قيود الظل
.
شيء ما يجرني نحوها, لا أستطيع معها فراقا, مر زمن طويل على نسوكها و خلوتها, سألت عنها القاصي والداني, و الكل يرتجف من ذكر اسمها, لم أعد أعي ما يجري حولي, كأنها عفريت يندر بالموت والكوارث العظمي, مجرد سؤال عن أحوال مغتربة...
و ذات مرة التقيت بها في تمام ساعة اللاوعي الليلي , و فجأة نطقت :
- ما بالك لا تريد عني فراقا.
أجبت قائلا :
- و ما بالك أنت تلاحقينني دوما , ومنك يهزؤون و مني و وطبيعتي .
ردت قائلة :
- كفى مند متى و قد هجرتني, نسيتني, لم تعد تتذكر حتى تقاسيم وجهي و رموز الكلام.
أردفت قائلا :
لا والله لم أنساك, لم أهجرك, أتذكر كل شيء. وجهك ونغمات كلامك نقش في خيالي وذاكرتي وحتى يومياتي , و ما زلت أتذكر حتى يوم ولادتك , ويوم اغتيالك.
سكتت هنيهة, مطرقة رأسها, كأنها تحاول أن تجد تحليلا لحيائها وقطرات دمع فكت قيودها في ذات الحين وبعدها قالت بصوت حزين دو اشتياق:
- ولما هجرتني كل هده المدة,متنكرا في زي العشاق لأخريات ... سليبا, دليلا...
أجبت و قلبي تفطر ندما وعشقا و سرورا :
- أبدا لا , لم أهجر ك ..., ظننتك رفاتا رفقة الرياح الشرقية , في المنشور و المذاع .
والحق أنك وراء أجمة قصية . هنالك قفص من حديد , كان لك مأوى , لا تزوره الشمس ادا طلعت و ادا غربت .لم أكن أعلم أنك في ظل شجرة نخل و طريق ...
لم أكن أعلم أنك هناك متنسكة زاهدة , لم أكن أعلم أنك فضلت الظل والغل , لأنك صورتي , و صورة خيانة زوجية في فراش القدسية , و صورة ذلال معزة في مرعى عشب مستورد ...
وما كدت أتي على أخر كلامي حتى ارتمت في حضني و ارتميت في حضنها, و لسان حالنا يقول :
لا لفراق... و ما الحياة إلا اجتماع وانصهار, نكون معا أو نموت معا , وما عنترة و امرؤ القيس بقدوة العشاق
مواقع النشر (المفضلة)