سم الله الرحمن الرحيم .

* الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على خير المرسلين إمام الهدى و المتقين
و عل إله و صحبه أجمعين ومن ولاه بإحسان إلى يوم الدين و بعد :

رسالتي حول لهو الحديث و الزور و اللغو و المكاء و التصدية و كلام الشيطان الذي
هو ضد كلام الرحمن ‘ إلا وهو الغناء وما أدراك ما الغناء هذا الداء الذي انتشر في
أمة الإسلام ، وما هذا إلا لأسباب ، فمنهم من لا يعرف حكم الإسلام في الغناء ،
ومنهم أي من الناس يعرف إنا بعضه حلال و بعضه حرام ، ومنهم من يعرف إنه حرام و لكن
مع هذا يصر على سماع الغناء ، و منهم و هؤلاء هم القلة الذين يعرفون أنه حرام
فيجتنبونه ، لما طاعة\"لله و رسوله عليه الصلاة و السلام ، وسوف أبين لك يا عبدا
لله حكم الإسلام في الغناء .

ـ اعلم بارك الله فيك إن من مكايد عدو الله و مصايده التي كاد بها و صد بها قلوب
الجاهلين : سماع الغناء بالآلات المحرمة الذي يصد القلوب عن القران و يجعلها عاكفة
على الفسوق و العصيان ، فهو قران الشيطان و الحجاب الكثيف عن الرحمن عز وجل ،
فالقران من أجل الغناء اتخذت عند بعض الناس مهجورا نسأل الله السلامة و العافية ،
فلغير الله هناك تمزق القلوب ، و أثواب تشقق و أموال في غير طاعة الله تنفق قال
تعالى : (( أفتتخذونه و ذريته أولياء من دونى وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا ))

فأصحاب الغناء بئس ما اختاروا لأنفسهم من ولاية الشيطان الذي لا يأمرهم إلا
بالفحشاء و المنكر ، قال تعالى : (( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل
الله بغير علم و يتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين * و إذا تتلى عليه آياتنا ولى
مسكبرا\"كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم )) لقمان 5.

قال أبو الصهباء : سألت ابن مسعود رضي الله عنه عن قوله تعالى : (( ومن الناس من يشتري لهو الحديث )) فقال : والله الذي لا إله غيره هو الغناء يرددها ثلاث مرات ، و قال بهذا ترجمان ابن عباس رضي الله عنهما .


ـ قال تعالى : (( و الذين لا يشهدون الزور و إذا مروا باللغو مروا كراما )) قال مجاهد رحمه الله : الزور ههنا الغناء ، و معنى لا يشهدون أي لا يحضرون مجالس الباطل و الغناء من الباطل ،
و اللغو هو الكلام الذي لا خير فيه ولا فائدة دينية ولا دنيوية ، و الغناء لا فائدة فيه لا دينيا ولا دنيوية ، بل فيه الفساد و الدمار ، و الخزي و العار و الذلة و المهنة لما كل ذلك لأنه معصية لله عزوجل ، وقد أثنى
الله على من أعرض عن اللغو إذا سمعه بقوله : (( و إذا سمعوا اللغو )) ماذا فعلوا ؟
جلسوا يستمعون له ؟ (( أعرضوا عنه و قالوا لنا أعمالنا و لكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين ))

وجاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما ابن عم النبي عليه
الصلاة و السلام و حبر الأمة و ترجمان القران فقال الرجل : ما تقول في الغناء ،
أحلال هو أم حرام ؟ فقال : لا أقوال حراما\"إلا ما في كتاب الله ، فقال الرجل :
أفحلا ل هو؟ فقال : ولا أقوال ذلك. ثم قال له : أرأيت الحق و الباطل إذا جاء يوم
القيامة . فأين يكون الغناء ؟ فقال الرجل يكون مع الباطل.فقال ابن عباس رضي الله
عنهما : اذهب فقد أفتيت نفسك .

فهنا يشير ابن عباس رضي الله عنهما للرجل و لنا أن الغناء يكون مع الباطل يوم
القيامة. قال تعالى : (( وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ))
الإسراء85 و الحق ما أوحاه الله لرسوله عليه الصلاة و السلام أن الغناء باطل.
* الغناء هو المكاء و التصدية. قال تعالى: (( وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء و
تصدية ))الأنفال35 قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير الأية : كانت قريش يطوفون
بالبيت عراة و يصفرون و يصفقون.

ـ فالمصفقين و المصفرين في الغناء فيهم شبه من هؤلاء أي كفار قريش. قال ابن مسعود
رضي الله عنه : الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع )) وأما تسميته
قران الشيطان ، فمأثور عن التابعين ، قال قتادة رحمه الله (( لما أهبط إبليس قال :
يا رب لعنتني ، فما عملي؟ قال : السحر.قال : فما قراني؟ قال : الشعر.قال : فما
كتابي؟ قال : الوشم. قال : فما طعامي؟ قال : كل ميتة و ما لم يذكر اسم الله عليه .
قال : فما شرابي؟ قال : كل مسكر. قال : فأين مسكني؟ قال : الأسواق. قال : فما صوتي؟
قال : المزامير. قال : فما مصايدي؟ قال : النساء. ))

ومن هنا حفظ الله نبيه عليه الصلاة و السلام و رعاه من تعلم قران الشيطان بعدما
علمه القران . قال تعالى : (( وما علمناه الشعر و ما ينبغي له )) ومن أستمر على
قران الشيطان عنادا\"و تجبرا\"على أمر الله فإن الله يقول عنه . (( اذهب فمن تبعك
فإن جهنم جزؤكم جزاء\"موفورا* و استفزاز من استطعت منهم بصوتك و أجلب عليهم بخيلك
ورجلك و شاركهم في الأموال و الأولاد و عدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرور )) ففي
الأية الوعيد الشديد من الله لإبليس و جنده و حزبه ، و صوت إبليس هو الغناء كما
أتضح لنا ذلك من الأثر السابقـ عباد الله الغناء هو صوت الأحمق و صوت الفاجر، فعن
جابر رضي الله عنه قال : (( خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم مع عبدا لرحمن بن
عوف إلى النخل فإذا ابنه إبراهيم يجود بنفسه ، فوضعه في حجره ففاضت عيناه عليه
الصلاة و السلام ، فقال عبد الرحمن : أتبكي!و أنت تنهى الناس. قال : أني لم أنه عن
البكاء و إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين : صوت عند النغمة (مزامير الغناء و
الطرب ) و صوت عند مصيبة، وهذا هو رحمة ومن لا يرحم لا يرحم لولا أنه أمر حق ووعد
صدق و إن أخرنا سيلحق أولنا لحزنا عليك حزنا\"هو أشد من ه!
ذا. وإنا بك لمحزونون تبكى العين و يحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب )) رواه
الترمذي.

ـ و كان كفار قريش إذا سمعوا القران تغنوا ، فأنزل الله هذه الأية فيهم. قال تعالى
: (( أفمن هذا الحديث تعجبون * و تضحكون ولا تبكون * و أنتم سامدون )) قال ابن عباس
رضي الله عنهما السمود : الغناء .

و عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أنه سمع النبي عليه الصلاة و السلام قال : (
ليكونن من أمتي قوم يستحلون الحر( الزنا ) و الحرير و الخمر و المعازف( الغناء ) )
البخاري و أبود واد. فهذه المحرمات التي قد ذكرت في الحديث يستحله الناس في آخر
الزمان وهيا في الأصل محرمة في كتاب الله و سنة نبيه عليه الصلاة و السلام ومنها
الغناء.وهؤلاء توعدهم الله بالجزاء و العقاب من عنده سبحانه و تعالى إذا لم يتوبوا
.
عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة و السلام قال : ( ليشربن
ناسٌ من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يعزف على رؤؤسهم بالمعازف و المغنيات يخسف
الله بهم و يجعل منهم قردة و خنازير) أبود واد . ابن ماجه. أحمد.

و في حديث سهل بن سعد ألساعدي تصريحا\"أقوى و وعيد أعظم و عقابا\"أشد . قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : ( يكون في أمتي خسف و قذف و مسخ ، قيل : يا رسول الله
متى ؟ قال : إذا ظهرت المعازف و القينات واستحلت الخمر )
ـ وفي الختام لا يسعني إلا أن أذكر بقوله تعالى : (( وما أتاكم به الرسول فخذوه وما
نهاكم عنه فانتهوا )).
هذا و الله أعلم فما كان صوابا\"فمن الله وحده سبحانه و تعالى وما كان خطأ\"فمن
نفسي و ذنبي و الشيطان .