هذه القصيدة كتبها الشاعر "هلال الفارع" بعد أن تهجم عليه بعض أنفار بالسب والشتم، فرد عليهم يقول:
وَسَوْفَ أجْعَلُ مِنكمْ في الوَرَى مَثَلاً... وَعِبْـــرَةً تَتَلاقَــى حَوْلَهـــا العَـــرَبُ
[poem=font=",6,white,norma l,normal" bkcolor="black" bkimage="" border="double,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
هل غَالَكَ الوَجْدُ، أمْ هلْ نالَكَ الْوَجَبُ=حَتَّى غَضِبْتَ، وجَافَى حَرْفَكَ الطَّرَبُ؟
وَمَا الَّذي سَلَكَ الأشْعَارَ في سَقَرٍ=مِنْ بَعْدِما عَلَّ مِنْ أَقْداحِهَا الْعِنَبُ
واسْتَأْنَسَتْ كَأْسُها حَتَّى أَمَلْتَ بِها=عَقْلَ القَوافي، وناجَى ريقَهَا الشَّرَبُ؟!
قدْ كانَ في حَرْفِكَ المَنْسُوجِ مِنْ قُطُفٍ=وَمِنْ إِباءٍ عَلاءٌ سَلَّهُ اللَّجَبُ
وكُنْتَ تَهْرِقُ حِبْرًا لا يَعِنُّ لَهُ=غيرُ الْمَلاحِمِ مِمَّا لم تَحُزْ نُخَبُ
واليومَ تَحرِقُ صَبْرًا في هِجا سَخَمٍ=ويستَفِزُّكَ شُذَّاذٌ بِهِمْ وَصَبُ
فكيفَ عُجْتَ على هَجْوٍ لِذي سَفَهٍ=وكانَ يُمْكِنُ أنْ يُنْسِيكَهُ الأَرَبُ؟
فقلتُ: هَيَّجَ حَرْفي جَرْوُ مَارِقَةٍ=خَرْقاءَ، تُصْهِلُ في أَعرَاقِها الْعِيَبُ
حَالَتْ عَلى حُمُرٍ مَخْصِيَّةٍ فَعَفَتْ=إِلاَّ بَقَايا تَهَجَّى جُوعَهَا السَّلَبُ
فَأَنْجَبَتْ جَرْوَها المجذومَ مِنْ دُبُرٍ=بئسَ السِّفاحُ، وبِئسَ المَشْرَبُ الْحَلَبُ
قَمِيئَةٌ حَدُّهَا رُخْصٌ وَمَثْلَبَةٌ=وتَافِهُونَ على بَأْسَائِهِمْ صُلِبُوا
وَجَوْقَةٌ مِنْ رُعَاعٍ لا خَلاقَ لَهُمْ=وَسِيقَةٌ بِسُلاحِ الْعَارِ قد خُضِبُوا
جَالُوا على دَنَسِ الأَوْكَارِ فانْتَسَبُوا=وخَالَعُوا الشَّرَفَ الْمَوْءُودَ فَاضْطَرَبُوا
وَخَيَّمُوا في هَزِيعِ الفُحْشِ وامْتَشَقُوا=حِبْرَ الفُجُورِ، وما أَشْفَاهُمُ الأَدَبُ
تُمْسِي المَخَازي بِهِمْ مَزْهُوَّةً ذُلُلاً=وَكُلُّ نَاقِصَةٍ فيهِمْ لَها شَغَبُ
قَدْ أَوْغَلُوا في الرَّزَايا، وهي كَارِهَةٌ=وأَمْعَنُوا في الدَّنايا، وهي تَنْتَحِبُ
جَرَتْ بِهِمْ سُفُنُ الفَحْشاءِ فانْقَعَرَتْ=وَكُلُّ دَاهِيَةٍ يسْعَى بِها سَبَبُ
أَتُتْرَكُ السُّفَّهُ الشَّوْهَاءُ سُمْعَتُها=وَيُعْتَقُ السُّفَّلُ الحَمْقَى إِذا نَعَبُوا؟!
تاللهِ لا.. قَبْلَ أنْ يَشْقَى بِصَرْخَتِهِمْ=سَوْطُ الحُروفِ، وَيشْفَى منهمُ الغَضَبُ
وَقَبْلَ أنْ يَتَوارَوْا دُونَ قافِيَةٍ=تَؤُزُّهُمْ لِجَحيمٍ بَرُّهَا شُهُبُ
تَحَمَّلَتْ ويحَ "أروى" وهي جاهِلَةٌ=وَحِمْلُها – لو دَرَتْ في غِيِّها – حَطَبُ
وَخَلْفَها راحَ يَحْثُو مِنْ نَقِيصَتِهِ=لَها "أبو لَهَبٍ"، يَجْتاحُهُ عَطَبُ
تَمَرَّدَ الوابِقُ المَوْبوءُ وانْصَدَعَتْ=بِصَدْرِهِ زَفْرَةٌ تَشْكو وتَلْتَهِبُ
وَقَامَ بَيْنَهُما عِجْلٌ لَهُ خَوَرٌ=وَقَوْمُ لُوطٍ تَدَاعَوْا، فاسْتَوَى "الْنُّجُبُ"
الْمارِقُونَ مِنَ الأَخْلاقِ، لا خَجَلٌ=يَرُدُّهُمْ، وَلَهُمْ في حُمْقِهِمْ رُتَبُ
وَلَيْسَ يَقْرِضُهُمْ عنْ فُحْشِ غايَتِهِمْ=إلاَّ التَّفَحُشُّ والخُسْرانُ والْكَذِبُ
تَوَعَّرُوا وارْتَدَوْا مِنْ كُلِّ مُوبِقَةٍ=جِلْدًا تَقَرَّحَ، واسْتَشْرَى بِهِ الْجَرَبُ
لا شيْءَ يَرْقُمُهُمْ في آدَمِيَّتِهِمْ=إلاَّ التَّشَبُّهُ بِالْخِصْيَانِ إِنْ رَغِبُوا
آلَوْا على كَذِبٍ أَيْمانَهُمْ، وَلَهُمْ=في كُلِّ مُخْتَلَقٍ سَهْمٌ وَمُقْتَرَبُ
فَأيُّ دائِرَةٍ دارَتْ على دَمِهِمْ=تَذْرُو بَقَايَا الْبَقَايا، وَهْيَ تَقْتَرِبُ؟
حَتَّى إِذا اتَّصَلَتْ دَوَّتْ كَقارِعَةٍ=تَصُمُّهُمْ، ولَها في ذَوْبِهِمْ رَغَبُ
في مَوْقِعِ الزِّبْلِ هانَ القَوْمُ واجتَمَعُوا=في قُفّةٍ مِلْؤُها ما عَافَتِ الرَّكَبُ
"المبدعونَ"!!.. وَيَنْدَى الحَرْفُ في وَطَنٍ=فيهِ الدِّيانَةُ والأخْلاقُ تُجْتَنَبُ
وتُبْتَلَى بِعِصَاباتٍ مُنَظَّمَةٍ=أَبْطالُها: تافِهٌ.. غِرٌّ، وَمُسْتَلَبُ
مِنْ مِثْلِ مُنْتَسَبِ "القُدُّومِ" هَانَ بِهِ=شَأْنُ الرِّجالِ، وبِئْسَ التَّافِهُ النَّسَبُ؟
أَغْوَى، وقاحَبَ حتَّى عَافَهُ شَرَفٌ=عليهِ مِنْ سَقَطَاتِ المُبْتَلَى زَغَبُ
يَجْتَرُّ سُبَّتَهُ في كُلِّ مُجْتَلَبٍ=والسُّوقُ يُخْسِرُها مِنْ رَهْطِهِ جَلَبُ
لا تَزدَهِي زَفَّةُ الحَمْقَى بِلا جُعَلٍ=هذا " النُّوَيجِرُ" قدْ طَلَّتْ بِهِ الطُّنُبُ
مُخَوْزَقًا تافِهًا عِرًّا أَخا مَلَقٍ=كَأَنَّمَا نَفَرَتْ عَنْ لَحْمِهِ الأُهُبُ
يَكادُ يَِأكُلُ مِمَّا نَفْسُهُ سَلَحَتْ=عليهِ مِنْ دَرَنٍ، لَمَّا طَغَى السَّغَبُ
يا وَيْحَهُ، ما وَعَى أَعيَارَ فِعْلَتِهِ=بِمِثْلِهِ يَجْمُلُ الإشْفاقُ، لا الوَجَبُ
مَنْ ذا "النّويجِرُ" إذْ يَقعَى بِكُنْيَتِهِ=على خَرابِ ضَميرٍ فيهِ يَغْتَرِبُ؟!
هذا " النّويجِرُ " واهٍ كَيْ يُجَدِّعَهُ=سَيْفُ الحروفِ، وَتُلقَى فَوقَهُ القُرَبُ
يَعيشُ مُلْتَحِفًا بالنُّكْرِ، وهو قَذًى=وَلَيسَ يُنْجِدُه في النُّكْرِ مُصطَخَبُ
يا عَيْبُ دونَكَ خَيِّمْ في حَماقَتِهِ=فليسَ يَمْنَعُها سِتْرٌ ولا حُجُبُ
وليسَ يا عَيْبُ مِنْ عَيْبٍ إِذا اتَّشَحَتْ=صُدورُهُمْ بِوِشاحِ الهُونِ، فاضطَرَبوا
الغائِرُونَ مِنَ الدُّنْيا بِخَرْدَلَةٍ=مِنْ عِزَّةٍ، وإِلى الأُخْرى بما اكْتَسَبُوا
ومِثْلِ مُشْتَبِهٍ بالسّيْفِ مُبتَئِسٍ=هلْ مِنْ "حُسَامٍ" لَهُ في دَبْرِهِ ذَنَبُ؟!
جافَى الفَضائِلَ، فانْهارَتْ رُجُولَتُهُ=حّتَّى غَدا خَنِثًا، في وَجْهِهِ صَهَبُ
يَقْتَاتُ مِنْ ثديِهِ إنْ جاعَ في نَهَمٍ=ولا يَمُوتُ ذليلٌ هَدَّهُ النَّصَبُ
يا واسِعَ العِرْضِ، يا نَهَّاشَ عِفَّتِهِ=أليسَ يَجْمُلُ أن يَطْويكَ مُحتَجَبُ
إذا استَزَارَكَ نَجَّارٌ أَخُو عَتَهٍ=إلى مَخازِيهِ، لمَّا استَفْحَلَ الذَّرِبُ؟!
شاهَتْ وُجوهٌ على أَدْرَانِها اصْطَفَقَتْ=لمَّا تَصافَقَ نَجَّارٌ.. وَ"مُنْتَصِبُ"
أَأَنْتَ تَحمِلُ يا "حَسُّومُ" وِزْرَ قَذًى=إِذا تَعَفَّرَ فيهِمْ وَجْهُكَ التَّرِبُ؟!
لَنْ يُنْجِدَ القَلَمُ المَأْجورُ في صَخَبٍ=وهل يُفيدُ طَريحَ السَّقْطَةِ الصَّخَبُ؟!
لا رَدَّكَ اللهُ يا "ابنَ أُبَيِّ" إذْ حَصِبَتْ=رِدْفاكَ، وانتَعَلَتْ مِنْ وَجْهِكَ الأَضُبُ
ومِثْلِِ مُتَِّّشِحٍ بالمَوْجِِ وهْوَ بِهِ=صَادٍ إلى الماءِ، تَعلُو وَجْهَهُ النُّوَبُ
يَبيتُ يَشرَبُ مَا يَهْذي عَلى سَقَمٍ=لا يَلتقي يا "غَشِيمُ" الصَّبُّ والصَّبَبُ
سَكَتُّ عنكَ طَويلاً، إِنَّمَا اتَّسَعَتْ=خُرُوقُ وَجْهِكَ، واعتَلَّتْ بكَ الرِّيَبُ
ولم يَعُدْ بَعْدُ للصَّبْرِ الجَميلِ مَدًى=وقد بَلَغْتَ خُطُوطًا حَدُّها القُضُبُ
فَاقْنَعْ بِما أنتَ فيهِ، وانْتَبِذْ عَفَنًا=فَذا وِشَاحُ أَذًى أَهْدَتْكَهُ الْحِقَبُ
لا يَرْعَوِي الْكَلْبُ يا "مُوجي"، ولو لَمَعَتْ= في طَوْقِهِ شَذَرَاتٌ كُلُّهَا غَرَبُ
ولا يُقَوَّمُ ذَيْلُ الكَلْبِ لو صُنِعَتْ=لهُ قَوَالِبُ ماسٍ حَفَّهَا ذَهَبُ
إليكَ عن شَرَفٍ تَسْعَى لهُ، فلَدَى=عَمَاك ذا شَرَفٌ يَبْلَى وَيُغْتَصَبُ
أمَّا السَّبَايا، وقد غَوَّطْنَ مِنْ سَفَهٍ =في غائِطٍ، فَلَهُنَّ الْعَارُ والسَّرَبُ
الرَّاقِصاتُ على أَعراضِهِنَّ وفي=أَخلاقِهِنَّ ثَوَى الإملاقُ والتَّعَبُ
يُغْوينَ بالرُّخْصِ مَنْ هانَتْ رُجُولَتُهُ=عليهِ، أو راحَ يشكُو عَجْزَهُ الوَصَبُ
يا صابِرينَ على الأنّاتِ لا أسَفٌ=فَلَسْتُ مَنْ يُوقِظُ الموتَى لِيَحتَلِبُوا
ولستُ مَنْ يُقنِعُ النَّجْوَى بتافِهَةٍ=مرٌّ مَذاقَتُها، خاوٍ بِها الطَّلَبُ
"الفالِتاتُ" وما في الحَيِّ مِنْ لُجُمٍ=و"السَّارِحاتُ" وما في الدّارِ مُرْتَقِبُ
ومثلِ مُنْحَشِرٍ في الشِّعْرِ وهْو أَذًى=للحَرفِ والصَّرْفِ، لا شِعْرٌ ولا خُطَبُ
يسوقُ بَغْلاً إلى المِضْمارِ دُونَ هُدًى=الخيْلُ تَعبُرُ، والبَغَّالُ مُسْتَلَبُ
"ديكَ المَزَابلِ" مَنْ أَلقاكَ في سَقََرِي=مُنَفَّشَ الرِّيشِ يَعلو وَجْهَكَ الطَّرَبُ
تَظُنُّها لُعبَةً أنْ تَشْتَهي غَضَبِي؟=إِذًا تَلَقَّ إذا ما شَطَّ بي غَضَبُ
يا أبْلَهَ العَقْلِ هذا الوِرْدُ وِرْدُ أَذًى =يُنَهْنِهُ النَّفْسَ، فافْهَمْ أَيُّها الطَّرِبُ
لَكَمْ تَمَنَّيْتُ لو لم تَنْتَفِشْ وَرَمًا=وَلَمْ تُقارِبْ تُيُوسًا، كُلُّهُمْ رُعُبُ
وَأَنْ تَفيءَ إِلَى عَقلٍ ومُرْتَكَزٍ= لكنَّ حُمْقَكَ أنْسَاكَ الذي يَجِبُ
فَرُحتَ تَأكُلُ مِنْ تَحتِ التي نَتِنَتْ=كأَنَّما شحَّ فيكَ العقْلُ والعَصَبُ
سَتَفْتَري؟ ما على الأنْجاسِ مِنْ عَتَبٍ=قُلْ ما تَشاءُ، فَأَبناءُ الأَذى غُلِبُوا
ماذا سأَخلَعُ مِنْ شِعرٍ على سَمِجٍ=تَزْوَرُّ مِنْ تَعْسِهِ الوَعثاءُ والجَدَبُ
لا يُذْبَحُ "الدِّيكُ" للأَضْيافِ في سَعَةٍ=مَنْ ذا سَيَأْكُلُ ديكًا شَلَّهُ النََّكَبُ؟!
صَبِئْتَ حينَ شَرِبْتَ الشَّرَّ في نَفَرٍ=عافَتْ نَجاسَتَهُمْ سَيْناءُ والنَّقَبُ
ما زالّ جِلْدُكَ مَحمُومًا يُقَرِّحُهُ=أن ليسَ يجْلِدُهُ شِعري، فما العَجَبُ؟
لأُبْقِيَنَّكَ في الماخُورِ مبْتَئِسًا=حَتَّى تَخيسَ، وبِئسَ الخائِنُ الثَّلِبُ
وَمِثْلِ "مُنْتَسَبِ العَاناتِ" في سَقَطٍ=مِنْ فاحِشِ القَولِ، للفَحْشاءِ مُنْتَدَبُ
يَلُومُني، وَهُوَ المسْؤُولُ عَنْ خَرَفٍ=ثاوٍ بِرِمَّتِهِ، يُغْويهِ ما كَتَبُوا
فاستَدرَجُوهُ، وَما يَدرِي لِخِفَّتِهِ=أَكانَ غادَرَهُ شَعْبانُ أم رَجَبُ؟!
كَمِثْلِ مُنْزَلِقٍ عَانَى بِسَقطَتِهِ=فليسَ يَقْوَى عَلى البَلْوَى، فَيَحتَسِبُ
يَظلُّ يَلطُمُ صَدرًا أَزَّهُ رَهَقٌ=وَجَلَّ فيهِ جِرابُ الحِقْدِ والرَّهَبُ
ماضٍ بِلَوْثَتِهِ عَبْرَ الفَضَاءِ، وفي=هِمْيانِهِ وَرِقٌ جَاسَتْ بِهِ الرُّقُبُ
دارَتْ عَلى خِسَّةِ "العاني" دَوائِرُها=فازوَرَّ حِقْدًا، فما يَشْفَى، فَيَنسَحِبُ
يَمضِي فَتَدمَغُهُ الأوحَالُ حيثُ ثَوَى=مُجَلَّلاً بِسَوادٍ شانَهُ لَحَبُ
لمْ يَأْتِ إلا فُجُورًا أينَمَا ارتَحَلَتْ=بِهِ الخَرائبُ، أو آوَى بِهِ الخَرَبُ
خُطاهُ عارٌ، وَفي غاياتِهِ وَرَمٌ=وَزادُهُ الخُبثُ والتَّزويرُ والنَّشَبُ
لمْ تَفْتَرِقْ عنهُ أَوهامٌ مُدَجَّجَةٌ=بالفِكرِ، زَوَّقَها في حُمْقِهِ عُصَبُ
بَغَى التَّوافِهُ، وازدادَتْ حَبائِلُهُمْ=فليسَ يَدرونَ ما تأتي بهِ السُّحُبُ
الشَّاعرُ الفارعُ المَعْروفُ سيرَتُهُ=أنا، وأنتَ سَرابٌ ساقَهُ كَذِبُ
واظِبْ على النّبْحِ يا هذا، فَقدْ هَزُلَتْ=أَنْ يَصْغُرَ الشِّعرُ حتَّى فيكَ يَنْسَكِبُ
يا وَيْحَهُم، أيُّ شُؤْمٍ فَضَّ صَفْحَتَهُمْ=أَمامَ قَافِيَةٍ نَسَّاجُها اللَّهَبُ؟
وَكَيْفَ هانُوا عَلى الفَحْشاءِ وارْتَهَنُوا=لِبِئْرِها؟ بِئْسَ ما عَلُّوا وما شَرِبُوا
يا أَحْقَرَ النَّاسِ إنِّي قدْ فَتَحْتُ لَكُمْ=بابَ الجَحِيمِ، فَماذا تُطْفِئُ الْقِرَبُ؟
سَتَصْطَلُونَ بِحَرْفِي كُلَّما بَرَدَتْ=جِبَاهُكُمْ، أو تَعَافَى فيكمُ النَّدَبُ
وَسَوْفَ أجْعَلُ مِنكمْ في الوَرَى مَثَلاً=وَعِبْرَةً تَتَلاقَى حَوْلَها العَرَبُ
حَتَّى إِذا قيلَ: شَرُّ الْخَلْقِ، فَزَّ بِكُمْ=عارٌ على جَسَدٍ تَسْعَى بِهِ رُكَبُ
تَعْسًا وبُعدًا لِجَرْوٍ أُمُّهُ صَبِئَتْ=وَتَلَّها لِلْفُجورِ السُّفَّلُ الْجُنُبُ
تَعْسًا لكُمْ، أَيُّ تاريخٍ سَيَذْكُرُكُمْ=وَإِنَّكُم ْ وَسَخٌ تَخْزَى بِهِ الكُتُبُ؟
ولمْ تزلْ فيكم الفحشاءُِ ضارِبَةً=أطنابَهَا، وَلَكُمْ في سُوحِها نُصُبُ
كلُّ النَّقائِصِ تَشْقى من نقائِصِكُمْ=حتى الخَوازيقُ يَشْكُو بُؤسَها الخَشَبُ
مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ، وفيكم كلُّ سافِلَةٍ=وَسافِلٍ عِرْضُهُ مُسْتَهَلَكٌ خَرِبُ؟
جَرُّوا على عارِهم عارًا، كَأَنْ عَرَفُوا=أنَّ الدَّنايا بِهِمْ.. أمٌّ لَهُمْ وَأَبُ
فأين يَجْرِي بكم يا قُبْحَ سيرَتِكُمْ=بِسَاطُ عارٍ، لَكُمْ في نَسْجِهِ نَسَبُ؟!
وَأَيْنَ تَمْضُونَ في حُمَّى سَفاهَتِكُمْ=تُخْفُونَ سَوْأَتَكُمْ، هلْ تُسْتَرُ الهِضَبُ؟!
مِثْلُ الخَنازيرِ إذ تَمضي لِشَهْوَتِها=لا غَيْرَةٌ من ثنايا فُحْشِها تَثِبُ
إنَّ الذينَ احْتَسَوْا عارًا وفاحِشةً=ليسُوا بأقذرَ منكم أيُّها الْحُوَبُ
فَيَوْمُكُمْ عَفَنٌ ينْدَى لَهُ عَفَنٌ=ولَيْلُكُم عُلَبٌ تَشْقَى بِها عُلَبُ
لستم رجالاً، ولستم نسوةً أبدًا=فما يُعرِّفُكُمْ ثَغْرٌ، ولا شَنَبُ
أنتم حُثالَةُ هذا الكَوْنِ يجمعُكُم=عُقْمٌ، وسُقْمٌ، وَبُهْمٌ هَرَّهَا الكَلَبُ !
أنتمْ زَنادِقَةٌ، ألقَى بكم رَفَثٌ=عَلى الرَّصيفِ، وفي الفحشا لكم دأَبُ
لا تَعتَبَوا إذْ جَثَوْتُمْ عِنْدَ قافِيَتي=هذا الزُّبَى طاشَ، ماذا يَنْفَعُ العَتَبُ؟
سَتَنْدَمونَ؟ نَعَمْ.. لكنْ وما نَدَمٌ=بِنافِعٍ بعدَما أَدمَتْكُمُ الْكُرَبُ
ذاكَ "المكَبُّ" لكم، طِيرُوا بِطينَتِكُمْ=إليهِ إِذْ جَيَّفَتْ، واسْتافَهَا العَطَبُ
عِشْتُمْ، وعاشَ لكمْ عارٌ يُجَلِّلُكُمْ=فَلَيْسَ للمَرْءِ بعدَ العارِ مُنْقَلَبُ!!
[/poem]
شعر: هلال الفارع
مواقع النشر (المفضلة)