التنصير في اللغة : هو الدعوة إلى اعتناق النصرانية ، جاء في لسان العرب : والتنصر هو الدخول في النصرانية.(1)وفي الصحيحين ، واللفظ للبخاري ، عن أبي هريرة y قال : قال : ما من مولود يولد إلا على الفطرة ، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه ، أو يمجسانه ، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جد عاء ؟)(2) . والفطرة هنا هي الإسلام.

التنصير اصطلاحاً :

v هو تحويل البشرية إلى المسيحية باستخدام جميع الوسائل والسبل المتعددة مشروعة كانت أم غير مشروعة.

v والتنصير : حركة دينية سياسية استعمارية بدأت بالظهور إثر فشل الحروب الصليبية، بغية نشر النصرانية بين الأمم المختلفة في دول العالم الثالث بعامة وبين المسلمين بخاصة ، بهدف إحكام السيطرة على هذه الشعوب(3).

"ولو أنا أمعنا النظر في الدعم والتمويل الضخمين اللذين وراء هذا النشاط التنصيري لوجدنا أن معظم الدول الداعمة لهذا النشاط على علاقة ليست بالوثيقة مع الكنيسة ومن هذه الدول على سبيل المثال لا الحصر أمريكا و فرنسا؛والسؤال الذي يطرح نفسه الآن ما الدافع لهذه الدول التي لا صلة لها بالدين وتزعم أنها قد جاءت لنشره لنهج هذا السلوك ؟!(4) .

أهداف التنصير

التنصير في أساسه يهدف إلى تمكين الغرب النصراني من البلاد الإسلامية وهو مقدمة أساسية للاستعمار وسبب مباشر لتوهين قوة المسلمين وإضعافها(5).

يقول القس سيمون : إن الوحدة الإسلامية تجمع آمال الشعوب الإسلامية وتساعد على التملص من السيطرة الأوروبية، والتبشير عامل مهم في كسر شوكة هذه الحركة من أجل ذلك يجب أن نجول بالتبشير باتجاه المسلمين عن الوحدة الإسلامية.

وقال صموئيل زويمر كذلك في مؤتمر القدس التنصيري عام 1935م: "لكن مهمة التبشير التي ندبتكم لها الدول المسيحية في البلاد الإسلامية ليست في إدخال المسلمين في المسيحية فإن في هذا هداية لهم وتكريماً ، وإنما مهمتكم هي أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقاً لا صلة له بالله وبالتالي لا صلة له بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها ، وبذلك تكونوا أنتم بعملكم هذا طليعة الفتح الاستعماري في الممالك الإسلامية .... لقد أعددتم في ديار الإسلام شباباً لا يعرف الصلة بالله ولا يريد أن يعرفها، وأخرجتم المسلم من الإسلام ، ولم تدخلوه في المسيحية وبالتالي جاء النشء طبقاً لما أراده الاستعمار ، لا يهتم للعظائم ويحب الراحة والكسل ، ولا يصرف همه في دنياه إلا الشهوات"(6).

ومن أهداف التنصير الأخرى :

1) الحيلولة دون دخول النصارى في الإسلام ، ويعبر عنه البعض بحماية النصارى من الإسلام .

2) الحيلولة دون دخول الأمم الأخرى (غير النصرانية) في الإسلام .

3) بذر الاضطراب والشك في المبادئ الإسلامية لدى المسلمين.

4) الإيحاء بأن المبادئ والمثل النصرانية أفضل من أي مبادئ أخرى لتحل المبادئ النصرانية محل المبادئ والمثل الإسلامية .

5) الإيحاء بأن تقدم الغربيين الذي وصلوا إليه إنما جاء بفضل تمسكهم بالنصرانية، بينما يعزى تأخر العالم الإسلامي إلى تمسكهم بالإسلام.

6) تعميق فكرة سيطرة الرجل الغربي (الأبيض) على بقية الأجناس .

7) التغريب ، وذلك بالسعي إلى نقل المجتمع المسلم في سلوكياته وممارساته بأنواعها السياسي،والاقتصادي،والاجت ماعي،والأسري والعقيدة من أصالتها الإسلامية إلى تبني الأنماط الغربية في الحياة وفي هذا يقول (روبرت ماكس) أحد المنصرين في أمريكا الشمالية :لن تتوقف جهودنا وسعينا في تنصير المسلمين حتى يرتفع الصليب في سماء مكة ويقام قداس الأحد في المدينة)(7).

--------------------------------------------------------------------------------
الوسائل والأسباب المساعدة على انتشار التنصير

1) الوسيلة المساندة الأولى والأقوى هي الاحتلال (الاستعمار) وهو ما يجري الآن في العراق، وما حدث من قبل من استعمار للبلدان الإسلامية .

2) الدعم السخي الذي يبذله المواطنون الغربيون سواء كانوا أفراداً أم مؤسسات أو حكومات للقائمين بأعمال التنصير.

3) عامل الفقر لدى المسلمين عامل مساعد على التنصير، لأن الفقر يقابله الأموال عند المنصرين وتسخيره لجذب هؤلاء الفقراء إلى التنصر بشتى الوسائل المادية .

4) قلة الوعي والجهل بالدين والحياة ، واختلاط الحق بالباطل عند كثير من المسلمين واختلاط الصدق بالخرافة ، فيعمد المنصرون إلى ترسيخ هذه المفهومات بطريقتهم(22).

5) الحقد الكمين لدى بعض المنصرين الموروث ضد المسلمين خاصة ، بسبب أن الإسلام انتشر في العصور الوسطى وأقام سداً منيعاً في وجه انتشار النصرانية ، ثم إن الإسلام قد امتد إلى البلاد التي كانت خاضعة لصولجانها ،وهذا كلام صرح به المستشرق الألماني بيكر Becker (23).

6) استغلال حب الرحلات والمغامرة لدى المنصرين فتقوم مؤسسات التنصير على تعليمهم اللغات والطباع والعادات والأديان وجوانب الضعف فيها، وإن لم يكن فيها ضعف أوجدوه فيها كما يفعل المستشرقون قديماً وحديثاً في الدين الإسلامي .

7) تساهل بعض الحكام المحليين ورؤساء القبائل وشيوخها واستقبالهم المنصرين والترحيب بهم وتقريبهم وإعطاؤهم
نتائج التنصير

بسبب ما يملكه المنصرون من إمكانات ضخمة أوصلتهم إلى جميع الأماكن التي يريدونها والعمل فيها بكل قوة ، وفي المقابل الإمكانات الضعيفة والشحيحة لدى الدعاة المسلمين هذا كله جعل التنصير عامل إعاقة قوي لانتشار الإسلام بين غير المسلمين . فقد توقف انتشار الإسلام في إفريقيا جنوبي الصحراء، فقد كان المسلمون عشرة أضعاف المسيحيين واليوم أصبح المسيحيون أضعاف المسلمين(25).وفيما يلي بعض الحقائق عن الجهود التنصيرية وما يتوفر من إمكانات للتنصير في جنوب إفريقيا، وهذا على سبيل المثال لا الحصر :

1600 مستشفى.

5112 مستوصف.

1050صيدلية.

120 ملجأ للمرضى.

905 دار لإيداع الأيتام والعجزة والأرامل.

88610 كتاب تنصير مطبوعة بعناوين مختلفة ونشر منها مئات الملايين.

24900 مجلة كنسية أسبوعية يوزع منها ملايين النسخ.

700000نشره يوزع منها عشرات الملايين.

2340محطة إذاعية وتلفازية تنشر تعاليم الإنجيل وخدمة التنصير.

120000معهد تنصير.

11000 روضة أطفال تلقنهم فيها التنصير.

112000000 نسخة توزع مجاناً من الإنجيل في العالم .

652 لغة ولهجة إفريقية ترجم لها الإنجيل على كاسيت للأميين(26).

ومع هذه الجهود الجبارة إلا أن التنصير بين المسلمين فيه صعوبة كبيرة جداً؛ وتعثر المنصرون عند المسلمين كثيراً فلجأوا إلى أساليب التشكيك في العقيدة الإسلامية فكان النجاح كبيراً ، في أوساط العوام والبعيدين عن الدين أما الواعين من المسلمين فلم تفلح جهود المنصرين عند الواعين العارفين.

كلمة لابد منها :

هل يقف المسلمون مكتوفي الأيدي أمام هذه الحملات التنصيرية القوية؟

الجواب الشرعي لا ، لا يجوز لهم ذلك لأن المسلمين أمة تحمل رسالة الإسلام ونشرها في العالم وبهذا يكون المسلمون شهداء على الناس في وصول الدعوة الإسلامية إليهم، قال تعالى:)وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس وليكون الرسول عليكم شهيداً ( (27)؛ فلا يجوز أن نقف متفرجين أمام ما يحدث فلابد من القيام بالدعوة إلى الله لصد هذه الهجمة التنصيرية ولإدخال العالم في دينهم الحق :الإسلام، فيجب على كل فرد مسلم أن يقدم ما يستطيع من جهود في مجال الدعوة إلى الإسلام وذلك باستخدام الأساليب المباحة لنا ، لا أن نقابل ما يستخدمه النصارى من أساليب غير نزيهة بمثلها بل لابد أن تكون أساليب دعوتنا في الإطار المسموح به شرعاً مهما كانت قوة الحملات التنصيرية ومهما اتخذت من أساليب ممنوعة .

1) فيجب على الجامعات الإسلامية أن يكون لها دور في عملية الدعوة للمسلمين وغير المسلمين ، ويجب الاعتناء بشريحة الشباب المسلم في المجتمع وتوجيههم للمساهمة كلٌ بقدر استطاعته في الدعوة إلى الله ، كما يجب أيضاً على الجامعات والمؤسسات العلمية والتعليمية ومراكز البحوث أن تقوم بترجمة الكتب والكتيبات الموجهة والنافعة في هذا المجال ، ونتطلع إلى رابطة العالم الإسلامي والندوة العالمية للشباب الإسلامي في تكثيف جهودهما في هذا المجال.

2) لابد أن يقوم كوكبة من العلماء وطلبة العلم بالتصدي للتنصير وكشف أساليب ووسائل المنصرين مع قيامهم بالدعوة إلى الإسلام.

3) ويجب على الحكومات الإسلامية أن تمنع التسهيلات لحملات التنصير وتقوم بمراقبة العاملين من غير المسلمين سواء في البعثات الدبلوماسية أو الأطباء والممرضين وغيرهم .

4) إنشاء الجمعيات التي تقوم بنشر الدعوة إلى الإسلام وبيان معانيه ، واستحصال الإذن القانوني اللازم لإنشاء هذه الجمعيات ، وأن تدعو العلماء المخلصين للانتساب إلى هذه الجمعيات ، ودعوة الأغنياء من المسلمين لإعانتها بالمال.والله سبحانه وتعالى الموفق إلى سبيل الرشاد .