+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    اسراء is on a distinguished road
    تاريخ التسجيل
    09 / 08 / 2005
    الدولة
    المنصوره ___مصر
    العمر
    37
    المشاركات
    1,008
    معدل تقييم المستوى
    1237

    افتراضي عاصٍ ... يبني الحياة

    إنه أنا ... إنه أنا ذلك الشاب الذي هتك ستار عفته بيده سعيًا وراء لذة تستمر بضع لحظات ثم ما تلبث أن تزول، فأسعى وراءها من جديد تتملكني ونشغل على كياني وفكري، لكنني اليوم تعرضت لموقف عجيب، رأيته أمامي واقفًا يتحدث وصديق لي يحاوره ويسأله: ألم ترتبك كذا قط؟أم تمتد يدك لفعل كذا فقط؟وهو يجيب متعجبًا: الحمد لله، كلا لم يحدث، ويضيف متعجبًا 'أنا لا أظن أن هذا الفعل بهذه الدرجة من المتعة والتلذذ، وأنا أصون نفسي حتى يمن الله تعالى عليَّ بالزواج، ظننته في بادئ الأمر يكذب أو يداري أو يريد أن يتفاخر علينا بحفظه لنفسه، ولكني لمحت في وجهه أمارات الصدق، ورأيت مِن تربيته في بيته وحرصه على الطاعة، وحرص أبويه ما جعلني أرجح صدقه.لكن أكثر ما لفت انتباهي هو معنى جديد دفعني هذا الحوار إلى تأمله، فقد كنا وما زلنا في مجتمعاتنا نحرص على عرض المرأة وشرفها، ونفرق بين العفيفة الشريفة وغيرها، ولكن لم يخطر ببالي قط أن تقع عيني على شاب عفيف في سعار الشهوة القائم من حولنا والشباب الباحثين عن وسيلة لتصريفها بأقل الأضرار كما يدعون، أو بما هو أفضل من غيرهم الذين يهتكون ستر الحياء والعفة ويعيشون في الأرض فسادًا.لكن ها هو الآن ماثل أمام عيني يضحك ويتحدث ويعيش حياة طبيعية ظاهرها كباطنها بوجه واحد لا بوجهين، وقد دفعني هذا الموقف إلى أن تثور في ذهني تساؤلات عدة دفعني إليها تأمل تاج العفة على رأس المتعففين، ذلك التاج الذي لا يراه إلا من هتك ستر عفته واعتدى على حد ربه، وكانت أول هذه التساؤلات:أيمكن لمن هتك ستر عفته أن يستعيده من جديد؟هل يعقل أن يتحول من ولغ في أشكال المعصية وألوانها وأضحى خبيرًا فيها وعمر فيها زمنًا إلى عفيفي طاهر شديد الحياء؟وانطلق عقلي يؤكد استحالة ذلك، فما تم كسره لا يمكن إصلاحه.ومن فتح عينه ليس كن أغمضها وهو قدري ولا بد لي من التسليم به.وبعد أن أطمأن عقلي أني قد أرخيت ذراعي وسلمت بما أخبرني هو أنه قدري حانت مني التفاته سريعة إلى مشهدين رئيسيين:الأول:صور الأشخاص من الماضي والحاضر؟ أسماء رنانة لفنانين وفنانات وممثلين وممثلات، بل ونماذج أخرى ممن حولنا ممن نعرف شدة الولوغ فيما حرم الله وفجأة تجد من يأتي ليخبرك بلبس فلانة للحجاب، والتزام الآخر بالصلاة فتبادر غير مصدق لرؤيتهم والتأكد، فترى عجبًا: هذه التي بذلت عمرها تتكشف بجسدها وتتفنن في إبراز مفاتنها هي اليوم قد ارتدت هذا الثوب الواسع الفضفاضي، ولا تملك نفسها من أن تمد يدها كل دقيقة إلى حجابها ليس لتتأكد من بقاء الخصلة الأمامية من شعرها ظاهرة، بل تمد إحدى يديها لتدفع بشعرها إلى الداخل، والأخرى تشد طرف حجابها إلى الأمام تستر به جبهتها، أخرى صوتها كان يسبق مرآها إذا به ينخفض إلى درجة احتياج المحاور الاستفهام عما تقول، وفي ذات الوقت صور من الماضي للصحابة والتابعين التائبين الراجعين إلى الله تعالى، وقد كانوا يرتكبون عظيم المعاصي ثم إذا بهم ينقلبون آية في الحياء والعفة.الثاني: تأملت في حال البشر فرأيت للكل أماني وأحلام ورأيت كذلك عزمًا وهمة، فمن البشر من حلمه عظيم وهمته ضعيفة فيظل يحلم حتى يموت، ومنهم من حلمه ضئيل أو دنيء وهو يسعى حثيثًا لتحصيله ومنهم .. ومنهم...ولكن لا أحد يمنع أحدًا من الحلم بما شاء، وهمة المرء هي الحكم الفصل في تحصيل حلمه بعد إرادة الله تعالى.ثم عدت فتأملت في خطاب عقلي وهو يمنعني من المحاولة ويفقدني الأمل في التجربة, فإذا به يبحث عن مصلحته ويسعى لتحصيل راحته العاجلة لعدم رغبته في بذل الجهد والمحاولة.ثم أعدت التأمل فرأيت الحياة لا قيمة لها بدون المحاولة والتجربة وأن تحلم وتسعى لتحقيق حلمك، ثم تأملت ثالثة فرأيت المحاولات وإن كثرت والفشل وإن تكرر إلا أنه يثبت قيمة الإنسان, فهو يحلم ويسعى, ولذا رتب الله الأجر في القرآن على المحاولة ابتداءً ما دامت بإصرار ومثابرة:{وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّه}...ثم تأملت أخيرًا فإذا معامل القوة والضعف الحقيقي بداخلي لا من الخارج وأن المسألة كلها تتعلق بالإجابة الصادقة على سؤالي: هل أريد؟ولما حسمت الإجابة على التساؤل الأول الذي انبعث في عقلي اندفع الثاني يبحث عن إجابة وهو كيف؟كيف يمكن لمن ولغ في المعاصي وهتك ستر عفته أن يستعيد ما تم كسره ويعيد إصلاحه؟لكن الإجابة على هذا السؤال تحتاج إلى طول فكر وتأمل فنرجئها بإذن الله إلى لقاء آخر.


    ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء'

    بهذا الحديث النبوي الشريف يفتح العلامة ابن قيم الجوزية ـ رحمه الله كتابه المبارك 'الداء والدواء' أو 'الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي'

    مؤصلاً لقاعدة جلية ومبينًا لمسلك المسلم تجاه المواقف والأحداث وكذا المشاكل والعقبات، فالله تعالى أرحم بعباده من الأم بوليدها, وهو جل وعلا لم يخلقنا ليعذبنا بل لنشكره ونؤمن به, ولذا فهو سبحانه لم يخلق في هذه الأرض مشكلة إلا وجاء حلها معها, ولكن أين تكمن المشكلة؟

    إنها تكمن في أحد أمرين:

    الأول: عدم رؤية الحل واليأس من العثور عليه فندفع إلى الحلول الوهمية الخاطئة.

    الثاني: رؤية حلول غير صحيحة وغير ناجحة في إنهاء الأزمة والموقف ونتصور أنها الحق.

    وفي ظل هذا التصور يمكننا هنا أن نفهم الشق الثاني من الحديث النبوي المذكور في أول المقال وهو 'ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء .. علمه من علمه وجهله من جهله ..'.

    وإذا كان السبب الأول في تطور الأزمات وتفاقمها وهو عدم رؤية الحل واليأس من العثور عليه أو اليأس من إمكانية تحقيقه يظهر بوضوح في أزمة الشهوة لدى الشباب التي يتمحور أصل خطاب الشيطان للشباب فيها على استحالة احتمال الزواج ومشقته, فهيا إلى حلول أخرى مؤقتة ولكنها مدمرة.

    فإننا في مقالنا هذا ونحن نعالج تصورًا مفاده أن من هتك الستر ليس له أن يستعيده من جديد، نحن هنا نعاني من شقي المشكلة الأول والثاني فما بين وسائل طرح لقضية الحياء ومفومه جامدة إلا فيما ندر من الكتابات والخطابات التي تعني بيان كيفية زراعته وإنمائه وما بين توجيهه لحول أخرى لمن ولغوا في المعصية تحاول مساعدتهم على الخلاص من براثنها والهروب من أسرها، لكنها حلول ثانوية مؤقتة تنتهج سياسة التسكين المؤقت والإنقاذ من فورة الموقف.

    وما بين هذا أو ذاك يتوه الشباب في تجربة مختلف أشكال الحلول، والله تعالى الرحيم بعباده قد أورد لنا في كتابه دواءً لكل داء وحلاً لكل مشكلة.

    وقد أورد للوقاية من المعاصي قاعدة جليلة يظهر لنا من خلالها موطن الداء وشكل العلاج وعلى من تقع المسئولية الحقيقية في الوقوع في الخطأ ألا وهي قوله تعالى في سورة النازعات: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعـات:40 ـ 41]

    إذن فهي معادلة لها طرفان الأول خوف مقام الله تعالى والثاني إلزام النفس بمنعها عن الهوى والخلل المؤدي إلى وقوع المعصية لن يتجاوز هذان الطرفان إلى غيرهما، فهو إما ناشئ عن ضعف في أحدهما أو خلل في التصور الواحد من هذين الطرفين.

    ودعونا نضرب أمثلة من الواقع قد أصاب أصحابها الحيرة من أنفسهم للتناقض العجيب الواقع داخل نفوسهم.

    فهذا واحد شديد الخوف من الله ويقف في الصلاة يبكي خلف الإمام حين يدعو، وهو بعد ارتكابه للمعصية يجلس يبكي ويبكي بشدة تجعلك تتعجب أليس هذا هو الذي ارتكب هذه المعصية منذ قليل منذ لحظات وثوان؟ بلى هو؟ ولا يفهم الشاب أين المشكلة فيدخل الشيطان متطوعًا بإعطاء التفسير بالتصور الشيطاني الذي يبدو في أوله ربانيًا:

    وهو أنك منافق بوجهين، ثم بعد ترسيخ هذا المفهوم تنقل إلى الذي يليه وهو أنك باستمرار الوقوع في المعصية وعدم القدرة على التخلص منها، ثم بعد ذلك الدخول في الحلقة المفرغة من ارتكاب للذنب فبكاء فتوبة فندم فسكون فشهوة فارتكاب للذنب, وهكذا يتبين أنه لا يمكن أن أكون صالحًا فعلى الأقل لن أكون منافقًا فعلي أن أترك المحاولة للتوبة وامتنع عن البكاء والندم فلم يُجدِ شيئًا وأرضى بالأمر الواقع. {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ}.

    بينما لو أحسن صاحبنا الشاب النظر والتأمل فهم أنه ليس منافقًا كلا بل هو قد حقق الشق الأول في الوقاية من المعصية ولكنه أهمل بشدة الشق الثاني وهو نهي النفس عن الهوى أو التربية أو ضبط النفس وملكها فسلطانها عليه شديد وهذه لا بد من تقييدها بلجام الأمر والشرع لا الهوى، وهذا يتأتى بمحاولات مستمرة على مدى طويل لبناء الحياء وكسر الحلقات المفرغة التي يدفعنا إليها الشيطان حتى تتحقق مقولة الخنساء ـ رضي الله عنها ـ 'عودوا جوارحكم الطاعة تستوحش المعصية'.

    إن تحديد مكمن الداء هو نصف الطريق إلى العلاج الصحيح، وأن أعظم سعي للشيطان إنما يكون في رسم أوهام لأسباب الداء يدفع الشخص إلى التعلق بها، ولو تأملها العاقل لرأى في نهاية الإيمان بها وتيقنها هلاكه ودفعه إلى قعر الجحيم فهو المقسم على الله تعالى: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}.

    فدعونا أولاً نطرح التصورات الفاسدة جانبًا، وتسألني كيف أعرف الفاسد من التصورات من غير الفاسد؟ فأجيب عليك بقاعدة ذهبية: انظر إلى آخر التصور إلى أين يذهب بك إلى عمل وبذل وارتقاء وصعود وتفاؤل، أم إلى هزيمة ويأس وفقد أمل وهبوط وتشاؤم.

    واعلم أن طريق الجنة درجات بعضها فوق بعض لمن أرادوا الصعود فوق بعض لمن أرادوا الصعود كما أن طريق النار دركات بعضها تحت بعض لمن راد الهبوط.

    إن الآية الكريمة توضح لنا بما لا يدع مجالاً للتوهم والتردد أنه لا بد من حاجز بين العبد وبين المعصية ومن ثم توضح لنا مكوناته أو شقيه الأساسيين وهما:

    [1] خوف من مقام الله تعالى.

    [2] نهي النفس وزجر لها عن هواها متى خالف أمر الله تعالى.

    وهذا الشق الثاني يكون عن طريق زراعة موانع ومعوقات وبناء حواجز وسدد داخل النفس ترفع مستوى تحكم وسيطرة الإنسان على نفسه بما يحقق قيادته لها حيث شاء.

    هذا المانع والحاجز لا بد أن يكون داخليًا ينبع من البناء الأخلاقي للإنسان، وهذا البناء هو الذي يصوغ فكره وتصوراته ومفاهيمه وسلوكيات، وبناءً عليه تتبلور أهدافه وتوجهاته لذا كانت العناية الربانية ثم النبوية بهذا البناء عظيمة كما جاءت في الحديث عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: 'إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق'.

    ومما يؤكد لنا أهمية الشق الثاني المكون للحاجز الرباني بين العبد والمعصية الحديث الذي رواه ابن ماجه في سننه وحسنه الألباني.

    1ـ النبي صلى الله عليه وسلم قال: 'إن لكل دين خلقًا وخلق الإسلام الحياء'.

    إن الحياء كما عرفه أهل العلم في اللغة أنه انقباض وانزواء وانكسار في النفس يصيب الإنسان عند الخوف من فعل شيء يعيبه وهو مشتق من الحياة، ولذا قال بعض الفصحاء: حياة الوجه بحيائه كما أن حياة الغرس بمائه.

    كما عرف علماء الشريعة بأنه صفة وخلق يكون في النفس يبعث على اجتناب القبيح ويمنع من التقصير في حق صاحب الحق.

    أو هو بمعنى آخر مرادنا هنا الذي نسعى إليه وهو خلق نزرعه في نفوسنا يقوم بالدور المطلوب وهو نهى هذه النفس عن القبيح وهو كل ما يغضب الله تبارك وتعالى.

    ولكن كيف نزرع الحياء في نفوسنا؟ هل الحياء خلق مكتسب أم موهوب؟

    الإجابة عن هذه الأسئلة سنتابعها معًا في الجزء الثالث والأخير من هذه المقالة بإذن الله تعالى.

     
  2. #2
    امال has a spectacular aura about امال has a spectacular aura about امال has a spectacular aura about الصورة الرمزية امال
    تاريخ التسجيل
    16 / 08 / 2005
    الدولة
    مصر__المنصوره
    العمر
    37
    المشاركات
    12,544
    معدل تقييم المستوى
    12792

    افتراضي مشاركة: عاصٍ ... يبني الحياة

    شكرا اختى على

     

 
+ الرد على الموضوع

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك