إن أول ما ينبغي للأبوين ولا سيما الأم تلقينه للطفل هو التعرف على الله تعالى وحبه ، وأنه الخلاق الرزاق المعطي الكريم اللطيف الخبير الذي يستحق أعظم الحمد والشكر ، وأنه سبحانه المطلع على أحوال عباده البصير بنواياهم وأعمالهم مما يقتضي الإخلاص له ومراقبته والخوف من عقابه .
وقد دلنا على ذلك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من خلال موعظته العظيمة لابن عباس رضي الله عنهما وهو راكب خلفه على دابة حين قال له : ( يا غلام إني أعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله تعالى لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف ) .
يمكن للأبوين أن يعلقا قلب الطفل بالله تعالى من خلال السؤال تارة ومن خلال التعليم والتلقين تارة أخرى ، كأن يقول له : من الذي وهبك هذا الشعر الجميل ؟ ومن الذي رزقنا هذا الطعام الذي نأكله ؟ ومن الذي يجب أن نصلي له وندعوه ونطيع أمره ؟ فإذا أخطأ في الإجابة شرحنا له وعلمناه .
في إمكان الأم إذا طلب ولدها شراء شيء أن تقول له : اطلبه من الله حتى يرزق أباك ويحضره لك
في إمكان الأب إذا لاحظ على ابنه أنه يكذب أن يقول له : ألا تشعر أن الله مطلع عليك ويعرف أنك تكذب ؟
وهكذا تتم تنمية الوازع الداخلي وتكوين أحاسيس المحبة والمراقبة لله تعالى والشعور بمعيته .
ونحن في أيامنا هذه أحوج ما نكون إلى ترسيخ هذه المعاني حيث إن ما يسمعه الطفل ويراه في كثير من وسائل الإعلام بات خاليا من هذه الأمور الجوهرية ، وحيث يجتاح العالم موجات اللهو والمرح واللعب والقصص والأعمال الدرامية التي شغلت أذهان الناشئة بكل إلا قضية التوحيد وقضية الهدف الأكبر من الوجود !!
بقلم الدكتور
عبدالكريم بكار
مواقع النشر (المفضلة)