+ الرد على الموضوع
صفحة 7 من 21 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 17 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 31 إلى 35 من 105
  1. #31
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4388

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الواحدة والثلاثون

    أخرج الشيخان عن إبن عمر أنه عليه السلام قال " أيما رجل قال لاخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما ".
    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
    من شواهده " إجتنبوا كثيرا من الظن " و " ... وأن تقولوا على الله ما لاتعلمون ". وغيرها كثير.

    موضوعه : التكفير أشد الزلازل حصدا لاول ثابت بعد التوحيد وهي الاخوة وهو سلاح البله : لو إتفقنا بداية على بديهية معلومة من الحياة بالضرورة لاغنتنا عن تحبير المجلدات في هذا الموضوع وليست تلك سوى أن هذا الحديث الصحيح صريح في إعتبار أن كل رجل أو إمرأة قال بلسانه لرجل آخر أو إمرأة عرف عنه الايمان ولو مع إتيان كل الموبقات التي لا يحيط بها عقل يا كافر فهو بين أمرين لا ثالث لهما : إما أن يكون المعني كذلك حقا عند الله سبحانه وإما أن يكون غير ذلك أي فاسقا ألف مرة ومرة وعاص ومنافق سلوك وباغ وعاد ومحارب وظالم حتى النخاع لكل من خلق الله فوق الارض وفي كل هذه الحالات فالقائل نقل نفسه ببساطة لا يفعلها غير البله والمجانين من الايمان الكفيل بفوزه بالجنة في الاخرة لبث ما لبث في النار لتخليصه من كبائره وموبقاته ومن حقوق الناس عليه إلى الكفر الكفيل بخلوده في النار كائنا ما كانت أعماله برا وإنفاقا وإحسانا ومعروفا وعبادة وبكاء وطوافا ونفعا للناس . إني أظن أن كل عاقل يطلع على هذا الحديث يرعوي وينزجر ويتصور نفسه أنه كان يقف على شفا جرف هار يكاد ينهار به في نار جهنم وهو لا يشعر أو هو يلعب ويلهو بجانب تمساح ضخم جائع يهم بإبتلاعه في كل آن ولحظة إني والذي نفسي بيده كلما قلبت هذا النص الصحيح الصريح في حياتنا اليوم المليئة بتبادل التكفير أقف مشدوها حائرا لدقائق طويلة متسائلا بيني وبين نفسي كيف يبيح عاقل لنفسه إتهام كائنا من كان بالكفر وهو يعلم علم اليقين أن كل تهمة بالكفر لا تصيب صاحبها المناسب بالتحديد ووفق علم الله وليس علم البشر مرتدة عليه هو مباشرة ودون أدنى تمحل أو تأويل أو كذب .

    تحرير القول في الكفر المقصود هنا : صحيح أن بعض العلماء قالوا بأن الكفر المرتد هنا على صاحبه القاذف للمؤمن بالكفر وما هو كذلك هو كفر دون الكفر الاكبر المخرج من الملة وليس ذلك بمسلم ولا بعيد عن المعارضة فهو تأويل لئن إتسعت له اللغة والشرع معا فإن من شأن التهوين من جرم هذه الفرية القاضية بقذف مؤمن بما هو منه فار وهو الكفر أن يجرئ ضعاف الايمان والنفوس المعقدة غير السوية على خلخلة أركان الاخوة الانسانية وخاصة في دائرة أهل الايمان ولا شك أن مآل تأويل مماثل حتى لو كان له مساغ لغة وشرعا ليس هو سوى توهين النفوس القاذفة وإستمرائها لبث الفتنة في الصفوف وتفريق الجماعات وإذهاب الريح وشغل النفوس المقذوفة بالدفاع عن نفسها ومن يتوانى في الدفاع عن إيمانه أغلى كسبه في هذه الدنيا ومن صبر عن ذلك من النفوس المقذوفة ظلما وزورا فإن قذفا شبيها يشغل النفوس العاملة لخير البشرية وفتح دروب الحرية والحق والعدل وتوطيد أركان الاخوة والتعاون والتعمير والاحسان بأولويات ثانوية وبذا تتأخر الجماعة وتنحل الامة ويجد العدو المتربص فرصة للاغراء والاغواء. وبعد ذلك من أدرانا أن هذا التأويل مقبول عند الله سبحانه فلو حكم بيننا يوم القيامة فيما كنا فيه نختلف وقالت محكمته العليا والاخيرة وهي منتصبة بين الجنة والنار أن من رمى مؤمنا بالكفر يوما فقد كتبته في لوحي كافرا مذ قالها ومصيره معلوم طبعا فهل نمنح يومها فرصة للترجيح بين القولين هل الكفر المرتد في هذا الحديث الصحيح هو كفر أكبر أم كفرنعمة لا بل هب أنه كفر أصغر أو كفر نعمة أليس إشتراك الالفاظ والمعاني مؤذن بإشتراك المصائر والمآلات وما هو الفرق يوم القيامة بين كافر أصغر وآخر أكبر . إني لا أرى أن تأويلا مماثلا خادما لحالنا وأرنو إلى دهاقنة العلم وأساطين الفقه في حياتنا اليوم أن يؤول إجتهادهم في هذا الامر إلى ما يوطد عرى مفككة ووشائج مهزوزة فإعتبار مآلات الفتاوى والاقوال والاجتهادات وما يليها من أعمال مرعي عند هؤلاء وهو ما جعل الفاروق عليه الرضوان يختار في التطليق بالثلاث عدم الامضاء رعاية لحال الناس مخالفا ما كان سابقا والحاصل أن رعاية حال الناس مرعي دوما كلما كان الامر يحتمل التأويل قولا وعملا .

    المنهج القرآني يحارب الظلم أكثر من حربه على الكفر : إن تعجب فإن عجبك لا ينقضي من الناس الذين يبنون سائر أنظمتهم الكبيرة والصغيرة خارج المنهج القرآني ويحسب هؤلاء وغيرهم كثير أن القرآن إنجيل يجمع حزمة من الاوامر والنواهي وماعدا ذلك فلا مكان له في الحياة أو هو زائد عليها وعلى كل حال لا مجال للانتفاع به كأنه لغو وهذر وهذا منهج في الفهم سقيم لئن غرس إيمانا فإنه سرعان ما يفرغه من كل مضمون حياتي إيجابي عبر عنه القرآن بقوله " أو كسبت في إيمانها خيرا " وكثير من المؤمنين اليوم لا يكسبون من إيمانهم الصحيح صوريا وميكانيكيا خيرا لا لانفسهم ومن باب أولى لغيرهم . ولو قلبت القرآن عدا ومعنى لالفيت خلاف ما يعتقده أغلب المسلمين اليوم وهوأن حملة الاسلام على الكفر ليس أشد منها والحقيقة أن حملة الاسلام الاشد هي على الظلم وفيه تفصيل لا يتسع له الان مجالنا رغم أهميته بل إنه يتسع لظلم المؤمنين وفي المقابل فإن الحملة على الكفر بسائر أنواعه أقل من ذلك بكثير وهي حملة تستهدف النظرية التي يصدر عنها الكفر يعرضها القرآن ثم يحاورها ثم ينصر حجته مقنعا كل من يقرأه بخلاف الحملة على الظلم فإنه لا يعرض لهم حجة ولا يناقشها بل يهجم عليها مباشرة مبررا ذلك بأن الظلم لا يستند إلى حجة من عقل أو منطق أو تجربة أو تاريخ ولكن يصدر عن نفس مريضة ولك أن تحصي بنفسك ذلك جامعا بين المعنى والمبنى وليس أعز علي وعليك من الحكمة التي نطق بها الفقيه المجاهد المرحوم إبن تيميه وهي أن كل ما ورد عن الكفر والكافرين في القرآن الكريم أو جله على الاقل بحسب السياق إنما يقصد به الظلم وليس مجرد الكفر . فلو وقفنا بأنفسنا على هذه الحقيقة في المنهج القرآني وتمييزه بين الظلم وبين الكفر وإعتباره أن الظلم أشد عليه من الكفر لان الاول محارب متحرك والثاني عادة مسالم مهادن فإنه علينا أن نصوغ عقولنا وفق هذا المنهج فندمغ بالظلم كل ظالم حتى لو كان في منتهى الطاعة والخشوع وكفى به دامغا لاحدا ونفر من القذف بالكفر فرارنا من المجذوم ومن كل مرض معد وآفة قاتلة وهل ثمة من شر في هذه الدنيا أشد عليك من أن ترمي من تكره بالكفر فيرتد إليك قذفك فيكتبك الله كائنا من كنت عبادة وحبا وكذبا في سجل الكفرة فلا يقبل منك صرفا ولا عدلا وأنت في نفسك وبين الناس أمير المصلحين وسيد الناس ورائد القوم تتزين بك المجالس .

    الحكمة في هذا الجزاء المهين لقاذف أخيه بالكفر : هل تحسب أن الله سبحانه لما أجرى هذا القول على لسان نبيه عليه السلام لاعبا حاشاه سبحانه بل في ذلك ما يعلم من الحكم وأولها أن نعمة الايمان ونقمة الكفر مصدرها الاول هو سبحانه فهو يهدي من يشاء ويضل من يشاء ولئن نازعه عبده في ذلك فلن يبقى له أمر آخر غير قابل للمنازعة فيه ولذلك لم يكن جزاء أجدر بالمتألي عليه سبحانه بكتبه في سجل الكافرين وملاقاة مصيرهم لان العبد وإيمانه ملك له سبحانه فكأن المكفر لغيره يعز بالايمان من يشاء ويذل بالكفر من يشاء ونصب نفسه إلها في الارض وثاني تلك الحكم أن أكبر إعتداء على الانسان هو أن تنزع عنه أعز ما يملك وهو خياره الشخصي الحر في كونه كافرا أو مؤمنا فهو إعتداء على الارادة والحرية وسائر مظاهر كرامة الانسان وهل ثمة رساميل في الدنيا توازي حبة خردل من رساميل الايمان حتى ينزعها متهور بجرة قلم عن مؤمن يقتل نفسه في سبيل إيمانه وثالث تلك الحكم هي أن القذف بالكفر خاصة في مجتمع المؤمنين مؤذن ولا ريب بنشوب حرائق الفتنة بين الناس ومن يملك نفسه وقد قذف بالكفر ومن يلجم غضبه وقد رمي في أعز ما يملك ولو تكاثرت النفوس المكفرة فإن ذهاب الريح على الابواب تفتح فيلج هو ويتبعه العدو المتربص ويذهب الوطن ثم الايمان ويصول الظلم والكفر ويصبح الاحرار عبيدا والسبب الاول في كل ذلك قذف بالكفر من غلام بالكاد إحتلم لم يعلم عن كتاب الله ولا سنة رسوله عليه السلام بالكاد شيئا سوى ظاهرا من القول لا يغني ولا يسمن من جوع والحكم في الحقيقة كثيرة وكلها كفيلة بترتيب مثل هذا الجزاء على ذلك التكفير . وأكرر القول بأن الله علمنا في كتابه أن لنا أن نقذف بما سوى ذلك من فسق وشبهة وظلم وسائر ما يعن لك فإن أصبنا فبها ونعمت وإن أخطأنا فالخطب أدنى جلالة .

    الخلاصة : أناشد كل مسلم ومسلمة يؤمن بالله واليوم الاخر الابتعاد عن قذف غيره بالكفر إبتعاده عن النار لئلا يقع في النار وهو لا يعلم وله في ما دون ذلك من ظلم وفسق مسرحا رحبا والاولى من ذلك كله كما أرشد عليه السلام حتى حيال الشيطان فما بالك بمن دونه البسملة بدل اللعن تلك هي الايجابية الاسلامية وصدق من قال " بدل لعن الظلام أشعل شمعة ".

     
  2. #32
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4388

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الثانية والثلاثــــــون



    أخرج البخاري عن إبن عباس أنه عليه السلام قال " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ ".
    ــــــــــــــــــــــ



    من شواهده الايات بصيغة المسارعة والمسابقة والتنافس على المغفرة في آل عمران وغيرها .



    موضوعه : الانسان تاجر رساميله الصحة والفراغ ومسرحه الارض وبضاعته الخير : قبل البداية لابد من إلقاء نظرة على معنى الحديث وهو معنيان يختلفان بداية ويلتقيان نتيجة وهذا كثير في اللغة والشرع والبصر به بصر بفقه الحياة والغفلة عنه تورث الاحادية ونبذ سنة التعدد ومن ثم ضيق الفهم فالغرور فالتكفير فالاقصاء فالقتل فالاحتراب فذهاب الريح فدعوة العدو المتربص والنتيجة باهرة اليوم في العراق وفي غيره . المعنى الاول للحديث هو أن الغبن معناه النقص أو الانقطاع بالكلية وبناء عليه يكون المعنى أن كثيرا من الناس بحكم إرتباطاتهم الاسرية أو المهنية مغبونون في أوقات فراغهم أي لا يجدونها فيخصصون جزء منها للصلاة والذكر وعيادة المرضى وزيارة الرحم وفعل الخير عامة أو يكونون مرضى أو يشكون نقصا في مؤهلاتهم الصحية مما يحول دونهم ودون القيام بأفعال الخير تلك على وجه مرضي أو مقبول في حده الادنى كتهنئة أو تعزية وهذا المعنى الاول هو المتبادر بداهة وهو أكثر جريانا على ألسنة الناس أما المعنى الثاني فهو أن الغبن يتخذ له شكلا آخر وهو توفر الصحة والفراغ عند فريق آخر من الناس بشكل مناسب يساعد على فعل الخير ونفع الناس والنفس والعناية بالاسرة ولكن شهواتهم وغفلاتهم واللهث وراء أهوائهم المتقلبة تحول دونهم ودون ذلك وهو مظهر آخر من مظاهر الغبن وهو موجود بيننا بكثرة بل ربما يفوق عددا وعدة الغبن بمعناه السابق والمعنيان يختلفان إبتداء إختلافا بينا ظاهرا فواحد معناه النقص أو الانقطاع والاخر معناه الوفرة مع عدم الاستغلال ولكنهما يلتقيان بالنتيجة إنتهاء إلتقاء بينا ظاهرا إذ كلاهما لا يقدر لا علىنفع نفسه بالتزكية ولا على نفع غيره بالمشاركة والتعاون والمواساة غير أنه إلتقاء في الدنيا وظاهرها وهذا الذي يهمنا في قولنا بأن المعنيين محتملين وملتقيين أما في الاخرة وأجرها فإن الالتقاءين يختلفان من جديد وذلك بحسب نية كل من صاحبيهما ومعلوم أن النية في الاسلام تبلغ بصاحبها سوء وأجرا ما لا تبلغ به كثير من أعماله فإذا كان المغبون في صحته وفراغه رغما عنه لا بسبب إتباع الهوى لا ينوي فعل الخير في قلبه ولا يجدد ذلك مع توفر كل فرصة سانحة يهتبلها الناس من حوله ويحرمها هو فالفرق بينه وبين صاحب المعنى الاخر من الغبن ليس كبيرا والله أعلم .



    نعم الله سبحانه لاتحصى والصحة والفراغ من أكبرها على الانسان : قال تعالى " وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها " وهو تحد يشبه تحد الاتيان بالقرآن أو بشئ منه لا بل إن أحصاء أو عد نعمة واحدة غير ممكن فلو تفرست قليلا أو كثيرا في نعمة الصحة البدنية مثلا لالفيت عجبا إذ لوعلمت مثلا أن ملايين مملينة من الاجهزة الوريدية الدقيقة جدا في شكل شعيرات تعجز عنها أدق المكبرات المرئية إحصاء وفرزا تمكنك من الابصار بخطر أمامك فيتولى عقلك صرفك عنه أو بخير إلى جانبك تحوزه لطفقت مسبحا له سبحانه حامدا ساجدا على نعمائه وأشد ما يكون ذلك حين تبصر بتلك الشعيرات ذاتها أعمى يتعثر أو يمشي الهوينا أو يقع على الارض فريسة للاخطار وقس على ذلك سائر النعم فالسمع كذلك يتم عبر أجهزة دقيقة معقدة مركبة مما لا يحصى من العضلات والعلاقات ولو تدبرت في الجهاز التنفسي لوقفت مشدوها أمام هذا النفس الذي يزود رئتيك بالحياة فتسري في سائر بدنك وهو لا يتوقف ليل نهار صباح مساء سواء كنت يقظا أم نائما أم غافلا أم منتبها أم غاضبا أم فرحا أم كافرا أم مسلما فهلا سألت يوما من يرد ذلك النفس الذي لولاه لاصبحت جثة هامدة سرعان ما يدركها النتن فتوارى التراب وينخرها الدود ولو إطلع عاشق ولهان على حبيبة مليحة جميلة ساحرة وهي في قبر عفن مظلم عاثت فيه الحشرات عيثان الجراد في الحرث النضر وقد تحلل منها ذلك القوام الممشوق لادرك أن الحب الاول والاكبر ما ينبغي صرفه لغير مصدر الحب والجمال ولي النعمة سبحانه ومن مشكاته ينبجس حب المليحات وعشق الساحرات أما لو إنقطع الحب عن أصله فهو إله معبود . ولاشك أن أكبر نعم الله سبحانه على الانسان قبل ذلك وكله نعمة العقل التي بها جاء الايمان فحاول عد نعمه سبحانه عليك فإذا توقف بك العد فتوقف وعندها أنظر في مردودها عليك ومما يغذي ذلك النظر في حال المحروم من تلك النعم أذ بضدها تتميز الاشياء والنظر إلى الاسفل في النعمة كفيل بحمل القلب على التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والذكر والتحميد يملا الميزان وليس أشقى عليك وعلي من لؤم الغفلة فبالغفلة وحدها يتيه المؤمن ويشرك بربه وبها وحدها يكفر الكافر .



    من معاني الحديث : توفير شروط التجارة الرابحة أي القوة البدنية والنفسية وتنظيم جدول الحياة: الايجابيون من الناس ينظرون دوما إلىالجانب الايجابي من كل خطاب بمعنى أنه إذا ورد خطاب بصيغة السلب فإنه يتدبر تكاليف ذلك ثم يبادر إلى بناء جانبه الايجابي ولو طبقنا هذا الان عمليا لقلنا بأنه عليه السلام يريد أن يقول لنا " من أراد بلوغ الدرجات العلى في تجارته مع ربه سبحانه نجاحا في الدنيا وفلاحا وفوزا في الاخرة فما عليه إلا أن يهتم بكسب القوة البدنية التي تمكنه من الضرب في الارض ونفع الناس وبكسب القوة العقلية التي تمكنه من القدرة على التخطيط وعلى وضع البرامج المنظمة لحياة الانسان فوق الارض إذ العمر قصير والاعمال لا تحصى ". وخير علاقة تبنيها كمتدين بينك وبين نفسك وبينك وبين الله وبينك وبين الناس طرا هي علاقة التاجر الذي لا يحرص على شئ حرصه على الكسب وعلى الفراغ . ولاشك أنك تعلم أن الاسلام وضع لنا برنامجا عمليا يوميا وأسبوعيا وسنويا يحفظ علينا قوتنا البدنية بدء من الطهارة للصلاة بسائر أنواع الطهارة وخاصة المائية إضافة إلى خلال الفطرة والاستعداد لصلاة الجمعة والاعياد وكذلك صيام رمضان في الحد الادنى ومناسك الحج والترغيب في العمل والكد ورياضة الجسم والتربية على بعض الرياضات الخشنة كالفروسية والرماية والجهاد فلو إقتصر المسلم على الحد الادنى من العبادات لحافظ على بدنه قويا فما بالك لو تنفل وأتى المستحب وسعى على رزق عياله وشارك الناس في حياتهم فإنه في عداد الاقوياء بدنا دون ريب . ولاشك أنك تعلم أن القوي أعبد إلى الله فهو يصلي ويقوم ويصوم ويكسب المال فيتصدق ويعين الضعيف ويجاهد ويدعو ويأتي سائر الاعمال التي تتطلب قوة بدنية وينتصر لبلاده في المباريات الرياضية الدولية تنافسا علىإعلاء كلمة الاسلام في كل محفل بخلاف الضعيف الذي بالكاد يسجد ويصوم ويده دوما سفلى فلا طواف ولا سعي ولا قدرة على الاغاثة والاسلام بما هو دين الجهاد والمجاهدة ونفع الناس والانتصار لقضايا الحق والعدل والحرية والسلام يفرض على المسلم أول ما يفرض قوة بدنية . ثم يأتي دور القوة العقلية التي بها يمكنك النظر في أوقات شغلك وفراغك وواجباتك فتقدر على تنظيم وقتك وهو يحتاج قوة عقلية فما بالك لو كنت مسؤولا عن جماعة أو بيت أو كتيبة كشفية أو بلاد فإن تلك القوة تصبح نافعة أي قوتك العقلية التي تمكنك من حسن التخطيط ثم قوتك النفسية التي تمكنك من رفع مستوى الارادة لتعبئة فراغك بالخير " وإذا فرغت فانصب ".



    من معاني الحديث : تفريغ الرواحل للسهر على مستقبل الامة : المعاني التي يمكن أن نستنبطها من الحديث النبوي الكريم لا تحصى وتلك هي مزية لفظ الوحي قرآنا وسنة إذ هو عليه السلام كما قال عن نفسه أوتى جوامع الكلم وهي معجزة عربية مضافا إليها معجزة النبوة ومن تلك المعاني أنه عليه السلام يحضنا على توفير فرص الفراغ للعناية بالشأن العام للناس فإذا جمعت إلى ذلك معنى ما ينبغي أن يغيب عنك يوما وهو أن الاسلام دين الجماعة لا دين الفرد المبتعد المبعد البعيد عنها المنكفئ عن نفسه فإنك تدرك أنه عليه السلام يحرضنا على تفريغ من لابد من تفريغه من إهتماماته الشخصية سيما في طلب الرزق من أجل إحكام مخطط العبادة الايجابية الفعالة الكفيلة برفع مستوى الامة والناس أجمعين وإحلال السلام والقوة والنهضة والنماء والمؤاخاة وسائر معاني الخير وخاصة تفريغ الرواحل أي القيادات التي يمكنها تعبئة تلك الفراغات الكثيرة وإنتاج النظريات والافكار وتحشيد الطاقات العاملة ورسم الاستراتيجيات وهو أمر يعمل به من يريدون لاممهم التقدم في دنيا الغرب أما عندنا فمازال ينظر إلى المتفرغ بلا أجر فضلا عن أجر زهيد لا يغني ولايسمن من جوع على أنه متطفل كالاعشاب الطفيلية لا يصلح لسوى العيش على حساب عيش الاخرين فهل نحن أقرب أو أبعد من المنهج النبوي.

     
  3. #33
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4388

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الثالثة والثلاثــون

    أخرج البخاري عن إبن عمر عليهما الرضوان أنه عليه السلام قال في شأن النذر " لايأتي بخير إنما يستخرج به من البخيل ".

    ــــــــــــــــــ

    من شواهده " يوفون بالنذر " و" أو نذرتم من نذر " .

    موضوعه : تخليص الايمان يتطلب الترغيب عن النذر من جهة وتوفير البديل الاسلامي كذلك: لو قلت بأن الاسلام هو دين الايمان فحسب لما جانبت صوابا أبدا وذلك على معنى أن أول ما جاء الاسلام يحاربه ليس هو سوى إنحراف العقول وفساد القلوب بإعتبار أن القلوب والعقول هي غرفة القيادة في الانسان والانسان هو غرفة القيادة في الحياة فتفسد الحياة أو تصلح بصلاح الانسان أو فساده وهذا يفسد ويصلح بصلاح أو بفساد عقله وقلبه وماسوى ذلك خدم وجند لا يعرف سوى الطاعة والاتباع . وكذلك على معنى أن الايمان في الاسلام ليس جزء ولا قطعة ولا مكونا من كل بل هو كل شئ بمعنى أنه الروح الحية التي تنفخ الحياة في الانسان عقلا وقلبا ونفسا والناس يخطؤون سواء كانوا معلمين أو متعلمين حين يقدمون الايمان على أساس أنه جزء من الاسلام أو عنصر من عناصره وعادة ما يفعل ذلك المعلمون بغرض دراسي منهجي كما يفكك المعلم معادلة رياضية ما لتيسير فهمها من قبل تلاميذه ثم يعيد تركيبها وكلما إرتقى العمر والتجربة والعلم بالتلميذ يصبح أعرف بحقيقة تلك المعادلات وأثرها في الحياة وهذا مجرب عند كل من ينخل ما كان قد تعلمه في سنوات الصبا الاولى في بعض المواد أما خطأ المتعلمين فهو عندما يتوقفون طول حياتهم عند ذلك التفكيك دون إعادة تركيب وخاصة حين لا يبذلون جهدا إضافيا في إتجاه رصد العلاقة بين سائر تلك المكونات وهو ما يبث فينا المنهج الجزئي للفهم وهو أخطر منهج يمكن أن يأتي على عقولنا فتتذرر الموجودات فيها ثم في الحياة ويؤول بنا المطاف إلى من آمن فلم يكسب في إيمانه خيرا والعياذ بالله . الاسلام إذن هو الايمان علىمعنى أن الايمان ليس جزء منه كالعبادة والمعاملة والخلق بل هو تلك الروح السارية الحية في العبادة وفي الخلق وفي المعاملة تحيل الانسان من كائن إلى كائن تماما كما تحول عمر من كائن وحشي يقدم على وأد فلذة كبده بيده تحت الارض حية لا تأخذه رأفة بدموعها ولا بتوسلاتها لمجرد أنها أنثى إلى كائن جمع بين قوة النفس وقوة العقل وقوة البدن وبين الصلاح وبين الاصلاح وبين الامامة وبين سائر الفضائل التي يمكن أن تتحلى بها نفس وليس ذلك لانه فهم الاسلام على أنه أجزاء مبعثرة فيها الايمان وفيها العبادة وما إلى ذلك ولكن لانه فهم الاسلام على أنه حياة يحكمها الايمان أينما حلت وكيفما كانت ويخطئ الناس عندما يستشهدون على أن الايمان أمر مستقل بذاته شأنه شأن العبادات وسائر الاجزاء بأركانه الخمسة أو الستة متناسين أن ركن الشئ ليس كل شئ فيه فهل ترضى لنفسك أن تعيش في بناية ليس فيها سوى الاركان فالايمان مبنيا على أركانه فحسب لا يكسب لصاحبه خيرا ينفع به نفسه والناس ولكن بسقفه وزينته ومحاسنه ومكارمه يتحول إلى روح حية تعمر العقل والقلب والحياة وزاد الطين بلة أن حركة علم الكلام في القرون التالية للخلافة الراشدة وهو يجابه الغزوات الفكرية من كل صوب وحدب جمد على ضرب واحد من ضروب الدفاع عن الملة وهو الضرب التجريدي الفلسفي ولو وجدنا لذلك مبررا تبعا للظروف الفكرية ا لسائدة يومها فإن الانكى حقا هو أن الانحطاط داهم المسلمين وهم على تلك الحال من الدفاع بأدوات غريبة عن الادوات القرآنية فجمدت الحياة قرونا طويلة ولما حلت النهضة الحديثة أفاق المسلمون ومتاحفهم العلمية مملوءة بذلك التراث فأستبعد مصطلح الايمان الذي ظل القرآن يستخدمه وكذلك السنة النبوية وحل محله مصطلح العقيدة بديلا أوحد وهكذا ظن الناس أن العقيدة التي هي في الاصل الايمان جزء من الاسلام شأنها شأن العبادة والخلق والمعاملة فنشأت إرجائية مقيتة ثم تتالت عوامل الهدم . والملاحظ أن القرآن وكذلك السنة لم يستخدما ولو مرة واحدة تعريفا تجريديا للايمان بل ظلا يذكران الايمان كقيمة عقلية ومثال قلبي معلقا دوما وأبدا بآثاره العملية وذلك دون أدنى إستثناء ولو مرة واحدة وحتى أركان الايمان لم يطل في ذكرها كثيرا وخاصة في متنها الخماسي أو السداسي بل ظل يؤكد على التوحيد والنبوة والبعث وذلك من خلال الكون والقصة والمثل وليس تقريرا تجريديا .

    لماذا أقر الاسلام النذر ولم يشرعه وماهو بديله في الجاهلية وفي الاسلام : كان النذر في الجاهلية ممارسة دائبة من المشركين لالهتهم وكان النذر عبادة مألوفة عندهم فلا يتحرك الجاهلي حركة حتى يستأذن إلهه وينذر له خيرا إن وفقه وهو أمر كفيل بقتل العقل قتلا ولو قتل من الانسان عقله فقد قتلت إرادته ثم حياته ثم جماعته وحل الخراب محل العمار فكانت رسالة الاسلام متجهة إلى إنقاذ أولئك الغرقى فدعاهم إلى التوحيد محرر العقول ومعمر القلوب وباعث الارادات ومكرم الانسان ودعاهم إلى التوكل بدل النذر والمضاء والحسم والعزم وشحذ الارادة بدل أمرين أولهما تعليق الفلاح على الالهة الكاذبة وثانيهما التواكل والكسل والايمان الكاذب بالقضاء والقدر وإعدام حرية الانسان وإرادته بدعوى الايمان بالقضاء والقدر ووصل حد إعتبار الانسان قدرا مقدورا وسنة مسنونة وسببا مسببا علق عليه مشيئة الكفر والايمان والفلاح والطلاح والتعمير والتخريب وسائر ما يؤهله للقيام برسالته تحت لواء الحرية البشرية وتحرر الارادة الانسانية . فبديل الاسلام إذن عن النذر للالهة وتعليق الفلاح على رضاها وعلى موت الارادة وقتل الحرية وموت الانسان هو عقيدة التوحيد والتوكل والحرية والارادة والكرامة وقوة النفس وشمائل العزم والحزم والمضاء والثقة والامل واليقين وعقيدة القضاء والقدر بمضمونها الصحيح لا المشوه وأغلبه اليوم مشوه عند أغلب المسلمين وهو ما يفسر هزائمنا في فلسطين والعراق وساحات أخرى كالعلم مثلا. ولما كان منهج الاسلام حيال الامور التي كانت تشكل عقدة حياة الانسان في الجاهلية هو منهج ثلاثي يقوم على الاخبار وعلى الانشاء وعلى الاقرار ولما كان مناسبا وفق سنة التشريع في التدرج وتجفيف منابع السوء شيئا فشيئا إنتهاج منهج الاقرار حيال عادة النذر فإنه أقر النذر فلم يأمر به ولو مرة واحدة ولم يثن على إنشائه ولو مرة واحدة ولكنه مدح الموفين به فحسب ولم يكن حتى ذلك سوى في مواضع لا تزيد عن الثلاثة في القرآن أما السنة فإنها كانت صحيحة صريحة في النهي عنه وهو نهي ربما لا يرتقي إلى درجة التحريم فضلا عن الكراهة لا تنزيها ولا تحريما وهو نهي معلل كما هو وارد هنا بإعتبار أنه لا يأتي بخير وإنما يستخرجه من البخيل وهو إيماء فيه ما فيه من الكراهة والترغيب عنه وذلك لمراعاة حال الناس في الايمان تفاوتا فمن كان في بداية إيمانه أو منحدرا من بيئة عملتها النذر لا يحسن سوى إقرار نذره الحلال طبعا دون الحرام دون تشجيعه على ذلك والحث على وفائه حال إنشائه لان الوفاء بالنذر الحلال يعلم النفس المسؤولية والالتزام لا الميوعة وإعتبره في المقابل يمينا لابد من تكفيره أو الوفاء به أما من حسن إسلامه وتأهل لمقام الامامة فإنه لا يحسن به النذر إنما التوكل وحسن فقه الايمان بعقيدة القضاء والقدر والثقة واليقين الامل في الله سبحانه ثم في كرامته وإرادته وحريته وموقعه .

    النذر ليس صنو الايمان العتيد : الايمان والنذر لا يتناقضان ولكن لا يتجانسان كثيرا لان الناذر من المسلمين لله مثلا شيئا لو أحرز كذا وهو النذر المعلق وهو الاكثر ليس مملوء ثقة ويقينا وأملا في ربه سبحانه فكأنه يدعم ذلك النقص بمال ينفقه جزاء ما بسط الله عليه من نعمة أو أخر من ضر وبدلا عن النذر يجدر بالمؤمن الممتلئ وتوكلا ومضاء ورضى بقسمة ربه سبحانه شكر الله سبحانه بعد كل توفيق بإتيان الخير سواء إنفاقا أو ما إلى ذلك من سائر صور الشكر وخاصة العملي المتعدي نفعه للناس المحتاجين إليه ولا يجدر بالدعاة النكير على كثير من المسلمين اليوم الذين أصبح النذر في حياتهم رقما مرقوما والاوفق الارشاد إلى أن بديل الاسلام عن النذر حتى الاسلامي منه الشكر بسائر صوره حتى لا يكتب المؤمن من البخلاء عند الله سبحانه ويكفيك أنه عليه السلام لم ينذر قط وهو أشد الناس فقها وعلما ورسوخا وعبادة وهكذا نجد أن الاسلام حريص على الايمان بمعناه الشامل الباعث للحياة في سائر أركان العقل والقلب والنفس والحياة والجماعة فلا يرضى أن يخدش بإعتباره رأسمال الانسان بأدنى شئ حتى لو كان حلالا وليس الحلال في درجة واحدة من الحلية ذلك أن الايمان لو خدش خدشا صغيرا جدا فإنه لفرط حساسيته لا يسمح لشرايين العقل والقلب والنفس والحياة إستمداد الروح منه فيمرض الانسان .

    الخلاصة : إيمانك رأسمالك لا تدع النذر ينال منه وبديلا عنه عليك بالتوكل والقوة النفسية واليقين والثقة والامل والرجاء والمضاء وتحرير الارادة ثم بشكر ولي النعمة سبحانه ويكفيك أنه لا يأتي بخير وأن صاحبه ليس بعيدا عن البخل ولكن توخ الحكمة في النهي عنه وتبيان محاسن بديله ومكاره فعله

     
  4. #34
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4388

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الرابعة والثلاثـــون

    أخرج مسلم ومالك عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه عليه السلام قال " إذا سمعتم الرجل يقول هلك الناس فهو أهلكهم ".
    ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ

    موضوعه : اليائس جرثومة تنخر المجتمع ببث يأسه والاسلام دين الامل في الله وفي الناس : قال العلماء بأن لفظ " أهلكهم " يؤول على وجهين إما بمعنى ساهم بقوله في هلاكهم فهي فعل ماضي وإما بمعنى أنه أشدهم هلاكا فهي على وزن المبالغة أفعل وكالعادة يختلفان المعنيان في البداية وفي المبنى ولكن يلتقيان في النتيجة وفي الجوهر . وللبداية من البداية لا بد من القول بأن غالب أسماء الله سبحانه وصفاته منتمية إلى دنيا الامل والرحمة لا إلى الغضب والانتقام فهو سمى نفسه الرحمان وإحتكر ذلك وحرمه حرمة الشرك والكفر والظلم على غيره الذي يصل ما يصل من معاني الرحمة والرأفة والحنان والقرب والرفق ولكن لا يصل إلى حد رحمة الرحمان سبحانه وذلك متأت من ذات الله سبحانه وذات مخلوقاته فهو لا تنفعه طاعة الطائعين ولا تضره معصية العاصين والانسان وحده يتعرض لموجات من الفرح والغضب قد تفسق به عن عقله وبصيرته فيطغى وذلك من مقتضى تكوينه المزدوج أما هو سبحانه فهو واحد أحد فرد لا يكنه الانسان ذاته فيفكر فيها ولكن يدله عقله لو تدبر في الكون والخلق والنفس والافق على أنه سبحانه ليس كمثله شئ لا في سمعه ولا في بصره ولا في رحمته ولا في غضبه حتى إنه سبحانه لم يسم نفسه مرة واحدة في القرآن الكريم الذي هو أحكم من السنة بالغ ما بلغت صحتها وصراحتها وحاكم عليها من فوق المعذب ولا المنتقم بل إنصرفت أسماء القهر وما في حكمها إلى قهره الاصلي بحكم ربوبيته لسائر مخلوقاته فهو قهر قدري بتعبير إبن تيمية لا شرعي ولكن سمى نفسه فيما لا يحصى من المواضع الغفار والتواب والحليم وسائر ما يفيد المبالغة والكثرة بل سبقت رحمته غضبه حتى قال بعض المحققين أن النار فانية بخلاف الجنة أما صفة الجبر فمعناها التوبة فالجبار هو المعوض والراتق أي التائب ولابد لك لما لا يتسع المجال له هنا وهو جولة واسعة في أسمائه وصفاته قم بنفسك بتقسيمها وترتيبها وأهمس إليك بالاكتفاء في ذلك بالقرآن ففيه الكثير ويعصمك من التيه في ضعيف الرواية وستظفر بنتيجة باهرة مؤداها أن صفة الرحمة أغلب له سبحانه حتى تعليقا على كفر الكافرين وإليك مثالا واحدا وعليك البقية ورد في سورة الاحزاب ولم يرد في غيرها تقريبا ترتيبا لجزاء على غير مقتضى السياق " ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما ". وبذلك نقول بإطمئنان بأن الله لفرط رحمته سبحانه وحكمته وعدله بنى الكون بأسره على أساس الرحمة لا على أساس النقمة فكانت الشرائع والنبوات كذلك والرحمة من شأنها بعث الامل لا اليأس وبث الرجاء لا القنوط وتلك مسلمة كونية وبديهية دينية وثابت من ثوابت الخلق الاسلامي عقيدة وشريعة وعملا.

    الامل في الله سبحانه باعث على الامل في أكرم بنائه وهو الانسان : يعسر على أكثر المسلمين اليوم ولعلك تضيف إليهم كثيرا من العاملين للاسلام تصور كون الثقة في ا لانسان والامل في توبته أمر يحتمله التدين أو كيف يكون ذلك فرعا عن الامل في الله سبحانه وستعارض معارضة بإسم الدين مخاصمة جريئة بأن الله رحمان رحيم أما الانسان وخاصة الكافر والفاسق والعاصي وكذلك الظالم والجاني فلا أمل فيه ولا رجاء بل إن ذلك شرك لانك وصفت العبد الفاني بما وصفت به الرحمان المعبود الباقي ولن تجد في دنيانا اليوم سوى ثقافة في الاسرة وسائر ما يليها من بيئات سواء إدعت الحداثة أو التقليد تغذي ذلك فقل لي كيف تفعل ؟ لا مناص لك من اللوذ بالقرآن والسنة وتطبيقات الخلافة الراشدة وسائر المواطن اللامعة في تاريخنا وفيها تجد أن الامل في الله معناه الامل في هدايته للناس إلى الدين الحق و توفيق المهتدين إلى حسن الالتزام الفردي ثم إلى الاجتماع على الخير ثم إلى التصدي لدعوة الناس على أساس أن الهادي هو سبحانه وأن الانسان الداعي وسيلة بثها الله في كونه لهداية عبده غير أن أكثر المسلمين اليوم يظنون أن معنى الامل في الله لا يتجاوز الرجاء في مزيد من توفيقهم هم في شؤونهم الخاصة والشخصية الدينية والعامة ولو لم يكن الامل في الله لايقتضي الامل في عبده بما هو سنة وسبب وقدر من أقداره ينفذ بها إرادته لما أنزله الجنة أول ما خلقه ولما تاب عليه بعد عصيانه فيها ولما ألهمه التوبة أصلا ولما كرمه بالعقل وبالدين وبالجماعة وبتسخير الكون له ولما فتح مصاريع أبواب رحمته في كل ساعة من ليل ونهار يدعوه فيها إلى التوبة ولما قيض له النبوات والرسالات والاصلاحات تهديه وإنقاص الارض من حوله يهديه فبالخلاصة الجامعة المانعة في كون الامل في الله تقتضي بالضرورة الامل في عبده مطلقا مؤمنا وكافرا هي أن الانسان سنة وسبب وقدر وقضاء وإرادة من الله سبحانه يهدي بعضه بعضا ويعين بعضه بعضا فكلما كان الامل في الانسان كبيرا كانت الحركة من أجل ترشيد سيره جادة دائبة وكلما كان اليأس منه خاصة في دنيا غير المسلمين أو المتسيبين من المسلمين كبيرا كانت خطى ترشيده ثقيلة تمشي الهوينا بل هي بالتجربة الواقعية تسلمه لاعدائه من الجهل والفقر والمرض فالحياد حيال الامل في الانسان لا وجود له إما أن تكون مملوء أملا فيه فلا تستقيم لك حياة بسوى ذلك وإما أن تكون مملوء يأسا منه فيقودك ذلك علمت أم جهلت إلى اليأس من خالقه سبحانه وعندها تنفصم العروة الوثقى فتهلك.

    بعد أمة محمد عليه السلام لاوجود لهلاك كامل مطلق للناس : من معاني الحديث بعد تثبيته لمعاني الامل والرجاء في الله وفي عباده سواء بسواء ونبذ اليأس من الناس الدافع إلى البعد عنهم والانكفاء دونهم ثم إلى إعلان الحرب عليهم ... أنه بعد ورود الرسالة الخاتمة الاخيرة للعناية الرحمانية إلى الناس أجمعين إلى يوم القيامة ضمن كتاب يجمع بين الفطرة وبين العقل وبين الكتاب وبين الميزان لا وجود لهلاك كامل مطلق لكل الناس وذلك على معنى أن الامة هي بمثابة قطعة ملح في قدر البشرية وهو ملح قد يفقد بعض فعاليته ولكنه يبقى دوما حتى في أحلك فترات الانحطاط ملحا صالحا لتعديل ذوق قدر البشرية لذلك كانت الدعوة في الاسلام ركنا من أركان الاسلام وليس عملا تطوعيا منفولا أو مستحبا خاصة على المستوى الجماعي العام وليس ذلك مرتبط بالكم فالملح لو إستوى حجمه مع حجم الطعام المراد تعديل مزاجه لاستحال أجاجا لا يطعم ولكن كان الملح دوما في الطعام صغير الحجم جدا لان تأثيره أكبر من حجمه بكثير وذلك هو مثل الامة بما تحويه من شهادة على الناس بالعلم والقوة والامانة قد يكون حجمها كما هو الحال اليوم لا يزيد عن الخمس ولكنه يعدل ذوق الاخماس الاربعة الاخرى رغم المرض والفقر والجهل في الامة ماديا ومعنويا بل إن حركة كبيرة اليوم من الاخماس الاخرى تهرع إلى الخمس المالح في زمن لا يفهم فيه الانسان حتى المؤمن معنى ذلك والحال أن ذلك الخمس هو في نظر العالمين اليوم مصدر الارهاب والتطرف والعدوان فما بالك لو تحررت الامة وإستعاد ملحها فعاليته فبالخلاصة فإن القول من لدن كائن من كان رسوخا في العلم ونبوغا في الفقه بهلاك الناس سواء كانوا مؤمنين أو غير مؤمنين قول مردود بصريح النص وبتجربة الواقع ولا يعكس سوى عقدة نفسية مبرحة يأسا تحول صاحبها إلى جرثومة مفسدة في جسم صحيح فالقائل هو أهلك الناس بهذا المعنى وهو باعث لعقدته النفسية ولمرضه العقلي في صفوف الناس مثبط لاراداتهم محبط لعزائمهم في فعل الخير بالمعنى الاخر ل" أهلكهم " بفتح الكاف .

    الخلاصة : الاسلام دين الامل والرجاء والثقة واليقين في الله وفي ما خلق الله سيما في الانسان المكرم المستأمن على كلمة الله والانسان وهو حامل تلك الامانة لا ييأس منه إلا من إستبد به اليأس وقتلته السلبية فهو مؤهل لعداوة الناس إما بإنكار فريضة الدعوة أصلا أو التهوين من شأنها أو بمهاجمة رموزها ومؤسساتها وأفكارها وإما بالفرار إلى خويصة النفس والاثرة والانانية واليائس من الانسان يائس من رب الانسان وأكثر الناس أملا في الله أكثرهم عملا لربطهم بربهم سبحانه أما دعوى ذلك دون ذلك فكذب فاحش والناس بعد الرسالة الاخيرة لا يهلكون بالجملة فملح الامة يظل يعدل مزاج قدرهم على قدر فعاليته وخير رد على يأس اليائسين من الله ومن عباده مؤمنين وكفارا هو إعادة إنتاج الملح المكون من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والايمان بالله .

     
  5. #35
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4388

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الخامسة والثلاثـــون

    أخرج البخاري عن أبي هريرة أنه سمع عليه السلام يقول " كانت إمرأتان معهما أبناءهما جاء الذئب فذهب بإبن إحداهما فقالت صاحبتها إنما ذهب الذئب بإبنك وقالت الاخرى إنما ذهب بإبنك فتحاكمتا إلى داوود فقضى به للكبرى فخرجتا على سليمان إبنه فاخبرتاه فقال إئتوني بالسكين أشقه بينكما فقالت الصغرى لا تفعل يرحمك الله هو إبنها فقضى به للصغرى ".

    من شواهده " وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب "و"من يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ".

    موضوعه : الحكمة ذروة الرشد العقلي وهي من صفاته سبحانه فكيف تكتسب ؟ وصف سبحانه نفسه بأنه حكيم وفي ذلك معنيان يتكاملان أولهما وضع الامور والاشياء في نصابها من جميع الجوانب دون إخسار ولا طغيان علم الانسان ذلك أم جهله رغم أنه مطالب بعلم ما يستطيع منه إذ العلم بذلك يساعد على حسن التدين وحسن العبادة وخاصة في المصائب الخارجة عن نطاق الانسان كالزلازل والخسوف وما في حكم ذلك وثانيهما شد أركان الكون بما فيه من الخلق بسائر أنواعه شدا متناسقا بديعا يضفي عليه الزينة والجمال والقيام بدوره في آن واحد . والحكمة من مقتضيات الالوهية والربوبية والوحدانية وما إلى ذلك لان غير الحكيم أو الحكيم المعرض للطيش لا يعبده الناس ولا يثقون فيه ولا ينتظرون منه الخير وفاقد الشئ لا يعطيه كما تقول العرب . والله دعانا كثيرا إلى التشبه بصفاته التي يمكن لنا فيها ذلك فهو رحمان دعانا إلى الرحمة وحكيم دعانا إلى الحكمة وقوي دعانا إلى القوة ولكنه متكبر لم يدعونا إليه بل دعانا إلى ضده وهو واحد لم يدعونا إليه بل دعانا إلى الازدواج والتعدد ولا يتسع المجال هنا لمزيد من التفصيل . والحكمة هي صفة بشرية وزعها الله سبحانه على سائر عباده بالتساوي إبتداء من حيث الوراثة عن آدم عليه السلام وذلك من مقتضيات التأهيل للخلافة والتعمير والعبادة والاستئمان والقابلية للتعلم فهي بهذا المعنى وسيلة للعبادة والتعمير وسائر مقاصد الخالق من الخلق . والحكمة هي صفة عقلية إبتداء وذلك هو ما يرجح عندي أن المدارك العقلية حاكمة على ما سواها ودونها في الجهاز الانساني قلبا وفطرة ونفسا وعاطفة وذوقا ولا يعطل ذلك من قولك أن تبادل التعاطي بين كل تلك الملكات الباطنية سجال وذلك فيما يخص علاقاتها الداخلية أما لو نظرت إليها من خارجها فإن الارجح والله أعلم أن الملكات العقلية هي غرفة القيادة الاولى في الجهاز الانساني قد تعضلها الاهواء العاطفية تمكينا لارادة الله سبحانه في التركيب المزدوج للانسان ولا ريب ولكن تلك الملكات العقلية تضمن للانسان إحياء غرائزة الضامنة لبقائه حيا قويا وذلك ما يجعلها الاقوى رغم ورود الاهواء ومما يجعل ذلك الترجيح قائما عندي كذلك هو أن أكبرالقضايا الوجودية في الحياة منوطة بالملكات العقلية لا بغيرها إبتداء وأصلا لا بالنظر التكاملي الكلي فإذا كان ذلك كذلك فإنه لا مناص من القول بأن العقل هو الحاكم على سائر مكونات الجهاز البشري حكم قهر قابل للانخرام ولكن ليس دوما ولا في كل المطالب وتبعا لذلك فإن العقل درجات في الناس وهو درجات في ذات الفرد الواحد تبعا لعوامل كثيرة كالسن والتجربة وترويض الجهاز العقلي نظرا ونقدا وتفكيكا وجمعا ومقارنة وبيئة وغلبة هوى وغير ذلك كثير ولا ريب أن الحكمة بما هي وضع كل أمر وكل شئ في كل زمان وكل مكان وكل حال في وضعه الطبيعي المناسب حجما وتقديما وتأخيرا هي أرفع العطاء العقلي وذروة الرشد الفكري وهي نتيجة الصفاء العقلي ولاشك أن الصفاء العقلي ليس مجردا ولا مستقلا عن صفاء أو درن بقية مكونات الجهاز البشري فالحكمة بإختصار شديد هي بنت العقل في تفكيره وهو في أشد حالات صفائه ورشده .

    الانسان حكيم بمعنى غلبة الحكمة عليه لا بمعنى العصمة : غلا بعض الناس في معنى الحكمة وطلبها فتعلق بالتفكير المثالي فيها لذلك قال بالعصمة في دنيا البشر خارج دائرة النبوات وهذا وهم يعكس عجزا وهروبا غير أن إتجاهه كان صوب اليمين لا الشمال وبالنتيجة يستويان كما غلا آخرون في إمتهان العقل الانساني فبنوا فلسفاتهم على موت الانسان ولسنا الان بمعرض هذا ولكن لا بد من تثبيت أصل أصيل لا بد منه قبل النظر بعد حين في أسباب الحكمة وهو أن الحكمة البشرية مفارقة للحكمة الالهية التي قال بها أهل المدرسة الباطنية أو الحقيقة وصلتهم بالعصمة البشرية خارج دائرة النبوات وطيدة فحكمة الانسان ليس معناها عصمته عن الخطأ كبيره وصغيره لان ذلك خاصا بالنبوات وقبل ذلك بالالوهية والانسان حكيم بمعنى غلبة الرشد العقلي على سائر تصرفاته في حياته رغم أخطائه الكثيرة كما أن الانسان الحكيم هو كذلك مقارنة بعامة الناس وذلك هو المذهب الواقعي للحكمة والرشد العقلي وسطا بين مثالية جانحة إلى الالوهية والنبوات أو يأس هارب من الناس .

    كيف يكتسب الانسان الحكمة وكيف ينميها وهل يكون الكافر أحكم من المؤمن ؟: إتفقنا على أن الانسان بطبعه حكيم بقدر يحفظ عليه حياته على الاقل كما إتفقنا على أن الحكمة البشرية لا تعني العصمة ولنا الان أن نبسط القول في شروط إكتساب الحكمة أو بالاحرى تنميتها وتغذيتها لان أصلها مغروز في الانسان وأول تلك الشروط رد الانسان وجوده ورسالته إلى أصلهما أي إلى الخالق سبحانه أي الايمان المبني على النظر لا على التقليد ولا الحشو وثاني تلك الشروط تزكية النفس بمقتضى تكاليف الايمان وصياغة الجهاز البشري بأسره وفق الايمان والاسلام والاحسان بقدر المستطاع طبعا وثالث تلك الشروط إستصحاب المنهج القرآني في العلاقة مع الحياة بحلوها ومرها وهو منهج يقوم على التفكير المبني على صحة الملاحظة ثم على النقد والنقد يستلزم التشريح والتحليل والتفكيك والتركيب ثم على المقارنة ثم على حسن الاختيار وسائر ذلك في المعقولات ثم هو منهج يقوم على التزكية النفسية بقمع الاثرة وتقديم الايثار وتغليب التقوى وقمع الفجور ثم هو منهج يقوم على تقوية الارادة وتعريضها للامتحان بدل الركون إلى الدفء ورابع تلك الشروط هي إستصحاب قوى الفطرة سواء بما يحفظ على الانسان حياته أو بما يسمو بروحه وإرادته وعقله ونفسه أو بما يلبي داعيات غرائزه بطهر دون فحش وعدل دون ظلم وخامس تلك الشروط خوض غمار الحياة بتوكل وعزم وحزم دون تردد ولا خوف فرحا بالنجاح وعدم رضى بالهزيمة وبأمل لا يعرف الحدود وسادس تلك الشروط الحياة ضمن جماعة لابد فيها من أسرة في البداية ثم من بيئات تليها ونبذ حياة الوحدة والانانية والفردانية وسابع تلك الشروط تخصيص وقت ومال وجهد بدني وعقلي ونفسي لخدمة الناس وقضاياهم العامة وثامن تلك الشروط التسلح بالصبر الجميل كائنا ما كانت النكبات والهزائم وتأخرت ما تأخرت الكسوب والغنائم وتاسع تلك الشروط المداومة على العلم والتعلم والتدرب وإكتساب المهارات وعقلية التطور والتجدد والاضافة وعاشر تلك الشروط أمران اولهما المداومة على المحاسبة وهي بلغة الاسلام التوبة والمراجعة والتقويم وثانيهما وضع السن والتجربة في الاعتبار فالحكمة تكبر بهما وتصغر بدونهما . تلك هي الشروط العشرة لتغذية رصيد الحكمة فينا وهي أصول وليست فروعا . هل يكون الكافر أحكم من المؤمن ؟ بلى وكلا في الان ذاته : بلى في شؤون الدنيا وكلا في الميزان النهائي العام للحياة .فالحكمة في تسخير الدنيا لسعادة الانسان رصيد وزعه سبحانه بالسوية على الناس أجمعين " كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك " ويمكن للكافر برشده العقلي أن يسمو بذلك إلى حدود لا تضاهى غير أن الامر يختلف عند التعامل مع الانسان روحا وقلبا ونفسا وعاطفة وذوقا وجماعة فعندها قد تحضر الحكمة قليلا عند غير المؤمن ولكنها عند المؤمن أشد حضورا أما في حصيلة الميزان الاجمالية الاخيرة للحياة فلا شك أن المؤمن مهما كانت أخطاؤه مالم يتورط في مظالم قاسية أو كثيرة خاصة في حق غيره أكثر حكمة من غيره رغم أن غيره بملاصقته لقيم محايدة كالعدل والحرية يمكن أن يصيب من وعاء الحكمة شيئا كبيرا جدا فلا يفصل بينه وبين رأس الحكمة سوى توحيد الله سبحانه وهذا اليوم لا يغيب عن مراقب منصف.

    ماالذي جعل سليمان هنا أحكم الناس : الجواب صريح في أن ذلك راجع إلى فقهه عليه السلام لمكونات الجهاز البشري وخاصة الجانب النفسي منه ففقه الانسان وهو نصف فقه الحياة من لدنه عليه السلام هو الذي جعله يتربع فوق عرش الحكمة في قضائه ولو كان في عصرنا فإن الحكمة تختلف فهي ليست سوى تحليل السوائل البدنية لكل من الولدين والمرأتين وهي تنبئك عن الحقيقة فلكل عصر حكمته أو قل سبله في تنمية الحكمة فرأس الحكمة إذن هو فقه النفس فالانسان فالدين فالحياة فالوجود على مستوى كلي على الاقل وبالضرورة وليس على مستوى تفصيلي .

    الخلاصة : المؤمن مرشح أكثر من غيره لتغذية الحكمة التي أودعها الله فيه غير أنه لا يحتكرها لان غير المؤمن هو أيضا عبد الله ربما يرتد المؤمن فيكون هو له مرشدا وعقلك مصنع الحكمة فبقدر إستخدامه في الدين والدنيا معا تتغذى الحكمة وبقدر تعطيله تتعطل .

     

 
+ الرد على الموضوع
صفحة 7 من 21 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 17 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك