+ الرد على الموضوع
صفحة 12 من 21 الأولىالأولى ... 2 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 56 إلى 60 من 105
  1. #56
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4388

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الثامنة والخمسون

    أخرج البخاري عن أبي هريرة أنه عليه السلام سئل عن الساعة فقال " إذا ضيعت الامانة فأنتظر الساعة " فقال السائل " وكيف إضاعتها ." فقال عليه السلام " إذا وسد الامر لغير أهله ".

    ــــــــــــــــــــ

    من شواهده " يسألونك عن الساعة أيان مرساها فيم أنت من ذكراها " و" يسألونك عن الساعة قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلاهو ثقلت في السماوات والارض لا تأتيكم إلا بغته " و" يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله ". و" إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل " الخ ...


    موضوعه : الانسان رسول ذو أمانة حياته في أدائها وموته بتضييعها وتلك هي الساعة:

    أورد القرآن الكريم في مواضع لا تزيد عن ثلاثة أسئلة الناس عن الساعة أي القيامة فكان كل مرة يوجه السائل وسائر من بعده إلى الجانب الايجابي الذي عليه أن يتحلى به لمواجهة حسابه يوم تقوم الساعة وعدها من المغيبات التي لا يعلمها حتى أقرب الناس إليه من مثل محمد عليه السلام " إن الله عنده علم الساعة ..." فيما سمي بالمغيبات الخمس وبذات الطريقة سار عليه السلام مع السائلين عن الساعة فقال لاحدهم " وما ذا أعددت لها " وقال لاخر " ساعتك يوم مماتك " وقال للاخر ما نحن بصدده الان .

    الانسان ذلك المجهول أو لم الحرص من الناس على معرفة المستقبل ؟:

    إذا كان الدكتور ألكسيس كاريل وصف الانسان بأنه مجهول بحكم تخصصه الطبي في كتابه البديع القيم ليقف الانسان الغربي المتمرد المتأله المزهو المتبطر ببعض ما كشف الله له من مكنون غيبه وما من عليه بملكة عقله .. فإنه آن لعلماء النفس من المسلمين وضع مؤلف شبيه يقف على مجاهيل الانسان النفسية ويشرح جهازه النفسي تشريحا يساعد على فهم لحسن تربيته وتنشئته طفلا وحسن التعامل معه مراهقا وحسن سياسته راشد مكلفا مسؤولا كما يساعد المؤمنين على كسب خير في إيمانهم ويساعد غيرهم على الايمان به سبحانه ومن تلك المجاهيل التي كشف عنها القرآن في الطبيعة النفسية البشرية حب الانسان لمعرفة المستقبل القريب والبعيد على حد سواء سواء ما تعلق به هو أو ما بعد عنه وهو حب ينبع من غريزة حب البقاء وعبر عنه القرآن بصيغة أخرى غير بعيدة من هنا وهي " وكان الانسان أكثر شئ جدلا " وليس الجدل دوما مذموما ولكن المذموم منه ماكان مفسدا للاخوة أو متعلقا بما لا يعنيه أو مالا يقوىعلى علمه والحكمة أظنها ظاهرة جلية لكل إنسان من إخفاء ميعاد الساعة وليست هي سوى البرهنة على قدرته وعظمته وألوهيته ووحدانيته سبحانه من جهة وصرف الناس إلى الايجابية العملية بدل الانتظارية التي أهلكت يهودا وكادت تؤدي بغيرهم ممن عطل العمل وبعض الشرائع بدعوى غياب الامام أو المهدي لولا إصلاحا حديثا نسأل الله له الثبات والسداد وذلك فضلا عن أن معرفة الانسان لميعاد موته أو الساعة لاغ لمقصد الابتلاء غير أن ذلك لا يمنع الانسان من حسن التخطيط في سائر مجالات حياته كأنه يعيش أبدا شريطة أن يقابله إستعداد للرحيل بالتوبة والعبادة والانفاق وفعل الخير ونصرة المظلوم كأن الانسان يموت الان كما ذكرت الحكمة .

    وقفة قصيرة مع الحكمة النبوية في تغيير التفاعل بتغير موجباته :

    ليس عندي أدنى شك في أن أكثر ما ينقص الناس اليوم مؤمنهم وكافرهم هو الحكمة فبها يغدو الكافر مسلما أو مسالما على الاقل غير ظالم وبها يغدو المؤمن إماما وليس إمعة وأشهد أني لم أر بعد دراسة لما تتخطى الشطآن أحكم منه عليه السلام وفي تغير إجاباته في هذا المقام عن الساعة وفي كثير من المواطن الاخرى دليل على أنه يعامل كل سائل بما يستحقه بما يعني أنه لا يعلم الاجوبة الصحيحة فحسب بل يعلم حال السائلين من جميع الجوانب نفسيا وفكريا وما إلى ذلك وليس من ضرورة ذلك أن يكون علم الواقع هنا بتعبيرنا المعاصر وحيا منزلا بل لما إتسم به عليه السلام من إهتمام وحنكة وحكمة وذكاء وفطنة وحضور بديهة كيف لا وقد إختير معلما للبشرية بأسرها وتلك هي الحكمة التي يحتاجها خلفاؤه من السائرين على دربه علاجا للمشكلات وهداية للناس أما التمترس وراء أريكة الافتاء توزيعا لصكوك الغفران بأجوبة معدة سلفا لا صلة لها بدنيا الناس ولا بواقع الحياة فذلك لا يليق بسوى الدغمائية الكنسية .

    ماالعلاقة بين الامانة وبين الساعة :

    الامانة بحسب القرآن أقرب إلى الامانة الكبرى أي أمانة الاستخلاف والقيام بالقسط وذلك واضح من خلال السياقات ولا ينفي ذلك شمولها تأدية للامانة الصغيرة الخاصة بزيد أو بعمرو رغم أن هذه تناولتها السنة كثيرا فالكتاب والسنة يتبادلان أدوار الهداية والتوجيه فعادة ما يقوم القرآن بدور الكليات الكبرى والسنة تعتني بتفاصيل الحياة فالامانة في القرآن جاءت مشروحة بقوله " وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل " كما جاءت مجتمعة مع العهد " والذين هم لاماناتهم وعهدهم راعون " وجاءت صريحة في تعينها بالامانة الكبرى أمانة الحياة " إنا عرضنا الامانة على السموات والارض ... وحملها الانسان " وجاء هذا الحديث ليثبت تلك الصراحة فذكر بأن توسيد الامر لغير أهله مؤذن بقيام الساعة والامر يعني دوما في القرآن والسنة ما لم يحدد أمر الخلافة ومسؤولية الانسان عن حياته وحياة بني جنسه في الدنيا وهو هنا أمر الحكم والمسؤولية في كل رتبة ومستوى من الاسرة إلى الامامة السياسية مرورا بالمسجد وسائر مكونات المجتمع في سائر مناشطه فكل مسؤولية هي أمانة صغيرة كانت أم كبيرة .

    هل هي ساعة معينة محددة أم الساعة العظمى :

    قال بعض العلماء معنى ذلك أن ساعة إندثار كل مجموعة كبرت أم صغرت ولو كانت أسرة أو صلاة جماعة فضلا عن دولة وشعب ومجتمع وأمة مرتهن بتضييع الامانة فيها أي بتولى الامر فيها كبيره وصغيره مقرونا أم مفروقا من لدن غير أهله قوة وأمانة بتعبير بنت شعيب عليه السلام وقال آخرون معنى ذلك أن من العلامات الكبرى لقرب الساعة هو تضييع الامانة في الناس أي تولي غير الامناء ولا الاقوياء أمرهم والمعنييان لا يتناقضان بل يتكاملان وما ينبغي ذلك أن يشغلنا كثيرا إنما الذي لا بد له من شغلنا فهو الجانب الايجابي من الحديث أي كيف نتدارك إندثار تجمعاتنا من الاسرة إلى الامة إلىما بعد ذلك إن أمكن وذلك بمحاصرة مسلسل إضاعة الامانة بتولية سائر أمرنا الاقوياء الامناء وليس هم سوى من نختار نحن أهل الامانة لان الساعة يوم تقوم لا تقوم على من ظلم منهم وتعفينا نحن المستضعفين من الحساب بل يقال لنا كما قيل لمن قبلنا الذين تذرعوا بالاستضعاف " ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها " ثم توعدتهم بالنار والعياذ بالله لاهمالهم أمر الامانة العظمى وتذرعهم بأن القوى الدولية المحيطة أقوى من أن تناصب العداء رغم ظلمها الذي لا يطاق وليست اليوم الهجرة سوى آخر أسلوب المقاومة لرد الامانة وتوسيد الامر فينا للاقوياء الامناء والمهاجر كما عرفه محمد عليه السلام ليس هو سوى " من هجر ما نهى الله عنه " والله نهى عن توسيد الامر لغير أهله وهجران ذلك بالعمل الجماعي الدائب المخلص وليس ذلك يؤتي أكله سوى بعد عقود بل قرون فليس هو حقلا يبذر فيه صباحا ليجنى مساء بل هي عزيمة أمة لما بصر الفاروق بتراحم أجيالها أجل من أجل ذلك تقسيم أرض السواد في إجتهاد غير مسبوق في الكون بأسره سوى من معلمه معلم الناس الخير عليه السلام .

    ملاحظة صغيرة في الاثناء :

    ليس من حسن الفقه عن الله وعن رسوله عليه السلام الاشتغال من لدن طلبة العلم بأمارات الساعة وخاصة الصغرى منها لاسباب منها أولوية غيرها عليها بما لايحصى من الدرجات ومنها غلبة الروايات الواهية فيها على الصحيح وهي غيب مغيب لا يصلح معه سوى صحيح الصحيح ومنها بضاعتنا المزجاة في اللغة وفي عمليات الترجيح والرد والتعليق والتصحيح وليس هذا مطلوبا منا ومنها أن المنهج الاسلامي في ذلك واضح صحيح صريح : العبرة بالايمان بها والاستعداد لها ودون ذلك شغب مشاغبين أو لهو برئ من صبية ومنها أنه في زماننا هذا ربما دون غيره لا تزيدنا تلك الامارات سوى يأسا من أنفسنا ومن الناس ومن عزائم التغيير والاصلاح وهو خلاف ما تريده تلك الامارات بالمطلق وذلك حتى نتهيأ لذلك على جميع الجبهات وعندها لكل حادث حديث .

    فالخلاصة هي إذن أن إجتناب ساعة تجمعاتنا القريبة والبعيدة والصغيرة والكبيرة من أسرة ومسجد ورابطة ومجتمع وحكومة وأمة بما يفرق شملها ويلغي دورها إنما يكون بالحرص منا جميعا على أن نتولاها نحن عبر إستخدام الاقوياء كفاءة مهنية الامناء إخلاصا لله فيها ودون ذلك لاوريب موت زؤام وعذابات شديدة ومحن تفت من عواتق الجبال أما الانسان فيتحملها بتضامن الاجيال والروابط . الخلاصة هي أننا أحياء في سائر مواقعنا بالشورى والاخوة والتضامن والتناصح والعدل أو أموات بدون ذلك فهلا إخترنا الحياة حتى لومات منا الكثير أو ترانا نختار الموت حتى لو عشنا ولكنها عيشة ضنكا وحشرا أعمى .

     
  2. #57
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4388

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة التاسعة والخمسون



    أخرج البخاري ومسلم ومالك عن أبي هريرة عليه الرضوان أنه عليه السلام قال " تجدون الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الاسلام إذا فقهوا وتجدون خيار الناس في هذا الشأن أشدهم له كراهة وتجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه ".

    ــــــــــــــــ



    موضوعه : ليس بعد النفاق خسة وهوانا والانسان عجينة تربيته والاسلام زينة :

    الحديث كما ترى معي متفق عليه بين الشيخين وبعد ذلك ضم الموطأ ضلوعه غيرأن ذلك لا يغني من حسن فقه متنه وهو من الاحاديث القليلة التي تتحدث عن الجهاز النفسي للانسان أو البنية الروحية له والانسان بذلك مكرم أما الجسم فسرعان ما ينهكه الهرم وتفترسه الديدان.

    الناس هنا بحسب الحديث أصناف ثلاثة ومن الطريف أن الحديث إستخدم فعل المضارع تجدون مرات ثلاث بما يعني أن الامر ثابت من ثوابت النفس البشرية وفق ما تلهمها معطياتها سواء الفطرية أو المكتسبة وبذلك يغدو القول من لدن الجهلى بأن التطور يأتي على الانفس في بنيتها النفسية العظمية الاصلية ضغث أحلام من أحلام اليقظة أو لغو من أحداث الاسنان . كما أن لفظ الناس تكرر في هذا الحديث القصير ثلاثا مصاحبا لكل ضرب من ضروب الناس هنا بما يفيد بأن الامر متعلق بالانسانية جمعاء غير محصور بكفر أو بإيمان أو عصر أو مصر وهو مايسمى في أصول الفقه العموم المطلق . كما يثبت الحديث حقيقة علمية نفسية مفادها أن الناس معادن تسري عليها الاختلافات واالتنوعات والتعدديات وذلك مصداقا لقوله " ومن الناس والدواب والانعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء " وحصر الخشية وهي مقصد الخلق والحياة طرا على العلماء في هذا السياق المحدد لا يعني سوى أن أكبر علم موصل إلى أكبر سنة كونية وإجتماعية تفضي بدورها إلى أعلى فقه وهو فقه التوحيد رسالة الوجود الانساني هو علم قانون الزوجية الساري المطرد دليلا على وحدانية الصمد سبحانه وميسرا للحياة في تصريف ثنائياتها ذلك أن إختلاف الالوان لا يعني ألوان البشرة فحسب بل يتعداه إلى ألوان النفوس وسائر مكونات الجهاز الانساني وهو إختلاف لا يفلت عن ناموسه نعم ولا دابة ولا إنسان فسبحان الواحد الاحد .

    والمعادن معناها المصادر الاصلية من كلمة عدن التي تعني الاقامة الدائمة كما هي جنات عدن فالمعدن هو الاصل ولكل شئ أصل كما هو للذهب مثلا وللفضة وللنعم والشجر ومن طبيعة المعادن تلك كلها سواء عند الانسان أو عند غيره أن تكون مختلفة ضمن عائلتها إختلافا يميز بعضها عن بعض وكلما تباعدت النسبة تباعد الاختلاف ووكاء ذلك كله مصدر الخلق ومدبر الكون بأسره سبحانه . فالحديث إذن يثبت المعادن بمعنى قانون الاختلاف والتنوع والتعدد في الكون وفي الاجتماع البشري كما يثبت تأثير تلك المعادن أي أصول الاختلاف والتنوع في فروعها وراثيا كما يثبت بالمناسبة إكتمال تلك الشخصية من خلال تلك المعادن من جهة ثم من خلال الفقه المكتسب حال الاسلام وهو مكتسب من جهة أخرى فالحديث إذن يثبت دور التكامل بين الارث وبين الاكتساب في بناء الشخصية . كما يثبت الحديث من خلال إشارته إلى الصنف الاخير من الناس أن البنية النفسية العظمية الثابتة للجهاز الانساني لا تحتمل الازدواج التالف أو التكامل الكاذب ذلك أن الوجهة لتلك البنية النفسية هي وجهة واحدة هي في الاصل وجهة توحيدية ويمكن لها إختيارا منها لا قسر فيه أن تحول الوجهة إلىغير التوحيد ورغم ما في ذلك من الاضرار على تلك البنية فإن الضررالاكبر ليس هو سوى إزدواجية تلك الوجهات في ذات البنية وهو ماعبر عنه بقوله " يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه " ولم يأت التوحيد من ربك سبحانه سوى لحفظ البنية النفسية للانسان من داء التنازع بين تلك الوجهات حتى أنه كان أدنى وعيدا على من بدل وجهته وهو المشرك أوالكافر في حين كان أشد توعدا على من تفعل إزدواجية الوجهات في ذات البنية ظلما وعنتا وزورا وهو حال المنافق الذي أعد له الدرك الاسفل من النار دلالة على أن شره في حق نفسه التي حطمها بإزدواجية الوجهات وفي حق غيره بالختل والغرر والكذب والزور والتحايل والاغراء والاغواء كان شرا مستطيرا فاق شر الكافر غير المنافق أو المشرك غير المنافق .



    النبي الاكرم عليه السلام يضرب مثالا عمليا على الصنف الاول من الناس :

    المثال معروف لديكم جميعا وهو كونه عليه السلام كان يدعو ربه قائلا في الايام الاولى من الدعوة " اللهم أيد الاسلام بأحد العمرين " وهو يقصد عمر إبن الخطاب وعمرو بن هشام أي أباجهل فكان أن أيد الله الاسلام بالاول فكان فاروقا مفتاحا في الفقه وفي الجهاد سواء بسواء وكان الاخر من حطب جهنم والعياذ بالله وهو مثال عملي حي لمعرفة القائد بالناس الكافرين المحاربين معرفة نفسية موثقة فكيف تكون معرفته إذن بالمؤمنين ؟وهو مثال حي لهذا الحديث ومغزاه أن للجاهلي في كل زمان وفي مكان خير والخير والانسان كالماء ومكوناته لا ينفصلان ولكن خير الخير هو من يكتشف خير الناس فينميه وشرهم فيخضده فيهم وهم لا يشعرون ومعلوم أن خير العمرين هنا هو خير الشجاعة والكرم وهما خلتان إنما إختار الله رسالته بناء على وجودهما في العرب يومها دون تكلف ولا تصنع ولو بشئ من التزايد والتنافس غير المشروع فإن ذلك سيهذبه الاسلام فيما بعد كما كانت لهم خلة أخرى على أساسها وضع فيهم ربك سبحانه رسالته وهي بعد الكرم والشجاعة : الفطرية البدوية التلقائية التي لم تختلط بمجون الحضر ولم تفسدها مراسم الملوك وطقوس الاديرة لذلك فإن من أفضل ما قيل فيهم بأن الله سبحانه زين بهم الاسلام وزينهم بالاسلام وهل الاسلام سوى نفس جريئة لا تقعد عن طلب المعالي تننصر للمظلوم والمكروب ولوبالموت وهل الاسلام سوى يد سحاء ندية تنفق على المحتاج والضيف والمضام إنفاق من لا يخشى الفقر ومن ضمن ذلك فلم يفسده تفث الترف كما هو الحال يومها لجيران العرب من فرس وروم فلم يعد لاستكمال إنسانية بحاجة سوى إلى فقه الاسلام كماعبر الحديث هنا .



    الانسان يهب جينات الخيرية لولده :

    لا يسعف الانسان صاحب الارث المجانف ـ من الجنف وهو الميل ـ لخصلتي الشجاعة والكرم والسليقة الفطرية الطبيعية التلقائية البعيدة عن مراسم النفاق وطقوس التعظيم الكاذب أن يكتسب ذلك في شبابه ولا بعده ولكن يسعفه تعويض ذلك النقص بالتربية الاسلامية ولكن يسعف الانسان ولده بجينات بنية نفسية كريمة شجاعة طبيعية صاحبة فقه في الاسلام وذلك عبر التربية التي تبدأ قبل الزواج حسن إختيار للام التي تحوي أمشاجها النفسية والبدنية على أكثر تلك الجينات ثم حسن إختيار للاسم ثم حسن إختيار للتربية والبيئة بل سائر البيئات بل حتى لو لم يسعف الانسان ولده بسوى الارث الابوي ـ أما وأبا وتربية على الشهامة والكرامة والبعد عن النفاق ـ لكان قد هيأه لحسن تلقي فقه الاسلام وذلك بإختصار شديد هو من مقتضيات الفهم الايجابي للحديث حتى لا ييأس واحد منا من أرث أبوي فاته أو كونه نبت في منبت أقرب إلى السوء .



    ليس بعد النفاق خسة وهوانا فكيف تسعف نفسك وولدك من وهدة الازدواجية النفسية المقيتة؟:

    لم يحذرنا عليه السلام من النفاق السلوكي بنبذ الكذب وإخلاف الوعد وسائر ما تعرفون من إمارات النفاق سوى لضمان إبتعادنا عن تخوم النفاق الاعتقادي بأكثر ما يمكن ولنفر منه فرارك من المجذوم أو من الاسد كما يقال ولم يرخص لنا عليه السلام ترخيصا تكريهيا تفرضه الجينات لا الاختيارات في الجبن وفي البخل في حين منع علينا الكذب مطلقا ولو مزحا وفي كل الاحوال سوى حال الاصلاح ... سوى لان الكذب هو مطية النفاق السلوكي وهذا هو مطية النفاق الاعتقادي والنتيجة بنية نفسية ساقطة خسيسة تحركها العقد والضغائن وتسعي بالدسيسة فتفسد ثم تفسد ثم تهلك إجتماعيا وفي الاخرة ليست في النار بل في دركها الاسفل وما هو النفاق إذا لم يكن إتيانك هؤلاء بوجه وأولئك بآخر وهو صنيعة عدد كبير اليوم من المسلمين والمسلمات حيال الحكومات الجائرة بعضها يهزها الطمع وبعضها يقتلها الجزع وبعضها ماتت آخر نبضات الحرية والكرامة في دمائهم فأصبحت نفوسهم ذات حساسية بالغة ضد طعم الحرية كعبد أو أمة قضى عمره في خدمة سيده فلو خلى سبيله وملكه خزائن الدنيا لا يلبث أن يحن إلى العبودية ومن أجل ذلك عمل الاسلام في أسرع وقت قياسي ممكن على تجفيف منابعها وحررنا جميعا من سرطانات الاستعباد حتى لاهوائنا المعتملة في جنبات أنفسنا فله الحمد والمنة سبحانه .



    القوة مطلب الاسلام دوما حتى في الجاهلية :

    " وتجدون خيار الناس في هذا الامر أشدهم له كراهة " معناها مشكل وربما تحتمل منه كثيرا غير أن الاوفق بسياق الحديث هو القول بأن أشد الناس كراهة للاسلام قبل إسلامه هو خيارهم بعد ذلك شريطة الفقه دوما وبذلك لا يسعنا سوى القول بأن الاسلام دين قوي وهو يبحث عن القوة وعن القوي بسائر مظاهر القوة أينما كان ولو كان في الجاهلية وذلك لان القوي في الجاهلية سواء جاهلية كاملة كالكفر أو جزئية كالانحراف والعصيان صاحب نفسية قوية فعالة متوثبة متحركة لئن إهتدت إلى النور الرحماني كما فعل أكثر الصحابة وسيما الفاروق والسيف المسلول خالد وغيرهم كثير في التاريخ وفي الحاضر فإن قوتها النفسية تلك ستخدم بها الاسلام أما المسالم عن خوف والمتواري عن جزع والساكن عن جهل فلا يؤخر ولا يقدم إسلامه كثيرا سوى أنه ينجيه من النار وليس ذلك بصغير طبعا ولكن تفوته الدرجات العلى .



    فالخلاصة هي إذن أن الدعوة الاسلامية المعاصرة بحاجة اليوم إلى إلتقاط الاقوياء كرما وشجاعة وذكرا ونفسا والتركيز عليهم بخصوصية لعل الله يقلب القلوب منهم إليه سبحانه فينتصر الاسلام بهم غير أن إنتقاء أولئك ليس متروكا لسوى علماء النفس الكبار فينا فهم صيارفة النفوس ولايعني ذلك إستحماق الناس بالجملة ولا الازراء بالبسطاء ولكن ذلك يعني القدرة على الجمع والتكامل والاختيار والاصطفاء وحسن التخطيط كما أن على الدعوة عدم اليأس من الناس عامة وخاصة من أولى الجينات الوراثية الطيبة أو سليلة المجد حتى في غير الاسلام وعليها أيضا نبذ كل إحترام للمنافقين الذين مردوا على النفاق طويلا فهؤلاء سواء حسن إلتزامهم أو نبذوا الكفر لن تجني منهم الدعوة شيئا يذكر فاللهم أيد الاسلام بمن ينصر شوكته ويخضد شوكة الظلم .

     
  3. #58
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4388

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الستون

    أخرج البخاري عن إ بن سعد والترمذي عن أنس أنه عليه السلام قال " أحد جبل يحبنا ونحبه ".
    ــــــ

    موضوعه : الوطنية الاسلامية وطنية مؤمنة وفية أخلاقية لا يأتيها النفاق :

    لايملك المرء بادئ ذي بدء سوى الصلاة والسلام على من أوتي جوامع الكلم : حديث لاتزيد حروفه عن خمسة عشر حرفا وكلماته عن أربع يكتنز مالا يحصى من غزير المعاني لن يزال ثرا ينبض فيضا كعين جارية تخلع الحياة وتبسط الرونق على ما يليها فلم الفرار من لدن كثير من الناس إلى القفار الموحش فيغدو لقمة سائغة للذئاب المفترسة زاعما أن حرية عقله وإستقلالية فكره وإستنكافه عن التقليد والببغاوية هو ما ألجأه إلى ذلك وكأن سائر من لزم من الناس عيون الماء الصافي اللذيذ وينابيع الزرع الداني باعوا عقولهم في أسواق النخاسة . إنه الكبر يا صاح ألا فأعلم أن أعدى عدوك ليس من يسل عليك سيفه الناضل مهددا متوعدا بل هو من يزين لك عهرك وجفوك رابضا فيك لا حيلة لك عليه سوى بالحزم والعزم والتوكل وقوة العقل وليس الاعداء سواء هذا يمكر به خفيا لا تخضد شوكته صرعتك مهما إستكعبت ولكن يحصده صبرك اللاجم لشهواتك أما ذاك فلا يملك عليك من سلطان لو قهرك سوى أذى سرعان ما تندمل جراحاته . إنه الكبر يا صاح لن يرضى لك بأوهن وأهون دركات الاستعباد حتى يغرك بربك وبسنة مبعوثه رحمة للعالمين . إنه الكبر يا صاح لئن عجز العدو الخارجي عن إستضعافك به فإن عدوك الخانس فيك يكفيه مؤنته . إنه الكبر يا صاح يسري فينا سريان الدماء في الشرايين . إنه الكبر يا صاح ووالذي نفسي بيده إني لك لناصح أمين فأدرك نفسك قبل أن يدركك الموت وأهمس في نفسك في خلوة منك : هل ضاقت عليك يا صاح مناكب الدنيا بما وسعت طنبا على ما تهدربه من سوءات فلم تجد سوى الاسلام كتابا أو سنة أو تاريخا تتهجم عليه فهلا فعلت ذلك يوم عزته . غلبك للخاضع الكسير المهزوم في أحضان أهله وفي بطحاء عدوه وخصمه ليست سوىخسة لم يأتها العرب يوم كانوا عتاة حرب ضد الاسلام . من كان اليوم يأنس في نفسه قوة وشجاعة وجرأة وشهامة ورجولة فعليه بالصلف الصهيوني الاميريكي ومن شايعه فينا حربا ضروسا تارة بالقلم وأخرى باللسان ومرة بالقوة المادية والمالية والاعلامية . أما الاسلام يا صاح فلا يحاربه سيما من أهله فضلا عن غيرهم سوى عديم شهامة لانه دين أسير متهم مزجوج به في مليون قفص إتهام يحاكمه خصمه الظاهر عليه فلا يجد له محاميا ولا نصيرا . ألا فأغمد نصالك عنه إلى حين يطلق سراحه . أما اليوم فشهامة العرب تأبى منك ذلك .

    الدرس الاول من الحديث : الوطنية الاسلامية وطنية فطرية جبلية وراثية لا مكتسبة :

    غريب أمر كثير من الناس الذين لم يجدوا سوى سلاح الوطنية يسلونه ظلما وزيفا ضد خصومهم وكأن الوطنية من هؤلاء ذيل كلب أسود عقور لا يبرح الحر عاملا على التخلص منه في أول فرصة سانحة أما من أولئك فهي مجد تالد وعرق عارق وأرث سافر كابرا عن كابر فلو رجع الناس إلى النهى والحجى منهم قليلا أفلا يذكرون أن الوطن بترابه وأشجاره وأنهاره وأطلاله وربيع طفولته وضحى صباه لم يكن من واحد منا محل إختيار وهل إختار الواحد منا أن يكون تونسيا أو شاميا أو ملغاشيا أو أسود أو أبيض أو لسانا عربيا أو أعجميا أم أنه هو كذلك سوى لان والده إختار له ذلك أو أكره عليه وبناء على هذه الحقيقة الساطعة فكيف أستخدم سلاح الوطنية سيفا بتارا ضد خصمي ؟ فالوطنية بهذا المعنى وطنية فطرة مفطورة وجبلة مجبولة لا يأنف عنها إنسان فضلا عن حيوان لا بل إن الكلب أوفى من الانسان لوطنه حتى إن الشعراء من قبل يشبهون أمراءهم وفاء بالكلب فلا يغضب أمير ولا يحبس شاعر ولا يأنف مشبه بكلب وإذا إستوينا في الفطرة فذلك برهان على أن العبرة بعد ذلك بالوفاء للوطن ومن أوفانا للوطن : العامل على تحريره من الاستبداد والظلم أم المنافق لعربدة الجور ؟ أم المكافح من أجل هوية وطنه أم الغريق في لجج من التقليد الاعمى للمحتل الذي كان بالامس يجوس خلال ديارنا يبغينا ذلا؟ وهذا نبي الانام عليه السلام يحرق سفن الادعياء من الوطنيين الكذبة فيؤصل الوطنية الاسلامية الحقة ويعرفها بأنها الوفاء بالحب لكومة من التراب الصلدة والاحجار الكلدة فإذا كان الوفاء حبا لجبل هو في نظرنا لا يعي شيئا وهل يعي الجبل عندنا نحن شيئا فكيف يكون الوفاء حبا لوطن حافل بالحياة ؟

    الدرس الثاني من الحديث : الوطنية الاسلامية وطنية مفتوحة إنفتاح الفطرة الانسانية :
    لك أن تلاحظ أول ما تلاحظ بأنه عليه السلام عبر عن حبه بإسمه وبإسم المسلمين يومها لجبل أحد رغم أن جبل أحد ليس هو وطنه ولكن وطنه هو مكة أما أحد والمدينة يثرب عامة فهو مهجره الذي لم يختره راضيا لولا هربه من الظلم وبحثه عن الامن والحرية وهو تعبير يفيض حبا حتى ليجعل المؤمن اليوم يرجو أن لوكان ذرة من تراب جبل أحد فيشمله الحب النبوي فيسعد في داريه وليس لغير المؤمن سوى القول بأن هذا هو محض التعصب الاسلامي الذي لم نقف له على أثر من قبل ولا من بعد فقل لهم " ليت قومي يعلمون ". هو تعبير يفيض حبا لم يحب به عليه السلام ولا جبلا واحدا من جبال مكة الكثيرة سوى قوله عنها أنها أعز البلاد إليه ولولا أن قومها أخرجوه ما خرج وهو يؤكد الفطرة الاسلامية الفطرية الجبلية التي ليس لابن آدم فيها ملك بالانشاء أو الالغاء شأنها شأن سائر الفطريات . هو تعبير يفيض حبا لوطنه الثاني عليه السلام وطن الامن والحرية وليس كثيرا على الانسان أن يكون له أكثر من وطن سوى أن ترتيب الاوطان في نفسه لا يبوأ الصدارة إلا للحبيب الاول وليس ذلك كما أؤكد ألف مرة ومرة فضلا منه بل هي فطرة يستوي فيه مع الكلاب بل الكلاب أوفى منه غير أنه أكرم منها . وخذها إليك ياصاح حكمة ممن مسته نار الغربة المفروضة : إذاكان المواطن في وطنه وطنيا بضرورة الفطرة فإن من أبعد عن وطنه قسرا لاشد منه وطنية مليون مليون مرة غير أن تلك الحكمة يصدق فيها قول الشاعر : لايعرف الشوق إلا من يكابده ولا يدرك الصبابة إلا من يعانيها .

    الدرس الثالث من الحديث : الوطنية الاسلامية وطنية مؤمنة لا تعرف التطير ولا العجز:

    لك أن تدرك معي يا صاح أن جبل أحد هذا الذي أغدق عليه عليه السلام من الحب ما يغبط قلبك وقلبي هو ذات الجبل الذي شهد تحت سفوحه عليه السلام هزيمة عسكرية كبيرة قتل فيها مالايقل عن السبعين من خيرة أصحابه فكان لقريش خير ثأر جاهلي لولا أن منحة الله سبحانه حولته بعد الهزيمة إلى نصر ظل يطارد فلول المشركين حتى تخوم مكة فسجل الشاهد الدولي يومها نتيجة المعركة وفق ذلك النحو فكانت أحد بالنتيجة رصيدا بعد بدر لا عامل تثبيط . وكان من فرائض منطق الاشياء عندنا نحن اليوم أن يكف عن خلع الحب عن جبل شهد تحت سفوحه هزيمة ثقيلة لا بل كان يقتضي الحال أن يسبه ويشتم أهله ويتطير منه ويتعامل معه كما يتعامل مع ديار عاد وثمود بعد إنقراضها لا يدخلها غير مطأطئ الرأس مخافة العذاب الالهي لا بل كان يسعه أن يصمت فلا يذكر أحدا لا بخير ولا بشر . فلم إختار إذن الجبل الذي شهد هزيمته دون سائر الجبال والوهاد والنجاد في المدينة وما حولها من بدر والحديبية والخندق وغيرها ليحبوه بهذا الفضل العظيم ؟ هذا السؤال هو مربط فرسنا اليوم : والجواب لا يبعد دوما عن خدمة الايمان وهوما سميناه عقيدة فأضحى بعدها مجالا ليس أكثر من حياتنا محصورا محسورا . الجواب لا يبعد عن الايمان وما ينبغي له أن يبعد والايمان بحاجة إلى دفع عدوه وهو التطير وتعليق الهزائم على مشاجب المكان والزمان والانسان وسائر ما يعمر الدنيا اليوم . الجواب لابد له أن يعيد الاعتبار للانسان المتوكل العامل القوي الحازم العازم الواثق المتيقن الامل فلا مجال للتطير من جبل هزمنا تحت سفوحه ولا مجال لبغض وطن أطردتنا زبانيته ولا مجال لكره وطن حمانا ولو مع الاذى ولا مجال سوى لتكريم الانسان بالامل وبتعليمه أن الوطنية الاسلامية القحة القمينة بالانسان هي الوطنية الانسانية المنفتحة المؤمنة غير الكافرة بمعالم الارض ومرافقها وهي وطنية ليست عاجزة بل مملوة أملا وعملا تتخذ لها من أرض الله الواسعة وطنا يوم يضيق الوطن الام عنها : تتخذه مسرحا للعبادة والتعمير والخلافة أما النفس فلن تزال أكثر وفاء لارض الصبا ومهد الطفولة وأطلال الجهاد ونجاد الاخوة تماما كما هو الحب عند الشعراء فليس هو سوى للحبيب الاول وتعدد الاحبة كما تعدد الاوطان ليس عيبا إنما العيب في نسيان الحبيب الاول.

    الدرس الرابع من الحديث : الاوطان كيانات حية تحب وتكره بلغتها الخاصة :

    هذا درس يسخر منه غير المؤمنين فإذا إستوى في ذلك معهم مؤمن فإن الحريق حصد كل شئ ولا فائدة من دعوة فريق الاطفاء وليس قوله عليه السلام " يحبنا " حلم شاعر رغم بديع البلاغة النبوية العظيمة ولكنها الحقيقة التي تحجبها عنا كسوف الغفلة وكهوف النسيان ومدافع الجهل المركب فالجبل يحب ويكره وسائر المرافق المادية التي نراها تألفنا سواء ألفناها أم لا فالوطنية هي إذن بإختصار شديد علاقة حب وطيدة شديدة بين الوطن بسائر معالمه وأطلاله وبين الوطني أم هل تعتقد أنك تحب وطنا لا يحبك رغما عنه أم تظن أن بائعي الاوطان نخسا بخسا لاعدائه تحبهم أوطانهم أم أن تحسب أن الادعاء الطويل العريض اليوم ليس له أمد إليه ينتهي وأجل فيه يختبر ؟ وربك يخبرنا أن الظالمين لما لاقوا مصيرهم " فما بكت عليهم السماء والارض " لا بل لاوطاننا التي هجرنا عنها غصبا علينا مآقي لن تجف من البكاء ودموعا تؤز الظالم أزا.

    فالخلاصة هي إذن أن الوطنية الاسلامية هي وطنية فطرية جبلية وهي وطنية حب متبادلة وهي وطنية إنسانية منفتحة تعشق الحرية وتحارب الاكراه وهي وطنية مؤمنة لا متطيرة

     
  4. #59
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4388

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الواحدة والستون



    أخرج أحمد عن عبدالله إبن عمرو أنه عليه السلام سئل " أي المدينتين تفتح أولا : قسطنطينية أو رومية ؟ " فقال " مدينة هرقل تفتح أولا " . وصححه شيخا الحديث في عصرنا المرحومان شاكر والالباني كما أورده الهيثمي في المجمع ورجاله رجال الصحيح .

    ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ

    من شواهده "هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله " وهي آية تكررت حرفيا في كل من التوبة والفتح والصف .

    موضوعه : الاسلام دين الانسان في كل زمان ومكان ريحه الامل وعماده العمل ومظهره الله:

    شواهد الحديث في القرآن كثيرة و في السنة من مثل ما أخرج أحمد عن النعمان بن بشير في إستعادة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة بعد ملكين عضوض و جبري ومثله لاحمد عن تميم الداري في أن الاسلام لن يدع بيت مدر ولا وبر إلا دخله ومثله ما أخرجه مسلم وثلاث من أهل السنن عن ثوبان في أن الاسلام سينتشر في المشارق والمغارب في الارض كلها الخ...

    وواضح أن الصحابة أخبروا من قبل ذلك منه عليه السلام بفتح قسطنطينية أي إسطنبول اليوم في تركيا عاصمة الخلافة العثمانية حتى نهاية الربع الاول من القرن الميلادي المنصرم .

    هات نبدأ من البداية : الاسلام هو الدين الخاتم وصاحبه وحده ناصره ولكن بالمؤمنين :

    في البداية كان عليه السلام وحده قافلا من غار حراء خائفا يرتعد طالبا من الزوج الحنون خديجة الدثار والتزميل وظل يدعو سرا ثلاث سنوات فآمن له أربعون ثم صدع بدعوته فهاجر بعض أصحابه إلى الحبشة مرتين فآمن حاكمها ثم هاجر إلى المدينة وبنى دولته وإنتصر في حروبه الدفاعية والهجومية على حد سواء ثم إنداحت رقعة الاسلام بعد الحديبية ثم فتح مكة وأجلى الروم في شمال الشام ودانت له العرب قاطبة وبعث رسله إلى ملوك الجوار ثم مات عن ما يناهز مائة وثلاثين ألفا صحابي ثم واصل خلفاؤه من بعده مشوار الدعوة فأنداحت كلمة الله سبحانه مطوحة بعيدا في أواسط أروبا الغربية مطوقة أقصى شرقها بأقصى غربها متوغلة في أقصى شرق وشمال آسيا وذلك بعد فتح مصر وأفريقية والسودان وأجزاء واسعة كبيرة من القارة السوداء فما ذا بقي من الارض ؟ ثم داهمتنا الظروف المعروفة من تراجع داخلي مخيف سرعان ما عاجله الاحتلال الخارجي واليوم نعيش عصر النهضة الاسلامية الجديدة رغم جراحات العراق وفلسطين وطعنات الخيانات الحكومية وشبه الحكومية الداخلية . تلك هي تطواحة تاريخية موجزة فلو عزرناها بعالم الافكار لما جاز لنا سوى أن نقول بأن الاسلام هو الدين الخاتم المهيمن كتب الله له النصر والاندياح هداية للانسان وتحريرا له من سائر الطواغيت المادية والمعنوية وهو سبحانه وحده ناصره لانه دينه الذي إرتضاه لعباده أجمعين فهل يعجز سبحانه عن ذلك بفعل الظروف الدولية المحيطة وهل يتراجع عن وعده وهو أرحم بعباده حتى أعتى الملاحدة والمشركين والظلمة منهم بأنفسهم أم هل يحق لنا اليوم وقد آلت حالنا إلى ما تعلمون أن نحاسبه على عدم إتمام وعده أو نيأس منه أو يتهول شر الظلمات المطبقة علينا من كل صوب وحدب في أنفسنا فنهرع إلى الفزع ونقول بما قال به النبي الامريكي الكاذب " نهاية التاريخ " ؟ كلا وألف كلا إنما لا يليق بنا سوى فهم أمرواحد وهو أن ظهور الاسلام ظهورا لا يخلف بيت وبر ولا مدر قدر إلهي مقدور جفت منه الصحف ورفعت الاقلام وهو ظهور يرعاه هو سبحانه ويقيض له الاجيال تلو الاجيال تعمل ناصبة دائبة لاجله ولا يحققه سوى على أيدي من يريد هو سبحانه في الزمن الذي يريد وإنطلاقا من المكان الذي يريد وإنتهاء بالذي يريد وأن جحافل الظلم المعربدة اليوم فينا تعمل الخناجر المسمومة في أجداثنا لهي أقدار من أقداره سبحانه ينصر بها دينه وفق أسباب معلومة ثم يخزيها ويظهر من شاء من عباده أمامن سواهم فيستبدلهم بتقلب الزمن .

    برقية عاجلة سريعة في الاثناء لاهل الحجى :

    لابد لكل عاقل بنور الايمان لا بظلمة الكفر مراجعتي قائلا بأن ظهور الاسلام ظهورا كاملا تاما لا يدع بيت مدر ولا وبر لا يعني سوى قيام الساعة فساعة الدنيا تقوم حين يندحر الشرأو الخير بالكلية المطلقة ولا مساغ لحياة إنسان إبليسي أو ملائكي ونعمت المراجعة . ذلك الظهور إما أن يكون بين يدي الساعة لو صحت الاثار الدالة على ذلك رغم ورود أضدادها بالكلية وإما أن يكون ظهورا لا يلغي سنة الابتلاء بمقتضيات التدافع والزوجية وكلاهما وارد الحدوث والله أعلم .

    الدرس الاول من الحديث : الاسلام والدعوة والقوة والامل هي أركان الحياة الانسانية :

    ما آمن بالاسلام من أسلمه لخصومه أو أستحيا من تكاليفه أو ضن بكومة لحمه وشحمه وصرة درهمه عليه وما آمن بالاسلام سوى من عاش له وبه لا بل له قبل به لان العيش به لا يتطلب سوى ساعة واحدة يتعلم فيها كل ماجاء به أما العيش له فيتطلب صقل الروح وشحذ الارادة وقمع الهوى والجهاد بالنفس وبالمال أما من كان الاسلام في حياته لا يساوي سوى مهنة وضيعة رخيصة لا يتكسب منها كثيرا يزهد فيها ويبيعها بثمن بخس لاول طالب فلا يعنيه هذا الحديث وليست الدعوة من لدن المؤمنين سوى قوة ضاربة يتقوى بها الاسلام والدعوة وحدها هي التي تفرض على المسلمين العاملين المخلصين التفكير في سائر مظاهر القوة جلبا ورصدا أما الاستكانة بالاسلام فلا تصنع قوة بل تصنع ذلا لا يرفع حتى يستعيد الناس مجدهم بالجهاد تلك هي أركان الحياة الانسانية الكريمة الحرة وأفرد لركن الامل فقرة خاصة تالية .

    الدرس الثاني : أليس من الجنون والغباء التبشير بروما والاسلام يتهاوى بلدا بعد آخر ؟:

    لا مناص من تقبل الرمي بالجنون والحمق من الذين قتلهم اليأس قتلا ولو جادلتهم لاحتموا منك بقولهم نحن لا نيأس من الله ولكن الظروف الدولية صعبة إلى درجة أن تحديث الناس اليوم والاسلام يتهاوى بلدا بعد آخر على يد الصهاينة والامريكان بفتح رومية لهو ضرب من القفز على الواقع والسباحة في غياهب الخيال المحلق الحالم وما أكثر ما تسمع الناس بمثل هذا يرطنون ولكن قل لي بربك إذا كان الامل بعيدا عن أن يعافس أفنيتنا وكبيرا علينا أن يطأ بسطنا اليوم والاسلام يتهاوى بلدا بعد بلد والعدو يعربد في قعر الدا رفمتى إذن نأمل أيوم ينداح الاسلام ويظهر في كل بيت مدر ووبر ؟ من قتله اليأس اليوم فلا حاجة لله في أمله غدا يوم يدخل الناس في دين الله أفواجا أو يندحر الطغاة . حلاوة الامل يا صاح التي تقوم ركنا من أركان شخصيتك وحياتك إلى جانب الاسلام والدعوة والقوة لا تصنعها الانتصارات بل تؤججها في صدور الموقنين الضربات الثخينة ولك في الطبيعة إن شئت درسا فالفجر من كل صبح جديد لا يولد سوى من رحم عسعسة بهيمة والانسان لا يولد سوى من بطن أم يعصف بها الالم المبرح ولك في السنة إن شئت درسا فهذه الاحزاب في الخندق تحيط بالمدينة إحاطة السوار بالمعصم حتى يقول الناس عنه عليه السلام هذا مجنون يعدنا بقصور اليمن وكسرى والواحد منا لا يأمن على نفسه وهو يقضي حاجته فلا تقل اليوم سوى ما قاله أولئك الذين تحدثنا عنهم في الفقرة الاولى أولئك الذين جعلوا الاسلام ودعوته منداحا في المشارق والمغارب" هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله " ما يقع لنا اليوم في العراق وفلسطين وفي غيرهما علنا وسرا وظاهرا وباطنا هو عين ما وعدنا الله ورسوله بين يدي فتح رومية .

    الدرس الثالث من الحديث : فتح رومية فتحان: فتح بحرية العبادة وفتح بحرية الكلمة :

    أولئك الذين يقتلهم اليأس أو يستبد بهم الاستحياء من مثل هذه النصوص يستكثرون على الاسلام بل على ربه الذي حمى كعبته أمام أبرهة بعدما تخلى الناس عنها أن يظهر ظهورا لا يتخلف عنه بيت مدر ولا وبر ولو جادلتهم يوما فقل لهم هل تصدقون أن مدينة هرقل فتحت يوما أم أن ذلك أيضا أضغاث أحلام لا بل قل لهم هل مات رب أولئك الفاتحين لها أم إندثر الدين الذي به فتحوها قال الامام القرضاوي بأن فتح رومية يغلب أن يكون فتحا علىغرار فتح الحديبية أي فتحا لحرية الدعوة والكلمة وهو فقه عظيم وحكمة بالغة ورغم الظلمات المحيطة فلا يعدم اليوم المرء المراقب المنصف إرهاصات مضيئة بين يدي ذلك الفتح فحرب الاستئصال الشاملة التي يشنها أعداء الاسلام اليوم في ظني أنها تمكن لحرية الدعوة الاسلامية المتوسطة في أروبا عقدا بعد عقد فهي لم تزد أغلب المسلمين الاروبيين سوى تشبثا بالوسطية الاسلامية المنشودة والحريات الاروبية لا ينتهي بها التضييق أبدا إلى الالغاء السافر كما هو الحال عندنا والعامل الثالث هو أن السنن الالهية بيد الانسان كافره ومؤمنه ومسالمه وظالمه لا تعمل لسوى إرغام الظلم البالغ حدودا قصوى لا يتحملها الناس الاقل ظلما فضلا عن الاحرار وعن المسلمين والعامل الرابع هو أن الاسلام ينتعش ويتقدم حتى لو لم يسمح له بسوى العبادة الشخصية الطقوسية المختفية تلك هي طبيعته فهل نملك خصمها وهل تملك أنت أن تكون شيطانا أو ملكا ؟

    الدرس الرابع من الحديث : لا يبغي الاسلام غير الحرية والزمان معيار لا يخطئ :

    ليس أغلى عندي من الحكمة القائلة بأن الحرية والاسلام صنوان لايفترقان فالاسلام المكره هو نفاق والحرية الكافرة هي حرية البهائم لا حرية الانسان المكرم ولم يثبت التاريخ من لدن آدم إلى يومنا سوى أن الاسلام لا يتقدم سوى في مناخ الحرية واليوم يثبت مرة أخرى حكمة بالغة تالية لتلك وهي أن الحرية حتى الكافرة منها لا تلد في دنيا الانس سوى الاسلام فالجهاد في سبيل الحرية هو جهاد في سبيل الاسلام بالضرورة وما تبغي أنت لو خلي بينك وبين الناس ؟ أما النصف الثاني من هذا الدرس الرابع والاخير من الحديث فهو أن الناس الذين لا يعملون للاسلام يقعدون ملتزمين للدعة ثم يتساءلون من أرائكهم : ولكن متى ينتصر الاسلام ؟ وكأنهم يستبطؤون ذلك . ولكن هل سألوا متى يشفى المريض ؟ أليس هو متى يتناول الدواء أو الحمية الموصوفة ؟

    الخلاصة إذن هي : كن عاملا للاسلام حاملا له على عاتقك لا متسلقا له لبلوغ مآربك الخسيسة ولا تجادل في مبشرات الاسلام ودع ذلك للقاعدين والساخرين ولكن إمتلا أملا وعلما وعملا وقوة ومت على ذلك ويوم تفتح رومية يكن لها من غنمها نصيب يصيبك في قبرك

     
  5. #60
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4388

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الثانية والستون



    أخرج البزار عن أبي سعيد الخدري أنه عليه السلام قال " نضر الله إمرء سمع مقالتي فوعاها فرب حامل فقه ليس بفقيه ثلاث لا يغل عليهن قلب إمرئ مؤمن : إخلاص العمل لله والمناصحة لائمة المسلمين ولزوم جماعتهم فإن دعاءهم محيط من ورائهم ". وأخرجه إبن حبان عن زيد بن ثابت والبيهقي وأبوداود والترمذي والنسائي وإبن ماجه ورواه كذلك إبن مسعود و معاذ إبن جبل والنعمان بن بشير وجبير بن مطعم وأبو الدرداء وغيرهم ...

    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ



    موضوعه : رسالة الدعوة عمادها ثلاثة هي إصلاح الفرد وإصلاح الحكم وإصلاح المجتمع :

    تفاصيل الحديث كثيرة ولابد لنا من الاتيان عليها بعد حين بإذنه سبحانه غير أن طريقتي هي دوما محاولة إلقاء نظرة عامة إجمالية واسعة يمكنها إستيعاب سائر التفاصيل والجزئيات إذ أن لكل توجيه من توجيهاته عليه السلام رسالة محددة يريد نفثها في روعنا وتلك الرسالة لا تتحصل من النظرفي الجزئيات قبل الكليات وفي هذا الحديث مثلا لابد لنا من ربط أولي بين شطريه أولهما الذي يحث على العناية بسماع المقالة ثم وعيها وفقهها ثم إبلاغها وثانيهما الذي يحدد فيما أرى رسالة الدعوة الاسلامية في كل زمان وفي كل مكان في معاقدها العظمى وهي أي رسالة الدعوة تقوم على دعائم ثلاث لابد منها : إصلاح الفرد بالاخلاص وإصلاح الحكم لما له من أثر على الناس بالمناصحة وإصلاح المجتمع باللزوم ودون ذلك الوصل الضروري بين شطري الحديث فإننا سنظل نتحدث عن كل شطر منه لوحده وكأنه منزوع من سياقه لا صلة له بما بعده فإن سئلنا يوما : فلم وصل عليه السلام بينهما ؟ أجبنا بما لا يليق لا بحكمته وبلاغته عليه السلام ولا بما يليق بعظمة رسالة الدعوة إلى الاسلام ولا بما يليق بعقولنا التي كلفنا بإستخدامها في النظر . والامر ذاته ينسحب حين نتناول أي الشطرين بالتفصيل بعد وصل الرسالة العامة للحديث ببعضها بعضا فلو ظلننا نؤكد على الاخلاص لاصلاح الفرد دون الحديث عن علاقته بإصلاح الحكم وإصلاح المجتمع فإننا سنرث ثقافة ليس أبلغ مبلغها من العلم سوى أنها تربي الانسان على الاهتمام بخويصة نفسه وإعتزال الناس حكما أو حقيقة كما تفعل اليوم وبالامس وغدا فرق كثيرة لئن نجت ربما أنفسها من الضياع أو من النار فإنها أسلمت أجيالا وشعوبا واسعة كثيفة لذلك ولو ركزنا على الاصلاح السياسي مثلا إصلاحا للحكم بالمناصحة كما هو المطلوب منا هنا دون وصل ذلك بالاخلاص وإصلاح الفرد فإن المصلح السياسي يظل كالشمعة يضئ منيرا لغيره الطريق حتى يقضي هو تحت النار وعلى ذلك المنوال في تناول الحديث أي حديث قس حتى تظفر بحسن الفقه ثم بحسن البلاغ ثم بحسن الاصلاح ثم بحسن الثمرة .



    الدرس الاول من الحديث : الانسان ليس إسطوانة تسجيل ببغاوية تحكي دون فقه :

    الدعاء بالنضارة هنا في مكانه المناسب دون أدنى زيادة ولا نقصان كيف لا وقد أوتي من الحكمة عليه السلام ما به تستقيم الدنيا بأسرها ذلك أن الوجه غير النضر يوصف دوما بأنه وجه غير أن النضارة لسوء تغذية أو لذنوب كثيفة سودته نائية عنه والمرء هو كذلك كالحقل والزهرة والغصن فالحقل الاجدب حقل غير أن الزهرة الغضة أ والغصن الطري يخلب الانظار فمن سمع فلم يفقه أو لم يبلغ أو بلغ لمن هو أفقه منه هو مؤمن غير أن من أحسن السمع فأحسن الفقه فأحسن البلاغ يتميز عنه بالنضارة وهي هنا حياة القلب وذكاء العقل وتحفز الارادة . وكثير من الناس اليوم يستعجبون كيف أن فقيها ما أفتى بأمر أو حكم به إنطلاقا من حديث صحيح بينما خالفه الاخر سواء في زمنه أو غير معاصر له وقبل ذلك يستغربون كيف يقع الاختلاف بين الصحابة والفقهاء في سائر الاعصار والامصار ودون الوعي بحقيقة الامر فإن البعض منهم أثرا لذلك لا تفصلهم عن الردة غير خيط رقيق دقيق وسواء كانت ردة في إتجاه العلمانية أو في إتجاه الشبهات الكثيفة كما نقرأ اليوم على صفحات بعض المواقع الالكترونية فإن النتيجة واحدة وهي بضاعة مزجاة من العلم سببه الاول عدم العناية بما فيه الكفاية بالفقه أي حسن الفهم دقة وإحاطة ومواقعة أي نظرا إلى الواقع المعيش ومن أخطأ حسن الفقه فلن يصيب في حسن البلاغ .



    الدرس الثاني : رب مبلغ أوعى من سامع أو الحد الادنى لحسن البلاغ : صحة الرواية :

    مما قال الاولون " إذا كنت مدعيا فالدليل أو ناقلا فالصحة " ولا يليق بخلف أمة تفردت دون العالمين شرقا وغربا في علوم نخل الرواية كلمة بكلمة إرسال الكلام على عواهنه لادليل يسنده ولا صحة تقومه . وفي رواية أخرى من روايات هذا الحديث الكثيرة قال عليه السلام " فرب مبلغ ـ بتشديد اللام وفتحها أي أسم مفعول ـ أوعى من سامع " وهي حقيقة تاريخية كشف عنها عليه السلام لحمتها فرضية الاجتهاد وسداها فرضية التجديد وكأنه يريد أن يحث سائر الناس الذين يتلقون عن الرواة من بعده بألا يتحولوا إلى مقلدين جامدين حسبهم القول ببلادة بأن الاولين لم يتركوا للاخرين شيئا بل عليهم أن يتعاملوا مع ما وصلهم على ضوء معطيات واقعهم فإن كان ما وصلهم ثابتا ثبوت الجبال الرواسي كالعقائد والاخلاق وسائر ما تعرف عملوا به رغم العوادي وعلموه وإن كان مما يقبل التطوير لا يسعهم سوى ذلك وذلك هو أكبر معنى يمكن لنا إستخلاصه من قوله " رب مبلغ أوعى من سامع " فالاجتهاد حتى المخطئ منه شريطة أن يكون من أهله في محله ليس جريمة بل هو وصية نبوية كريمة وإذا لم يستطع الواحد منا فعل ذلك فلا أقل من نقل الرواية إلى من يليه من الاجيال صادقة صحيحة وهذا تكفل به رجال التحقيق حامي تخوم الحديث أهل نخل النقل وغربلة الرواية ولولا الاسناد كما قال أحدهم لقال كل من هب ودب ما شاء . أما إذا إجتمع فينا تصحيف الرواية أي تزويرها مع عي في الفهم فإن الفتنة على الابواب.



    الدرس الثالث : أولى العلم الجدير بحسن الفقه وحسن البلاغ هو فقه رسالة الدعوة ودعائمها ال3:

    لامناص لنا من وصل شطري الحديث ببعضهما بعضا حتى ندرك لم لم يؤطئ عليه السلام لمئات الالاف من الاحاديث الاخرى التي قالها بمثل ما وطأ لحديثه هذا . فمن فقه هذا الوصل هنا وأجاد الجواب عن هذا السؤال فقد ملكه الله نصف الفقه وثلثي العلم . والجواب في رأيي هو أن أولى ما تحتاجه الامة دوما وأبدا هو فقه رسالة الدعوة حسن سماع وحسن فقه وحسن بلاغ وحسن إصلاح وحسن الاصلاح لم يدعه عليه السلام مرسلا بل حدد دعائمه الثلاث الكبرى وهي إصلاح الفرد بالاخلاص وإصلاح الحكم بالمناصحة وإصلاح المجتمع باللزوم وهو الفقه الجامع بين فقه القلوب أي كيف تتشرب الاخلاص وبين فقه الشؤون العامة من سياسة وثقافة وإقتصاد وغير ذلك وبين فقه الاجتماع البشري أي فقه التغيير وتأهيل المجتمع لمواطن القوة والوصاية وسائر ما يمكن أن ينفث في روعك من أبواب الفقه هو بالضرورة تحت إحدى تلك الدعائم الثلاث



    الدرس الرابع : شمول الرسالة الاصلاحية شرط في إتيان الاصلاح أكله :

    الشمول الاصلاحي تناوله الحديث كما بينت الفقرة السابقة غير أن الشمول ليس مشروطا أن تقوم به طائفة واحدة وخاصة في عصرنا. لابد من تعدد الهيئات الداعية لاصلاح تلك الدعائم الثلاث الكبرى والعاملة على ذلك نظرا وتحقيقا بحكم تشعب الحياة وتعقد مسالكها وليس لذلك التعدد الاصلاحي سوى الالتزام بشرط التكامل بدل التنافي وهو تعدد يمكن أن ينسحب بعد إنسحابه على موضوع الدعوة على الزمان والمكان تبعا للحاجة دوما أما القيام من لدن الامة بأسرها على دعامة واحدة من دعائم الاصلاح الثلاث وتعطيل البقية تحت أي ذريعة كانت فذلك هو عين ما عمق أزمتنا الراهنة وزاد من شططها وشرخ نكئها لان الحياة والانسان لا يقبلان التجزئة .



    الدرس الخامس : إصلاح الفرد بالاخلاص فقه متقدم على كل ضروب الفقه والاصلاح :

    يظن بعض الناس أن عاقبة عدم الاخلاص لله سبحانه مسرحها الاخرة فحسب أما في الدنيا فإن عدم الاخلاص بما أنه لا يعمله إلا الله وصاحبه فلا عقوبة عليه وبصفة أخص لا ضرر منه وهو تصور مشوب بسحب كثيفة من المادية وإذا كان المجال هنا لايسمح بالاسهاب فإني أحيلك على مشهد واحد من مشاهد سنته وهي أن جثة شهد لها الناس بالجنة وأخرى بالنار فقال عليه السلام لكليهما وجبت والشاهد في ذلك أن الاخلاص وعدم الاخلاص لله حتى إن كان محله القلب فإنه يعلم منك بعد العيش مع الناس لفترة قصيرة فإما تحب لذلك وتؤول إلى الجنة وإما الاخرى ذلك أن للقلوب حديثا لانسمعه نحن ولكن الحفظة من حولنا يديرون خطابه بين قلوبنا وهل علمنا نحن سائر ما يتعلق بالغيب حتى ننفي أثر الاخلاص في الدنيا .



    الدرس السادس : إصلاح الحكم وسائر مواقع الامامة والقيادة بالمناصحة فقه متقدم :

    طالما إشتكى الفقهاء المعاصرون فينا من غياب الفقه السياسي وحملوه مسؤولية أوضاعنا الراهنة وهو صحيح بقي أن نقول بأن المناصحة لا ينقطع لها حبل حتى لو بلغ الخصام بين المجتمع وبين مؤسسات الحكم مبلغا كبيرا فالصلح دوما خير لتحاشي شح النفوس وليس ما تفرزه مجتمعاتنا اليوم من أحزاب ومنظمات في سائر الشؤون العامة سوى مظاهر لتلك المناصحة المطلوبة والدين النصحية كما قال عليه السلام لا بل حتى لو تقاتل المسلمون كما ورد في سورة الحجرات وكما وقع حقيقة في الفتنة الكبرى فإن الصلح دوما أبقى لحياة المجتمع وخير المناصحة اليوم بيننا وبين حكامنا ما كانت بإسم المجتمع وبإسم سائر مكوناته وجمعت إليها من الوسطية والاعتدال والتوازن قولا وعملا شيئا كثيرا أما دون المناصحة بسائر صورها المعاصرة فهو إما إستقالة مرفوضة بأي مبرر كانت أو يأس لا داعي له أو إنصراف إلى إستخدام القتل أو الاستنجاد بالعدو الخارجي وكل تلك الصور يأباها الاسلام لانها لا تنسجم مع طبيعته السمحة .



    الدرس السابع : إصلاح المجتمع باللزوم فقه عظيم :

    تلك قاعدة أساسية في فقه التغيير الاجتماعي سنها عليه السلام مفادها أن الاصلاح لا يكون سوى باللزوم واللزوم له صورتان لزوم ثقافي بمعنى أن إصلاح أي مجتمع لا يكون بسوى إستخدام ثقافته التي تداوي أمراضه ولزوم مادي وهو كذلك يتخذ له صورتين صورة بمعنى الحياة فيه واقعيا لاصلاحه وهي الامثل وصورة بمعنى عدم الخروج عنه لا خروجا ثقافيا ولا خروجا بالسيف والقوة والقتل أما إصلاحه من خارجه بالمعنى المادي فما ينبغي أن يكون أصلا إلا خادما مهما تقدمت ثورة الاتصالات المعلوماتية .

     

 
+ الرد على الموضوع
صفحة 12 من 21 الأولىالأولى ... 2 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك