مقدمة:
في عالَم البناء يُخَطِّط المهندسون لبناء برجٍ سكنيٍّ مثلاً، فيضعون الأساسات الخراسانية، متناسبة مع عدد الأدوار المزمع بناؤُها، ويخططون ويرسمون، ثم يتابعون التنفيذ.
وكذا في عالَم التربية، يجب التخطيط والدِّراسة، كما يجب أن تكونَ الأساسات متناسِبة ومُتناسِقة أيضًا مع ما نؤمِّله للتلْميذ من مستقبلٍ علميٍّ، ومِن هنا كانت السنوات الأولى من عُمر الطفل ذات أهمية خاصة في تكوينه وتربيته عمومًا، وفي مجال اللُّغة العربية خصوصًا.
وعندنا في عالَم التربية - بفَضْل الله - بُحُوث تربويَّة نظريَّة جيدة جدًّا، بل ممتازة، ولكن الحلقة المفقودة عندنا هي: مَن يُنَفِّذ هذه الأبحاث على أرض الواقع؟
إنَّ ذلك يحتاج إلى معلِّم ذي مهارات عالية جدًّا، خاصة معلِّم الصفوف الأولى، وتوجيهٍ تربوي متعمِّق وفاهم للأسس التربوية لتعلم اللغة، يُشرف على التنفيذ، كما يُشرف المهندسون في عالَم البناء على مَن يقوم بالتنفيذ مِن كوادر ذات مهارة، وشتَّان بين مهارات مَن يقوم ببناء الطوب والإسمنت والخرسانة، ومهارات بناء النفوس والعقول، وكما قال الشاعر:
[poem=font="traditional arabic,6,blue,bold,normal " bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
أرأيت أشرف أو أجل من الذي=يبني وينشئ أنفسا وعقولا
[/poem]
ومن هنا وجب مبْدَئيًّا الاهتمام بالمعلِّم، معنويًّا ومادِّيًّا منذ اختياره معلِّمًا.
تجربة ذاتية:لَمَّا لاحظْتُ هبوطًا شديدًا في مستوى اللُّغة العربية عند الطلاب، وجدتُ مِن واجبي الشرعي والوطني نحو لُغتنا العربية أنْ أُقَدِّم تجربتي الشخصية في إيجاز شديدٍ جدًّا؛ لعلها تفيد مَن شاء الله أن يستفيد، وهي تجربة ميدانيَّة منذ عملي في المرحلة الابتدائية عام 1968م.
كنتُ متحَمِّسًا لتعليم تلاميذ الصفوف الأولى القراءة والكتابة، وعلى مدار ثلاث سنوات متتالية قمتُ بدراسة ميدانية لتجريب طُرُق تعليم القراءة والكتابة على عيِّنات من تلاميذ الصف الأول الابتدائي؛ لاختبار مدى أَثَر كلِّ طريقة وجَدْواها، ومدى تجاوُب التلاميذ معها، وتوَّجْتُ هذه التجارب ببرنامجٍ تدريبي تحت إشراف موجهين أفاضل، ومعهم ومع الموجه المتابع لي في الميدان وضعْتُ كلَّ النقاط على الحروف، ومعه - جزاه الله خيرًا – استطعْتُ - بفَضْل الله - أن أبتكِرَ وأعدّل وأنقي من كل طريقة مزاياها، وأترك عيوبها.
وبعد ذلك قُمتُ بالتطبيق العمَلي على دُفعات متتالية من التلاميذ، في بيئةٍ ريفيَّةٍ بسيطة، لا تعرف الدروس الخصوصية، ولا دور الحضانة، ولا يعرف البيت عن المدرسة شيئًا، ورغم كثافة الفصول - أكثر من ستين طالبًا في الفصل - تَمَكَّنَ التلاميذُ - بعَوْن الله - في نهاية الصف الأول الابتدائي من القراءة الجيدة بفَهْم ووعْي، والكتابة، والتعبير، وإجابة الأسئلة.. إلخ.
مقارنة:
لاحظْتُ في الميدان تحمُّس كثير من المعلمين والمعلمات للطريقة التركيبيَّة (القديمة)، ولاحظْتُ كتبًا في السوق تسير على نَهْجِها، وهذا - مع شديد الأسف - خطأ فادِح؛ لماذا؟
لأن:
1- الطريقة القديمة لا تُناسب رُوح العصر، وسرعة الحياة العامة وكثرة المغريات، ووسائل اللهو المحَبَّبة إلى الأطفال، مما يستدْعي جذْب التلاميذ للُّغة، بطريقة غير مباشرة، تجعلهم يحبونها ويحبون وسائلها خاصة "الكتاب"، الذي أصبح له منافسون كُثُر.
2- الطريقة القديمة لا تُناسب طبيعة اللغة، ونفسيَّة الطفل، ولا مجال لشرح ذلك تفصيليًّا.
3- الطريقة التقليدية (التركيبية) - والتي تبدأ بتعلُّم الحروف أولاً - تحتاج لمجهود مضاعَف من المعلِّم والمنزل.
4- الطريقة القديمة لا تنمِّي عنصري الفَهم والتفكير، ثم التطبيق والابتكار.
5- وقد يقول قائل، أو يسأل سائل: هذه الطريقة القديمة تَعَلَّم بها عمالِقة الأدب والفكر؛ من أمثال: البارودي، والعقاد، وشوقي، وغيرهم.
وأجيب عن ذلك: إن عصر هؤلاءِ يختلفُ تمامًا عن عصرنا هذا، فقد كان (الكُتَّاب) وجدية الحياة العامة والأسرية عاملاً رئيسًا، كان يساعد الطفل على حِفْظ القرآن الكريم في سنٍّ مبكِّرة، والقرآن الكريم خير تمرين للسان على اللغة العربية؛ قراءة، وكتابة، وفهمًا... إلخ.
وهنا يبرز سؤال: ما الطريقة المُثْلَى؟
الطريقة المثلى هي: أن نأخذ من كلِّ طريقة مزاياها، ونطرح عيوبها.
س2: وكيف ذلك؟ نعم، كيف ذلك؟
أولاً: لكل عمل هدفٌ، فما الهدفُ مِن تعلُّم اللغة؟
القراءة والكتابة:
لماذا نقرأ ونكتب؟
لنفهم ما نقرأ، أو نكتب.
إذًا؛ أهم عنصر وأهم هدف لتعلُّم القراءة هو الفَهم؛ لذا وجب أن ندرِّب الطفل على الفَهم منذ اللحظة الأولى لتعلُّم اللغة، وهذا أنسبُ أسلوب لنفسيَّة الطفل وتجاوبه وحبه للغة وتحقيق ذاته، إلى غير ذلك من أهداف تربويَّة ونفسيَّة.
وهذا يقودنا إلى ذِكْر الخطوة الأولى في تعلُّم اللغة، وهي مرحلة التهيئة.
المرحلة الأولى: التهيئة: من [3 - 6] سنوات تقريبًا:
وهذه المرحلة مهمَلة عند معظَم المعلِّمين، رغم أهميتها القُصوى، وأهميتها تُشبه في عالَم البناء الحصيرة الخراسانية العادية والمسلحة، التي تحمل البناء كله.
فما التهيئة؟
هي تدريب الطفل على التعبير عن ذاته، وعن البيئة المحيطة به، وعن بيئات أخرى مصوَّرة في كتب أو أفلام أو ألعاب فيديو... إلخ.
وكلَّما كانت الصور والحكايات قريبة، أو نابعة من اهتمامات الطفل وحياته، كانتْ أجدى وأنفع، ومناقشته وتصحيح إجاباته على كل ما يرى ويسمع.
إذًا؛ الخطوة الأولى هي: تدريب التلاميذ على التعبير - فرع مهمٌّ من اللغة، معظم التلاميذ ضعيف فيه - ومن هذا الفرْع يتخرَّج الخطيب المفَوَّه، والكاتب البارع، والشاعر المجيد... إلخ.
إذًا؛ تدريب التلاميذ على التعبير منذ نعومة أظفارهم مهمٌّ جدًّا جدًّا، وتلك المرحلة من سن الثالثة حتى سن السادسة تقريبًا، ويُمكن أن تبدأ قبل ذلك مع الأسرة أو الحضانة، وتستمر بعد السادسة، مع اختلاف وسيلة التعبير منَ الصورة إلى الكلمة.
ومن خلال الحوار والنقاش والتعليق على الصور والكلمات، بعدها يُمكن إكساب الطفل عادات صالحة، ومهارات التفكير العلمي المنطقي والمقارَنة والاستنتاج، وإصدار أحكام حتى نهاية السلم الترْبوي التعليمي بالإبداع والتفوق.
المرحلة الثانية: مرحلة التعلم:
وتبدأ عادة من سن السادسة، أو قبل ذلك، حسب إمكانات التلميذ والأُسْرة، ولكن يجب أن نؤجِّل الكتابة إلى ما بعد سن السادسة، حتى يتم نمُو عضلات اليد والأصابع، وقبل سن السادسة نقبل من التلميذ أي شخبطة بالقلم، مهما كانت، مع تشجيعه والثناء عليه، وأي تلميذ جيد الكتابة قبل السادسة يكون حالة خاصة، ولا نثقل عليه بكثرة الكتابة؛ حتى لا يكون لذلك مردودٌ سلبيٌّ في المستقبَل.
خلاصة المرحلة الثانية: الانتقال تدريجيًّا من التعبير بالصورة إلى التعبير بالجُمَل والكلمات، بمعنى أن نبدَأ بكلمات بسيطة في الأُسبوع الأول، مثلاً: يمكن كتابة كلمة واحدة تحت الصورة، ثم نناقِش الصورة بعدَّة أسئلة وتعليقات، بحيث يكون السؤال الأخير إجابته الكلمة تحت الصورة، ولنفرض أنها صورة تلميذ اسمه "عمر" مثلاً، نسأل عن شكله، ونظافته، وأدبه، والمكان الذي يقف فيه... إلخ، السؤال الأخير: ما اسم هذا الولد؟ اسمه "عمر".
وفي الأسبوع التالي: صورة تحتها جملة من كلمتَين، يمكن أن تكون لنفس الطفل "عمر"، ولكنه يشير إلى صدره، فبعد عدة أسئلة وحوارات لإكساب عادات ومهارات نسأل السؤال الأخير: ماذا يقول عمر؟ يقول: "أنا عمر".
وهنا اسْأل تلميذًا: مَن أنت؟
يجيب بعد تصحيح: أنا خالد.
تلميذًا آخر: مَن أنت؟
أنا علي.
مَن أنت؟
أنا أحمد.
وهكذا: مَن أنت؟ أنا فاطمة، أنا رقية... إلخ.
وهكذا نستعمل بعض ضمائر الرفع، وبعد ذلك أسماء الإشارة، والأسماء الموصولة، في دروس أخرى، ويكون الطفل قد درس النحو دون أن يدْري.
وفي الأسابيع التالية: نكتب جملةً من أربع كلمات، ثم عدة جمل، وهكذا نتدرج في إكثار الكلمات.
ولقد رأيتُ في الميدان كُتُبًا للحضانة، فيها موضوع كبيرٌ من عدة فقرات، كأن هذا الطفل قد تعلَّم القراءة في بطن أمه، وكتبًا أخرى تكتفي بكلمة واحدة لتجريد الحرف.
ولكن الخير في التوسُّط، لا إفراط ولا تفريط، والتدرج من الصورة فقط إلى كلمة ثم كلمتَيْن، ثم جملة، ثم عدة جمل، وهكذا.
المرحلة الثالثة: مرحلة التجريد:
في المرحلتَيْن السابقتَيْن ناقَشْنا الصوَر، واستخرجنا كلمات مِن جمل، وفي هذه المرحلة نبدأ بالتعرُّف على الحروف من خلال الكلمات، فمثلاً: عندنا كلمات "أَبي، أُمي، أَخي، إِلى.
وهنا نتعَرَّف على الحرف (أ)، بالحركات الثلاث: (أَ)، (إِ)، (أُ).
وبذلك ألْتَقِي مع الطريقة القديمة لآخُذ خير ما فيها.
ومن خلال الدروس والحكايات أستنتج كلمات، وأستخرج منها الحروف، وأضع في الحصالة (لوحة التجريد).
صار عندي حرفان: "ألف وباء"، وهنا يمكن تكوين كلمة: (أب).
وعندما يصير في الحصالة حروف (أ، ب، ت، ث، ج، ح، خ، د، ذ، ر، ز)، يمكن تكوين كلمات: أب - أخ - أخت - حج - أرز - حب - جد... إلخ.
وهكذا لا أنتظر حتى أجرد حروف الهجاء كاملة، بل أستعمل كل حرف جديد مع الحروف السابقة، في تكوين كلمات جديدة، فمع انتهاء حروف الهجاء، يكون التلميذ قادرًا على القراءَة الجيدة، وإجابة الأسئلة، واستعمال أدوات الاستفهام، وضمائر الرفع المتَّصلة والمنفَصلة، والتعبير عن ذاته، وعما حوله، وعما يريد، بلغةٍ سهلة، تنمو فيها الفصحى رويدًا رويدًا، حتى تصبح سليقة وعادة، كما كانت اللغَة تنمو مع ابن البادية الفصيح ابن الفصيح، وهذا بالطبع مع الفارق بين عصْرِنا وعصرهم، وبيئتنا وبيئتهم.
العمر الزمني للبرنامج السابق يستغرق ما يقرب من عام دراسي مع المعلِّم الماهِر، ويزيد قليلاً مع غيره، فيكون عمر الطالب حوالي سبع سنوات، وعند ذلك يمكنه البدْء في حفظ القرآن الكريم بِهِمَّة عاليةٍ؛ حيث تُساعده إجادة القراءة والكتابة على سرعة الحفظ وإتقانه.
ب- الكتابة:
مع المرحلة الثانية والثالثة مرحلة القراءة، ومرحلة التجريد، يتَعَلَّم الطفل الكتابة، والإملاء، وجَوْدة الخط، ويستفيد المعلِّم في ذلك من نظرية: "التقليد والمحاكاة"، وأحزن كثيرًا حين أرى المعلِّمين يكتبون سطرًا في أعلى الصفحة لجميع تلاميذ الفصل، ثم يُقلدهم التلاميذ، وفي هذا من الخطأ ما فيه.
أولاً: مع استعجال المعلِّم يكون خطُّه رديئًا، وربما أخطأ مع السرعة وكثرة عدد التلاميذ.
ثانيًا: يكتب التلميذ سطرًا أو سطرين بصورة مناسبة، ثم يُصيبه الإرهاق، ويبدأ في الخطأ، ويسوء خطُّه.
ثالثا: يكون الخطأُ فاحشًا إذا طلب المُعلِّم كتابة السطر مرات كثيرة؛ فتسوء الكتابة كلما كثر عدد مرات الكتابة.
فما الخير في ذلك؟ لماذا كانت السبورة؟
فبدلاً من أن يكتبَ المعلم في دفاتر التلاميذ، يكتب الكلمة أو الجملة على السبورة، مع تحليل عناصرها، وكيفية كتابة كل حرف فوق السطر أو أعلاه أو أسفله، مع تجويد خطه والتمهُّل مع التلاميذ.
ففي بداية تمرين التلاميذ على الكتابة يكتب الكلمة حرفًا حرفًا بهدوء، مع الإيضاح للتلاميذ، كيف يكتبون كل حرف؟ ومع انتهائِه ينتهي التلاميذ، ولا يكلفهم الكتابة وحدهم إلا في المراحل التالية، بعد تقدُّمهم في الكتابة.
ج- الإملاء:
لا ينتظر المعلم حتى الصف الثالث أو الرابع ليملي على التلاميذ من ذاكرتهم، إنما يبدأ مع بداية القراءة، فمثلاً: كلمة تكررت كثيرًا في الدروس الأولى، ورآها التلاميذ في البطاقات، وحفظوا هيْئَتها، أمليهم هذه الكلمة الواحدة، ثم جملة من كلمتين، ثم عدة جمل، وهكذا ينمو التلاميذ في الإملاء مع نموهم في القراءة رويدًا رويدًا.
وهكذا تسير جميع فروع اللغة في خطوط متوازِية منذ اللحظة الأولى لتعلُّم اللغة، وهي على الترتيب.
أولاً: التعبير، (بالصور ثم بالكلمات والجمل).
ثانيًا: القراءة، (قراءة الصور، ثم الكلمات، ثم الجمل، ثم فقرات، ثم موضوع كامل).
ثالثًا: النحو (استعمال قواعد النحو دون ذِكْرٍ لأي مصطلحات، ولكن لتكوين السليقة اللغوية).
رابعًا: الخط (استغلال نظرية التقليد والمحاكاة لتحسين الخط).
خامسًا: الإملاء (البدء بكلمات سهلة، ثم التدرُّج بجملة، ثم عدة جمل، ثم موضوع).
الوسائل التعليمية:من الأهمية بمكان أن يستعين المعلم بوسائل متعدِّدة، مثل: بطاقات الكلمات والحروف لتأكيد الحروف والكلمات وتكوين جمل، وحصر الوسائل التعليمية لا مجال لذكره هنا، خاصة بعد تعدُّد الوسائل الحديثة مع الحاسب الآلي، ولكن أذكر على سبيل المثال مثالاً واحدًا للتعلُّم من خلال اللعب، فمثلاً: تلاميذ الفصل في الملعب، مع كل منهم حصالة الحروف التي جردوها، ويسأل المعلم: نريد تكوين كلمة "أرنب" يا أحمد، ما أول حرف أخرج به؟ فيقف أحمد رافعًا (أ).
ثم: يا علي، اخرج بالحرف الذي بعده، فيخرج رافعًا (ر)، وهكذا مع (ن) و(ب)، وكذلك مع تغيير صفة الأسئلة، وهكذا يقف التلاميذ الأربعة مع كلٍّ منهم بطاقة حرف، والمجموع يكون (أرنب).
ثم يسأل المعلم: ماذا يأكل الأرنب؟ وأين يسكن الأرنب؟ وكيف يجري الأرنب؟ هيا نجري مثل الأرنب.
وبنفس الطريقة نكوِّن كلمة "أسد"، ثم نسأل: أين يسكن الأسد؟ هل رأيت الأسد؟ أين رأيته؟ هل سمعت صوت الأسد؟ من منكم يقلِّد صوت الأسد؟
وهكذا يستعمل الطفل قواعد اللُّغة والحوار، ويكتسب معلومات وعادات... إلخ.
وكل هذا من خلال اللعِب في الصف الأول الابتدائي أو قبله في بعض البيئات.
أخطاء شائعة:
ويُمكن تقسيم الأخطاء إلى ما قبل دراسة النحو، وما بعد دراسة النحو، فيمكن إيجاز الأخطاء الشائعة على سبيل المثال لا الحصر فيما يلي:
أخطاء قبل دراسة النحو:1- إهمال مرحلة التمهيد، رغم أهميتها القصوى - كما أشرت إلى ذلك.
2- عدم التدرُّج، وذلك بالإكثار من المفردات فور انتهاء مرحلة التمهيد.
3- الإقلال من المفردات في مرحلة تجريد الحروف.
4- خطأ مهم جدًّا، ويُشَوِّه الطريقة الحديثة، وهو عدم انتقال كثير من المعلمين من مرحلة القراءة إلى مرحلة التجريد، بمعنى: إذا رأى التلميذ الصورة أعلى الصفحة يمكنه قراءة ما تحتها، فإذا كتبتْ نفس العبارات بنفس الخط في ورقة خارجية لا يستطيع التلميذ قراءتها، وهذا يعني: أنه لم يتمَرَّن على القراءة دون الصورة، ولم يتمَرَّن على تركيب الكلمات من الحروف بعد تَجْرِيدها.
5- خطأ فادح أيضًا وشنيع، ذلك أن المعلم يكلِّف التلميذ كتابة سطر مثلاً عشر مرات، أو عشرين مرة.
ورأيت مرة كراسة تلميذ، كلفَه المعلم بكتابة درس خمسين مرة، فلم يتَّسِع الدفتر إلا لدرسَيْن فقط، وحجة المعلم في ذلك هي تدريب التلاميذ على الكتابة، وتحسين الخط، وعكس ذلك هو الصحيح والدليل كتابة التلاميذ.
أخطاء بعد دراسة النحو:وتبدأ دراسة قواعِد النحو عادة مع الصف الرابع الابتدائي، فمثلاً نبدأ بدراسة الجملة الاسمية ومكوناتها، ونأخذ عليها تمرينات وتطبيقات.
ثم درس الجملة الفعلية ومكوناتها، ثم درس ثالث ورابع وخامس، وتمرُّ الدروس متتالية حتى ينتهي العام الدراسي، وينسى التلاميذ ما درسوه أول العام.
فمع كل درس نحو أو قراءة أو خط، أو مادة أخرى إن أمكن مثل العلوم أو غيرها، يجب أن يراجع المعلم ما سبق دراسته من قواعد نحوية، ولا أقصد أن يشرح الدرس عدة مرات؛ بل عند قراءة التلاميذ يُصَحِّح الأخطاء في النُّطْق، مع مراجعة القاعدة التي أخطأ فيها التلميذ، بحيث يؤكد السليقة اللغَوية، وينمِّي الإحساس بالخطأ وتصحيحه لدى التلاميذ.
وبعد:
فهذا موجَز سريع أردتُ أن ينتفع به المهتمُّون بالتربية عامة، وباللغة العربية خاصة، ولا أدَّعي أنني أتيْتُ فيه بما لم يأتِ به غيري، ولكنه اجتهاد وفَّقني إليه ما أراه من هجران اللغة، ورغبتي في أن ينفع الله به، والله المستعان.
محمد عبدالجواد
مواقع النشر (المفضلة)