+ الرد على الموضوع
صفحة 5 من 9 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 6 7 8 9 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 25 من 41
  1. #21
    أم ليلى is on a distinguished road الصورة الرمزية أم ليلى
    تاريخ التسجيل
    17 / 07 / 2005
    الدولة
    مصر
    العمر
    49
    المشاركات
    210
    معدل تقييم المستوى
    440

    افتراضي مشاركة: من أراد منكم...................فل يسرع !!!

    [align=center]

    [align=right] الحديث السادس [/align]

    --------------------------------------------------------------------------------


    إن الحلال بين وإن الحرام بين
    وعن أبي عبد الله النعمان بن البشير -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن الحلال بَيِّن وإن الحرام بَيِّن، وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب رواه البخاري ومسلم.


    --------------------------------------------------------------------------------


    هذا الحديث -حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنه- عَدَّه العلماء ثلث الدين أو ربع الدين ؛ فإن الإمام أحمد قال: أحاديث الإسلام تدور على ثلاثة أحاديث: حديث عمر: إنما الأعمال بالنيات وحديث عائشة السابق: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وحديث النعمان بن بشير.

    وذلك أن حديث النعمان دَلَّ على أن الأشياء منقسمة إلى حلال بَيِّن، وإلى حرام بَيِّن ، وإلى مشتبه.

    فالحلال البَيِّن والحرام البَيِّن واضح الحكم، والمشتبه جاء حكمه في هذا الحديث، والحلال يحتاج إلى نية، وإلى متابعة، وعدم إحداث فيه من أمور العبادات والمعاملات ، وكذلك الحرام يحتاج إلى نية في تركه حتى يؤجر عليه، إلى آخر ذلك.

    فصار هذا الحديث ثلث الإسلام.

    وأبو داود صاحب السنن جعل الأحاديث أربعة، وزاد عليها حديث: الدين النصيحة الحديث الذي سيأتي بعد هذا -إن شاء الله تعالى.

    هذا يدل على أن هذا الحديث موضعه عظيم في الشريعة؛ فهو ثلث الدين لمن فهمه، ففيه أن الأحكام ثلاثة: حلال بَيِّن واضح لا اشتباه فيه، وحرام بَيِّن واضح لا اشتباه فيه، وثالث مشتبه لا يعلمه كثير من الناس، ولكن يعلمه بعضهم.

    فالحلال البَيِّن الواضح من أتاه فهذا على بينة، بين للناس، والحرام البين الواضح أيضا بَيِّن للناس، لا اشتباه فيه، فمن انتهى عنه فهو مأجور، ومن وقع فيه فهو مأزور.

    وهناك ما هو مشتبه، ومن أجل هذا المشتبه جاء هذا الحديث من الرءوف الرحيم -عليه الصلاة والسلام-، فقال: الحلال بَيِّنٌ، والحرام بَيِّنٌ، وبينهما أمور مشتبهات .

    الحلال البين مثاله أنواع المأكولات المباحة، تأكل اللحم والخبز، وتشرب الماء إلى آخره ، أنواع العلاقات المالية المباحة، البيع الواضح، الصرف الواضح إلى آخره، أنواع الإجارة الواضحة ، الزواج الواضح، وأشباه ذلك مما اكتملت فيه الشروط ولا شبهة فيه، فهذا بين يعلمه الناس، وأيضا هو درجات.

    والحرام بين -أيضا- واضح مثل حرمة الخمر، وحرمة السرقة، وحرمة الزنا، وحرمة قذف الغافلات المؤمنات، وحرمة الرشوة، وأشباه ذلك مما الكلام فيها واضح لا اشتباه فيه.

    القسم الثالث: قال: وبينهما أمور مشتبهات قال -عليه الصلاة والسلام-: "وبينهما" فجعل هذا القسم بين الحلال والحرام؛ وذلك لأنه يجتذبه الحلال تارة، ويجتذبه الحرام تارة عند من اشتبه عليه، فالذي اشتبه عليه هذا الأمر يكون عنده بين الحلال والحرام، لا يدري هل هو حرام أو هو حلال، إن نظر فيه من جهة قال هو حلال، وإن نظر فيه من جهة جعله حراما، وهذا عند كثير من الناس، وأما الراسخون في العلم فيعلمونه، يعلمون حكمه، هل هو حلال أو حرام؟.

    فقال -عليه الصلاة والسلام-: وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فدل قوله: لا يعلمهن كثير على أن هناك كثيرا من الناس يعلمون الحكم.

    هذه المشتبهات اختلف العلماء في تفسيرها، ما هي المشبهات؟ في أقوال كثيرة جدا، وصُنِّفَتْ فيها مصنفات، وشروح هذا الحديث في الكتب المطولة طويل أيضا في تفسير المشتبهات، ووضوحها ينبني على فهم معنى المشتبه في اللغة وفي القرآن أيضا.

    أما في اللغة، فاشتبه الشيء: بمعنى اختلط، يعني: صار يتنازعه أشياء متعددة جعلته مختلطا على الناظر أو على السامع، اشتبهت الأشياء عند عينه، بمعنى اختلطت، ما يميز هذا من هذا، اشتبهت الأصوات عليه، يعني: تداخلت، فلم يميز هذا من هذا.

    فالمشتبهات في اللغة لا يتضح منها الأمر عند كثير من الناس لضعف قوته، كما أن الناظر -لضعف بصره- اشتبه عليه، والسامع -لضعف سمعه- اشتبه عليه، فكذلك المسائل التي تُدْرَك بالقلب تدرك بالبصيرة، تشتبه من جهة ضعف البصيرة ضعف العلم.

    أما في القرآن فجعل الله -جل وعلا- المشتبهات أو المتشابهات فيما يقابل المحكمات، في آية سورة "آل عمران"، وهي قوله -جل وعلا-: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا .

    فدلت الآية على أن المحكم ما كان واضحا بَيّنًا، والمشتبه ما يشتبه علمه على الناظر فيه.

    وما في الحديث غير ما في الآية، من جهة أن ما في الآية من جهة المعاني -معاني الآيات- لأنه قال: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ .

    فمعنى الآية يشتبه، والحديث من جهة العمل، من جهة الحكم، هل هذه من الحلال، أو هي من الحرام ؟

    فإذن من جهة الاشتباه الأمر واحد، أن المشتبه فيما دلت عليه آية "آل عمران" هو غير الواضح، وهذا نستمسك به في تفسير المشتبه في هذا الحديث؛ لأن الكلمة إذا اشتبه معناها، أو اختلف العلماء في معناها، فإرجاعها إلى عُرْفِ الشارع، في كلامه، يعني إلى ما كان عليه استعمال الشارع في القرآن، فهذا يريحنا من إشكال تفسير الكلمة، فإذا نظرنا في هذه الكلمة مشتبهات، فجعلها بعض العلماء اختلاط المال المباح مع المال الحرام، جعلها بعضهم فيما اختلف فيه العلماء في أقوال ربما يأتي بعضها.

    فتفسيرها الصحيح أن نجعلها مثل آية "آل عمران"، يعني: ما اتضح ما لم يتضح للمرء، ما لم يتضح حكمه فهو مشتبه، وما اتضح حكمه من الحلال فهو حلال، وما اتضح حكمه من الحرام فهو حرام، وهذه محكمات، وما اشتبه حكمه فهو من غير الواضح، من المتشابهات، أو المشتبهات، أو المشبهات كما هي روايات في هذا الحديث.

    الإمام أحمد -رحمه الله- وإسحاق وجماعة من أهل العلم فسروا المشتبهات بما اختلف الصحابة في حله وحرمته، أو اختلف العلماء في حله وحرمته، فقالوا -مثلا- أكل الضب اختلفوا فيه، فيكون من قبيل المشتبه، وقالوا: إن أكل ذي الناب من السباع اختلف فيه العلماء، فيكون من قبيل المشتبه، أو لبس بعض الملابس اختلفوا فيها، فيكون من قبيل المشتبه، وجعلوا اختلاف المال حلال وحرام، هذا من قبيل المشتبه في أشياء، وشرب ما يسكر كثيره من قبيل المشتبه، من جهة الناظر فيه، وهذا -في الحقيقة- ليس واضحا، وهذه إذا جُعِلَتْ من المشتبهات فهذا من جهة التأويل، لا من جهة كونها مشتبهات بينة.

    فالإمام أحمد وإسحاق وجماعة إذا قالوا عن هذه الأشياء: إنها مشتبهات، فيعنون أنه ينبغي لمن ذهب إلى القول المبيح أن يستبرئ، من ذهب إلى القول المبيح في المُسْكِر لا بد له أن يستبرئ لدينه ويذهب إلى القول الآخر، في أكل الضب السنة فيه واضحة، فينبغي أن يترك رأيه إلى السنة للأمر الواضح، يعني: قالوا إنها من المشتبهات باعتبار الخلاف، وهذا ليس هو المقصود بالحديث؛ وإنما هم نظروا في اختلاف العلماء في ذلك.

    والذي ينبغي حمل الأحاديث عليه ما ذكرت لك من أن المشبهات، أو المشتبهات، أو المتشابهات هي ما اشتبه علمه، ما اشتبه حكمه على من يحتاج إليه، فإذا اشتبه عليه حكم هذا البيع فاستبراؤه له حماية لعلمه، حماية لدينه ، إذا اشتبه عليه حكم هذه المرأة، هل هي مباحة له أم غير مباحة؟ فالاستبراء أن يتوقف حتى يأتيه إما أن تكون حلالا بينا أو حراما بينا.

    إذا تقرر ذلك فإنه، إن المشتبهات هذه لها حالان:

    الحال الأولى:ما يتوقف فيه العلماء، فيتوقف العالم في حكم المسألة، يقول: أنا متوقف فيها. والعلماء توقفوا في شيء مثل بعض المسائل الحادثة الآن، تأتي مسألة -مثلا- من مسائل البيوعات أو مسائل المال الجديدة التي يحدثها الناس، والعلماء حتى ينظروا فيها لا بد أن يتوقفوا.

    في بعض المسائل الطبية -مثلا- توقف العلماء، والعلماء توقفهم ليس عن عجز، ولكن حماية لدينهم هم؛ لأنهم سيفتون الأمة، وإذا أفتوا الأمة فالحلال الذي صار في الأمة حلالا منسوب إليهم، وهم وقعوا عن رب العالمين -جل وعلا- يعني: أفتوا عن الله -سبحانه- ، فينبغي أن يتوقفوا حتى تتبين لهم، فإذا توقف العلماء في مسألة فإذن هي من المشتبهات حتى يتبين حكمها للعالم، هذا النوع الأول.

    والنوع الثاني من المشتبهات:ما تشتبه على غير العالم، فينبغي أن لا يواقعها حتى يردها إلى العالم، ينبغي: يعني وجوبا؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- قال: "وبينهما" يعني: بين الحلال والحرام. أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس .

    في قوله: لا يعلمهن كثير من الناس إرشاد إلى أن هناك من يعلم، فتسأل من يعلم عن حكم هذه المسألة.

    قال: فمن اتقى الشبهات يعني: قبل أن يصل إليه العلم، أو في المسألة التي توقف فيها أهل العلم.

    فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه أما استبراء الدين فهو من جهة الله -جل وعلا-؛ حيث إنه إذا استبرأ فقد أتى ما يجب عليه، متوقف فيها فأنا لا أقدم عليها؛ لأنها ربما كانت حراما، والمؤمن مُكَلَّف، فينبغي عليه وجوبا ألا يأتي شيئا وهو يعلم أنه حلال، وإذا أراد أن يُقْدِم على شيء، يقدم على شيء يعلم أنه غير حرام.

    فمن توقف عن الحلال المشتبه أو عن الحرام المشتبه فقد استبرأ للدين؛ لأنه ربما واقع، فصار حراما، وهو لا يدري.

    هل يقال هنا: هو لا يدري معذور ؟ لا، غير معذور؛ لأنه يجب عليه أن يتوقف حتى يتبين له حكم هذه المسألة، يأتيها على أي أساس؟ هو مكلف، لا يعمل عمل إلا بأمر من الشرع، فلهذا قال: فقد استبرأ لدينه .

    قال: "وعرضه" وعرضه لأنه -في أهل الإيمان- من أقدم على الأمور المشتبهات فإنه قد يُوقَع فيه، قد يُتَكَلَّم فيه بأنه قليل الديانة؛ لأنه لم يستبرئ لدينه، فإنه إذا ترك مواقعة المشتبهات استبرأ لعرضه، وفي هذا حث على أن المرء لا يأتي ما يُعاب عليه في عرضه، فالمؤمن يرعى حال إخوانه المؤمنين، ونظرة إخوانه المؤمنين إليه، ولا يأتي بشيء يقول: أنا لا أهتم بقول أهل الإيمان، لا أهتم بقول أهل العلم، لا أهتم بقول طلبة العلم؛ فإن استبراء العرض حتى لا يوقع فيه هذا أمر مطلوب.

    وقد جاء في الأثر: "إياك وما يشار إليه بالأصابع". يعني: من أهل الإيمان، حيث ينتقدون على العامل عمله فيما لم يوافق فيه الشريعة.

    قال: ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام هنا "وقع في الحرام" فُسِّرَتْ بتفسيرين: الحرام الذي هو أحد الجانبين الذي الشبهات فيما بينهما؛ لأن جانب حلال، وجانب حرام، فمن وقع في الشبهات وقع في الحرام الذي هو أحد الجهتين، وفُسِّرَ الحرام بأنه وقع في أمر مُحَرَّم؛ حيث لم يستبرئ لدينه، حيث وقع في شيء لم يعلم حكمه، شيء مسألة واقعتها بلا علم منك أنه جائز، فلا شك أن هذا إقدام على أمر دون حجة.

    فمن وقع في الشبهات وقع في الحرام وهذا في المسائل التي تتنازعها الأمور بوضوح، هناك مسائل من الورع يستحب تركها، ليست هي المقصودة بهذه الكلمة؛ لأنه قال: ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام .

    ثم مَثَّلَ ذلك -عليه الصلاة والسلام- بقوله: كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه الراعي يكون معه شيء من الماشية، الماشية من طبيعتها أنها -في بعض الأحيان- تخرج عن مجموع الماشية وتذهب بعيدا، فإذا قارب حمى محمية، مثلا: أرض محمية للصدقة، أو محمية في ملك فلان، أو ما أشبه ذلك، فإن مقاربته بماشيته للحمى لا بد أن يحصل منها بعضها منهم، ويأخذ من حق غيره.

    وهذا تمثيل عظيم في أن حِمَى الله محارمه وما هو داخل هذا الحمى هو الدين، وهذه المحارم حمى، فمن قارب فلا بد أن يحصل منه مرة أن يتوسع، فيدخل في الحرام، حتى في الأمور التي يكون عنده فيها بعض التردد، لا كل التردد.

    فلهذا مَثَّلَ -عليه الصلاة والسلام- بهذا المثال العظيم، فقال: كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه لأنه قَارَب.

    قال: ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه فحمى الله محارمه، بها يقوَى دين المرء.

    فهذا الحديث واضح الدلالة في أن من قارب الحمى ، من قارب المحارم ، من قارب الحرمات فإنه يوشك أن يقع في المحرم من جرّاء تساهله.

    نفهم من هذا الحديث أن الحلال البَيِّن واضح، والحرام البين واضح، والمشبهات المشتبهات عرفنا تعريفها، وحكمها، وتقسيمات الكلام عليها، وأنه يجب على صاحب الدين، يجب على المسلم ألا يأتي شيئا إلا وهو يعلم حكمه، إذا لم يعلم فليسأل، فتكون إذن المسألة مشتبهة عليه، ويزول الاشتباه بسؤال أهل العلم، فإن بقيت مشتبهة على أهل العلم، فإنه -يعني حتى يحكموا فيها- فإنه يتوقف معهم حتى يعمل ذلك.

    هناك مسائل ليست مشتبهة -يعني في الأحكام- لكونها تبع الأصل جريان القواعد عليها، دخولها ضمن الدليل، فإذن المسائل التي اختلف العلماء فيها لا تدخل ضمن هذا الحديث من جهة كونها مشتبهة؛ بل نقول: هذه مسألة اختلف فيها العلماء، فإذن يخرج منها بتاتا على جهة أن من وقع فيها وقع في الحرام، لا ؛ ولكن هذا على وجه الاستحباب.

    وهذا هو الذي فهمه العلماء من الحديث: أن الخروج من خلاف العلماء مستحب، يعني: أن العلماء إذا اختلفوا في مسألة، فالخروج من خلافهم إلى متيقن، هذا مستحب، وهذا صحيح باعتبارات، وفي بعض تطبيقاته قد لا يكون صحيحا في تفاصيل معلومة.

    مثاله -مثلا-: قصر الصلاة في السفر، جمهور العلماء -يعني جمهور الأئمة الأربعة- مالك والشافعي وأحمد حَدّوا المدة بنية إقامة أربعة أيام فصاعدا، في أنه إذا نوَى إقامة أربعة أيام فصاعدا لم يترخص برخصة السفر، وهناك قول ثانٍ للحنفية بأن له أن يترخص ما لم يُزْمِع إقامة أكثر من خمسة عشر يوما، وهناك قول ثالث لشيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة من أهل العلم: بأن له أن يترخص حتى يرجع إلى بلده.

    فهذه أقوال ثلاثة: القول الأول -وهو كونها أربعة أيام- رُجِّحَ على غيرها من جهة أن المسألة من حيث الدليل مشتبهة، وإذا كان كذلك فالأخذ فيها باليقين استبراء للدين؛ لأن الصلاة ركن الإسلام الثاني، فأَخْذُ اليقين في أمر الصلاة هذا مما دَلَّ عليه هذا الحديث، لأنه استبراء للدين؛ لأن الأربعة أيام هذه بالاتفاق أنه يترخص فيها، وأما ما عداها فهو مختلف فيه، فإذا كان كذلك فالخروج من الخلاف هنا مستحب، فنأخذ بالأحوط.

    ولهذا رجح كثير من المحققين هذا القول باعتبار الاستبراء، وأن في الأخذ به اليقين في أمر الصلاة، التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وأعظم الأركان العملية.

    من المسائل التي -أيضا- يتعرض لها العلماء في هذا الحديث الأكل من مال من اختلط في ماله الحلال الحرام، أعني رجلا مثلا في ماله حرام، نعلم أنه يكتسب من مكاسب محرمة؛ إما أنه يرتشي، أو عنده مكاسب من الربا، أو ما أشبه ذلك، وعنده مكاسب حلال، فما الحكم في شأنه؟

    جعله بعض العلماء داخلا في هذا الحديث، وأن الورع الترك على سبيل الاستحباب؛ لأنه استبراء.

    وطائفة من أهل العلم قالوا: بحسب ما يغلب، فإن كان الغالب عليه الحرام فإنه يُسْتَبْرَأ، وإن كان الغالب عليه الحلال فإنه يجوز أن تأكل منه، ما لم تعلم أن عَيْن ما قُدِّمَ لك من الحرام.

    وقال آخرون -منهم ابن مسعود -رضي الله عنه-: لك أن تأكل، والحرام عليه، لتَغَيُّر الجهة، فهو اكتسبه من حرام، وحين قدم لك قدمه على أنه هدية، أو على أنه إضافة أو هبة، أو ما أشبه ذلك، وتَغَيُّر الجهة يغير الحكم كما في حديث بريرة: قالوا: يا رسول الله، في اللحم إنه تصدق به على بريرة ، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لا يأكل الصدقة ، فقال -عليه الصلاة والسلام-: هو عليها صدقة، ولنا هدية .

    لاختلاف الجهة، مع أنه عين المُهْدَى وهو اللحم، فقال جماعة من الصحابة ومن أهل العلم: إنه يأكل والحرام على صاحبه، على من قدمه، وأما هذا فقدمه على أنه هدية، فلا بأس بذلك.

    وقال آخرون في هذه المسألة: إنه يأكل منه ما لم يعلم أن هذا المال بعينه حرام، يعني: أن عين ما قَدَّم حرام، فإذا علم أن عين ما قدم حرام فلا يجوز له أكل هذا المعين، ويجوز أكل ما سواه، واستدلوا على ذلك بأن اليهود كانوا يقدمون الطعام للنبي -عليه الصلاة والسلام- ، وكانوا يأكلون الربا ، وكان -عليه الصلاة والسلام- ربما أكل من طعامهم.

    فيه تفاصيل، المقصود من هذا -كمثال- لاختلاف العلماء في تنازعٍ في هذه المسألة، هل تدخل في هذا الحديث أم لا ؟ وجملتهم على دخوله من جهة الورع، وليس على دخوله من جهة أنه من أكل فقد أكل حراما، مع أن عددا من المحققين رَجَّحوا قول ابن مسعود، وهو ترجيح ظاهر من حيث الدليل، كابن عبد البر في "التمهيد"، وكغيره من أهل العلم في تفاصيل يطول الكلام عليها.

    قال -عليه الصلاة والسلام-: ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ ألا وهي القلب .

    فهذا فيه أن صلاح القلب -الذي هو معدن الإيمان- به يكون التورع، به يكون التوقف عن الشبهات، به يكون الإقدام على المحرمات، هذا راجع إلى القلب، والقلب إذا صلح، صلح الجسد كله في تصرفاته، وإذا فسد فسد، الجسد كله.

    تعليق هذا بالقلب، قال: ألا وإن في الجسد مضغة والقلب -من حيث إدراك المعلومات- هو الذي يدرك، فعند المحققين من أهل العلم، والذي تدل عليه نصوص الكتاب والسنة أن هذا معلق بالقلب، يعني: حصول الإدراكات، وحصول العلوم، والصلاح والفساد والنيات..إلى آخره، هذا معلق بالقلب.

    إذا كان كذلك، فما وظيفة الدماغ أو المخ ؟

    وظيفته الإمداد ، هذا على قول المحققين من أهل العلم، فاختلفوا في العقل؛ هل هو في القلب أم في الرأس؟ والصحيح أنه في القلب، والعقل ليس جرما؛ وإنما المقصود به إدراك المعقولات، والدماغ وما في الرأس هذه وسيلة تمد القلب بالإدراكات.

    القلب هل يدرك من جهة كونه مضغة ؟

    لا ، يدرك من جهة كونه بيت الروح ، والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
    _________________________ __



    [/align]

     
  2. #22
    أم ليلى is on a distinguished road الصورة الرمزية أم ليلى
    تاريخ التسجيل
    17 / 07 / 2005
    الدولة
    مصر
    العمر
    49
    المشاركات
    210
    معدل تقييم المستوى
    440

    افتراضي مشاركة: من أراد منكم...................فل يسرع !!!

    [align=center]

    [align=right] الحديث السابع [/align]

    --------------------------------------------------------------------------------


    الدين النصيحة

    عن أبي رُقَيَّةَ تَمِيمِ بِن أوْسٍ الدَّاريَّ رضي اللهُ عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الدين النصيحة . قلنا : لمن ؟ قال : لله ، ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين ، وعامتهم " .
    رواه مسلم .

    [align=right]أهمية الحديث :[/align]

    هذا الحديث من جوامع الكلم التي اختص بها رسولنا صلى الله عليه وسلم ، فهو عبارة عن كلمات موجزة اشتملت على معانٍ كثيرة وفوائد جليلة ، حتى إننا نجد سائر السنن وأحكام الشريعة أصولاً وفروعاً داخلة تحته ، بل تحت كلمة منه وهي " ولكتابه " لأن كتاب الله تعالى اشتمل على أمور الدين جميعاً أصلاً وفرعاً عملاً واعتقاداً ؛ فإذا آمن به وعمل بما تضمنه على ما ينبغي في النصح له ، فقد جمع الشريعة بأسرها ، قال تعالى : ( ما فرطنا في الكتاب من شئ ) [ الأنعام : 38 ] ولذا قال العلماء : هذا الحديث عليه مدار الإسلام .

    [align=right]لغة الحديث :[/align]
    " الدين " : المراد هنا : الملة وهي دين الإسلام ؛ أي عماد الدين وقوامه النصيحة .
    " النصيحة " : كلمة يعبر بها عن إرادة الخير للمنصوح له ، وأصل النصح في اللغة : الخلوص ، ومنه : نصحت العسل إذا صفيته من الشمع وخلصته منه ، وقيل : مأخوذ من نصح الرجل ثوبه إذا خاطه ، فشبَّه فعل الناصح فيما يتحراه للمنصوح له بإصلاح الثوب .
    " أئمة المسلمين " : حكامهم .
    " عامتهم " : سائر المسلمين غير الحكام .

    [align=right]فقه الحديث وما يرشد إليه : [/align]

    1- النصيحة لله : وتكون بالإيمان بالله تعالى ، ونفي الشريك عنه ، وترك الإلحاد في صفاته ، ووصفه بصفات الكمال والجلال كلها ، وتنزيهه سبحانه وتعالى من جميع النقائص ، والإخلاص في عبادته ، والقيام بطاعته وتجنب معصيته ، والحب والبغض فيه ، وموالاة من أطاعه ومعاداة من عصاه . والتزام المسلم لهذا في أقواله وأفعاله يعود بالنفع عليه في الدنيا والآخرة ؛ لأنه سبحانه وتعالى غني عن نصح الناصحين .

    2- النصيحة لكتاب الله : وتكون بالإيمان بالكتب السماوية المنزلة كلها من عند الله تعالى ، والإيمان بأن هذا القرآن خاتم لها وشاهد عليها ، وهو كلام الله تعالى المعجز ، حفظه في الصدور والسطور ، وتكفل سبحانه بذلك ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) [ الحجر : 9 ] .
    وتكون نصيحة المسلم لكتاب ربه عز وجل :
    أ- بقراءته وحفظه ؛ لأن في قراءته اكتساب العلم والمعرفة ، وحصول طهارة النفس ، وصفاء الضمير ، وزيادة التقوى . وفي قراءة القرآن حسنات عظيمة تكتب في صحيفته ، وشفاعة يجدها في انتظاره يوم القيامة ، وروى مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " اقرؤوا القرآن ، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه " . وأما حفظ كتاب الله تعالى في الصدور ؛ ففيه إعمار القلوب بنور كتاب الله ، وقدر عظيم وشرف يناله المسلم فيصبح شامة بين الناس في الدنيا ، ودرجة عالية يرتقي إليها بمقدار ما حفظ من آيات كتاب الله وسوره في الآخرة ، روى أبو داود والترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا ، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها " .
    ب- بترتيله وتحسين الصوت بقراءته ، مما يجعل القراءة أوقع في النفس ، وأسمع في القلب ، روى البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليس منا من لم يتغن بالقرآن " .
    ج- بتدبر معانيه ، وتفهم آياته ، قال تعالى :( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها ) [ محمد : 24 ] .
    د- بتعليمه للأجيال المسلمة ، لتقوم بتبعة المسؤولية في حفظ كتاب الله ، وفي تعلم القرآن وتعليمه سبيل عزتنا وسعادتنا ، روى البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " خيركم من تعلم القرآن وعلّمه " .
    هـ- بالتفقه والعمل ، فلا خير في قراءة لافقه فيها ، ولا خير في فقه لاعمل به ، وأهم ما نحصل عليه من ثمرات قرآنية يانعة ؛ إنما نصل إليها بعد فهم وعمل ، وقبيح بنا أن نعلم ولا نعمل ، قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون . كَبٌر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ) [ الصف : 2 - 3 ] .

    3- النصيحة لرسول الله : وتكون بتصديق رسالته والإيمان بجميع ما جاء به من قرآن وسنة ، كما تكون بمحبته وطاعته ، وفي محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم محبة الله تعالى ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يُحببكم الله ) [ آل عمران : 31 ] وفي طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم طاعة الله عز وجل ( من يُطع الرسول فقد أطاع الله ) [ النساء : 80 ] والنصح لرسول الله بعد موته ، يقتضي من المسلمين أن يقرؤوا سيرته في بيوتهم ، وأن يتخلقوا بأخلاقه صلى الله عليه وسلم ويتأدبوا بآدابه ، ويلتزموا سنته بالقول والعمل ، ويستفيدوا من حياته وأيامه الدروس والعبر والعظات ، وأن يسهموا في نشر السنة بين الناس ، وأن ينفوا عنها تهم الأعداء والمغرضين ، ودعاوى المبطلين وبدع المغالين .

    4- النصيحة لأئمة المسلمين : و أئمة المسلمين إما أن يكونوا الحكام أو من ينوب عنهم ، وإما أن يكونوا العلماء والمصلحين .
    فأما حكام المسلمين فيجب أن يكونوا من المسلمين ؛ حتى تجب طاعتهم ، قال تعالى : ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأُولي الأمر منكم ) [ النساء : 59 ] ونصيحتنا لهم أن نحب صلاحهم ورشدهم وعدلهم ، لا أن نحبهم لأشخاصهم ، ولما يتحقق من مصالحنا الخاصة على أيديهم ، و أن نحب اجتماع الأمة في ظل حكمهم العادل ، ونكره افتراق الأمة وضيعة الناس في ظل حكم جائر وطائش ... ونصيحتنا لهم أن نعينهم على الحق ونطيعهم فيه ونذكرهم به ، وننبههم في رفق وحكمة ولطف ، فإنه لاخير في أمة لا تنصح لحاكمها ، ولا تقول للظالم أنت ظالم ، ولا خير في حاكم يستذل شعبه ويكمُّ أفواه الناصحين ، ويصمُّ أذنيه عن سماع كلمة الحق ، بل يكره أن يتفوه بها أحد ، وعندما تصبح الأمة كالقطيع لا تقوم بحق النصح للحاكم ويصبح الحاكم طاغوتاً لا يقبل النصيحة ، فمعنى ذلك الذل والدمار والهزيمة والصغار ، وهذا قابل الوقوع والحدوث كلما انحرفت الأمة عن الإسلام ، ومُسخت وشوهت مبادئه وأفكاره في أقوال الناس وأفعالهم .
    وأما العلماء والمصلحين ، فإن مسئوليتهم في النصح لكتاب الله وسنة رسوله كبيرة ، وتقتضي رد الأهواء المضلة بالكتاب والسنة ، وبيان دلالتهما على ما يخالف الأهواء كلها ، وكذلك رد الأقوال الضعيفة من زلات العلماء ، وبيان الصحيح والضعيف من الأحاديث المروية في كتب السنن والمسانيد ، وذلك بعرضها على قواعد الجرح والتعديل وعلل الأحاديث .
    ومسؤوليتهم في نصح الحكام ودعوتهم إلى الحكم بكتاب الله وسنة رسوله أكبر وأعظم ، والله سبحانه وتعالى سيحاسبهم إن قصروا في هذه المسؤولية ، ولم يكونوا مجاهدين يعلنون كلمة الحق في وجوه الحكام ، قال صلى الله عليه وسلم : " إن من أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر " . وسيحاسبهم إن هم أغروا الحاكم بالتمادي في ظلمه وغيه بمديحهم الكاذب ، وجعلوا أنفسهم أبواقاً للحكام ومطية ، والفرق كبير جداً بين أن ينضووا في قافلة سلاطين العلماء ، وبين أن يصبحوا ذيولاً في قافلة خدام الحكام .
    ونصحنا لهم أن نذكرهم بهذه المسؤولية الملقاة على عاتقهم ، وأن نصدقهم بما يرونه من أحاديث ما داموا أهلاً للثقة ، وأن نصون ألسنتنا عن تجريحهم وذمهم ، فإن هذا يفقدهم الهيبة ، ويجعلهم محل التهمة .

    5- النصيحة لعامة المسلمين : وذلك بإرشادهم لمصالحهم في أمر آخرتهم ودنياهم ، ومما يؤسف له أن المسلمين قد تهاونوا في القيام بحق نصح بعضهم بعضاً وخاصة فيما يقدمونه لآخرتهم ، وقصروا جل اهتمامتهم على مصالح الدنيا وزخارفها ... ويجب أن لاتقتصر النصيحة على القول ، بل يجب أن تتعدى ذلك إلى العمل ، فتظهر النصيحة في المجتمع الإسلامي ستراً للعورات ، وسداً للخل ، ودفعاً للضرر ، وجلباً للمصالح ، وأمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر ، وتوقيراً للكبير ، ورحمة للصغير ، وتركاً للغش والحسد ، وإن ضر ذلك بدنيا الناصح أو بماله .

    6- أعظم أنواع النصيحة : ومن أعظم أنواع النصح بين المسلمين : أن ينصح لمن استشاره في أمره ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا استنصح أحدكم أخاه فلينصح له " ومن أعظم أنواعه أن ينصح أخاه في غيبته ، وذلك بنصرته والدفاع عنه ؛ لأن النصح في الغيب يدل على صدق الناصح ، قال صلى الله عليه وسلم : " إن من حق المسلم على المسلم أن ينصح له إذا غاب " .

    7- أقوال فريدة للعلماء في النصيحة : قال الحسن البصري : إنك لن تبلغ حق نصيحتك لأخيك حتى تأمره بما يعجز عنه . وقال : قال بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده إن شئتم لأقسمن لكم بالله : أن أحب عباد الله إلى الله الذين يحببون الله إلى عباده ، ويحببون عباد الله إلى الله ، ويسعون في الأرض بالنصيحة .
    وقال أبو بكر المزني : ما فاق أبو بكر رضي الله عنه أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بصوم ولا صلاة ، ولكن بشئ كان في قلبه ، قال : الذي كان في قلبه الحب لله عز وجل والنصيحة في خلقه .
    وقال الفضيل بن عياض : ما أدرك عندنا من أدرك بكثرة الصلاة والصيام ، وإنما أدرك عندنا بسخاء الأنفس وسلامة الصدور والنصح للأمة .

    8- من أدب النصيحة : وإن من أدب النصح في الإسلام أن ينصح المسلم أخاه المسلم ويعظه سراً ، لأن من ستر ستره الله في الدنيا والآخرة ، قال بعضهم : من وعظ أخاه فيما بينه وبينه فهي نصيحة ، ومن وعظه على رؤوس الناس فإنما وبخه . وقال الفضيل بن عياض : المؤمن يستر وينصح ، والفاجر يهتك ويعير .

    9- ويستفاد من الحديث كما قال ابن بطال :
    - أن النصيحة دين إسلام ، وأن الدين يقع على العمل كما يقع على القول .
    - النصيحة فرض كفاية يجزئ فيه من قام به ويسقط عن الباقين .
    - النصيحة لازمة على قدر الطاقة إذا علم الناصح أنه يُقبل نُصحه ، ويُطاع أمره وأمن على نفسه المكروه ، فإن خشي على نفسه أذى فهو في سعة .[/align]

     
  3. #23
    أم ليلى is on a distinguished road الصورة الرمزية أم ليلى
    تاريخ التسجيل
    17 / 07 / 2005
    الدولة
    مصر
    العمر
    49
    المشاركات
    210
    معدل تقييم المستوى
    440

    افتراضي مشاركة: من أراد منكم...................فل يسرع !!!

    [align=center]

    [align=right] الحديث السابع [/align]

    --------------------------------------------------------------------------------


    الدين النصيحة

    عن أبي رُقَيَّةَ تَمِيمِ بِن أوْسٍ الدَّاريَّ رضي اللهُ عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الدين النصيحة . قلنا : لمن ؟ قال : لله ، ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين ، وعامتهم " .
    رواه مسلم .

    [align=right]أهمية الحديث :[/align]

    هذا الحديث من جوامع الكلم التي اختص بها رسولنا صلى الله عليه وسلم ، فهو عبارة عن كلمات موجزة اشتملت على معانٍ كثيرة وفوائد جليلة ، حتى إننا نجد سائر السنن وأحكام الشريعة أصولاً وفروعاً داخلة تحته ، بل تحت كلمة منه وهي " ولكتابه " لأن كتاب الله تعالى اشتمل على أمور الدين جميعاً أصلاً وفرعاً عملاً واعتقاداً ؛ فإذا آمن به وعمل بما تضمنه على ما ينبغي في النصح له ، فقد جمع الشريعة بأسرها ، قال تعالى : ( ما فرطنا في الكتاب من شئ ) [ الأنعام : 38 ] ولذا قال العلماء : هذا الحديث عليه مدار الإسلام .

    [align=right]لغة الحديث :[/align]
    " الدين " : المراد هنا : الملة وهي دين الإسلام ؛ أي عماد الدين وقوامه النصيحة .
    " النصيحة " : كلمة يعبر بها عن إرادة الخير للمنصوح له ، وأصل النصح في اللغة : الخلوص ، ومنه : نصحت العسل إذا صفيته من الشمع وخلصته منه ، وقيل : مأخوذ من نصح الرجل ثوبه إذا خاطه ، فشبَّه فعل الناصح فيما يتحراه للمنصوح له بإصلاح الثوب .
    " أئمة المسلمين " : حكامهم .
    " عامتهم " : سائر المسلمين غير الحكام .

    [align=right]فقه الحديث وما يرشد إليه : [/align]

    1- النصيحة لله : وتكون بالإيمان بالله تعالى ، ونفي الشريك عنه ، وترك الإلحاد في صفاته ، ووصفه بصفات الكمال والجلال كلها ، وتنزيهه سبحانه وتعالى من جميع النقائص ، والإخلاص في عبادته ، والقيام بطاعته وتجنب معصيته ، والحب والبغض فيه ، وموالاة من أطاعه ومعاداة من عصاه . والتزام المسلم لهذا في أقواله وأفعاله يعود بالنفع عليه في الدنيا والآخرة ؛ لأنه سبحانه وتعالى غني عن نصح الناصحين .

    2- النصيحة لكتاب الله : وتكون بالإيمان بالكتب السماوية المنزلة كلها من عند الله تعالى ، والإيمان بأن هذا القرآن خاتم لها وشاهد عليها ، وهو كلام الله تعالى المعجز ، حفظه في الصدور والسطور ، وتكفل سبحانه بذلك ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) [ الحجر : 9 ] .
    وتكون نصيحة المسلم لكتاب ربه عز وجل :
    أ- بقراءته وحفظه ؛ لأن في قراءته اكتساب العلم والمعرفة ، وحصول طهارة النفس ، وصفاء الضمير ، وزيادة التقوى . وفي قراءة القرآن حسنات عظيمة تكتب في صحيفته ، وشفاعة يجدها في انتظاره يوم القيامة ، وروى مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " اقرؤوا القرآن ، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه " . وأما حفظ كتاب الله تعالى في الصدور ؛ ففيه إعمار القلوب بنور كتاب الله ، وقدر عظيم وشرف يناله المسلم فيصبح شامة بين الناس في الدنيا ، ودرجة عالية يرتقي إليها بمقدار ما حفظ من آيات كتاب الله وسوره في الآخرة ، روى أبو داود والترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا ، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها " .
    ب- بترتيله وتحسين الصوت بقراءته ، مما يجعل القراءة أوقع في النفس ، وأسمع في القلب ، روى البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليس منا من لم يتغن بالقرآن " .
    ج- بتدبر معانيه ، وتفهم آياته ، قال تعالى :( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها ) [ محمد : 24 ] .
    د- بتعليمه للأجيال المسلمة ، لتقوم بتبعة المسؤولية في حفظ كتاب الله ، وفي تعلم القرآن وتعليمه سبيل عزتنا وسعادتنا ، روى البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " خيركم من تعلم القرآن وعلّمه " .
    هـ- بالتفقه والعمل ، فلا خير في قراءة لافقه فيها ، ولا خير في فقه لاعمل به ، وأهم ما نحصل عليه من ثمرات قرآنية يانعة ؛ إنما نصل إليها بعد فهم وعمل ، وقبيح بنا أن نعلم ولا نعمل ، قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون . كَبٌر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ) [ الصف : 2 - 3 ] .

    3- النصيحة لرسول الله : وتكون بتصديق رسالته والإيمان بجميع ما جاء به من قرآن وسنة ، كما تكون بمحبته وطاعته ، وفي محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم محبة الله تعالى ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يُحببكم الله ) [ آل عمران : 31 ] وفي طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم طاعة الله عز وجل ( من يُطع الرسول فقد أطاع الله ) [ النساء : 80 ] والنصح لرسول الله بعد موته ، يقتضي من المسلمين أن يقرؤوا سيرته في بيوتهم ، وأن يتخلقوا بأخلاقه صلى الله عليه وسلم ويتأدبوا بآدابه ، ويلتزموا سنته بالقول والعمل ، ويستفيدوا من حياته وأيامه الدروس والعبر والعظات ، وأن يسهموا في نشر السنة بين الناس ، وأن ينفوا عنها تهم الأعداء والمغرضين ، ودعاوى المبطلين وبدع المغالين .

    4- النصيحة لأئمة المسلمين : و أئمة المسلمين إما أن يكونوا الحكام أو من ينوب عنهم ، وإما أن يكونوا العلماء والمصلحين .
    فأما حكام المسلمين فيجب أن يكونوا من المسلمين ؛ حتى تجب طاعتهم ، قال تعالى : ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأُولي الأمر منكم ) [ النساء : 59 ] ونصيحتنا لهم أن نحب صلاحهم ورشدهم وعدلهم ، لا أن نحبهم لأشخاصهم ، ولما يتحقق من مصالحنا الخاصة على أيديهم ، و أن نحب اجتماع الأمة في ظل حكمهم العادل ، ونكره افتراق الأمة وضيعة الناس في ظل حكم جائر وطائش ... ونصيحتنا لهم أن نعينهم على الحق ونطيعهم فيه ونذكرهم به ، وننبههم في رفق وحكمة ولطف ، فإنه لاخير في أمة لا تنصح لحاكمها ، ولا تقول للظالم أنت ظالم ، ولا خير في حاكم يستذل شعبه ويكمُّ أفواه الناصحين ، ويصمُّ أذنيه عن سماع كلمة الحق ، بل يكره أن يتفوه بها أحد ، وعندما تصبح الأمة كالقطيع لا تقوم بحق النصح للحاكم ويصبح الحاكم طاغوتاً لا يقبل النصيحة ، فمعنى ذلك الذل والدمار والهزيمة والصغار ، وهذا قابل الوقوع والحدوث كلما انحرفت الأمة عن الإسلام ، ومُسخت وشوهت مبادئه وأفكاره في أقوال الناس وأفعالهم .
    وأما العلماء والمصلحين ، فإن مسئوليتهم في النصح لكتاب الله وسنة رسوله كبيرة ، وتقتضي رد الأهواء المضلة بالكتاب والسنة ، وبيان دلالتهما على ما يخالف الأهواء كلها ، وكذلك رد الأقوال الضعيفة من زلات العلماء ، وبيان الصحيح والضعيف من الأحاديث المروية في كتب السنن والمسانيد ، وذلك بعرضها على قواعد الجرح والتعديل وعلل الأحاديث .
    ومسؤوليتهم في نصح الحكام ودعوتهم إلى الحكم بكتاب الله وسنة رسوله أكبر وأعظم ، والله سبحانه وتعالى سيحاسبهم إن قصروا في هذه المسؤولية ، ولم يكونوا مجاهدين يعلنون كلمة الحق في وجوه الحكام ، قال صلى الله عليه وسلم : " إن من أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر " . وسيحاسبهم إن هم أغروا الحاكم بالتمادي في ظلمه وغيه بمديحهم الكاذب ، وجعلوا أنفسهم أبواقاً للحكام ومطية ، والفرق كبير جداً بين أن ينضووا في قافلة سلاطين العلماء ، وبين أن يصبحوا ذيولاً في قافلة خدام الحكام .
    ونصحنا لهم أن نذكرهم بهذه المسؤولية الملقاة على عاتقهم ، وأن نصدقهم بما يرونه من أحاديث ما داموا أهلاً للثقة ، وأن نصون ألسنتنا عن تجريحهم وذمهم ، فإن هذا يفقدهم الهيبة ، ويجعلهم محل التهمة .

    5- النصيحة لعامة المسلمين : وذلك بإرشادهم لمصالحهم في أمر آخرتهم ودنياهم ، ومما يؤسف له أن المسلمين قد تهاونوا في القيام بحق نصح بعضهم بعضاً وخاصة فيما يقدمونه لآخرتهم ، وقصروا جل اهتمامتهم على مصالح الدنيا وزخارفها ... ويجب أن لاتقتصر النصيحة على القول ، بل يجب أن تتعدى ذلك إلى العمل ، فتظهر النصيحة في المجتمع الإسلامي ستراً للعورات ، وسداً للخل ، ودفعاً للضرر ، وجلباً للمصالح ، وأمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر ، وتوقيراً للكبير ، ورحمة للصغير ، وتركاً للغش والحسد ، وإن ضر ذلك بدنيا الناصح أو بماله .

    6- أعظم أنواع النصيحة : ومن أعظم أنواع النصح بين المسلمين : أن ينصح لمن استشاره في أمره ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا استنصح أحدكم أخاه فلينصح له " ومن أعظم أنواعه أن ينصح أخاه في غيبته ، وذلك بنصرته والدفاع عنه ؛ لأن النصح في الغيب يدل على صدق الناصح ، قال صلى الله عليه وسلم : " إن من حق المسلم على المسلم أن ينصح له إذا غاب " .

    7- أقوال فريدة للعلماء في النصيحة : قال الحسن البصري : إنك لن تبلغ حق نصيحتك لأخيك حتى تأمره بما يعجز عنه . وقال : قال بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده إن شئتم لأقسمن لكم بالله : أن أحب عباد الله إلى الله الذين يحببون الله إلى عباده ، ويحببون عباد الله إلى الله ، ويسعون في الأرض بالنصيحة .
    وقال أبو بكر المزني : ما فاق أبو بكر رضي الله عنه أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بصوم ولا صلاة ، ولكن بشئ كان في قلبه ، قال : الذي كان في قلبه الحب لله عز وجل والنصيحة في خلقه .
    وقال الفضيل بن عياض : ما أدرك عندنا من أدرك بكثرة الصلاة والصيام ، وإنما أدرك عندنا بسخاء الأنفس وسلامة الصدور والنصح للأمة .

    8- من أدب النصيحة : وإن من أدب النصح في الإسلام أن ينصح المسلم أخاه المسلم ويعظه سراً ، لأن من ستر ستره الله في الدنيا والآخرة ، قال بعضهم : من وعظ أخاه فيما بينه وبينه فهي نصيحة ، ومن وعظه على رؤوس الناس فإنما وبخه . وقال الفضيل بن عياض : المؤمن يستر وينصح ، والفاجر يهتك ويعير .

    9- ويستفاد من الحديث كما قال ابن بطال :
    - أن النصيحة دين إسلام ، وأن الدين يقع على العمل كما يقع على القول .
    - النصيحة فرض كفاية يجزئ فيه من قام به ويسقط عن الباقين .
    - النصيحة لازمة على قدر الطاقة إذا علم الناصح أنه يُقبل نُصحه ، ويُطاع أمره وأمن على نفسه المكروه ، فإن خشي على نفسه أذى فهو في سعة .[/align]

     
  4. #24
    أم ليلى is on a distinguished road الصورة الرمزية أم ليلى
    تاريخ التسجيل
    17 / 07 / 2005
    الدولة
    مصر
    العمر
    49
    المشاركات
    210
    معدل تقييم المستوى
    440

    افتراضي مشاركة: من أراد منكم...................فل يسرع !!!

    [align=center]

    [align=right] الحديث السابع [/align]

    --------------------------------------------------------------------------------


    الدين النصيحة

    عن أبي رُقَيَّةَ تَمِيمِ بِن أوْسٍ الدَّاريَّ رضي اللهُ عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الدين النصيحة . قلنا : لمن ؟ قال : لله ، ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين ، وعامتهم " .
    رواه مسلم .

    [align=right]أهمية الحديث :[/align]

    هذا الحديث من جوامع الكلم التي اختص بها رسولنا صلى الله عليه وسلم ، فهو عبارة عن كلمات موجزة اشتملت على معانٍ كثيرة وفوائد جليلة ، حتى إننا نجد سائر السنن وأحكام الشريعة أصولاً وفروعاً داخلة تحته ، بل تحت كلمة منه وهي " ولكتابه " لأن كتاب الله تعالى اشتمل على أمور الدين جميعاً أصلاً وفرعاً عملاً واعتقاداً ؛ فإذا آمن به وعمل بما تضمنه على ما ينبغي في النصح له ، فقد جمع الشريعة بأسرها ، قال تعالى : ( ما فرطنا في الكتاب من شئ ) [ الأنعام : 38 ] ولذا قال العلماء : هذا الحديث عليه مدار الإسلام .

    [align=right]لغة الحديث :[/align]
    " الدين " : المراد هنا : الملة وهي دين الإسلام ؛ أي عماد الدين وقوامه النصيحة .
    " النصيحة " : كلمة يعبر بها عن إرادة الخير للمنصوح له ، وأصل النصح في اللغة : الخلوص ، ومنه : نصحت العسل إذا صفيته من الشمع وخلصته منه ، وقيل : مأخوذ من نصح الرجل ثوبه إذا خاطه ، فشبَّه فعل الناصح فيما يتحراه للمنصوح له بإصلاح الثوب .
    " أئمة المسلمين " : حكامهم .
    " عامتهم " : سائر المسلمين غير الحكام .

    [align=right]فقه الحديث وما يرشد إليه : [/align]

    1- النصيحة لله : وتكون بالإيمان بالله تعالى ، ونفي الشريك عنه ، وترك الإلحاد في صفاته ، ووصفه بصفات الكمال والجلال كلها ، وتنزيهه سبحانه وتعالى من جميع النقائص ، والإخلاص في عبادته ، والقيام بطاعته وتجنب معصيته ، والحب والبغض فيه ، وموالاة من أطاعه ومعاداة من عصاه . والتزام المسلم لهذا في أقواله وأفعاله يعود بالنفع عليه في الدنيا والآخرة ؛ لأنه سبحانه وتعالى غني عن نصح الناصحين .

    2- النصيحة لكتاب الله : وتكون بالإيمان بالكتب السماوية المنزلة كلها من عند الله تعالى ، والإيمان بأن هذا القرآن خاتم لها وشاهد عليها ، وهو كلام الله تعالى المعجز ، حفظه في الصدور والسطور ، وتكفل سبحانه بذلك ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) [ الحجر : 9 ] .
    وتكون نصيحة المسلم لكتاب ربه عز وجل :
    أ- بقراءته وحفظه ؛ لأن في قراءته اكتساب العلم والمعرفة ، وحصول طهارة النفس ، وصفاء الضمير ، وزيادة التقوى . وفي قراءة القرآن حسنات عظيمة تكتب في صحيفته ، وشفاعة يجدها في انتظاره يوم القيامة ، وروى مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " اقرؤوا القرآن ، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه " . وأما حفظ كتاب الله تعالى في الصدور ؛ ففيه إعمار القلوب بنور كتاب الله ، وقدر عظيم وشرف يناله المسلم فيصبح شامة بين الناس في الدنيا ، ودرجة عالية يرتقي إليها بمقدار ما حفظ من آيات كتاب الله وسوره في الآخرة ، روى أبو داود والترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا ، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها " .
    ب- بترتيله وتحسين الصوت بقراءته ، مما يجعل القراءة أوقع في النفس ، وأسمع في القلب ، روى البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليس منا من لم يتغن بالقرآن " .
    ج- بتدبر معانيه ، وتفهم آياته ، قال تعالى :( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها ) [ محمد : 24 ] .
    د- بتعليمه للأجيال المسلمة ، لتقوم بتبعة المسؤولية في حفظ كتاب الله ، وفي تعلم القرآن وتعليمه سبيل عزتنا وسعادتنا ، روى البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " خيركم من تعلم القرآن وعلّمه " .
    هـ- بالتفقه والعمل ، فلا خير في قراءة لافقه فيها ، ولا خير في فقه لاعمل به ، وأهم ما نحصل عليه من ثمرات قرآنية يانعة ؛ إنما نصل إليها بعد فهم وعمل ، وقبيح بنا أن نعلم ولا نعمل ، قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون . كَبٌر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ) [ الصف : 2 - 3 ] .

    3- النصيحة لرسول الله : وتكون بتصديق رسالته والإيمان بجميع ما جاء به من قرآن وسنة ، كما تكون بمحبته وطاعته ، وفي محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم محبة الله تعالى ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يُحببكم الله ) [ آل عمران : 31 ] وفي طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم طاعة الله عز وجل ( من يُطع الرسول فقد أطاع الله ) [ النساء : 80 ] والنصح لرسول الله بعد موته ، يقتضي من المسلمين أن يقرؤوا سيرته في بيوتهم ، وأن يتخلقوا بأخلاقه صلى الله عليه وسلم ويتأدبوا بآدابه ، ويلتزموا سنته بالقول والعمل ، ويستفيدوا من حياته وأيامه الدروس والعبر والعظات ، وأن يسهموا في نشر السنة بين الناس ، وأن ينفوا عنها تهم الأعداء والمغرضين ، ودعاوى المبطلين وبدع المغالين .

    4- النصيحة لأئمة المسلمين : و أئمة المسلمين إما أن يكونوا الحكام أو من ينوب عنهم ، وإما أن يكونوا العلماء والمصلحين .
    فأما حكام المسلمين فيجب أن يكونوا من المسلمين ؛ حتى تجب طاعتهم ، قال تعالى : ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأُولي الأمر منكم ) [ النساء : 59 ] ونصيحتنا لهم أن نحب صلاحهم ورشدهم وعدلهم ، لا أن نحبهم لأشخاصهم ، ولما يتحقق من مصالحنا الخاصة على أيديهم ، و أن نحب اجتماع الأمة في ظل حكمهم العادل ، ونكره افتراق الأمة وضيعة الناس في ظل حكم جائر وطائش ... ونصيحتنا لهم أن نعينهم على الحق ونطيعهم فيه ونذكرهم به ، وننبههم في رفق وحكمة ولطف ، فإنه لاخير في أمة لا تنصح لحاكمها ، ولا تقول للظالم أنت ظالم ، ولا خير في حاكم يستذل شعبه ويكمُّ أفواه الناصحين ، ويصمُّ أذنيه عن سماع كلمة الحق ، بل يكره أن يتفوه بها أحد ، وعندما تصبح الأمة كالقطيع لا تقوم بحق النصح للحاكم ويصبح الحاكم طاغوتاً لا يقبل النصيحة ، فمعنى ذلك الذل والدمار والهزيمة والصغار ، وهذا قابل الوقوع والحدوث كلما انحرفت الأمة عن الإسلام ، ومُسخت وشوهت مبادئه وأفكاره في أقوال الناس وأفعالهم .
    وأما العلماء والمصلحين ، فإن مسئوليتهم في النصح لكتاب الله وسنة رسوله كبيرة ، وتقتضي رد الأهواء المضلة بالكتاب والسنة ، وبيان دلالتهما على ما يخالف الأهواء كلها ، وكذلك رد الأقوال الضعيفة من زلات العلماء ، وبيان الصحيح والضعيف من الأحاديث المروية في كتب السنن والمسانيد ، وذلك بعرضها على قواعد الجرح والتعديل وعلل الأحاديث .
    ومسؤوليتهم في نصح الحكام ودعوتهم إلى الحكم بكتاب الله وسنة رسوله أكبر وأعظم ، والله سبحانه وتعالى سيحاسبهم إن قصروا في هذه المسؤولية ، ولم يكونوا مجاهدين يعلنون كلمة الحق في وجوه الحكام ، قال صلى الله عليه وسلم : " إن من أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر " . وسيحاسبهم إن هم أغروا الحاكم بالتمادي في ظلمه وغيه بمديحهم الكاذب ، وجعلوا أنفسهم أبواقاً للحكام ومطية ، والفرق كبير جداً بين أن ينضووا في قافلة سلاطين العلماء ، وبين أن يصبحوا ذيولاً في قافلة خدام الحكام .
    ونصحنا لهم أن نذكرهم بهذه المسؤولية الملقاة على عاتقهم ، وأن نصدقهم بما يرونه من أحاديث ما داموا أهلاً للثقة ، وأن نصون ألسنتنا عن تجريحهم وذمهم ، فإن هذا يفقدهم الهيبة ، ويجعلهم محل التهمة .

    5- النصيحة لعامة المسلمين : وذلك بإرشادهم لمصالحهم في أمر آخرتهم ودنياهم ، ومما يؤسف له أن المسلمين قد تهاونوا في القيام بحق نصح بعضهم بعضاً وخاصة فيما يقدمونه لآخرتهم ، وقصروا جل اهتمامتهم على مصالح الدنيا وزخارفها ... ويجب أن لاتقتصر النصيحة على القول ، بل يجب أن تتعدى ذلك إلى العمل ، فتظهر النصيحة في المجتمع الإسلامي ستراً للعورات ، وسداً للخل ، ودفعاً للضرر ، وجلباً للمصالح ، وأمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر ، وتوقيراً للكبير ، ورحمة للصغير ، وتركاً للغش والحسد ، وإن ضر ذلك بدنيا الناصح أو بماله .

    6- أعظم أنواع النصيحة : ومن أعظم أنواع النصح بين المسلمين : أن ينصح لمن استشاره في أمره ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا استنصح أحدكم أخاه فلينصح له " ومن أعظم أنواعه أن ينصح أخاه في غيبته ، وذلك بنصرته والدفاع عنه ؛ لأن النصح في الغيب يدل على صدق الناصح ، قال صلى الله عليه وسلم : " إن من حق المسلم على المسلم أن ينصح له إذا غاب " .

    7- أقوال فريدة للعلماء في النصيحة : قال الحسن البصري : إنك لن تبلغ حق نصيحتك لأخيك حتى تأمره بما يعجز عنه . وقال : قال بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده إن شئتم لأقسمن لكم بالله : أن أحب عباد الله إلى الله الذين يحببون الله إلى عباده ، ويحببون عباد الله إلى الله ، ويسعون في الأرض بالنصيحة .
    وقال أبو بكر المزني : ما فاق أبو بكر رضي الله عنه أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بصوم ولا صلاة ، ولكن بشئ كان في قلبه ، قال : الذي كان في قلبه الحب لله عز وجل والنصيحة في خلقه .
    وقال الفضيل بن عياض : ما أدرك عندنا من أدرك بكثرة الصلاة والصيام ، وإنما أدرك عندنا بسخاء الأنفس وسلامة الصدور والنصح للأمة .

    8- من أدب النصيحة : وإن من أدب النصح في الإسلام أن ينصح المسلم أخاه المسلم ويعظه سراً ، لأن من ستر ستره الله في الدنيا والآخرة ، قال بعضهم : من وعظ أخاه فيما بينه وبينه فهي نصيحة ، ومن وعظه على رؤوس الناس فإنما وبخه . وقال الفضيل بن عياض : المؤمن يستر وينصح ، والفاجر يهتك ويعير .

    9- ويستفاد من الحديث كما قال ابن بطال :
    - أن النصيحة دين إسلام ، وأن الدين يقع على العمل كما يقع على القول .
    - النصيحة فرض كفاية يجزئ فيه من قام به ويسقط عن الباقين .
    - النصيحة لازمة على قدر الطاقة إذا علم الناصح أنه يُقبل نُصحه ، ويُطاع أمره وأمن على نفسه المكروه ، فإن خشي على نفسه أذى فهو في سعة .[/align]

     
  5. #25
    أم ليلى is on a distinguished road الصورة الرمزية أم ليلى
    تاريخ التسجيل
    17 / 07 / 2005
    الدولة
    مصر
    العمر
    49
    المشاركات
    210
    معدل تقييم المستوى
    440

    افتراضي مشاركة: من أراد منكم...................فل يسرع !!!

    [align=right] الحديث الثامن [/align]

    --------------------------------------------------------------------------------
    حُرمة المسلم

    عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أُمرت أن أُقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عَصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحق الإسلام ، وحسابهم على الله تعالى " .
    رواه البخاري ومسلم .

    [align=right]أهمية الحديث :[/align]

    هذا الحديث عظيم جداً لاشتماله على المهمات من قواعد دين الإسلام وهي : الشهادة مع التصديق الجازم بأن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإقامة الصلاة على الوجه المأمور به ، ودفع الزكاة إلى مستحقيها .

    [align=right]لغة الحديث :[/align]

    " أُمرت " : أمرني الله تعالى .
    " الناس " : هم عبدة الأوثان والمشركون .
    " يقيموا الصلاة " : يأتوا بها على الوجه المأمور به ، أو يداوموا عليها .
    " يؤتوا الزكاة " : يدفعوها إلى مستحقيها .
    " عصموا " : حفظوا ومنعوا ، ومنه اعتصمت بالله : امتنعت بلطفه عن معصيته .
    " إلا بحق الإسلام " : هذا استثناء منقطع ، ومعناه : لكن يجب عليهم بعد عصمة دمائهم أن يقوموا بحق الإسلام من فعل الواجبات وترك المنهيات .
    " وحسابهم على الله " : حساب بواطنهم وصدق قلوبهم على الله تعالى ، لأنه سبحانه هو المطلع على ما فيها .

    [align=right]فقه الحديث وما يرشد إليه :[/align]
    1- روايات الحديث : روي معنى هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجوه متعددة ، تزيده وضوحاً وبياناً ، ففي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أُمرت أن أُقاتل الناس - يعني المشركين - حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ، فإذا شهدوا أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله ، وصلوا صلاتنا ، واستقبلوا قبلتنا ، وأكلوا ذبيحتنا فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها " .
    وخرَّج الإمام أحمد من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً رسول الله ، ويقيوا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك فقد اعتصموا - أو عصموا دماءهم وأموالهم - إلا بحقها ، وحسابهم على الله عز وجل " وخرَّجه ابن ماجه مختصراً .

    2- الاقتصار على النطق بالشهادتين كاف لعصمة النفس والمال : ومن الثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل من كل من جاءه يريد الإسلام الشهادتين فقط ، ويعصم دمه بذلك ويجعله مسلماً . ويؤيد هذا أحاديث قولية صحيحة لم يذكر فيها إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، ففي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أُمرت أن أُقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فمن قال :لاإله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقها ، وحسابه على الله عز وجل " وفي رواية لمسلم : " حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به " .
    ولا تعارض بين الأحاديث بل كلها حق ، فإن مجرد النطق بالشهادتين يعصم الإنسان ويصبح مسلماً ، فإن أقام الصلاة وآتى الزكاة بعد إسلامه ، فله ما للمسلمين وعليه ما عليهم ، وإن أخل بشئ من أركان الإسلام ، فإن كانوا جماعة لهم منعة قوتلوا ، قال تعالى : ( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلُّوا سبيلهم ) [ التوبة : 5 ] وقال سبحانه : ( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ) [ التوبة : 11 ] . وثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا غزا قوماً لم يُغر عليهم حتى يُصبح ، فإن سمع أذاناً وإلا أغار عليهم ، مع احتمال أن يكونوا قد دخلوا في الإسلام .

    3- التناظر بين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما : وإن ما وقع من تناظر بين أبي بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما بشأن قتال مانعي الزكاة ، يؤكد ما اجتمعت عليه الأحاديث من قبول الشهادتين للدخول في الإسلام ، وقتال الممتنعين بشكل جماعي عن إقامة الصلاة و أداء الزكاة ، ففي البخاري ومسلم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستُخلف أبو بكر الصديق رضي الله عنه بعده ، وكفر من كفر من العرب ، قال عمر رضي الله عنه لأبي بكر : كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه ، وحسابه على الله عز وجل " فقال أبو بكر رضي الله عنه : والله لأقاتلن من فرّق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال ، والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه . فقال عمر : فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال ، فعرفت أنه الحق .
    فأبو بكر الصديق رضي الله عنه استدل على قتال مانعي الزكاة من قوله صلى الله عليه وسلم " إلا بحقه " ، وعمر رضي الله عنه ظن أن مجرد الإتيان بالشهادتين يعصم الدم في الدنيا ، واستدل على ذلك بعموم أول الحديث ، ثم رجع عمر إلى موافقة أبي بكر رضي الله عنهما .
    ومن المؤكد أن حديث ابن عمر وهو نص صريح في قتال مانعي الزكاة لم يكن عند أبي بكر ولا عمر ، ولم يبلغهما ، ولعل السبب في ذلك أن ابن عمر لم يعلم بما وقع بينهما من اختلاف لمرض أو سفر ، أو كان ناسياً لهذا الحديث الذي رواه .
    وهذه القصة تدل على جلالة علم أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، ودقيق استنباطه وقياسه ، فقد وافق ذلك النص دون أن يكون له علم به ، وفي القصة إشارة إلى أن قتال تارك الصلاة أمر مُجمع عليه بين الصحابة ، وقد ورد النص الصريح بذلك في حديث رواه مسلم عن أم سلمة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون ، فمن أنكر فقد برئ ، ومن كره فقد سلم ، ولكن من رضي وتابع " فقالوا : يارسول الله ، ألا نقاتلهم ؟ قال : " لا ، ما صلوا ".

    4- حكم من ترك جميع أركان الإسلام : وحكم من ترك جميع أركان الإسلام إذا كانوا جماعة ولهم منعة ؛ أن يقاتلوا عليها ، كما يقاتلون على ترك الصلاة والزكاة ، روى ابن شهاب الزهري عن حنظلة بن علي بن الأسقع : أن أبي بكر الصديق رضي الله عنه بعث خالد بن الوليد رضي الله عنه وأمره أن يقاتل الناس على خمس فمن ترك واحدة من الخمس فقاتلهم عليها كما تقاتل على الخمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان . وقال سعيد بن جبير : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لو أن الناس تركوا الحج لقاتلناهم كما نقاتلهم على الصلاة والزكاة .
    أما إذا ترك المسلم أحد أركان الإسلام وامتنع عن القيام به ، فقد ذهب مالك والشافعي إلى قتل الممتنع عن الصلاة حداً ، وذهب أحمد وإسحاق وابن المبارك إلى قتله كفراً . وأما الممتنع عن الزكاة أو الصوم أو الحج ، فقال الشافعي : لا يُقتل بذلك . وروى أحمد في ذلك قولان ، والمشهور عنه قتل الممتنع عن أداء الزكاة .

    5- الإيمان المطلوب : وفي الحديث دلالة ظاهرة لمذهب المحققين من السلف والخلف ؛ أن الإيمان المطلوب هو التصديق الجازم ، والاعتقاد بأركان الإسلام من غير تردد ، وأما معرفة أدلة المتكلمين والتوصل إلى الإيمان بالله بها ، فهي غير واجبة ، وليست شرطاً في صحة الإيمان ، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه هذا ، وفي غيره من الأحاديث ، يكتفى بالتصديق بما جاء به ، وولم يشترط معرفة الدليل .

    6- معنى قوله صلى الله عليه وسلم " إلا بحقها " : وفي رواية " إلا بحق الإسلام " ، سبق أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه استنبط من هذا الحق إقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، ومن العلماء من استنبط منه فعل الصيام والحج أيضاً ، ومن حقها ارتكاب ما يبيح دم المسلم إذا ارتكب محرماً يُوجب القتل ، وقد ورد تفسير هذا الحديث في حديث رواه الطبراني وابن جرير الطبري عن أنس رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لآ إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله تعالى " . قيل : وما حقها ؟ قال : " زنا بعد إحصان ، وكفر بعد إيمان ، وقتل نفس فيقتل به " قال ابن رجب : ولعل آخره من قول أنس ، وقد قيل : إن الصواب وقف الحديث كله عليه . ويشهد لهذا ما في البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، إلا بإحدى ثلاث : الثّيب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة " .

    7- الحساب في الآخرة لله عز وجل : وهو سبحانه وتعالى يعلم السرائر ويحاسب عليها ، فإن كان مؤمناً صادقاً أدخله الجنة ، وإن كان كاذباً مرائياً بإسلامه فإنه منافق في الدرك الأسفل من النار .
    أما في الدنيا فإن مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم التذكير ، قال تعالى : ( فذَكْر إنما أنت مُذكر . لست عليهم بمسيطر . إلا من تولى وكفر فيُعذبه الله العذاب الأكبر . إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم ) [ الغاشية : 21-24 ] . وفي البخاري ومسلم قال صلى الله عليه وسلم لخالد بن الوليد : " إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ، ولا أشق بطونهم " .

    8- ويرشدنا الحديث إلى وجوب قتال عبدة الأوثان حتى يسلموا .

    9- دماء المسلمين وأموالهم مصونة .

     

 
+ الرد على الموضوع
صفحة 5 من 9 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 6 7 8 9 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك