الإسلام عزيز بك وبأمثالك أيها الرجل..إنك كالجبل الراسخ، وقفت في وجه الطغاة..علمتنا أن الحقَّ الأعزل قادر على أن يقف في وجه الباطل المدجج
بالسلاح، وأن المؤمن لا تزيده المحن إلا عزة وإيمانًا، أما الظالم فيرجع إلى
الوراء، يتخاذل ويتقهقر، يخشى سيف الحق وعزة الإسلام، فهنيئًا لك يا سيد التابعين.
بعد مضي سنتين من خلافة الفاروق عمر -رضي الله عنه- ولد (سعيد بن المسيب) في المدينة المنورة؛ حيث كبار الصحابة، فرأى عمر بن الخطاب، وسمع عثمان بن عفان، وعليًّا، وزيد بن ثابت، وأبا موسى الأشعري، وأبا هريرة..وغيرهم، فنشأ نشأة مباركة، وسار على نهجهم، واقتدى بأفعالهم، وروى عنهم أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتزوج بنت الصحابي الجليل أبي هريرة، فكان أعلم الناس بحديثه.
وهبه الله في نشأته الباكرة ذكاءً متوقدًا، وذاكرة قوية، حتى شهد له كبار الصحابة والتابعين بعلو المكانة في العلم، وكان رأس فقهاء المدينة في زمانه، والمقدم عليهم في الفتوى، حتى اشتهر بفقيه الفقهاء، وكان عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- وهو المقدم في الفتوى بالمدينة آنذاك- إذا سئل عن مسألة صعبة في الفقه، كان يقول: سلوا سعيدًا فقد جالس الصالحين.
ويقول عنه قتادة: ما رأيت أحدًا قط أعلم بالحلال والحرام منه، ويكفي ابن المسيب فخرًا أن الخليفة العادل (عمر بن عبد العزيز) كان أحد تلاميذه، ولما تولى عمر إمارة المدينة لم يقض أمرًا إلا بعد استشارة سعيد، فقد أرسل إليه عمر رجلاً يسأله في أمر من الأمور، فدعاه، فلبي الدعوة وذهب معه، فقال عمر بن عبد العزيز له: أخطأ الرجل، إنما أرسلناه يسألك في مجلسك.
وعاش سعيد طيلة حياته مرفوع الرأس، عزيز النفس، فلم يحنِ رأسه أبدًا لأي
مواقع النشر (المفضلة)