+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1
    صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute الصورة الرمزية صناع الحياة
    تاريخ التسجيل
    09 / 06 / 2005
    الدولة
    مصر
    العمر
    52
    المشاركات
    21,349
    معدل تقييم المستوى
    26561

    افتراضي الإعلان العالمي الأول لحقوق الإنسان

    كان تعليم مناسك الحج وأحكامه من آخر ما علمه - صلى الله عليه وسلم - أمته، بعد أن بلَّغ ما أُنزل إليه من ربه على أكمل وجه وأتمه؛ وقد فُرضت شعيرة الحج في السنة التاسعة من الهجرة، قُبيل مغادرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دار الدنيا لِيلحق بالرفيق الأعلى.

    وكان من مقاصد تشريع هذه الفريضة غسل ما عَلِقَ بها من أدران، وما خالطها من أوهام، لإعادتها نقية صافية تشع بنور التوحيد، ولتقوم على أساس العبودية للواحد القهار، ونبذ كل ما سواه من آلهة وأوثان.

    لقد كانت خطبة الوداع - التي تخللت شعائر الحج - لقاءً بين أمة ورسولها؛ كان لقاء توصية ووداع. توصيةَ رسول لأمته، لخص لهم فيه أحكام دينهم ومقاصده الأساسية في كلمة جامعة مانعة، خاطب بها صحابته والأجيال من بعدهم، بل خاطب البشرية عامة، بعد أن أدى الأمانة وبلَّغ الرسالة ونصح للأمة في أمر دينها ودنيها.

    وكانت الخطبة كذلك لقاءَ وداعِ رسول لأمته، وداعاً لهذه الدار الفانية إلى دار باقية، لا نَصَبَ فيها ولا تعب.

    ما أروعها من ساعة تلك التي اجتمع فيها من أرسله الله رحمة للعالمين مع الجموع المؤلفة خاشعين متضرعين، وكلهم آذان صاغية لكلمات الوداع وكلمات من لا ينطق عن الهوى { إن هو إلا وحي يوحى} (النجم:4) كلمات تجد صداها عند كل من يستمع لها، لأنها تخرج من القلب إلى القلب.

    لقد أنصتتِ الدنيا بأسرها - بلسان حالها ومقالها - لتسمع كلام أصدق القائلين وهو يقول: ( أيها الناس اسمعوا قولي فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا ) .

    لقد أنصتت الدنيا بأسرها - بلسان حالها ومقالها - لتسمع قوله - صلى الله عليه وسلم - وهو يُلخص لأمته - بل للبشرية جمعاء - مبادئ الرحمة والإنسانية، ويرسي لها دعائم السلم والسلام، ويقيم فيها أواصر المحبة والأخوة، ويغرس بأرضها روح التراحم والتعاون؛ وكأنه صلى الله عليه وسلم كان يعلم - بما أطلعه الله عليه - أنه سيأتي على الناس حين من الدهر يودِّعون فيه هذه المبادئ، ويلقونها ورائهم ظهريًا، ويسيرون في عالم تسود فيه معايير القوة والظلم - ظلم الإنسان لأخيه الإنسان - ويُقدم فيه كل ما هو مادي على ما هو إنساني.



    خطبة الرسول في حجة الوداع

    قال ابن إسحاق : ثم مضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على حجه فأرى الناس مناسكهم وأعلمهم سنن حجهم وخطب الناس خطبته التي بين فيها ما بين فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس اسمعوا قولي ، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا ، أيها الناس إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا ، وكحرمة شهركم هذا ، وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم وقد بلغت ، فمن كان عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها ، وإن كل ربا موضوع ولكن لكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون . قضى الله أنه لا ربا ، وإن ربا عباس بن عبد المطلب موضوع كله وأن كل دم كان في الجاهلية موضوع وإن أول دمائكم أضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ، وكان مسترضعا في بني ليث فقتلته هذيل فهو أول ما أبدأ به من دماء الجاهلية . أما بعد أيها الناس فإن الشيطان قد يئس من أن يعبد بأرضكم هذه أبدا ، ولكنه إن يطع فيما سوى ذلك فقد رضي به بما تحقرون من أعمالكم فاحذروه على دينكم أيها الناس إن النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا ، يحلونه عاما ويحرمونه عاما ، ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله ويحرموا ما أحل الله . إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا ، منها أربعة حرم ثلاثة متوالية ورجب مضر ، الذي بين جمادى وشعبان . أما بعد أيها الناس ، فإن لكم على نسائكم حقا ، ولهن عليكم حقا ، لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه وعليهن أن لا يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضربا غير مبرح فإن انتهين فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف واستوصوا بالنساء خيرا ، فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئا ، وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمات الله فاعقلوا أيها الناس قولي ، فإني قد بلغت ، وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا ، أمرا بينا ، كتاب الله وسنة نبيه . أيها الناس اسمعوا قولي واعقلوه تعلمن أن كل مسلم أخ للمسلم وأن المسلمين إخوة فلا يحل لامرئ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه فلا تظلمن أنفسكم اللهم هل بلغت ؟ فذكر لي أن الناس قالوا : اللهم نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اللهم ا شهد
    اسم الصارخ بكلام الرسول وما كان يردده

    قال ابن إسحاق : وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه عباد قال كان الرجل الذي يصرخ في الناس بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وهو بعرفة ربيعة بن أمية بن خلف . قال يقول له رسول الله - صلى الله عليه وسلم قل يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هلا تدرون أي شهر هذا ؟ " فيقول لهم فيقولون الشهر الحرام فيقول قل لهم " إن الله قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة شهركم هذا " ; ثم يقول قل " يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هل تدرون أي بلد هذا ؟ " قال فيصرخ به قال فيقولون البلد الحرام ، قال فيقول قل لهم " إن الله قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة بلدكم هذا " . قال ثم يقول قل " يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هل تدرون أي يوم هذا ؟ قال فيقوله لهم . فيقولون يوم الحج الأكبر قال فيقول قل لهم إن الله قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا .
    رواية ابن خارجة عما سمعه من الرسول في حجة الوداع

    قال ابن إسحاق : حدثني ليث بن أبى سليم عن شهر بن حوشب الأشعري عن عمرو بن خارجة قال بعثني عتاب بن أسيد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حاجة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقف بعرفة فبلغته ، ثم وقفت تحت ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن لغامها ليقع على رأسي ، فسمعته وهو يقول أيها الناس إن الله قد أدى إلى كل ذي حق حقه وإنه لا تجوز وصية لوارث والولد للفراش ، وللعاهر الحجر ، ومن ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا
    بعض تعليم الرسول في الحج

    قال ابن إسحاق : وحدثني عبد الله بن أبي نجيح : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين وقف بعرفة قال هذا الموقف للجبل الذي هو عليه وكل عرفة موقف وقال حين وقف على قزح صبيحة المزدلفة : هذا الموقف وكل المزدلفة موقف ثم لما نحر بالمنحر بمنى قال هذا المنحر وكل منى منحر فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحج وقد أراهم مناسكهم وأعلمهم ما فرض الله عليهم من حجهم من الموقف ورمي الجمار وطواف بالبيت وما أحل لهم من حجهم وما حرم عليهم فكانت حجة البلاغ وحجة الوداع وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحج بعدها .
    وقوله عليه السلام في خطبة الوداع ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان إنما قال ذلك لأن ربيعة كانت تحرم في رمضان وتسميه رجبا من رجبت الرجل ورجبته إذا عظمته ، ورجبت النخلة إذا دعمتها ، فبين عليه السلام أنه رجب مضر لا رجب ربيعة ، وأنه الذي بين جمادى وشعبان وقد تقدم تفسيره قوله إن الزمان قد استدار وتقدم اسم ابن أبي ربيعة المسترضع في هذيل ، وأن اسمه آدم وقيل تمام وكان سبب قتله حرب كانت بين قبائل هذيل تقاذفوا فيها بالحجارة فأصاب الطفل حجر وهو يحبو بين البيوت كذلك ذكر الزبير .

    أما ما تضمنته خطبة الوداع من مبادئ وتوصيات، فنقف عند بعضٍ منها، فيما تبقَّى من هذه السطور:

    المبدأ الأول : حرمة سفك الدماء بغير حق، وفي هذا يقول عليه الصلاة والسلام: ( أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة يومكم هذا، وحرمة شهركم هذا.. ) فأين أمة الإسلام اليوم من تطبيق هذا المبدأ، وقد أخذ بعضها برقاب بعض، وتسلط القوي فيها على الضعيف، وآل أمرها إلى ما هو غير خاف على أحد، حتى أضحت في موقع لا تحسد عليه.

    وقد كرر عليه الصلاة والسلام هذه الوصية في خاتمة خطبته - كما ذكر ابن هشام في سيرته - مؤكدًا ضرورة الاهتمام بها بقوله: ( تعلَمُنَّ أن كل مسلم أخ للمسلم، وأن المسلمين أخوة، فلا يحل لامرئ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب منه، فلا تظلمن أنفسكم.. ) .

    المبدأ الثاني : قوله - صلى الله عليه وسلم: ( ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، دماء الجاهلية موضوعة...وربا الجاهلية موضوع.. ) وهذا نص واضح، وتصريح صارخ أن كل ما كان عليه أمر الجاهلية قد بَطَل، ولم يبقَ له أي اعتبار، بل هو جيفة منتة، لا يمكن أن ينهض بأمة، بَلْهَ أن يبني حضارة تكون هدى للبشرية، بل هو إلى الهدم والخراب أقرب.

    وثالث المبادئ : في خطبته - صلى الله عليه وسلم - وصيته بالنساء خيرًا ( واستوصوا بالنساء خيرًا ) ما أروعها من وصية، وما أحرى بالإنسانية اليوم أن تلتزم بها وتهتدي بهديها، بعد أن أذاقت المرأة أشد العذاب - تحت مسمى حرية المرأة - ودفعت بها إلى مهاوي الذل والرذيلة، وجردتها من كل معاني الكرامة والشرف، تحت شعارات مزيفة، لا تمت إلى الحقيقة في شيء.

    لقد جهل أصحاب تلك الشعارات بل تجاهلوا الفرق بين كرامة المرأة وحقوقها الطبيعية التي كفلها لها شرع الله، وما نادوا به من شعارات تطالب بحرية المرأة، وهي عند التحقيق والتدقيق دعوة لاستباحة الوسائل المختلفة للتمتع بالمرأة والتلهي بها.

    إن المرأة اليوم - كما لا يخفى على كل ذي بصر وبصيرة - تنجرف مع تيار كاسح يكاد يختزل المرأة وقيمتها ووظيفتها في الجسد المزوَّق، والمظهر المنمَّق، المعروض في كل مكان، والمبذول لكل راغب ومريد!!

    أما المبدأ الرابع : فكان وصيته عليه الصلاة والسلام لأمته التمسك بكتاب ربها والاعتصام به، مبينًا أنه سبيل العزة والنجاح ( وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله ) صدقت يا رسول الله لقد ضمنتَ لأمتك الأمان من كل شقاء وضلال إذا هي تمسكت بهدي هذا الكتاب. وهل وصلت أمة الإسلام إلى ما وصلت إليه إلا بهجر كتاب ربها وترك منهج نبيها، ولا يصلح أمر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.

    كم هي البشرية اليوم بحاجة ماسَّة - بعد أن وصلت إلى ما وصلت إليه - إلى مراجعة نفسها وتدارك أمرها والاهتداء بهدي من أرسله الله رحمة للعالمين، فهل تفيء البشرية إلى رشدها أم تبقى في غيِّها لا تلوي على أحد، ولا تُقيم وزنًا لدين أو خلق.


    ﴿ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نعمتي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلاَمَ دِينًا﴾ (المائدة: 3)
    نزلت هذه الآية الكريمة في حجة الوداع في السنة العاشرة من الهجرة، في نفس اليوم الذي خطب فيه عليه الصلاة والسلام خطبةً جامعةً في موقف عرفة، أرسى فيها قواعد الإسلام وهدم مبادئ الجاهلية، وعظَّم حرمات المسلمين.. خطب الناس وودَّعهم بعد أن استقرَّ التشريع وكمل الدين وتمت النعمة ورضي الله هذا الإسلام دينًا للإنسانية كلها.

    لقد كانت خطبةُ الوداع لقاءً رائعًا بين أمة ورسولها؛ كان لقاءَ توصية ووداع.. توصية رسول لأمته، لخَّص لهم فيه أحكام دينهم ومقاصده الأساسية في كلمة جامعة مانعة، خاطب بها صحابته والأجيال من بعدهم، بل خاطب البشرية عامةً، بعد أن أدَّى الأمانة وبلَّغ الرسالة، ونصح الأمة في أمر دينها ودنياها.. فلقد أرسى فيها مبادئ الرحمة والإنسانية، وأرسى دعائم السِّلم والسلام، وأقام أواصر المحبة والأخوَّة.

    وإذا كان البعض يتغنَّى بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في العاشر من شهر ديسمبر 1948- باعتباره أول إعلان يَصدر عن هيئة عالمية يشتمل على بنود لإقرار حقوق الإنسان- فإن هذا يُعد من قبيل المغالطة، فالمتأمل في خطبة الوداع التي ألقاها رسول البشرية منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا يجدها بمثابة الإعلان العالمي الأول لحقوق الإنسان الذي تحدد في عدة بنود، منها:

    1- حرمة سفك الدماء: فالمبدأ الأول الذي أرساه الرسول الكريم في خطبته هو حرمة سفك الدماء بغير حق، وفي هذا يقول عليه الصلاة والسلام: "أيها الناس.. إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرامٌ عليكم إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا" فقد نادى هذا النبي العظيم بحقوق الإنسان، وأنه لا بد أن يكون محترمًا، له مكانته بين الناس.

    وقد روي عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه نظر إلى الكعبة وقال:"ما أعظمك!! وما أشد حرمتك!! والذي نفسي بيده، لَلمؤمن أشدُّ حرمةً عند الله منك" فأين أمة الإسلام اليوم من تطبيق هذا المبدأ، وقد أخذ بعضُها برقاب بعض، وتسلَّط القوي فيها على الضعيف.

    2- حرمة مال الإنسان: فكما حرَّم سفك الدماء فقد حرَّم سلب المال بغير وجه حق فقال ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ (الحجرات: 10)، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: " لا يحل لامرئ مالُ أخيه إلا عن طِيب نفس منه "؛ لذا حضَّ على أداء الأمانات إلى أهلها، فقد قال " فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها " كما أنه حرم استغلال الإنسان لحاجة وفقر أخيه فقال " وإن كل ربا موضوع"؛ حيث كان الربا من موبقات الجاهلية المتأصلة التي يستغل فيها الأغنياءُ حاجةَ الفقراء، كما أنه حرم حرمان الوارث من نصيبه فقال "أيها الناس إن الله قد قسم لكل وارث نصيبه من الميراث" وحفظًا لحقوق الوارثين منعَ الوصية بأكثر من الثلث أو لمستحق للميراث "ولا تجوز لوارث وصية ولا تجوز وصيةٌ في أكثر من الثلث".

    3- لا محاباة ولا تفضيل: فقد كان رسول الله صريحًا في عباراته التي تقطع على المتشككين فكرَهم حين يعتقد البعض أن الرسول الكريم يستثني أقاربَه من التكليفات الإلهية، بل إنه بلغ قمة النقاء والعدل حين بدأ بأقاربه وذوي رحمه فقال "إن ربا الجاهلية موضوع وإن أول ربا أبدأ به ربا عمي العباس بن عبد المطلب، وإن كل دم في الجاهلية موضوع، وإن أول دم أبدأ أضع دم عامر بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب".

    4- ولكم في القصاص حياة: فقد عالجت الخطبة قضيةً خطيرةً، ألا وهي حفظ النفوس، وصيانة الدماء من خلال حكم القصاص في النفس والجراحات، والذي كان من حِكَمه التشريعية زجر المجرمين عن العدوان.

    وقد عجزت الأمم المعاصرة - بتقدمها وتقنية وسائلها - أن توقف سيل الجرائم وإزهاق النفوس، بل إننا نرى قرى بأكملها في صعيد مصر تتفشَّى فيها عادةٌ مذمومة وهي الأخذ بالثأر، ولكن الرسول قد حسم الأمر بالقصاص العادل وفق الآية الكريمة: ﴿وَلَكُمْ فِي ٱلْقِصَاصِ حَيَوٰةٌ يا أولي الألباب﴾ (البقرة: 179).. إن في القصاص حياةً حين يكفُّ من يَهمُّ بالجريمة عن الإجرام، وفي القصاص حياةً حين تُشفَى صدور أولياء القتيل مِن الثأر الذي لم يكن يقف عند حدٍّ لا في القديم ولا في الحديث.. ثأرٌ مثيرٌ للأحقاد العائلية والعصبيات القبلية يتوارثه الأجيال جيلاً بعد جيلٍ لا تكفُّ معه الدماء عن المَسيل.

    ويأتي حسمٌ عمليٌّ، ومباشرة تطبيقية من النبي في هذا الموقف العظيم، وفي إلغاء حكم جاهلي في مسألة الثأر كما رأينا أنه بدأ بوضع دم ابن ربيعة بن الحارث، كما أنه فرَّق في الخطبة بين القتل العمد والقتل الخطأ ووضَّح لكل منهما حكمه فقال "والعمد قوَد، وشبه العمد ما قُتل بالعصا والحجر وفيه مائة بعير فمن زاد فهو من أهل الجاهلية".

    وحذر من الانقياد وراء الشيطان الذي يريد إيقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين فقال "ألا إن الشيطان قد يئس أن يَعبده المصلون، ولكن في التحريش بينهم"؛ لذا حذَّر من الانقياد وراء الفتن فقال "فلا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض".

    5- إعلان حقوق المرأة: فقد أعلن فيها حقوق المرأة، وأنها إنسانةٌ لها شأنها في المجتمع، فهي تمثل نصف الأمة، ثم هي تلد النصف الآخر، فهي أمة كاملة.

    ففي خطبته - صلى الله عليه وسلم- كانت وصيتُه بالنساء خيرًا "واستوصوا بالنساء خيرًا" ما أروعها من وصية!! وما أحرى بالإنسانية اليوم أن تلتزم بها وتهتدي بهديها!! بعد أن أذاقت المرأة أشد العذاب- تحت شعار حرية المرأة- ودفعت بها إلى مهاوي الذل والرذيلة، وجرَّدتها من كل معاني الكرامة والشرف تحت شعاراتٍ مزيَّفة، لا تمتُّ إلى الحقيقة بصلة، فلقد جهل أصحاب تلك الشعارات- بل تجاهلوا- الفرقَ بين كرامة المرأة وحقوقها الطبيعية التي كفلها لها شرع الله، وما نادوا به من شعاراتٍ تطالب بحرية المرأة.

    فهي كإنسانة لا تفترق عن الرجل وفي الحقوق أيضًا "أيها الناس.. إن لكم على نسائكم حقًّا، ولهن عليكم حقًّا، لكم عليهن ألا يُوطِئن فُرُشكم أحدًا تكرهونه، وعليهن ألا يأتين بفاحشة مبينة" ثم كان الأمر بالترفق بهن والقضاء على كل أشكال العنف والقهر التي كانت تمارَس ضد المرأة "فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تهجروهن في المضاجع، وتضربوهن ضربًا غير مبرِّح"، فإن إصلاح عوج المرأة راجعٌ إلى زوجها ليمنع العوج والنشوز، وليعيد الاستقرار إلى جوانب البيت في معالجة داخلية.

    ثم حدد حقوق الزوجة على زوجها في وجوب الإنفاق عليها وكسوتها، مع معاملتها بالمعروف "فإن انتهين فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف، واستوصوا بالنساء خيرًا، فإنهن عندكم عوانٍ لا يملكن لأنفسهن شيئًا، وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله".

    والمتأمل في مواريث العرب والجاهلية قبل الإسلام يجد أنها احتقرت المرأة، بل لعلها رأت أنها شرٌ لا بد منه، وإذا كانت مواريث الجاهلية قد جعلت المرأةَ في خلفية الصورة ونظرت إليها على أنها شؤم وعار فإن مسلك التقدم المعاصر قد جعلها مصيَدَةً لكل الآثام، ولكنَّ هدْيَ النبي الكريم أعطَى كلَّ ذي حقٍّ حقه، وحفظ لكلٍّ نصيبَه، كما أنه حمى حق المرأة والطفل والأسرة كلها بتقريره قاعدة "الولد للفراش"؛ ليحافظ على الأسرة الطاهرة النقية المتماسكة.

    6- القضاء على أشكال التمييز: فقد أعلن الرسول الكريم أن الناس متساوون في التكاليف، حقوقًا وواجباتٍ، لا فرق بين عربيٍ ولا عجمي إلا بالتقوى، لا تفاضل في نسب، ولا تمايز في لون، فالنزاعات العنصرية والنعرات الوطنية لا يَعتد بها الإسلام، فالكل سواسيةٌ أمام الله، ففي الإسلام لا فرق بين أبيض ولا أسود ولا أحمر، ولا يوجد نسب ولا مال ولا جاه، الكل سواءٌ أمام الله "أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ليس لعربي فضل على أعجمي إلا بالتقوى".

    وهو بهذا الإعلان قد سبق بنود إعلان الأمم المتحدة التي منها:

    - يولد جميع الناس أحرارًا متساوين في الكرامة والحقوق.

    - لكل إنسان حقُّ التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين.

    فما الذي أضافه هذا الإعلان سوى أنه حِبرٌ على ورق، وأن الدول التي أقرت هذا الإعلان هي أكثر الدول انتهاكًا لأبسط حقوق الإنسان!!

    أما الرسول الكريم فهو الذي أعلن حقوق الإنسان واحترمها وطبَّقها حتى على ذوي رحمه، وبالفعل كانت خطبة الوداع أول إعلان وأول ميثاق عالمي لحقوق الإنسان.

    جمعته لكم من مصادر مختلفة

     
  2. #2
    زينة الحياة is on a distinguished road الصورة الرمزية زينة الحياة
    تاريخ التسجيل
    19 / 11 / 2008
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    73
    معدل تقييم المستوى
    276

    افتراضي رد: الإعلان العالمي الأول لحقوق الإنسان

    [align=center]نور الله عقلك
    وبورك جهدك[/align]

     
  3. #3
    صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute الصورة الرمزية صناع الحياة
    تاريخ التسجيل
    09 / 06 / 2005
    الدولة
    مصر
    العمر
    52
    المشاركات
    21,349
    معدل تقييم المستوى
    26561

    افتراضي رد: الإعلان العالمي الأول لحقوق الإنسان

    حقيقة كلما قرأت خطبة الوداع تتحرك الدموع في عينى لأنها جمعت جميع مناهج الحياة وأرست مبادئ الدستور الرباني لحياة الناس
    شكرا لك على حضورك العطر
    جزاك الله كل الخير

     

 
+ الرد على الموضوع

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك