الإشراف التربوي واقعه والمأمول منه

تقتصر تلك الإخفاقات الحالية في وزارات التربية والتعليم في عالمنا العربي عند حد مُعين ، بل نرى تزايد تلك الإخفاقات خصوصاً في الآونة الأخيرة ، ولم يقتصر الأمر عند المناهج الدراسية ، وما عليها من ملاحظات جمّة . وقد سبق وأن تحدثنا عنها في موضوع سابق ، إلاّ أن التفاعل مع هذا الأمر كان ضئيلاً جداً من الأعضاء لا أدري لم يعد يهم المواطن العربي هذا الأمر؟ أم أن أولادنا وتعليمهم أصبح أمراً لايهمنا كثيراً .؟أُسندت المهمة إلى خبراء المناهج في تلك الوزارات وعليهم أن يفعلوا كيف ما اتفق وكما يريدون ، وأصبح المواطن راضٍ بهذا الواقع المُرّ . في هذا الموضوع هناك إخفاقُ آخر لا يقل أهمية عن الإخفاق السابق ( المناهج الدراسية) وما يعتريها . هذا الموضوع الذي سنطرحه اليوم عن (الإشراف التربوي واقعه والمأمول منه .)تتزايد سرعة عجلة التطور التربوي والتعليمي في العديد من دول العالم ، والتجديد أخذٌ في الإستمرار، من خلال المتابعة وتقييم تلك الخطط المرسومة ،والخبراء عاكفين هناك على صنع ا لخطط المستقبلية للتعليم في بلدانهم ، تسابقُ للوصول إلى أحدث تلك التطورات التعليمية ، ويعد تطوير الإشراف التربوي من أهم تلك الوسائل التي تعمل على سرعة الإرتقاء بشباب تلك الدول تعليميّاً ، أما في علمنا العربي ، فلا يزال العمل على ذلك التطوير يراوح مكانه ، رغم الإمكانات المادية التي تُرصد من أجل ذلك .
العملية الإشرافية في السابق:
كانت عملية الإشراف في السابق تُعنى بمتابعة سير العملية الدراسية ، ومتابعة الحضور والانصراف ،وضبط النظام ومتابعة المباني المدرسية ، بعيداً عن الحرص عن التطوير لتلك العملية التعليمية ، ورغم قلة الإمكانات المادية والمعرفية ، إلاّ أن مخرجات التعليم كانت ذات جودة في ذلك الزمن ، وأدت دورها المرسوم لها . وفي الحقيقة من الطبيعي عند بداية أي عمل لابد من حدوث هفوات تُنقص ذلك العمل ،فعلى سبيل المثال في دولة متقدمة علميّاً الآن كاالولايات المتحدة الأمريكية كان أول ظهور للمشرفين في عام 1709م ، وهم عبارة عن مجموعة مواطنين عاديين lay persons مهمتهم التفتيش على المعلمين ومقررات الدراسة وأساليب التدريس وكان يصل بهم الأمر إلى طرد المعلم الغير منتج في عملة من تلك المهنة .
الإشراف في عالمنا العربي ( المفتش ) سابقاً:
يعتبر المفتش (المشرف التربوي )عيون الوزارة في تلك المدارس ، يحرص على تصيّد الأخطاء ومن ثم نقلها إلى من يعنيه الأمر . تغيّر بعد فترة من الزمن هذا المسمى فأصبح يسمى ( بالتوجيه التربوي ) وهذا التعريف قريبٌ من الصحيح عن سابقه .بقى الحال على تلك الصورة الإشرافية ، تطوّرهذا المسمى إلى ما يسمى ( باالإشراف التربوي ) وهو الأصح والمتعارف عليه والأقرب إلى الصواب ومعمولٌ به في جميع الدول المتقدمة . والمهم هنا هل هذا الأسم عُمل به كما هو؟ وهل تعريف هذا المسمى هو المعمول به في وزاراتنا التعليمية ، كثير من الدراسات والرسائل العلمية أثبتت أن المسمى في جهة وممارسة العمل في جهة أُخرى . كانت رسالتي عن واقع الإشراف في المملكة العربية السعودية ، وتحديداً في مدينة الرياض من وجهة نظر مديري المدارس الثانوية والبالغ عددها قرابة 195مدرسة ثانوية ، ومن وجهة نظر المشرفين أنفسهم والمعلمين ، والبالغ عددهم أكثر من 380 مشرفاً تربوياً ومعلماً أُخذت العيّنة بالنسبة للمعلمين بطريقة عشوائية . مدراء المدارس والمعلمين يمثلون واقع الإشراف ، أما المشرفين والمعلمين فيمثلون المأمول للإشراف . كانت النتائج جيدة ومُفيدة ، وكان من أبرزها :
(الواقع : معلمين ومديري المدارس )
1ـ عدم وجود معايير مُحددة لاختيار المشرف التربوي .
2ـ قلة الدورات الإشرافية التأهيلية للمشرف التربوي والتي تعده لتطوير عمله الإشرافي .
3ـ كثرة الأنصبة من المدارس التي يقوم المشرف بزيارتها ومتابعتها ، الأمر الذي يُضعف متابعة المشرف لتلك المدارس .
4ـ عدم وجود حوافز تشجيعية للمشرف المتميّز .
5، عدم إلمام بعض المشرفين بأهداف الإشراف وأنواعه وماهيته .
6ـ عدم وجود الولاء لدى بعض المشرفين التربويين لهذه المهنة .
كانت تلك النتائج من أبرز المسببات لواقع الإشراف التربوي اليوم .
(المأمول : المشرفين التربويين ) فكان من أبرزنتائجها ما يلي :
1ـ تخفيف نصاب المشرف التربوي من عدد المدارس التي يُشرف عليها ليؤدي دورة بكل إتقان.
2ـ اختيار المشرف التربوي وفق معايير محددة ، بعيداً عن المحسوبية .
3ـ عقد دورات تدريبية مُكثفة للمشرفين الجدد.
4ـ تقديم حوافز تشجيعية للمشرفين التربويين المتميزين في عملهم .
5ـ تقديم البحوث العلمية ، والدراسات السابقة للمشرفين للاستفادة منها، وتقديم كل جديد في هذا الجانب .
في نظري كل دول العالم العربي تُعاني من هذا الأمر،
تتزايد ت عجلة التطور ،ومع هذا التزايد كان من الأجدر لنا البحث عن كل جديد ، لنواكب ما يحدث مع غيرنا من تطوير في البلدان المتقدمة .
لذا كان لزاماً على من يتحمل عبء هذا الأمر في بلداننا الأخذ في الحسبان لتلك التطوارات التي تحدث في البلدان المتقدمة ، والإسراع في تحسين ما يلي :
1ـ المناهج الدراسية يجب تجديدها وفق تلك التطورات وما يخدم المجتمع بأسره وليس كما يراه الخبراء في التعليم فحسب .
2ـ المشرفون التربويون ينبغي وضع الخطط التي عليهم اتباعها ومتابعة تلك الخطط وتقييمها .
3ـ تدريب المشرفين التربويين على أحدث وسائل الإشراف المتبعة عند من سبقنا .
4ـ نقل الخبرات ممّن سبقنا لنستفيد منها في تطوير الإشراف .
5ـ توفير وتحسين الوسائل التعليمية القادرة على إيصال المعلومة إلى الناشئة بكل يسر وسهولة .
واجبات المشرف التربوي تجاه المعلم :
1ـ الاشتراك مع المعلم في التخطيط ، بعيداً عن الإنفراد بالرأي ، فمن حق المعلم التعبير عن رأيه وعلى المشرف الأخذ بذلك الرأي مع النصح بالأفضلية .
2ـ الاجتماع بالمعلمين ، خصوصاً منهم حديثي المهنة ، وإنارة الطريق لهم ، فمن الطبيعي جهل المعلم الجديد ومتى لم يجد من يُنير طريقة ، أثّر ذلك سلباً على المتلقي ( الطالب ) .
3ـ اختيار طرائق التدريس التي تتيح للطالب سرعة فهم المعلومة .
4ـ الأخذ بمبدأ العلاقات الإنسانية مع المعلمين ، فالمعلم زميل مهنة .
5ـ البحث عن كل ما يُعين المعلم على النجاح في عمله .
والموضوع طويل جداً وهذا ما سمح به وقتي . تحياتي للجميع

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .