقَ في شَّامٍ وفي iiيَمَنِ
بِالخَيْرِ والعَفْوْ والإِحْســانِ iiوَالمِنَنِ
مواقع النشر (المفضلة)