صحح المسار بالتوبة والاستغفار
كشف الحساب ليس مضبوطا كما نريد, وكما يرضي الله
ورسوله, فسطوره تتخللها هفوات وذنوب ومعاص... هذا
ما استطعنا أن نحصيه وندركه نحن, وقد يكون هناك ذنوب
أخري يحصيها الله وملائكته ولانفطن إليها, فما العمل؟
عسي نتذكر قوله تعالي: إن الله يحب التوابين,
وبالحديث القدسي: (... يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب
الأرض خطايا ثم لقيتني لاتشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة)
أي أننا نفهم أن باب التوبة مفتوح للعبد, ولكن عليه بالاسراع
في التوبة والاقلاع عن الذنب والمعصية, فالعمر يمر سريعا,
ولا أحد يعلم متي ينتهي أجله ويغادر دنياه إلي آخرته.
وكلنا يشعر بمدي سرعة انقضاء العام
رغم أنه يضم اثني عشر شهرا كاملة. ومع ذلك
فلو سألنا أحدا عن بدايته لقال كأنها بالأمس.
وهكذا العمر يمر سريعا, فيجب المبادرة بالطاعات والرجوع
عن المعاصي, لنحقق مبدأ التوبة من قريب الذي تحدث عنه
القرآن الكريم, ولنأخذ أيضا من أخطاء عامنا المنصرم عظات
وعبرا للعام القادم, لأن من سمات المسلم أنه يتعلم الدرس
ويستفيد من نتائجه, ويعلم أنه مهما كثرت معاصيه فإن الله
تعالي يقول: قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم
لاتقنطوا من رحمة الله..
والرسول صلي الله عليه وسلم يقول: إذا قال العبد يارب
يقول الله علم عبدي أن له ربا يغفر الذنوب فغفرت له.
وإذا ما وضع الانسان يده علي أخطائه وقرر أن يتطهر
منها فعليه بالتوبة, ملتزما بشروطها, وهي الندم بالقلب علي
ما ارتكبه, والاقلاع عن الذنب فلا يتوب وهو لايزال يفعل ما
يريد أن يتوب عنه, والعزم علي ألا يعود لذنوبه تلك مرة أخري,
ويزاد علي تلك الشروط شرط رابع إذا ما كان الذنب ليس فقط
بين العبد وربه وكان هناك طرف ثالث آذاه هذا الذنب وظلمه
في نفسه أو ماله أو عرضه.. فيكون الشرط هنا هو التحلل
من هذه المظالم وردها لأصحابها إن كانت مادية, والاعتذار
عنها وإيضاح الحق وطلب المسامحة إن كانت معنوية,
ويبذل في ذلك الجهد قدر استطاعته لأن حقوق
الآخرين تقف حائلا بين العبد التائب وربه.
ونقطة أخري تفيد المسلم التائب وغيره تتعلق بمنح
المغفرة المتاحة لكل العباد طوال العام, ويمكن لأي أحد أن
ينهل منها, وبقدر ما يفعل بقدر ما تغفر ذنوبه وتكثر حسناته,
منها صيام يوم عرفة الذي ورد انه يكفر السنة الماضية,
والتالية, وصيام الست من شوال, والذي ورد أن صيامها بعد
رمضان كصيام الدهر كله, وصيام الأيام البيض (15,14,13
من الشهر العربي), وصيام الاثنين والخميس من الأسبوع,
أيضا الاكثار من صلوات السنن والنوافل, وإخراج الصدقات,
وكثرة الاستغفار لقوله صلي الله عليه وسلم: (ألا إن داءكم
الذنوب, ودواءكم الاستغفار), وكثرة الصلاة علي الرسول
صلي الله عليه وسلم لقوله: (من صلي علي صلاة صلي
الله عليه بها عشر صلوات, ورفع له بها عشر درجات,
وكتب له بها عشر حسنات, وحط بها عنه عشر خطيئات).
هكذا نستقبل العام الجديد
مواقع النشر (المفضلة)