+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1
    الـزهرانـي is on a distinguished road الصورة الرمزية الـزهرانـي
    تاريخ التسجيل
    06 / 08 / 2008
    الدولة
    السعوديه
    المشاركات
    155
    معدل تقييم المستوى
    362

    Icon15 العودة إلى القروية

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    العودة إلى القريه
    يحلم أهل القرى، في الغالب، بالسفر والاستقرار في المدن الكبيرة. تدفعهم إلى ذلك رغباتهم العميقة بالحصول على فرص وظيفية أفضل، ومن أجل أن يكتسبوا صفات مدنية غير موجودة في قراهم النائية. يبدو هذا التفكير طبيعيا ومنجسماً مع رغبة الإنسان في التطور والتحضر. فالمدنية الحديثة والمتجددة باستمرار ستوفر لهم مثل هذه الفرص. ولكن هذا لا ينطبق على حياتنا هنا. فعلى نحو غريب جدا ونادر تبدو القرى أكثر تحضراً وتطوراً من المدن.
    دعونا لا نتحدث عن ناطحات السحب والأسواق الضخمة والمطاعم الفاخرة والقصور المبهرجة والأزياء الحديثة.فمن هذه الزاوية تبدو القرية في السعودية وكأنها تنتمي إلى مرحلة بعيدة.وفي الحقيقة كل النظرة السائدة لدينا لتقييم أهل القرى تنطلق من هذه الزاوية تحديداً. فهم يأكلون في منازلهم ،ويلبسون أزياء قديمة ،ويعيشون في منازل متواضعة. ولكن كل هذه ليس معياراً للتحضر إطلاقاً. خصوصا ،وأن كل هذه الاشياء التي يتفاخر بها أهل المدينة، من الأحذية الجلدية وحتى السيارات اللماعة، هي ليست من إنتاج أيديهم ولا من قيم ثقافتهم.

    ولكن معيار التحضر الحقيقي هو المرتبط بالقيم الثقافية التي يؤمن بها الإنسان في داخله وليس البيتزا التي يأكلها أو الشماغ الذي يغطي رأسه. وإذا ماقمنا بمقارنة بين القروي والمدني في مجتمعنا، فإن القروي، وعلى عكس كل مكان آخر في العالم، سيتفوق على المدني. المدينة الواسعة والمتنوعة والحديثة من المفترض أن تنتج اشخاصا متعددين ومتسامحين ويحتضنون أفكاراً أكثر حداثة. على عكس القرية الصغيرة والنائية والمتأخرة التي تنتج شخصيات تفكر بطريقة منعزلة ومؤمنة بفرادتها ومجتمعها الصغير الذي لم ترَ غيره. ولكن كل ذلك انقلب لدينا هنا. مثلاً قضية علاقة الرجل بالمرأة. في القرى تبدو العلاقة أكثر طبيعية وإنسانية. في الحقيقة أنك تشعر أن القرى هي المكان الوحيد الذي يتم التعامل فيه مع المرأة كإنسان. كل ذلك لايتعارض أبداً مع القيم الدينية التي يلتزم بها أهل القرى، ولكنها قيم دينية تصدر من تفكير غير متشكك ومرتاب من هذه العلاقة التي دامت طبيعية ورائعة لعقود طويلة جدا. أما في مجتمع المدينة فإن العلاقة مشبوهة جدا، حتى بين الأقارب. العلاقة بين الرجل والمرأة تحركها طريقة تفكير متأخرة وغير إنسانية وتنطلق من القيم المتخلفة جدا والتي ترى في العلاقة هدفاً للوصول إلى أغراض جنسية. ومن المؤسف أن يحدث هذا حتى مع الأقارب ،ومع الرجال والنساء الذين تجاوزا السبعين. ففي القرى يمكن أن تقابل عجوزاً في السبعين، وتقبل رأسها، احتراماً وتقديراً. ولكن هذا التصرف يعتبر في المدنية تحرشاً.

    قيادة المرأة للسيارة تثير جدلاً صاخباً في مجتمع المدينة الذي يجب أن يكون أكثر تحضراً في التعامل معها. حتى نقاش هذا القضية في المدينة يتحول إلى اتهامات وشتائم وتلطيخ سمعة. ولكن هذه القضية التي تعتبر متقدمة جداً على أهل المدينة تبدو قديمة جدا على أهل القرية. ففي قرى كثيرة داخل السعودية تبدو قيادة المرأة مسألة طبيعية ولا تثير أي شقاق أو اتهامات متبادلة. تقوم المرأة بقيادة سيارتها لتقوم بأعمالها، ويتقبل مجتمع القرية ذلك بطريقة راقية ومتحضرة.

    في مجتمع القرية الصغير يظهر المسلمون بصورتهم الطيبة والمتسامحة مع الآخرين المختلفين معهم. هناك اعتزاز بدينهم، ولكنهم بذات الوقت يحترمون الآخرين وغير مهووسين بكراهيتهم، لا بالأفعال أو الأقوال. يبدو الاختلاف لديهم طبيعيا، ولا يثير أي قلاقل. ولكن داخل المدينة تنتشر ثقافة الكراهية ونبذ الآخرين، وهناك إصرار على تشويههم وإقصائهم. مجتمع القرية الصغير عميق الإيمان ولكنه غير مؤدلج ولا متعصب أو كاره على الرغم من انعزاله. على العكس من ذلك مجتمع المدينة الغارق في طريقة تفكير انتقائية ومتأخرة وغير متسامحة أبداً.

    يمكن أن نرى الفرق واضحا أيضا في الفنون الشعبية، التي تمثل تراثنا الإيجابي والإنساني الذي نحبه. ففي مجتمع المدينة تم سحقها وشيطنتها ولكنها مازالت تحافظ على ألقها وروعتها في مجتمع القرى. عندما تحضر زواجاً في مدينة وقرية تعرف الفرق بين الأشخاص المتحضرين الذين أحبوا تراثهم الحقيقي وبين المتخلفين الذين سحقوه وحطموه بدعوى التحضر.

    ولكن الأمر لا يقف عند هذا الحد. بل ان المدينة تحاول أن تقوم بتشويه وتلطيخ قيم القرى الرائعة. وفي الحقيقة أنها قامت بذلك بالفعل. فأولاد القرى الذين يرجعون إلى قراهم وهم محملون بقيم المدينة المتخلفة ينجزون الجزء الأكبر من هذه المهمة.في أحدى القرى قام العائدون من المدينة بنقل القيم المتخلفة التي تحكم علاقة الرجال والنساء، وبعد أن كان الرجال والنساء في القرية يرتبطون بعلاقات أخوية وطيبة أصبح ينظر لهم وكأنهم مجرمون وشهوانيون. كذلك تم تصدير قيم التطرف والانغلاق والتعصب وتكريس العداء من المدن إلى القرى.

    لحسن الحظ أن مثل هذه الأفكار المدنية المتخلفة لم تصل إلى كل القرى التي حافظ كثير منها على قيمها ،ولم تستطع إفساد الأخلاقيات الرائعة هناك. وبالرغم من سقوط وتشويه قيم قرى عديدة أصبح اهاليها يتحدثون بذات الطريقة المتعصبة والمهووسة التي يتحدث بها أهل المدينة، إلا أن هناك قرى كثيرة حافظت على جوهرها الإنساني والأخلاقي الرائع.

    هناك أسباب كثيرة أدت إلى هذه المفارقة الغريبة لكن على أهل المدن الذين لطالما سخروا من أهل القرى وألفوا عليهم الدعابات أن يتعلموا منهم الآن القيم المتحضرة التي يحتاجونها. أكل البيتزا كل يوم لن يجعلك تحترم المرأة أو تتسامح مع المختلفين.
    تحياتي للجميع


     
  2. #2
    رفاء is on a distinguished road الصورة الرمزية رفاء
    تاريخ التسجيل
    30 / 12 / 2008
    الدولة
    الجزائر
    العمر
    43
    المشاركات
    294
    معدل تقييم المستوى
    496

    افتراضي رد: العودة إلى القروية

    [align=center]
    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
    [/align]
    عش كل لحظة وكأنها آخر لحظة في حياتك
    عش بالحب ,عش بالأمل ,وقدرقيمة الحياة يا حمرة الورد

     
  3. #3
    الـزهرانـي is on a distinguished road الصورة الرمزية الـزهرانـي
    تاريخ التسجيل
    06 / 08 / 2008
    الدولة
    السعوديه
    المشاركات
    155
    معدل تقييم المستوى
    362

    افتراضي رد: العودة إلى القروية

    شكراً لك رفاء على تعطيرك موضوعي
    تحياتي,,

     

 
+ الرد على الموضوع

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك