بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...آما بعد
الحـــكـــمـــة
وردت كلمة الحكمة في ثمانية عشر موضعاً في كتاب الله ووردت في سورة البقرة وحدها في ستة مواضع منها مرتين في آية واحدة وهو قوله تعالى:" يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ" نسئل الله العلي القدير من فضله.
ووردت في باقي سور القرآن في إثنا عشر موضعاً فماذا تعني كلمة الـحـكـمـة؟؟؟
وردت كلمة الحكمة على ضربين اثنين:
الأول: وحدها بمعنى :"وضع الشيء في مكانه الصحيح" كما في قوله تعالى:"فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَ الْـحـِكـْمـَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ" وقوله تعالى:"وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْـحـِكـْمـَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ"
الثاني : وردت مقرونة بالكتاب والمخاطب بها محمد صلى الله عليه وآله وسلم ومعناها السنة النبوية المطهر كما في قوله تعالى:"وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْـحـِكـْمـَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا" وقوله تعالى:"لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَ الْـحـِكـْمـَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ"
كما وردت الحكمة في آيتين اثنين من كتاب الله قد يترآى للقاريء أنها بغير هذا المعنى وهي قوله تعالى:"رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَ الْـحـِكـْمـَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ" وقوله تعالى:"أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَآ آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَ الـْحـِكـْمـَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا"
كما ذكرت أنفاً قد يخيل للقاريء أن الخطاب هنا غير موجه للمصطفى صلى الله عليه وآله وسلم أو أنه ليس المعني بالخطاب والصحيح أنه هو المعني يؤيد هذا المعنى الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده من حديث لُقْمَانُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ قَالَ قُلْتُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ مَا كَانَ أَوَّلُ بَدْءِ أَمْرِكَ قَالَ « دَعْوَةُ أَبِى إِبْرَاهِيمَ وَبُشْرَى عِيسَى وَرَأَتْ أُمِّى أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ مِنْهَا قُصُورُ الشَّامِ ».
لكن وردت الــحــكــمــة في موضعين من كتاب الله مقرونة بالكتاب لكن المخاطب بها عيسى ابن مريم عليه السلام فماذا تعني؟؟؟
يقول تعالى:"وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَ الْـحـِكـْمـَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ"
وفي قوله تعالى:"إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَ الْـحـِكـْمـَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِىءُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ".
المعنى هنا أيضاً السنة النبوية المطهرة على صاحبها الصلاة والسلام لأن عيسى عليه سلام يحكم في آخر الزمان بكتاب الله وسنة محمد صلى الله عليه وآله وسلم والأدلة على ذلك كثير.
والله أعلم
أسئل الله العلي القدير أن يعلمنا ماينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا.
مواقع النشر (المفضلة)