صوم نهار رمضان بنفس طيبة:
[frame="3 98"]
هلال رمضان قد هلَّ، وجاء بالبشرى والأمل، والغد أوَّل أيَّام رمضان، والشَّوقُ والسَّعادة لا تُوصفان، فالكُلُّ ينتظر قدوم هذا الشهر، على أحَرَّ منَ الجمر.
وتبدأ الاتصالات الهاتفية لتهنئة الأهل والخلان، والمعارف والجيران، فقد ثبتت رؤية الهلال وغدًا أوَّل يوم في رمضان.
الجمعُ يوصي: لا تنسَوا أن تضبطوا المنبه للاستيقاظ وقت السحر، ففي السحور البركة والخير، وكما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((تسحَّروا فإنَّ في السحور بركة))؛ (تحقيق الألباني: حديث صحيح، انظر حديث رقم: 2943 في صحيح الجامع).
النَّفس طيبة صافية، فالأعمال بالنِّية، وهذه هي الحياة الهنيَّة، التي تبدأ بطاعة رب البرية، لقد فاز مَن صلى الفجر في جَماعة، وقد نال الأجر بالطَّاعة، وكما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ركعتا الفَجْرِ خيرٌ منَ الدنيا وما فيها))؛ رواه مسلم.
فالعامل يذهب إلى عمله، وهو بِنشاط وهمَّة، وتملأ نفسَه بَهجةٌ عارمة، والطَّالب يذهب إلى درسه وعلى غير عادته، فالذِّهن متفتِّح، ويلقى زملاءَه بوجه سمح.
فالشهر شهر عمل، لا للخمول ولا الكسل، وحسن الخلق من صفات المؤمن، والنبي قد أوصانا أن نُخَالقَ الناس بِخُلق حسن.
وكما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا، وإنَّ حُسْنَ الخُلُق ليبلغ درجة الصوم والصلاة))؛ (تحقيق الألباني: (صحيح) انظر حديث رقم: 1578 في صحيح الجامع).
فالصائم يلتزم بهدي شريعته، ويفهم مراد طاعته، فالصَّوم ليس فقط صيامًا عنِ الأكل والشراب؛ ولكن تصوم جوارحه فلا يَنمُّ ولا يغتاب، ولا يتأفف من عمل قد أوكل إليه، ولا يتوانى أن يؤدِّيه.
وكما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ربَّ قائمٍ حظُّه من قيامه السهر، ورب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش))؛ (تحقيق الألباني: (صحيح) انظر حديث رقم: 3490 في صحيح الجامع).
والصائم يراعي حقوق الناس ومصالحهم، ويعمل على تيسير حوائجهم، وقضاء مصالحهم.
فالأستاذ في المدرسة يعطي الدروس على وجه تام، فالعلم قد حض عليه الإسلام، ويبتغي بذلك الطاعة، ولا يشعر بالدقيقة تمر وكأنَّها ساعة، فهو في طاعة ما دامت على ذلك قد عُقِدَت النية، فالعمل المتقن، ثَمرة الصيام الحسن، وبذلك يرضى رب البرية.
وكما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ اللَّه يُحِبُّ إذا عمِل أحدُكم عملاً أن يُتْقِنَه))؛ (تحقيق الألباني: حديث حسن، انظر الحديث رقم: 1880 في صحيح الجامع).
والمعلِّم كالأب يُعامل تلاميذه برفق وحب، والمعلمة أم عطوف تعطي العلم بالحنان لا بالخوف.
وكما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((عليْك بالرفق، إنَّ الرِّفق لا يكون في شيء إلا زانَه، ولا يُنْزَع من شيْءٍ إلا شانه))؛ (تحقيق الألباني: حديث صحيح انظر حديث رقم: 4041 في صحيح الجامع).
والطالب يبغي العلم، فهذا الشهر شهْرُ عِلْم، ففيه القرآن نزل، وفيه العلم والعمل؛ قال الله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1].
وكما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن سَلَك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سَهَّل الله له طريقًا إلى الجنة)). (تحقيق الألباني: حديث صحيح، انظر حديث رقم: 6298 في صحيح الجامع).
والطالب المجدُّ لِمُعَلِّميه مطيع، غير مشاكس ولا فظيع، فكيف إن كان في شهر رمضان، شهر الطاعة والإحسان.
[/frame]
صوم نهار رمضان بنفس خبيثة:
[frame="3 98"]
غدًا رمضان وأول يوم، والنفس مليئة بالهم، أستغفر الله، ليس لقدوم الشهر الجليل؛ ولكن كيف سنقضي النهار الطويل، فالمرء قد يشعر بالعطش والجوع، ولذلك لا يشعر في صلاته بخشوع؛ لأنه يفكر في الوقت الذي يمضي ببطء، وكأن عقارب الساعة تتحرك بصمت.
فالموظَّفُ الذي ذَهَبَ إلى وظيفتِه ولم يُصَلِّ الفجر، ما تلبثُ نفسه تشعر بالضجر، فلم يستيقظ وقت السحر، وأضاع الأجر لهذه الطاعة، وبدأ يتململ بعد البدء بالعمل بساعة، فالمراجعون في الوظيفة كثر، وطلباتهم لا تنقطع ولا تنحسر، ويقول ما لكم ألستم صائمين؟ أم أنكم لا تشعرون؟ فأنا نعسان، ولكأسٍ منَ الشاي ولهان، ويا رب سلم إن كان منَ المدخنين، وكان الله بعون المراجعين.
فبالعمل يُماطل، وبينه وبين مضيعة الوقت لا يوجد حائل، فيريد أن ينقضي الوقت بسرعة، ولو كان له في ذلك منفعة، وينقضي وقت العمل بعد أن شتم هذا، وسب هذا، وعطَّل عمل هذا، فهذا صيام نهاره، ومع ذلك هو متأفِّف كاره.
وكما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن لم يدَعْ قولَ الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه))؛ (حديث صحيح رواه البخاري).
ويدخل البيت، ولا يلقي على مَن فيه التحية والسلام، ويدعي أنه يتجنب الشجار والسوء في الكلام، ثم يدخل إلى غرفته لينام، ويقول: لا تُوقظوني حتَّى يضرب المدفع، ومع ذلك فبالتي هي أحسن لا يدفع.
[/frame]شكرا لكاتب المقالة همام محمد الجرف جعلها الله في ميزان حسناته
مواقع النشر (المفضلة)