بينما كان حطاب يحطب ويجمع الحطب ويصنع منه أكواماً
قبل نقله إلى بيته ، إذا بشاب يركض ويلهث من التعب ،
فلما وصل إليه طلب منه أن يخبئه في أحد أكوام الحطب كي لا يراه أعداؤه
الذين هم في أثره يريدون قتله ، فقال الحطاب :
أدخل في ذلك الكوم الكبير ، فدخل وغطاه ببعض الحطب كي لا يرى منه شيء .
وأخذ الحطاب يحتطب ويجمع الحطب .
وبعد قليل أبصر الحطاب رجلين مسرعين نحوه ، فلما وصلا
سألاه عن شاب مر به قبل قليل ووصفاه له ، وإذا به الشاب نفسه المختبئ عنده ،
فقال لهم : نعم لقد رأيته وخبأته عنكما في ذلك الكوم ابحثوا عنه فأنكم ستجدونه ،
والشاب في كوم الحطب يسمع الحديث ، فكاد قلبه يقف
لشدة الخوف والهلع عندما سمع الحطاب يخبرهم بمكانه .
فقال أحدهما للآخر : إن هذا الحطاب الخبيث يريد أن يشغلنا في
البحث عنه في كوم الحطب الكبير هذا ليعطيه فرصة للهرب ،
لا تصدقه ، فليس من المعقول أن يخبئه ثم يدل عليه ، هيا نسرع للحاق به .
ومضيا في طريقهما مسرعين .
ولما ابتعدا واختفيا عن الأنظار خرج الشاب من كوم الحطب
مذهولاً مستغرباً ، وقد بدت عليه آثار الاضطراب والخوف والغضب ،
فقال معاتباً الحطاب : كيف تخبئني عندك وتخبرهم عني ، أليس لك قلب يشفق ؟ !
أليست عندك رحمة .. أليس .. أليس ... ؟
فقال الحطاب : يا بني إذا كان الكذب ينجي فالصدق أنجى ،
ووالله لو كذبت عليهم لبحثوا عنك ووجدوك ثم قتلوك .
سر على بركة الله وإياك والكذب .
وأعلم أن الصدق طريق النجاة .
مواقع النشر (المفضلة)