الكاتب: الدكتور سلمان بن محمد بن سعيد دكتور الحقنيبقلم/ د. سلمان بن محمد بن سعيدحدثني أحد الأصدقاء عن طبيب أجنبي كان يشتغل في مدينتهم الصغيرة منذ ثلاثة عقود، عمل لسنين طويلة، وهو يعالج جميع الأمراض، من التهاب اللوزتين إلى التهاب البواسير وارتفاع الضغط وانخفاضه والسكر وغير ذلك، وزوجته برفقته وكانت طبيبة أيضاً، وقامت بتوليد كثير من نساء تلك المدينة الصغيرة، وكانت تشتهر بإبرة تسميها إبرة الميل تقوم باعطاء (دق) تلك الإبرة للحامل التي تتعسر ولادتها بسبب اعتراض الجنين أثناء الولادة أو حتى لو كانت ولادته بنزول القدمين والمؤخرة أولاً (بريش بريز نتيشن) فتلك الإبرة تعدله، فيتعدل وضع الجنين لدى بعض النساء ويلدن (بإذن الله) وكثير منهن يمتن مع أجنتهن بعد إبرة (الميل) فيترحم النساء عليهن ويعلقن السبب على القضاء والقدر ويصفن سبب الوفاة بتعبير شعبي وهو العوار، كما يوصف مريض السرطان بـ (الشين). وأعود إلى طبيب عام أو جي بي وبعد سنين طويلة ألغي عقد هذا الطبيب وزوجته من المستشفى بسبب عدم الحاجة لخدماته، لبلوغه سن التقاعد وعدم تطوره في مجاله الطبي أو وجود أطباء آخرين أفضل منه، وسافر إلى بلده، وبعد عدة شهور رأه صديقي صدفة في إحدى المزارع فأخذه بالأحضان وهو يتذكر ما كان منه وعلاجه له ولكثير من (جماعته) في مدينتهم الصغيرة، ظانا أنه قدم للعمل بالمزرعة لعلاج العمال، فصاحب المزرعة (والكلام لصديقي) بخيل ويبحث عن طبيب (كويس ورخيص) لعمال المزرعة، وهذا الطبيب متقاعد وطبه قديم لم يتطور، فراتبه بالتالي سيكون أقل بكثير من أي طبيب آخر. وكانت تبدو على أسارير صديقي ومنذ بدايته في رواية حكاية طبيب مدينتهم قديماً والمزرعة حديثاً وابرة الميل، ابتسامة تشي بمفاجأة، تبين لي بعد ذلك أن الطبيب قدم للمزرعة للعمل بمؤهله الحقيقي (طبيب بيطري) لمعالجة أبقار وأغنام المزرعة، فتحول تبسمنا إلى قهقهة، وأنا أقول لصديقي: ما أسعد حيوانات تلك المزرعة، فمن سيعمل لهم (هيلث كير) يحمل شهادة في الطب البيطري، وشهادة عملية لسنين طويلة اكتسبها وطبقها على بني البشر، وعند السؤال عن زوجته (القايناكولجست) قال إنها أتت مع زوجها للعمل في المزرعة ولكنه لم يرها، قلت له بالتأكيد هي موجودة الآن تمارس عملها الطبيعي بالمزرعة وبجانب زوجها، كما كانت في الماضي في مدينتك الصغيرة، ولم ترها لانشغالها في توليد حيوانات المزرعة، وقد تقوم الآن بالاستعانة بـ (إبرة الميل) إن تعسرت ولادة إحدى شياه أو غنم المزرعة