السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قد يعرض عند سماع المواعظ للسامع يقظة, فإذا انفصل عن مجلس الذكر عادت القسوة والغفلة! فتدبرت السبب في ذلك , فعرفته ... ثم رأيت النلس يتفاوتون فى ذلك, فالحالة العامة أن
القلب لا يكون على صفة واحدة من اليقظة عند سماع الموعظة وبعدها ,
لسببين: أحداهما : أن المواعظ كالسياط, والسياط لا تؤلم بعد انقضائها إيلامها وقت وقوعها .
والثاني : أن حالة سماع المواعظ يكون الإنسان فيها مزاح العلة , قد تخلى بجسمه وفكره عن أسباب الدنيا ,وأنصت بحضور قلبه, فإذا عاد إلى الشواغل اجتذبته بآفاتها , وكيف يصح
مع تلك الجواذب أن يبقى كما كان؟ !.
وهذه حالة تعم الخلق, إلا أن أرباب اليقظة يتفاوتون فى بقاء الأثر. فمنهم من يعزم بلا تردد, ويمضى من غير التفات , فلو توقف بهم ركب الطبع لضجوا كما قال حنظلة عن نفسه: نافق حنظله !
ومنهم أقوام يميل بهم الطبع إلى الغفلة أحيانا , ويدعوهم ما تقدم من المواعظ إلى العمل أحيانا ,فهم كالسنبلة تميلها الرياح ! وأقوام لايؤثر فيهم إلا بمقدار سماعه , كماء دحرجته على صفوان . . . ! !
منقول من كتاب صيد الخاطر للإمام أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي
مواقع النشر (المفضلة)