... الدرس السادس عشر ...
... الإيمان يزداد في رمضان ...
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و آله و صحبه وبعد .
فالإيمان يزيد و ينقص بحسب الأعمال , يزيد بالطاعة و ينقص بالمعصية , يزيد بالصلاة , و ينقص بالفساد , يزيد بالاستقامة , و ينقص بالانحراف , قال تعالى : (( و الذين اهتدوا زادهم هدىً و آتاهم تقواهم )) , قال عز من قائل : (( ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم )) .
وفي رمضان يزداد الإيمان و يعظم اليقين و يشرق التوحيد لقرب العبد من ربه تبارك و تعالى .
فالصيام من أعظم الأعمال و هو قربة إلى الله عز وجل و صلة عظيمة يباعد بين العبد و بين النار و يفرق بين المسلم و المعاصي .
و قيام رمضان أنس و محبة و طاعة و شوق يطرد النفاق عن العبد , و يسقي شجرة الإيمان , حتى تستوي على سوقها و تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها .
و إليكم أيها الصائمون تلك الأعمال التي تزيد في إيمانكم و تنمي يقينكم , الصلاة في جماعة بخشوع و خضوع و تأمل و حضور , (( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً )) و الصلاة في جماعة مذهبة للنفاق و مورثة للخشية , و ناهية عن الفحشاء و المنكر .
قال تعالى : (( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر , و لذكر الله أكبر و الله يعلم ما تصنعون )) .
قراءة القرآن الكريم بتدبر , و تأمل آياته , العيش في ظلاله , استنشاق نسماته , الاهتداء بهديه , (( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته و ليتذكر أولوا الألباب )) , ذكر الله عز وجل بالقلب و اللسان و الجوارح اللهج بالتسبيح و التكبير و التحميد و التهليل , فاذكروني أذكركم , مناجاة الله عز وجل في الأسحار , الإكثار من الاستغفار .
طلب العلم النافع , و التفقه في الدين (( و قل رب زدني علماً )) , و سؤال أهل العلم , قال تعالى : (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) , و حضور مجالس الذكر , (( هم القوم لا يشقى بهم جليسهم )) , طلب العلم زيادة في الإيمان و تثبيت لأصل التوحيد : (( فاعلم أنه لا إله إلا الله و استغفر لذنبك )) , بدأ هنا بالعلم قبل القول و العمل .
مما يزيد الإيمان الصدقة , البذل و العطاء , و الشاهد هنا أنها ترفع من إيمان العبد و تزكيه , و تهذب سلوكه و تقوم اعوجاجه .
مما يزيد الإيمان التفكر في آيات الباري تبارك اسمه و مطالعة آثاره في الكائنات و بديع صنعه في المخلوقات , قال تعالى : (( و يتفكرون في خلق السماوات و الأرض , ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار )) .
و رمضان زمن صفاء الذهن المتأمل و إشراق فكر المتفكر , و استنارة قلب المعتبر , فهو جدير بالتفكر في بديع صنع الخالق تباركت أسماؤه , و الإيمان ينقص و يمرض و قد يموت .
ينقص الإيمان بالإعراض عن الكتاب و السنة و الاكتفاء بحثالة أذهان البشر , و عصارة أدمغة الناس و العكوف على نتاج المخلوقين الضعفاء المقهورين , فإذا فعل العبد ذلك و استبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير تمت خسارته و بان هلاكه و ظهرت مقاتله و استحوذ عليه الشيطان (( أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون )) .
إذا ما لم يزدك العلم خيراً *** فليتك ثم ليتك ما علمتا
و إن ألقاك فهمك في مغاو *** فليتك ثم ليتك ما فهمتا
ينقص الإيمان اللهو و اللعب و الغفلة و الإعراض عن منهج الله عز وجل و مجالسة أهل الباطل المعرضين عن الشريعة الساقطين في حمأة الرذائل و الشهوات . قال تعالى : (( و لا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا و اتبع هواه و كان أمره فرطاً )) .
ينقص الإيمان إطلاق الجوارح في المعاصي و تلطيخ الأعضاء بالسيئات و تسويد القلب بالذنوب .
عين تنظر إلى الحرام و أذن تستمع إلى الخنا , و قلب يرتع في الشهوات , و يد تبطش ظلماً , و فرج يقترف الفحشاء , و بطن يمتليء من الآثام , رحماك يا رب و عفوك يا الله .
يا صائماً عافت جوارحه الخنا *** أبشر برضوان من الديان
عفو و مغفرة و مسكن جنة *** تأوي بها من مدخل الريان
على الصائم أن ينظر هل زاد إيمانه في رمضان ام نقص ؟ هل عظم يقينه أم قل ؟ ليعرف الزيادة من النقصان و الربح من الخسران .
اللهم زدنا إيماناً و يقيناً و فقهاً و توفيقاً
إمامَ المُرسلينَ فداكَ رُوحـــي .. ... .. وأرواحُ الأئمةِ والدُّعــــاةِ
رسولَ العالمينَ فداكَ عرضي .. ... .. وأعراضُ الأحبّةِ والتُّقــاةِ
و أفوض أمري إلى الله
إن الله بصير بالعباد
... محبكم في الله ...
... نجد علي ...
مواقع النشر (المفضلة)