أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه. فسددوا وقاربوا وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة".
ولما جاءه شاب قال: يا محمد، أنا أؤمن بك وبرسالتك غير أني أريد أن تحل لي الزنا، فكيف تعامل النبي -صلى الله عليه وسلم- مع هذا الشذوذ والخروج عن الحق؟ قال للشاب في لطف ورقة: "أترضاه لأمك؟ قال: لا، قال: أترضاه لأختك؟ قال: لا، قال أترضاه لابنتك؟ قال: لا، قال: أترضاه لزوجتك؟ قال: لا، قال فكذلك الناس لا يرضونه لأمهاتهم ولا لأخواتهم ولا لبناتهم ولا لزوجاتهم، وكان من نتيجة هذه الدعوة الرقيقة أن خرج الشاب من عند رسول الله وهو يقول: والله لا أقرب الزنا أبدا".
وهكذا كانت دعوة أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتعاملهم مع المخطئين، فانظر حينما رأى الحسن والحسين وهما بعد طفلان صغيران رجلا يتوضأ بطريقة خاطئة فكيف يوجهانه إلى الوضوء الصحيح؟ لو قالا له: إنك تتوضأ وضوءا خاطئا وأنك جاهل لشق ذلك عليه ورفض قبول نصحهم، ولكنهما هداهما الله إلى طريقة حسنة فافتعلا خصومة حول الوضوء وطلبا من الرجل أن يحكم بينهما، فتوضأ أحدهما بوضوء الرجل وتوضأ الآخر بوضوء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقالوا للرجل: احكم بيننا أينا على صواب وأينا على خطأ، فأدرك المعنى وقال لهما: أنتما على صواب وأنا على خطأ، وهكذا تعلم الوضوء، وهكذا تؤتي الدعوة الرقيقة الحكيمة أكلها بإذن الله.
مواقع النشر (المفضلة)