بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحلقة الاولــــــى
خلف لنا التراث الاسلامي الثر ثروة علمية لا تضاهى ناهيك أن مساحة الحديث النبوي الشريف تمسح مئات من الالاف من النصوص ولما كانت إرادة الله سبحانه قاضية بحفظ الذكر فانها قيضت له كتابا وجامعين وحفظة وعلماء وفقهاء ورجال نخل وسبر وغربلة وفحص فكان زيد بن ثابت ومن معه للقرآن الكريم حتى استوى على المصحف العثماني المحفوظ من لدن الام الكريمة حفصة عليها رضوان الله ولن تزال عين الحفظ الالهي وحرس الصون الرحماني بالمرصاد وربما حولت عاد يريد النيل منه الى خادم يهرق دمه لحفظ آخر كلمة من كلمات الله الى العبيد وكان البخاري ومسلم ومالك واحمد والترمذي وابن ماجه والنسائي وابوداوود وغيرهم كثير للسنة خاصة والسيرة عامة وكان علماء الحديث قديما وحديثا عسسا قويا أمينا يحرس التخوم من كل متسلل مغشوش رسموا لهم آلات ثاقبة تكشف الزور والخطأ مهما كان صغيرا لطيفا دقيقا مستورا تماما كما يفعل صيارفة المال وخبراء العملات او مخافر الحدود فكانت علوم الرواية والدراية وميز الفقهاء بين السنة التشريعية وغيرها وبين ماهو عام وخاص وبين ما هو مرتبط بمناسبة او مطلق وبين مايرشد الى ثابت او مقصد فيتخول اليه بوسيلة متغيرة او غيرذلك وبين ماهو من الكمالات والتحسينيات والمكارم او غير ذلك وبين ما هو قول مؤيد بالعمل سواء تواتر او تخلف او عمل لم يسبق بقول او قول لم يشفع بعمل لعدم توفر شرط او لحكمة اخرى وسائر ما تحتمله مقاماته عليه السلام ولسائر من يريد لنفسه فقها في السنة ييسر له ولي النعمة سبحانه اليه طريقا كلما وفر شروط الفهم الصحيح السليم الدقيق فصبر على ذلك واستشار واستنار وسأل وقلب ونظر وهو في اثناء ذلك يكابد عاجفات الحياة بايمان ويقين وثقة وجماعة .
مقصدي من العمل :
رأيت بعضا من الناس يسرحون في ادغال شاسعة من الحديث النبوي لا شطآن لها فتراهم ينتقلون من ابهى الضيعات رونقا وازهاها حلة الى ادناها دون ادنى تمييز فيستوي عندهم صحيح البخاري مثلا مع طبقات ابن سعد لا بل يستوي عندهم المتفق عليه او مرويات الجماعة مع حكايات القصاصين وبعضها منسوب اليه عليه السلام وذلك السرح البعيد في بيداء تضم مئات من الالاف من الحديث يحتاج الى سلاح ماض وبوصلة هادية تماما كما هو الحال في الدنيا فهل ترى سارحا يمرح في نزلها الفخمة ينتقل الى ادناها فخامة دون تمييز أليس هو عندها يأبى علىنفسه دفع ذات المقدار والامر ذاته مع الاشجار وسائر النعم ولاشك اننا نحن الان اسعد حالا اذ انتهى الينا علم السنة محفوظا فكيف نقدم على المتفق عليه سوى ما عند الجماعة كائنا من كان الراوي او الداري فلا يحسبن حاسب ان في الضعيف بكل اصنافه الكثيرة رواية او دراية فضلا عن الموضوع مهما اشتهر على الالسنة من فضل يساوي او يفوق فضل الصحيح او الحسن واذا كان ذلك كذلك فان معنى حفظ الذكر ساقط لا محالة ففي الصحيح مندوحة دوما وأبدا عما سواه ولو عددت ما اتفق عليه الشيخان فحسب دون غيرهما لالفيت ما يربو عن الفي حديث فاذا علمت ان السنة بالجملة لا تزيد سوى عن التفسير والتبيين والتفصيل اي بمعنى انها لا تستقل بالتشريع الا قليلا جدا وفي مناطق لا تتعلق بسداد الحياة واستقامة بوصلتها اي مناطق الايمان المسمى عقيدة وان ما يلي ذلك مباشرة من العبادة الموقوفة المعزرة للايمان والمكتسبة له هو من باب السنة العملية التي حملها الاجماع العملي المتيقن حتى اضحت كنور شمس او ضوء قمر فان الهرولة سيما من غير اهل العلم والتحقيق بغرض الدراسة والفقه وراء المرويات الضعيفة والبضاعة المزجاة مما ينسب الى الحديث هي هرولة عميان وراء ناعق فار لا هو ينجدهم ولا هم به بظافرين فاذا كانت تلك الهرولة وراء سراب خادع مقرونة بجهل مدقع باسس اخرى من مثل علاقة القران بالسنة سيما في المجال التشريعي او درجات السنة والحديث وعلاقات التكامل الناشئة بينها جميعا او موضوع الحديث غيبا ام شهادة او دلالة اللغة المستخدمة او صلاحية الوسيلة الواردة فان النتيجة لن تكون سوى كارثة تصم عقل الطالب او تفتنه عن دينه وكلاهما غلو لا يرضاه الانسان لنفسه ولا يرضاه ولي نعمته له ولن تكون نظرته ومن ثم تفاعله مع الناس اقرباء واباعد سوى نشوزا متدثرا بالاصلاح ومما يغذي ذلك كله ويدفع اليه دفعا ويطلبه طلبا مريبا استدراجا خبيثا حال الهجوم على الاسلام والازراء باهله ومؤسساته سواء خيانة من بعض اهله المرتدين كما هو حال بعض حكام اليوم سياسة وثقافة وادارة ومالا او تغطرسا من العدو المتربص .
فالمقصد من هذا العمل هو اذن التنفير الى الاهتمام بالصحيح من المرويات ففيها ما يكفي لادارة شؤون الدنيا والفوز بنعيم الاخرة فلا هي قليلة العدد ولا مزجاة العدة وفي المقابل نبذ تحكيم الواهن في امر ديننا ودنيانا معا والقرآن الكريم فيصل حاكم وفرقان صارم فهو المتواتر جملة وتفصيلا دون السنة وهو تنفير يطلب الحفظ كما يطلب الفقه وهما شرطان لازمان للاستخدام اصلاحا واستصلاحا واستشهادا ومعالجة وذبا لراديات الهوى والحمق سواء بسواء .
المشهود بالسنة الصحيحة اولى بالاصلاح وحاجات اليوم اولى من حاجات الامس :
كلمة قالها قائل اوتي الحكمة وفصل الخطاب نحن اليوم اولى بها واحرى " ليس لنا من عالم الغيب سوى الاسماء " وهو يعني ان كل ما غاب عن عقلنا بحكم ازدواجية تكويننا فلا سبيل الىكنه الحقيقة منه فارشدنا اليه تسديدا لحياتنا ليس هو سوى اسم لا تدرك عقولنا مسماه على وجه الدقة كما نفعل بعالم الشهود وهو ادعى الى الايمان واجدر باليقين واولى الامثلة لذلك هذا النفس الذي لا ينفك عن حركة دائبة ولوجا وخروجا فينا وهو صدى للروح فهل ادرك فينا واحد حقيقتها او لامسها ولو من بعد ام بقيت وتبقى الى الابد سرا من امر وليها وولينا ولا شك ان غيبا ابعد منها ومنا اولى بالانحجاب والانستار وبذلك يغدو كل خصام بين الناس اليوم حول دقة تلك المعطيات الغيبية ووصف لهيئاتها وصورها ولو مع ايمان بحقائقها واصولها عبثا لا طائل منه سوى بعثرة صف لما يلتئم وجمع لما ينشمل .
لنا اليوم حاجات ملحة ومشهود نحن مطالبون باصلاحه فهل نعلق ذلك على سلف امتحن وادى ومضى ام على خلف يلهو الان باكوام التراب او مستورا في اصلابنا ام نتوكل على الرحمان سبحانه بايدينا اسلحة كثيرة منها القران والسنة والعقل والحكمة والجماعة والشورى والتجربة والمال والصبر فنصيب خيرا مما اصاب السلف بالتاكيد فان ابينا فلا معنى لذلك سوى ان الرحمان سبحانه جائر في خلقه فيمنح هذا فرصة للعبادة ازكى من ذاك سوى انه اقرب الى قرون الخير او زمن الوحي فليس الزمان يفسد ولكن الانسان حين يضل يفسد .
من حاجاتنا الاكيدة اليوم : كرامة الانسان وقيمة المال والدنيا والمقاومة والجهاد والتحرير والتحرر والدعوة الى الاجتماع ولم الكلمة وتقدير سنن الاختلاف والتعدد والتنوع وفهم الدين والدنيا معا ودور العلم في كل ذلك وحاجات اخرى اكثر بالتاكيد غير ان مردها جميعا فيما اظن الى ثلاثي لا بد لنا منه خروجا من وهدة الاحتلال والتخلف والقابلية لهما ومقاربة لقمم العز والذكر والشهود والخيرية وليس ذلك الثلاثي سوى : العلم وسائر ما يمت اليه وفي كل اتجاهاته وكذلك الجماعة ملتزمة بالشورى من جانب والحرية من جانب اخر وكذلك القوة بسائر معانيها وامتداداتها وسيما المادية والمالية منها فهو ثلاثي وسائلي يمهد لمقصد خلقنا اي العبادة والتعمير والشهود والدعوة وتكريم الانسان فليس سوى القوي يقدر على التكريم والاستخلاف والقوة ثلاثية الابعاد قوة العلم المؤدي الى اليقين وقوة الجماعة المتعزرة بالحرية والالتزام وقوة الدنيا المتوشحة بالمال والمعرفة وحسن الدفاع وحسن الهجوم .
لكل ذلك اخترت مائة مصباح من مشكاة النبوة لعلها تصلح لنا حالا حاضرا وتبني غدا اسنى أرجو حفظها وفهمها واصلاح أمرنا بها على قاعدة حاكمية القرآن الكريم
مواقع النشر (المفضلة)