عندما يقدم فصل الخريف...

وتهب نسماته...

وتتساقط أوراق شجيراته...

يدفع بنا شعورنا بالإحساس بآخر العمر ...

ها قد مضى من العمر سنين

لم نشعر أبدا بمرورها...

ما أجملها من سنين مضت...

الحنين يأخذنا نحو الذكرى

فنحن ليس لدينا سوى بعض ذكريات لم تمحى من القريحة...

باقية و منقوشة في المخيلة...

نحافظ على أصالتها بأي أثمان...

نعود بلف شريط الذكريات من جديد...

نشاهده مرارا وتكرارا

نذرف الدموع متأثرين برحيل تلك الحكايات التي صارت أشبه بالخرافية...

مشاعرنا في حالة استنفار تام...

وقلوبنا حائرة

هل ستعود الذكرى من جديد...؟

سؤال تكرر في جعبتي آلاف المرات..!!

**


( 2 )


هذه ليلة خريفية هادئة...

أسيرُ وحيد على قارعة الطريق...

لا أسمع شيء سوى أغصان الشجر تتمايل مع نسمات الليل

فتتمايل معها روحي...

و تعود بي إلى الماضي...

ذاكَ الماضي الذي اغتلته بيدي على حين غُـرة ...

فمحوت الجريمة بدفنه في مقبرة النسيان...

و عاهدتُ نفسي ألا أتذكر مجريات الحادثة...

لكن

ما لذي يجعلني أحن إليه...؟

**

مازلتُ متابع سيري...

ترى إلى أين تأخذني قدماي...؟

و إلى أين يذهب تفكيري...؟

//

مازلتُ أتذكر ملامحه يستنجد لا تقتلني...

لم أظهر بشفقة عليه...

فقط طعنته بمحرابي في خاصرة ذكراه...!!



( 3 )



آهـٍ منك أيها الليل...

ترهقني دائما وتكبلني بسكونكَ

فتجبرني على مجاراة سهركَ...

فقد كتبتُ فيكَ آلاف الأسطر

و اقتبست منك آلاف الكلمات...

لأنثرها عبر ضوء قمركَ

لتصل لمن أحبه قلبي...

و لمن تتوق له روحي...

الفجر بعيد...

و الشمس لا تريد أن تصحو ..!!



( 4 )



ما أجملك أيها الغروب...

فأنت سيمفونية الإعجاز والانبهار

ترسم معالم السعادة في حياتي...

و ترشني بزخات من عطر الأمس...

فتدمعُ أعيني أشواقا للماضي

سحقا..!!

أوكل شيء يذكرني بالماضي...؟




( 5 )




أيها البحر... ( خليلي العزيز )

ماذا ترى في نفسي...؟

وبماذا تشبهني...؟

أأنا مثل أمواجكَ عندما تهيج

أو مثل مدكَ وجزركَ عندما أرحل و أعود

أم أنا تلك السفينة المبحرة في محيطكَ مثل إبحاري في محيطاتِ الغرام

اجبني يا خليلي فلم تعد لي طاقة بالحيرة

أحيانا أذهلُ نفسي و أحيانا أخذلها ..!!



( 6 )



أيها الحب //

الذي يعتنق القلوب ويصنع المستحيل...

مازلتُ أتذكر حروفكَ

و اقرأ رسائلكَ

و أشمّ ورودكَ...

مازلتُ أتذكر أسراركَ و عذابكَ

فكم عذبتني و كم أهلكتني..!!

أعوام ضللتُ فيها سجين لكَ

تحت حصار جنودكَ...

و قنصلية أطرافكَ

آهـ منك..!!

فأنت سبب كل ذكرى جميلة أو مؤلمة ..!!



( 7 )




مازلتُ أسير على قارعة الطريق...

في هذه الليلة الهادئة الخريفية

لم أفق من نشوة الذكرى...

و لم أصحو من ثمالة الماضي

فأنا رجل قادم من الماضي ليسكن الماضي

هل من السهل نسيان ماضينا...؟

فأنا رهينته التي لا يريد التخلي عنها ..


//



ها هنا وقفت قدماي عن المسير

في هذه البقعة من الأرض

مملكة سابقة كنتُ ملكا لها

والليلة صرتُ أحد المشردين يطلب العيش تحتَ ظلالها

مجرد عاشق سابق واقف على أطلالها

مجرد إنسان مسلوب الهوية

مجرد أسير للذكرى



***


مجرد أحاسيس كانت تختلج صدري

فأحببت نثرها على صفحة من ألم وأمل

كتبتها بسكون الليل

فهي مشاعر تفرحني قليلا و تبكيني كثيرا

مجرد سحابة ذكرى تعبر سماء روحي

فتمطرني شوقاً و حنيناً....

*

*

*

بقلم عجز أن يعبر/ عـــاشـــق لـــحـــد الـــطـــرف


الزمنْ / في خريف عمر كان وما يزال متريث لحظة البزوغ