تعال معي نتجول تحت هذه الفقرة ونسبح في بحر خضم من فضائل الله , لم يسبح فيه ولم يغترف منه إلا القليل من الناس العارفين بهذا الفضل .
فقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابته الكرام بمجموعة من فضائل الآذان و المؤذنين حتى جاءه أحدا لصحابة سائلاً كيف يفوز بما فاز به المؤذنون.
فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رجلاً قال : يا رسول الله إن المؤذنين يفضلوننا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( قل كما يقولون , فإذا انتهيت فسل تعطه))
وكأن الصحابي الجليل يسأل فما تأمرنا به من عمل نلحقهم بسببه ؟
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( قل كما يقولون )) أي – إلا على عند الحيلتين فتقول لا حول ولا قوة إلا بالله – فيحصل لك الثواب مثلهم . ثم أفاد زيادة على الجواب بقوله : (( فإذا انتهيت فسل تعطه))
أي : إذا فرغت من الإجابة فسل تعطه أي يقبل الله دعاءك.
فما هو الأجر والثواب الذي يحصل عليه المؤذن حتى نتعرف عليه لنكون مؤذنين أو نقول كما يقولون ؟
عن البراء بن عازب – رضي الله عنه-ــ أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إن الله وملائكته يصلون على الصف المقدم . والمؤذن يغفر له مدى صوته , ويصدقه من سمعه من رطب و يابس , وله أجر من صلى معه))
و اكتفينا بشرح ثواب العبارة الأخيرة من الحديث فما مقدار ذلك ؟
تخيل أخي المسلم لو كان في مسجد منطقتك على الأقل مائة مصلي في كل فريضة . فإذا كنت مؤذناً أو مجيباً للمؤذن فلك ثواب مائة مصل إضافة إلى ثوابك الذي تقدم ذكره في الفقرات السابقة , والذي يشتمل على ثواب سبع وعشرين صلاة , وثواب حجة , وثواب الخطوات إلى المسجد وغيرها كثير .
فلو حسبنا فقط ما ستناله من ثواب للحج فإنك ستكسب في الفريضة الواحدة ثواب مائة حجة على افتراض وجود مائة مصل وفي اليوم الواحد ثواب 500 حجة ( خمس فرائض x 100 مصل )
فكأنك عمرت 500 عام فحججت في كل سنة منها ( هذا في اليوم الواحد فقط ) .
فكيف لو أذنت للجمعة أو كنت مجيباً للمؤذن في صلاة العشاء أو الفجر ؟
فإن عمرك سيزداد طولاً لما رواه عثمان بن عفان رضي الله اله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من صلى العشاء في جماعة كان كقيام نصف ليلة ومن صلى العشاء والفجر في جماعة كان كقيام ليلة ).
فلو وجد مائة مصلي على الأقل في مسجد منطقتكم في صلاة العشاء و قد أذنت أو أجبت المؤذن , فلك بثواب أولئك المصلين ثواب قيام 50 ليلة ( 100 مصلي x نصف ليلة )
أي كأنك أضفت إلى عمرك 50 ليلة قمتها كلها لله لحضورك لصلاة العشاء جماعة فقط إضافة إلى ما سبق من أجور . وأما إذا فعلت ذلك في صلا ة الفجر فالثواب يرتفع إلى الضعف , فتأمل!!
لا تعجب من فضل الله الواسع , ولكن اعجب من غفلة الناس عن هذا الخير . ولا تقل أ ن هذا الكلام لا يمكن تصديقه أو فيه مبالغة في الثواب . فلقد قال لنا صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه أبو هريرة رضي الله عنه أنه قال : (( لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ( أي اقترعوا ) , ولو يعلمون ما في التهجير ( أي التبكير , وقيل الإتيان إلى صلاة الظهر أول الوقت ) لاستبقوا إليه , ولو يعلمون ما في العتمة ( أي العشاء) والصبح لأتوهما ولو حبواً ))
فإن أكثر الناس لا يلمون ذلك , ولو علموا لاستهموا كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم .
فيا أخي المسلم هل ستقول كما يقول المؤذن ؟ أم هل ستفوت عليك هذا الأجر اليومي خمس مرات ؟ فلو يعلم الناس بهذا الفضل الكبير من الله لما انشغلوا بأحاديثهم و أعمالهم في أثناء الآذان , ولو علموا بهذا العطاء الجزيل لاحترموا الآذان إذا سمعوه , وكذا صغارهم
مواقع النشر (المفضلة)