+ الرد على الموضوع
صفحة 1 من 2 1 2 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 5 من 6
  1. #1
    امال has a spectacular aura about امال has a spectacular aura about امال has a spectacular aura about الصورة الرمزية امال
    تاريخ التسجيل
    16 / 08 / 2005
    الدولة
    مصر__المنصوره
    العمر
    37
    المشاركات
    12,544
    معدل تقييم المستوى
    12794

    افتراضي الإسلام والمسلمون والعمل الإسلامي في أوربا

    الإسلام والمسلمون والعمل الإسلامي في أوربا



    ليست هذه الورقة نتيجة بحث أكاديمي، وإنما نتاج معايشة يومية للعمل الإسلامي على الساحة الأوربية خلال ربع قرن من الزمان، وإن كان الإنسان لا يستغني عن الكتب والدراسات والبحوث يستقي منها ويتعرف من خلالها على الكثير.

    ولا أزعم أني أحيط في هذه الورقة بكل جوانب العمل الإسلامي، فهذا العمل أصبح من الاتساع والانتشار ما يحتاج معه إلى كتب ومقالات وبحوث ودراسات، أرجو أن يوفق الاتحاد في القريب إلى إصدار بعضها بعنوان اسمه "الإسلام والمسلمون في أوربا"، تأخذ كل قطر أوربي منفردا وبشيء من التفصيل.

    ولا شك أن هذه الورقة ستكون متأثرة بموقعي في رئاسة اتحاد المنظمات الإسلامية في أوربا ونشاطي فيه، ولا ريب أنها ستتأثر بتوجهاته وسياساته وعمل مؤسساته على الساحة الأوربية.

    وعلى كل حال فسأبذل جهدي أن أتناول بعض جوانب العمل من دون الدخول في تفاصيل لا تسعها هذه الورقة، وذلك من خلال المحاور التالية:

    نبذة تاريخية عن هجرة المسلمين إلى أوربا

    إحصاءات عن أعداد المسلمين والعرب في أوربا

    شرائح الجالية المسلمة في أوربا الغربية

    المؤسسات الإسلامية على الساحة الأوربية

    الرؤى والمنطلقات والأهداف والسياسات للمؤسسات الإسلامية في أوربا
    أهم المشاكل والمعوقات التي تواجه المسلمين والمؤسسات الإسلامية

    الآمال وتوجهات المستقبل

    نبذة تاريخية عن هجرة المسلمين إلى أوربا

    أ- أوربا الغربية

    إن تاريخ هجرة المسلمين إلى أوربا يتفاوت من قطر أوربي إلى آخر، والبعض يرجعه إلى قرون خلت، وهذا ما يحتاج إلى بحث دقيق لا أحسب أن هذه الورقة تستوعبه، غير أنه يمكن القول بأن جذور الهجرة الحديثة المعتبرة التي هي أساس الوجود الإسلامي الحاضر في أوربا الغربية يمكن إرجاع بداياتها إلى منتصف القرن التاسع عشر، عندما وقعت بعض البلدان العربية والإسلامية ضمن دائرة الاستعمار الأوربي. وأوضحُ مثال على ذلك الاستعمار الفرنسي للجزائر وللكثير من بلدان الشمال الأفريقي بعدها، واستعمار بريطانيا لشبه القارة الهندية، ومن ثم لجُل بلدان المشرق العربي والإسلامي.

    نقول: إن الهجرات الأولى بدأت في ذلك التاريخ بشكل بسيط ومتقطع، وكانت إما للخدمة في جيوش الاحتلال أو للعمل في المصانع الأوربية، وربما القليل منهم تطلعا لعالم أفضل، وبقي اتساع الهجرة ونموها محدودًا حتى بلغ عشرات الآلاف مع نهاية الحرب العالمية الأولى.

    أما الهجرات الكبرى في العصر الحديث فكانت بُعيد الحرب العالمية الثانية. ومع حاجة أوربا إلى الأيدي العاملة لسد النقص الشديد الذي خلفه مقتل ما يزيد عن ستين مليونا من البشر في تلك الحرب؛ فقد قام أرباب العمل ببذل جهودٍ متواصلة لاستقدام أعداد كبيرة من دول العالم الثالث وفي مقدمتهم العرب والمسلمون؛ ومن ثم كانت تلك الهجرات الكثيفة التي تركزت في:

    - فرنسا ومن أبناء الشمال الأفريقي والأفريقي العربي على وجه التحديد، وكذلك من المستعمرات الفرنسية في أفريقيا السوداء.

    - بريطانيا من أبناء شبه القارة الهندية (الهند - باكستان - بنجلاديش - كشمير) وأعداد من أبناء جنوب الجزيرة العربية -وعلى الأخص اليمن الجنوبي وعمان- إضافة إلى أعداد أخرى، ولكنها أقل من بقية المستعمرات.

    - ألمانيا من الأتراك الذين كانت لهم علاقات مميزة بألمانيا حتى قبل الحرب العالمية الأولى.

    كما هاجرت أعداد أقل إلى دول أوربا الغربية الأخرى (إيطاليا - هولندا - بلجيكا - أسبانيا...)، ومن بلدان عربية وإسلامية غير التي ذكرناها.

    واستمرت تلك الهجرات التي كان هدف أصحابها الأساسي في بداية الأمر العمل لفترات مؤقتة لتحسين أوضاعهم المعيشية، ثم الرجوع إلى الوطن الأصلي، خاصة أن جل المهاجرين لم يصحبوا عائلاتهم معهم في البداية.

    أقول: استمرت تلك الهجرات وتطورت لتشمل أعدادا كبيرة من الطلبة الدارسين من معظم الأقطار العربية والإسلامية، إضافة إلى أعداد غير قليلة من القدرات والكفاءات العلمية التي غادرت البلاد هربًا من الأوضاع السياسية المتقلبة والمتوترة التي سادت جل البلاد العربية والإسلامية منذ بداية الستينيات وحتى يومنا هذا.

    كما ساهمت حرب الخليج الأولى والثانية والحروب الأهلية في الصومال والحرب في البوسنة والهرسك والأوضاع المتردية في العراق في هجرة أعداد كبيرة أخرى إلى أوربا الغربية وبالذات إلى بريطانيا ودول أسكندنافيا ودول البنلكس (هولندا - بلجيكا) وسويسرا، إضافة إلى الدول الأوربية المذكورة أعلاه.

    ومع تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلدان العربية والإسلامية زهدت الغالبية العظمى من العرب والمسلمين في أوربا في الرجوع إلى بلدانهم، وآثرت الاستقرار خاصة بعد التئام شمل العائلات؛ ومن ثم نشوء أجيال جديدة ولدت وترعرعت وتشربت ثقافة المجتمع الأوربي، وعليه فقد استقرت الغالبية العظمى من أبناء المسلمين بل اتسع وجودها ليشمل معظم الدول الأوربية إن لم يكن جميعها، حتى لم تعد هناك مدينة كبيرة ولا صغيرة لا تضم أعدادا من المهاجرين الجدد.

    ب- أوربا الشرقية ودول البلقان

    الحديث عن المسلمين في أوربا الشرقية والبلقان لا شك أنه مختلف؛ إذ إن الغالبية الساحقة من المسلمين هم أبناء البلاد الأصليين الذين اعتنقوا الإسلام منذ قرون طويلة ترجع إلى ما قبل دخول الأتراك العثمانيين، وإن كانت الغالبية منهم قد استقر بها المقام مع وجود العثمانيين لمدة تزيد عن 5 قرون في جل بلدان أوربا الشرقية والبلقان، ولقد واجه هؤلاء المسلمون ظروفا بالغة الصعوبة خلال الحروب المتواصلة بين العثمانيين وأوربا وروسيا، وكذلك بعد انحسار قوة الدولة العثمانية. ولقد بلغت تلك الظروف مداها بعد دخول دول أوربا الشرقية والبلقان تحت الحكم الشيوعي؛ وهو ما أجبر بعضهم على الهجرة إلى البلاد الإسلامية وتركيا على وجه التحديد، وربما إلى بعض بلدان أوربا الغربية، هذا إضافة إلى ما يمكن اعتباره نوعا من الإبادة الجماعية التي حلت ببعض مسلمي الاتحاد السوفيتي سابقا.

    كما أن هناك هجرات للعرب والمسلمين خلال العقود الماضية -وبعد الحرب العالمية الثانية على وجه التحديد- إلى الاتحاد السوفيتي سابقا من خلال العديد من الطلبة الدارسين، وازدادت إلى جل دول أوربا الشرقية خلال العقود الثلاث الماضية، ونتيجة لنفس ظروف البلاد العربية والإسلامية الاقتصادية والسياسية التي ذكرنا استقر عدد غير قليل من هؤلاء في تلك البلدان، خاصة أولئك الذين تزوجوا من تلك البلاد إضافة إلى أعداد كبيرة من ذوي الاتجاهات اليسارية الذين لم يجدوا في ظروف بلادهم الأصلية مناسبة للرجوع.

    واليوم ومع سقوط الشيوعية توجه جل أولئك للاستقرار والعمل. ويرجع جل العرب والمسلمين الذين يربو عددهم على 400.000 إلى البلاد العربية (العراق – اليمن – السودان – الجزائر – سوريا - مصر) وأعداد قليلة من بلدان إسلامية أخرى وفي مقدمتها إندونيسيا ودول شبه القارة الهندية.
    شرائح الجالية المسلمة في أوربا الغربية

    لقد تطورت أحوال الجالية المسلمة في أوربا مع ازدياد أعداد المسلمين وانتشارهم في جل الأقطار الأوربية، وبروز الجيل الثاني والثالث بل والرابع في بعض الأقطار التي هاجر إليها المسلمون في وقت مبكر، وقد بات الاتجاه السائد في صفوف المسلمين هو الاستقرار.

    ولا شك أن مطلوبات الاستقرار غير مطلوبات الإقامة المؤقتة، وشعور المسلمين بأنهم جزء لا يتجزأ من مجتمع أوربي متعدد الأعراق والأديان غير شعورهم بأنهم جسم غريب يبغي الارتحال كل يوم، ويمكن القول بأن الغالبية العظمى من المسلمين في أوربا قد استقر بهم المقام، وبدأت أجيالهم الجديدة على وجه الخصوص تستشعر أن أوربا وطنهم.

    ويمكنني تقسيم الجالية المسلمة في أوربا اليوم إلى أربع شرائح، لكل شريحة وضعها وتوجهاتها وآمالها التي تتداخل أحيانا وتتباين أحيانا أخرى.

    أ-الشريحة الأولى: شريحة العمال:

    كانت وما زالت هذه الشريحة تمثل العدد الأكبر من المسلمين في أوربا؛ إذ رغم القيود الكثيرة التي تضعها المجموعة الأوربية في وجه الهجرات الجديدة وفي وجه اللجوء السياسي؛ فما زال عدد غير قليل من المسلمين ومن دول كثيرة يخاطرون بأنفسهم من أجل الوصول إلى دول أوربا، كل ذلك نتيجة للأوضاع الاقتصادية والسياسية غير المستقرة في كثير من الدول الإسلامية.

    غير أنه يمكن القول: إنه مع مرور الوقت -ربما خلال عقدين من الزمان- فستصبح هذه الشريحة في مرتبة متأخرة مقارنة بشريحة الأجيال الجديدة من المسلمين.

    ويمكن وصف هذه الشريحة بإيجاز بالأمور التالية:

    1. ضعف المستوى الثقافي للغالبية العظمى منها عكس ضعف قدرتهم على التأثير الإيجابي في أبنائهم أو توريث قيمهم ومثلهم وعاداتهم.

    2. الانحياز نحو العزلة لضعف شديد في لغة القوم وتباين في القيم والطباع والعادات؛ وهو ما ساهم في ترسيخ الجهل في المجتمع الجديد، ومن ثم ضعف القدرة على التأثير فيه.

    3. حرص الغالبية منهم في الحفاظ على التزامهم العام بالإسلام كدين مختلط بعادات وتقاليد وأعراف لا علاقة لبعضها بالدين.

    4. ساهمت هذه الشريحة في بناء عدد غير قليل من الزوايا والمساجد في مناطق سكنهم المعزولة غالبا، والتي كانت ملجأً لهم ومساعدا للحفاظ على ارتباطهم بدينهم.

    5. رغم هذا الحرص في الانتماء إلى الإسلام كدين فإن الانحياز العرقي وأحيانا المذهبي لأبناء الخلفية العرقية الواحدة هو الأبلغ تأثيرا، وذلك نتاج جهل بالإسلام وقيمه ومثله العليا.

    6. ما زال هناك ارتباط عاطفي للغالبية من هذه الشريحة بأقطارهم الأم التي هاجروا منها، وهذا واضح لدى هذه الشريحة من أبناء الخلفيتين التركية والمغربية على وجه التحديد، ورغبة البعض منهم في الرجوع عند تحسن أوضاعهم الاقتصادية.

    ب- الشريحة الثانية: شريحة الكفاءات العلمية والاقتصادية والطلبة الدارسين:

    هذه الشريحة كانت هجرتها الواسعة إلى أوربا متأخرة عن الشريحة الأولى، وبدأ أثرها في محيط الجالية المسلمة يظهر قبل أربعة عقود. وكانت صاحبة الفضل في إنشاء الاتحادات الطلابية أولا، ثم المراكز الإسلامية المتقدمة، والمؤسسات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية. واستقر الكثير منها نتيجة للأوضاع السياسية والاقتصادية المتردية التي لم تغرها بالرجوع إلى بلادها الأصلية، ويزيد عدد الأطباء المسلمين مثلا الذين لا يمثلون إلا جزءا يسيرا من هذه الشريحة عن 39000 طبيب في أوربا الغربية وحدها، إضافة لعشرات الآلاف من المهندسين والآلاف من رجال الأعمال.

    ويمكن وصف هذه الشريحة بالأمور التالية:

    1. تتمتع بمستوى ثقافي مرتفع ساهم في تأثيرها الإيجابي في الأجيال الجديدة، ويمكن القول بأنها صاحبة الفضل في توريث الإسلام وقيمه بل والمساهمة في إنشاء المؤسسات الشبابية الجديدة.

    2. ساهمت في بناء جل المؤسسات الكبرى (طلابية – ثقافية – اجتماعية – اقتصادية – مهنية – إغاثية) التي أصبح بعضها اليوم منارات إشعاع في أوربا.

    3. تأثير العادات والتقاليد في فهمهم لقيم الإسلام أقل بكثير من الشريحة الأولى، وحتى تأثير الخلفيات العرقية والمذهبية أقل أيضا، إلا أن هناك اختلافات حركية كان لها انعكاس سلبي على هذه الشريحة، ساهم في تقليص أثرها الإيجابي على أبناء المسلمين بشكل خاص، وعلى المجتمع الأوربي بشكل عام.

    4. تفهُّم الكثير منهم لطبيعة وجودهم في المجتمع الأوربي وضرورة التواصل معه، ومساهمة الكثيرين منهم اليوم في جوانب الحياة المختلفة للمجتمع الأوربي، وربما تبوأ بعضهم مواقع متقدمة فيه (مواقع علمية وأكاديمية وحتى سياسية، وخاصة المساهمة في إدارات الكثير من البلديات).

    5. تفهم الغالبية منهم لضرورة الموازنة بين محافظة الأجيال الجديدة على هويتها الإسلامية واندماجها في المجتمع الأوربي، وأن ذلك الاندماج أصبح ضرورة لا بد منها، وأن حماية الأجيال الجديدة لا تأتي من خلال عزلتهم عن مجتمعهم الأوربي.

    6. هناك نسبة من هذه الشريحة تأثروا ببعض قيم المجتمع الأوربي المادية؛ فتراهم بعيدين عن التزامهم بقيم الإسلام ومفاهيمه، وهؤلاء لا شك غير قادرين على توريث قيم الإسلام لأبنائهم، وإن كان بعضهم يرغب ويجتهد من أجل ذلك بالاستعانة بالمؤسسات الإسلامية.

    7. هناك جزء من هذه الشريحة -أحسبه قليلا- يرفض التواصل مع المجتمع الأوربي، ويحمل أفكارا وآراء متشددة، ويمكن أن نقول: إن بعضها يتعدى حالة التشدد إلى التطرف، وانعكاس هذه الأفكار سلبي بل سيئ على المسلمين في أوربا، ويساهم في تشويه صورة الإسلام الناصعة بين أبناء المجتمع الأوربي. ورغم قلة هذه الفئة فإن صوتها مرتفع، وتجد رغبة من الإعلام الغربي والعربي لإظهارها.

    ج- الشريحة الثالثة: شريحة الأجيال الجديدة:

    وهي الأجيال التي ولدت وترعرعت وتشربت الثقافة الأوربية والتي أصبحت تمثل الشريحة الثانية في عددها، وتكاد في القريب أن تكون الأكثر التي تمثل مستقبل الإسلام والمسلمين في أوربا، ويحمل اليوم الغالبية العظمى منهم جنسية البلاد الأوربية، ويستشعر الكثير منهم أنهم أوربيون وطنا ومسلمون دينا، وأحسب أن من يفكر منهم في الهجرة إلى بلاد آبائهم قليل ونادر.

    ويمكن وصف هذه الشريحة بالأمور التالية:

    1. وجود أعداد غير قليلة منها استطاعت الحفاظ على قيمها الإسلامية مع أخذها الكثير من قيم المجتمع الأوربي دون الشعور بالتعارض والتناقض (قيم العدل والحرية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون...)، وجل هؤلاء ممن انتظم في المؤسسات الشبابية التي بدأت تنتشر في معظم البلدان الأوربية (هناك عشرات المؤسسات الشبابية في الأقطار الأوربية، منها أكثر من 40 مؤسسة شبابية كبرى على المستوى الوطني تنتظم في المنتدى الأوربي للشباب والطلاب الذي ساهم اتحاد المنظمات الإسلامية في أوربا في إنشائه).

    2. شعور الكثيرين من هذه الشريحة بأن هذا المجتمع أصبح مجتمعهم الذي لا بديل لهم عنه، وقد بدءوا يتعاملون مع المجتمع الأوربي على هذا الأساس؛ مساهمة في أوجه حياته المختلفة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية.

    3. وجود عدد غير قليل بعيدا عن دينه، أثرت فيه آفات المجتمع الأوربي كالمخدرات والانحلال الخلقي، غير أن من انسلخوا من دينهم أو تركوه كانوا قليلين.

    4. وجود شريحة -نحسبها صغيرة- تحمل أفكارا دخيلة على قيم الإسلام الإنسانية، طابعها التشدد والتحامل على كل ما هو غربي دون نظر أو تمحيص، وذلك نتاج تربية لبعض القوى الوافدة من المشرق الإسلامي، زاد في حدتها تلك الحملات المغرضة على الإسلام في الإعلام الغربي، إضافة إلى بعض الأحداث داخل البلدان الإسلامية (فلسطين - الجزائر – البوسنة - العراق...) وموقف الغرب منها.

    5. انعكاس الخلافات العرقية والمذهبية وحتى الحركية على هذه الشريحة أقل بكثير من تأثيرها على الشريحتين الأولى والثانية، وبات ذلك واضحا في انخراط الكثير من أبناء المسلمين من الأجيال الجديدة في مؤسسات واحدة رغم انتماء آبائهم لخلفيات عرقية ومذهبية مختلفة.

    6. يمكن القول بأن هذه الشريحة وشريحة المسلمين من أصل أوربي ستتقاربان بل ستصبحان شريحة واحدة خلال جيلين أو ربما جيل واحد.

    هـ- الشريحة الرابعة: المسلمون من أصل أوربي:

    وهؤلاء هم الذين اعتنقوا الإسلام إما تأثرا بقيمه ومثله، أو من خلال دراساتهم الأكاديمية، أو الشخصية، أو من خلال اختلاطهم ببعض العاملين في الحقل الإسلامي، أو عن طريق الزواج والمصاهرة. وأحسب أن أعدادهم في أوربا الغربية لا يزيد عن نصف مليون، ويتركزون في فرنسا وألمانيا وبريطانيا على التوالي.

    ولا شك أن لهم توجهات متباينة ومختلفة، وليس من اليسير تحديد مواصفات خاصة بهم، وإن كان البعض منهم متأثرا إلى حد بعيد بالطرق الصوفية وتوجهاتها. واليوم، كثير منهم بدأ باستشعار ضرورة التوافق بين انتمائهم إلى الإسلام وارتباطهم ببلدهم الأوربي، وأن تحولهم إلى الإسلام لا يعني انسلاخهم من مجتمعهم.

    وقد بذل قسم الدعوة والتعريف بالإسلام في اتحاد المنظمات الإسلامية في أوربا جهدا في تجميع الكثير منهم في عمل مؤسسي يركز على واجبهم تجاه مجتمعهم الأوربي في التعريف بالإسلام وقيمه الإنسانية، إضافة إلى العمل الجاد على إشعار المجتمع الأوربي أنهم ما زالوا جزءا منه، وأنهم حريصون على أمنه واستقراره وتطوره وتقدمه.

    ومما لا شك فيه أن الوقوف على وصف تفصيلي لأحوال الجالية الإسلامية في أوربا يحتاج منا إلى تفصيل يتطلب كتبا ومقالات، لكني وددت من خلال شرائحها أن أضع أمامكم وصفا مجملا وموجزا.

    وفي نهاية هذا الموجز يمكنني أن أقول: إن جل أبناء الجالية اليوم يرنو إلى الاستقرار، ويميل إلى التجانس والتآلف مع المجتمع الذي يعيش فيه؛ لأنه أدرك أن هذا المجتمع مجتمعه، ولا بديل له عنه، رغم كل العوائق المتمثلة في كثرة البطالة في صفوفهم، وانحياز شرائح من المجتمع الأوربي ضدهم، ووجود بعض العناصر المتشددة بين أبنائهم، إضافة إلى انعكاس بعض الخلافات العرقية والمذهبية والحركية التي وردت معهم من المشرق الإسلامي

    المؤسسات الإسلامية على الساحة الأوربية

    توسعت المؤسسات الإسلامية وانتشرت في معظم دول أوربا الغربية منها والشرقية وتعددت وتنوعت؛ فمن المساجد والمراكز والمنظمات الإسلامية والعربية إلى المؤسسات التعليمية والاجتماعية والمهنية (التخصصية)، إلى الاتحادات الطلابية والمؤسسات الشبابية والنسائية؛ بحيث يمكن القول: إن هناك ما لا يقل عن 7000 مسجد ومركز ومؤسسة على ساحة أوربا الغربية وحدها. وسنكتفي في هذه الورقة بذكر المؤسسات ذات البعد القُطري الأوربي، وكبرى المؤسسات التي لها دور وأثر واضح في حياة المسلمين والمجتمع الأوربي، مع الإشارة إلى وجود مراكز ومؤسسات عديدة أخرى لا يتسع المقام لذكرها في هذه الورقة. ويمكن تقسيم هذه المؤسسات إلى ثلاثة أقسام:

    1- المؤسسات ذات البعد الأوربي (مؤسسات أوربية مركزية):

    أ- اتحاد المنظمات الإسلامية في أوربا:

    1. المعهد الأوربي للعلوم الإنسانية:

    وهو مؤسسة تعليمية وله فروع ثلاثة في فرنسا وفي بريطانيا، ويضم ثلاث مؤسسات: معهد اللغة العربية، ومعهد تحفيظ القرآن، والكلية الأوربية للدراسات الإسلامية، ويضم اليوم ما يقارب 500 طالب بدوام كامل، ومثل هذا العدد ذلك يدرسون بالانتساب والمراسلة. وهدف المعهد الأساسي تخريج جيل من المسلمين في أوربا من الجنسين يحملون العلم الشرعي والمعرفة بواقع الحياة في المجتمع الأوربي، ويقومون مستقبلا بإدارة المراكز وإمامة المساجد الإسلامية في أوربا، إضافة إلى هدف آخر هو الارتقاء بالمعلومات الشرعية لمديري وأئمة المساجد والمراكز الإسلامية الحالية من الدارسين بالانتساب، وسوف يتم فتح فروع أخرى في القريب إن شاء الله.

    2. المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث:

    وهو مؤسسة علمية تمثل مرجعية دينية للمسلمين في أوربا، ويضم أكثر من ثلاثين من أهل العلم في مختلف دول أوربا ومن مختلف الأعراق والمذاهب ومن علماء أجلاء أفاضل من خارج أوربا ممن لهم إطلالة ومعرفة بواقع المجتمع الأوربي والغربي عموما، ويرأس المجلس فضيلة الشيخ د.يوسف القرضاوي حفظه الله، وقد عقد المجلس خلال السنوات الخمس الماضية إحدى عشرة دورة، أصدر فيها العشرات من الفتاوى التي تهم المسلمين في أوربا والغرب عموما، وصدرت تلك الفتاوى بالعديد من اللغات الأوربية إضافة إلى اللغة العربية، كما أصدر المجلس ثلاثة مجلدات تضم كل الأوراق التي تقدم بها الشيوخ الأفاضل والتي صدرت الفتوى على أساسها، ومقر المجلس الرئيسي اليوم في مدينة دبلن بأيرلندا.

    3. المنتدى الإسلامي الأوربي للشباب والطلاب:

    وهو مؤسسة تضم اليوم أكثر من 40 مؤسسة شبابية وطلابية قُطرية على الساحة الأوربية، وهو عضو في الاتحاد الأوربي، ومقرها الأساسي في مدينة بروكسل، وتقوم بمناشط كثيرة في صفوف الجيل الجديد؛ في مقدمتها إقامة العديد من الدورات والندوات والمخيمات التي تعمل على إعداد قيادات المستقبل من الجنسين، إضافة إلى مناشطها في التواصل مع المؤسسات الشبابية للأديان والأفكار الأخرى.

    4. الوقف الأوربي:

    وهو مؤسسة وقفية خيرية واستثمارية تعمل لتأمين الدعم المالي للمؤسسات الإسلامية في أوربا، ومقرها بمدينة بيرمنجهام ببريطانيا؛ وهو ما ساهم في استقرارها ونموها وتطورها، إضافة إلى دعم وإسناد حاجات المسلمين في جوانب الحياة المختلفة وخاصة الاجتماعية والتعليمية.

    5. رابطة المدرس الإسلامية:

    وهي مؤسسة تعليمية تربوية انبثقت من لقاء لممثلي المدارس الإسلامية في ستة أقطار أوربية (بريطانيا، هولندا، السويد، الدنمارك، ألمانيا، بلجيكا)، وعقدت العديد من الندوات والمؤتمرات، حضرها الكثيرون من المهتمين بالشأن التعليمي في أوربا، وكانت موضعًا للتنسيق والتعاون والتكامل بينهم، ومقرها اليوم في مدينة أستوكهولم بالسويد.

    6. رابطة الإعلاميين في أوربا:

    وهي مؤسسة أوربية إعلامية ثقافية ونقابية تعمل للارتقاء بالواقع الإعلامي والثقافي للمسلمين في أوربا، وتعمل على تشجيع التبادل الإعلامي والثقافي والفكري مع المؤسسات الإعلامية الأوربية الأخرى، كما تقوم بالتنسيق والتواصل بين الجمعيات والفعاليات الإعلامية والثقافية الإسلامية على الساحة الأوربية، إضافة إلى وضعها الخطط لإقامة مشاريع إعلامية بناءة مكتوبة ومسموعة ومرئية، ومقرها اليوم في مدينة فيينا بالنمسا.

    وقد قررت إدارة اتحاد المنظمات الإسلامية إقامة خمس مؤسسات مركزية أوربية أخرى خلال دورتها الحالية، ونرجو بتوفيق من الله وفضله أن ترى هذه المؤسسات النور خلال العام المقبل.

    7. الرابطة الأوربية للأئمة والدعاة.

    8. الرابطة الأوربية للمرأة المسلمة.

    9. الهيئة الأوربية للقرآن الكريم.

    10. الرابطة الأوربية للمسلمين الجدد.

    11. الهيئة الحقوقية الأوربية.

    والكثير من مؤسسات اتحاد المنظمات الإسلامية في أوربا ذات خلفية عربية، ومنذ خمس سنوات بدأت تنضم إليه مؤسسات من خلفيات عرقية أخرى وعلى الأخص في دول شرق أوربا والبلقان، واليوم تكاد تكون جل مؤسساته الأعضاء في دول البلقان وشرق أوربا من أبناء البلاد الأصليين.

    ب- المجلس الإسلامي الأوربي:

    وهو مؤسسة أوربية تضم مؤسسات إسلامية من عدد من الدول الأوربية (ألمانيا – فرنسا – أسبانيا – بلجيكا – هولندا). ومركز ثقلها في ألمانيا، ومركز عملها الأساسي المركز الإسلامي ومسجد آخن واتحاد الطلبة المسلمين في أوربا. وهذا المجلس جل مؤسساته ذات خلفية عربية وله مناشط متنوعة، وساهم بفاعلية في تشكيل المجالس الإسلامية في كل من ألمانيا وأسبانيا وبلجيكا.

    ج- جمعيات المللي جوروش في أوربا:

    وهي جمعيات ذات خلفية تركية، ولها نشاط واسع في ألمانيا على وجه التحديد، وتضم عشرات المؤسسات والمئات من المراكز والمساجد وآلاف الأعضاء، ولها مؤسسات دعوية وأخرى وقفية، ولها نشاط كبير في كل من النمسا وهولندا وبلجيكا، وهذه الدول هي مركز تجمع الجالية التركية، ولها نشاطات ملحوظة أيضًا في دول أخرى كفرنسا وسويسرا والسويد وبريطانيا.

    د- جمعيات السليمانية:

    وهي جمعيات صوفية واسعة الانتشار في الدول التي تضم جاليات تركية كبيرة. وتضم عشرات المؤسسات والمئات من المساجد التي تقدم خدمات دينية كثيرة.

    هـ- جمعيات ديانات:

    وهي الأخرى جمعيات إسلامية تركية تابعة لتوجيه المؤسسات الدينية الرسمية في الحكومة التركية، وتنتشر في عدد من الدول الأوربية، ولها توجيه مركزي، غير أنها أقل تأثيرًا من الجمعيات التركية الأخرى.

    هذه الجمعيات الثلاث التي تتركز في صفوف الجالية التركية تعتبر من أكثر التجمعات الإسلامية ارتباطًا بخلفياتهم العرقية، وكثير من أعمالهم تصب في إسناد قضاياهم داخل تركيا، غير أن الأجيال الجديدة منهم بدأت في الانفتاح على بقية المسلمين وتشكيل تجمعات شبابية مشتركة، والاهتمام بواقعهم المباشر داخل المجتمع الأوربي.

    و- البعثة الإسلامية ودعوة الإسلام والملتقى الإسلامي الأوربي:

    وهذه المؤسسات تتركز بين المسلمين من خلفيات تعود إلى شبه القارة الهندية (باكستان – الهند – بنجلادش – كشمير). ويتركز نشاطها في بريطانيا، وتضم عشرات المؤسسات في بريطانيا وبعض الدول الأوربية الأخرى، وتعتبر المؤسسة الإسلامية في مدينة ماركفيلد ببريطانيا واحدة من أفضل مؤسساتها، وتعتبر مركز بحوث متقدما على الساحة البريطانية والأوربية، كما لها نشاط ملموس في عدد من دول أوربا كفرنسا وإيطاليا والسويد، وبشكل أقل في دول أوربية أخرى.

    ز- جماعات التبليغ:

    وهي تجمعات دينية واسعة الانتشار، معظمها يعود إلى خلفيات تعود إلى شبه القارة الهندية، وتضم المئات من المراكز والمساجد والمؤسسات في عدد من دول أوربا، وعلى الأخص في بريطانيا، ثم فرنسا وإيطاليا والسويد وبلجيكا وهولندا وعدد أقل في دول أوربية أخرى. ويتركز نشاطها في المجال الديني البحت، وتبتعد عن التدخل في الحياة العامة.

    وهناك مؤسسات ذات خلفيات ألبانية وبوسنوية وإيرانية وكردية، ولكن جلها لم تتبلور كمؤسسات إسلامية أوربية مركزية.

    ولكن يمكن القول: إن المؤسسات المذكورة أعلاه تمثل الثقل الأكبر من نشاط المؤسسات الإسلامية التي لها بعد أوربي. وتسعى إدارة اتحاد المنظمات الإسلامية في أوربا لإيجاد هيئة تنسيق عليا تضم المجلس الإسلامي الأوربي وجمعيات المللي جوروش والبعثة الإسلامية والمنتدى الإسلامي الأوربي إضافة لجماعات التبليغ، ونرجو أن نوفق في إيجاد مثل هذه المظلة لتساهم في تمثيل أكبر للمسلمين في أوربا.

    2- المؤسسات ذات البعد الوطني أو القُطري

    أما على المستوى القُطري فقد بدأت خلال السنوات العشر الماضية تتشكل وتتبلور مؤسسات كبرى وكثيرة، ويمكن تقسيمها إلى أربعة أقسام.

    أ- المؤسسات الرسمية:

    وهي المؤسسات التي ساهمت مؤسسات رسمية في دول عربية وإسلامية في إقامتها، ويأتي في مقدمة هذه المؤسسات المركز الإسلامي في لندن، ومسجد المركز الإسلامي في روما، والمركز الثقافي الإسلامي في جنيف، والمركز الثقافي الإسلامي في مدريد، ومراكز ومساجد أخرى. وهذه بمجموعها إضافة إلى مراكز أخرى كبيرة تدعم وتسند بقوة من قبل حكومة المملكة العربية السعودية، وتدار غالبًا من قبل مجالس أمناء يشكل معظمها السفراء العرب والمسلمون، وكما نذكر في هذا المجال المركز الإسلامي الثقافي في دبلن بإيرلندا الذي يعتبر اليوم واحدًا من أكبر وأنشط المراكز الإسلامية والعربية على الساحة الأوربية، والذي أسسته وتديره مؤسسة المكتوم الخيرية من الإمارات العربية المتحدة، كما يعتبر مسجد باريس واحدًا من أقدم المساجد الإسلامية في أوربا، وهو يدار بتوجيه من الدولة الجزائرية. إن هذه المؤسسات تؤدي خدمات دينية وثقافية متنوعة للجالية العربية والإسلامية، وتمثل بمجملها مراكز إشعاع على الساحة الأوربية، غير أن تأثيرها على جمهور المسلمين ما زال محدودًا.

    ب- المؤسسات الدعوية الإسلامية الكبرى:

    التي بدأت تتبلور من خلال عمليات تنسيقية مكثفة خلال السنوات العشر الماضية، ومن أمثلتها الواضحة المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية في فرنسا الذي يضم معظم المؤسسات الإسلامية في فرنسا، والذي انبثق من خلال انتخابات للمؤسسات الإسلامية أشرفت عليها الدولة الفرنسية ويعتبر اليوم مؤسسة رسمية.

    والمجلس الإسلامي في بريطانيا الذي يضم أكثر من 300 مؤسسة إسلامية، تشكل تمثيلا شبه رسمي للمسلمين في بريطانيا، والمجلس الإسلامي في السويد الذي يضم جل المؤسسات الإسلامية في السويد، والمجلس الإسلامي في بلجيكا وهو مجلس منتخب ويمثل رسميًا المسلمين في بلجيكا، واتحاد الجمعيات الإسلامية في سويسرا الذي أنشئ حديثًا من خلال توافق المؤسسات الإسلامية الكبرى من جل الخلفيات العرقية، والمجلس الإسلامي في ألمانيا (هناك مجلسان نرجو أن يوحدا في القريب إن شاء الله)، واتحاد الجاليات والهيئات الإسلامية في إيطاليا.

    وهذه التجمعات بدأت تتطلع إلى تمثيل رسمي، وتشجيع عملية الاندماج الإيجابي في المجتمع الأوربي والمساهمة الفاعلة في الحياة الثقافية والفكرية والسياسية في المجتمع الأوربي، ويمكن تحديد أهدافها الرئيسة بالتالي:

    - المطالبة بالاعتراف بالدين الإسلامي لما يمثله ذلك من مصالح كبرى للمسلمين في الدول الأوربية.

    - المشاركة السياسية والاجتماعية والفكرية في المجتمع الأوربي.

    - محاربة التمييز العنصري.

    - إزالة ما علق بالإسلام والمسلمين في صفوف أبناء المجتمعات الأوربية ومؤسساتها من تشويه.

    ولا شك أنه أيضا بدأ تعاون مثمر في جوانب متعددة بين هذه المؤسسات والمؤسسات الفكرية والثقافية والسياسية الشعبية والرسمية في المجتمعات الأوربية.

    ج- المؤسسات التخصصية:

    ومن أهمها :

    المؤسسات الشبابية:

    التي نشأت من أبناء الأجيال الجديدة، والتي بدأت تنتشر في جل الدول الأوربية، والتي تضم عشرات الآلاف من شباب المسلمين من الجنسين، ومنها مؤسسات الشباب المسلم في كل من بريطانيا وفرنسا وبلجيكا وإيطاليا وألمانيا ودول أخرى كبيرة، والمؤسسات الطلابية في جل الدول الأوربية الغربية منها والشرقية. وقد التقت ست وثلاثون مؤسسة شبابية في أوربا قبل سنتين لتشكل المنتدى الأوربي للمؤسسات الشبابية والطلابية، ولا شك أن هذه المؤسسات تساهم في تأطير الشباب والعمل على الموازنة بين حفاظه على هويته الإسلامية واندماج هذه الأجيال في مجتمعهم الجديد في أوربا والمساهمة في أوجه الحياة المختلفة.

    المؤسسات النسائية:

    رغم مشاركة الفتاة المسلمة اليوم في جل المؤسسات الشبابية والدعوية العامة فإن هناك حاجة إلى إنشاء مؤسسات تُعنى بالمرأة والفتاة المسلمة؛ لأننا يجب أن نعترف أن النظرة إلى المرأة في مجتمعنا الإسلامي ما زالت قاصرة، وعلى المرأة أن تخوض غمار العمل الدعوي والتخصصي لتتفهم المجتمع الجديد، وتساهم في بناء الأجيال الجديدة، ولتعمل على إزالة التشويه الذي علق بذهن المجتمع الأوربي عن موقف الإسلام منها وإزالة ذلك التشويه من نفوس المسلمين وأنفسهم.

    ومن أبرز هذه المؤسسات اليوم جمعية المرأة المسلمة في بريطانيا، ورابطة المرأة المسلمة في فرنسا، ورابطة النساء المسلمات في سويسرا، ورابطة المرأة المسلمة في السويد وغيرها.

    وقد قام اتحاد المنظمات الإسلامية في أوربا بعقد لقاء لممثلي المؤسسات النسائية في أكثر من تسعة أقطار أوربية في بروكسل ببلجيكا سنة 2001، أتبعه بلقاء آخر تم بمدينة نيوشاتيل بسويسرا حضره أكثر من ثلاثين من قيادات العمل المؤسسي النسائي من أحد عشر قطرًا أوربيا، وانبثقت عنهما لجنة عمل على الساحة الأوربية تسهم في دعم المؤسسات النسائية في كل الأقطار الأوربية وصولا إلى إقامة مؤسسة إسلامية أوربية جامعة.

    المؤسسات المهنية:

    وعلى الأخص المؤسسات الطبية؛ فهناك مؤسسات طبية على مستوى بريطانيا وفرنسا وألمانيا وجل دول أوربا الغربية، وقد شكلت بعض هذه المؤسسات جمعية الأطباء العرب ومقرها ألمانيا، إضافة إلى اتحاد الأطباء المسلمين في أوربا. وتقوم هذه المؤسسات في تأطير الأطباء العرب والمسلمين وتطوير دورهم الفاعل في المجتمع الأوربي في دعم وإسناد جاليتهم من خلال بحوثهم المتطورة، غير أن هذه المؤسسات ما زالت تحتاج إلى جهود كبرى لتؤدي دورها المنشود في خدمة المسلمين بل والمجتمع الأوربي ككل، ويمكن أن يكون لها التأثير الأكبر في التعريف بقيم الإسلام الإنسانية من خلال هذه المهنة العظيمة.

    المؤسسات التعليمية:

    بدأت المؤسسات التعليمية في الظهور خلال السنوات العشر الماضية على وجه التحديد. فمن المدارس الإسلامية والعربية التي وصل عددها في بلد كبريطانيا إلى أكثر من ستين مدرسة ابتدائية وثانوية، وهولندا إلى ثلاثين مدرسة، والسويد إلى ثلاث عشرة مدرسة، وعدد قليل منها في بلجيكا والدنمارك وألمانيا وفرنسا. وهذه المدارس تقوم بتدريس مناهج البلد الأوربي إضافة إلى اللغة العربية والتربية الإسلامية. وتقوم الدوائر الرسمية في بعض الدول الأوربية بدعم هذه المدارس ماليا كما يحدث في هولندا والسويد والدنمارك وبلجيكا، وهناك جهد للحصول على الدعم في بريطانيا (تم دعم مدرستين)، وهذه المدارس كاملة الدوام.

    وهناك الآلاف من مدارس نهاية الأسبوع التي تقوم بتدريس اللغة العربية والتربية الإسلامية، وتساهم هذه المدارس في الحفاظ على الهوية الإسلامية والعربية للأجيال الجديدة، وإن كانت ما تزال دون الحاجة الماسة الحقيقية. كما تم إدخال دراسة الدين الإسلامي واللغة العربية في العديد من المدارس الرسمية على الساحة الأوربية، وهناك جهد كبير لتوسيع ذلك.

    وإضافة إلى المدارس هناك مؤسسات تعليمية على مستوى المعاهد والجامعات وحتى مؤسسات للدراسات العليا، وهناك عدد من الكليات الإسلامية والعربية اليوم في بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وبلجيكا، وأسبانيا، وهولندا، وأوكرانيا، وروسيا. وبعض هذه المؤسسات أصبح مراكز إشعاع في تطوير عملية التواصل مع المجتمع الأوربي ومؤسساته التعليمية والفكرية.

    المؤسسات الخيرية والإغاثية:

    كان اهتمام المسلمين والمؤسسات الإسلامية بالعمل الخيري والإغاثي مبكرًا، يرجع إلى أكثر من عقدين من الزمان، خاصة أن جل أماكن النكبات والفقر والحاجة في بلاد المسلمين في إفريقيا وآسيا وحتى أوربا. وكان واجب المؤسسات الإغاثية التعريف بأحوال المسلمين ومعاناتهم، إضافة إلى الدعوة والعمل على دعمهم وإغاثتهم، وفي مقدمة هذه المؤسسات ذات البعد الأوربي بل العالمي مؤسسة الإغاثة الإسلامية ومقرها الرئيسي مدينة بيرمنجهام ببريطانيا، ولها فروع في جل الدول الأوربية، ومؤسسة العون الإسلامي ومقرها مدينة لندن ببريطانيا، وهناك مؤسسات أخرى ذات طابع قُطري؛ أي متخصصة بالدرجة الأولى بإسناد ودعم حاجة بلاد بعينها كالمؤسسات الإغاثية التي تقوم بدعم حاجات الشعب الفلسطيني الاجتماعية والثقافية وهي منتشرة في جل الدول الأوربية. وأخرى تتناول بالمقدمة حاجات الشعب العراقي الذي تردت أوضاعه خلال السنوات العشر الماضية.

    ولكن هذه المؤسسات بمجملها بدأت تتوسع في دعمها وإسنادها لتشمل جل أماكن النكبات والكوارث وأهل الحاجة من المسلمين وحتى من غير المسلمين في العالم، وبعضها بدأ يشعر بضرورة إسناد حاجة المسلمين في أوربا وإعطاء مؤسساتهم الاجتماعية والثقافية أولوية.

    مؤسسات عمالية وهندسية:

    غير أنها غير مبلورة بشكل مؤسسي قطري ظاهر ضمن حدود علمي وتحتاج إلى جهود كبيرة لتقوم بدورها الفاعل في خدمة جاليتها ومجتمعها.

    الرؤى والمنطلقات والأهداف والسياسات
    التي يمكن أن تشكل إطارا عاما للمؤسسات الإسلامية في أوربا

    يمكن القول بأن معظم ما سأذكره هنا يمثل توجهات اتحاد المنظمات الإسلامية في أوربا، ولكنني من خلال إطلالتي ومعرفتي للعديد من المؤسسات الإسلامية الأخرى يمكنني أن أقول: إن الكثير منها يشاطر اتحاد المنظمات الإسلامية في أوربا رؤيته وتوجهاته ومنطلقاته وأهدافه وسياساته.

    1- الرؤية

    الحفاظ على الوجود الإسلامي في أوربا وترسيخه وتمكينه من التعريف بالإسلام، والدعوة إلى قيمه الإنسانية والحضارية، والمساهمة الفاعلة في أوجه حياة المجتمع الأوربي المختلفة (الاجتماعية والثقافية والفكرية والاقتصادية والسياسية).

    2- المنطلقات

    الالتزام في فهم الإسلام بحدود الكتاب والسنة وما أجمعت عليه الأمة في إطار فقهي سليم يجمع بين الأصالة والحداثة، وبين المبدئية والمرونة، وبين المحافظة والتجديد.

    الإيمان بأن الإسلام منهج حياة كامل، يوجه نشاط الإنسان فردا ومجتمعا في جميع المجالات، والمؤسسات الإسلامية تتبنى هذه الشمولية وتدعو لها، مع مراعاة خصوصية الزمان والمكان في تطبيق هذا المبدأ.

    التربية بمختلف جوانبها الإيمانية والفكرية والدعوية أساس ذو أولوية في العمل الإسلامي؛ لذا يجب وضع المناهج والبرامج والوسائل المختلفة التي تساهم في تربية الأجيال وترسيخ القيم الإنسانية الحضارية في نفوسهم.

    الإيمان بأن الدعوة إلى الله تعالى بالتي هي أحسن واجب مقدس يجب العمل من أجله، وتسخير الإمكانات له، مع الالتزام بمبدأ النزاهة والصدق.

    نبذ كل وسائل العنف والإكراه، والإيمان بضرورة الحوار والتواصل مع الآخرين.

    تكريس الجهود والإمكانات من أجل الحفاظ على الوجود الإسلامي في أوربا، والعمل على تثبيته وتقويته ليقوم بدوره في الإشعاع الحضاري المطلوب.

    التشجيع والعمل على تحقيق الاندماج الإيجابي للمسلمين في المجتمعات الأوربية اندماجا يجمع بين الحفاظ على الشخصية الإسلامية من جانب، وممارسة المواطنة الصالحة من جانب آخر، خدمة للصالح العام، وتحقيقًا لمبادئ الأمن والانسجام والازدهار.

    العمل على التواصل الوثيق بين العمل الإسلامي والمؤسسات الإسلامية في العالم الإسلامي، بما يساعد على تحقيق الأهداف المشتركة. كما يشجع ويساهم في التقارب والتنسيق بين المنظمات الإسلامية العاملة.

    اعتبار المسلمين أنفسهم في أوربا جزءًا من الأمة المسلمة، يتبنون قضاياها العادلة، ويدافعون عن حقوقها بحكمة واعتدال، مع مراعاة قاعدة الأولويات والتوفيق بين المصالح.

    العمل على أن يكون المسلمون في أوربا جسر التواصل بين أوربا والعالم الإسلامي، تواصلاً يحقق المصالح المشتركة والتعاون الإيجابي.


    3- الأهداف

    التعريف بالقيم الإسلامية وبلورة الثقافة الإسلامية وفقًا لمقتضيات العصر، وخصوصيات الواقع الأوربي.

    مساعدة المسلمين في أوربا على ممارسة واجباتهم والحفاظ على هويتهم الثقافية ورعاية شئونهم الاجتماعية.

    تشجيع وإقامة المؤسسات المختلفة من مساجد ومدارس ومعاهد تعليمية وأندية ثقافية واجتماعية ورياضية ومهنية وغيرها.

    الارتقاء بالمؤسسات الإسلامية وتنمية خبراتها وتدعيم التنسيق والتعاون بينها.

    الاهتمام بالأجيال الجديدة من المسلمين وتهيئة الفرص لهم لتعلم الدين الإسلامي واللغة العربية ومساعدتهم على التفوق المهني.

    العمل على تحقيق حضور المسلمين في المجتمع الأوربي وتمثيلهم في المؤسسات الأوربية.

    السعي للاعتراف بالدين الإسلامي في الدول الأوربية بما يعزز الهوية الأوربية للمسلمين.

    توسيع الحوار الثقافي والحضاري بين المسلمين وأصحاب الأديان والعقائد والأفكار الأخرى، والعمل على التفاعل معها، وصولاً إلى توطيد السلام الاجتماعي في المجتمع الأوربي.

    التواصل مع المسلمين في العالم وتعزيز التعاون بين أوربا والعالم العربي والإسلامي.

    مد جسور التعارف والتعاون مع المؤسسات والهيئات العربية والإسلامية على الصعيد الأوربي الرسمي والشعبي وعلى المستوى العالمي في إطار المصالح المشتركة.

    المساهمة في الجهود الرامية لحماية الحريات والدفاع عن حقوق الإنسان وكرامته ونبذ كافة أشكال التمييز العنصري.

    4- السياسات

    أهم السياسات التي يمكن أن تكون توجهات عامة لمؤسساتنا الإسلامية:

    اعتبار المصلحة العليا للمسلمين فوق المصالح القطرية والحزبية والمذهبية وغيرها.

    الحرص على التعاون والتقارب بين المؤسسات الإسلامية الفاعلة على الساحة الأوربية فيما يتفق عليه من أهداف، والعمل على إيجاد علاقات تعارف وتنسيق مع كافة العاملين في الحقل الإسلامي مع تجنب أي صدام.

    الانفتاح على المجتمع والبيئة وتكوين علاقات تعاون مع مختلف الجهات التي تخدم مصالح المسلمين، ودعم الحوار بين مختلف الأديان والأفكار في المجتمع الأوربي، خاصة الحوار الإسلامي المسيحي.

    التزام الاعتدال والواقعية في معالجة قضايا المسلمين في أوربا، وفي اتخاذ المواقف من قضاياهم خارج أوربا.

    العمل ضمن الأطر القانونية والحرص على الاستفادة مما تتيحه القوانين من إمكانات.

    تقديم القيام بواجبات المواطنة في المجتمع على المطالبة بالحقوق.

    اعتماد مبدأ التخطيط في كل الأعمال مع تقييم دوري ومتواصل لما تقوم به من أنشطة وإنجازات وما تقوم به من اتصالات واتفاقات لضمان التسديد والإصلاح.

    أهم المشاكل والمعوقات التي تواجه المسلمين والمؤسسات الإسلامية

    - التمييز العنصري والديني

    الذي ينتشر بين بعض شرائح المجتمعات الأوربية مع تباين بين الدول والمجتمعات هذه، وأثره على عدم استقرار الجالية وخوفها من المستقبل، وتأثير ذلك أيضًا على واقع حياتها الاقتصادية من خلال تمييز عنصري في الحصول على فرص العمل المتاحة (لا شك أن التمييز العنصري والديني أمر غير قانوني في المجتمعات الأوربية إلا أنه يحدث أحيانا) إضافة إلى الأثر الاجتماعي والسياسي.

    2- ضعف التواصل بين الأجيال

    وأثر الجهل وضعف المستوى الثقافي والحضاري لجيل الآباء وعدم قدرة الكثيرين منهم على توريث الهوية والقيم الإسلامية لأجيالهم الجديدة.

    3- تأثير آفات المجتمع الأوربي المادية على المسلمين في أوربا

    وخاصة على أجيالنا الجديدة (التفكك العائلي - الانحلال الجنسي – المخدرات-...).

    4- الانعكاسات السلبية للخلافات العرقية والحركية والمذهبية للمسلمين في أوربا

    والتي انتقلت إلينا من بلاد المشرق الإسلامي والتي ساهمت وما زالت تساهم في عرقلة القيام بدور ريادي متكامل للعمل الإسلامي والمؤسسات الإسلامية في أوربا.

    5- وجود مجموعات وأفراد ممن يحملون توجهات وأفكارًا متشددة

    والبعض منها يمكن وصفها بالمتطرفة تسيء إلى الإسلام والمسلمين في أوربا بل وكل العالم من خلال أطروحات تدعو إلى معاداة المجتمع الأوربي بل محاربته، ومما يزيد في أثرها السلبي إبراز الإعلام لها وبالأخص الإعلام العربي والإسلامي رغم أنها لا تمثل إلا شريحة صغيرة من المسلمين والمؤسسات الإسلامية في أوربا.

    6- ضعف وغياب العمل المؤسسي

    وذلك في الكثير من المؤسسات الإسلامية الذي يؤدي بدوره إلى كثير من المشاكل المالية والإدارية والتي يكون لها انعكاس سلبي على ثقة المسلمين بها ومن ثم تساهم في ضعف العمل الإسلامي بل بث الفرقة بين المسلمين في المؤسسة الواحدة والمؤسسات المختلفة.

    7- غياب المثل الذي يحمل قيم الإسلام الإنسانية والحضارية في بلادنا الإسلامية

    مما يؤثر سلبا على واقع المسلمين في أوربا وعلاقتهم بمجتمعهم الأوربي.

    أحسب أن النقاط السبع أعلاه تمثل المعوقات والمشاكل الأساسية التي تواجه الجالية والأجيال الجديدة على وجه الخصوص وتحتاج من العاملين أفرادًا ومؤسسات إلى مزيد من الاهتمام للتقليل من أثرها إن شاء الله.

    الآمال وتوجهات المستقبل


    لا شك أن الكثير من آمال المسلمين تقع في صلب أهداف المؤسسات الإسلامية التي سبق أن ذكرناها، ولكن يمكننا هنا التركيز على المحاور الخمس التالية التي هي موضع الاهتمام الأكبر، وتحقيق تقدم فيها يساهم في إيجاد مكانة متميزة للإسلام والمسلمين في أوربا:

    1- تطوير المؤسسات الدينية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والمهنية القائمة اليوم والارتقاء بها لتكون مراكز إشعاع حقيقية ترسخ القيم الإسلامية الإنسانية الحضارية في نفوس أبناء المسلمين، كما تبصرهم بواجباتهم تجاه مجتمع يعيشون فيه، ويجب أن يستشعر خدماتهم ومساهماتهم في بناء أمنه ومستقبله.

    2- التركيز على عنصري المرأة والشباب؛ لأن المرأة هي بانية الأجيال والمساهمة الفاعلة في مستقبله؛ وذلك من خلال مشاركتها الفاعلة في كل جوانب العمل الاجتماعي والثقافي والسياسي. وكذلك العناية بالشباب من خلال بناء مؤسسات اجتماعية وثقافية وبذل جهد متواصل من أجل عملية اندماجهم في المجتمع الأوربي من خلال موازنة دقيقة بين الحفاظ على الهوية والقيم الإسلامية والمشاركة الفاعلة في أوجه حياة المجتمع الأوربي بكل جوانبها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية.

    3- الوصول إلى اعتراف رسمي أوربي بالدين الإسلامي ينسحب على كل دول الاتحاد الأوربي (الخمس والعشرين) وذلك يتطلب جهودا كبيرة ومتواصلة، وسيمثل ذلك الاعتراف إنجازا عظيما يساهم في تجاوز الكثير من العقبات في حياة طبيعية للمسلمين في أوربا.

    4- تواصل استقرار الحوار الإسلامي مع الأديان الأخرى في المجتمع الأوربي (وخاصة الحوار الإسلامي المسيحي) والتعريف بالإسلام وقيمه؛ ترسيخا للقواسم المشتركة بين أبناء المجتمع الواحد وتعاونا بينهم من أجل درء القيم الهابطة التي تنخر في أوصال المجتمع (كالتفكك العائلي والانحلال الجنسي- والمخدرات)، وخاصة عند الأجيال القادمة.

    5- تحويل حال العداء والخوف والترقب بين أوربا والعالم العربي والإسلامي إلى وضع يسوده الأمن والسلام والتواصل وتبادل المنافع، وصولاً إلى سنْد لقضايا العرب والمسلمين العادلة إن شاء الله. ولا شك أن ذلك يحتاج إلى عمل دءوب ومتواصل وصبر على كل الصعوبات التي تقف في طريق هذا الأمل المنشود.

    هذه جملة محاور ونقاط أحببت أن أجعلها بين أيديكم لعلها تعطي فكرة ولو موجزة عن الإسلام والمسلمين في أوربا، راجيا أن أكون قد وفقت لذلك، داعيا الله عز وجل السداد في الخطى والتوفيق في المسعى والغنيمة من كل بر وخير.

    "ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب"


    عجبنى الموضوع ده فلت انقله ليكم وياريت يعجبكم

     
  2. #2
    امال has a spectacular aura about امال has a spectacular aura about امال has a spectacular aura about الصورة الرمزية امال
    تاريخ التسجيل
    16 / 08 / 2005
    الدولة
    مصر__المنصوره
    العمر
    37
    المشاركات
    12,544
    معدل تقييم المستوى
    12794

    افتراضي الإسلام والمسلمون والعمل الإسلامي في أوربا

    الإسلام والمسلمون والعمل الإسلامي في أوربا



    ليست هذه الورقة نتيجة بحث أكاديمي، وإنما نتاج معايشة يومية للعمل الإسلامي على الساحة الأوربية خلال ربع قرن من الزمان، وإن كان الإنسان لا يستغني عن الكتب والدراسات والبحوث يستقي منها ويتعرف من خلالها على الكثير.

    ولا أزعم أني أحيط في هذه الورقة بكل جوانب العمل الإسلامي، فهذا العمل أصبح من الاتساع والانتشار ما يحتاج معه إلى كتب ومقالات وبحوث ودراسات، أرجو أن يوفق الاتحاد في القريب إلى إصدار بعضها بعنوان اسمه "الإسلام والمسلمون في أوربا"، تأخذ كل قطر أوربي منفردا وبشيء من التفصيل.

    ولا شك أن هذه الورقة ستكون متأثرة بموقعي في رئاسة اتحاد المنظمات الإسلامية في أوربا ونشاطي فيه، ولا ريب أنها ستتأثر بتوجهاته وسياساته وعمل مؤسساته على الساحة الأوربية.

    وعلى كل حال فسأبذل جهدي أن أتناول بعض جوانب العمل من دون الدخول في تفاصيل لا تسعها هذه الورقة، وذلك من خلال المحاور التالية:

    نبذة تاريخية عن هجرة المسلمين إلى أوربا

    إحصاءات عن أعداد المسلمين والعرب في أوربا

    شرائح الجالية المسلمة في أوربا الغربية

    المؤسسات الإسلامية على الساحة الأوربية

    الرؤى والمنطلقات والأهداف والسياسات للمؤسسات الإسلامية في أوربا
    أهم المشاكل والمعوقات التي تواجه المسلمين والمؤسسات الإسلامية

    الآمال وتوجهات المستقبل

    نبذة تاريخية عن هجرة المسلمين إلى أوربا

    أ- أوربا الغربية

    إن تاريخ هجرة المسلمين إلى أوربا يتفاوت من قطر أوربي إلى آخر، والبعض يرجعه إلى قرون خلت، وهذا ما يحتاج إلى بحث دقيق لا أحسب أن هذه الورقة تستوعبه، غير أنه يمكن القول بأن جذور الهجرة الحديثة المعتبرة التي هي أساس الوجود الإسلامي الحاضر في أوربا الغربية يمكن إرجاع بداياتها إلى منتصف القرن التاسع عشر، عندما وقعت بعض البلدان العربية والإسلامية ضمن دائرة الاستعمار الأوربي. وأوضحُ مثال على ذلك الاستعمار الفرنسي للجزائر وللكثير من بلدان الشمال الأفريقي بعدها، واستعمار بريطانيا لشبه القارة الهندية، ومن ثم لجُل بلدان المشرق العربي والإسلامي.

    نقول: إن الهجرات الأولى بدأت في ذلك التاريخ بشكل بسيط ومتقطع، وكانت إما للخدمة في جيوش الاحتلال أو للعمل في المصانع الأوربية، وربما القليل منهم تطلعا لعالم أفضل، وبقي اتساع الهجرة ونموها محدودًا حتى بلغ عشرات الآلاف مع نهاية الحرب العالمية الأولى.

    أما الهجرات الكبرى في العصر الحديث فكانت بُعيد الحرب العالمية الثانية. ومع حاجة أوربا إلى الأيدي العاملة لسد النقص الشديد الذي خلفه مقتل ما يزيد عن ستين مليونا من البشر في تلك الحرب؛ فقد قام أرباب العمل ببذل جهودٍ متواصلة لاستقدام أعداد كبيرة من دول العالم الثالث وفي مقدمتهم العرب والمسلمون؛ ومن ثم كانت تلك الهجرات الكثيفة التي تركزت في:

    - فرنسا ومن أبناء الشمال الأفريقي والأفريقي العربي على وجه التحديد، وكذلك من المستعمرات الفرنسية في أفريقيا السوداء.

    - بريطانيا من أبناء شبه القارة الهندية (الهند - باكستان - بنجلاديش - كشمير) وأعداد من أبناء جنوب الجزيرة العربية -وعلى الأخص اليمن الجنوبي وعمان- إضافة إلى أعداد أخرى، ولكنها أقل من بقية المستعمرات.

    - ألمانيا من الأتراك الذين كانت لهم علاقات مميزة بألمانيا حتى قبل الحرب العالمية الأولى.

    كما هاجرت أعداد أقل إلى دول أوربا الغربية الأخرى (إيطاليا - هولندا - بلجيكا - أسبانيا...)، ومن بلدان عربية وإسلامية غير التي ذكرناها.

    واستمرت تلك الهجرات التي كان هدف أصحابها الأساسي في بداية الأمر العمل لفترات مؤقتة لتحسين أوضاعهم المعيشية، ثم الرجوع إلى الوطن الأصلي، خاصة أن جل المهاجرين لم يصحبوا عائلاتهم معهم في البداية.

    أقول: استمرت تلك الهجرات وتطورت لتشمل أعدادا كبيرة من الطلبة الدارسين من معظم الأقطار العربية والإسلامية، إضافة إلى أعداد غير قليلة من القدرات والكفاءات العلمية التي غادرت البلاد هربًا من الأوضاع السياسية المتقلبة والمتوترة التي سادت جل البلاد العربية والإسلامية منذ بداية الستينيات وحتى يومنا هذا.

    كما ساهمت حرب الخليج الأولى والثانية والحروب الأهلية في الصومال والحرب في البوسنة والهرسك والأوضاع المتردية في العراق في هجرة أعداد كبيرة أخرى إلى أوربا الغربية وبالذات إلى بريطانيا ودول أسكندنافيا ودول البنلكس (هولندا - بلجيكا) وسويسرا، إضافة إلى الدول الأوربية المذكورة أعلاه.

    ومع تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلدان العربية والإسلامية زهدت الغالبية العظمى من العرب والمسلمين في أوربا في الرجوع إلى بلدانهم، وآثرت الاستقرار خاصة بعد التئام شمل العائلات؛ ومن ثم نشوء أجيال جديدة ولدت وترعرعت وتشربت ثقافة المجتمع الأوربي، وعليه فقد استقرت الغالبية العظمى من أبناء المسلمين بل اتسع وجودها ليشمل معظم الدول الأوربية إن لم يكن جميعها، حتى لم تعد هناك مدينة كبيرة ولا صغيرة لا تضم أعدادا من المهاجرين الجدد.

    ب- أوربا الشرقية ودول البلقان

    الحديث عن المسلمين في أوربا الشرقية والبلقان لا شك أنه مختلف؛ إذ إن الغالبية الساحقة من المسلمين هم أبناء البلاد الأصليين الذين اعتنقوا الإسلام منذ قرون طويلة ترجع إلى ما قبل دخول الأتراك العثمانيين، وإن كانت الغالبية منهم قد استقر بها المقام مع وجود العثمانيين لمدة تزيد عن 5 قرون في جل بلدان أوربا الشرقية والبلقان، ولقد واجه هؤلاء المسلمون ظروفا بالغة الصعوبة خلال الحروب المتواصلة بين العثمانيين وأوربا وروسيا، وكذلك بعد انحسار قوة الدولة العثمانية. ولقد بلغت تلك الظروف مداها بعد دخول دول أوربا الشرقية والبلقان تحت الحكم الشيوعي؛ وهو ما أجبر بعضهم على الهجرة إلى البلاد الإسلامية وتركيا على وجه التحديد، وربما إلى بعض بلدان أوربا الغربية، هذا إضافة إلى ما يمكن اعتباره نوعا من الإبادة الجماعية التي حلت ببعض مسلمي الاتحاد السوفيتي سابقا.

    كما أن هناك هجرات للعرب والمسلمين خلال العقود الماضية -وبعد الحرب العالمية الثانية على وجه التحديد- إلى الاتحاد السوفيتي سابقا من خلال العديد من الطلبة الدارسين، وازدادت إلى جل دول أوربا الشرقية خلال العقود الثلاث الماضية، ونتيجة لنفس ظروف البلاد العربية والإسلامية الاقتصادية والسياسية التي ذكرنا استقر عدد غير قليل من هؤلاء في تلك البلدان، خاصة أولئك الذين تزوجوا من تلك البلاد إضافة إلى أعداد كبيرة من ذوي الاتجاهات اليسارية الذين لم يجدوا في ظروف بلادهم الأصلية مناسبة للرجوع.

    واليوم ومع سقوط الشيوعية توجه جل أولئك للاستقرار والعمل. ويرجع جل العرب والمسلمين الذين يربو عددهم على 400.000 إلى البلاد العربية (العراق – اليمن – السودان – الجزائر – سوريا - مصر) وأعداد قليلة من بلدان إسلامية أخرى وفي مقدمتها إندونيسيا ودول شبه القارة الهندية.
    شرائح الجالية المسلمة في أوربا الغربية

    لقد تطورت أحوال الجالية المسلمة في أوربا مع ازدياد أعداد المسلمين وانتشارهم في جل الأقطار الأوربية، وبروز الجيل الثاني والثالث بل والرابع في بعض الأقطار التي هاجر إليها المسلمون في وقت مبكر، وقد بات الاتجاه السائد في صفوف المسلمين هو الاستقرار.

    ولا شك أن مطلوبات الاستقرار غير مطلوبات الإقامة المؤقتة، وشعور المسلمين بأنهم جزء لا يتجزأ من مجتمع أوربي متعدد الأعراق والأديان غير شعورهم بأنهم جسم غريب يبغي الارتحال كل يوم، ويمكن القول بأن الغالبية العظمى من المسلمين في أوربا قد استقر بهم المقام، وبدأت أجيالهم الجديدة على وجه الخصوص تستشعر أن أوربا وطنهم.

    ويمكنني تقسيم الجالية المسلمة في أوربا اليوم إلى أربع شرائح، لكل شريحة وضعها وتوجهاتها وآمالها التي تتداخل أحيانا وتتباين أحيانا أخرى.

    أ-الشريحة الأولى: شريحة العمال:

    كانت وما زالت هذه الشريحة تمثل العدد الأكبر من المسلمين في أوربا؛ إذ رغم القيود الكثيرة التي تضعها المجموعة الأوربية في وجه الهجرات الجديدة وفي وجه اللجوء السياسي؛ فما زال عدد غير قليل من المسلمين ومن دول كثيرة يخاطرون بأنفسهم من أجل الوصول إلى دول أوربا، كل ذلك نتيجة للأوضاع الاقتصادية والسياسية غير المستقرة في كثير من الدول الإسلامية.

    غير أنه يمكن القول: إنه مع مرور الوقت -ربما خلال عقدين من الزمان- فستصبح هذه الشريحة في مرتبة متأخرة مقارنة بشريحة الأجيال الجديدة من المسلمين.

    ويمكن وصف هذه الشريحة بإيجاز بالأمور التالية:

    1. ضعف المستوى الثقافي للغالبية العظمى منها عكس ضعف قدرتهم على التأثير الإيجابي في أبنائهم أو توريث قيمهم ومثلهم وعاداتهم.

    2. الانحياز نحو العزلة لضعف شديد في لغة القوم وتباين في القيم والطباع والعادات؛ وهو ما ساهم في ترسيخ الجهل في المجتمع الجديد، ومن ثم ضعف القدرة على التأثير فيه.

    3. حرص الغالبية منهم في الحفاظ على التزامهم العام بالإسلام كدين مختلط بعادات وتقاليد وأعراف لا علاقة لبعضها بالدين.

    4. ساهمت هذه الشريحة في بناء عدد غير قليل من الزوايا والمساجد في مناطق سكنهم المعزولة غالبا، والتي كانت ملجأً لهم ومساعدا للحفاظ على ارتباطهم بدينهم.

    5. رغم هذا الحرص في الانتماء إلى الإسلام كدين فإن الانحياز العرقي وأحيانا المذهبي لأبناء الخلفية العرقية الواحدة هو الأبلغ تأثيرا، وذلك نتاج جهل بالإسلام وقيمه ومثله العليا.

    6. ما زال هناك ارتباط عاطفي للغالبية من هذه الشريحة بأقطارهم الأم التي هاجروا منها، وهذا واضح لدى هذه الشريحة من أبناء الخلفيتين التركية والمغربية على وجه التحديد، ورغبة البعض منهم في الرجوع عند تحسن أوضاعهم الاقتصادية.

    ب- الشريحة الثانية: شريحة الكفاءات العلمية والاقتصادية والطلبة الدارسين:

    هذه الشريحة كانت هجرتها الواسعة إلى أوربا متأخرة عن الشريحة الأولى، وبدأ أثرها في محيط الجالية المسلمة يظهر قبل أربعة عقود. وكانت صاحبة الفضل في إنشاء الاتحادات الطلابية أولا، ثم المراكز الإسلامية المتقدمة، والمؤسسات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية. واستقر الكثير منها نتيجة للأوضاع السياسية والاقتصادية المتردية التي لم تغرها بالرجوع إلى بلادها الأصلية، ويزيد عدد الأطباء المسلمين مثلا الذين لا يمثلون إلا جزءا يسيرا من هذه الشريحة عن 39000 طبيب في أوربا الغربية وحدها، إضافة لعشرات الآلاف من المهندسين والآلاف من رجال الأعمال.

    ويمكن وصف هذه الشريحة بالأمور التالية:

    1. تتمتع بمستوى ثقافي مرتفع ساهم في تأثيرها الإيجابي في الأجيال الجديدة، ويمكن القول بأنها صاحبة الفضل في توريث الإسلام وقيمه بل والمساهمة في إنشاء المؤسسات الشبابية الجديدة.

    2. ساهمت في بناء جل المؤسسات الكبرى (طلابية – ثقافية – اجتماعية – اقتصادية – مهنية – إغاثية) التي أصبح بعضها اليوم منارات إشعاع في أوربا.

    3. تأثير العادات والتقاليد في فهمهم لقيم الإسلام أقل بكثير من الشريحة الأولى، وحتى تأثير الخلفيات العرقية والمذهبية أقل أيضا، إلا أن هناك اختلافات حركية كان لها انعكاس سلبي على هذه الشريحة، ساهم في تقليص أثرها الإيجابي على أبناء المسلمين بشكل خاص، وعلى المجتمع الأوربي بشكل عام.

    4. تفهُّم الكثير منهم لطبيعة وجودهم في المجتمع الأوربي وضرورة التواصل معه، ومساهمة الكثيرين منهم اليوم في جوانب الحياة المختلفة للمجتمع الأوربي، وربما تبوأ بعضهم مواقع متقدمة فيه (مواقع علمية وأكاديمية وحتى سياسية، وخاصة المساهمة في إدارات الكثير من البلديات).

    5. تفهم الغالبية منهم لضرورة الموازنة بين محافظة الأجيال الجديدة على هويتها الإسلامية واندماجها في المجتمع الأوربي، وأن ذلك الاندماج أصبح ضرورة لا بد منها، وأن حماية الأجيال الجديدة لا تأتي من خلال عزلتهم عن مجتمعهم الأوربي.

    6. هناك نسبة من هذه الشريحة تأثروا ببعض قيم المجتمع الأوربي المادية؛ فتراهم بعيدين عن التزامهم بقيم الإسلام ومفاهيمه، وهؤلاء لا شك غير قادرين على توريث قيم الإسلام لأبنائهم، وإن كان بعضهم يرغب ويجتهد من أجل ذلك بالاستعانة بالمؤسسات الإسلامية.

    7. هناك جزء من هذه الشريحة -أحسبه قليلا- يرفض التواصل مع المجتمع الأوربي، ويحمل أفكارا وآراء متشددة، ويمكن أن نقول: إن بعضها يتعدى حالة التشدد إلى التطرف، وانعكاس هذه الأفكار سلبي بل سيئ على المسلمين في أوربا، ويساهم في تشويه صورة الإسلام الناصعة بين أبناء المجتمع الأوربي. ورغم قلة هذه الفئة فإن صوتها مرتفع، وتجد رغبة من الإعلام الغربي والعربي لإظهارها.

    ج- الشريحة الثالثة: شريحة الأجيال الجديدة:

    وهي الأجيال التي ولدت وترعرعت وتشربت الثقافة الأوربية والتي أصبحت تمثل الشريحة الثانية في عددها، وتكاد في القريب أن تكون الأكثر التي تمثل مستقبل الإسلام والمسلمين في أوربا، ويحمل اليوم الغالبية العظمى منهم جنسية البلاد الأوربية، ويستشعر الكثير منهم أنهم أوربيون وطنا ومسلمون دينا، وأحسب أن من يفكر منهم في الهجرة إلى بلاد آبائهم قليل ونادر.

    ويمكن وصف هذه الشريحة بالأمور التالية:

    1. وجود أعداد غير قليلة منها استطاعت الحفاظ على قيمها الإسلامية مع أخذها الكثير من قيم المجتمع الأوربي دون الشعور بالتعارض والتناقض (قيم العدل والحرية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون...)، وجل هؤلاء ممن انتظم في المؤسسات الشبابية التي بدأت تنتشر في معظم البلدان الأوربية (هناك عشرات المؤسسات الشبابية في الأقطار الأوربية، منها أكثر من 40 مؤسسة شبابية كبرى على المستوى الوطني تنتظم في المنتدى الأوربي للشباب والطلاب الذي ساهم اتحاد المنظمات الإسلامية في أوربا في إنشائه).

    2. شعور الكثيرين من هذه الشريحة بأن هذا المجتمع أصبح مجتمعهم الذي لا بديل لهم عنه، وقد بدءوا يتعاملون مع المجتمع الأوربي على هذا الأساس؛ مساهمة في أوجه حياته المختلفة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية.

    3. وجود عدد غير قليل بعيدا عن دينه، أثرت فيه آفات المجتمع الأوربي كالمخدرات والانحلال الخلقي، غير أن من انسلخوا من دينهم أو تركوه كانوا قليلين.

    4. وجود شريحة -نحسبها صغيرة- تحمل أفكارا دخيلة على قيم الإسلام الإنسانية، طابعها التشدد والتحامل على كل ما هو غربي دون نظر أو تمحيص، وذلك نتاج تربية لبعض القوى الوافدة من المشرق الإسلامي، زاد في حدتها تلك الحملات المغرضة على الإسلام في الإعلام الغربي، إضافة إلى بعض الأحداث داخل البلدان الإسلامية (فلسطين - الجزائر – البوسنة - العراق...) وموقف الغرب منها.

    5. انعكاس الخلافات العرقية والمذهبية وحتى الحركية على هذه الشريحة أقل بكثير من تأثيرها على الشريحتين الأولى والثانية، وبات ذلك واضحا في انخراط الكثير من أبناء المسلمين من الأجيال الجديدة في مؤسسات واحدة رغم انتماء آبائهم لخلفيات عرقية ومذهبية مختلفة.

    6. يمكن القول بأن هذه الشريحة وشريحة المسلمين من أصل أوربي ستتقاربان بل ستصبحان شريحة واحدة خلال جيلين أو ربما جيل واحد.

    هـ- الشريحة الرابعة: المسلمون من أصل أوربي:

    وهؤلاء هم الذين اعتنقوا الإسلام إما تأثرا بقيمه ومثله، أو من خلال دراساتهم الأكاديمية، أو الشخصية، أو من خلال اختلاطهم ببعض العاملين في الحقل الإسلامي، أو عن طريق الزواج والمصاهرة. وأحسب أن أعدادهم في أوربا الغربية لا يزيد عن نصف مليون، ويتركزون في فرنسا وألمانيا وبريطانيا على التوالي.

    ولا شك أن لهم توجهات متباينة ومختلفة، وليس من اليسير تحديد مواصفات خاصة بهم، وإن كان البعض منهم متأثرا إلى حد بعيد بالطرق الصوفية وتوجهاتها. واليوم، كثير منهم بدأ باستشعار ضرورة التوافق بين انتمائهم إلى الإسلام وارتباطهم ببلدهم الأوربي، وأن تحولهم إلى الإسلام لا يعني انسلاخهم من مجتمعهم.

    وقد بذل قسم الدعوة والتعريف بالإسلام في اتحاد المنظمات الإسلامية في أوربا جهدا في تجميع الكثير منهم في عمل مؤسسي يركز على واجبهم تجاه مجتمعهم الأوربي في التعريف بالإسلام وقيمه الإنسانية، إضافة إلى العمل الجاد على إشعار المجتمع الأوربي أنهم ما زالوا جزءا منه، وأنهم حريصون على أمنه واستقراره وتطوره وتقدمه.

    ومما لا شك فيه أن الوقوف على وصف تفصيلي لأحوال الجالية الإسلامية في أوربا يحتاج منا إلى تفصيل يتطلب كتبا ومقالات، لكني وددت من خلال شرائحها أن أضع أمامكم وصفا مجملا وموجزا.

    وفي نهاية هذا الموجز يمكنني أن أقول: إن جل أبناء الجالية اليوم يرنو إلى الاستقرار، ويميل إلى التجانس والتآلف مع المجتمع الذي يعيش فيه؛ لأنه أدرك أن هذا المجتمع مجتمعه، ولا بديل له عنه، رغم كل العوائق المتمثلة في كثرة البطالة في صفوفهم، وانحياز شرائح من المجتمع الأوربي ضدهم، ووجود بعض العناصر المتشددة بين أبنائهم، إضافة إلى انعكاس بعض الخلافات العرقية والمذهبية والحركية التي وردت معهم من المشرق الإسلامي

    المؤسسات الإسلامية على الساحة الأوربية

    توسعت المؤسسات الإسلامية وانتشرت في معظم دول أوربا الغربية منها والشرقية وتعددت وتنوعت؛ فمن المساجد والمراكز والمنظمات الإسلامية والعربية إلى المؤسسات التعليمية والاجتماعية والمهنية (التخصصية)، إلى الاتحادات الطلابية والمؤسسات الشبابية والنسائية؛ بحيث يمكن القول: إن هناك ما لا يقل عن 7000 مسجد ومركز ومؤسسة على ساحة أوربا الغربية وحدها. وسنكتفي في هذه الورقة بذكر المؤسسات ذات البعد القُطري الأوربي، وكبرى المؤسسات التي لها دور وأثر واضح في حياة المسلمين والمجتمع الأوربي، مع الإشارة إلى وجود مراكز ومؤسسات عديدة أخرى لا يتسع المقام لذكرها في هذه الورقة. ويمكن تقسيم هذه المؤسسات إلى ثلاثة أقسام:

    1- المؤسسات ذات البعد الأوربي (مؤسسات أوربية مركزية):

    أ- اتحاد المنظمات الإسلامية في أوربا:

    1. المعهد الأوربي للعلوم الإنسانية:

    وهو مؤسسة تعليمية وله فروع ثلاثة في فرنسا وفي بريطانيا، ويضم ثلاث مؤسسات: معهد اللغة العربية، ومعهد تحفيظ القرآن، والكلية الأوربية للدراسات الإسلامية، ويضم اليوم ما يقارب 500 طالب بدوام كامل، ومثل هذا العدد ذلك يدرسون بالانتساب والمراسلة. وهدف المعهد الأساسي تخريج جيل من المسلمين في أوربا من الجنسين يحملون العلم الشرعي والمعرفة بواقع الحياة في المجتمع الأوربي، ويقومون مستقبلا بإدارة المراكز وإمامة المساجد الإسلامية في أوربا، إضافة إلى هدف آخر هو الارتقاء بالمعلومات الشرعية لمديري وأئمة المساجد والمراكز الإسلامية الحالية من الدارسين بالانتساب، وسوف يتم فتح فروع أخرى في القريب إن شاء الله.

    2. المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث:

    وهو مؤسسة علمية تمثل مرجعية دينية للمسلمين في أوربا، ويضم أكثر من ثلاثين من أهل العلم في مختلف دول أوربا ومن مختلف الأعراق والمذاهب ومن علماء أجلاء أفاضل من خارج أوربا ممن لهم إطلالة ومعرفة بواقع المجتمع الأوربي والغربي عموما، ويرأس المجلس فضيلة الشيخ د.يوسف القرضاوي حفظه الله، وقد عقد المجلس خلال السنوات الخمس الماضية إحدى عشرة دورة، أصدر فيها العشرات من الفتاوى التي تهم المسلمين في أوربا والغرب عموما، وصدرت تلك الفتاوى بالعديد من اللغات الأوربية إضافة إلى اللغة العربية، كما أصدر المجلس ثلاثة مجلدات تضم كل الأوراق التي تقدم بها الشيوخ الأفاضل والتي صدرت الفتوى على أساسها، ومقر المجلس الرئيسي اليوم في مدينة دبلن بأيرلندا.

    3. المنتدى الإسلامي الأوربي للشباب والطلاب:

    وهو مؤسسة تضم اليوم أكثر من 40 مؤسسة شبابية وطلابية قُطرية على الساحة الأوربية، وهو عضو في الاتحاد الأوربي، ومقرها الأساسي في مدينة بروكسل، وتقوم بمناشط كثيرة في صفوف الجيل الجديد؛ في مقدمتها إقامة العديد من الدورات والندوات والمخيمات التي تعمل على إعداد قيادات المستقبل من الجنسين، إضافة إلى مناشطها في التواصل مع المؤسسات الشبابية للأديان والأفكار الأخرى.

    4. الوقف الأوربي:

    وهو مؤسسة وقفية خيرية واستثمارية تعمل لتأمين الدعم المالي للمؤسسات الإسلامية في أوربا، ومقرها بمدينة بيرمنجهام ببريطانيا؛ وهو ما ساهم في استقرارها ونموها وتطورها، إضافة إلى دعم وإسناد حاجات المسلمين في جوانب الحياة المختلفة وخاصة الاجتماعية والتعليمية.

    5. رابطة المدرس الإسلامية:

    وهي مؤسسة تعليمية تربوية انبثقت من لقاء لممثلي المدارس الإسلامية في ستة أقطار أوربية (بريطانيا، هولندا، السويد، الدنمارك، ألمانيا، بلجيكا)، وعقدت العديد من الندوات والمؤتمرات، حضرها الكثيرون من المهتمين بالشأن التعليمي في أوربا، وكانت موضعًا للتنسيق والتعاون والتكامل بينهم، ومقرها اليوم في مدينة أستوكهولم بالسويد.

    6. رابطة الإعلاميين في أوربا:

    وهي مؤسسة أوربية إعلامية ثقافية ونقابية تعمل للارتقاء بالواقع الإعلامي والثقافي للمسلمين في أوربا، وتعمل على تشجيع التبادل الإعلامي والثقافي والفكري مع المؤسسات الإعلامية الأوربية الأخرى، كما تقوم بالتنسيق والتواصل بين الجمعيات والفعاليات الإعلامية والثقافية الإسلامية على الساحة الأوربية، إضافة إلى وضعها الخطط لإقامة مشاريع إعلامية بناءة مكتوبة ومسموعة ومرئية، ومقرها اليوم في مدينة فيينا بالنمسا.

    وقد قررت إدارة اتحاد المنظمات الإسلامية إقامة خمس مؤسسات مركزية أوربية أخرى خلال دورتها الحالية، ونرجو بتوفيق من الله وفضله أن ترى هذه المؤسسات النور خلال العام المقبل.

    7. الرابطة الأوربية للأئمة والدعاة.

    8. الرابطة الأوربية للمرأة المسلمة.

    9. الهيئة الأوربية للقرآن الكريم.

    10. الرابطة الأوربية للمسلمين الجدد.

    11. الهيئة الحقوقية الأوربية.

    والكثير من مؤسسات اتحاد المنظمات الإسلامية في أوربا ذات خلفية عربية، ومنذ خمس سنوات بدأت تنضم إليه مؤسسات من خلفيات عرقية أخرى وعلى الأخص في دول شرق أوربا والبلقان، واليوم تكاد تكون جل مؤسساته الأعضاء في دول البلقان وشرق أوربا من أبناء البلاد الأصليين.

    ب- المجلس الإسلامي الأوربي:

    وهو مؤسسة أوربية تضم مؤسسات إسلامية من عدد من الدول الأوربية (ألمانيا – فرنسا – أسبانيا – بلجيكا – هولندا). ومركز ثقلها في ألمانيا، ومركز عملها الأساسي المركز الإسلامي ومسجد آخن واتحاد الطلبة المسلمين في أوربا. وهذا المجلس جل مؤسساته ذات خلفية عربية وله مناشط متنوعة، وساهم بفاعلية في تشكيل المجالس الإسلامية في كل من ألمانيا وأسبانيا وبلجيكا.

    ج- جمعيات المللي جوروش في أوربا:

    وهي جمعيات ذات خلفية تركية، ولها نشاط واسع في ألمانيا على وجه التحديد، وتضم عشرات المؤسسات والمئات من المراكز والمساجد وآلاف الأعضاء، ولها مؤسسات دعوية وأخرى وقفية، ولها نشاط كبير في كل من النمسا وهولندا وبلجيكا، وهذه الدول هي مركز تجمع الجالية التركية، ولها نشاطات ملحوظة أيضًا في دول أخرى كفرنسا وسويسرا والسويد وبريطانيا.

    د- جمعيات السليمانية:

    وهي جمعيات صوفية واسعة الانتشار في الدول التي تضم جاليات تركية كبيرة. وتضم عشرات المؤسسات والمئات من المساجد التي تقدم خدمات دينية كثيرة.

    هـ- جمعيات ديانات:

    وهي الأخرى جمعيات إسلامية تركية تابعة لتوجيه المؤسسات الدينية الرسمية في الحكومة التركية، وتنتشر في عدد من الدول الأوربية، ولها توجيه مركزي، غير أنها أقل تأثيرًا من الجمعيات التركية الأخرى.

    هذه الجمعيات الثلاث التي تتركز في صفوف الجالية التركية تعتبر من أكثر التجمعات الإسلامية ارتباطًا بخلفياتهم العرقية، وكثير من أعمالهم تصب في إسناد قضاياهم داخل تركيا، غير أن الأجيال الجديدة منهم بدأت في الانفتاح على بقية المسلمين وتشكيل تجمعات شبابية مشتركة، والاهتمام بواقعهم المباشر داخل المجتمع الأوربي.

    و- البعثة الإسلامية ودعوة الإسلام والملتقى الإسلامي الأوربي:

    وهذه المؤسسات تتركز بين المسلمين من خلفيات تعود إلى شبه القارة الهندية (باكستان – الهند – بنجلادش – كشمير). ويتركز نشاطها في بريطانيا، وتضم عشرات المؤسسات في بريطانيا وبعض الدول الأوربية الأخرى، وتعتبر المؤسسة الإسلامية في مدينة ماركفيلد ببريطانيا واحدة من أفضل مؤسساتها، وتعتبر مركز بحوث متقدما على الساحة البريطانية والأوربية، كما لها نشاط ملموس في عدد من دول أوربا كفرنسا وإيطاليا والسويد، وبشكل أقل في دول أوربية أخرى.

    ز- جماعات التبليغ:

    وهي تجمعات دينية واسعة الانتشار، معظمها يعود إلى خلفيات تعود إلى شبه القارة الهندية، وتضم المئات من المراكز والمساجد والمؤسسات في عدد من دول أوربا، وعلى الأخص في بريطانيا، ثم فرنسا وإيطاليا والسويد وبلجيكا وهولندا وعدد أقل في دول أوربية أخرى. ويتركز نشاطها في المجال الديني البحت، وتبتعد عن التدخل في الحياة العامة.

    وهناك مؤسسات ذات خلفيات ألبانية وبوسنوية وإيرانية وكردية، ولكن جلها لم تتبلور كمؤسسات إسلامية أوربية مركزية.

    ولكن يمكن القول: إن المؤسسات المذكورة أعلاه تمثل الثقل الأكبر من نشاط المؤسسات الإسلامية التي لها بعد أوربي. وتسعى إدارة اتحاد المنظمات الإسلامية في أوربا لإيجاد هيئة تنسيق عليا تضم المجلس الإسلامي الأوربي وجمعيات المللي جوروش والبعثة الإسلامية والمنتدى الإسلامي الأوربي إضافة لجماعات التبليغ، ونرجو أن نوفق في إيجاد مثل هذه المظلة لتساهم في تمثيل أكبر للمسلمين في أوربا.

    2- المؤسسات ذات البعد الوطني أو القُطري

    أما على المستوى القُطري فقد بدأت خلال السنوات العشر الماضية تتشكل وتتبلور مؤسسات كبرى وكثيرة، ويمكن تقسيمها إلى أربعة أقسام.

    أ- المؤسسات الرسمية:

    وهي المؤسسات التي ساهمت مؤسسات رسمية في دول عربية وإسلامية في إقامتها، ويأتي في مقدمة هذه المؤسسات المركز الإسلامي في لندن، ومسجد المركز الإسلامي في روما، والمركز الثقافي الإسلامي في جنيف، والمركز الثقافي الإسلامي في مدريد، ومراكز ومساجد أخرى. وهذه بمجموعها إضافة إلى مراكز أخرى كبيرة تدعم وتسند بقوة من قبل حكومة المملكة العربية السعودية، وتدار غالبًا من قبل مجالس أمناء يشكل معظمها السفراء العرب والمسلمون، وكما نذكر في هذا المجال المركز الإسلامي الثقافي في دبلن بإيرلندا الذي يعتبر اليوم واحدًا من أكبر وأنشط المراكز الإسلامية والعربية على الساحة الأوربية، والذي أسسته وتديره مؤسسة المكتوم الخيرية من الإمارات العربية المتحدة، كما يعتبر مسجد باريس واحدًا من أقدم المساجد الإسلامية في أوربا، وهو يدار بتوجيه من الدولة الجزائرية. إن هذه المؤسسات تؤدي خدمات دينية وثقافية متنوعة للجالية العربية والإسلامية، وتمثل بمجملها مراكز إشعاع على الساحة الأوربية، غير أن تأثيرها على جمهور المسلمين ما زال محدودًا.

    ب- المؤسسات الدعوية الإسلامية الكبرى:

    التي بدأت تتبلور من خلال عمليات تنسيقية مكثفة خلال السنوات العشر الماضية، ومن أمثلتها الواضحة المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية في فرنسا الذي يضم معظم المؤسسات الإسلامية في فرنسا، والذي انبثق من خلال انتخابات للمؤسسات الإسلامية أشرفت عليها الدولة الفرنسية ويعتبر اليوم مؤسسة رسمية.

    والمجلس الإسلامي في بريطانيا الذي يضم أكثر من 300 مؤسسة إسلامية، تشكل تمثيلا شبه رسمي للمسلمين في بريطانيا، والمجلس الإسلامي في السويد الذي يضم جل المؤسسات الإسلامية في السويد، والمجلس الإسلامي في بلجيكا وهو مجلس منتخب ويمثل رسميًا المسلمين في بلجيكا، واتحاد الجمعيات الإسلامية في سويسرا الذي أنشئ حديثًا من خلال توافق المؤسسات الإسلامية الكبرى من جل الخلفيات العرقية، والمجلس الإسلامي في ألمانيا (هناك مجلسان نرجو أن يوحدا في القريب إن شاء الله)، واتحاد الجاليات والهيئات الإسلامية في إيطاليا.

    وهذه التجمعات بدأت تتطلع إلى تمثيل رسمي، وتشجيع عملية الاندماج الإيجابي في المجتمع الأوربي والمساهمة الفاعلة في الحياة الثقافية والفكرية والسياسية في المجتمع الأوربي، ويمكن تحديد أهدافها الرئيسة بالتالي:

    - المطالبة بالاعتراف بالدين الإسلامي لما يمثله ذلك من مصالح كبرى للمسلمين في الدول الأوربية.

    - المشاركة السياسية والاجتماعية والفكرية في المجتمع الأوربي.

    - محاربة التمييز العنصري.

    - إزالة ما علق بالإسلام والمسلمين في صفوف أبناء المجتمعات الأوربية ومؤسساتها من تشويه.

    ولا شك أنه أيضا بدأ تعاون مثمر في جوانب متعددة بين هذه المؤسسات والمؤسسات الفكرية والثقافية والسياسية الشعبية والرسمية في المجتمعات الأوربية.

    ج- المؤسسات التخصصية:

    ومن أهمها :

    المؤسسات الشبابية:

    التي نشأت من أبناء الأجيال الجديدة، والتي بدأت تنتشر في جل الدول الأوربية، والتي تضم عشرات الآلاف من شباب المسلمين من الجنسين، ومنها مؤسسات الشباب المسلم في كل من بريطانيا وفرنسا وبلجيكا وإيطاليا وألمانيا ودول أخرى كبيرة، والمؤسسات الطلابية في جل الدول الأوربية الغربية منها والشرقية. وقد التقت ست وثلاثون مؤسسة شبابية في أوربا قبل سنتين لتشكل المنتدى الأوربي للمؤسسات الشبابية والطلابية، ولا شك أن هذه المؤسسات تساهم في تأطير الشباب والعمل على الموازنة بين حفاظه على هويته الإسلامية واندماج هذه الأجيال في مجتمعهم الجديد في أوربا والمساهمة في أوجه الحياة المختلفة.

    المؤسسات النسائية:

    رغم مشاركة الفتاة المسلمة اليوم في جل المؤسسات الشبابية والدعوية العامة فإن هناك حاجة إلى إنشاء مؤسسات تُعنى بالمرأة والفتاة المسلمة؛ لأننا يجب أن نعترف أن النظرة إلى المرأة في مجتمعنا الإسلامي ما زالت قاصرة، وعلى المرأة أن تخوض غمار العمل الدعوي والتخصصي لتتفهم المجتمع الجديد، وتساهم في بناء الأجيال الجديدة، ولتعمل على إزالة التشويه الذي علق بذهن المجتمع الأوربي عن موقف الإسلام منها وإزالة ذلك التشويه من نفوس المسلمين وأنفسهم.

    ومن أبرز هذه المؤسسات اليوم جمعية المرأة المسلمة في بريطانيا، ورابطة المرأة المسلمة في فرنسا، ورابطة النساء المسلمات في سويسرا، ورابطة المرأة المسلمة في السويد وغيرها.

    وقد قام اتحاد المنظمات الإسلامية في أوربا بعقد لقاء لممثلي المؤسسات النسائية في أكثر من تسعة أقطار أوربية في بروكسل ببلجيكا سنة 2001، أتبعه بلقاء آخر تم بمدينة نيوشاتيل بسويسرا حضره أكثر من ثلاثين من قيادات العمل المؤسسي النسائي من أحد عشر قطرًا أوربيا، وانبثقت عنهما لجنة عمل على الساحة الأوربية تسهم في دعم المؤسسات النسائية في كل الأقطار الأوربية وصولا إلى إقامة مؤسسة إسلامية أوربية جامعة.

    المؤسسات المهنية:

    وعلى الأخص المؤسسات الطبية؛ فهناك مؤسسات طبية على مستوى بريطانيا وفرنسا وألمانيا وجل دول أوربا الغربية، وقد شكلت بعض هذه المؤسسات جمعية الأطباء العرب ومقرها ألمانيا، إضافة إلى اتحاد الأطباء المسلمين في أوربا. وتقوم هذه المؤسسات في تأطير الأطباء العرب والمسلمين وتطوير دورهم الفاعل في المجتمع الأوربي في دعم وإسناد جاليتهم من خلال بحوثهم المتطورة، غير أن هذه المؤسسات ما زالت تحتاج إلى جهود كبرى لتؤدي دورها المنشود في خدمة المسلمين بل والمجتمع الأوربي ككل، ويمكن أن يكون لها التأثير الأكبر في التعريف بقيم الإسلام الإنسانية من خلال هذه المهنة العظيمة.

    المؤسسات التعليمية:

    بدأت المؤسسات التعليمية في الظهور خلال السنوات العشر الماضية على وجه التحديد. فمن المدارس الإسلامية والعربية التي وصل عددها في بلد كبريطانيا إلى أكثر من ستين مدرسة ابتدائية وثانوية، وهولندا إلى ثلاثين مدرسة، والسويد إلى ثلاث عشرة مدرسة، وعدد قليل منها في بلجيكا والدنمارك وألمانيا وفرنسا. وهذه المدارس تقوم بتدريس مناهج البلد الأوربي إضافة إلى اللغة العربية والتربية الإسلامية. وتقوم الدوائر الرسمية في بعض الدول الأوربية بدعم هذه المدارس ماليا كما يحدث في هولندا والسويد والدنمارك وبلجيكا، وهناك جهد للحصول على الدعم في بريطانيا (تم دعم مدرستين)، وهذه المدارس كاملة الدوام.

    وهناك الآلاف من مدارس نهاية الأسبوع التي تقوم بتدريس اللغة العربية والتربية الإسلامية، وتساهم هذه المدارس في الحفاظ على الهوية الإسلامية والعربية للأجيال الجديدة، وإن كانت ما تزال دون الحاجة الماسة الحقيقية. كما تم إدخال دراسة الدين الإسلامي واللغة العربية في العديد من المدارس الرسمية على الساحة الأوربية، وهناك جهد كبير لتوسيع ذلك.

    وإضافة إلى المدارس هناك مؤسسات تعليمية على مستوى المعاهد والجامعات وحتى مؤسسات للدراسات العليا، وهناك عدد من الكليات الإسلامية والعربية اليوم في بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وبلجيكا، وأسبانيا، وهولندا، وأوكرانيا، وروسيا. وبعض هذه المؤسسات أصبح مراكز إشعاع في تطوير عملية التواصل مع المجتمع الأوربي ومؤسساته التعليمية والفكرية.

    المؤسسات الخيرية والإغاثية:

    كان اهتمام المسلمين والمؤسسات الإسلامية بالعمل الخيري والإغاثي مبكرًا، يرجع إلى أكثر من عقدين من الزمان، خاصة أن جل أماكن النكبات والفقر والحاجة في بلاد المسلمين في إفريقيا وآسيا وحتى أوربا. وكان واجب المؤسسات الإغاثية التعريف بأحوال المسلمين ومعاناتهم، إضافة إلى الدعوة والعمل على دعمهم وإغاثتهم، وفي مقدمة هذه المؤسسات ذات البعد الأوربي بل العالمي مؤسسة الإغاثة الإسلامية ومقرها الرئيسي مدينة بيرمنجهام ببريطانيا، ولها فروع في جل الدول الأوربية، ومؤسسة العون الإسلامي ومقرها مدينة لندن ببريطانيا، وهناك مؤسسات أخرى ذات طابع قُطري؛ أي متخصصة بالدرجة الأولى بإسناد ودعم حاجة بلاد بعينها كالمؤسسات الإغاثية التي تقوم بدعم حاجات الشعب الفلسطيني الاجتماعية والثقافية وهي منتشرة في جل الدول الأوربية. وأخرى تتناول بالمقدمة حاجات الشعب العراقي الذي تردت أوضاعه خلال السنوات العشر الماضية.

    ولكن هذه المؤسسات بمجملها بدأت تتوسع في دعمها وإسنادها لتشمل جل أماكن النكبات والكوارث وأهل الحاجة من المسلمين وحتى من غير المسلمين في العالم، وبعضها بدأ يشعر بضرورة إسناد حاجة المسلمين في أوربا وإعطاء مؤسساتهم الاجتماعية والثقافية أولوية.

    مؤسسات عمالية وهندسية:

    غير أنها غير مبلورة بشكل مؤسسي قطري ظاهر ضمن حدود علمي وتحتاج إلى جهود كبيرة لتقوم بدورها الفاعل في خدمة جاليتها ومجتمعها.

    الرؤى والمنطلقات والأهداف والسياسات
    التي يمكن أن تشكل إطارا عاما للمؤسسات الإسلامية في أوربا

    يمكن القول بأن معظم ما سأذكره هنا يمثل توجهات اتحاد المنظمات الإسلامية في أوربا، ولكنني من خلال إطلالتي ومعرفتي للعديد من المؤسسات الإسلامية الأخرى يمكنني أن أقول: إن الكثير منها يشاطر اتحاد المنظمات الإسلامية في أوربا رؤيته وتوجهاته ومنطلقاته وأهدافه وسياساته.

    1- الرؤية

    الحفاظ على الوجود الإسلامي في أوربا وترسيخه وتمكينه من التعريف بالإسلام، والدعوة إلى قيمه الإنسانية والحضارية، والمساهمة الفاعلة في أوجه حياة المجتمع الأوربي المختلفة (الاجتماعية والثقافية والفكرية والاقتصادية والسياسية).

    2- المنطلقات

    الالتزام في فهم الإسلام بحدود الكتاب والسنة وما أجمعت عليه الأمة في إطار فقهي سليم يجمع بين الأصالة والحداثة، وبين المبدئية والمرونة، وبين المحافظة والتجديد.

    الإيمان بأن الإسلام منهج حياة كامل، يوجه نشاط الإنسان فردا ومجتمعا في جميع المجالات، والمؤسسات الإسلامية تتبنى هذه الشمولية وتدعو لها، مع مراعاة خصوصية الزمان والمكان في تطبيق هذا المبدأ.

    التربية بمختلف جوانبها الإيمانية والفكرية والدعوية أساس ذو أولوية في العمل الإسلامي؛ لذا يجب وضع المناهج والبرامج والوسائل المختلفة التي تساهم في تربية الأجيال وترسيخ القيم الإنسانية الحضارية في نفوسهم.

    الإيمان بأن الدعوة إلى الله تعالى بالتي هي أحسن واجب مقدس يجب العمل من أجله، وتسخير الإمكانات له، مع الالتزام بمبدأ النزاهة والصدق.

    نبذ كل وسائل العنف والإكراه، والإيمان بضرورة الحوار والتواصل مع الآخرين.

    تكريس الجهود والإمكانات من أجل الحفاظ على الوجود الإسلامي في أوربا، والعمل على تثبيته وتقويته ليقوم بدوره في الإشعاع الحضاري المطلوب.

    التشجيع والعمل على تحقيق الاندماج الإيجابي للمسلمين في المجتمعات الأوربية اندماجا يجمع بين الحفاظ على الشخصية الإسلامية من جانب، وممارسة المواطنة الصالحة من جانب آخر، خدمة للصالح العام، وتحقيقًا لمبادئ الأمن والانسجام والازدهار.

    العمل على التواصل الوثيق بين العمل الإسلامي والمؤسسات الإسلامية في العالم الإسلامي، بما يساعد على تحقيق الأهداف المشتركة. كما يشجع ويساهم في التقارب والتنسيق بين المنظمات الإسلامية العاملة.

    اعتبار المسلمين أنفسهم في أوربا جزءًا من الأمة المسلمة، يتبنون قضاياها العادلة، ويدافعون عن حقوقها بحكمة واعتدال، مع مراعاة قاعدة الأولويات والتوفيق بين المصالح.

    العمل على أن يكون المسلمون في أوربا جسر التواصل بين أوربا والعالم الإسلامي، تواصلاً يحقق المصالح المشتركة والتعاون الإيجابي.


    3- الأهداف

    التعريف بالقيم الإسلامية وبلورة الثقافة الإسلامية وفقًا لمقتضيات العصر، وخصوصيات الواقع الأوربي.

    مساعدة المسلمين في أوربا على ممارسة واجباتهم والحفاظ على هويتهم الثقافية ورعاية شئونهم الاجتماعية.

    تشجيع وإقامة المؤسسات المختلفة من مساجد ومدارس ومعاهد تعليمية وأندية ثقافية واجتماعية ورياضية ومهنية وغيرها.

    الارتقاء بالمؤسسات الإسلامية وتنمية خبراتها وتدعيم التنسيق والتعاون بينها.

    الاهتمام بالأجيال الجديدة من المسلمين وتهيئة الفرص لهم لتعلم الدين الإسلامي واللغة العربية ومساعدتهم على التفوق المهني.

    العمل على تحقيق حضور المسلمين في المجتمع الأوربي وتمثيلهم في المؤسسات الأوربية.

    السعي للاعتراف بالدين الإسلامي في الدول الأوربية بما يعزز الهوية الأوربية للمسلمين.

    توسيع الحوار الثقافي والحضاري بين المسلمين وأصحاب الأديان والعقائد والأفكار الأخرى، والعمل على التفاعل معها، وصولاً إلى توطيد السلام الاجتماعي في المجتمع الأوربي.

    التواصل مع المسلمين في العالم وتعزيز التعاون بين أوربا والعالم العربي والإسلامي.

    مد جسور التعارف والتعاون مع المؤسسات والهيئات العربية والإسلامية على الصعيد الأوربي الرسمي والشعبي وعلى المستوى العالمي في إطار المصالح المشتركة.

    المساهمة في الجهود الرامية لحماية الحريات والدفاع عن حقوق الإنسان وكرامته ونبذ كافة أشكال التمييز العنصري.

    4- السياسات

    أهم السياسات التي يمكن أن تكون توجهات عامة لمؤسساتنا الإسلامية:

    اعتبار المصلحة العليا للمسلمين فوق المصالح القطرية والحزبية والمذهبية وغيرها.

    الحرص على التعاون والتقارب بين المؤسسات الإسلامية الفاعلة على الساحة الأوربية فيما يتفق عليه من أهداف، والعمل على إيجاد علاقات تعارف وتنسيق مع كافة العاملين في الحقل الإسلامي مع تجنب أي صدام.

    الانفتاح على المجتمع والبيئة وتكوين علاقات تعاون مع مختلف الجهات التي تخدم مصالح المسلمين، ودعم الحوار بين مختلف الأديان والأفكار في المجتمع الأوربي، خاصة الحوار الإسلامي المسيحي.

    التزام الاعتدال والواقعية في معالجة قضايا المسلمين في أوربا، وفي اتخاذ المواقف من قضاياهم خارج أوربا.

    العمل ضمن الأطر القانونية والحرص على الاستفادة مما تتيحه القوانين من إمكانات.

    تقديم القيام بواجبات المواطنة في المجتمع على المطالبة بالحقوق.

    اعتماد مبدأ التخطيط في كل الأعمال مع تقييم دوري ومتواصل لما تقوم به من أنشطة وإنجازات وما تقوم به من اتصالات واتفاقات لضمان التسديد والإصلاح.

    أهم المشاكل والمعوقات التي تواجه المسلمين والمؤسسات الإسلامية

    - التمييز العنصري والديني

    الذي ينتشر بين بعض شرائح المجتمعات الأوربية مع تباين بين الدول والمجتمعات هذه، وأثره على عدم استقرار الجالية وخوفها من المستقبل، وتأثير ذلك أيضًا على واقع حياتها الاقتصادية من خلال تمييز عنصري في الحصول على فرص العمل المتاحة (لا شك أن التمييز العنصري والديني أمر غير قانوني في المجتمعات الأوربية إلا أنه يحدث أحيانا) إضافة إلى الأثر الاجتماعي والسياسي.

    2- ضعف التواصل بين الأجيال

    وأثر الجهل وضعف المستوى الثقافي والحضاري لجيل الآباء وعدم قدرة الكثيرين منهم على توريث الهوية والقيم الإسلامية لأجيالهم الجديدة.

    3- تأثير آفات المجتمع الأوربي المادية على المسلمين في أوربا

    وخاصة على أجيالنا الجديدة (التفكك العائلي - الانحلال الجنسي – المخدرات-...).

    4- الانعكاسات السلبية للخلافات العرقية والحركية والمذهبية للمسلمين في أوربا

    والتي انتقلت إلينا من بلاد المشرق الإسلامي والتي ساهمت وما زالت تساهم في عرقلة القيام بدور ريادي متكامل للعمل الإسلامي والمؤسسات الإسلامية في أوربا.

    5- وجود مجموعات وأفراد ممن يحملون توجهات وأفكارًا متشددة

    والبعض منها يمكن وصفها بالمتطرفة تسيء إلى الإسلام والمسلمين في أوربا بل وكل العالم من خلال أطروحات تدعو إلى معاداة المجتمع الأوربي بل محاربته، ومما يزيد في أثرها السلبي إبراز الإعلام لها وبالأخص الإعلام العربي والإسلامي رغم أنها لا تمثل إلا شريحة صغيرة من المسلمين والمؤسسات الإسلامية في أوربا.

    6- ضعف وغياب العمل المؤسسي

    وذلك في الكثير من المؤسسات الإسلامية الذي يؤدي بدوره إلى كثير من المشاكل المالية والإدارية والتي يكون لها انعكاس سلبي على ثقة المسلمين بها ومن ثم تساهم في ضعف العمل الإسلامي بل بث الفرقة بين المسلمين في المؤسسة الواحدة والمؤسسات المختلفة.

    7- غياب المثل الذي يحمل قيم الإسلام الإنسانية والحضارية في بلادنا الإسلامية

    مما يؤثر سلبا على واقع المسلمين في أوربا وعلاقتهم بمجتمعهم الأوربي.

    أحسب أن النقاط السبع أعلاه تمثل المعوقات والمشاكل الأساسية التي تواجه الجالية والأجيال الجديدة على وجه الخصوص وتحتاج من العاملين أفرادًا ومؤسسات إلى مزيد من الاهتمام للتقليل من أثرها إن شاء الله.

    الآمال وتوجهات المستقبل


    لا شك أن الكثير من آمال المسلمين تقع في صلب أهداف المؤسسات الإسلامية التي سبق أن ذكرناها، ولكن يمكننا هنا التركيز على المحاور الخمس التالية التي هي موضع الاهتمام الأكبر، وتحقيق تقدم فيها يساهم في إيجاد مكانة متميزة للإسلام والمسلمين في أوربا:

    1- تطوير المؤسسات الدينية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والمهنية القائمة اليوم والارتقاء بها لتكون مراكز إشعاع حقيقية ترسخ القيم الإسلامية الإنسانية الحضارية في نفوس أبناء المسلمين، كما تبصرهم بواجباتهم تجاه مجتمع يعيشون فيه، ويجب أن يستشعر خدماتهم ومساهماتهم في بناء أمنه ومستقبله.

    2- التركيز على عنصري المرأة والشباب؛ لأن المرأة هي بانية الأجيال والمساهمة الفاعلة في مستقبله؛ وذلك من خلال مشاركتها الفاعلة في كل جوانب العمل الاجتماعي والثقافي والسياسي. وكذلك العناية بالشباب من خلال بناء مؤسسات اجتماعية وثقافية وبذل جهد متواصل من أجل عملية اندماجهم في المجتمع الأوربي من خلال موازنة دقيقة بين الحفاظ على الهوية والقيم الإسلامية والمشاركة الفاعلة في أوجه حياة المجتمع الأوربي بكل جوانبها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية.

    3- الوصول إلى اعتراف رسمي أوربي بالدين الإسلامي ينسحب على كل دول الاتحاد الأوربي (الخمس والعشرين) وذلك يتطلب جهودا كبيرة ومتواصلة، وسيمثل ذلك الاعتراف إنجازا عظيما يساهم في تجاوز الكثير من العقبات في حياة طبيعية للمسلمين في أوربا.

    4- تواصل استقرار الحوار الإسلامي مع الأديان الأخرى في المجتمع الأوربي (وخاصة الحوار الإسلامي المسيحي) والتعريف بالإسلام وقيمه؛ ترسيخا للقواسم المشتركة بين أبناء المجتمع الواحد وتعاونا بينهم من أجل درء القيم الهابطة التي تنخر في أوصال المجتمع (كالتفكك العائلي والانحلال الجنسي- والمخدرات)، وخاصة عند الأجيال القادمة.

    5- تحويل حال العداء والخوف والترقب بين أوربا والعالم العربي والإسلامي إلى وضع يسوده الأمن والسلام والتواصل وتبادل المنافع، وصولاً إلى سنْد لقضايا العرب والمسلمين العادلة إن شاء الله. ولا شك أن ذلك يحتاج إلى عمل دءوب ومتواصل وصبر على كل الصعوبات التي تقف في طريق هذا الأمل المنشود.

    هذه جملة محاور ونقاط أحببت أن أجعلها بين أيديكم لعلها تعطي فكرة ولو موجزة عن الإسلام والمسلمين في أوربا، راجيا أن أكون قد وفقت لذلك، داعيا الله عز وجل السداد في الخطى والتوفيق في المسعى والغنيمة من كل بر وخير.

    "ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب"


    عجبنى الموضوع ده فلت انقله ليكم وياريت يعجبكم

     
  3. #3
    اسراء is on a distinguished road
    تاريخ التسجيل
    09 / 08 / 2005
    الدولة
    المنصوره ___مصر
    العمر
    37
    المشاركات
    1,008
    معدل تقييم المستوى
    1239

    افتراضي مشاركة: الإسلام والمسلمون والعمل الإسلامي في أوربا

    بارك الله فيكى لنقلك المميز__جعله الله فى موازين حسناتك

     
  4. #4
    اسراء is on a distinguished road
    تاريخ التسجيل
    09 / 08 / 2005
    الدولة
    المنصوره ___مصر
    العمر
    37
    المشاركات
    1,008
    معدل تقييم المستوى
    1239

    افتراضي مشاركة: الإسلام والمسلمون والعمل الإسلامي في أوربا

    بارك الله فيكى لنقلك المميز__جعله الله فى موازين حسناتك

     
  5. #5
    امال has a spectacular aura about امال has a spectacular aura about امال has a spectacular aura about الصورة الرمزية امال
    تاريخ التسجيل
    16 / 08 / 2005
    الدولة
    مصر__المنصوره
    العمر
    37
    المشاركات
    12,544
    معدل تقييم المستوى
    12794

    افتراضي مشاركة: الإسلام والمسلمون والعمل الإسلامي في أوربا

    شكرا اختى اسراء وشكرا لمرورك الكريم[Unload]سررت بمرورك الكريم على موضوع تحياتي لك [/Unload]

     

 
+ الرد على الموضوع
صفحة 1 من 2 1 2 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك