+ الرد على الموضوع
صفحة 6 من 21 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 16 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 26 إلى 30 من 105
  1. #26
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة السادسة والعشرون

    أخرج الشيخان عن إبن أبي وقاص رضي الله عنه أنه عليه السلام قال " أعظم المسلمين جرما من سأل عن شئ لم يحرم فحرم على السائل من أجل مسألته ".

    ـــــــــــــــ

    من شواهده " ياأيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ".

    موضوعه : لامكان في الاسلام لاهل الضيق والعنت والعسر وتحريم الطيبات : الناس أول من تنسحب عليهم سنن الله الغلابة الماضية في الكون وفي الاجتماع ومنها نواميس التعدد والاختلاف والتنوع وأقوى سنة كونية وإجتماعية مطلقا تخطم سائر ما يليها هي سنة الزوجية وأول وظائف سنة الزوجية خدمة توحيد الله سبحانه فهو وحده تعالى الواحد الاحد الفرد الصمد وكل ما سواه متعدد من إنس وجان وملك ونبي وكون ومادة ومعنى مما علمنا ومما لم نعلم . والناس ألوان في البشرة وألوان في المزاج والعاطفة والاهتمام وغلبة المد لا يمنع ذلك أن يكونوا من بطن واحدة فهذا موسى وهارون عليهما السلام عرف الاول بسرعة الغضب بينما كان الشقيق ميالا إلى الحلم ولولا ذلك ما تحركت الحياة ولما نفذت إرادة الله سبحانه فالتمايز والتفاضل والاصطفاء قوانين ضرورية لحصول التدافع المانع من فساد الارض ويوم يزول تقوم القيامة وتنتصب المحكمة العليا . والاسلام شريعة مبناها السماحة والسعة والمرونة وخطابها المعروف والفضل والاحسان ولونها مسايرة الفطرة التي فطر الله عليها الكون بأسره والانسان ليس سوى جزء من الكون الفسيح " منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى " وشريعة الاسلام لما جاءت ناسخة لما قبلها من الاديان مهيمنة عليها فلتخط للناس خط التوسط والعدل والرحمة والحنيفية الابراهيمية العتيدة وذلك لا يتأتى إلا عبر دحر صراط المغضوب عليهم من بني إسرائيل بما فيه من إلتواء لا يليق بسوى الحرباوات والثعالب وطمس صراط الضالين منهم عن نهج عيسى عليه السلام المتبرئ من عقيدة التثليث بما فيه من غلو وتشدد لا يليق بأولى الالباب وذوي النهى .

    فلسفة التشريع الاسلامي لحمتها اليسر وسداها البشر : نصيحتي لطلبة العلم الشرعي دوما الاقبال على الاصول قبل الفروع والرؤوس قبل الذيول والمقاصد قبل الاجزاء والكليات قبل التفاصيل والقرآن قبل السنة والانسان قبل الجان والدنيا قبل الاخرة والصحيح الصريح قبل الظني والمحكمات والاجماعات قبل المتشابهات والمنفردات ولابد لي من التأكيد على لفظ " قبل " هنا حتى لا يفهم ضدها وهو " بدل " . وليس كالغوص في الفروع التي لاهل النظر فيها ألف قول وقول مذهبا للفقه سيما إذا إبتدأ الطالب مشواره العلمي بها ولك أن تتصور أن التشريع الاسلامي وكل تشريع في الحقيقة بمثابة شجرة أو قصر هل تسأل عن عمره ومادة بنائه ومكانه وسائر ما يحدد هويته الاستراتيجية والمعمارية قبل إقتنائه أم تراك سائلا عن طول ظله في حر الظهيرة أو مادة طلائه أو الفوانيس الفاخرة التي تزين قببه العالية لذلك قال العلماء بأنه لم يطعم حلاوة الفقه من لم يتعرف على إختلاف الفقهاء ولو زدتك على ذلك لقلت لك لم يطعم حلاوة طلب العلم من فرط في معرفة سبب إختلافهم ولذلك قال العلامة إبن خلدون أن أصول الفقه هو منطق الاسلام فكيف لطالب علم فضلا عمن يتصدى للدعوة والمجالس العلمية أن يرشد الناس ويفتيهم ويتفاعل معهم ويبين محاسن الدين الذي يدعو إليه إذا كان لا يحيط بحد أدنى من أصول الفقه والمقاصد ويتوسع بعد ذلك لاقبله شيئا فشيئا في العلوم مبتدئا بالقرآن لا بالسنة وكل من إطلع على قدر من ذلك فإن اليسر في الشريعة والبشر فيها يلوحان له كبرق وامض فضاح للظلمة بشار بطاميات الغيوث .

    اليسر لا يعني التهتك والبشر لا يعني تذويب الفوارق بين الاديان : اليسرضده العسر وليس التحلل من تكاليف الدين ولكن اليسر يعني أمرين إثنين أولهما أن أصل التشريع يسر من عقائد الايمان العظمى المبنية على العقل لا على النقل وعلى الاصالة لا على التقليد فهي مفهومة معقولة مبررة مبرهنة تصدقها الفطر السليمة وتتحمس لها العقول الحليمة لا تتحمل التجريدات المنطقية والمماحكات الفلسفية الغامضة يجدها الاعرابي في بعرة بعيره كما يجدها الطبيب النطاسي في قطرات مخبره ويظل اليسر مصاحبا لها في العبادة والخلق والمعاملة وذلك من خلال مسايرة الفطرة وتلبية مصالح الناس أما ثاني الامرين الذي يعنيه اليسر هو أن الانسان في حال الضرورة أو الحاجة أو العجز بسائر صوره الموروث والمكتسب والاصيل والطارئ يجد في الشريعة السمحة اليسيرة بقعة تحت ضوء الشمس يتدين فيها تدينا قد يسبق بالاخلاص من حول السماوات شآبيب رحمة منزلة على العباد . واليسر والبشر هما لونا الوسطية التي جاء بها الاسلام وليس يسيرا على الانسان ال"أكثر شئ جدلا " الالتزام بالوسطية دوما لانها إمتحان وليس كل من يترشح للامتحان بفائز لولا أن الوسطية ليست نقطة لا تتسع لسوى قدم واحدة .

    لم كان السؤال الباغي جرما وما الحد بينه وبين السؤال البرئ : أذكرك بداية بأن الكبائر لم ينص القرآن سوى على أصولها العظمى وتناولت السنة سوى جزء يسير من تفاصيلها لانها سنة عملية تعالج الحالات ولا تفترض المشكلات وليس ذلك عيبا في التشريع ولكنه دوما يفسح للعقل مساحة يختبره فيها مضبوطا بالاصول والسؤال من هذا القبيل كبيرة بصريح الحديث المتفق عليه بل هو جريمة وقد يأتي المؤمن جريمة بل جرائم والعبرة بالتوبة والتوبة توبتان توبة فهم وتوبة عمل والاولى أولى وأبقى وأعصم والثانية لها تبع والاسلام لا يتحمل ضربين من النفوس الاولى تلك التي مرد عليها بنو إسرائيل أي الالتواء وليس مجرد العصيان أو قل العصيان الذي يريد أن يتخذ له فلسفة ومنطقا تماما كمعصية إبليس في مقابل معصية آدم وهي في الاصل نفوس المنافقين لذلك تجد اليوم وبالامس وغدا العلاقة النفسية حميمية بين النفاق واليهود نظرا وواقعا أما الضرب الثاني من النفوس التي لا يتحملها الاسلام فهي تلك التي تحترف الجدل وتجعل الحياة مسرحا خصبا من التصنع والتكلف والتعمق والتشدق والغلو في الكلام الفارغ الذي يفرق الجماعات ويصرف إلى سفساف الامر وهذه النفوس موجودة بكثرة فينا نحن الامة الاسلامية قديما وحديثا وغدا ربما يكون ذلك إبتلاء لاولى النهى فينا والانسان مبتلى أولا من قبل أخيه الانسان ولقد كان التشريع الاسلامي صارما إزاء هؤلاء حتى أن رجلا سأله عليه السلام فيما إذا كان الحج مفروضا على الناس مرة في العام فسكت عليه السلام فلم يفهم السائل من سكوته عليه السلام سوى أن يعيد ذات السؤال الغبي وسكت عليه السلام ثانية وظل الامر على تلك الوتيرة حتى قال عليه السلام " لو قلت نعم لوجبت " ونهره صارفا إياه عن مثل هذا التقعر ومثل تلك الحوادث في حياته عليه السلام كثير لا يحصى حتى أنه نبهنا عليه السلام بأن إحدى الامور التي بسببها ضل بنو إسرائيل " كثرة مسائلهم وإختلافهم على أنبيائهم " فالربط وثيق جدا بين تفريع المسائل النظرية التي لا طائل من ورائها سوى النهم الفارغ وحب الاطلاع وإرواء غليل النفس الامارة بالسوء وبين الاختلاف المؤذن بالفرقة وذها ب الريح وليس من عادة المكثرين من الاسئلة الفارغة الالتزام بل هو إدمان على الفراغ واللغو وحب الاختلاف بغير أسس علمية معقولة تماما كمدمن خمر أو فاحشة أخرى ولا ريب أن الفواحش العقلية أشد خطرا وليس الشرك سوى فاحشة عقلية تورد صاحبها النار بخلاف الفاحشة العملية كالزنا فهو أقل شأنا من الكفر. فالسؤال الفارغ إذن هو مرض نفسي والناس دوما بعالمهم وجاهلهم يعلمون فطرة ودون حاجة إلى تعليم الفرق بين صاحب السؤال الفارغ وبين صاحب السؤال الواجب أو البرئ وكان الصحابة يسألون ويجيبهم الوحي وبين السؤال الفارغ وبين السؤال الواجب أو المباح ثمة سؤال برئ عادة ما يكون صاحبه ليس محترف جدل ولكنه يغلب عليه الغباء وليس هو كذلك مذموما وينفع معه التعليم .

    القرآن الكريم مليئ بالقصص الناهي عن السؤال الفارغ : تجد ذلك مثلا في أعظم سورة أي البقرة في قصة البقرة وفي قصة شبيهة بذلك لدى المشركين " ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولاحام ..." وذلك رغم أنه ليس من عادة المشركين إحتراف الاسئلة الفارغة سوى من يريد منهم نسج صلة بين شركه وبين ملة إبراهيم عليه السلام ولكنه قليل .

    الخلاصة : كفى بالسؤال الفارغ جرما أنه يحرم ما أحل الله وكفى بالمسلمين تميزا عن بني إسرائيل أنهم جادون في حياتهم ملتزمون بأبجدياتها الاولى فالاولى دون صرم لحبالها وكفى شرفا للاسئلة الصحيحة أنها تصنع الحياة وتحرر الناس والاوطان وتعلي القيم والمثل .

     
  2. #27
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة السابعة والعشرون

    أخرج الشيخان أنه عليه السلام قال " كل أمتي معافى إلا المجاهرين ".
    ـــــــــــــــــــــــــ ــــــ
    من شواهده " إن الله لايحب الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم " و" إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والاخرة ".

    موضوعه : إنما السبيل على الدعاة إلى الفساد والافساد في الارض لا على أهل الحياء والستر: الانسان مفطور على الفجور إنفطاره على الخشوع إبتلاء منه سبحانه ولا يصلحه سوى ذلك وليس لملك ولا لشيطان سبيلا لتعمير الارض بما أراد الله لذلك أستخلف الانسان خلقا فريدا والمؤمن يأتي من الفواحش ما يأتي فهو غير معصوم ولا معنى لهواه لو لم يظل معه في حرب سجال وبغير ذلك لا معنى للحياة ولا للجنة ولا للنار ولا لسائر النواميس المودعة في الكون وذلك أمر ينسحب على أخلص العباد فالصحابة عليهم الرضوان جميعا كانوا يقولون للمعلم الاكبر عليه السلام " إن الواحد منا تحدثه نفسه بما لو خير بينه وبين أن تخسف به الارض لاختار هذه " فقال لهم عليه السلام " إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت بها نفوسها مالم تحدث أو تفعل " وفسر بعض العلماء ذلك بأنه ضرب من ضروب الاكراه المقصود في قوله " إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما أستكرهوا عليه " ولايملك الانسان لجم خاطرته فلا تحدث نفسها بشر لان ذلك لا يعني سوى إنتفاء التكليف عنه والتكليف شرف لا ينتفي سوىعمن حرم نعمة العقل . ذلك إذن هو مستوى سائر البشر سوىالمعصومين ولاعصمة في ديننا سوى للانبياء وهو مستوى له وظيفة هي من لازمات التكليف والابتلاء والحياة فهو مقبول وتجبره التوبة ويليه مستوى آخر يتمثل في غلبة الهوى وتقحم الشهوات والمطلوب هنا هو التستر وحفظ نهر الحياء أن ينضب وكل إنسان ولاشك واقع فيماحرم الله سبحانه والتوبة تجب ذلك والتوبة من قريب وهي توبة يحبها الله سبحانه هي التوبة عن سوء أتاه المؤمن في غير ملا من الناس . أما المستوى الثالث المنكور جدا فهو التحول من العصيان بستر وحياء وخوف من الرقابة الاجتماعية وعدم تقدير لاخطار إشاعة الفاحشة في الناس إلى التبجح بالمعصية والتبرج بالسوء والاعلان بالفساد وسواء كان ذلك بنية بث الميوعة في الصفوف المرصوصة أو المفككة أو بعدم وجود نية معقودة فإن الامران سيان من حيث النتيجة إذ أن المجاهرة بالمعاصي من شأنها إشاعتها بين الناس وتوهين صفوف قوافل الدعوة إلى الخير ويزداد الامر سوء في حال تعرض الجماعة أي جماعة الامة أو جماعاتها شعوبا وقبائل ومجتمعات إلى الضعف والدون والهوان وتربص العدو من الداخل أو من الخارج ولاشك أن نية الدعوة إلى الفساد ومزاولة خطط الافساد في الارض مستوى رابع أشد مقتا ولا يستوي المتهتك بحسن نية ظانا أن الامر يتعلق به شخصيا مع الداعي إلى الفتنة المتمترس وراء الهيئات والقوى والعصبيات يخطط للفساد والافساد ولكن عدم إستواءهما لا يعني أن النتيجة ليست واحدة لذلك فكلاهما ممقوت منكور .

    ماهو العفو الذي يناله العاصي المستتر والفاجر المتدثر بسربال الحياء : الحديث يحمل بشارة لنا جميعا إذ لا مناص لنا من الفجور في حياتنا الشخصية في ستر من العيون إن بالتخلف عن واجب شرعي أوبإتيان معصية كبيرة أو صغيرة أو خلاف في بيت الزوجية تكاد تتصدع منه الجدر وهي بشارة نحتاجها جميعا كلما إلتزمنا الاستتار بالمعصية والتدثر بسرابيل الحياء ذلك أن النفس لا يرويها ذنب مهما كبر بل تظل تطلب الرتع في أعراض الناس وعورات النساء وأموال البشر بطغيان لا يضاهى فليس لفجورها حد أبدا ولكن لجامها دوما في يدك فإن أرخيت رتعت وإن فطمت أمسكت . والعفو الذي هو مناط البشارة هنا له معنيان معنى قرب توبة الله على العاصي المستتر إذ المذنب بمثابة المدين كلما كانت ديونه قليلة قريبة يسر على دائنه العفو عنه وكلما كانت ثقيلة غابرة عسر عليه ذلك والله لا يعسر عليه نسف قرب ( جمع قربة ) الارض والسماء ذنوبا ولكن ذلك يتطلب توبة نصوحا فالمسألة ليست متعلقة برحمة الرحمان سبحانه بل متعلقة بأهلية العاصي البعيد الغريق السحيق على التوبة والعفو هنا في معناه الاول هو يسر التوبة من لدن العاصي القريب الجديد الصغير وذلك بحكم أن ذنوبه مستترة لم تضاعفها المجاهرات وتمددها التبرجات وتوسعها التهتكات ولم يعرف بها بين الناس والناس شهود على الناس بالخير والشر وهم شهود محكمون في الارض وفي السماء بصريح نصوص كثيرة من الوحي الكريم أما المعنى الثاني للعفو الذي يتمتع به العاصي الحيي فهو يتعلق بالمقتضى القانوني والاجتماعي لحياة العاصي بين الناس ففي المجتمعات التي تقيم وزنا للفضيلة وتنصب فيها من يقيم الحق ويبطل الباطل ويعاقب المجرم ويقدم الطيب يتعرض العاصي المجاهر سيما في المعاصي التي تستوجب حدودا أو تعازير أو قصاصا جاء بها الوحي العظيم والعاصي الحيي معافى من ذلك لانه ستر نفسه فستره الله حتى لو أصاب حدا من حدود الله إلا أن يقدم هو نفسه للعدالة ويقر . فبالخلاصة فإن معنى العفو الذي يتمتع به العاصي الحيي يتعلق بقرب عفو الله عنه بحكم قربه وستره وصغره وعدم إشاعته بين الناس وجزاء على حيائه كما يتعلق بعدم وقوعه تحت طائلة القانون وذلك حتى لو قلنا أن عذاب الحدود في الدنيا كفارات . أما المجاهر المتبرج المتهتك غير المبالي بمعاصيه الداعي بسلوكه أو بخطته إلى إشاعة الفاحشة والفتنة توهينا للصفوف وإعتداء على شعائر الله وشرائعه فليس يتمتع بعفو حتى يصلح ما أفسده بعمله وماهو بفاعل سيما في زمان تحولت فيه الدنيا إلى بيت بلوري صغير يعيش فيه ستة مليارات من البشر كأنهم جماعة صغيرة علىمائدة طعام واحدة يتنادمون .

    عواقب المجاهرة بالفساد وخيمة على صاحبها وعلى الناس لذلك إستحقت الاستثناء من العفو: النفس صفحة بيضاء تولد على الفطرة أي معترفة بربها غير أنك لو نقبت فيها وحفرت لالفيت أنها مؤهلة للامتلاء بالفجور أو بالشكر بذات القدر وصاحبها بعد ذلك وهي وديعة عنده مسؤول عليها وعلى كسبها والعبرة دوما بالحصيلة النهائية لا بأي حصيلة أخرى والعبرة دوما كذلك بالغالب لا بالمغلوب كما أنه لاشك أن كل معصية تورث في النفس رصيدا إضافيا في بنك الفاحشة وكل طاعة تحسب في بنك الطاعة وبما أن القلب هو أمير النفس وقائدها فإنه تبعا لحالة النفس ورصيدها في إحدى البنكين يأمر العضو بالطاعة أو بالمعصية وبذا تتحول النفس إلى فرس جامح راكض يقود الانسان بأسره إما إلى الهلاك أو إلى السعادة فإذا إمتلا الانسان فسادا في نفسه فإنه ليس من الممكن له حتى لو أراد ذلك أن يعمر محيطه بغير الفساد إذ هو كوب لا يعرف الفراغ سيلون ما حوله بريحه ولونه وطعمه وسيتحول من فاسد في نفسه إلى مفسد في محيطه الاصغر فالاكبر وستتحول الفاحشة فيه إلى طالبة لشرعية دينية تستر بها عوراتها أمام النقاد ولو تمكن من قوة أو عصبية أو حماية ما فإنه سيستخدم ذلك لاضفاء الشرعية على فساده ثم على إفساده ولو تمكن في الارض أكثر لاشاع الاستبداد والخوف فيتحول الناس معه إلى قطعان مائجة وربما عبدته من دون الله والخلاصة أن المعصية الواحدة لوتحولت من الستر إلى الجهر ثم حالفتها الظروف فكبرت وإمتدت وتوسعت لملات الدنيا فسادا وإفسادا وتعطل الخير وأصبح المعروف منكر والمنكر معروفا وعندها تظل معاول البناء والرشد تدوي قرونا طويلة ثم لا تأتي بشئ يذكر وتموت أجيال غفيرة تتقلب من ظلمات إلى ظلمات . فليس مناسبا للعدل إذن والحال تلك سوى أن يستثنى صاحب تلك المعصية المجاهرة من العفو سواء بمعنى عفو الله أو عفو الناس الذين يقيمون الميزان .

    أمثلة حية معاصرة للمجاهرة بالسوء وفتنة الناس وقلب الحقائق : الامثلة كثيرة في واقعنا منها أن خير سبيل لوأد الحركة الاسلامية هو تجفيف منابع الدين من الحياة الخاصة والعامة ومنها أن تحرير المرأة يمر حتما عبر تحررها من ربقة تكاليف الاسلام ومنها أن الشعب يحتاج إلى الحرية الاقتصادية لا إلى الحرية الدينية والفكرية والسياسية ومنها أن الاسلام دين التطرف والارهاب ومنها أن الامة ليست خير أمة أخرجت للناس ومنها أن محضن الديمقراطية هو العلمانية وليس أي نظام آخر ولو كان إسلاميا ومنها أن الدين مكبل للتنمية بتحريم الربا وللحرية بتحريم الزنا ومنها أن القوانين الوضعية أصلح لنا اليوم من قوانين الاسلام ومنها أن مقاومة المحتل إرهاب وإعتداء وأن الرضى بالاستبداد رضىبالقضاء والقدر .

     
  3. #28
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الثامنة والعشرون

    أخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه عليه السلام قال " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله ورجلان تحابا في الله إجتمعا عليه وتفرقا عليه ورجل قلبه معلق بالمساجد إذا خرج منها حتى يعود إليها ورجل دعته إمرأة ذات مال وجمال فقال إني أخاف الله ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ورجل أنفق في سبيل الله مالا فلم تعلم شماله ماذا أنفقت يمينه ".

    ـــــــــــــــــ

    شواهده الايات الجامعة المحيطة بأكثر خصال المؤمن كأية البر في البقرة مثلا وغيرها كثير.

    موضوعه : ظل الايمان في الدنيا طريق إلى ظل الله يوم القيامة .

    ـــــــــــــــ: شعب الايمان متعددة لا تحصى وكلها سبل إلى الجنة .

    ـــــــــــــــ: المؤمن عابد وهو إمام وعابد وهو أخ للانسان وعابد وهو يعرك المال والزينة.هذا حديث جامع شامل بحكم إحاطته بمعاقد حياة الانسان فهو يتناول الشأن السياسي بتعبيرنا المعاصر ويجمع إليه شؤون الشباب وما يتعلق بها من تنشئة وتربية وتعليم وكذلك شؤون الاخوة الانسانية المبنية على الحب وشؤون العبادة سيما الصلاة وشؤون الجماعة من خلال صلاة الجماعة وقضايا الجمال والزينة ومتاع الدنيا بالعلاقة مع الجبهة الداخلية للانسان صحة وقوة وضعفا وترهلا وقضايا المال والكسب وعدالة التوزيع الاقتصادي . وهل الانسان فردا وجماعة سوى قلب يحب وينكر وأسرة تتربى مع مطلع كل شمس على قيمة معينة من الصلاح أو الفساد وتعايش مع الاخر المختلف فيما هو دون الدين أو فيما هو فوقه ضمن جماعة إما أن تتآخى وإما أن تتخاصم وكسب دنيوي أبرز ما فيه المرأة والمال وبعد سياسي إما أن يسوده العدل وإما الظلم.

    فالاصناف السبعة من الامة تغطي سائر مظاهر حياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والاخلاقية والسلوكية والعبادية .

    العدل أرحب الابواب لظل الله يوم القيامة فكيف السبيل إلى الامامة العادلة : الترتيب الوارد في الحديث النبوي ليس إعتباطيا فكل شئ عند رسوله عليه السلام بقدر مقدور وحديثه عن الامامة العادلة في المقام الاول يعني أمرين لا ثالث لهما أولهما أن الانسان مكرم بالامامة في الدين والدنيا معا وكل مؤمن هو إمام لمن يليه من المؤمنين أقل منه حظا فضلا لمن سواهم فإن لم يطعم ذلك فليس له من الامامة من قطمير وليست الامامة تعني العصمة بل تعني رجحان رصيد بنك الايجابية على رصيد بنك السلبية كما تعني القيومية على تكاليف التعليم والتوجيه والارشاد والقدوة والبذل والثبات والاخلاص وخاصة عند الازمات والنكبات فالانسان خلق ليكون إماما لا مأموما فمن أمن فلا مناص له من تقمص مكانه منها ومن أبى فهو مكرم أبدا أما المعنى الثاني لايراده عليه السلام مقام الامامة العادلة في الدرجة الاولى فهو أن العدل صنو الامامة وقرينها الذي لا ينفصل عنها فالانسان إمام بالعدل والعدل خلق يتحرق عليه قلب مؤمن يرجو ما عند الله سبحانه ويخاف عذابه قبل أن يكون محصورا في ناحية سياسية لحياة شعب أو أمة تماما كالشورى فكلها في الاسلام أخلاق كالكرم والشجاعة والحياء . لماذا يكون باب الامامة العادلة أرحب أبواب ظل الله سبحانه ؟ لان الله أودع في كونه ناموسا إسمه " أحب الناس إليه سبحانه أنفعهم لعباده " ولاشك أن الامام عامة أنفع الناس لعباده فكيف إذاكان ذلك الامام يتبوأ مقام القيادة السياسية فلا ريب أنه بإمامته وبعدله معا يكون أكثر الناس للناس نفعا ومن ثم إلى الله قربا. وفي ظني أن الله برحمته سبحانه يجزي كل من عمل بإخلاص وجد وعلم وبصيرة لا بتنكب وغوغائية علىدرب توفير شروط قيام الامامة العادلة عملا بقانون " الدال على الخير كفاعله ".وبالنظر إلى واقعنا المعاصر فإن العمل الجماعي علىدرب توفير تلك الشروط كفيل بتوفير سائر السبل الستة الاخرى المفضية إلى ظله سبحانه يوم القيامة فبالعدل يجد المسجد تحت الشمس مكانا والعابد فيه حرية وكذلك الناكح تعففا والكاسب مالا بسطا وخفضا والتآخي إمتدادا الخ...

    الاسرة هي البوابة الرحبة ا لثانية إلى ظله سبحانه : الشاب الناشئ في عبادة الله سبحانه لابد له من أسرة تكتب بمداد الود ونور الرحمة ثم تنجب الولد فتربيه بالقول والعمل وتتعاون في ذلك مع البيئة الصالحة وكل صالح سليل أسرة صالحة كنحلة تضع للناس شفاء ولذلك فإن الامة بخير كلما كانت فيها مؤسسة الاسرة وقيم التربية والتعليم والتعاون وسائر ما يتعلق بها مصونة وكل إعتداء على قيمة الاسرة سواء في جانب الام أم الابوة أم الطفولة والشباب هو إعتداء على مستقبل الامة أي مستقبل الاسلام أي مستقبل البشرية جمعاء ورغم أن محضن الاسرة لا يكفي اليوم خاصة لتنشئة الشاب العابد بحكم تغول وظائف البيئات الاخرى وخاصة الاعلام الكار بجحافله يحتكر التنشئة والتربية ويفتكها من الاسرة رغبا ورهبا في قعر بيت الاسرة فإنه لا مناص من تثبيت دعائم الاسرة وفق قيم الاسلام إستبعادا لاكثر الاخطار وتحملا لادناها وبالخلاصة فإن الاسرة التي عينها عليه السلام في الدرجة الثانية هي آخر قلاع الامة وحصونها.

    الاخوة الانسانية هي البوابة الثالثة إلى ظله سبحانه : الاخوة البشرية بل الكونية قبل أن تكون واجبا شرعيا أو ضرورة واقعية هي حقيقة سننية وسببية وخلقية وكونية وإجتماعية في المنظور الاسلامي بحكم قانون " ياأيها الناس إتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ". ومن شأن الوحدة الاصلية أن تورث الحب فإذا أبى ذلك آب لعدم إعترافه بذلك فإن الحب يستحيل تعاونا فإن إستحال ذلك آن أوان التعايش السلمي وليس بعد ذلك حبة خردل من إنسانية وليس بعد ذلك سوى الاحتراب المشروع والمقتول فيه شهيد والظالم فيه باغ عاد . ولم إحتلت الاخوة هذه الدرجة المتقدمة ؟ ليس ذلك لسواد عينيها بل لوظائفها ومقاصدها وهي إرجاع الناس إلى الاصل الاول الاصيل أي الوحدة الخلقية فضلا عن وحدة المصير والرسالة وهي كذلك تنمية موارد التعاون بين الناس على الخير وهي كذلك تضييق مجالات الاحتراب وفتح مساحات السلام والحرية فكيف لا يجازى المجاهدون في ساحة المؤاخاة الانسانية بنية تحقيق تلك المقاصد العظمى النبيلة بوضعهم في أقرب الطوابير إلى ظله سبحانه يوم لا ظل إلا ظله . وربما الاهم من ذلك كله أو هو من صلبه هو أن الانسان أول مايتبلى في الانتصار على هوى نفسه الامار له دوما بالرفعة على غيره فإن قمع هواه ووصل درجة الحب فالتآخي فالتعاون فبث السلام فقد إنتصر في الساحة المحددة للمعركة الازلية وما دونها ثانوي صغير ومثل هذا الجهاد يجازى بذلك بل باكثر منه.

    المسجد والجماعة هي البوابة الرابعة إلى ظله سبحانه : أروع سؤال يسأله الانسان الناجح هو لم كانت الصلاة عماد الدين ولم كان الدين عماد الاسلام ولم كان الاسلام عماد الحياة ولم كانت الحياة عماد الوجود ؟ والجواب بإقتضاب شديد هو أن الصلاة كفيلة لو إلتزم بها المصلي قلبا وقالبا وليس طغيانا لهذا على ذاك أو إخسارا لهذا من ذاك بإرجاع الانسان إلى أصله أي إلى روح الله فيه وكلما فعل ذلك بوعي وإلتزام إنقمعت دواعي الطغيان فيه فبسقت أشواق الانسانية فيه فنفع نفسه ونفع الناس ولو ترك سدى لرتع في بيداء الفواحش وركض فمات شر ميتة كما ماتت الضفدعة النهمة تورما من شرب الماء فالانسان بدون صلاة هو عدو نفسه حتما وحتى يتعدى نفع الصلاة إلى الناس فرض الله سبحانه علينا مرة واحدة في الاسبوع صلاة جماعة وهي صلاة الظهر من يوم الجمعة ورغب فيما دون ذلك من الصلاة وخاصة في الاعياد والمناسبات وليس ذلك لسوى إشعار الانسان أنه يعيش في جماعة لها عليه حقا وله عليها حقا وهو إشعار يقول بأن المؤمن مهما كان مصليا وعابدا ومخلصا فإنه معرض حتما للبوار لو لم يعبد مع سائر ا لعابدين وهذا الضرب من المعاني اليوم نحسب أنه أشد بروزا لما آلت إليه حياتنا من تعقد وتشابك وتجمع يستحيل معه الانفراد والتفرد والابتعاد والتقوقع وخير ما يرفع عز المسلمين ويبني هيبتهم المساجد الفاخرة العظيمة المتألقة بمآذنها تجبى إليها نفائس الدنيا من كل صوب وحدب إيذانا بأن المسجد مكان عبادة محرم لا يحسن غير رفع شعائره وتعظيم حرماته تصدح تكبيراته فتوقظ النومان وتنبه الغفلان وتبعث على الامل وتنشر التوحيد وما يعمرها من مناشط بعد ذلك كفيل بتحرير العقول وتزكية النفوس والعض بالنواجذ على التجمع والوحدة خير يحفظ على المسلمين بركة الله عليهم لذلك إستحق أهل الصلاة والمساجد الفيء إلى ظله الممدود سبحانه .

    ثلاث بوابات أخرى نعجل فيها القول : الانفاق والعفاف وحياة القلب : لم يبتلينا سبحانه بأشد من المال والمرأة فالفائز فيهما سوي الخلق والنفس ناجح في دنياه مستحق لظله سبحانه أما المترف النهم فيهما كالذباب فهو لما حشر نفسه فيه وليس لدمعة خالصة له سبحانه من جزاء سوى ظل ممدود وماء مسكوب فهي أحق بالامن يوم يفزع الامنون من مكره في الدنيا .

     
  4. #29
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة التاسعة والعشرون

    أخرج الشيخان عن أبي موسى أنه عليه السلام قال " علىكل مسلم صدقة قيل أرأيت إن لم يجد قال يعتمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق قيل أرأيت إن لم يستطع قال يعين ذا الحاجة والملهوف قيل أرأيت إن لم يستطع قال يأمر بالمعروف أو بالخير قيل أرأيت إن لم يفعل قال يمسك عن الشر فإنها صدقة ".

    ـــــــــــــــــــــــــ ـ

    موضوعه : الايجابية طعم الحياة حدها الاقصى نفع الناس وحدها الادنى الامساك عن الشر: أمران لا مراء فيهما ولابد من إستيعابهما فقها في الحياة أولهما أن الاسلام شعب عديدة لا تحصى لان مشارب الحياة الانسانية لا تحصى غير أنها آئلة قطعا إلى نهر واحد منه تنهل وتكرع وهو نهر التوحيد أما ثاني الامرين فهو أن مناشط الانسان تستعصي عن الحصر تتلون بلون الزمان والمكان وسائر المتغيرات فإذا كان ذلك كذلك فيما يخص الاسلام والانسان فإن الاوفق هو الاخذ بعين الاعتبار دوما سنن التعدد والتنوع في كليهما ومن ذا يأتي التكامل المطلوب بين الناس الذين قال عنهم سبحانه أن ألوانهم مختلفة تماما كخلقه من الجبال والانعام .

    عدد أيام السنة بعدد مفاصل الانسان فمن أحيا كل يوم نفسا أعتق نفسه من النار : ورد في الحديث أنه على كل سلامى أي مفصل من جسم الانسان صدقة وعددها كما قرر العلماء هو بعدد أيام السنة وعلى ذات النحو تجري كثير من الاوامر والنواهي ومندوبات الدين تجانسا بين خلق الله سبحانه وتماثلا كيف لا والاصل واحد والباري أحد وهو تطابق يوحي بالجمال والتناسق والبديع فكأن خلق الزينة ملح لا يفارق التشريع حتى في أدق معانيه وتفاصيله وذلك ييسر على الانسان حساب قدر ما أعتق من نفسه من النار لحساب جنة الخلد كما ييسر على الانسان الشعور بالاخوة وكل سلامى منه تهمس إليه مع مطلع كل فجر وغروب كل شفق أن صنوي من فلان جائع أو ظامئ أو جاهل أو أسير أو مريض فلا بد من فعل شئ لانقاذ حياته وفي إنقاذ حياته إنقاذ لحياتي في الدنيا ثم في الاخرة وليس ذلك من بديع البلاغة أو ساحر البيان مما يفعل الشعراء بل هو لب الحقيقة أم أنك نسيت قوله سبحانه " وإن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم ".

    الكون مسرح مسخر للكسب فلم التبطل ولم الاحتكار : بداية لابد من تصحيح فهم تلفاه سقيما تتهامس به الافواه وهو أنه عليه السلام في مدحه للعمل والكسب من كد اليمين والعمل باليد ونسبة ذلك الفخر إلى سيدنا داوود عليه السلام إنما يزري بسائر الكسوب المترتبة من عمل العقل والفكر وربما التجارة وحصر أطيب الكسب في دائرة ضيقة هي دائرة العمل باليد حقيقة لا حكما والانكى من ذلك أن هذا الضرب من النفوس الضيقة تفهم نهيه في المقابل عن العمل بالمحراث بإعتباره أنه ما دخل بيت قوم إلا أورثهم الفقر أو الذل ـ إن صح ـ فهما آخر يتعارض مع طيب كسب اليد ولو تفرست معي قليلا لالفيت عشرات من الاثار يختلط فيها السليم مع العليل هذه تمدح الزراعة وهذه تذمها وما إلى ذلك وسفينة النجاة في ذلك كله هو الاعتصام بالصحيح الصريح ففيه كفاية وألف كفاية ولا نلقي بالبقية في البحر بل نعمل فيه مباضع العقول خير ما كرمنا الله به أما الاحتطاب بليل بهيم فموقع لا محالة في سموم الافاعي وأسأل به من تأبط شرا ولا ينبئك مثل خبير . تلك إذن أكذوبة بعض المتدينين وأنت عليم بالاخرى من لدن بعض المتسيبين وهي أن الارض ضاقت رزقا بأهلها والحل الوحيد الاوحد هو قتل الانسان قبل أن يولد وفي طور الولادة وبعد الولادة بإسم تنظيم النسل وتحديده وبإسم الهندسة العمرانية والتخطيط السكاني ولو تفرست قليلا لالفيت أن ذلك هو ذات الفرية المجرمة التي كان يأتيها المشركون فمن المتحضر يا ترى ومن أولى بالرقي أم أن قانون " أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر " أصبح لاغ لا عبرة له ؟ فما ضاقت لعمري أرض بأهلها ولا بلاد بسكانها وما ضاق وربي رب بخلقه ولكنها أخلاق الناس تضيق فتحل الاثرة ثم تتحول عند من ظنوا أنهم خطموا خراطيم العلم وأنوف المعرفة بأناملهم إلى فلسفة في الحياة تقضي بوأد الانسان حيا فلا تحسبن أن ربك سبحانه بغافل عنهم بل هو الان يئدهم وربي كما يئدون خلقه ولكنه وأد خفي لا يشعر به سوى أهله أما غيرهم فيأخذهم كما تأخذ الاحلام المزعجة النائم بغتة أو في ضحاه لاهيا أو قائلا . وليس الحائل دون العامل بيديه أو بعقله أو بكليهما لنفع نفسه ونفع الناس من حوله سوى أمران أولهما القعود والتواكل من لدن الانسان وثانيهما إحتكار الارض بخيراتها من قبل الطغيان متمثلا في المنع من السفر أو الاتجار أو العمل أو حرية القول بكل الصور الممكنة حتى لو غطى القانون عوراتها.

    فالخلاصة أن الارض أودع فيها باريها تكريما للانسان وإبتلاء له في ذات الان معايش سكانها وما قلوا أوكثروا سوى بإرادته سبحانه فالامر هنا أمر خلق من عدم فلا تجهل جهل العابثين وليس على الانسان سوى السير في مناكبها طلبا للعبرة وللكسب معا ودون ذلك لغو هاذر .

    النبي الاكرم عليه السلام أول من شرع الخدمة بديلا عن المال وعن العجز : لو تدبرت الحديث مرة أخرى لالفيت أن الدرجة الثالثة بعد التصدق لمن يملكه وبعد العمل الباعث على التصدق هي درجة الخدمة وهي كلمة مستخدمة اليوم سيما في القطاع الاقتصادي ومجال العمل وما في حكم ذلك أو قريبا منه ومن ذلك القطاع الخدماتي أو القطاع الثالث بعد القطاع الاولى أي قطاع الصناعات الثقيلة والمواد الاولية المعدنية وبعد القطاع الثاني أي قطاع التحويليات وقوله عليه السلام بأن من عجز عن الصدقة أو عن العمل الباعث عليها فليس له أن يتدثر بالعجر بل عليه أن يستخدم طاقاته الاخرى البدنية والنفسية والعقلية لاسداء خدمة لملهوف كغريق مثلا أو ذي حاجة مطلقا وهي خدمة لا تسدي مالا ولا شيئا متقوما ولكنها تسدي خدمة كالارشاد مثلا والحمل على الدابة وذات العجلات وكل ما لا يتطلب سوى إعمال العقل أو البدن أو كليهما للانجاد وكثير من الناس اليوم منا نحن يستهين بهذا الضرب من الصدقة وهو جهل مطبق ليس بالدين بل بالدنيا بإعتبار أن نصف إقتصاديات ما يسمى بالعالم الثالث اليوم على الاقل هو من كسب قطاع الخدمات وليس ذلك فضلا بل تخلفا ولكن لا نتحدث فيه الان ورب خدمة بديلا عن إنفاق مال أنقذت ملايين مملينة من الملهوفين والغرقى والمنكوبين سيما في المجال التعليمي والطبي والاغاثي عامة فليس الناس متساوون في حاجاتهم وليس أولو الفضل كذلك في كسوبهم ولكن المؤكد هو أن الباري سبحانه جعل الناس بعضهم لبعض خدما فلو خدم كل واحد منا غيره المحتاج بما عفت عنه يداه فحسب لتحصل لكل الناس الحد الادنى من الحاجة البشرية وذلك هو بعض معاني " وبارك فيها وقدر فيها أقواتها " و" لكم فيها معايش ".

    الان جاء دور الخدمة العقلية : الامر بالمعروف أو بالخير ينتمي إلى قطاع الصدقات النفسية أو الخدمات العقلية وذلك بديلا عن الصدقات المادية المشار إليها في بداية الحديث فالناس كما تعلم تنسحب عليهم سنن التفاضل كأشد ما تنسحب والناس كما تعلم بحاجة إلى الخدمات العقلية والصدقات النفسية حاجتهم إلى الصدقات المالية والخدمات المادية بل أشد وأغلب الاعمال التي من المفترض أن تقوم عليها الحكومات والمنظمات تنتمي إلى الخدمات العقلية والصدقات النفسية لان تحرير الانسان عقلا يفضي حتما إلى تحرره جسدا ونفسا وعاطفة وفردا وجماعة ومالا .

    أضعف الايمان في سلم نفع النفس ونفع الناس هو ملازمة الحدود الفاصلة بين الايجابية والسلبية: الايجابية التي عبر عنها الاسلام بالامامة طلبها الباري سبحانه من الناس وهو يعلم أنهامقام متقدم لا يتسنى إعتلاؤه من كل من هب ودب فلم يجعلها نقطة لا تتسع لقدم واحدة فحسب بل مدها مد الارض لتكثير صنف الائمة وأهل الايجابية وجعل بعد ذلك مسرحا خصبا لمن غلبه هواه فتدحرج القهقرى غير أنه نبه إلى أضعف الايمان وهو الحد الفاصل بين الايجابية وبين السلبية وسماه الامساك عن الشر وهو في الحقيقة سلبية ولكن لم يسمه كذلك بعثا للامل في نفس ساكنه لعله يلحق بمن يتقدمه ولا تظنن أن مقام أضعف الايمان هذا يسير على صاحبه الثبات عليه دون الارتكاس إلى أولى درجات الشر ومثل الشرع ذلك في حديث أخر صحيح بمن يرعى حول الحمى وهو راع يوشك يوما لا محالة أن يقع في الحمى المحرم وربما لمن رعى النعم منا وقد فعلت ذلك في صباي أشد إدراكا للمسألة فالراعي سيما عام القحط حريص على نعمه يتسور بها منابت الكلا ولا يظفر بها في الغالب سوى في الحمى المصون المترع ثمرا فيظل قلبه يخفق مع كل لقطة كلا سيما من الماعز المعروف بالمشاكسة بخلاف الضأن ولا يأمن أبدا أن اللقطة التالية لا تصيب ثمرا مصونا . فالكاف عن الشر لا يمكنه المكوث عنده كثيرا فهو إما ساقط في الشر أو صاعد إلى الخير لذلك لا يأمن على نفسه الثبات على التصدق بالكف من شره عن الناس فإن فعل فهو قوي ولكنها قوة ضعيف الايمان .

     
  5. #30
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الثلاثون

    أخرج الشيخان عن معقل بن يسار رضي الله عنه أنه عليه السلام قال " ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة ".
    ـــــــــــــــــــ

    من شواهده " إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلىأهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل".

    موضوعه : المسؤولية في الاسلام تكليف وإلتزام وغرم وأمانة لا يولاها الضعيف ولا الخائن: من حيث المبدإ فإن كل مسلم هو مسؤول لا محالة عبر عنه عليه السلام بأنه راع فرعاية النفس في الحياة مسؤولية مشتركة بين كل الناس ثم يتفاوت الناس في ذلك ولعل أول إلتزام بعد ذلك مباشرة هو أمانة الاسرة من لدن الزوجين ثم تتدرج المسؤوليات حتى تصل حد الامام الاول أو الخليفة ولا معنى للاسامي إلا بما تحوي من قيم الالتزام ومثل الامانة وسمو الرعاية . فإن قلت لم؟ قيل لك بأن الله سبحانه ولا يسأل عما يفعل بنى الكون وخلق الخلق على ذلك الاساس ومنه إرسال الانبياء فالناس لابد لهم من نصب مسؤوليات يتعاونون على القيام بها لامندوحة لحياتهم مهما تعربت بواديها وبعدت مشارقها عنها ولابد لتلك المسؤوليات من أمناء يصطفون لها فهي بإختصار سنة عتيدة من سنن الاجتماع البشري وأبرز التاريخ أن قيامها ولوعلى ضرب من الظلم اليسير أصلح للناس وأقل شرا عليهم من غيابها وهي بماهي سنة إجتماعية ماضية لا تغيب فالفراغ فيها ليس فراغا بل هو ممتلئ سواء بما أحب الناس أم بما كرهوا .

    إمرأة تضع نظرية الامانة في الارض : المرأة معروفة في القرآن الكريم الذي صدقها وتبنى قولها وهي إحدى بنتي شعيب عليه السلام زوج موسى عليه السلام وذلك في قولها " يا أبت إستأجره إن خير من إستأجرت القوي الامين " . فهل لك أن تعترض على أن صاحب نظرية الامانة وفلسفة المسؤولية في الاسلام ليست سوى إمرأة ضعيفة ترعى نعم أبيها وتسقيه من ماء مدين في زمن يحسب الناس اليوم وقد فتنتهم المكتشفات والمخترعات أن الحضارة والرقي والتقدم حكرا عليهم وليس من عمر من الاسلاف سوى قطعان من الهمج المستعرب لا يبعد أن يكون سليلا لقبائل الوندال الجرمانية المتوحشة في القديم ؟ أم أنك تحسب أن سوق القرآن الكريم لتلك اللفتة الكريمة كان بغير قدر مقدور ؟ أم أن حسابها في علم التفسير والمعاني ليس بذي ذكر؟

    ولك أن تعلم أن تلك المرأة العظيمة ليست راقصة شهيرة في مفحش هوليود ولا حقيرة من الحقيرات اللائي يملان قصور الحكم اليوم فجورا وكذبا بل هي بنت بيت نبوة بما يعني أن بيوت التقوى أجدر بوضع نظريات المعرفة وفلسفات العلوم وتنظيم الحياة ولك أن تعلم أن الجمع بين مهنة الرعي والسقي وبين إنتاج الافكار العظيمة وصياغة النظم الكبيرة كالجمع بين السمن والعسل لا يزيدهما الجمع إلا إئتلافا وقوة فليس من مقتضيات التقدم الكاذب الفاجر اليوم أن يكون منفصلا عن الاعمال اليدوية وهي عند المجرمين وضيعة تأثرا بعلاقة طبقة النبلاء بطبقة العبيد.

    دعامتا النظرية : القوة والامانة : لاشك أن كل مسؤول هو أجير سواء عمل بأجر أم إبتغاء رضوان الله تعالى ومن عادة المسؤول المؤمن الجمع بين الاجرين فإذا ما بني الفقه السياسي وسائر الفقه المتعلق بالمسؤولية والامانة والالتزام وخدمة الشأن العام في سائر المجالات والقطاعات على أساس أن المسؤول أجير مؤتمن إستأجره أهل ذلك المجال لخدمة حوائجهم وترتيبها وفق أصول مأصولة بينوها له فإن تلك الاجارة تصبح عقدا كامل الاركان بين الناس وبين المسؤول فمن وفى وجد الوفاء ومن غدر خيانة أو قصر تكاسلا أو ضعف جبنا وجد الاخرى أي الاقالة وربما المحاكمة والعقاب والعذاب . وهو عقد لا يمضيه سوى المسؤول المتوافر على خصلتين لا بد له منهما كحاجة الحداد للمطرقة والطبيب للمبضع وهما القوة العقلية وربما البدنية كذلك ولكن الاولى مقدمة والقوة الخلقية النفسية وهي نظرية نسجتها تلك المرأة العظيمة راعية النعم وساقية مدين تنسحب على كل أجير ومسؤول ومؤتمن ومتعاقد وراع مطلقا فما بالك إذاكان الراعي المستأجر مؤتمنا على مصير شعب أو أمة ووطن وبلاد في يوم كريهة وتربص ولذلك تجد ما يبعث على السخرية في تراثنا عندما يحاول تفكير الانحطاط إقناعك بشتى الحيل الفقهية المستهجنة بجواز ولاية المفضول مع وجود الفاضل وبجواز حكم القهر والغلبة وبشتى الاقذار الفكرية المبررة لاغلظ جرم حرمه الله على نفسه وهو الظلم والتظالم ولك أن تسأل لم حرمه على نفسه وهو الحكيم العادل سبحانه وتجاب بأن ذلك ورد مورد التغليظ والتوثيق العظيمين الكبيرين لعل الناس يقترفوا كل ما عن لهم سوى تبادل التظالم وحفر منقبة للظلم في الفقه وفي التراث ولا تراجعني يرحمك الله في الظروف المحيطة بمن قال بذلك حتى لا أراجعك بأن الثورات الكبرى والزلازل الفكرية العظمى إنما تنبعث من رحم ظلمات التنكب عن المنهج الاقوم ولك في رسالات الانبياء جميعا سيما رسالة محمد عليه السلام خير دليل ولكنه الضعف الذي تناسى وهو يشيد للمرأة قبرا في قعر قبوها المظلم تصلي فيه لوحدها سرا متلفعة بالسواد أن التي شيدت نظرية لنسف المقولات التراثية الفقهية العرجاء كالتي نحن بصددها ليست سوى أمرأة قامت على شأن بيتها داخله وخارجه وعلى شأن التفكير العقلي المنطقي وهي بعد ذلك سليلة بيت التقوى والنبوات من شعيب مدين إلى موسى بطل القرآن الكريم عليهم جميعا السلام .

    تحرير القول في تيوقراطية فاجرة بإسم " يسترعيه الله ": أنت تعلم أن نظام الحكم الاسلامي اليوم يحاصر ويصادر بإسم أنه حكم إلهي تيوقراطي لا مكان فيه للانسان حرية وعقلا وإجتهادا وهو مطعن أصاب الفكر الاسلامي المعاصر بما لا يحصى من الهزات ومن تلك الهزات من يجد لها في دنيا الواقع أسرا حاكمة وعائلات مالكة وجمهوريات مورثة وملكيات تحكم القمع وتوزع الظلم بإسم نسبة جيفها القذرة إلى العترة النبوية ولا تجد تلك البيوت العنكبوتية حين تهاجم سوى التمترس وراء مقولة أن الله هو الذي إسترعاها الامر إن قضاء وقدرا أو قرابة بالبيت النبوي أو كما تغصب الارض في بلادنا تحت قانون " حائز ومتصرف " وكما تغصب المرأة في الجاهلية الغابرة والحاضرة بإسم الحماية وملك اليمين . والاسترعاء الالهي الوارد في الحديث هنا لا يتعدى معناه الكوني القدري إلى المعنى الشرعي فضلا على أن يحوز الرضى وهو من باب قوله " وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها " فهل يعني أن الله سبحانه يأمر بالفسق ؟ كلا ولكن المعنى أن الامر توجه إلى السنن العليا الحاكمة بإذنه سبحانه فتعمل بقاعدة أن الفسوق يورث الترف وهذا يورث الاهلاك وكل ذلك من إرادته سبحانه ويستوي المعنى حتى لو قرأت بتضعيف ميم " أمرنا " ولك أن تراجع الامر عند إبن تيمية فهو خير من ميز بين المشيئة الكونية القدرية وبين المشيئة الشرعية . فالاسترعاء هنا دوما قدر مقدور وإرادة مرادة من الله لا يشذ عنها لا كافر ولا مؤمن ولا يعفي ذلك صاحب الفجور فيه إكتسابا وتصرفا من المسؤولية .

    لم إستحق الغاصب للمسؤولية سوء العذاب يوم القيامة : الغش خلة خسيسة لا تتلفع بها سوى النفوس الجبانة المليئة أثرة وأنانية العابدة لذواتاتها إلى حد تشمئز منه العابدات والمعبودات على حد سواء لذلك ورد في الحديث " من غش فليس منا " وليس من غشنا لان الغش محرم حتى ضد غيرنا إلا خديعة حرب ضد ظالم . ولك أن تتصور أن من إستأجره شعب بأسره أو أمة بأسرها لم يجمع إليه من القوة ومن الامانة سوى إجادة الغش ضد من يدفعون له من عرق جبينهم أجرته كاملة . هذا جزاء وفاق لانه ينتصر لكل مغشوش من الشعب والامة على مدى عقود طويلة لا تقل في أيامنا عن الخمسة .إن غاشا مثل هذا لا شك أنه نهب مال الناس فبددها على شهواته وعرض الناس فأغدق عليهم من صنوف العذاب مالا يوجد إلا في النار يوم القيامة وباع الارض والوطن والبلاد وسائر القيم والمثل من دين وعروبة وحياء لاشد أعداء الناس عداوة ممن فصل القرآن الكريم فيهم .

    أول خطوات الغش للرعية هو غش الانتخابات وما بعدها ليس سوى فرع عنها : لابد من الاتفاق مسبقا على أن من تسلق المسؤولية على الناس قلوا أو كثروا بالاساليب القذرة غير جدير بإسترعاء الله سبحانه بمعنى إسترعاء الرضى وإنتظار التسديد والتوفيق والوحي صريح في ذلك حين قال " ثلاث لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرا : رجل أم قوما وهم له كارهون ..." ولو فعلنا خلاف ذلك لما زدنا قرفا على قرف تراث قال بشرعية الغلبة والقهر والمفضول وبعورة صوت المرأة ولا يحسبن أحد أننا مجرد قردة وببغاوات حسبنا إجادة التقليد فما لذلك كرمنا الله وإستخلفنا وأستأمننا وإبتلانا .

    الخلاصة هي أن الراضين بالغش والخديعة من المسؤول سيما في أمرهم العام ليسوا ببعيدين عن النار إلا أن ينكروا ثم ينكروا ثم ينكروا حتى يفتح الله بينهم وبين الغاش ولو بعد دهر بعيد

     

 
+ الرد على الموضوع
صفحة 6 من 21 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 16 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك