ما حكم التَّوْرِيَّة؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال:
ما حكم التَّوْرِيَّة؟ وهل فيها تفصيل ؟
الجواب:
التَّوْرِيَّة: أن يريد الإنسان بكلامه ما يخالف ظاهر الكلام .
وهي جائزة بشرطين: الأول: أن يكون اللفظ محتملاً لها، والثاني: ألا تكون ظُلْمًا .
فلو قال رجل: أنا لا أنام إلا على وَتَد .
والوتد عُودٌ يوضع في الجدار ويعلق عليه المتاع . وقال الرجل: أنا أريد بالوتد الجبل
فهذه تورية صحيحة؛ لأن اللفظ يحتملها وليس فيها ظلم لأحد .
وكذلك لو أن رجلاً قال: والله لا أنام إلا تحت السقف، ثم نام فوق السقف فقال: أردت بالسقف السماء . فهذا صحيح؛ فقد سميت السماء سقفاً في قوله سبحانه: {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا}[الأنبيـَـاء، من الآية: 32] .
وكذلك لو استخدمت التورية للظُّلم فلا تجوز؛
كمن أخذ حقاً من إنسان ثم ذهب إلى القاضي ولم تكن للمظلوم بيِّنة؛ فطلب القاضي من آخذ الحق أن يحلف أن ليس له عندك شيء، فحلف وقال: والله ما له عندي شيء، فحكم له القاضي، ثم كلَّمه بعض الناس في ذلك وعَرَّفَهُ أن هذه يمين غَمُوس تَغْمِس صاحبها في النار،
وقد جاء في الحديث: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ" رواه البخاري (2669، 2670)، ومسلم (138). ومعنى (يَمين صبرٍ): أي أُلزِم وحُبس عليها، ووُصفت اليَمين بالصبر وإن كان صاحبها هو المصبُور؛ لأنه إنما صُبِرَ من أجلها؛ أي: حُبِس. ؛
فقال هذا الحالف: أنا ما أردت النفي وإنما أردت الإثبات، ونيتي في كلمة (ماله) أن (ما) اسم موصول أي: والله الذي له عندي شيء. فهذا وإن كان اللفظ يحتمله إلا أنه ظلم فلا يجوز؛ ولهذا جاء في الحديث: "يَمِينُكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ بِهِ صَاحِبُكَ"
رواه مسلم (1653) .
ولا ينفعك التأويل عند الله، وأنت الآن حالف على يمين فاجرة .
ولو أن رجلاً اتهمت زوجته بجنايات هي بريئة منها؛ فحلف وقال: والله إنها أختي،
وقال: أردت أنها أختي في الإسلام .
فهذا تعريض صحيح؛ لأنها أخته في الإسلام وهي مظلومة .
:::المرجع:
مجموع دروس فتاوى الحرم المكي
للشيخ : محمد بن صالح بن عثيمين رحمهٌ الله :::
مواقع النشر (المفضلة)