لا ينهار الحب فجأة ، لابد وأنه تآكلت ركائزه وزُعزعت دعائمه على مر الزمن .
وإذا كانت ركائز الحب هي الإخلاص والتفاهم والعطاء والعلاقة الحميمية السليمة ، إذن فضعف أحدهم أو اختفائه هو ما زعزع كيان الحب وأدى به مع الوقت إلى الإنهيار.


وجدير بالذكر أن هناك مضعفات للحب ومدمرات له ، تماما مثل ما تفعله الزلازل البسيطة مع البنايات على مر الوقت وما يفعله التسونامي إذا زأر مرة واحدة .

المضعفات هي الأخطاء الصغيرة التي تبعث على الضيق والحنق وتثير الغضب ، وبالرغم من العتب والاعتراض ، يكررها فاعلها ، فتتسبب في جرح مشاعر الشريك بشكل منتظم وهذا ما يزلزل و يضعف الحب و يضعه على حافة الانهيار مثل : الازدراء ، المقارنة ، النقد المستمر ، كثرة العتب ، الكذب والغيرة والشك ، الإيذاء .

أما المدمرات فهي أخطاء يكفي الخطأ الواحد منها ان يقتل الحب قتلا وتتفاوت قدرة الفرد منا ودوافعه على تجاوزها مثل الخيانة أو إفشاء السر .

يكمن سحر الحب في أنك تصل بشريكك إلى درجة تنقل فيها له شعورا رائعا حيال نفسه ،يرفع من تقديره لذاته ويعزز من قيمة العلاقة التي تربطكما ، ولكن انظر معي عزيزي القارئ إلى معاني هذه الأفعال ، أي منها يمكنه أن يزيد إحترامك لذاتك أو يوطد العلاقة بينك وبين شريكك؟!!

الإزدراء
الإزدراء ومرادفاته من السب والشتيمة والتجاهل وتسفيه الرأي والنبرات التهكمية والنظرات الهازئة وغيرها كلها تعني أنني أرفضك بل أرفضك وأمقتك جملة وتفصيلا.


الإنتقاد
فرق بين أن أشكوا لك وأن أنتقدك.
أن أشكو لك فهذا يعني أنني أريد أن أشركك فيما يزعجني ، وأود أن نعالج الأمر سويا.
أما عندما أنتقدك بإستمرار فهذا يعني أنك بإختصار ، لا تعجبني ، وإذا قارنتك فأنا أؤكد لك هذا المعنى بل أضيف عليه أنك لم تصبح الأفضل في نظري .


كثرة العتب
تعني أنني أحصي عليك كل صغيرة وكبيرة ولا أتغافل عن شئ وتجعل المُعاتَب يشعر أنه في موقف إتهام بالتقصير أو الفشل دائما وأنه شخص غير كفئ للقيام بدوره .


أما الكذب
فهو يذهب بالأمان وهو الحاجة الأساسية التي تسبق الحب في هرم الإحتياجات النفسية وأنت بالطبع تعلم ماذا يحدث إذا حطمت أول درجة من درجات الهرم .


الشك
إذا تسلل الشك الى القلب ، إنصرف الحب بكل بساطة ، فلا وجود للحب مع الخوف لأن المعنيين يضادان بعضهما البعض .


الغيرة
الغيرة ملح الحب ، قليل منها يحافظ على الحب حيا ولكنها تقتل الحب وتقضي على العلاقة إذا ما تحولت إلى ملاحقات ومطاردات وتجسس.


الإيذاء والعنف الجسدي والجنسي
كلنا يعلم أن أجسادنا خلقت للمس لا للإيذاء !
وتذكر دائما أيها الزوج أن اليد التي ترتفع عاليا ثم تهوى على وجه المرأة فإنها تهوى أيضا بكل المواقف الجميلة السابقة ، قد لا يدرك الرجل أن بصمات أصابعه هذه لم تطبع على الوجه إنما طبعت على صفحة إسمنتية رطبة فبقيت شاهدة عليه على مر السنين!!
وكذلك إذا تعرض الجسد لما ينافي فطرته ، فمن الطبيعي لصاحبه أن يسعى للهروب به .


الخيانة والصدمة في من وضعنا فيه كل الحب وكل الثقة هو أمر قاتل بمعنى الكلمة ، قاتل للجسد وقاتل للمعنى ، بمجرد المعرفة به يخور الحب خورا لا على الأرض فحسب ، بل لمسافات سحيقة تحت الأرض .

الخيانة أصعب المعاني إحتمالا ولا يستطيع إنسان أن يتعايش معها إلا إذا كان هناك ما يدفعه إلى ذلك مثل وجود أطفال ، وسيكون وجودهم حينئذ هو السبب الوحيد للحياة .أما عندما أفضي إليك سرا فتعايرني به لحظة ما فأنت حينها تخسر قيمتك بالكامل وتصنع جرحا لا يلتئم في صورتك قبل أن يكون في قلبي ، فحذار ثم حذار .

قل لي بربك ، كيف يصمد الحب ، هذا المعنى الرقيق ، أمام هذه الوحوش من المعاني؟!
أهيب بك عزيزي القارئ أن تكون واقعا من قريب أو من بعيد بوعي أو بدون وعي في إحدى هذه المعاني ، فبذلك أنت بنفسك تزرع ألغامك في أرضك ، وتدمر ببطئ أكبر وأهم مشروع في حياتك الذي طالما حلمت به نوما ويقظة .

ولأني أعلم أن هذه المعاني ثقيلة الأثر على النفس والقلب ، فدعونا نسيل عليها تيارات من بلسم الدعاء اللهم إجعل علاقتنا بزوجاتنا وأزواجنا ، بالود تبقى وبالخير ترقى وبالوصل تبقى ووفقنا يارب وإياهم إلى ما تحب و ترضى .
اللهم إجعل لنا من أنفسنا وأزواجنا قرة أعين .آمين