اعذريني سيدتي اعذريني
فلم نعد نفرق في هذا العالم بين الضحية وموسوليني
لقد أصبح الحليم حيرانا في هذا الزمان فيصبح المسلم كافرا ويمسي الكافر مسلما
اختلط النور بالظلام واختلط الهزل بالجد والجهل بالعلم والقوة بالضعف
وضاعت قيمنا وحضارتنا فولت إلى غير رجعة
وعادت الى حيث القصص والروايات وكأنه لا حاضر ولا مستقبل لنا
اعذريني سيدتي فالأعين عمياء والألسن بكماء
والآذان صماء والأقلام جوفاء
علا صراخك وأنينك من شدة ما تشاهدين ومن قوة الروع الذي أمامك
لكن صدقيني فكما أسلفت لك
نحن في عالم الدنيا والماديات لا نريد أن نبكي ولا نريد حتى أن نسمع أنينك وصراخك
فاللعب ثم اللعب والضحك واللهو والزينة والتفاخر بالأولاد والأنساب والاموال
والتحاسد والتباغض هو القيمة والعملة المتداولة في الأسواق
أما التفكير فيك فالتخلف والرجعية
والبكاء والعويل.
لقد تبلدت الأحاسيس وغابت الأنفة وضاع بريقنا فأصبحنا غثاء كغثاء السيل
فنزعت من قلوب أعدائنا المهابة وقذف في قلوبنا الوهن
هذا هو حالنا وواقعنا في عالم أصبح المجرم والجلاد يتساوون في الحقوق والواجبات وأصبح المجرم يستشار ويحضر الولائم بل هو من يشرف عليها
ويقوم بتكريم أصحاب الأبحاث
وأصبح الضحية يستحي من كثرة الملائم والتوبيخات
فعالم اليوم هو الرياء والأهواء والجاه
فصرخة وا معتصماه بدت وكأنها أكذوبة
بل التاريخ نفسه لو قارناه بما نراه بأعيننا وما نقلبه في صفحات تاريخنا لأكدنا ذلك
ضاعت القيم والشيم وأصبح السلاح يوجه إلى الأخ والصديق بدل العدو والمحتل
فالعدو تشرب معه أحلى المشروبات ويرحب به في ارقى الاماكن التي يمنع منها الشعب
ويستقبل بأحلى العطور والماركات
فاعذريني سيدتي
فلا املك إلا هذا القلم فلعل أحرفي هذه تصل عبر المخبرين الذين وصلوا إلى أماكن عليا
بهذه الحرفة الممقوتة
عن طريق الأشلاء فيوصلوها ظنا منهم أنها مكفرات لما قاموا به
فيتحرك ذلك النائم الذي يهيم في بحر الأوهام
قبل أن يصله اجله
فيعطي الأوامر إلى جنوده الذين لا نستطيع أن نحصي لهم عددا
وتستصلح الآليات التي أكلها الصدأ
وعششت فيها الفئران واللقالق
أو لعل أحرفي تصل إلى من مازالت عروقهم تنبض إلى جيل
ذهب ولم يعد فيتحركوا فالقطرة قطرة حتى تنهمر الأنهار
فيشفون غليلك.
![]()
مواقع النشر (المفضلة)