+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: أمراض القلوب

  1. #1
    ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute الصورة الرمزية ابو مالك
    تاريخ التسجيل
    20 / 03 / 2007
    الدولة
    الأردن
    العمر
    51
    المشاركات
    6,574
    معدل تقييم المستوى
    7072

    افتراضي أمراض القلوب

    بسم الله الرحمن الرحيم

    أمراض القلوب
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي



    الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.

    وبعدُ:
    فإنَّه ينبغي للمؤمن أن يعتنيَ بسلامة قلْبه وصحته مِنَ الأمراض؛ فإنَّ القُلُوب تمرض كما تمرض الأبدان، وهذا القلْب هو محلُّ نظر الله - عزَّ وجل - لعبْده، والجوارح تبعٌ لصلاح القلْب وفساده.

    قال - تعالى -: ﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ﴾ [البقرة: 10]، وقال - تعالى -: ﴿ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ ﴾ [النور: 50]، وقال - سبحانه -: ﴿ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ﴾ [الأحزاب: 32]، روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم؛ ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم))[1].

    وفي الصحيحَيْن من حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ألا وإنَّ في الجسَد مُضغة، إذا صلَحتْ صلح الجسدُ كلُّه، وإذا فسدتْ فسد الجسدُ كله، ألا وهي القلْب))[2].

    فيه إشارةٌ إلى أن صلاح حركات العبْد بجوارحه، واجتنابه للمحرمات، واتقائه للشبهات بحسب صلاح قلبه، فإن كان قلبُه سليمًا ليس فيه إلا محبة الله ومحبة ما يحبه الله، وخشية الله وخشية الوقوع فيما يكرهه، صلَحتْ حركات الجوارح كلها، ونشأ عن ذلك اجتناب المحرَّمات كلها، وتوقي الشبهات حذرًا من الوُقُوع في المحرمات، وإن كان القلبُ فاسدًا قد استولى عليه اتباع هواه، وطلبُ ما يحبه ولو كرهه الله، فسدتْ حركات الجوارح كلها، وانبعثتْ إلى كلِّ المعاصي والشبهات بحسب اتِّباع هوى القلب؛ ولهذا يُقال: القلب ملِك الأعضاء وبقية الأعضاء جنوده، وهم مع هذا جنودٌ طائعون له، منبعثون في طاعته وتنفيذ أوامره، يتابعونه في كلِّ شيء من ذلك، فإن كان الملكُ صالحًا كانتْ هذه الجنود صالحةً، وإن كان فاسدًا كانت جنوده بهذه المثابة فاسدةً، ولا ينفع عند الله إلا القلْبُ السليم، كما قال - تعالى -: ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88- 89]، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في دعائه: ((أسألك قلبًا سليمًا))[3]، فالقلب السليم هو السالم من الآفات والمكروهات كلها، وهو القلب الذي ليس فيه سوى محبة الله وما يحبه الله، وخشية الله وخشية ما يباعد منه[4].

    والقلوب تنقسم إلى ثلاثة أقسام: قلب سليم، وقلب ميت، وقلب مريض:
    فالقلبُ السليم: كما قال - تعالى -: ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88-89]، قال ابن القيم - رحمه الله -: "هو الذي سلِم من الشرك والغل، والحقد والحسد، والشح والكبر، وحب الدنيا والرياسة، وسلم من كل شهوة تعارض أمْرَه، ومن كل شبهة تعارض خبرَه، وسلم من كل إرادة تزاحم مرادَه، وسلم من كل قاطع يقطع عن الله"[5].

    القلب الثاني: القلب الميت الذي لا حياة به، فهو لا يعرف ربَّه، ولا يعبده بأمره وما يحبه ويرضاه؛ بل هو واقف مع شهواته ولذَّاته، ولو كان فيها سخط ربِّه وغضبه، وهذا هو قلب الكافر، قال - تعالى -: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179].

    القلب الثالث: قلب له حياة وبه علة، فله مادتان تمدُّه: هذه مرة، وتمده هذه مرة أخرى، وهو لما غلبه عليه، وهو قلب المنافق وصاحب الهوى؛ قال - تعالى - عن الأصناف التالية: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الحج: 52 - 54].

    ومِن علامات مرَض القلوب إيثار الدنيا على الآخرة، روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((بادروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجلُ مؤمنًا ويُمسي كافرًا، أو يمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرَض من الدنيا))[6].

    ومنها: القلق والخوف؛ قال - تعالى -: ﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا ﴾ [آل عمران: 151].

    ومنها: هوان القبائح عليه والرغبة في المعاصي، قال - تعالى -: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾ [البقرة: 204-205]، وقال - تعالى -: ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الجاثية: 23].

    ومنها: الشعور بقسْوة القلب، قال بعض السلف: ما ضرب الله عبدًا بعقوبة أعظم من قسوة القلب، قال - تعالى -: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الزمر: 22]، وقال - تعالى -: ﴿ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ﴾ [البقرة: 74].

    وعلاج هذه الأمراض - أعني: أمراض القلوب - التوبة الصادقة، والتمسُّك بكتاب الله وسنة رسوله، ففيهما الشفاء والنور؛ قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 24]، وقال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 57].

    وهذه القُلُوب بيد الله يقلِّبها كيف يشاء، فينبغي للمؤمن أن يسأل ربَّه أن يثبته على الإيمان والطاعة.

    فقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أم سلمة - رضي الله عنها - تُحدِّث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يكثر في دعائه أن يقول: ((اللهم مقلِّب القلوب ثبِّتْ قلبي على دينك))، قالت: قلت يا رسول الله، أوَإن القلوب لتتقلَّب؟! قال: ((نعم، ما من خلق الله من بني آدم من بشر إلا أن قلبه بين إصبعين من أصابع الله، فإن شاء الله - عز وجل - أقامه، وإن شاء الله أزاغه))[7].

    فنسأل الله ربَّنا ألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، ونسأله أن يهب لنا من لدنه رحمة، إنه هو الوهاب.

    والحمدُ لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    [1] ص 1035، برقم 2564.
    [2] ص 651، برقم 15999، و"صحيح البخاري" ص 34، برقم 52.
    [3] جزء من حديث في "مسند الإمام أحمد" (28/338)، برقم 17114، وقال محققوه: حديث حسن بطرقه.
    [4] "جامع العلوم والحكم"؛ لابن رجب، ص 94 - 95.
    [5] "بدائع التفسير" (3/327).
    [6] ص 116، برقم 118.
    [7] (44/201)، برقم 26576، وقال محققوه: بعضه صحيح بشواهده.

     
  2. #2
    فلسطين has a reputation beyond repute فلسطين has a reputation beyond repute فلسطين has a reputation beyond repute فلسطين has a reputation beyond repute فلسطين has a reputation beyond repute فلسطين has a reputation beyond repute فلسطين has a reputation beyond repute فلسطين has a reputation beyond repute فلسطين has a reputation beyond repute فلسطين has a reputation beyond repute فلسطين has a reputation beyond repute الصورة الرمزية فلسطين
    تاريخ التسجيل
    24 / 10 / 2008
    الدولة
    فلسطين-غزة
    العمر
    62
    المشاركات
    1,241
    معدل تقييم المستوى
    1725

    افتراضي رد: أمراض القلوب

    بارك الله فيك وجزاك خير الجزاء
    تقبل مروري
    تحياتي

     
  3. #3
    صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute الصورة الرمزية صناع الحياة
    تاريخ التسجيل
    09 / 06 / 2005
    الدولة
    مصر
    العمر
    52
    المشاركات
    21,349
    معدل تقييم المستوى
    26561

    افتراضي رد: أمراض القلوب


     
  4. #4
    ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute الصورة الرمزية ابو مالك
    تاريخ التسجيل
    20 / 03 / 2007
    الدولة
    الأردن
    العمر
    51
    المشاركات
    6,574
    معدل تقييم المستوى
    7072

    افتراضي رد: أمراض القلوب

    شكرا لمروركم العطر على مشاركتي
    أخي الفاضل فلسطين
    أخي الفاضل صناع الحياة

     

 
+ الرد على الموضوع

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك