خرج ولم يعد:
لأن أباه ألقى بحقيبة ملابسه ذات يوم في وجهه فأبوه المسكين المغرق في التفكير
هداه الإغراق في التفكير إلى هذا الحل معتقدا أن الشارع كالماضي يسهم في صنع الرجال .والشارع في هذا الزمن يا سادة ملئ بالتائهين والغرباء والمسافرين الذين أنهكهم الترحال والضائعين عن ذواتهم والجائعين والباحثين عن لقمة سائغة والمتخلفين والمارقين ومن لا يرتاح لهم أو يهنأ لهم عيش إلا إذا تغيرت الأحوال وضاع المال والولد والبلد .
خرج ولم يعد :
لأنه أنهى دراسته الثانوية ولم تفتح له الجامعات أبوابها بمبررات
لا تنطبق على ممن يمتطون حرف الواو.
خرج ولم يعد
لأنه لا يملك وظيفة يقتات منها ليرد الدين لأبوين طالما
سكبا أحلامهما في أذنيه وحلفا في فضائهما .
خرج ولم يعد
لأن أخاه الأصغر قال له ذات ساعه مؤلمهة يا عاطل.
خرج ولم يعد
لأن شقيقته قالت في لحظة تشابك بالأيدي أنت عالة على أسرتك .
خرج ولم يعد
لأن حبيبته قررت الزواج من رجل مسن ففي هذا الزمن
المكتظ بالناس والجوع والفقر لا يعيب الرجل إلا جيبه .
تسول ذات ليلة ساخرة من أجل سيجارة
أهكذا تنتهي بنا أحلامنا واشتغلت في داخله النار.
خرج ولم يعد
لأنه فكر ذات مرة في الحلول ومع حلول المساء فتح مساحة الحوار
مع أسرته فأعتقدوا أنه تجاوز حدود الأدب.
وقرر ذات مرة أخرى أن يفتح دفاتر العائلة للبحث في شجرة العائلة عن زوجة صالحة تتقاسم معه الألم ورحلة البحث عن طعم الحياة فرفضته عوانس العائلة فالعمر قصير ورحلته طويلة . أطال الحملقة في الفضاء بعينين انهكهما البكاء كأعين النساء . قائلا يا زمن بلا رجال وقبل ملابس أمه واشتم رائحتها طويلا واحتضن بقايا الذكريات الجميلة وأحلام سكبت ذات يوم في أذنيه وخرج ولم يعد .
تعليق :
عندما تخرج حاملاً عدة حقائب ...منها ما تحمل الهم ومنها ما تحمل
الجرح ومنها ما تحمل الوجع...ولكن أصعبها ما تحمل الغصة من أقرب المقربين وواقعك المعاش.
خرج ولم يعد عندما وجد أن كل الطرق مقفلة وليس هناك مكان للتراجع عن الرحيل والبحث عن الكينونة في مكان يستنشق فيه الحياة بطعم ولون جديد لعله
يحي بذرة الأمل التى بالكاد تقاوم مثل هذا النوعية من الصراع للعيش ضد تيار
واقع مليئ بالصدمات التى تقيد حتى أنفاسك عن الخروج.
من اختياري لكم
مواقع النشر (المفضلة)