لا أحد يُولَد رائد أعمال، كما أنه لا أحد يولد بمواهب ستيف جوبز Steve Jobs الخطابية، أو حدس وارن بافتWarren Buffet الثاقب في الأعمال! أو خيال مارك زوكربيرج Mark Zuckerberg ، بل إنه في الواقع، وإذا عمدنا بكل موضوعية إلى تحليل تاريخ هؤلاء وغيرهم من روّاد الأعمال، ما بين ناجح ومشهور، فسوف نجد أن لديهم تجارب فعلية مع الفشل، مرة واحدة على الأقل، قبل المحاولة التالية لخلق انطلاقة جديدة لأعمالهم التي وضعتهم على طريق النجاح بطرق مبتكرة غير تقليدية.
بقلم: يحيى السيد عمر
أصبحت ريادة الأعمال مَثَارَ جَذْبٍ واهتمامٍ كبيرين على المستوى العالمي؛ بسبب الشهرة الكبيرة والنجاحات الضخمة التي حقَّقها روّاد الأعمال في مختلف المجالات الإنتاجية والخدماتية؛ حيث أصبح الولوج إلى بوابة ريادة الأعمال السحرية هدفاً يُلِحُّ على من يمتلكون أحلاماً طموحة تُحَلِّقُ بهم نحو تحقيق نجاحات اقتصادية تُخلِّصهم من البطالة، وتُجنِّبهم ملل وقلق انتظار الوظائف الحكومية ذات الدخل المحدود والمردود التقليدي.
ريادة الأعمال.. تساؤلات الكيفية
بَيْدَ أنَّ السؤالَ الأكثر إلحاحاً هنا ليس سؤال الإرادة؛ هل تريد أن تصبح رائد أعمال؟ ولكنه سؤال الكيفية؛ كيف يصبح المرء رائد أعمال ناجحاً، وكيف يَلِجُ أبوابَ هذا العالَم الساحِر الذي ينطلق بصاحبه نحوَ آفاقِ المجد والثراء ويُغَيِّرُ حياته، بل وحيوات آخرين؛ أفراداً ومجتمعات، وهو ما يستوجب التمهيد بجملة منطلقات عامة تُعَدُّ أولى خطوات النجاح لرائد الأعمال.
إنَّ ريادة الأعمال تمنح الإنسانَ العادي نقلةً نوعيةً من مشاغل حياته البسيطة بمسؤوليات ومهام قليلة، إلى عالم مليء بالمنافسة والمغامرة ومواجهة التحديات، التي تحتاج إلى الكثير من المهارات والحِنْكَةِ لتجاوزها بنجاح.
ولهذا فعلى من يرغب بالدخول في مجالات ريادة الأعمال أن يتمتع بالمواهب الكافية التي يحتاجها أيُّ مشروعٍ رياديّ؛ من أجل القدرة على الاستمرار في ابتكار أفكار جديدة جاذبة للآخرين؛ لأن النجاح يحتاج بصورة عامة إلى العمل الجادّ والمثابرة.
فرائد الأعمال الناجح يتميز إجمالاً بأنه شخصٌ اجتماعي” لديه قدرات اتصالية تمكِّنه من كسب الآخرين والتأثير فيهم، كما أنه لا يخاف خوض غِمار المخاطرة المحسوبة غير المتهورة، ولا يستخفُّ بالعمل ضمن فريقٍ متوافق على الأهداف والغايات، مع إتقانه لفنِّ إدارة الوقت والجهد بنجاح.
ورائد الأعمال الناجح، أيضاً، يَتَّسِمُ بالواقعية، والقدرة على القراءة الجيدة للواقع، ولديه مَلَكَةُ التقاط الإشارات والفُرَص الواعدة التي تحملها تباشير المستقبل، ومن ثَمَّ فهو لا يبالغ في رسم الأحلام الوردية، بما أنه لا يمتلك أدوات تحقيقها أو ترجمتها إلى تطبيق بنَّاء.
نصائح لتكون رائد أعمال
ربما تحمل لنا سياقات واقع ريادة الأعمال وسِيَر روَّاد الأعمال الناجحين حول العالم بعضاً من النصائح والتوجيهات التي تجعل من هذا المجال الخصب تراكماً لخبرات الناجحين، وكيف نجحوا، بما يجعل تلك الخبرات بمثابة ركيزة انطلاقية لمن يريد طَرْقَ أبواب الريادة على المستويات كافة.
ثمة خمس عشرة نصيحةً، مستخلَصة من الواقع الخبراتي المعاش لروّاد الأعمال الذين ارتقوا سُلَّمَ الحضارة الإنسانية المعاصرة، صناعةً وتأثيراً، في عصرها الحديث؛ نضعها لتكون نُصْبَ عين كل مريد، وموضع استفادة لكل مجتهد، تتمثل في التالي:
- استفِد من خبرات الآخرين: وذلك عبر التعرُّف على تجارب الأشخاص الذين مرُّوا بالأفكار والمشاريع ذاتها. وهي خطوة مهمة يجب أن يقوم بها الشخص قبل أن يصبح رائد أعمال؛ لأنّ هذه التجارب تُعطيه المعلومات الكافية عن خطوات النجاح التي ينبغي له أن يلتزم بها، وخطوات الفشل التي يجب عليه أن يجتنبها حتى يحقِّق النجاح المأمول.
- احرِص على الاستقلالية: وهي أولى الصفات التي يحتاج إليها رائد الأعمال، وتنبع من رغبته في الاستقلال داخل العمل، وألا يعمل تحت إمرة أو ضغوطات أحد؛ لأن هذه الرغبة هي الدافع الرئيس في بدء مشروعه الخاص، والانطلاق نحو رحابة ريادة الأعمال كمجال خصب للابتكار والإبداع.
- امتلِك المهارات ورأس المال الكافي: إذ يُعَدُّ توفُّر رأس المال المناسب أحد العناصر المهمّة للبدء في عمل أيّ مشروع، وكذلك امتلاك المهارات اللازمة، الشخصية والعلمية والمهنية، من أجل مواجهة جميع التحديات؛ فالإنسان الناجح هو الذي يحاول استغلال الموارد المتاحة؛ حتى يتمكَّن من تحقيق هدفه، وعليه أن يوظِّف كلَّ مهاراته من أجل نجاح مشروعه.
- كن مبدعاً: يحتاج رائد الأعمال دائماً لأن يكون مبدعاً في مجاله؛ إذ إن ريادة الأعمال تعتمد على رؤية الإنسان الطَّمُوحِ لفرصةٍ في المجتمع يقوم باستغلالها، وبالتالي فإنَّ الإبداع هو ما سيجعل رائد الأعمال يدرك وجود هذه الفرصة، ويسعى إليها بصورة مبدعة ومبتكرة، ويقدم شيئاً جديداً متميزاً عن منافسيه، ولا يقتصر الإبداع على الإنتاج، بل للإبداع مجالٌ كبير في تسويق المنتَج، والتأثيرِ على العملاء، ووضعِ الخطط، وتلافِي المعوِّقات.
- كن طَمُوحاً: يُعَدُّ الطُّمُوح عنصراً مهماً في حياة رائد الأعمال لكي يحقق النجاح؛ لأنّ وجود الأهداف بدون تَوَفُّرِ الطموح لن يضمن للفرد أيّ نتائج إيجابية، ولهذا يجب على الفرد الذي يمتلك الطموح أن يستمر بتطويره.
- لا تتجنب المخاطرة: فبدون استعداد رائد الأعمال للمخاطرة، فإنه لن يقدر على استغلال أيٍّ من الفُرَص العديدة حوله. لذلك يجب أن يتمتع بالمخاطرة؛ القائمة على الجرأة والإقدام، ولكنْ بشرط أن تكون مخاطرةً محسوبة وواعية.
- ثق بنفسك: فعندما يمتلك الفرد الثقة يكون أكثر قدرةً على إدارة المواقف، وتوجيهها بالشكل الصحيح؛ لأنّ عنصر الثقة يُعتَبر من أهم العناصر لضمان النجاح، وخاصة إذا تحوَّلت هذه الثقة إلى تطبيق عملي على أرض الواقع بدون هاجس الخوف من الفشل.
- كن شَغُوفاً: فوجود الشغف لدى رائد الأعمال ضرورةٌ لا بد منها، فالشَّغَفُ هو الذي سيجعلُ الشخصَ يصمِّم على تحقيق هدفه؛ على الرغم مما سيمرُّ به حتماً من مشاكل وتحديات، فالشَّغَفُ هو الذي سيساعده على تخطيها، والتعامل معها بإيجابية.
- خطِّط جيداً قبل بدء المشروع: فإن بعض مشروعات ريادة الأعمال لا تمكث طويلاً في المنافسة؛ حيث تنتهي إلى تصفيتها لأسباب يمكن معالجتها وتجاوزها إذا وُجِدَ تخطيطٌ جيدٌ لها.
- اتخِذ القرارات المناسبة: على رائد الأعمال أن يراعي اتخاذ القرارات المناسبة، وقتاً ومكاناً، بعد دراستها من جوانبها كافة، فكلُّ قرارٍ يُؤْخَذُ في المشروع يصبح مسؤوليته هو، وكلُّ قرارٍ يخرج سَيُؤَثِّرُ إمّا بشكل إيجابي أو سلبي على الشركة، وفي بعض الأحيان سيجد رائدُ الأعمال أنَّ عليه اتخاذ قرارات في وقت ضيِّق تتعلق بأمور في غاية الأهمّية.
- تخلَّص من المؤثرات السلبية: فحتى يضمن رائد الأعمال نجاحه يجب عليه أن يدرس المعوِّقات التي سوف يتعرَّض لها حتى يحوِّلها إلى نقاط قوة ودعم لا تؤثر على تقدُّمه، وليحذر من الرسائل السلبية والمشكلات الطارئة أن تؤثر عليه وتُفقِده الأمل في النجاح.
- كن مَرِناً: فريادة الأعمال تعتمد بشكل كبير على قابلية الفكرة للتطوير، والتعامل مع التحديات الموجودة، والبحث عن مزيد من الفرص واستغلالها.
- لا تُفْرِطْ في الاقتراض: إذ إن كثرة الاقتراض ستؤثّر سلباً عليك؛ لأنّك بهذه الطريقة لن تتمكّن من الوصول إلى النجاح بسبب تراكم الديون، فلا تكبِّل نفسك بالقروض وبفوائدها المتناسلة، واسْعَ إلى خلق موارد جديدة وتطوير الموارد القائمة وحسن توظيفها لخدمة المشروع.
- تمتع بالقيادة الرشيدة: إذا قررت أن تعمل على مشروعك الخاص، فغالباً ما ستحتاج إلى فريق عمل، وبالتالي يجب أن تكون قادراً على قيادة هذا الفريق أثناء العمل، حتى تصل إلى هدفك من المشروع، وعليك أن تعمل على تكوين فريق عمل متناغم.
- احرص على التسويق المثالي للمشروع: فالتسويق الجيد قبل انطلاق مشروعك الصغير من أهم الأشياء التي تجلب لك الربح، وتقرِّبك إلى تحقيق أهدافك، فالعالم الآن يتميز بسهولة تمرير الإعلانات الترويجية، وذلك بفضل شبكات التواصل الاجتماعي، وغيرها من وسائل ووسائط الاتصال الفعَّال.
ما سبق خلاصات استقرائية ستساعدك على إطلاق مشروعك وحُسن إدارته، مع التأكيد على أنه لن يستحق أحدٌ أن يُطلَق عليه لقب رائد أعمال” إذا ما بقيت فكرته حبيسةَ خواطر العقول أو حتى حبر الأوراق؛ فرائد الأعمال هو الشخص الذي يثابر، ويسعى إلى استغلال كل فرصة في المجتمع من حوله، ومن ثَم يجعل من هذه الفرصة واقعاً ونجاحاً حقيقياً له وللآخرين من حوله.
لتحميل المقال بصيغة PDF يمكنك النقر على الرابط التالي:
مقال خطوات نحو ريادة الاعمال
مواقع النشر (المفضلة)