كما أنه ليس مِن داءٍ إلا جعَل الله له دواء، كما صحَّ بذلك الخبر عن سيد البشر - عليه الصلاة والسلام - فكذلك مشكلة العنوسة، لها حلول متيسرة - بحمد الله - أو تحتاج بعض العناء والجهد؛ فمنها:
1- العناية بالدعوة الإسلامية نشرًا وتعميمًا، على أن يأخذ البعدُ الاجتماعي فيها حيزًا مهمًّا.
2- إشاعة الثقافة الشرعية والعلمية في المجتمع، من خلال عدة منافذ.
3- إصلاح مناهج التعليم بما يُعزز مكانة الأسرة، ودور الرجل والمرأة فيها، وفقًا لشرع الله الحكيم، لا حسب مؤتمرات الأمم المتحدة ومعاهداتها واتِّفاقياتها المصادمة للشرع والفطرة.
للمزيد حولها يمكن الرجوع لكتاب: "العدوان على المرأة في المؤتمرات الدولية"؛ للدكتور فؤاد عبدالكريم.
4- نشر ثقافة المهْر المعتدل، والزواج المختصر، ورفع مستوى التفكير والفَهْم لدى الأولياء والأُسَر أولى من تحديد المهور التي لن تجدي نفعًا، ومن ذلك قيام كُبَراء الأسر ومشايخ القبائل ووجهاء المجتمع بالتطبيق على أنفسهم، حتى يكونوا موضع القدوة الفعلية لا القولية.
5- تجْفيف منابع البطالة مِن خلال تأهيل الشباب، والعناية بتوظيفهم، ودعْم المشاريع الصغيرة، وإصلاح أنظمة العمل، وتحجيم الاستقدام الأجنبي، إلا فيما ليس منه بدٌّ، على أن يكونَ مؤقتًا.
6- صرْف مبالغ ماليةٍ للنساء في بيوتهن - وقد ذكر د/ عبدالعزيز المقبل عن دراسة بريطانية أن أُجرةَ المرأة العاملة في بيتها تماثلُ راتبَ جنرال في الجيش - وكذلك للعاطلين عن العمل الذين لم تستطع الدولة الإسلامية إعدادهم أو توظيفهم دون الكسول والمتراخي.
7- قيام القضاة في المحاكم بواجبهم تجاه ظاهرة العضل والإضرار بالمرأة، وتطبيق شرع الله بمرتكبي الفواحش ومُشيعيها.
8- مقاوَمة المشاريع التغريبيَّة لإدماج المرأة في التنمية، وتغيير أنْظمة الأحوال الشخصية، ورفْع سن الزواج، وإشاعة الفاحشة، وهدْم نظام الأسرة وكل ما يدخل ضمن تطبيق بنود الاتِّفاقيات والمعاهدات الأممية الباطلة شرعًا، وهذه المقاومة منوطة بالحُكَّام، والعلماء، ومؤسسات المجتمع، وكافة شرائح الشعب المسلم.
9- منْع البغايا من دُخُول البلدان الإسلامية، وهدْم دور البغاء، وضبْط سفر الشباب إلى البُؤَر والمستنقعات بالتوعية والتحذير، وفحص القادمين من الخارج، ومنْع سفر المتورطين والمشبوهين منهم، وأجزم أن منع سفرهم أيْسر بكثير من منْع سفر المعارضين والمشبوهين أمنيًّا وسياسيًّا.
10- إصلاح قِطاع الإعلام بأنواعه، وإلزام المؤسسات الإعلامية بتبنِّي مصالح الأمة الإسلامية، والاحتساب على مَن يُخالف، ومحاكمته وفق شرع الله العظيم.
11- إشاعة الثقافة الأسَرية، والفنون التربوية، مِن خلال البرامج التدريبية لجميع أفراد الأسرة، حتى تكون التربيةُ همًّا مشتركًا بين جميع الناس.
12- إلغاء كل قانون يُخالف شرع الله فيما يخص الأسرة؛ لأنه مَوْضوعنا، وفي كل الشؤون لأنه ديننا، ومن ذلك البراءة من معاهدات الأمم المتحدة، ورفْضها، أو رفْض ما يُناقض الدِّين الإسلامي منها.
13- الوقْف لصالح برامج المساعدة على الزواج ومؤسسات رعاية الأسرة؛ لأن الزواج مسؤولية تربط الرجل بأهله ودياره؛ على أن يمول هذا الوقف من أثرياء المسلمين، ومن الدول والحكومات؛ فتزويج الفتيان والفتيات أَوْلى مِن كثير منَ الرياضات والفنون والمهرجانات والحملات الدعائية الجوبلزية.
14- قيام فُضليات النساء بشأن موضوع المرأة قيامًا شرعيًّا لا مناص منه، ويشمل ذلك الالتزام بالدِّفاع عن المرأة ضد المفسدين، مِن خلال التعليم والثقافة والإعلام، وبالاحتساب ضد العاهرات ودور الخنا، وإصلاح المفاهيم لدى بنات جنسهن تجاه الزواج والتعدُّد؛ ودعوة النِّساء لتقليل الإنفاق، وترشيد الصرف، فالنساء في الخليج يُنفقن 7.1 مليار دولار سنويًّا على مستحضرات التجميل والصحة.
15- تشجيع الزواج المبكِّر، وإنشاء مؤسسات للدلالة والتوفيق والإصلاح، وإبرازها إعلاميًّا، ومن فضل الله وإحسانه أن هذه المؤسسات يقوم عليها الخيرة من المسلمين، بينما يجهد الفجرة لتخريب المرأة، وقطعها عن الزواج والأمومة، وتحويلها من أقدس متاع إلى أرخص متعة، وهذه أكبر فضيحة للتيار الليبرالي، أخلى الله منهم الديار، وأراح العباد.
16- التعدد؛ فالنساء كثر، وفي بعض الرجال عللٌ مانعة من الزواج، وما انصراف الناس عن التعدد إلا بسبب الوهم الملقى في روع الرجال والنساء، ولم تكن العنوسة مشكلة في جيل الصحابة - رضوان الله عليهم - ومن بعدهم، بل كانت المطلَّقة والأرملة تتزوج بمجرد انتهاء عدتها؛ ومن نساء الصحابة مَنْ تزوجتْ أربعة من الأصحاب الميامين.
17- توفير المساكن بأسعار معقولة؛ حتى لا تكون الندرة والغلاء سببًا لتأخير الزواج، ومشاريع الإسكان الخيري مقصورة على العوائل الفقيرة، وليتها تشمل المقبلين على الزواج.
18- تشْجيع حفلات الزواج الجماعي؛ حتى تنخفض تكْلفة الزواج، ولهذه المشاريع وجود في عدة مناطق سعودية، وفي الأردن وغيرها، ومن التشجيع حضور العلماء والمسؤولين والوجهاء هذه الحفلات، ومشاركة أبنائهم من ضمن المحتفَل بهم.
19- حُسن التربية للأطفال منَ الجنسين، وتعظيم أمر الزواج في نفوسهم، وقد أخبرني رجلٌ عن امرأة عجوز أنها كانتْ تقول لبناتها في الصغر: للبنت رُبْعُ رَجُلْ! ومن هذا الباب احتساب النساء المتزوجات في الرضا بالتعدُّد؛ قضاءً على العنوسة، وتكثيرًا لسواد الأمة.
20- تشْجيع الشباب على الزواج، فكل شاب عَزَبٍ - بلا عذر - قد أساء لنفسه، ولفتاة عانس، ولمجتمعه.
21- طَرْقُ موضوع الزواج من قِبَل الخطباء والمربّين والعلماء على مدار العام، وليس في مواسم الزواج فقط.
22- تضْمين هذه المسألة في المشاريع الإصلاحية.
23- قيام ولاة أُمُور البنات والشباب بِواجبهم الشرعي والعائلي تجاههم؛ لأنَّ بعض الأبناء لا يحيط بأمره من كل جهاته، والبنت والولد ضيفان في بيت أهلهما حتى يؤسسا بيتًا جديدًا، وينبغي ألا تطول استضافتهما.
24- أن يكونَ تفاعلنا مع قضايا الأسرة والمرأة دائمًا مستمرًا، لا انفعالاً ينتهي بزوال المؤثر.
25- استشراف المستقبل حول العنوسة؛ فثم صراعات إقليمية، وعولمة قادمة، ومنظمة التجارة العالمية تفرض نفسها، وقوانين تصاغ في الخفاء، وحزب ماكر يكيد من داخل بلدان المسلمين، ولا ندري بعدُ ما يكون غير أن الظن الحسن بربنا لا يتخلف، والتفاؤل لا يتضاءل من حياتنا.
وأختم بنقلٍ عن العلامة الجزائري محمد البشير الإبراهيمي:
أعضل هذه المشاكل، وأعمقها أثرًا في حياة الأمة، وأبعدها تأثيرًا في تكْوينها: مشكلة الزواج بالنسبة إلى الشبان، فالواقع المشهود أن الكثير من شبابنا - وهم أملنا وورثة خصائصنا - يُعرِضُون عن الزواج، إلى أن يبلغ الواحد منهم سن الثلاثين فما فوق، ويترتب على ذلك أن الكثيرات من فتياتنا يتعطلن عن الزواج إلى تلك السن، فيضيع على الجنسين ربيع الحياة ونسماته وأزهاره وبهجته وقوَّته، ويضيع على الأمّة نبات ذلك الربيع، وثمر الخصب والنماء والزكاء فيه، ثم تضيع بسبب ذلك أخلاق وأعراض وأموال، وإذا زادتْ هذه الفاشية فشوًّا، واستحكم هذا التقليد الفاسد، فإنَّ الأمة تتلاشَى في عشرات من السنين.
كثير من الأرقام المذكورة في هذه المقالة، من كتاب: "أرقام تحكي العالم"؛ لمحمد صادق مكي، من إصدارات مجلة البيان، وهو كتاب يُمَتِّع قارءَه، ويُضحكه ويُبكيه.
أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف
مواقع النشر (المفضلة)