تحفيز الكولاجين .. و شد البشرة .. و النضارة ( أساليب العلاج التجميلي المركب ) نضارة البشرة عبارات تتردد دائماً وتحرص فئة كبيرة من المجتمع على تحقيقها بالوسائل المختلفة. غير أن تحقق ذلك يتطلب دراية وخبرة للطريقة أو الطرق المثلى للوصول إلى النتيجة المناسبة والمرضية. فالمفهوم الواسع لتحفيز الكولاجين والنضارة يشمل قائمة طويلة من العلاجات والإجراءاتواختيار أنسب هذه الطرق لا يعد أمراً سهلاً. في السنوات القليلة الماضية شهد علم الجلد والتجميل تطوراً كبيراً ومتلاحقاً في جميع الاتجاهات سواء العلاجية منها أو التقنية أو التداخلية.مما جعل من وجود الممارس الجيد والمطلع أمراً مهماً يستطيع من خلاله راغب العلاج التجميلي اتباع الوسائل والإجراءات الملائمة لحالته وحصول أفضل النتائج المرجوة. ومن هذا المنطلق سوف نتطرّق في هذه الصفحة إلى أهم العلاجات والتقنيات التجميلية المستخدمة وتناولها بأسلوب علمي، بالإضافة إلى مناقشة المفاهيم الطبية والعلمية الأخيرة حول هذا الموضوع. ومما لا شك فيه أن العلاجات الموضعية تشكل حيزاً مهماً في العناية بالبشرة وتعتبر في كثير من الأحيان خط العلاج الأول لمعالجة مشاكل البشرة. ويتراوح العلاج الموضعي من الكريم الأوحد الذي يحتوي على مادة وحيدة فعّالة في تركيبته إلى ما يعرف بالتراكيب الموضعية والتي تحتوي على أكثر من مادة فعّالة. كما تختلف طبيعة هذه المواد من المبيضة والمحفزة للكولاجين إلى مضادات الأكسدة وواقيات الشمس. وتحتل مضادات الأكسدة الموضعية مثل فيتامين C وفيتامين E حيزاً كبيراً من البحث والدراسة لما لها من أهمية في تحفيز الكولاجين والعناية بالبشرة. والعلاجات والكريمات الموضعية ليست محور حديثنا اليوم غير أنها تشكل جزءاً أساسياً من عملية العناية بالجلد وتتطلب التزاماً ومداومة عليها لتحقيق النتائج المؤملة منها. أولاً: البوتكس ويعد البوتكس من الإجراءات الشائعة جداً والمصحوبة بمستوى رضا عال لدى متلقيه. فهو علاج فعّال في علاج التجاعيد التعبيرية لمنطقة الوجه خاصة لمقدمة الرأس وما حول العينين. ويعتقد أن الثورة التي حدثت في السنوات الماضية لمفهوم العلاج بالحقن ترجع في أصلها إلى نتائج البوتكس والتي توصف في الغالب بالرائعة والسريعة. غير أن البوتكس يؤدي إلى علاج التجاعيد عن طريق إرخاء العضلات وليس له علاقة بتحفيز الكولاجين. ويتطلب العلاج بالبوتكس إعادة الحقن كل 4 أشهر تقريباً. ولايقتصر العلاج بالبوتكس على منطقة أعلى الوجه، بل يمكن استخدامه لمنطقة منتصف الوجه وما حول الفم والرقبة بيد أن ذلك يتطلب خبرة ومعرفة دقيقة بعضلات الوجه. ولقد أثبتت الدراسات العلمية أن البوتكس فعّال وآمن في علاج تجاعيد الثلث الأعلى من الوجه كعلاج أساسي لمن رغب الاستمرار في مثل هذا النوع من العلاج المتكرر. ثانياً: الفيللر (حقن التعبئة) شهدت حقن التعبئة أو ما يطلق عليها ب(الفيللر) تطوراً متسارعاً في الفترة الماضية بحيث تعددت أنواعها وأشكالها وكسبت انتشاراً عالمياً نظراً لنتائجها السريعة والمحسوسة. وتنقسم حقن الفيللر بشكل عام إلى قسمين الحقن المؤقت والحقن الدائم. وأكثر أنواع الفيللر شيوعاً حقن الكولاجين والحقن الحامضية Hyaluronic acid وحقن الاباتيت calcium hydroxylapatite. ويعتمد اختيار حقن التعبئة على طبيعة الحالة والمنطقة المراد علاجها ونوع البشرة. كما يتطلب العلاج بحقن الفيللر من الطبيب المعالج شرحاً وافياً عن الإجراء والنتائج المتوقعة والأعراض الجانبية المحتملة. وبشكل عام يمكن القول بأن استخدام حقن الفيللر يتركز في منطقة ثلثي الوجه السفلي خاصة منطقة منتصف الوجه. غير أنه يمكن استخدام حقن الفيللر لأعلى الوجه أو مناطق أخرى من الجسم كاليدين إذا برزت الحاجة لذلك. ثالثاً: الجمع بين البوتكس والفيللر أظهرت عدة دراسات الفائدة الإضافية لتحسين وتجميل الوجه عند الجمع بين حقن البوتكس والفيللر خاصة في المنطقة السفلية من الوجه. فقد أبرزت دراسة حديثة تم نشرها في المجلة الأمريكية لجراحة التجميل Plastic and reconstructive Surgery Journal في عددها الصادر لهذا العام 121:5s30s أن النتائج المثالية والمرضية مرتبطة بالمعرفة بطبيعة الوجه وعضلاته وأن الجمع بين البوتكس والفيللر يؤدي إلى نتائج تحسن إضافية خاصة في منطقة الوجه السفلية. كما أشارت دراسة أخرى تم نشرها في نفس المجلة العلمية لعام 2007 إلى أن الجمع بين حقن البوتكس وحقن الفيللر بطريقة مبنية على الخبرة والدراية تؤدي إلى أفضل نتائج تجميلية ممكنة. وبذلك يتضح أن البوتكس قد يؤدي إلى نتائج عالية، كما أن الفيللر قد يحدث نتائج مرضية ومحسوسة. غير أن الجمع بين الإجرائين قد يؤدي إلى نتائج إضافية وأكثر فاعلية إذا رأى الطبيب الحاجة إلى ذلك. رابعاً: تقنيات الفراكسل والفراكشنال من التطورات الكبيرة التي حصلت في طب الجلد والعلاج بالليزر ما يعرف بتقتيات الفراكسل والفراكشنال والتي تعمل من خلال مفهوم علمي جديد يسمى Fractional Photothermolysis أو التقنيات الجزيئية أو المجزأة. وتعمل هذه التقنيات على تحفيز الكولاجين من خلال أعمدة حرارية تخترق الجلد بطبقات عميقة مما يترتب عليه تحفيز قدر كبير من طبقة الكولاجين، والتي بدورها تؤدي إلى زيادة نضارة البشرة وتجديدها وتحسين التجاعيد. كما تستخدم هذه التقنية في علاج ندب حب الشباب والندب الجراحية وتحسين شكل سطح الجلد في مثل حالات الحروق والتشققات. وتتطلب مثل هذا التقنيات عدد من الجلسات. خامساً: تقنيات الايفكس والفراكشنال Co2 وامتداداً للتطورات التي يشهدها علم الليزر عالمياً تم اكتشاف تقنيات الايفكس والفراكشنال Co2 والتي يترتب عليها أيضاً تحفيز طبقة الكولاجين بالجلد بشكل كبير وبطبقات عمق مختلفة. مما ينتج عنه تجديد في طبقة الجلد وزيادة نضارة البشرة مع إحداث شد وتحسن في تجاعيد الوجه. كما تتميز هذه التقنيات بتحقيق نتائجها المرجوة من خلال جلسة واحدة أو عدد قليل من الجلسات والتي تتحدد بحسب الحالة وطبيعة الجلد ونوع اليشرة. سادساً: الثيرماج والتقنيات الترددية وتقوم هذه التقنيات بتحفيز الكولاجين عن طريق الموجات الترددية أو ما يُعرف بRadiofrequency من خلال عملية إحماء مكثفة لطبقات الكولاجين بما فيها المتوسطة والعميقة. ويترتب على هذه التقنية تحسن في التجاعيد وشد للبشرة مع نضارة للوجه بدون جراحة. غير أن فاعلية الثيرماج موجهه للتجاعيد البسيطة ويدخل شد البشرة بتقنية الثيرماج في نطاق الشد البسيط المؤدي لتماسك البشرة والمحافظة عليها لفترات طويلة. لذا يتطلب من الطبيب المعالج شرح التوقعات الحقيقية المتوقعة من العلاج. وتتميز تقنية الثيرماج بمستوى أمان عال دون إحداث احمرار طويل الأمد أو تبقعات. ولقد أظهرت دراسة علمية تم نشرها في المجلة الأمريكية لأدوية الجلد Journal of Drugs in Dermatology إلى مستويات الأمان العالية للثيرماج بعد تقييم نتائج أكثر من 600 جلسة علاجية. كما خلصت الدراسة إلى أن طريقة التعاطي والتعامل الصحيحة مع هذه التقنية من قبل الطبيب تؤدي إلى زيادة في مستويات الكفاءة والأمان لهذا العلاج. وبيّنت دراسة حديثة تم نشرها في مجلة الجلدية الأكلينيكية Clinical Dermatology لهذا العام فاعلية وأمان الثيرماج في علاج التجاعيد والتهدلات البسيطة دون تدخل جراحي. سابعاً: العلاج بالضوء ويعتبر العلاج بالضوء من التقنيات المستخدمة في تحفيز الكولاجين وإعادة نضارة البشرة خاصة البشرة المصحوبة باحمرار في الوجه. ولقد أظهرت دراسات متعددة قدرة أجهزة الضوء على إحداث نضارة للوجه بعد عدد من الجلسات العلاجية من خلال الاستخدام الأمثل لهذه الأجهزة من ناحية المعايير وملاءمة الموجة الضوئية. ثامناً: العلاج المركب ومع اكتشاف تقنيات متطورة ومتعددة، وفي ظل ظروف توفر إجراءات تجميلية فعَّالة مختلفة مصحوبة بفهم أكبر وأوسع لآليات عمل هذه التقنيات والإجراءات، برز التوجه العالمي لما يُعرف بالعلاج التجميلي المركب Combined therapies لتحقيق نتائج إضافية وأكثر فاعلية. ويقصد بالعلاج المركب الجمع بين أكثر من تقنية أو إجراء. فيمكن الجمع بين البوتكس والفيللر كما أشرنا سابقاً لتحقيق نتائج أفضل. كما يمكن الجمع بين الثيرماج والفراكسل لتحقيق شد إضافي للبشرة. ويمكن الجمع بين تقنية الايفكس والثيرماج والتقشير لتحقيق نتائج أفضل للشد والنضارة. فقد أظهرت دراسة مؤخراً نُشرت في المجلة الأمريكية لأدوية الجلد Journal of Drugs in dermatology في عددها لهذا العام النتائج الإضافية الإيجابية الناتجة عن إضافة العلاجات الموضعية للتقنيات والإجراءات الحديثة والتي يترتب عليها زيادة في مستوى رضا متلقي هذه العلاجات. وأبرزت دراسة صادرة من مجلة الجلد التجميلية Journal of cosmetic dermatology النتائج الفاعلة الإضافية المترتبة على إضافة التقشير الكيميائي للبوتكس وحقن الفيللر. كما تم الإشارة في دراسة حديثة تم نشرها في المجلة الأمريكية لجراحة التجميل Journal of Plastic reconstructive Surgery أهمية النظر إلى الوجه كوحدة متكاملة تستلزم الأخذ بعين الاعتبار لكل زواياه سواء ما يتعلّق منها بالعضلات أو فقد أنسجة الجلد أو الحاجة لتحفيز الكولاجين. والانطلاق من هذا الجانب بأكثر من إجراء وتقنية لتحقيق أفضل نتائج ممكنة. ولقد أشار البروفيسور اندرسون من جامعة هارفارد الأمريكية في المؤتمر المؤخر لليزر والذي عقد بالنمسا إلى أهمية الأخذ بعين الاعتبار لهذا التوجه العالمي المتمثّل في العلاج المركب لتحقيق مستويات عالية من الرضا. تاسعاً: شد الوجه غير الجراحي ويعتبر هذا المفهوم والذي يطلق عليه شد الوجه الغير جراحي Nonsurgical facelift امتداداً لمبدأ العلاج التجميلي المركب. فقد أظهرت الدراسات أنه بالإمكان الوصول إلى نتائج عالية لشد الوجه بالجمع بين أكثر من إجراء أو تقنية. فيمكن الوصول إلى هذه النتيجة عن طريق البوتكس والفيللر معاً والذي يتطلب خبرة ومهارة في التعامل مع هذين الإجرائين. كما أشار الدكتور كوهن من جامعة كاليفورنيا الأمريكية وأحد جراحي التجميل البارزين إلى إمكانية تحقيق شد الوجه غير الجراحي بالجمع بين تقنية الفراكسل والثيرماج وحقن الفيللر. ويبقى قبل أن نختم التأكيد على أهمية التواصل الصحيح والأمين بين الطبيب ومتلقي العلاج والذي يتطلب من الطبيب شرح ما يمكن تحقيقه من الإجراء أو من العلاج المركب وإعطاء المريض صورة واضحة عن التوقعات العلاجية والأعراض الجانبية المحتملة. كما يتطلب من المريض فهم واستيعاب هذه التوقعات حتى يتسنى تحقيق أفضل نتائج مرضية ممكنة. وفي الختام لا يزال هناك الكثير الذي لم يتم الإشارة إليه في عالم التقنيات والإجراءات التجميلية غير أن التطورات السريعة والمحمومة في هذا المجال فتحت آفاقاً كبيرة لتحقيق نتائج مرضية دون عناء الجراحة وفترات النقاهة الطويلة.