التداوي السريري بالنباتات
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين و آله و صحبه الميامين الى و حتى يوم الدين
أن مقصودية الحياة البشرية, من بعد طاعة مخلفها و العمل على مرضاته, تكمن أساسا في المحافظة على نسلها و ٍانماء و سلامة كيانها متسلحا لذلك بمؤهلات تكييفية و قدرات تأقلمية ذاتية وهبها له خالق الخلق تمكنه من تنمية شخصه و المحافظة على سلامته .فمنذ ان وجد عن سطح المعمورة عاري الرأس و حافي القدمين و هو في صراع دائم مع بيئته الدائمة التغير و التطور مستعملا في ذلك كل امكانياته المادية المحدودة و حواسه لتلبية حاجياته و اشباع نزواته و رغباته فكانت نتيجة هذا الصراع تهديدات لنسله و سلامة كيانه مما جعل اول ردود فعله البحث عن الوسائل التي بها يطفيء ظمأه و يشبع جوعه و يعالج وعكاته فكانت النبتة التي أصبحت عماد غذائه و علاجه. فهي الوسيلة العلاجية التي حظيت بتجربة كبيرة لا مثيل لها ( عمر المادة الكيماوية حوالي 60 سنة أي منذ صنع Sulfamides)
و مع مر العصور تطورت طرق استعمالاتها ففي القديم كان الفلاسفة و الأطباء ( عند الهنود القدامى"Ayurveda", اللوبيون و المصريين القدامى ثم من بعدهم اليونان و الإغريق و العرب) طوروا استعمالاتها الطبية فقننو لها طرق استعمالاتها وفق معايير و مقاييس تتماشى و عصورهم فكانت منهجية الأرضية فلكل ارضية اعراضها و تعابيرها و نباتاتها(( لكل ارضية مزاجها: بلغمي,دموي, صفراوي,سويدائي, و لكل مزاج عضو مسؤول على هذا الميزاج:الدماغ,القلب,الكب د, الطحال ولكل عضو و ميزاج فصل و بيئة :الشتاء,الربيع,الصيف,الخر يف, و كذلك لكل منها خلط يميزها: البلغم, الدم, الصفراء, السويداء)). فالصحة حسب هذه المنهجية هي حالة توازن دائم و متحرك في كمية هذه السوائل داخل الجسم و في اختلال هذا التوازن تحصل الأمراض. لكن مع تطور الفكر البشري الذي هو في دينامكية دائمة الحركة في جميع الميادين الحياتية و الفلسفية و العلمية و الميال بطبعه الى السهل و السريع و المريح في اوانه نسيت هذه الوسيلة بصفة تدريجية خاصة منذ بداية القرن التاسع عشر لما توصل العلماء الى اكتشاف القلوانيات(1805), الستركنين(1818) و الديجيتالين'1868) ثم اتت اكتاشافات لويس باستور(1822-1894) و منهجية العلوم التجربية لكلود برنار(1813- 1878) ثم أتت أبحاث فونك و ايجمان على داء البريبري
كل هذا تمخضت عنه منهجية جديدة في التعامل مع المرض و أسباب المرض و أصبح لكل مرض معين سبب معين و دواء معين دون أخذ الاعتبار بخصوصيات الجسم و مسؤوليته في مرضه و في استرجاع صحته فتعددت الاختصاصات و تنوعت و فتتت الجسم إلى العديد من وحدات لكل منها طبيبها و أدويتها و طرق تشخيصها و في بعض الأحيان يستوجب حضور العديد من الأطباء حول سرير المريض لمعالجته أو عليه أن يقضي كامل يومه من اختصاصي إلى آخر و من مصحة إلى مصحة مما يزيد الطين بلة قي تعكر حالته النفسية و العضوية و أبسط مثل عاشه العديد من الأولياء من لهم طفل سريع المرض بلوزتيه ,يبدأ العلاج عند طبيبه الخاص الذي يصف له مضادات حيوية مع بعض الأدوية الأخرى ( مضادة للالتهابات ......) فتموت الجرثومة المسؤلة عن المرض ثم بعد بضعة أيام يعود المرض فيعود للطبيب و يعود للدواء لبضعة أيام" فيشفى" لتعود النكسة من جديد المرة تلو المرة ثم يعطى مضادات حيوية طويلة المدى(حقنة كل 21 او 15يوم حسب العمر) او ننصح الوالدين باستئصال اللوزات و كأن خالقهما ( يعبث و استغفر الله) مع العلم أن العلم الحديث اثبت بأن استئصال اللوز في الصغر يهدد بمرض الربو في الكبر. زد عن هذا هذه المنهجية هي أحد أسباب تطور الأمراض الوقتية لأمراض مزمنة لأنها لا تميز بين ما هو ردود فعلية طبيعية للجسم و ما هي حالة مرضية عند تعرضه لعدوان خارجي... زد عن هذا إهمالها للعديد من الإشارات السريرية البسيطة التي يطلقها الجسم من حين لآخر معبرة عن صعوبات تكييفية لظروف طارئة تهدد توازنه و ننعتها بأعراض نفسية أو هيستيرية (عادة يقال عنها المرحلة ما قبل السريرية) و يبقى الجسم يصارع لوحده حتى يستنفذ قواه و تخر أحد أعضائه و عندها يفيض الكأس و يخرج ما يسمى بالمرض الفعلي و يشن الطب الأكاديمي حربا شرسة (و لو على حساب الجسم نفسه) باحثا عن سبب محدد ليغرق الجسم بأدوية محددة ثم ينتظر ثمرة فلسفته ألا وهي الأمراض الحقيقية التى خلقها بترسانته الكيماوية بتعلة آثار جانبية و هكذا يبدأ المريض قصته بدواء لينهي ما تبقى له من العمر بقفة من الأدوية دون أن يجد الراحة التي ينتظرها.
و لكي يتجاوز هذا الفشل اتجه الطب الى علوم الوراثة و لكن بنفس النظرة المزدوجة للجسم و مكوناته الجينية فالكروموزومات و الجينات عوضت , لكل مرض معين جين محدد ربما في هذه الحالة من المعقول و المنطق أن نتساءل لماذا نجد عند توأمين نفس "المرض الوراثي" لكن لماذا عند زيد هذا الجين يعبر عن نفسه و يظهر المرض و لماذا عند عمر بقي صامتا؟ اذا اول اشكال ليس في الجين بل في العوامل (داخلية كانت او خارجية) المحرضة التي جعلته يعبر عن نفسه عند عمر و يخرس عند زيد.
كما يمكن للعاقل ان يتساءل :
1- لماذا بصمات إنسان لا نجد مثلها في البشرية جمعاء و كيف لا يكون كذلك الجسم الذي صاغها فريدا من نوعه و خاصا بتركيبته و قدراته و أفعاله و افتعالاته و كذلك بمرضه.
2- ما هو سر تعدد الأجناس البشرية فهذا أبيض و هذا أسود و ذاك أحمر و الآخر أصفر و آدم واحد و كلنا من آدم؟
3- في نفس الجنس لماذا هذا نحيف و الآخر بدين, لماذا هذا طويل و الآخر قصير, لماذا هذا كريم و الآخر بخيل , لماذا هذا ضحوك و الآخر عبوس؟
4- في نفس العائلة أي نفس الأبوين و نفس البيئة ونفس المطبخ
لماذا هذا سريع المرض بلوزتيه لماذا لهذا مرض وراثي ظاهري و الآخر سليم(خارجيا)؟
5- منذ ان خلق سيدنا آدم إلى بداية القرن التاسع عشر
كيف كان الإنسان يداوي أمراضه ووعكاته, ألم تكن الفيروسات و الجراثيم و الفطريات موجودة؟
و الأسئلة عديدة و متعددة عجزت فلسفة الطب الأكاديمي عن الإجابة عنها و إيجاد حلول لها ومن هذا المنطلق تتجسم لنا فكرة الأرضية في التعامل مع المرض و المريض و يمكننا القول إن كل مريض هو أرضية خاصة كاملة دائمة الحركية و التغيير حسب المكان و الزمان و ما المرض إلا حالات مرضية متعددة و إن كان المرض واحد و السبب الظاهري واحد. و للجسم ضلع كبير في مرضه و استعادة صحته و المحافظة عليها. وكل ما توصلت إليه فلسفة الطب الألوباتي هي جعل المهنة الطبية في الزنقة الحادة و تحيد عن مبدئها الأساسي الذي حدده "أبو قراط" بمقولته الشهيرة:
أولا لا تضر
Primum no noceare
و أصبح هذا الطب يسكن أعراض ليخلق بأتم معاني الكلمة أمراض(بتعلة آثار جانبية) و قد شهد شاهد من أهلها في هذا ,إذ صرحت المجلة الطبية:The Lancet في عددها الصادر في سبتمبر 2001 }ان المادة الكيماوية أصبحت ثالث أسباب الوفيات في العالم بعد أملااض القلب و الشرايين و امراض السرطان{ (عافانا و عافاكم الشافي العافي) .
ختاما ............
ألا يحق للمهنة الطبية العودة الى جذورها( و العود الى الأصل فضيلة) و استعمال النبتة الطبية كوسيلة علاجية أساسية في تعاملها مع المرض؟ و توخي منهجية الأرضية مستغلة في ذلك التطور الحاصل في علوم الفيزيولوجيا , علوم الزراعة, علوم الكيمياء و علوم الفرماكولوجيا.... حتى لا نقع في نفس الشرك الذي وقعت فيه فلسفة الطب الأكاديمي
( للمرض المحدد النبتة المحددة=======> آثار جانبية أي نعوض مرض بمرض أليس كذلك؟)
و نتمكن من محاربة أمراض عصرنا التي تختلف كليا عن أمراض أسلافنا.
إخوتي في الله جعلنا هذا القسم" للتداوي السريري بالنباتات"
حتى يكون همزة وصل بيننا و نمدكم تدريجيا بتفاصيل هذه الفلسفة الجديدة في الطب النباتي الحديث و نتباحث و نتجادل و نتبادل الخبرات عسانا نحقق ما فيه خير ديننا و دنيانا.
يقول الإمام الشافعي : " صنعتان لا غنى للناس عنهما : العلماء لأديانهم والأطباء لأبدانهم " .
ويقول أيضا : " لا أعلم علما بعد الحلال والحرام أنبل من الطب "
اللهم انى اعوذ بك من علم لاينفع ومن قلب لايخشع ومن عين لاتدمع ومن دعوة لايستجاب لها
بقلم الدكتور محمد شنيبه
مواقع النشر (المفضلة)