+ الرد على الموضوع
صفحة 5 من 21 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 15 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 25 من 105
  1. #21
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الواحدة والعشرون



    أخرج الشيخان أنه عليه السلام قال " عرضت علي الامم فإذا النبي ومعه الرهط والنبي ومعه الواحد والنبي وليس معه أحد حتى رأيت سوادا عظيما فظننت أنها أمتي فقيل لي إنه موسى ومعه أمته ولكن أنظر إلى الافق فإذا سواد عظيم فقيل تلك أمتك ومنهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب فخاض الناس فمن قائل هم من ولدوا في الاسلام ومن قائل هم أصحابه فأخبرهم عليه السلام وقال هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون قال عكاشة أدع الله أن أكون منهم فقال أنت منهم فقال آخر كذلك فقال سبقك بها عكاشه ".

    ــــــــــــــــــــــــ

    لابأس من حفظ الاحاديث الطويلة فإن تعذر فلا أقل من إستيعاب مخ الحديث وهو أن شروطا أربعة ترشح لدخول الجنة بلا حساب ولا عذاب وهي نبذ الرقية ونبذ التطير وإمتشاق التوكل .



    موضوع الحديث : مخ الايمان اليقين والثقة والامل والتوكل وهي مرشحات خير اليوم وغدا: دعك الان من صور الايمان وهيئاته ومظاهره وطقوسه وركز معي علىحقيقته وروحه ومعناه الذي أراده الله منا قبل كل شئ ويمكن أن يكون الايمان منقوصا أو مغشوشا أو غير خالص كل الخلوص وبقدر نقصانه سيما في معناه وجوهره تخصم الحياة اليوم ولا أمل لصاحبه غدا في المراقي العالية والفراديس السخية ولك في سؤاله يوما لاصحابه عليه السلام وعليهم الرضوان هل أنتم مؤمنون فأطرقوا إذ لم يعهدوا هذا السؤال المباغت والصعب وهو إمتحان بكل المقاييس المعروفة غير أن الفاروق من ضرب الله الحق على قلبه تجشم الاجابة وترشح لخوض غمار الاختبار الصعب فقال بثقة أمام المعلم عليه السلام بلى فواصل المعلم الدرجة الثانية من الاختبار لنيل الشهادة من لدن نائلها عن جدارة وإستحقاق وما الدليل ياعمر فلم يجد الفاروق من نفسه سوى مضاء فقال الخلاصة التي أقرها عليه السلام وغدت إلى اليوم عنوان الايمان وروحه وحقيقته ومعناه " نؤمن بالقضاء ونشكر على السراء ونصبر على الضراء " فتهللت أسارير وجه المعلم عليه السلام كيف لا والمعلم لم تذهب جهوده سدى بل وجد من يحمل عنه الرسالة ولو سألت واحدا منا اليوم عن أمارات الايمان لذهب إحدى مذهبين كلاهما صحيح ولكن المطلوب ليس الصحة الرياضية الميكانيكية بل المطلوب ما يعكس حسن الفقه وتمام الفهم ولن تجد منا سوى من يقول أن دليل إيماني هو أني أؤمن بالله وسرد لك الاركان الخمسة أو الستة أو من يقول أن الدليل هو إقامتي للصلاة وسرد الاركان المعروفة وها هي كل تلك الاركان الايمانية والاسلامية وأكثر منها معقودة عند مليار ونصف من المسلمين قولا وعملا فما بال الدنيا اليوم تخصم الاسلام وتطرد الايمان وتضيق بالعدل والحرية وكرامة الانسان والجواب الوحيد سوى أن مرد ذلك أن الايمان الذي آمن به الفاروق وأقره المعلم عليه السلام إقرار رضى وغبطة ليس هو ذلك الايمان الذي ندين به نحن اليوم فهما متماثلان في الصورة والهيئة ولكنهما مختلفان كثيرا في الحقيقة والجوهر فالاول يصنع الحياة والثاني يصنع الموات .



    نواقض الايمان هي : الرقية طلبا وفعلا وتطيرا : ليس المقصود هنا بالنواقض الكاملة المخرجة من الملة ولكنها نواقض بمثابة الامراض المعدية الخطيرة التي لا تقتل الجسم بالكلية ولكن تضعه في حياة برزخية لا هو بحي ولا هو بميت يصدق عليه أنه حي وميت في الان ذاته . إختلف العلماء كثيرا في مسألة الرقية هنا فعلا وطلبا ذلك لان الرقية عمل نبوي قولا وفعلا فمنهم من قال أن المقصود بالرقية هنا الرقية بما هو ممقوت أو مكروه وذلك إبتغاء التوفيق بين النصوص وهو المنهج الاعدل والاقرب إلى الحق ومنهم من قال بالرقية مطلقا تجريدا للقلب عن كل خائنة مهما تكن دقيقة لطيفة لا ترى تشوش على خلوص الايمان ودون تفصيل فإن الراجح هنا القول الاول بإعتبار أن الرقية المشروعة بالقرآن الكريم مثلا ممارسة نبوية وليس أخلص منه عليه السلام إيمانا وثبت عنه ذلك بالمعوذتين حيال ريحانتيه عليهما السلام الحسن والحسين كما ثبت في إقراره الاستشفاء من اللدغة بالفاتحة وهذا معلوم وبذلك فإن الذين لا يرقون ولا يسترقون هم الذين لا يتجاوزون السنة في ذلك في شئ لان المسألة توقيفية وليس إجتهادية ومن عادة الناس حتى الاتقياء الصادقين العاملين منهم أن يتوسعوا في طلب البركة ولا يخفى أن ذلك قد يشوش على خلوص الايمان بقدر التوسع فيه زمانا ووسيلة كأن يعتقدن أحد في غفلة منه وشبهة من الشيطان أن الله مثلا لولا القرآن لما شفاه أو لاخر عنه الشفاء وخلوص الايمان هنا معناه أن القرآن وهو كلام الله ليس سوى وسيلة جعلها الله في يد العبد وإنما الشفاء كله مبنى ومعنى منه سبحانه وكثير من المتدينين يقع في مثل هذا الخلط . أما الناقض الثالث فهو التطير وهو عادة جاهلية مفادها تعلق قلب المتطير بمخلوق لا ناقة له ولاجمل في إرادة الله سبحانه ومعلوم أن بيئاتنا العربية والاسلامية ورثت هذه العادة الجاهلية كابرا عن كابر ومازالت تزاول التطير مع الايمان بالله سبحانه وذلك مصداقا لقوله " وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون " والتطير قد يأخذ صورا مغلظة شنيعة من مثل تعليق العزم على تصرف طير أو حال طقس أو هيئة كون وقد يطرد الايمان كلية وقد يأخذ صورا مخففة كما هو عندنا اليوم من مثل إهراق الماء إثر المسافر ولكن الايمان بمثابة حدقة العين قد يغشاها نسيم عليل أو يقع عليها مالا تحصيه أشد المجاهر تطورا فيؤلمها لفرط حساسيتها إذ كلاهما يتصف بالخلوص أي الايمان والحدقة .



    البديل الاسلامي عن التطير وعن الرقية المنكورة هو التوكل : ثمة قاعدة عامة في التشريع الاسلامي لك أن تتبعها واحدة واحدة وهي أنه لم يمنع من شئ إيمانا أو فعلا أو قولا إلا أبدل به ما هو خير منه فإذا أضفت إلى ذلك أن الممنوع فيه لا يكاد يحصى لفرط قلته عددا وحيزا فأنك تدرك أن التشريع الاسلامي لم يأت لقتل الحياة وإلغاء الانسان بل لتنظيم السير فلا يصطدم هذا بذاك تماما كما يفعل أهل القانون الوضعي اليوم وخذ إليك مثلا قوانين السير والطرقات . ولك أن تسأل لم ألغى الاسلام التطير والرقية المنكورة وستجاب بأن ذلك لحفظ العقل وتحريره من الاوهام وتمكينه من معرفة السنن والاسباب المودعة في الكون فيتسخر الكون للانسان وكان البديل هو التوكل وليس أمام الدعاة اليوم سوى إبراز منافع التوكل ومحاسن العزم ومكارم الحزم في بناء الشخصية النفسية البشرية السوية المؤهلة للفهم والعمل والكسب والتسخير والتعمير والنجاة من أعداء الانسان الاصلية وهي الجهل والفقر والمرض وليس كالتوكل بلسما شافيا لكثير من الامراض النفسية كالتقوقع والكآبة والوحدة والخوف ولقد ضرب لنا عليه السلام في ذلك مثلا بليغا يوم قال " لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما ترزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا" والطير أمة كالانسان والنمل والنحل تسري علينا وعليها سائر السنن والاسباب وهي محايدة لا تجامل مؤمنا ولا تعادي كافرا بل الناموس هو " كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك". ولو أحصيت ميزان كل خاسر في هذه الدنيا خسارة دينية أو دنيوية لوقفت على أن السبب الاكبر وليس الوحيد طبعا هو نقص التوكل أو فقدانه بالكلية وكم من شاطر باهر ماهر في هذه الدنيا كان مفتاحه نجاحه التوكل والمضاء وقوة الارادة وعدم اليأس وإمتطاء الامل وليس كالمؤمن جديرا بالتوكل وبالنجاح لان إيمانه يدفعه إلى ذلك .



    العلاقة بين الكثرة والخيرية والتوكل والفلاح في الدنيا والاخرة : يرسم الحديث علاقة بين كل ذلك متينة فكأنه يريد القول بأن التوكل بنبذ الرقية المنكورة والتطير المفرغ للقلب والمخنع للعقل مؤذن بالفلاح في هذه الدنيا بما يوفره من إرادة وعزم وحزم ونبذ للتردد وعدم إعتراف بالهزيمة وذلك في شأن المؤمنين إمارة فلاح في الجمع بين الدين وبين الدنيا وبما يوفره كذلك من تنافس بين الناس فينتج عن ذلك الكثرة ومعلوم أن الامة الاسلامية هي أكثر الامم في الاخرة تعدادا وبما يوفره كذلك من خيرية ناتجة عن صحة التوكل وصحة التنافس وصحة الكثرة ومعلوم أن الامة هي كذلك خير الامم وهي خيرية مشروطة بشروط سورة آل عمران وهي ثلاث ونتيجة كل ذلك هي أن التوكل بما يوفره من تعمير للدنيا ثم من تنافس على الخير وكثرة وخيرية ليس له من جزاء في الاخرة سوى الجنة بمضاء لا يعرف حسابا ولا عذابا وهو متناسب مع ذلك المضاء الذي كان عليه أولئك المتوكلون في الدنيا فلا يليق بهم أمام الجنة سوى إرتفاع مخافر الحساب والعذاب من طريقهم لان طريقهم عبدوه في الدنيا بالتوكل فجزاهم الله بمضاء التوكل ونبذ التردد في الاخرة كذلك والجزاء من جنس العمل وهؤلاء من عموم الامة يمكن لك أنت أن تكون منهم .

     
  2. #22
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الثانية والعشرون



    أخرج الشيخان عن أسامة أنه عليه السلام قال " مررت ليلة أسري بي بأقوام تقرض شفاههم بمقاريض من نار فقلت من هؤلاء يا جبريل قال خطباء أمتك الذين لا يقولون ما لايفعلون ".

    ـــــــــــــــــ

    من شواهده " ياأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولواما لا تفعلون".



    موضوعه: أكبر الذنوب فتنة الناس فالفتنة أشد وأكبر من القتل : يختلف الناس في معنى مخالفة العمل للقول هنا هيئة وأثرا ولكن لحسم الاختلاف تقريبا وترجيحا وليس منعا لتعدد الافهام لابد من الاتفاق منذ البداية على أمور منها أن عقاب الخطباء يوم القيامة بقرض شفاههم بالنار عقاب شديد وعذاب أليم فلا بد أن يكون العمل السابق له كبيرا شديدا أليما كذلك وإلا لانتفى العدل عن الله سبحانه وبذا يتبين لي والله أعلم أن ذلك العقاب الاليم الشديد إنما إستحقه أهله من الخطباء بحكم سعة الاثر وإمتداده بين الناس وإحداث الفتنة بين الناس ولاشك أن الفتنة بصريح القرآن الكريم أشد وأكبر من القتل لان القتل يصيب الابدان أما الفتنة فتصيب العقول والارواح وهذه مقدمة في الاعتبار على الابدان فتلك أوعية وهذه جواهر وتلك جنود مجندة وهذه قيادات وبالتالي فإن الخطباء إستحقوا ذلك تبعا لسعة أثر وإمتداد القتل المعنوي الذي بثوه بين الناس فترهلت بهم الهمم وإنصرفت عن الحق أفئدتهم وإلى سفساف الامر إهتماماتهم إذ لو كان إختلاف العمل عن القول في هذه الحالة محصورا في خويصات الخطباء وأشخاصهم ففسدوا ولم يفسدوا لما كان جزاؤهم بمثل ذلك الذل وتلك المهانة فالنار مخزية مذلة مهينة ماديا ومعنويا حتى لو أصابت أدنى الاعضاء إنفعالا بألمها فما بالك والنار تقرض الشفاه فتورمها وتقطعها وتفسد هيئة الوجه بأسره بعد ذلك ولا يحرص الانسان حال تعرضه للعذاب والضرب على شئ حرصه على وجهه وهامته ولا يختفي المرء من الناس لعطب في يده أو رجله مهما كان مؤلما وكبيرا ولكن بسبب خدش صغير بسيط في وجهه . ولم تكن عقابات الالسنة والافواه والشفاه التي أشاعت الفتنة بين الناس فخلطت الحق بالباطل وعرضت العمل للنهك والقول للخذلان سوى جزاء وفاقا فأثر الفتنة بين الناس نار تحصد الاديان والقيم وكذلك أثر النار في الشفاه تحصد هيئات الوجوه الحسان وتخطم الخراطيم وتبشع المناظر .



    تحرير القول في مخالفة العمل للقول : لو رجعنا إلى القرآن الكريم وتحديدا إلى سورة الصف التي إفتتحها الله سبحانه بهذا النداء " ياأيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لاتفعلون إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص "لالفينا فيما ثبت وصح من أسباب النزول أن بعض الناس كانوا يقولون لو فرض الله علينا الجهاد والقتال لجاهدنا وقاتلنا فنهاهم الله عن ذلك وكأنه يريد أن يردهم إلى أن الموفق إلى الخير هو وحده سبحانه وأن المؤمن ليس جديرا بإيمانه سوى إعتقاده بأن تخلي الله عنه في كل لحظة مهلكة وأن توسيده لحظ نفسه لا يغني عنه شيئا مهما كان شاطرا وقصة قارون القائل " إنما أوتيته على علم عندي " خير درس في حيوية الذلة بين يديه سبحانه وذلك هو مخ التوكل ويم اليقين ومحك الثقة . وسياق الايات ينبئ بأن مخالفة العمل للقول أشد حرمة بقدر تفريقها للصف أو أن رص الصف في كل الاحوال مقدم على الاختلاف سيما إذا كان الاختلاف ناشئا عن الاكثار من القول وتمطيط الجدل فيه والتشدق في أمر لم يحن أوانه ولو إستصحبنا هذا المعنى من سياق آيات سورة الصف وسحبناه على معنى مناقضة العمل للقول في الحديث الذي نحن بصدده فإنه آن لنا أن نفيئ إلى أن إختلاف العمل عن القول لئن كان دوما ممقوتا فإنه أشد مقتا عندما يكون مفرقا للصفوف مهما كانت ضعيفة أو قليلة التماسك أو كان باثا للفتنة بين الناس ولاشك أن الفتنة وتفريق الصف صنوان ولو لم يكن للفتنة التي يبثها خطباء السوء سوى إثم تفريق الصفوف لكانت أشد وأكبر من القتل . غير أن الناس سيما اليوم يذهبون مذاهب شتى في تأويل مخالفة العمل للقول وأغلبها في الحقيقة ناشئة إما من النظرة المثالية التي عادة ما تسيطر على المتدينين وإما من النظرة التشاؤمية اليائسة التي عادة ما تسيطر على المتضايقين من الصحوات وحركات تجدد التدين . إذ ليس مطلوبا من الانسان أن يعمل كل ما يدعو إليه ولم يفعل ذلك حتى الانبياء من أولي العزم لانهم محصورون بالزمان والمكان والعمر وسائر المحددات ومن عادة الشعارات والدعوات أن تكون عامة شاملة كاملة متكاملة مطلقة تسع مالا يحصى من الاحقاب زمانا ومكانا ولايتسنى ربما إلى يوم القيامة لجيل تطبيق ذلك ليس تقصيرا ولكن لظروف معلومة تحول دون ذلك كما أنه ليس مطلوبا على وجه الالزام والوجوب الحتمي أن يفعل الداعي كل ما يدعو إليه حتى لو إستطاع ذلك في حياته الخاصة وليس ملاما أن يدعو إلىالكمالات في كل مجال من الحياة ثم لا يأتي منها سوى ما تطيقه عزيمته هل الداعي سوى بشر يضعف ويقوى وتنسحب عليه سائر المنسحبات على الناس من مثله ولكن الممقوت أبدا في حق الداعي والخطيب وسائر المصلحين هو أن يأمر بالقطعيات الكبرى المعلومة ثم لا يأتيها هو جبنا أو بخلا أو تكاسلا أو ضعفا مهينا فضلا عن أن يكون ذلك نفاقا أو إرادة لفتنة الناس وبث اليأس من صلاحية ما يدعو إليه قولا أو أن ينهي عن الكبائر الكابرة المعروفة ثم يأتيها عن ضعف همة وخوار عزيمة وتشهيا وتهتكا والانكى من ذلك كله أن يكون ذلك كله سواء كان إتيانا للكبائر الكابرة أو تأخرا عن العزائم القطعية الثابتة في الملا وعلى مرأى من الناس وبإرادة المجاهرة بالعصيان والتحلل والتخلف دون تستر ولا حياء . وبذلك يكون تأويلنا لمخالفة العمل للقول على أساس بث الفتنة سواء أرادها الخطيب أو الداعي مع سابق إضمار وإشاعة للفتنة والفاحشة بين الناس تهوينا للصفوف وتفريقا لها أو لم يرد شرها ولكن تهتكه وتأخره وإسفافه جر إلى ذلك دون قصد منه ... يكون تأويلنا لذلك إذن على أساس الفتنة وتوهين الصفوف بالنتيجة سواء أراد أم لم يرد هو التأويل الاقرب إلى فظاعة العقاب المشار إليه في الحديث أما لو كان الداعي أو الخطيب يدعو إلىكل خير وينهى عن كل شر ولكن عزيمته تخونه من حين لاخر دون نفاق منه ولا سوء نية في توهين صفوف الناس ولا بثا للفتنة بينهم شريطة أن يتحرى التستر وعدم المجاهرة بما يفرق الصف ويبث الفتنة ويفسد فكرة صلاحية تطبيق الفضائل في أذهان الناس ... إن ذلك لا يدرجه في عداد الذين يقولون ما لايفعلون والله أعلم .



    عزيمة الدعوة إلى الخير والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والاصلاح لا تنسخ : لامناص لطلبة العلم من فهم النصوص أي نصوص الوحي وسائر ما يقال حقيقة من خطابات يهمنا فهمها فهما تكامليا يقوم على الجمع ثم الجمع ترجيحا حال الاختلاف ولكن الممقوت منهم قطعا هو دعوى النسخ ولا نسخ والمغالاة في الفهم الجزئي على نحو يستحيل معه إعادة إنتظام البناء التشريعي الاسلامي ضمن جمالاته وكمالاته وبهاءاته التي تسحر العقلاء مبنى ومعنى وفي هذا الحديث لو فهمناه فهما ضيقا أو قل مغاليا في التحوط والبعد عن الشبهات بعد الخائفين لا بعد الاتقياء الراشدين لال الامر بنا إلى نسخ عزائم الدعوة إلىالخير والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والاصلاح بدعوى أني لا أستطيع فعل كل ما أقول أو الانتهاء عن كل ما أنهى عنه دون تمييز في ذلك بين صغير وكبير وآني ومؤجل ومجهور به ومستتر وبين ذي الاثر السيء بين الناس وبين غيره وهو مدخل شيطاني لا يريد إبليس سواه منا خاصة إذ له مع كل واحد منا سياسة محكمة فيها الضوابط والوسائل والمقاصد والاهداف والخطط والبرامج ومقادير تنزيلها يوميا وعلى مراحل ولو تخلى كل الخطباء والوعاظ والدعاة والمصلحين عن دورهم خوفا من الاندراج تحت أثافي مخالفة العمل للقول لانهدم الدين وتوهنت الصفوف وعمت الفتنة ولاشك أن تلك عقلية كنسية مؤداها أن القسيس لا يخطئ أو أنه مغفور له أما عندنا فليس الداعي إلى الخير سوى واحد منا لا يزيد علينا سوى بعلم بل في الاعم الاغلب بقدرة على بث العلم والشجاعة في بثه .


    أول الخطباء المعنيون بذلك اليوم دعاة التطبيع والذلة وخصم الشريعة : بداية لابد من تقديم الاعلاميين اليوم على الخطباء لاتساع دورهم وإمتداد كلمتهم وسائر الفنانين وصناع الناس فالعبرة بالعمل والاثر وليس بالاسم ونهاية لابد من تقديم آثام التطبيع مع العدو المحتل والذلة أمام المستبدين وخصم الشريعة لفائدة التغريب والعلمنة على سائر ما دونها لعظم أثرها والله أعلم.

     
  3. #23
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الثالثة والعشرون

    أخرج الجماعة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه عليه السلام قال " الايمان بضع وستون شعبة أعلاها لاإله إلاالله وأدناها إماطة الاذى عن الطريق " وفي رواية " بضع وسبعون شعبة ".

    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ

    موضوعه : صلاحية الايمان لكل زمان ومكان وحال وإنسان وجمعه بين الوحدة والتنوع: هل أن المعدود هنا في بضع وستين أو بضع وسبعين هو للحقيقة أم للمبالغة والتكثير والتعبير عن الاختلاف والتنوع ومراعاة سائر الاحوال ؟ في مثل ذلك سعة لاختلاف الافهام الذي لا ينصلح للانسان حال بسواه ومن العلماء من حمل ذلك على الحقيقة وألف فيها ما يراه من شعب الايمان فلا شغب بحكم أن اللغة تحتمل ذلك والشرع كذلك ولكن الاهم من ذلك هو أن الايمان يجمع بين أمرين ما جمع بينهما شئ إلا خالطه التوفيق وهما الوحدة والتنوع فالايمان هنا بحسب هذا الحديث واحد في موضوعه الاكبر ومقصده الاعظم لانه عبر عنه بصيغة المفرد فليس ثمة أكثر من إيمان واحد مطلقا عبر الزمان والمكان من لدن آدم إلى أن يرث الله الارض ومن عليها ولئن إختلف الناس في بعض فروعه فإن أصوله محكمة وأشد منها إحكاما معانيه ومراداته التي هي ليست سوى إصلاح حال الانسان في كل دوائره وإمتداداته إنصلاحا ينصلح معه محيطه الادنى فالابعد وليس الايمان من الميوعة بمكان حتى يؤول بما لا ترتضيه العقول السليمة ولا الفطر الجبلية فهو كائن له أركان وروح ومقصد وحياة يمرض ويصمد ويموت ويستعلي ويصلح ويوحد وذلك بإعتبار إستقبال الانسان له فهما وعملا وتجديدا ووقاية وعلاجا وتثميرا ووحدة الايمان تلك لا تمنع من تبدل هيئاته وتحول أشكاله وصوره وهو تحول لا يختاره الانسان عادة ولكن تحتمه الظروف المحيطة فالسجين مثلا لا يفعل وحدة إيمانه في جمع الناس ولا في تعليمهم ولا في مشاركتهم أفراحهم وأتراحهم ولكن يفعله في الصبر وفي تلاوة القرآن وفي ذكر الله سبحانه وفي ما يتاح له وما سواه ممن يختلف معه في الوضع والقوة والضعف يفعله في ما يتاح له كذلك غير أن تلك الوحدة الايمانية بسائر أنواع عطاءاتها بحسب حال كل مؤمن وطائفة وعصر مشروطة بالتقاء الناس جميعا على أرض فكرية ثابتة لا تتزعزع من الثوابت العقدية والخلقية والسلوكية الفردية والجماعية وبذلك فان أعلى شعب الايمان هنا وهي شهادة التوحيد في علاقة وحدوية مع أدنى شعبة فيه وهي إماطة الاذى عن الطريق إذ لو أماط الاذى عن الطريق كافر ما عد مؤمنا لا في عرف الناس ولا في حساب الله سبحانه برغم أنه أسدى للناس خدمة قد تحفظ عليهم حياتهم وأموالهم لذلك كانت أعمال الكافر نافعة في الدنيا للناس غير منجية له من العذاب يوم القيامة إلا أن يشاء ربك غير ذلك فهو فعال لما يريد سبحانه فالوحدة إذن قائمة أشد القيام بين سائر شعب الايمان سواء كانت ستين أو سبعين حقيقة أو أكثر أو أقل وهي قائمة على ثبات من الامر وهي كذلك متنوعة يأتي المؤمن منها ما قدر عليه شريطة الاخلاص لله سبحانه في كل ذلك وإجتناب الابتداع المذموم في أمر وقفه الشرع توقيفا لا يرضى عنه زيادة ولا منه نقصانا كالعبادات وهيئاتها وأزمانها وما إلى ذلك ولولا ذلك التنوع الايماني لجمد العقل على صورة واحدة فتعطلت سنة الحياة وتوقفت قوانين الحركة وما هي بفاعلة ولكن يتوقف الانسان فيهلك وينحط ولا يجديه بعد ذلك أنه سمين الجثة أو كثير العدد والعلو المعبر عنه بشهادة التوحيد ليس هو سوى الارض الفكرية الثابتة التي يقف عليها كل المؤمنين ثم يصدر كل واحد منهم بحسب ما يتاح له إلى الاصلاح ويغدو كل عمل بعد ذلك شعبة من شعب الايمان كلما توفر فيه الصدور عن شهادة التوحيد إخلاصا وإتباعا لسنة محمد عليه السلام وترمز شعبة إماطة الاذى عن الطريق هنا إلى كل عمل صغير قد لا يستغرق لحظات غير أنه ليس ثمة من عمل صغير في سائر شعب الايمان كلما كان العمل وليد بيئته الشرعي يستوجبه الزمان والمكان والحال والعرف والقوة ولو لم يتوفر ذلك لسائر الناس لم يكن الله عادلا بين خلقه فالمقعد مثلا لا يقدر على ما يقدر عليه غيره والفقير أمام الغني وصاحب السلطان الفكري أمام مغمد القلم والسجين أمام الحر ولذلك لو سئلت أي عمل أفضل فلا تقل سوى أنه ما يتاح لك في وقتك ضمن شهادة التوحيد و مقتضياتها المعروفة بإخلاص وإتباع إذ لو ظللت تعدد فضل العمل ما فرغت منه لان الافضلية أفضلية زمان ومكان وحاجة وليس لافضلية مطلقة سوى شهادة التوحيد وما كان لازما من لوازمها حتما محتوما كالعبادات مثلا وراجع في ذلك نطرية إبن القيم في فقه مراتب الاعمال وواجب الوقت .

    ماهو السر في كون شهادة التوحيد أعلى شعب الايمان ؟: لابد أن يكون ذلك تابعا لاثرها في حياتنا وإلا لم تحز كل ذلك الفضل والعلوية . وهي كذلك لانها روح المؤمن حقيقة لا مجازا فروحك التي بين جنبيك هي من روح الله سبحانه منفوخة فيك وبذا أنت مكرم لا بسواها وهو ذاته سبحانه الذي رحمك بروح أخرى تعطي لحياتك معنى وهي من روحه هو أيضا لانها تعبر عن وحدانيته سبحانه وهي أخص صفاته بعد تفرده بالالوهية سيما أن الالوهية هي الجانب التوحيدي الذي إختلف فيه الناس حديثا وقديما كثيرا إذ لا يكثر من يجادل في ربوبيته سبحانه ولكن يكثر من يجادل في ألوهيته وحكمه وولايته وأولويته أمره وأحقية نهيه كما أن توحيد الالوهية فعل بشري يختاره الانسان رغبا ورهبا لانه يعنى بعبادة الانسان ربه في حياته بأسرها إبتداء من خاطرة النفس الغائرة حبا وكرها إلى إتباع أمره ونهيه فيما وافق هواه أو خالفه مرورا بالصبر على قضائه إيمانا بعدله وحكمته ولو كان صبرا على مصيبة قاسية ليس للانسان المصاب فيها ناقة ولاجمل ولكنها من صميم قدره سبحانه وحق قضائه . فبالخلاصة فإن السر في كون التوحيد هو أعلى شعب الايمان كامن في أنه ـ أي التوحيد ـ عبادة إنسانية إختيارية لا إكراه فيها من ناحية ومن كونه يلون الحياة البشرية بأسرها بلون الحكمة والعدل والرحمة وسائر الصفات الالهية التي يمكن للانسان أن يتشبه بها وهو لون يغير طعم الحياة برسالته كما تغير الشمس لون الدنيا بضوئها من ناحية ثانية وأيضا من كون التوحيد هو قاعدة المشروعية الاخلاقية لكل عمل إنساني بما يضفي عليه من نكهة الاخلاص الذي ينفع صاحبه وينفع الناس من حوله إذ بدون أخلاق فإن الاعمال سرعان ما تبور حقيقة أو يبور نفعها من جهة ثالثة ومن جهة رابعة وأخيرة هنا فإن سر التوحيد في كونه أعلى شعب الايمان هو أنه يوحد الله به الانسان ذاتا وفردا فيكتسب القوة والشجاعة والمضاء والعزم والارادة ويوحد به الناس أجمعين فتقل الخصومات والحروب ويسود العدل والاخوة ويوحد به مناشط الناس فوق الارض فلا يهدم بعضها بعضا . وتوحيد بهذا الفهم وذلك الاداء والتحمل قمين بالتربع على عرش شعب الايمان فهو شعبة القيادة كالرأس بالنسبة لبقية الجسم هيكلا والعقل والقلب بالنسبة لبقية الملكات الفطرية معنى فرأس الامر الاسلام أي خلوص التوحيد معنى وأداء وتحملا كما قال عليه السلام ولو طعم المؤمن عمله بقطرة واحدة من رحيق التوحيد الخالص أداء والمخلص فهما لحولته بركة التوحيد إلى قمة عبادة الانبياء.

    الايمان هو نفع الناس حتى في أدنى شعبه : معلوم أنه كان يمكنه عليه السلام أن يضرب مثلا آخر لادنى شعب الايمان فهي كثيرة لا تحصى إذ كان يمكنه أن يبحث عن أدنى شعب الايمان في الحياة الشخصية للانسان لان من عادة الانسان أن يبدأ بإصلاح نفسه ويهتم بما يليه أولا بأول ومعلوم أنه عليه السلام لا ينطق عن الهوى بمعنى أنه لم يضرب هذا المثل عن أدنى شعب الايمان بدون سابق تفكير أو ساقه على غير أفضل وجه ممكن . إذا كان كل ذلك محل إتفاق بين المؤمنين فإن العبرة من قوله عليه السلام بأن أدنى شعب الايمان إماطة الاذى عن الطريق هي أن رسالة الايمان نفع الناس والحث على الايثار والخدمة الاجتماعية حتى في أدنى شعب الايمان فكأن نفع الناس لا ينفك عن المؤمن من أعلى شعبة إلى أدناها وذلك لو راجعت الاسلام لالفيته جليا فهو دين يقوم على الجماعة والوحدة والاغاثة ورص الصف دوما حتى أنه عليه السلام كرم الاشعريين أيما تكريم حينما قال " فأنا منهم وهم مني " وهو تكريم لا يخلعه عليه السلام علىكل من هب ودب من أهل الفضل والمعروف وليس السر في تلك الوحدة التي جمعت بينه وبينهم سوى أنهم " كانوا إذا أرملوا في الغزو جمعوا ما عندهم فأقتسموه بينهم بالسوية ".

    الخلاصة : الايمان واحد في جذره متنوع في ثمره أعلاه عند الله توحيدا خالصا وفاء للفطرة وأدناه خدمة الناس والسعي في حاجتهم فهو يربط السماء بالارض ولا فضل لاعلاه على أدناه إلا بالاخلاص والاتباع وليس فيه دون أو هوان أو صغر فكله كبير عظيم

     
  4. #24
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الرابعة والعشرون



    أخرج الشيخان عن الام الكريمة عائشة رضي الله عنها أنه عليه السلام قال "يغزو جيش الكعبة فإذا كانوا ببيداء من الارض يخسف بأولهم وآخرهم فقالت " وسوقتهم " قال يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم ".
    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ


    موضوعه : حفظ الدين موكول إليه سبحانه وآيات ذلك لا تحصى والقلب خزانة شخصية :

    إختلف العلماء في وقوع تلك النبوءة من عدمه ولسنا الان بصدده والاولى الالتفات إلى المعاني الغزيرة التي جاء بها الحديث وهي درسان بليغان أولهما أن حفظ الدين تكفل به هو سبحانه وذلك عبر ما نعلم وما لا نعلم وما لانعلم قسمان قسم يمكن علمه وقسم لا يمكن علمه وبداية لا بد من توسيع دائرة حفظ الذكر حتى لا يقصر عن الرسم القرآني فنضيق الواسع من جهة ونلجأ إلى تمحلات وتأويلات سقيمة إذا ما تعلق الامر بمتعلقات الذكر فهل السنة منه وهل أصول العلم الشرعي كإجماعات الناس منه وهل التراث منه وهل رموز الدين كالكعبة وما يحيط بها من شعائر الحج والمساجد والجمع والاعياد منه وهل تدين الناس قوة وضعفا وكثرة وقلة منه ؟ والحقيقة أن حفظ الذكر لا تقتصر على الرسم القرآني بل يتعداه بالضرورة إلى حفظ سائر ما لا يقوم الدين بسواه من حركات تدين ورموز عبادة وعلوم لا بل إني أقول أن حفظ الذكر يمر حتما عبر حفظ الانسان سيما الامة الاسلامية إذ الامة هي الوصية والقيومة على حفظ الدين ولك أن تقول أن الانسان هو أمضى أقدار الله سبحانه في الارض وأكبر أسبابه وأعلى سننه في التغيير وحفظ الذكر وإنتاج النسل العابد والقيام على الناس بالقسط والشهادة فحفظ الذكر إذن يقتضي بالضرورة حفظ من عهد إليه بحفظه ونشره والدعوة إليه وهو الانسان وخاصة المؤمن وخاصة في بعده الجماعي وذلك هو مقصدي من قولي بأنه سبحانه يحفظ ذكره بما نعلم ولو أتيحت لك فرصة لزيارة مطبعة المصحف الشريف بالمملكة السعودية لوقفت أكثر من غيرك بالحس علىمعنى تكفله سبحانه بحفظ الذكر وأنت لا تدري بمن ينصر الله دينه ولا بمن يحفظ ذكره ورب إنسان يسخره لذلك وهو كاره لامضاء إرادة ماضية أما ما لانعلم اليوم أو غدا من وسائل حفظ الله لذكره سبحانه فلا سبيل إلى الحديث عليها الان ولا سبيل إليها غير أن الايمان بالغيب إلى حد اليقين أو بالاحرى عين اليقين خير مساعد على ذلك . ورب تدين أو رمز أو جزء من الذكر ينتهكه أعداء الله سبحانه فتتوهم أن إرادة حفظ الذكر تعطلت بحكم صلف المتجبرين غير أن حفظ الذكر هو الذي إقتضى ذلك لابتلائك أنت هل تكون حارسا في ثكنة حفظ الذكر أم متفرجا ثم يقيض الله سبحانه لذكره حقيقة ومقتضيات من يحفظه فالانسان مكرم بقيامه على حفظ الذكر الذين به تقوم الحياة وينصلح الانسان وتمضي إرادة الله .أما الدرس الثاني من الحديث فهو أن الاعمال بالنيات كما أخبر عليه السلام والنية محلها القلب ونتعرض لذلك فيما يلي .



    الاصلاح يبدأ من القلب والنية تورد صاحبها النعيم والجحيم : قال العلماء أن حديث النية " إنما الاعمال بالنيات " الذي إفتتح به أغلب أهل السنن والحديث مصنفاتهم هو نصف الدين وقال آخرون هو ثلثة أو ربعه وقال بعضهم أن مدار الدين على حديثين هما " إنما الاعمال بالنيات " لصلاح باطن الانسان وزكاة النفس وتأمين الجبهة الداخلية ضد غزوات إبليس وجنده من الانس والجن و" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " لصلاح ظاهر الانسان وتأمين جبهته الخارجية ضد الوقوع في البدعة المحرمة المذمومة فالحديثان كفيلان بصلاح الباطن والظاهر معا وذلك هو مراد الاسلام أي إخلاص سريرة وطهارة طوية في سره وإتباع لمحمد عليه السلام في علنه وبذلك تكون فاتحة الكتاب قد كثفت وركزت المعنى الاول من العبادة حين خلصتها لله سبحانه بمعنى الاعتقاد وبمعنى العمل " إياك نعبد وإياك نستعين " وزادت إلى ذلك بتمييز العبادة والاستعانة عن صراط الذين غضب عليهم وهم بنو إسرائيل لهدمهم ركن الاخلاص بإفساد النية في حادثات صيد السبت وتذويب الشحم وغيرها وعن صراط الضالين وهم النصارى لهدمهم ركن الاتباع برفع عيسى عليه السلام إلى درجة الالوهية وبنوة الله سبحانه . وما ورد في السنة من قصص تؤكد أن النية الحسنة ترفع صاحبها إلى العلا ولو مع قليل عمل بل أحيانا مع شبه إنعدامه خاصة عند حالكات الليالي وأنها تركسه في الدركات السفلى ولو مع كثير عمل لكثير لا يحصى ومثل المنفق ماله على الزانية والسارق والغني ممن لا يستحقون واحد ومثل من حرق نفسه خوفا من حساب ربه له واحد آخر ومثل الحسنات والسيئات في الحديث الصحيح ثالث يؤكد أن النية الحسنة لوحدها حسنة مؤهلة للزكاة أي الزيادة إلى عشرة أضعاف بل إلى سبعمائة ضعف والامر مازال في مستوى الهم والخاطرة فما بالك لو عزره العمل .



    السر في أولوية عمل القلب على غيره هي القاعدة الاولى في التغيير الاسلامي : تغيير النفس : لاتحسبن أن شريعة الاسلام بذلك تمشي على غير هدى من العقل والمنطق بل هي تبرهن على ذلك بمنتهى الرشد الفكري والسر في أولوية عمل القلب على عمل الجارحة هو ما أكده القرآن في قضية التغيير الاسلامي حين وضع قاعدتها الاولى فقال " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " وهي قاعدة عملية ونظرية في الان ذاته فأما عمليا فإن من يخلو قلبه من الايمان بالله بإخلاص وحسن فقه فإنه سرعان ما يبور عمله سواء رضا بالدون من جانبه أو محقا للبركة منه أو لعامل آخر يجعل الناس ينفضون من حوله فتذهب أعماله على ضخامتها هباء منثورا كسراب بقيعة لا يطفئ ظمأ عطشان وأما نظريا فإن الانسان يحتاج في الطريق إلى تغيير واقعه المعقد المركب إلى يقين داخلي لا يتزعزع ويبث الامل في الناس من حوله ويقيه شر السقوط يوم النكبة وهذا كثير في التاريخ الغابر والحاضر فإذا ما قال العلماء أنه بإستقراء الشريعة تبين أن عمل القلب صلاحا وطلاحا أغزر من عمل الجارحة فليس معنى ذلك بالمعيار الديني الجزائي في الاخرة فحسب بل ينسحب ذلك أول ما ينحسب على المعيار الدنيوي النفعي المادي الملموس ولكن يقاس ذلك بعطاء الاجيال والقرون والامم والاحقاب البعيدة لا بمقياس عمر جيل أو إنسان . ولذلك عادة لا تجد في القصص القرآني إنتصارات على يد الانبياء إنما الاغلب هو قصص الصبر والاخلاص والثبات وكأن الوحي يريد أن يبعث برسالة مؤداها أن عبادة الانسان الاولى هي إصلاح النفس ومحاولة إصلاح الواقع فإذا علم الله إخلاصا في النفس وصبرا عركته المحن فإن سبل النصر وإهلاك المخالفين لا حصر لها عند ربك سبحانه .



    الظالم لا بد مخسوف به يوما والراكن إلى إضعف الايمان كذلك لولا شفاعة النية : من دروس الحديث أيضا أن الظالم سيما الذي تجاوز بغيه الحدود لابد مخسوف به يوما والظلم دركات ولاشك ولكن أشقاه محادة الله سبحانه وتكريس الحياة للتشبه به سبحانه في كبريائه وألوهيته كما فعل فرعون أو الطعن في مقدساته العظمى المعروفة عند الناس جميعا مؤمنهم وكافرهم كهدم الكعبة والاستهانة بالقرآن الكريم والنيل من الرسل والانبياء عليهم السلام جميعا وسائر كتبهم والسخرية من المعتقدات الكبرى كالبعث ومشاهده أو من العبادات الطقوسية المعلومة كالصلاة وما إليها ثم يأتي بعد ذلك مباشرة هدم بنيان الرحمان سبحانه وهو الانسان سواء ماديا بالضرب والحبس والقتل أو معنويا بشن الفتنة والغش والخديعة والزور والكذب والتضليل وهل يصدق واحد منا اليوم أن أكابر الاساقفة من يهود ونصارى لا يعرفون محمدا عليه السلام كلا فإن إيمانهم به يتجاوز إيماننا نحن به آلاف المرات بحكم تبحرهم في كتبهم المبشرة به ولكنه الكبر سيما إذا عرف عقودا طويلة بذلك وربما ليس كالكبر داء وبيلا يدفع بالملايين المملينة من بني آدم إلى النار والعياذ بالله . فالخلاصة أن الظلم دركات وأشده ما كان متجها إلى الثوابت الكبرى كالالوهية والاديان والعقائد والعبادات والانسان ولكل إنسان حظه منه وللمؤمن كذلك " ومنهم ظالم لنفسه " وهم من ورثة الكتاب ومن أهل الجنة ولكنه ظلم للنفس أي ظلم معاصي وشهوات لا إستكبار فيها ولا شبهات . والظالم أبدا مخسوف به ولكن اليوم تغير قانون الخسف المادي فالخسف اليوم معنوي يجده الظالم خوفا وذلا وإضطرابا وأمراضا نفسية وسوء خاتمة والراكن إلى أضعف الايمان كثيرا ما يلقى ذات المصير لولا شفاعة النية فكأن الله سبحانه رحمة به يعذبه مع المركون إليه في الدنيا ثم يختلف المصيرغدا .



    الخلاصة : لايغرنك تقلب الظالمين في البلاد والدنيا فالخسف المهين ناظرهم ضحى وهم يلعبون ولكن عليك بنفسك تزكية وإخلاصا وعملا وإصلاحا وتأهيلا لبذل الخير للناس فإن إلتزمت أضعف الايمان دون عذر مقبول عند ربك فأرقب خسفا والاخرة عند ربك للمتقين .

     
  5. #25
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الخامسة والعشرون

    أخرج الشيخان عن أبي هريرة أنه عليه السلام قال " إن عبدا أصاب ذنبا فقال يا رب إني أذنبت ذنبا فأغفره لي فقال له ربه علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به فغفر له ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنبا آخر فقال يا رب إني أصبت ذنبا آخر فأغفره لي فقال ربه علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به فغفر له ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنبا آخر فقال يارب إني أصبت ذنبا فأغفر لي فقال ربه علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به غفرت لعبدي فليعمل ما شاء ".

    موضوعه : عنوان الاسلام الامل وعدو الاسلام اليأس واليائس من الرحمان هالك قبل الهلاك: يمكن أن يقول المرء بإطمئنان غامر أن أكبر الذنب يأتيه المؤمن هو اليأس من رحمة الله سبحانه بالغ ما بلغت فواحشه حتى ملات قراب الارض نتنا فناطحت السماء ونازلت الثريا وذلك لا ينافي أن أكبر ذنب هو الشرك لان ذلك في حق غير المؤمن فلا يقال أن أعظم ذنب يأتيه المؤمن هو الشرك لان المؤمن لو أشرك حبط عمله وخرج من عداد المؤمنين وكلما كان في عداد المؤمنين فإن أكبر الاثام طرا في حقه هو اليأس من رحمة الله سبحانه ومصداق ذلك قوله "إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون " والكافرون هنا إما كافرون حقيقة أو كافرو نعمة ومرد ذلك حجم اليأس منه سبحانه وأثر ذلك في النفس والحياة وقد تغشى المؤمن ولا ريب لفحات يأس عاتية في ساعات العسرة غير أنها عابرة سرعان ما تنقشع ويجليها صيب الايمان وطيب اليقين وتنزل غيوث الصبر وبردات الثبات أما الكافر أيا كان صنفه فاليأس من رحمته سبحانه يجثم على قلبه لا يفارقه ولاشك أن خيطا رقيقا دقيقا يفصل بين بعض المؤمنين الذين طبع اليأس على قلوبهم وبين الكفار الذين إربدت قلوبهم بالكلية لذلك قال عليه السلام محذرا من زمن الفتنة " يصبح الرجل مؤمناويمسي كافرا" ولذلك كان عليه السلام كثير الدعاء " اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك " وأخبر أن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمان يقلبها كيف يشاء .

    التوبة هي العبادة المشتركة الوحيدة بين سائر المخلوقات مطلقا لا يستنكف عنها روح ولا حجر: يمكن للمرء أن يتعجب كيف يتوب جبريل أمين الوحي وأقرب الملك المفطور على الطاعة إلى الباري سبحانه وكيف يتوب الانبياء والمرسلون سيما أهل العزم منهم وكيف يتوب الحجر والشجر والنهر والوبر ولو نظرت في السبب لبطل العجب والسبب هو أن المتوب إليه لا يقدره مخلوق حق قدره ولا روح الوحي وأمينه جبريل فضلا عمن سواه إذ لو ذكرت نعمة واحدة من نعمه التي بسطها على الوجود إنشاء وخلقا وتدبيرا لم نتعرف إلىاليوم إلا على قطرة من محيط هادر مائج متلاطم منه لالفيت أن العقل ببصره وباصرته يرجع إليك خاسئا وهو حسير بعد جولة في الافاق البعيدة ليس بظافر منها بغنم كبير ولو تدبر المرء في تضحية والدته من أجله لظل يخفض كل أجنحة الرحمة ليل نهار صباح مساء ثم لا يشعر أنه موفيها أجر حركة غير محسوبة منه جنينا في بطنها أقضت مضجعها شهرا فماذا لو تدبر في نعمة من أوجده وسواه ورزقه وسخر له كل شئ حتى الكواكب والاكوان التي لم يكتشفها العلم بعد ولكن الذي يحجب عنا ذلك حقا هو الغفلة التي لا تعني سوى نبذ التفكر والتدبر والتأمل ولو تعجبت كيف يتوب الحجر ومم يتوب لالفيت أنه يتوب مسبحا لا يفتر كالملك المقرب تسبيحا لا نفقهه ولكن نؤمن به فما الذي يجعله يسبح ربما عبر الحركة الالكترونية الدائرية التي لا تهدأ توجب ثم تسلب وهو لا يعقل ولا يشعر بنعمة ربه عليه ولو تدبرت لاستعصى التدبر على العقل ولكن للحجر الاصم روحا تحب بدليل قوله عليه السلام " أحد جبل يحبنا ونحبه " وبدليل سلام الشجر والحجر عليه عليه السلام والقاعدة المحكمة في ذلك أن كل مخلوق هو أبدا مدين لخالقه شاكرا لولي نعمته إن كرها كالحجر والملك أو طوعا كالانسان والجان وتلك هي مقتضيات شهادة التوحيد إذ أنه سبحانه إله في الارض بحجرها وشجرها وإله في السماء بملكها وبسائر ما لا نعلم منها وألوهيته لا تقتصر على العقلاء ولا على غيرهم بل هي عامة شاملة فسبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته وسبحان من يقلب الليل والنهار وسبحان من جعل في ذلك عبرة لاولي الابصار . فالتوبة بالخلاصة هي العبادة الوحيدة المشتركة بين سائر المخلوقات طرا عاقلها وغير عاقلها وهي كذلك لان المتوب إليه قهار خلاق متكبر ولي نعمة لا تعرف حتى تحصى وما عرف منها لا يحصى وما حصي منها لا يشكر شكر وفاء ولكن شكر ذلة وحمد . ولذلك لا تتعجب كيف كان عليه السلام يستغفره سبحانه ويتوب إليه في اليوم أكثر من مائة مرة أي بمعدل مرة كل ربع ساعة تقريبا على مدار العمر .

    أملاح القلب الحي : خوف ورجاء : القلب بيولوجيا مضغة وظيفتها مسك وضبط وتصريف السيولة الدموية في الجسم الحي بمثابة الخزان المركزي في معمل كبير أما معنويا فهو تلك اللطيفة الروحية التي بها نتعاطف حبا وكرها وأملا وخوفا ولضمان حياته الروحية لابد له من مراقبة تكوينه المزدوج من خوف من باريه سبحانه ورجاء فيه فالقلب ملك له وحده وسائر ملكاتنا الفطرية إذ يملك الانسان لبدنه ربما أمرا أما روحه فهي من روح الله وديعة فيه مستودعة يقلبها هو كيف يشاء ويتوفاها متى يشاء وهو الذي بناها على ملحين في الظاهر متناقضين ولكنها في الباطن متلازمين لحياة القلوب إذ الخوف وحده يقنط من فضله سبحانه والرجاء وحده يؤمن من مكره والانسان بحكم إزدواجية تكوينه بخلاف الملك والشيطان فضلا عن الحجر والشجر لا يستقيم حاله بدون إصطحاب الازدواج في كل شئ ولاشغب من لدن الذين لا يوقنون لان الانسان مفطور على الخوف فإن خاف ممن يملك له الضر كان خوفه مقبولا ومعقولا وفي محله ثم هو يؤمنه من الخوف من غيره وسائر من غيره لا يستحق الخوف منه إلا خوفا من دابة أو عدو فهو خوف لا ينال من صفاء التوحيد لانه فطرة تحفظ غريزة حب البقاء ولا شغب أيضا لان الانسان مفطور على الحب أي الامل والرجاء فإن أحب ورجا وأمل في من يملك له شيئا فشخصيته النفسية سوية مطمئنة ثابتة مؤهلة للصمود أمام العاتيات وهو سبحانه يملا صدور أعدائه منه مهابة لذلك نصر عليه السلام بالرعب مسيرة شهر وأن أمل في عاجز مثله فهو طفولي التفكير يطمع في حبة حلوى من كهل يقدم عليه وذلك مبلغ الذين لا يوقنون من العلم وليس بالضرورة أن يظل الملحان الخوف والرجاء في ميزان القلب بالتساوي حجما وأثرا ولكن لا بد لكل واحد منهما من قدر محدد يضمن الحياة القلبية السوية والماسك بينهما الميزان دون طغيان ولا إخسار هو الفالح حقا فإنه لا يأمن مكرالله إلا القوم الخاسرون ولا ييأس من روح الله إلا الكافرون إلا حال المنية قال العلماء بأن ميزان القلب من المستحسن أن يفيض إلى جانب الرجاء وحتى في هذا المقام فلا بأس من قدر من الخوف والدليل أن الرجل الذي أمر بحرقه بعد موته غفر الله له لخوفه منه لا لرجائه فيه والتوسط مظنة الصواب أبدا حال الحياة وحال الموت والله أعلم .

    تحرير القول في قوله " فليفعل ما يشاء " : لامناص من جمع النصوص بعضها إلى بعض فيفسر بعضها بعضا وإلا حكمنا الرؤية المجزأة القاصرة فضللنا وأضللنا وقوله في نهاية الحديث فليفعل ما يشاء معناه كلما كان مستغفرا تائبا بعد الذنب فليواصل في ذنبه وليواصل في توبته ولاشك أن التوبة تغلب بالحساب العملي الذنب لانها مؤهلة للتكاثر إلى أضعاف مضاعفة تصل إلى حد سبعمائة ضعف بل أكثر بل أكثر مما يحصى أما الذنب فإنه مؤهل للاندثار بمجرد التوبة وربما يلبث رصيدا جامدا لساعات طويلة فإن لم تضعه توبة كتب ذنبا واحدا وبالتالي فإن الشقي في الدنيا والاخرة ليس من يذنب ولكن الشقي فيهما هو من لا يتوب من ذنبه لانه لو تاب من ذنب واحد لمحى عنه تسعة ذنوب أخرى فلا يغلب عسر واحد يسرين أبدا ولكن يغلب الشقي نفسه فيهلكها وهو يحسب أنه يحسن صنعا وقال العلماء أنه رب ذنب ورث ندما خير من طاعة ورثت غرورا ولو تدبرت توبة الله على قاتل مائة نفس كاملة حتى أنه زوى له الارض لتختلسه أرض الرحمة من أرض العذاب لما يئست من رحمته سبحانه يوما وإن أردت زيادة أمل فأذكر أنه سبحانه لم يخصص للتوبة لا زمانا ولا مكانا ولا حالا ولا قربانا وليس لها من شروط سوى إنقشاع الغفلة وذكر الله والاستغفار فالباب دوما مفتوح بل ليس ثمة باب أصلا فهو معك أينما كنت وكيفما كنت ورب تائب رحم الله به جمعا غفيرا ينظر إليه أنه سبب البلاء كما ورد في قصة موسى وأصحابه حين يستسقون الغمام فالتوبة أمل لا يحتاج إلى لسان ولا إلى قلم ولا إلى هيئة بل إلى قلب ييقظ بعد غفلة يبدل الحياة بأسرها من ليل أسود يملاه اليأس إلى ضحى أبهر يتلالا نورا فهل تجد هذا في دين غير دين الاسلام ولدى رب غير الرحمان سبحانه فخذها إليك فأنت بذلك مكرم محرر من نفسك وأحص مظاهر تكريمك لا تحصيها .

     

 
+ الرد على الموضوع
صفحة 5 من 21 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 15 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك